Ads by Google X

رواية مشاعر موقدة الفصل الثاني 2 - بقلم فاطيما يوسف

الصفحة الرئيسية


 رواية مشاعر موقدة الفصل الثاني 2 - بقلم فاطيما يوسف

ــ انت تقصد تقول ان انا مش محترمة انت انسان مش مهذب وما تعرفش عن الذوق والأخلاق من الهوى مدير المحل لازم يجي حالا يشوف طريقتك المش محترمة في التعامل مع العملا .
بمجرد أن تفوهت هرائها ذاك اندفع إليها ليشن حروب لسانه السليط فوق رأسها بغرور رجل ولكن نظراتها المتحدية له جعلته يريد أن ينقض عليها ويفتك بها وأن يجعلها عبرة أمام أعين الجميع ،
فتقدم بخطواته بقدر تراجعها ويغرس خنجر كلماته في صدرها ليعنفها بصوته المملوء بالجبروت:


ــ والله اذا كان في قلة ذوق فمنك انتِ يا آنسة ولعلمك بقى انا مدير المحل وكنت جاي احل لك المشكلة لكن لقيت حضرتك بتتكلمي بأسلوب مش كويس ولا كأننا شغالين عندك ،
و لو كنتِ طلبتِ حل المشكلة بأسلوب مهذب عن كدة ما كانش حصل اللي حصل وانا ما اسمحش لأي حد يتكلم معايا بالأسلوب ولا الطريقة دي !
المفروض لو حصل أي لبس بيتحل بهدوء بدون غلط زي اللي حصل منك دلوقتي .
حقا اثار حنقها برده المستفز البارد وذُهلت من أن ذاك المتعجرف هو صاحب سلسلة تلك المحلات المشهورة ثم جلست ووضعت ساقاً فوق الأخرى بكبر جعله استشاط غضباً فلأول مرة تتعامل احداهن معه بذاك الغرور والكبرياء وهو دوماً في موضع الرجل المغرور من تستكين أمامه كثيرٍ من نساء حواء لتقول تلك الحنين بقامة مرفوعة ورأس شامخة وهي تمسك هاتفها تدعي الانشغال به مما جعله يود سحـ.ـقها بين يديه والفتك بها :
ــ تمام وانا مش هرد على طريقتك في الرد عليا ولا انك برده تطاولت عليا يا حضرة المدير ،
دلوقتي انا قدامي بالظبط ساعة مش اكتر من كده عايزه أستلم الأوردر بتاعي زي ما موجود بالضبط واديني بتكلم بهدوء وحضرتك تقدر تحل المشكلة ومش هتسمع صوتي تاني ومش هتنازل عن أوردري .
جز على أسنانه بغضب من طريقتها المتكبرة عليه وعدم النظر إليه وهي توجه له كلامها وادعائها الظاهري بالانشغال بالهاتف ووضعها قدماً فوق الأخرى وهو يكاد يجن جنونه فتلك المرة الأولى التي يقابل في جنس حواء مثل هذه الفتاة التي جعلته استشاط للغاية ولم يتحمل تلك المهانة من وجهة نظره وعلى حين غرة أخرج نقوداً لم يعرف عددها من جيب بنطاله وألقاها في وجهها فتبعثرت تحت قدميها لينطق ببرود مماثل وقد استراح من فعلته تلك وانتقـ.ــم لكرامته التي تبعثرت على يد تلك المغرورة:
ــ انتِ مين يا بني آدمة انتِ علشان خاطر تقعدي وترفعي راسك وتحطي رجل على رجل ولا كأنه بيتكم وبتتكلمي بالأسلوب الزبالة ده ؟!
آدي فلوسك ملكيش عندنا أوردرات وما عندناش تورت روحي شوفي بقى مين اللي هيعملها لك علشان بعد كده تبقي تتكلمي عدل وتعرفي انك هنا في محلات محترمة ما ينفعش تتعاملي مع أصحابها بالكبر والعجرفة دي .
تدلت بأنظارها أسفل قدميها وهي تنظر إلى النقود الملقاة أرضاً وقد انصدمت من فعلته تلك ولم تكن تتوقع مثل هذه الفعلة وتذكرت أمر والدتها ويوم ميلاد ابنة شقيقتها ومن المؤكد أن والدتها ستتهمها بأنه المسؤول الأول والأخير عن إفساده ولكن كرامتها دهست وتبعثرت امام العاملين في المحل من أفعال ذاك الأهوج ذو العقل المغرور ثم ألقت بعض النقود التي تمسكت بثيابها أرضاً وقامت من مكانها ووقفت أمامه وهي تهتف بقوة أمام عينيه:
ــ انا دفعت لكم الفلوس بأدب وطلبت طلبي بأدب لكن الظاهر إن المكان هنا مش بالمناظر ولا والسمعة في محلات أقل من دي بكتيير دخلتها بس محترمين وبيعرفوا يتعاملوا مع الزبون لأنه دايماً بيبقي على حق ، أنا همشي وابقي لم انت الفلوس وخليهالك يا حضرة المدير اشبع بيها مش حنين عبدالرحمن اللي توطي راسها أبدا بس قابلوا بقي مني تشهير عن المحل وعن الموقف اللي حصل معايا وعن الطريقة اللي اتعاملت بيها هنا ومنك انت بالذات يا حضرة المدير مش هسكت ابدا .
صوت مميت ملأ المكان ونظرات الدهشة حلَّت على ملامحه ساخراً عما ما ردده فاهها بنبرة جليدية وقد استدعت شياطين الإنس والجن أمام عينيه الأن:
ــ انتِ مين يا بتاعة انتِ علشان تهدديني ولا أخاف منك ؟!
طب لعلمك بقى ما بتهددش وأعلى ما في خيلك اركبيه مش واحدة زيك اللي أخاف منها على سمعه محلاتي ولا هحطك في دماغي اصلا ولعلمك يليق عليك المثل اللي بيقول الكلاب تعوي والقافلة تسير ولا هيأثر فيا كلامك ولا تشنيعك للمحل .
رمشت بأهدابها وهي ترفع عينيها المصدومة من سبابه والتي تتلألئت جواهرها بلمعة الدمع ثم هتفت بنبرة مملؤة بالحسرة:
ــ فعلا صدق المثل اللي قال برده من بره هالله هالله ومن جوة يعلم الله وانا علشان متربية وبنت ناس فعلاً مش مجرد شو وخلاص مش هرد على إهانتك ليا ،
ثم والته ظهرها وقبل ان تتحرك استفزته بكلامها:
ــ ما انت لولا انك عارف غلطك انت والتيم بتاعك كان زمانك حليت المشكلة لكن انت موجود في مكان مش مكانك انت اخرك تتعالى على بنات الناس ،
يعني آخرك لسان على الفاضي مفيش فعل ، اما لو انت بتفهم في شغلك كويس وفي مكانك اللي اكيد ورثته واتحطيت فيه وجالك على الجاهز كان زمانك حليت المشكله وراضيت الزبون اللي له حق مهما قال وحافظت على سمعة مكان شغال من قبل ما تتولد حتى لأن الغلطة فعلاً كبيرة،
بس انا اكتشفت دلوقتي إن محلات تحت السلم أحسن ميت مرة من محلاتكم دي .
هنا تحدث المشرف المسؤول عن العمال عندما وجد أن الموقف تصاعد للغاية كي يقف أوسطهم ويعتذر لكليهما عن ما بدر من إساءة للآخر ولأنه المسؤول الأول والأخير أمام هاشم عن ذاك الخطأ الشنيع وبالتأكيد إن خرجت دون حل المشكلة وبعد تلك الإهانات التي تعرضت لهاشم حتما سيتعرض هو للرفد المؤكد :
ــ بعد إذنك يا آنسة ممكن تتفضلي تقعدي هنحل المشكلة لحضرتك وبلاش تدخلوا مع بعض في دور عِند ،
المحل عمره ما كان له سمعة سيئة ولا عمره بيتعامل مع زباينه بطريقة مش كويسة احنا سمعتنا معروفة فلو سمحتي عايزين نحل المشكلة وان شاء الله هتخرجي مرضية من هنا ولا ضرر ولا ضرار ليكي ولا لينا .
كادت أن تغادر المكان ولم تستمع لكلمات ذاك المشرف إلا أن هاشم تحدث باقتضاب بكلمات قصيرة وهو يوجه اوامره للمشرف :
ــ هات لي الاسبونش والخامات كلها في ظرف دقيقتين تكون قدامي علشان هعمل لها طلبها بنفسي،
ثم استرسل حديثه وهو يوجه لها كلماته بنفس النبرة الباردة :
ــ انا هعمل لك الأوردر بتاعك بنفسي في نص ساعة بالظبط بس علشان تعرفي ان انا ما اتولدتش في بقي معلقة دهب وان انا فعلا تعبت علشان أحافظ على سمعة المحل اللي انتِ بتتكلمي عنها وان انا مش بتاع كلام ومش خوفاً منك ولا من الكلام اللي هتخرجي تقوليه برة ؛ لاا خالص كل اللي بعمله علشان أثبت لك انك غلط في وجهة نظرك فقط لا غير .
قبل ان يتحرك المشرف للإتيان بطلباته ترجاها ان تهدا وتجلس على الأريكة مرة أخرى:
ــ ممكن حضرتك تقعدي بقى علشان تاخدي اوردرك من غير اي مشاكل وان شاء الله المستر هاشم هيخلص الأوردر بنفسه لحضرتك كفاية مناقرة لحد كده وطالما المصلحة كلها هتخلص يبقى مفيش مشكلة تقدري تقولي لي حضرتك قهوتك ايه ؟
جلست على الأريكة وداخلها يؤكد انه لن يستطيع ولكن نوعاً من الفضول جعلها تستكين وتجلس كي ترى أنه سيستطيع أم ماذا وكلاهما ينظر للآخر بتحدي شديد فاق الحدود وهي تجيب على عرض المشرف برفض راقي :
ــ متشكرة جدا لذوقك بس أنا شربت قهوتي لو احتاجت اشرب حاجة اكيد هقول لك .
تحرك المشرف من أمامهم يجلب لهاشم طلباته أما هو قطـ.ـع المناديل المخصصة لتنظيف الرخام الأسود وهو يطلب منها دون أن ينظر إليها :
ــ سجلي رقمي دلوقتي وابعتي لي الصورة على الواتساب حالاً ما فيش وقت ندور عليها على واتس الاوردرات .
دونت الرقم سريعاً وفهمت عليه ثم أرسلت إليه صورة الطفلة وقد أتى له المشرف بكل ما يحتاجه لصنع الحلوى وبدأ في صنعها بمهارة فائقة بعد أن علِم تفاصيلها وهو يحركها بين يديه بحرفية ومن يراه يجزم أنه شيف حلوى من أعظم الشيفات الموجودة في العالم من سرعته ومهارته وتدقيقه لما يفعله بمهارة عالية ،
كانت تنظر له باندهاش فقد أنهى صنع الحلوى في غصون خمسة عشر دقيقة دون احتياج لأحدهم فقد احضروا له المكونات فقط ثم قام بتشكيل الصورة على الحلوى ولم يمكث سوى عشر دقائق أخرى ثم أعطاها للمشرف آمراّ إياه :
ــ حطها في المجمد لمدة 10 دقايق وغلفها وهاتها وتوصل للآنسة لحد بيتها والتوصيل مجاني على المحل .
كانت تجلس وهي تشعر بالخجل من حالها وهو يقصد إحراجها ثم حمل مفاتيحه وهاتفه مردداً بكبرياء وهو ينظر في ساعته :
ــ اظن حضرتك هتستلمي طلبك في الوقت المظبوط يدوب تأخير بسيط ويا ريت يكون رايك اتغير عننا وعن تقصيرنا وعن سمعة المحل واننا مش بنعمل شو على الفاضي وكل سنة والبنوتة طيبة عن اذنك .
تسهمت نظراتها عليه وانقلبت من النظرات النـ.ـارية التي كانت تنظر بها له منذ قليل الا نظرات اعجاب اخترقت قلبها ببراعة وهي تنظر على أثر خروجه وبعد أن أصبحت لحالها ردد لسانها بصوت منخفض هي فقط من تسمعه :
ــ يلهوووووي على كبريائك وغرورك وايدك اللي تتلف في حرير وطولك وعرضك يخرب بيت جمالك ده انت جننتني وطيرت لي البرج اللي فاضل في نافوخي وخليتني من واحدة عايزة تولـ.ــع فيك لواحدة عايزة بس تتأمل فيك وفي هيبتك ،
ايه الرجالة دي الواحد مش بيشوفها ولا بيقابلها في حياته يلهووووي ده انا قلبي هيقف مش مبطل دقات ونفس اتحبس طول ما انا قاعدة قدامك .
( “ملحوظة” كلمه يا لهوووي حرام تتقال وتتردد على اللسان لأن من قال يا لهوي لعنته الملائكه لكن انا ذكرتها على لسان البطله علشان لي وجهه نظر معينه واي لفظ هيقابلكم على لسان البطله لان هيقابلنا الفاظ كثير انتشرت في الاونه الاخيره ولازم انوه عنها انها حرام فبلاش كلمه يا لهوووي في احاديثكم ابدا )
بعد مرور نصف ساعة كانت قد وصلت إلى المنزل وسبقتها الحلوى وعندما صعدت إلى والدتها وجدتها سعيدة للغاية وهي تردد :
ــ ايه يابت يا حنين التورتاية القمرر دي ولا كأنها خارجة من المتحف وجايبنها لحد البيت كمان ومعاها الشموع وكمان طبق جاتوه ومكتوب في كارت جمبه
” كل سنة والبنوتة القمر طيبة والجاتوه كادو من “سوتيس” للتأخير الغير مقصود وعذراً مرة أخرى ،
وأكملت وهي تنطق اسمه أمام تلك المبتسمة الحالمة :
ــ وموقع كمان “مدير الفرع هاشم سالم” شكله راجل كبارة وسنه الكبير اداله خبرة في معاملة الزباين والاعتذار عن الغلط الغير مقصود بصراحة حركة حلوة منه .
كانت تلك الحنين تستمع لحديث والدتها بحالمية وهي تتذكر هيئة ذاك الهاشم وقد انطبعت في ذاكرتها وحفظتها عن ظهر قلب إلى نطقت والدتها عن عمره حتى نفت سريعاً:
ــ اسكتي يا ماما كبير في السن ايه ! ده شاب انما ايه ولا نجوم السينما طول بعرض بشياكة وذوق وحاجة كدة تقولي رجالة استيراد بلاد برة ،
وأكملت حديثها عن ذاك الهاشم دون أن تذكر شيئاً عن عراكها معه ولا أن تنوِّه عنه بحرفٍ واحد :
ــ في ثانية أول ما المشرف بلغه بالمشكلة جه علطول لا وايه عمل التورتة بنفسه وايده كانت بتطير على الصاج ولا كأنه شيف أجنبي ولا الشيفات اللي بيجوا في التلفزيون وخلص التورتاية هوا وكمان اعتذر لي وقال لي التوصيل على حساب المحل علشان الخطأ الغير مقصود اللي حصل .
كانت والدتها منتبهة بشدة لحديثها وهي تسألها :
ــ بجد كلامك ده يا حنون ! دول طلعوا ناس كويسة جداً زي ما بنسمع عنهم .
توردت وجنتيها وهي تغازله امام والدتها دون حياء :
ــ يا خراشي يا ماما عليه ويلهوي على شكله مز مزاميز انما ايه حاجة فاخر من الآخر ، هو اللي زي ده بقي اللي عايزاه يكون عريسي مش الغشم اللي بيتقدموا لي دول .
لكزتها والدتها في كتفها وهي تنهرها عن طريقتها تلك :
ــ اتحشمي يا بنت وانتِ بتتكلمي ،
هو انتِ ينفع تتغزلي في راجل قدامي ؟!
احترمي نفسك بقى ،
والله العظيم المنظرة الكذابة اللي انتِ ماشية وراها دي لا هتوديكي في 60 داهـ.ـية بكرة تقولي ماما قالت ،
ويلا انجزي بقى علشان الناس على وصول وسيبك من طريقتك المستفزة دي وحذاري تتكلمي عن شاب قدامي بالطريقة السفلة دي !
ده انتِ ما بقاش عندك حياء خالص ، انا ما اعرفش انتِ طالعة لمين انا ربيت بنتين قبلك ما شفتش منهم كده خالص ؟!
لوت شفتيها بامتعاض لصياح والدتها بها ثم أشاحت بيديها في الهواء متعرضة على حديث والدتها اللاذع لها ونهرها وهي تحدث حالها:
ــ بس بقى يا ست ماما عايشة في عصر الهكسوس اخرجي شوفي البنات بره عاملين ازاي وأهاليهم سايباهم على راحتهم ما اعرفش الدقة القديمة بتاعتك دي هتخلص امتى !
أدفن راسي في الارض زي النعام يعني علشان أعجبك !
ده مستحيل أبداً انا “حنين عبد الرحمن” مش هتاخد غير اللي يليق بيها وبمستواها ويكون شيك وذوق كدة .
التقطت والدتها بضعاً من هرائها لتـ.ـضرب كفاًّ بكفٍ ثم وضعت كف يدها على رأسها لشعورها بارتفاع ضغط الدم من صغيرتها المتهورة لتردد هي الأخرى بأسى :
ــ آه الضغط هيوج من نفوخي من البنت دي ربنا يسامحك يا شيخة ما اعرفش عملت ايه في دنيتي عشان ربنا يبليني بعيَّلة زيك تعمل فيا كده هتموتيني ناقصة عمر ،
يا رب يهديكي يا “حنين” يا رب يهديك يا بنتي .
اما في المحل كان هاشم يقف وسط عماله المسؤولين عن توصيل الأوردر يعنفهم بشدة:
ــ غلطه زي دي اتكلفت تورتاية راحت للمنصورة غلط وأوردر هناك اتلغى ب 500 جنيه واوردر هنا اتعمل جديد بنفس التمن ب 500 جنيه وزاد عليه دستة الجاتوه اللي راحت هدية والتوصيل كمان يعني مجمل اللي اتكلف بيه المحل النهاردة 2000 جنيه بل ويزيد وطبعا لأن حضراتكم أنتم الاربعة المسؤولين قدامي على مراجعة الطلبات وعلشان كده كل واحد فيكم هيتخصم منه 500 جنيه علشان الغلطة دي ما تتكررش تاني لأن بسببكم النهاردة اتعرضت للإهانه اللي عمرها ما حصلت من زبونة ولولا ان هي عندها حق بسبب اللي حصل ما كنتش سكت لها ،
محلات وفروع “سوتيس” ما اتبنتش بسهولة ده بتعب ومجهود أجيال قبلي ولسه أجيال هتيجي بعدي ومش هسمح بسبب إهمال حضراتكم وتطنيشكم إن الغلط ده يحصل تاني ،
المرة الجاية هتكون بالرفد وانت اولهم يا حضرة المشرف،
انا مش بقبضكم الآفات المؤلفة اكتر من اي حد برة علشان الغلط ده يحصل ،
والمرة دي هكتفي بلفت نظركم لكن المرة الجاية مش هيحصل طيب ، اتفضلوا على شغلكم وكفايه عطله قوي النهاردة .
###################
قد نتعرض لمواقف وظروف تعكر علينا صفو الحياة، وتؤلمنا حدّ الموت، وتجرح قلوبنا من شدة الألم الذي نعانيه، ونحاول الوقوف من جديد ولكننا نيأس ولا نستطيع فالجرح عميق وآثارة كبيرة فمن المؤسف حقاً أن نبحث عن الصدق في عصر الخيانة، ونبحث عن الحب في قلوب جبانة فنتعرض للجرح من أقرب الناس إلى قلوبنا فتنكسر، ثم نبكي ونتوجّع ونتحسّر، فحجم الألم كبير، والجرح الذي صرخت منه قلوبنا بمقدار حبنا تعلقنا بهم، والجرح الذي تسببوا فيه يساوي مكانتهم، وفي الروح حزن يتسلل ليقـ.ـتل كل لحظة أمل فمسكينة قلوبنا فرحها اختار الممات لم يحتمل كل هذه الصدمات ولكن أكثر الناس حقارة هو ذلك الذي يعطيك ظهره، وأنت في أمس الحاجة إلى قبضة يده ،
كانت “نور الهدى” تشهق بشدة في احضان والدتها مما فعله معها زوجها والكلمات الحقيرة التي القاها على مسامعها فسبب لها في جرح عميق لا يندمل ابدا مهما طال الزمن وهي تردد من بين شهقاتها :
ــ جرحني قوووي يا ماما وبدأها بدري قووي واحنا لسه يدوب عرسان جداد ، اداني حبة كلام زي الرصاص في قلبي خلاني انصدمت ومصدقتش نفسي وانا بسمع منه كلام دبـ.ـحني ،
ثم خرجت من أحضان والدتها الحانية وهي تمسح دمو؟ع عينيها وتتسائل بحسرة وألم :
ــ هو انا يا مامي وحشة ومش مليت عينه إنه يحبني كفاية ويخاف على زعلي ومش يقول لي كلام يجرحني ؟!
ولا هما كل الرجالة كدة ولا الجواز اللي كدة وأنا كنت فاهمة إنه حاجة حلوة ، كنت فاهماه حضن وأمان وراجل يخلي باله مني ويخاف عليا ويحتويني ويخاف يزعلني ، يخاف يقول لي كلمة تجرحني ، يخاف يخليني أنام زعلانة ، طلع إن الجواز مطحنة الست بتدخلها بقلب مفتوح للحياة وروح عايزة روح تشبهها في المودة والسكينة لكن اتضح إن مش كل حاجة عقلها بيرسمها لنا بتبقي صح .
احتوت والدتها وجنتيها بين كفاي يداها الحنونتان وهي تشعر بسكاكين الحزن تقـ.ـطع نياط القلب علي عزيزتها وهي تمسح لها دموعها برفق حاني لتصحح مفهومها الخاطئ عن الزواج :
ــ لا يا حبيبتي مفهومك صح عن الجواز ما انتِ شايفه اهو بابي بيتعامل معايا ازاي وعمره ما جرحني بكلمة وعمره ما قال لي لفظ يزعلني ، كل اللي حصل بينك وبين جوزك غلط طبعا وعلشان كده مش هتروحي من هنا إلا لما مامته و باباه يجوا وتحكي قدامهم الكلام اللي اتقال وبعد كده هنشوف هينظبط ولا لا لو فضل على كده انا مش هخليكِ تعيشي على ذمته ثانية واحدة .
ما زالت تشهق في أحضان والدتها وهي تشفق على نفسها العزيزة دوماً مكانك تتخيل ان يحدث وتسمع مثل هذه الكلمات من زوجها في أول شهرين زواج لهم لترفض حديث والدتها:
ــ لا يا مامي انا مش هرجع اعيش معاه تاني ده شتم بابي وقال لي كلام مش حلو خالص وأهان كرامتي على الآخر وكمان قال لي انتِ طالق في أول خناقة ما بيني وما بينه وده كله علشان عايز يمنعني عنكم ،
انا لا يمكن ارجع له تاني هو طلقني خلاص وانا خايفة لما يرجع من السفر بعد ما اتنازلت عن الكلام اللي قاله لي ورجعت له يعمل في حاجة وحشة .
ربتت والدتها على ظهرها بحنو بالغ وهي تقدم لها نصيحتها:
ــ بصي يا حبيبتي في خناقات كتير بتحصل بين الراجل ومراته في حاجات نقدر نتنازل عنها وفي حاجات ما ينفعش ابدا نسكت ولا نتنازل عنها بس انتِ دي اول خناقة تحصل ما بينك وما بينه احنا هنقول له على شروطنا وهنتفق معاه هيمشي معاكِ ازاي اي نعم هو غلط كبير جدا بس ما ينفعش ان احنا نهد البيت من أول مرة لازم نعمل كل اللي في وسعنا علشان نعمر البيت ،
تيته زمان كانت بتقول لي دايما الست الشاطرة هي اللي تعرف تحافظ على بيتها مهما حصل وهي اللي تعرف تغير جوزها من وحش لحلو وانتِ شطورة من وانتِ صغيرة يا حبيبتي فهنسيب بابا يتفاهم مع باباه ومامته وبعدين الصالح ليكي طبعا هنعمله ،
ما تخافيش مش هيقدر يلمسك طول ما احنا عايشين على وش الدنيا وان عملها يبقى هو الجاني على نفسه .
رفعت عينيها المغشيتين بالدموع وهي تسأل والدتها بحيرة :
ــ بس ده يا ماما طلقني هو ينفع اعيش معاه بعد ما طلقني ؟
تنهدت والدتها بأنفاس عالية وهي تمرر يدها على خصلات شعرها بحنو :
ــ حبيبتي طبعاً يمين الطلاق غلط وما ينفعش يتقال عمال على بطال بس هو رمي عليكِ يمين واحد ممكن جداً يكون راجع نفسه دلوقتي ورجعك لعصمته من غير ما تعرفي،
كل حاجة هنتكلم فيها لما مامته وباباه يجوا انا عايزاكِ دلوقتي تدخلي تاخدي شاور وتهدي أعصابك عقبال ما اعمل لك أكلة جميلة من ايد مامي وعايزاكِ تنسي كل اللي حصل وتروقي بالك وما تفكريش في أي حاجة غير انك تهتمي بنفسك علشان تنسي أي كلمة حصلت ما بينك وما بينه وطول ما بابا وماما عايشين اعملي حسابك انك مش لوحدك أبداً وهنفضل دايما جنبك يا حبيبتي ومش هنسيبك.
اخذت قسطاً من أحضان والدتها يكفيها للشعور بالراحة وقبل أن تتحدث استمعتا إلى رنات جرس الباب تعلن عن وصول ضيف فقامت والدتها وفتحت الباب ووجدته ابن شقيقته العزيزة على قلبها “يحيى”
توسعت ابتسامتها في وجهها حينما رأته أمامها وهي تفتح له ذراعيها بالأحضان :
ــ حبيب خالتو ايه المفاجأة الجميلة دي اللي ما كانتش لا على البال ولا على الخاطر تعالى يا بابا ادخل وحشتني قوي .
بادلها هو الآخر نفس العناق بنفس اللهفة فهو يعشق خالته بشدة وكأنها والدته الثانية ثم خرج من أحضانها وهو يقدم لها الحقيبة التي في يده :
ــ معلش يا خالتو انا هستأذن على طول لأني ورايا حصة أون لاين ، ماما باعتة لك الشنطة دي وبتقول لك كل حاجة مظبوطة زي ما طلبتيها .
تناولت منه الحقيبة وهي تلقيها جانباً وتمسكت بيده بشدة رافضة ذهابه مهما قدم لها من أعذار :
ــ مستحيل تمشي من هنا قبل ما تقعد مع خالتو شوية انا مش بشوفك خالص يا يحيى وكمان نور هنا جاية زيارة ،
اتفضل انا هدخل اعمل غدا دلوقتي وهجيب لك اللاب توب بتاع نور ادي الحصة عليه ومش هتمشي من هنا الا لما اقعد اتكلم معاك انت وحشتني خالص على فكرة خالتو ما وحشتكش ؟!
تحمحم بإحراج حينما علم بوجود نور ليقدم اعتذاره مرة أخرى:
ــ معلش يا خالتو اصحابي والله مستنيني بخلص الحصة على طول وبعدين هقابلهم خلينا مرة تانية وابقي سلمي لي على نور .
حركت رأسها وهي ترفض إطلاقاً تحركه من أمامها :
ــ لا يمكن ابداً تمشي قبل ما اقعد معاك انسى بقى أصحابك وانسى كل حاجة انا مصممة يا يحيى ما تزعلنيش منك بقى والله العظيم أخاصمك وانت عارف زعل خالتو.
رفع كلتا يديه امام عينيها وهو يتقدم بخطواته إلى الداخل مردداً بطاعة :
ــ لا كله الا زعل خالتو ما اقدرش عليه أبداً اتفضلي يا رشا هانم وانا تحت الأمر والطلب .
أما “نور الهدى” حينما استمعت إلى مجيئه وصوته جعل قلبها رفرف بين ضلوعها بشدة فهو ما زال خائناً لها ويعشقه وبرغم من أنها امراة متزوجة الا أنها تلعن حالها على قلبها الذي ما زال يهوى ذاك اليحيى بمشاعر موقدة لن تهدأ ابداً ومهما حاولت عدم التفكير به الا انه أتى أمامها الآن فقررت ان تتركهم وتدخل إلى غرفتها بعد أن تصافحه فهي لا يمكن ان تغضب ربها ابداً وستفعل بقدر الإمكان مع حالها ما يجعلها تستطيع نسيانه وعدم التفكير به ابداً ، فحاولت جاهدة إخفاء وجهها عن مرمى عينيه حينما وجدته قادماً عليها كي لا يرى احمرار وجنتيها وعينيها الداميتين من الدموع ،
خطى بأقدامه إليها وهو يلقي سلامه ببشاشة وابتسامة حانية ارتسمت على وجهه كالمعتاد :
ــ ازيك يا نور ، عاملة ايه ؟
وحشاني خالص والله ،
وبعدين هما اللي بيتجوزوا بيبعدوا كدة وبينسوا أهلهم ومش بيتكلموا معاهم خالص يا وحشة ده انا اخوكي الكبير اللي ما كناش بنفارق بعض أصلاً .
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة كي تستطيع الرد عليه وذاك القابع بين أضلعها يخفق بشدة إجباراً عنها وهي تردد سلامه بنبرة خافتة دون أن تنظر إليه كي لا يرى وجهها:
ــ الله يسلمك يا يحيى ، عامل ايه ، معلش بقى هو الجواز في أوله كده بيبقى لخمة حقك عليا .
أحس بصوتها المختنق وهي تجيبه سلامه ببرود وانها ليست على طبيعتها المرحة فسألها على الفور وهو يقتحم رؤية وجهها التي تداريه عنه وانصدم من رؤيته بذاك الشكل الدامي:
ــ ايه السلام البارد ده يا نوري !
ده احنا ما شفناش بعض بقى لنا كتير،
ومال وشك وملامحك باهتين كأنك كنتِ بتعيطي !
هو في حاجة يا خالتو ، في حاجة يا نور ، انتِ كويسة ؟
ما زال يفهمها من نظرة واحدة فقط فدوماً كان ذاك اليحيى صديقاً صدوق لها ، يفهم مشاعرها ، يستطيع قراءة حزنها ببراعة ، فهي لم تعشقه من فراغ نظراً لحنوه الزائد عليها وإغداقها دوماً بمشاعرِ العطاءِ الفياضة ،
لذا هي عشقته من طرفٍ واحد مما جعلها تتعذب دوماً منذ أن اكتشفت عشقها له وهي في مرحلة الإعدادية وظنتها مراهقة ولكن الى أن وصلت إلى عامها الثالث من الجامعة وتيقنت أنه يعتبرها مثل شقيقته ولم يفكر بها أبداً فأصيبت بصدمة في قلبها وازداد عشقه ولعاً بين ثنايا روحها وقررت كي تنساه ان ترتبط بغيره كي تستطيع محوه من قلبها ولكن ذاك القلب عنيد لن يعشق غيره ولن يتمنى غيره ،
والآن احست بخطئها ،
ولكن ماذا كانت تفعل حينما خطب غيرها مرة واثنين ؟!
فتيقنت من فعلته تلك أنه لن يراها أبداً إلا شقيقة له ،
وفور أن استمعت إلى استفساره انهمرت الدموع من عينيها كالشلالات وهي تهرب من أمامه دون أن تجيبه مما جعله اندهش من حالتها فهو كان يعلم عشقها له ولكن هو يراها دوماً مثل شقيقته ولم يتحرك قلبه بمشاعر محبة الحبيب لحبيبه تجاهها فكان يصدها ولم يوعدها بشيء وكان يقلل من زيارته لمنزلهم حتى لا تزداد تعلقاً به ظناً منه أنه لن يريد خداعها فهو يخاف عليها بشدة ويخاف أن يجرحها كمثل خوفه على شقيقته ولكن منذ ان دلف إليهم الآن ورأى ملامحها ووجهها الدامي واستمع الآن إلى شهقاتها دق قلبه بعنف داخل صدره ولم يتحمل أن يراها بتلك الحالة ليسأل خالته سريعاً بقلق عارم :
ــ هو في حاج حصلت يا خالتو نور بتعيط ليه وبكلمها مش بترد عليا دي مفلوقة من العياط ومنظرها بجد يقلق جامد طمنيني عليها يا خالتو لو سمحتي ؟
ما إن تيقنت من دلوف ابنتها إلى غرفتها وأغلقت الباب على حالها حتى تناولت يد يحيى وسحبته إلى غرفة الصالون بعيداً عن غرفة ابنتها حتى لا تسمعهم وهي تحكي له عما حدث لها بالتفصيل وأنهت حكواها :
ــ وبعد ما شتمها بباباها وبهدلها رمي عليها يمين الطلاق بطريقة بشعة وهي يا حبة عيني ما اتحملتش كلامه وسابت له البيت وجت ومفلوقة من العياط من ساعتها ومش عارفة أهديها ازاي ، انا بجد مصدومة فيه ومش عارفة لما باباها يجي ويسمع الكلام ده ايه اللي هيحصل انا في نار يا يحيى يا ابني والله انت مجيتك دلوقتي هونت عليا جامد .
انصدم هو الآخر مما استمع إليه لينطق بذهول:
ــ ايه ده معقول !
ده اللي يشوفه يقول عليه جنتل وجان وعمره ما يغلط ابداً وكان بيتعامل معاها برقة شديدة ازاي يقول لها الكلام ده ؟!
انا لازم اكلمه حالا وابهدله علشان “نور” دي بالذات ما ينفعش يتعامل معاها كده هو مفكر نفسه ايه ولا مفكر نفسه مين علشان يبهدلها بالشكل ده والله لا أعلمه الادب .
بعد أن أمسك الهاتف بيده عازماً على الإتصال عليه إلا أن خالته منعته وهي تدلي برأيها عليه:
ــ معلش يا “يحيى” مش عايزين نتهور زيه احنا ناس متربيين وهنستنى لما بابا “نور” يرجع بكرة إن شاء الله من الشغل لأنه مسافر يومين ، هو يحل المشكلة بنفسه ويشوف هيتصرف معاه ازاي علشان ما نغلطش ،
انا عارفه ان انت بتحب نور وبتخاف عليها جامد وما ترضاش لحد انه يئذيها بس برده يا ابني مش عايزة اغلط من الأول وباب الرجوع مفتوح مش هرضى لها خراب البيت من اول شهرين.
كان يشعر بالنيران تتآكل في صدره خوفاً عليها ولأول مرة يشعر بالندم من ضياعه لها ، ولأول مرة يخفق قلب “يحيى” بتمني “نور الهدى ” وهي بعيدة كل البعد عنه فلم يتحمل حزنها وما حدث لمشاعرها البريئة ،
ولأول مرة يشعر بالذنب بأنه فرط بها فهو مثلها تماما رجل جرحت كرامته بل ودعست على يد أنثى واثنين فجرحهم واحد ويبدو ان القادم لهم مشاعر موقدة تعصف بداخلهم وستنال من راحتهم قدر المستطاع ولن تهدأ ابداً حتى سألته خالته عن خطيبته الأخيرة:
ــ بس قول لي يا حبيبي طمني عليك ليه خطيبتك الأخيرة سبتو بعض مع ان اللي يشوفكم كان يقول انكم بتحبوا بعض جامد ايه اللي حصل يا حبيبي ؟
تنهد بأنفاس عالية حينما تذكر تلك الــ”نهى” وهو يحكي باختصار:
ــ مفهومك غلط يا خالتو هي اللي سابتني مش انا اللي سبتها باختصار يعني ما كانتش مقتنعة بيا علشان شايفاني مقفل قوي مش زي شباب اليومين دول مش بروح اخدها من مكان شغلها وأخرجها وربنا العالم ان انا كنت بحافظ على سمعتها ومش حابب ان انا أثير الكلام حواليها وكنت رافض حاجة زي دي لأنها لسه مجرد خطيبتي وانا ما احبش ان حد يلسن عليها ومواقف كتير شايفاني فيها اني ما انفعهاش ،
شايفاني خام قوي زيادة عن اللزوم مش زي شباب اليومين دول اللي من كتر غيرته على خطيبته يشتمها بأبوها وأمها من كتر الغيرة وهما يا عيني يدوبوا فى الراجل اللي يعمل معاهم كده قال بيسموها حمشنة ،
انا فهمت حاجات كتير قوي يا خالتو غريبة في الزمن اللي احنا فيه ده مخلياني واقف متكتف مش عارف ابقى زي ما انا ولا اتعلم ابقى زيهم علشان اعجب .
حزنت خالته لأجله كثيراً ولأجل شعوره بالنقصان ولكن نصحته :
ــ لا يا “يحيى” العيب مش فيك انت ولا ان التجربتين فشلوا العيب فيهم هم وفي الزمن والوقت اللي احنا فيه الناس بقت ممكن تقلب اراجوزات علشان الفلوس والراجل ما بقاش راجل والست ما بقتش تصون نفسها والخلااعه بقت زايدة عن اللزوم في الزمن اللي احنا فيه،
حتى البنات بقت غريبة البنت بتبقى خارجة من المدرسة تلاقيها بتمضغ اللبانة في الشارع وتضحك بصوت عالي وممكن ترقص وهي ماشية مع اصحابها قال هي كده بقى البنت الروشة اللي ما حدش زيها ،
ولا اللي بيروحوا للشباب برجليهم ويكلموهم،
دلوقتي صعب ان الواحد يلاقي واحده بنت محترمة وصعب برده ان البنت المتربية تقابل واحد يتعامل معاها بما يرضي الله والحكاية دي بقت مقلقة جداً لأن البنات والشباب اليومين دول ممكن يغيروا في طريقة كلامهم وفي كل حاجة علشان يخدعوا اللي قدامهم ان هما كويسين ،
وتعرف كمان ان اهاليهم بيبقوا محترمين وبيعملوا كل حاجة تقول انهم بيتعبوا في تربيتهم وللأسف العوامل الجوية والبشر اللي حواليهم بيقدروا يغيروا التربية اللي الأبهات تعبوا فيها في لحظات والموضوع بقى خطير جدا وخصوصا مع تطور السوشيال ميديا وظهور التيك توك والريلز وجنون البنات انها تتشهر بأي طريقة ،
واسترسلت حديثها وهي تربت على قدميه بحنو :
ــ يعني يا حبيبي البنت اللي انت نفسك فيها تبقى فتاة احلامك صعب جدا إنها تبقى موجودة اليومين دول ومش معنى كده انك مش هتلاقيها لازم تتعب علشان ما تاخدش اي واحده وخلاص وبعد كدة تكتشف حاجات ما تعرفش تعيش معاها زي ما حصل مع “نور” بنتي بالظبط كان في حاجات تبين ان الشخص ده مش سوي لكن استهترنا بيها وكمان فترة الخطوبة كانت قليلة يعتبر اصلاً ما كانش في فترة خطوبة ونصيبك لسه مجاش يا حبيبي .
كانت عيناه متعلقة بالغرفة التي دلفت اليها ويريد أن يراها وان يتحدث معها فتحمحم بتوتر قبل ان ينطقها :
ــ أممم .. بعد اذنك يا خالتو ممكن تندهي لها اتكلم معاها شويه لعلَّ وعسى اخفف عنها .
نصحته أن لا يتحدث معها الآن معللة بتبرير سليم :
ــ معلش يا “يحيى” بلاش دلوقتي هي في حالة ما تقدرش تتكلم فيها مع حد خالص حتى انا ولا حتى باباها انا من رأيي على بكرة كده كلمها في التليفون واطمن عليها وهديها شويه هي بتحبك وبتثق فيك يمكن تقدر تخرجها من مود النكد اللي هي عايشة فيه .
تفهَّم أسبابها واقتنع بها ثم قام من مكانه منتوياً المغادرة :
ــ تمام يا خالتو عندك حق جدا انا قعدت شوية اهو مضطر امشي بقى وما تمسكيش فيه على الأكل عشان انتِ عارفة ماما ما بتخرجنيش من الباب إلا لما أكون واكل وبطني مليانة كمان ،
ثم قام بعزيمتهم مثلما ابلغته والدته:
ــ وكمان ماما بتقول لك ما تنسيش عزومتها ليكي على العشا يوم الخميس الجاي واعملي حسابك نور تيجي معاكي طالما هي موجودة هي أصلاً كانت هتكلمها تعزمها هي كمان بس هي موجودة اهي ، سلام بقي يا خالتو .
تركها ورحل ولكن ليس مثلما اقدم بمشاعر غريبة لم يشعر بها من قبل تجاه ابنة خالته ،
نيران تتآكل داخله منذ أن علم ما حدث لها من زوجها يريد أن يفـ.ـتك به ،
والآن اكتشف أنه يريد أن يكون مسؤولاً عن وجعها ، يريد أن يحتضنها كي يخفف عنها ، يريد أن يتحدث معها كثيرا بلهفة ولكن سيصبر قليلاً حتى تهدأ كما نصحته خالته .
################
كان ذاك الزيد ممدداً على التخت في لحظات استرخائه فهو لديه ساعة واحدة فقط يستريح فيها من الدروس ولكن استمع الى رنات الهاتف فجذبه وهو ينظر إلى شاشته ولكنه لم يتعرف على هوية المتصلة وهو ينطق بلسانه بصوت عالي :
ــ مين “ريهام” دي مش فاكرها ، مين ريهام يا زيد ،
وبعد حوالي عشر ثواني ضـ.ـرب على جبينه وهو قد تذكرها أخيراً:
ــ أااااه ريهام جيزة ، افتكرتك .
ثم أجابها على الفور بعدما قاربت الرنات على الانتهاء :
ــ حبيبة قلبي عاش من سمع صوتك يا رومي والله ليكي وحشة يا بنتي .
أجابته هي الأخرى بملامة :
ــ بس بقى يا زيد بطل بكش ده انت ما بتسألش عني خالص وإن ما كنتش انا اتصل بيك ما تعبرنيش هي روما مش بتوحشك ولا كلامها بيوحشك ولا ايه يا مستر ولا كتر البنات حواليك في السنتر والمدرسة نسوك روما ودلعها .
مرر لسانه على شفتيه باستمتاع فتلك الريهام تذيقه من حلوى الكلام المعسول ما يجعله يلهث ورائها بل مفتقداً لطريقة الحديث معها ثم أردف باستمتاع:
ــ احلف لك بإيه ان انا مش فاضي حتى اكلم ولا بنت ولا غيرها هو انا اقدر اكلم غيرك يا جميل انتِ عارفة بقى إحنا في يومين داخلين على امتحانات والمراجعات في السنتر مش ملاحق والله،
بس تعرفي يا روما وحشتيني ووحشني كلامك ووحشني الوقت اللي بقضيه معاكي على التليفون ما تيجي في حضني اصل انا بردان قوي ونفسي في أحضان الحبايب اللي زيك يا روما .
ضحكت بمياعة وصوت يملؤه الإثـ.ـارة لتقول بدلع :
ــ بس بقى يا بكاش انا لو وحشتك ووحشك كلامي ما كنتش تقعد شهرين كاملين ما تكلمنيش .
اعتذر لها مرة أخرى:
ــ خلاص بقى ما تأفوريش معلش حقك عليا يا بيبي مش عايزين نقضي المكالمة والحبة اللي الواحد مرتاح فيهم في النكد ،
بقول لك ايه افتحي الفيديو بقى علشان نتكلم كده واحنا قصاد بعض خلي العيون تتلاقى والوحشة لعيونك تهدى حكم القلب مولـ.ـع نـ.ـار يا مزة .
على الفور استجابت لطلبه وضغطت على زر الفيديو وجدته مسترخياً على تخته وملامحه نالت مزاجها كثيراً فأبدت إعجابها :
ــ أووووو ، ايه العضلات الجامدة دي احنا اتغيرنا خالص في الشهرين دول شكلك كنت ضاغط على نفسك قوي في الجيم علشان تعمل الحركتين الجامدين دول .
غمز لها بشقاوة حينما رآها أمامه لينطق بمشاغبة:
ــ اوبا الجمدان التايجر على الأسد اللهم لا حسد ، ايه يا بت الجمدان والشقاوة دي ،
ضحكت بمياعة ليكمل هو على تعليقها على عضلاته:
ــ على الله بس نعجب الجميل حكم الواحد مش فاضي يهتم بنفسه خالص حياتي كلها شغل ، تصدقي ياييبي ده انتِ والله وما ليكي عليا حلفان ربنا بعتك ليا دلوقتي علشان تنعنشيني شوية من جو القلم والكراسة اللي انا فيه ده .
وظلا كليهما يتحدث في الهاتف بطريقة مثيرة للاشمئزاز إلى أن مرت الساعة سريعاً ليستئذن منها :
ــ يووووه الساعة طارت معاكي هوا يا مضروبة مضطر ان انا اقفل دلوقتي علشان عندي حصة وما ينفعش خالص ان انا استأذن عنها ابقي كلميني تاني وما تغبيش انتِ عارفة ان انا مشغول اما انتِ فاضية ما وراكيش حاجة .
أغلق الهاتف معها ثم ارتدى ملابسه على عجالة وهو يصعد إلى الأعلى فهو يخصص الدور الرابع من منزلهم لإعطاء الدروس وما ان دلف إلى غرفة الحصة حتى رأى “ليلى” تتحدث مع زميل لها وكان ذاك الزميل ينظر لها بنظرات يعيها جيداً فاشتـ.ـعلت النيـ.ــران داخله وما إن استقر مكانه حتى أمسك مكبر الصوت متحدثاً بحدة نظراً لما رآه وأزعجه :
ــ مش شايف حد فيكم فاتح كتاب بيراجع مش متبلغين على جروب مجموعتكم إن حصة ال 100 سؤال النهاردة !
على الله ما لقيش منكم تركيز واعملوا حسابكم العقاب شديد مش مجرد عصايتين على اليد ، لاااا ده هيبقي حرمان من الدرس لمده حصتين للي يغلط اكتر من خمس أسئلة علشان بعد كده تبقوا تركزوا في دروسكم وتراجعوا قبل حصة ال 100 سؤال بالذات .
استمع الى همهمات اعتراضية منهم على حكمه وحديثه اللاذع لهم ولكن لم يهمه وهو ينتوي لذاك الصبي الذي كان ينظر تلك النظرات الهائمة لــ”ليلى ” أن يحرمه من الحصتين القادمتين نظراً لما سيلقي عليه من أسئلة مهما كان مذاكراً لن يستطيع الإجابة عليها ولكن لم يبدأ به وبدأ بغيره وهو يتوالى عليهم بالأسئلة حتى جاء دور الصبي ولم يستطيع الإجابة عن سؤال واحد مما أملاه عليه وهو واثنين من الإناث ليشير إليهم :
ــ اتفضلوا انتوا التلاتة محرومين من الحصص الأسبوع الجاي علشان بعد كده تقعدوا تذاكروا انا مش مستعد سمعتي تنزل في الأرض بسبب درجاتكم المهببة اللي انتم هتجيبوها علشان مش مركزين يلا اتفضلوا .
كانت “ليلى” منذ أن دلف إليهم وعينيها ترصدت نظراته المشتعلة لزميليها ولكن كمثلها لم تفهم معنى تلك النظرات وطيلة فقرة الأسئلة لاحظت نفس النظرات لزميلها ولم يتنحى عنها، وأيضاً الأسئلة التي وجهها له كانت صعبة للغاية ورغم أنها طالبة ممتازة عن جدارة إلا أن بعض تلك الأسئلة لم تستطيع هي الإجابة عليها فازدادت حيرة من ذاك الموقف ولكن نفضت عن بالها وقررت ان تُشغِل كل تركيزها في الحصة ولم يعيها نظراته ولا حتى طرد زميلها ،
اما ذاك الـ”زيد” كلما تمنعت عليه كلما انشغل بها بشدة بل لم يستطيع تنحي عينيه عنها ولم يستطيع تحمل تجاهلها له بتلك الدرجة فهو دوماً محط أنظار الفتيات إلا هي ذات كبرياء وأخلاق عالية لم يرى مثلها فلم يستطيع تركها ترحل حتى يسألها بما يجول في باله وتريح عقله وما يدور به من خناقات حتماً ستجعله لم يهدأ عن التفكير بها ،
بعد أن أنهى إلقاؤه للدرس بمهارة عالية فهو ممتاز للغاية ومعلم ماهر في مادته الكيمياء نادى عليها قبل أن تخرج :
ــ استني يا “ليلى” في حاجة عايز أعرفها لك ،
قبل أن يتسائل جميعهم عن سبب نداؤه لها بعينيهم حتى وجه إليهم هما الآخرون كي لا يلفت الإنتباه إليها ويجعلها صيدة لهم يتحدثون عنها :
ــ كل واحد فيكم ليه ملاحظة مهمة هقولها له بعد كل حصة من أول النهاردة ، والملاحظة الأولى هتبقي من نصيب ليلي لأنها هي أول أبطال الحصة النهاردة وخلوا بالكم الملاحظات اللي هتعرفوها فردية بعد كل حصة الامتحان مش هيخلو منها .
كم كان ذكياً بل بارعاً ذاك الزيد فقد جعلهم يدورون بعقلهم كيف يتسابقون ويتنافسون من أجل ان يكون الأفضل ، وفي نفس الوقت اجتهادهم ذاك وتنافسهم سيجنى بثماره على سمعته هو الآخر بأنه المعلم الأفضل على الإطلاق على مستوى محافظتهم ،
غادروا جميعاً ما عدا ليلى التي وقفت تتأهب الملاحظة التي ستأتي في الامتحان نظراً لأن ملاحظاته لن تخيب أبداً ودوماً صائبة ،
حتى فتحت دفترها وأمسكت قلمها كي تدونها وهي مشغولة مع قلمها وتنتظر سماعها حتى استمعت إليه يسألها :
ــ كان واقف معاكِ بيقول لك ايه وعايز منك إيه يا ليلي هانم ؟
اتسعت مقلتيها بذهول من استفساره ليردد لسانها تلقائياً :
ــ نعم يا مستر ! انت ناده لي من وسط زمايلي علشان تقول لي الهبل ده ؟!
صوت مميت ملأ المكان ونظرات الغضب حلَّت على ملامحه عما ما ردده فاهها :
يتبع…..
google-playkhamsatmostaqltradent