رواية العسقلة الماكرة الفصل السابع والعشرون 27 - بقلم ايمان كمال
الفصل السابع والعشرون
فضل عماد واقف متسمر ومتخشب زي الوتد مكانه مبحلق على الباب اللي اتقفل بقوة صوته هز جدران قلبه وخلته يتنفض ويستوعب كل اللي حصل من ثواني، ارتسم الحزن على ملامحه وبكى قلبه على اللي وصله معاها، وحلم حياته اللي اتهد في لحظة بسبب تصرفات امه اللي متوقعاش ابدا، امه لاحظت دموعه اللي نازله، قامت مسكته من دراعه وهزته جامد وقالت بغضب
وزعيق: انت اتجننت يا عماد، بتعيط عشان ست؟ ست راحت الف يجي بعدها.
بصلها عماد وكان كلامها ده بمثابة الفتيل اللي شدته وانفجر فيها قال وهو في حالة انهيار: ارتحتي دلوقتي يا انهار، هديتي بيتي من قبل ما الحق ابنيه؟!
ايوة ببكي وهفضل ابكي عمري كله على حب حياتي اللي سابتني... شروق مش اي ست يا ماما؟!
شروق دي الشمس اللي بتشرق كل يوم حياتي، ومن غيرها هيحل الظلام لكل ايامي.. شروق دي اللي حلمت اتجوزها ومن هي لسه طفله بضفاير، وكبرت سنه ورا سنه قدامي، وحبي ليها بيكبر معاها، وجيتي انتي بكل قسوة هديتي كل ده.
قلب امه كان قاسي ومرقش لكلامه بالعكس استهانت بيه، لكنها ادعت التأثر وردت: خلاص يا نحنوح اجري وراها وروح عيش معاها وسيب امك لوحدها هنا، روح عيط لبنت سعاد يمكن ترضى عنك.
قعد عماد مهموم حزين وسند بأيدية راسه، وخبى وشة عشان متشفش دموعة، قربت منه انهار وزاحت كفه وكررت كلامها تاني وقالت: روحلها يا عماد.
عماد بقهرة رد: انا عارف شروق كويس عمرها ما هتسامح تاني بعد اللي حصل، خلاص كل اللي بينا اتنهى والبركة فيكي، سبيني في حالي بالله عليكي.
قام وسابها نزل تايه في طرقات الشوارع مش عارف يروح فين ولا يشكي لمين، فضل كتير ماشي مش حاسس بنفسه، ولا شايف هو ماشي فين ولا رجله ودته لحد فين، وطول الطريق ذكرياته مع شروق قدام عيونه، شقاوتها وهي صغيره، وضحكها ولعبها معاه دون عن كل اقاربها، حمايته ليها طول الوقت من اي حد يحاول بس يزعلها او يعاكسها.. اول مره دق قلبه واتأكد فيها انها ملكته وسكنته، احساس جميل عمره ما عاشة إلا معاها هي وبس، ومش هيقدر بعد العمر ده كله يجربه مع غيرها ..
افتكر مشاركته ليها في كل مراحل تعلمها، واد ايه كان مهتم بكل تفاصيل حياتها، دروسها كان بستناها لحد ما تخلص ويوصلها، اد ايه كان ملازمها زي ظلها؛ حب وخوف مش مراقبه، اول ايدين مسكتهم واتشعلقت فيهم كانت ايده هو، اول سر مهما يكون كانت بتحكيله هو قبل اي حد، ازاي هد كل الذكريات دي في لحظة طيش وغضب ومد ايده عليها وجرحها بالشكل ده؟ ليه كان ضعيف اوي كده قدام امه؟ ومعرفش ياخد قرار ويمنعها من الأول وقالها ميصحش تصرفك ده يا امي؟!
اااه لو ترجع عقارب الساعة كان صلح كل حاجة وسكن في حضن حب عمره ولا غابت عنه لحظة..
فاق من حالة التوهان على صوت عربيه بتزمر بصوت عالي، بص ورجع خطوة عينة بتشوف هو فين؟
واتفاجأ ان رجله ودته لبيت الحبايب ولحبيبة عمره، ماترددش لحظه انه يطلع ويحاول معاها مره تانية يمكن تقبل اعتذاره.
طلع يقدم رجل ويأخر رجل، كأنه داخل على نتيجة امتحان صعب متوقف عليه حياته، وللأسف معملش حساب لليوم ده وذاكر كويس، رن الجرس وفتحت خالته الباب واول عينيها ما جت عليه قالت بحده: إيه اللي جابك يا عماد؟ عايز تقول إيه تاني مقولتوش هناك وجاي تكمله؟!
قرب عماد ودخل وقفل الباب وراه وقال بحزن شديد وندم اشد: قلبي اللي ساقني، ورجلي اللي جابتني من بينا لحد هنا من غير ما اشعر يا خالتي.
سعاد باندهاش وتعجب سألته: انت عايز تفهمني انك جاي ماشي من بيتكوا لحد هنا يا عماد؟
عماد هز راسه بتأكيد وقالها: ايوة واقسم بالله ما اعرف مشيت المسافة دي كلها ازاي ؟!!
ولا حاسس بأي وجع غير وجع قلبي من اللي حصل، ارجوكي يا خالتي نادي شروق عشان اتكلم معاها واراضيها.
سعاد برفض لتعزيز بنتها: سبها تاخد وقتها في زعلها يا عماد، بلاش والنار قايده تزودها، سبها لما تتطفي لوحدها وتبقى رماد، انا عارفة بنتي كويس زعلها صعب اوي، وهي سامحتك كتير، لكن المره دي صعب اوي، ولو كنت انت روحها بعد ضربك واهانتك هترضى تعيش من غير روح ولا انها تفضل معاك متهانه.
عماد بتوسل: ارجوكي سبيني احاول يمكن اعرف اقنعها.
سعاد تحت ضغطه قامت وخبطت عليها مردتش، راحت له وقالت: اظاهر نايمة، روح دلوقتي وبكره تكون هديت وتعرف تكلمها.
عماد باستسلام رد: حاضر اللي تشوفيه يا خالتي.
اتحرك ناحية الباب وفتحته، وبعدين رجع وبص وقالها: طب خليني بايت على الكنبه هنا استناها لما تصحى، واوعدك مش هضايقها خالص.
سعاد قلبها رق وحن لما شافت حزنه وصدق مشاعره، فلانت نبره صوتها وقالت: يا بني انا مش معترضة؛ بس خايفة من رد فعلها لما تشوفك قصادها، شروق حاليا نفسيتها زفت منك ومجروحه اوي بسببك، فأديها فرصتها زي ما قولتلك.
خرج عماد من غير ما يرد، ونزل تحت مش عارف يروح فين ؟!
مش قادر يرجع للبيت بعد اللي حصل ويواجهه امه تاني، ولا قادر يطلع لمراته يراضيها ويحنن قلبها، وفي نفس الوقت خايف تعاند وتصمم على البعد والفراق، رفع راسه للسما وفضل يدعي ربنا انه ييسر له حاله.
قعدت سعاد حزينة على حالة ابن اختها، برغم تصرفه وعدم احترامه ليها؛ لكنه صعب عليها ودعت على اللي كان السبب وبوظ حياتهم، قامت تدخل تطيب خاطر بنتها، وحاولت تفتح الباب؛ لكنه كان مقفول من جوه بالمفتاح، فضلت تخبط كتير وبنتها مفيش صوت، اتخضت عليها وخافت تكون عملت حاجة في نفسها، لانه نومها خفيف ومش متعوده تقفل على نفسها بالمفتاح، فضلت تنادي عليها وهي ولا سامعه، حست ان قلبها هيقف من كتر سرعة دقاته، استغبت روحها انها مشت عماد، لو كان موجود كان لحقها، مسكت تليفونها واتصلت عليه ومع اول رنه رد عليها سمع صريخها بتقوله: الحقني ياعماد، شروق مش بترد عليا !!
قفل معاها وملحقش يرد بحرف، جري زي المجنون لعندها ومن حس الحظ انه كان قاعد على قهوة جنب بيتها، اخد السلالم في كام خطوه وخبط جامد فتحت سعاد، عينه سألت، وهي جاوبت بصوت مرتعش وبخوف: من وقت ما نزلت وانا بخبط عليها عشان تفتح ومفيش رد ولا صوت خالص.
طلب عماد سكينه عشان يحاول يفتح الباب، وبعد محاولات كتير فتحه، وجري عليها يهزها عشان يفوقها هو وامها، لكن كانت في دنيا تانية، فاقده الوعي، حط ايده خلف ودنها يجس نبضها؛ لقاه ضعيف جدا، ملامح وشه اترعب عليها، فسألته امها برعب اشد : بنتي مالها فيها إيه ؟
عماد بدموع خايف يفتقدها رد : نبضها ضعيف جدا، لازم ناخدها للمستشفى حالا، جهزيها عقبال ما اوقف تاكسي بسرعة.
نزل جري يدور على تاكسي واول ما لقاه وقفه وطلع يجبها، شالها بين ايديه وضاممها لحضنه في رعب حقيقي، ونزل وحطها على الكنبه ورا، وامها قعدت جنب السواق، وطلب منه يوديه اقرب مستشفى، الدقايق بتمر كأنها ساعات، حضنها جامد وهمس ليها في ودنها : آسف ياعمري.. عاقبيني بأي عقاب تختاريه في الدنيا، إلا انك تسبيني وتفارقيني بالشكل ده، سامحيني يا شروق ارجوكي، انا اموت لو جرالك حاجة، شروق فوقي ياحبيبتي.
دموع عينه غرقت هدومها، واخيرا بعد مده وصل للمستشفى، طلب من السواق ينتظره لحد ما يدخلها وبعدين يحاسبه، جري بيها وطلب دكتور فورا، دخلها غرفة الكشف وابتدى الدكتور يكشف عليها بعد ما خرجهم كلهم بره، بعد الكشف تبين ان جالها هبوط وانخفاض في ضغطها، خلاها تفقد الوعي، تم تركيب محاليل ترفع الضغط، خرج يطمنهم رد بلهفه عماد: يعني هتبقى كويسة يا دكتور.
ابتسم الدكتور ورد: ان شاء الله اول ما تخلص المحاليل، هدخلكوا تطمنوا عليها.
اخد عماد نفسه، وعقد على الارض قدام الغرفة يجمع اعصابة اللي انهارت، حالة سعاد متقلش عن حالته، كانت بتبص على بنتها من ورا ازاز الغرفة ودموعها نازله مش بتقف، عينها بصت على عماد في اتهام، لوم وعتاب وقربت منه وقالت بغضب وحرقة وقهر: انت السبب في اللي حصلها ده، والله ما هسامحك عمري لو بنتي جرالها حاجة يا عماد.
رد عماد بوجع: انا اللي مستحيل اسامح نفسي واعيش لحظة واحده لو جرالها حاجة يا خالتي.
ان شاءالله هتبقى كويسة وتقوم بالسلامه، واللي هي عايزاه هعمله، حتى لو كان طلبها ده ثمته اني افارقها.
لمحت سعاد سواق التاكسي جي يطمن عليهم وياخد حسابه، قرب منه وقاله: انا اسف جدا اني نسيت واتاخرت عليك، بس ربنا اعمل بحالتي، اتفضل حسابك.
السواق شاف المبلغ اللي كان اكتر من حقه بكتير فرح وشكره، ودعا له ان ربنا يتم شفاءها على خير، وسابه وراح يشوف رزقه وهو بيحمد ربنا ان المبلغ اللي بيجمعه من اول النهار قرب يكمل عشان يفرح بنته ويكمل جهازها.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
سليم قاعد مع شادية، وطلب منها تفك حامل الدراع عشان يكشف عليها، وساعدها وفكة، وبدأ يحرك دراعها ويرفعه لفوق ويشوف مستوى الرفعه هتوصل لحد فين، واول ما اتألمت نزله، وسألها: انتي بتاخدي العلاج في معاده يا حبيبتي؟
شادية بألم بسيط ردت: اه والله مواظبة على كل الدوا.
سليم ابتسم بحب وقال: طب بتعملي التمارين اللي دربتك عليها، ولا بتكسلي زي عادتك؟
شادية بتوتر قالت: بصراحة مش دايما اوقات بنسى.
سليم بزعل: ليه كده يا شادية؟ انتي مش عايزه تخفي بسرعة عشان نتجوز، الفيلا خلصت ومش ناقص غير انك تنوريها، ولا انتي عاجبك شحطتي دي كل يوم؟
شادية باعتذار: حقك على قلبي، هعملهم وحياتك، بس انت شوف اي علاج تاني زوده عشان يخف الوجع ده.
سليم اتنهد وقال: مقدميش غير اني اديكي حقنه تسكن الألم ده وبعد اسبوع تاخدي واحده تانية، هتتحسني.
شادية بتعجب: طب ليه مدتنيش الحقن من الاول وكنا خلصنا؟
سليم موضح : يا قلبي لازم ابدأ بالعلاج الاول، ولما ميتحسنش المريض ادهاله، لان فيها نسبه كورتيزون، اه مش كبيره، بس بنديها للمريض لما تستدعي الحاله، وكترها مش حلو، هقوم اجبها من الصيدلية واجي ادهالك يا عمري.
شادية وهي بتوصله لحد الباب قالته بحب: متتأخرش عليا.
سليم بيبوس كف بحنان: مقدرش اتأخر على عمري، مسافة السكة.
فتح الباب شاف ياسر جاي مع مرزوقة، سلم عليهم وسأل: رايحة فين يا ماما؟
سليم رد بسرعة: مش هتروح في حته، انا اللي هشتري حقن معينه من صيدلية اديها لشادية عشان دراعها يسكن معاها.
ياسر قرب منها بلهفة وسألها: لسه بيوجعك يا حبيبتي، العلاج متحسنش معاكي؟
شادية طبطبت على كتفه وقالت: الحمدلله يا حبيبي، احسن كتير، بس سليم بيقول الحقن هتريحني اكتر، ادخلوا جوه مش هنفضل واقفين كده على الباب.
دخلوا جوة واول ما بصت شادية في وش مرزوقة لاحظت انها مش حالتها الطبيعية فسألتها وردت ان السبب في المشهد اللي صورته، مثلت انها صدقتها، وياسر قالها: انا واجع من الجوع، انتي اتغديتي؟
شادية بصتله وردت: انا من امتى باكل من غيرك ياحبيبي.
ياسر بفرحة انها لسه مهتمه بيه وبتعمل حسابه ومنسيتهوش، قلع جاكت البدله، وشمر كمام قميصة وقالها: طب لو سمحت خلي هنية تجهز الأكل عقبال ما اطلع اخد شور سريع وانزل.
شادية : عيوني حاضر، وانتي اطلعي يا مرزوقة خدي الشور بتاعك وفوقي، وبليل لينا قاعده مع بعض اعرف فيكي إيه ؟ بس دلوقتي مش وقته.
هزت راسها بموافقه وطلعت فوق، وتتمنى ان عقدة لسانه تتفك ويعترف بحبه ويصارحها، طلعت هدوم مناسبه تلبسها، ودخلت تاخد شور، وحلفت انها هتجننه وهتخليه مش قاعد على بعضة، وغصب عنه هتنطق الحجر.
خلصت بسرعة وطلعت تلبس فستان اسود رقيق، مفتوح من الصدر على شكل مربع، والكمام شفافه شيفون مبينه دراعها الابيض، يا دوب حطة ايشارب خفيف فوق كتافها، وعملت مكياج رائع من حيث رسمه العين اللي حددت جمالهم وكبرتهم، ولا اختيار لون الروج الملفت للانتباه، بصت على نفسها باعجاب وقالت وهي بتحط نوع برفيم عطره مثير: والله لهجننك زي ما جننتني يا ياسر، ولما اشوف هتصمد لحد امتى معايا، اصل انت مش قدامك غير اختيار واحد بس، انك تحبني يعني هتعترف، هتعترف مفيش بديل.
نزلت تحت بتتمخطر بدلال، وصوت الخلخال بيرن مع حركة كعبها العالي، اول ما هلت وشم ياسر عطرها النفاذ، عينه راحت بسرعة عليها، واول ما شافها تنح وريقة نشف زي الحجر من شكلها الفتاك، لاحظت شادية عينه اللي مبرقة، فبصت مكان ما بص، واول ما شافتها ضحكت في سرها وقالت : شكلك مش ناوية على خير يا جهاد، هتجننيلي الواد الحيله.
اما ياسر قام من مكانه، وقرب منها، ومسك ايديها وباس كفها بكل أدب واحترام، قالها بنظره اعجاب: إيه الجمال ده يا مرزوقة؟
مرزوقة بثقة سحبت ايديها وردت: انا طول عمري جميلة، ولا هتنكر؟
شادية ابتسمت واخدتها في حضنها وقالتلها: في دي عندك حق، انتي قمر في كل حالتك.
ياسر بعيون جعانه وعطشانه للحب قال: بس النهارده جمالها زايد حبتين يا ماما، لا مش حبتين وبس، قولي تلاثة، اربعه.. مليون.. اقولك إلى مالا نهاية...
ضحكت مرزوقة بصوت عالي على كلامه، في اول مره ترن النغمه دي ويسمعها منها، كانت بتعزف نغمه رنين خاصة بيها هي وبس، ومحدش ابدا يعرف يقلدها، كانت مرزوقة طايرة بنظرات الاعجاب اللي شيفاها في عينه، مكنش سايب حاجة فيها الا ومركز من اول شعرها السايح اللي نازل على ظهرها، لفستانها، حتى ركز على الخلخال وعلق عليه، لكن بمجرد ما سمع صوت الباب ودخول سليم اتحول كل الاعجاب ده لشرار طالع من عيونه يحرقها وهي واقفه، منقذهاش غير صوت سليم بيكلم شادية ويقولها: يالا يا شوشو عشان تاخدي الحقنه ياروحي.
اتحركت معاه في اوضة وطلب ياسر من هنية تجيب قطن وكحول، وادهتهم لسليم، واول ما دخل واقفل الباب، وطلب من شادية تقلع كم البلوزه عشان يديها الحقنه في الدراع من فوق، وشها احمر جدا واتكسفت اوي، ابتسم سليم وبص في عيونها وقال: انتي مكسوفه مني، طب لو دكتور تاني اقول معلش، لكن انا جوزك يا عمري، مفيش داعي لكل الكسوف ده، مدي ايديك وارخي عضلاتك خالص.
نفذت شادية كلامه، طهر المكان وادهالها براحه خالص، وبعد ما خلص، قرب سليم شفايفه مكان الحقنه وطبع بوسه حنينه مكانها، حس بقشعريره جسمها، كررها كذا مره لحد ما وصل لرقبتها، ثم خدها، وداب من لمستها، وصوت انفاسها السريع، وسماع صوت دقات قلبها زاد شوقه ولهفته اكتر، ضمها جوه حضنه جامد اوي وهمس لها: بحبك اوي اوي يا شادية، ومشتقالك لدرجة تخوف، لا ترعب، انا نفسي مش قادر اوصفها.
بادلته شادية عناقة وردت على جمال عبق كلماته بأشد واقوى.
في الخارج ياسر مش عارف يتحكم في اعصابه والحصار اللي هو فيه، مش عارف يلاقيها من جمال مرزوقة الفتاك، ولا من سليم اللي اتأخر جوه مع امه، عيونها كانت مرقباه وحست بيها فقالت مرزوقة : تحب ادخل اشوفها.
ياسر كأنه ما صدق قال: ياريت استعجليهم.
قامت وخبطت عليهم وقالت: الأكل جهز يا شوشو.
فاق سليم من حالته واتنحنح ورد: ثواني يا مرزوقة طالعين.
ساعدها سليم وخطف بوسه سريعه من على خدها واتحركوا بره، واول ما ياسر شافها حاوطها بدراعه وقال: بالشفا يا ماما، الحقنه بتوجع؟
شادية بحب ردت: ربنا يشفيك يا ياسو، لا خالص ايد سليم خفيفة جدا، والحقنه مش بتحرق ولا بتوجع.
سليم عيونه بتفيض محبه قال: هتحسي بعد شوية بفعول السحر وهتريحك جدا، بس رجاءً ممنوع منعا باتا تشيلي اي حاجة تقيلة خالص، ولا تعملي مجهود من فضلك، وياريت نشوف حد يساعدك في الفيلا هناك.
هنية كانت بتحط اخر طبق على السفره وهما قاعدين، وقالت: لامؤاخذه اني بدخل، بس اني موجوده يا دكتور واللي تأمر بيه ست شادية عيوني ليها.
شادية بحنان ردت عليها: تسلميلي يا هنية، شكرا يا حبيبتي بس مش عايزة اتعبك، هتشتغلي هنا وهناك، كتير اوي عليكي .
هنية باصرار: واني مشتكتش يا ستي، ده اني اخدمك برموش عيوني يا ست الكل.
ياسر بزهق: خلاص يا ماما، هنية راضية ولو تعبت نبقى نشوف واحده تانية تساعدها، وكمان انتي هتكوني هنا طول النهار، يعني الفيلا مش هتتبهدل، وان كان على الأكل سهله، وكل اسبوع تبقى تنضفها من التراب.
سليم بنبره هادية قال: ياسر حلها اهو يا شوشو، متشغليش بالك انتي، المهم حافظي على علاجك وتمارينك، وزي النهارده هديكي الحقنه التانية، وبعدها نحدد معاد فرحنا.
ياسر بضيق: انت مستعجل ليه كده يا سليم، مش لما دراعها يرتاح الاول ونطمن عليها.
سليم محافظ على نبره صوته رد: انا دكتور وعارف الحالة كويس، واكيد مش هأذيها ابدا يا ياسر، عايزك تطمن انها هتكون معايا في ايد امينه وهحطها جوه نن عيوني.
شادية بحاول تهدي الموقف فقالت: اهدى يا سليم ياسر ميقصدش اكيد، يالا نبدأ ناكل، لحسن الاكل برد.
مرزوقة حست بنار ياسر، ركزت على ايديه ولاقتها حاطتها على رجله، فلمستها طبطبت عليها من تحت الترايزة، بحكم انها كانت جنبه ومن غير ما حد ياخد باله، وعلى وشها ابتسامه سحرته، ونسته ضيقته، وبردت ناره، كأن طبطبتها دي كانت الميه اللي طفت ناره، استغرب جدا ازاي قدرت تغيره وتحوله بالشكل ده، والاقوى ان بقى تأثيرها عليه قوي جدا لدرجة الخطوره.
استمروا في تناول الأكل، والحب مرفرف حواليهم، لحد ما انتهوا، وقعدوا منتظرين القهوه والحلو.
طلبت مرزوقة من ياسر وقالته: هو ممكن يا ياسر تكلم مجدي يديني اجازة بكره من التصوير؟
انت عارف مشهد النهارده تعبني اوي ومش قادره بصراحه اروح بكره.
ياسر بتفهم رد: حاضر هكلمه، واخليه يصور مشاهد حد تاني، بس انتي خلاص كلها يوم او اتنين بالكتير وتخلصي تصوير، معلش انتي تعبتي وهانت.
مرزوقة بتعب حل عليها قالت: هو انا تعبت بس، ده انا هلكت وطلع عيني.
ياسر بلطف ورقة: كله هيهون لما تحصدي نجاحك وتشوفيه في عيون كل اللي هيشوف الفيلم.
مرزوقة بتمني: يارب يا ياسر يارب.
قام ياسر عشان يتصل بمجدي بناء على طلبها، اول مره مردش، حاول مره تانية كنسل عليه، برر له وقال يمكن مشغول.
في الوقت ده كان مجدي غرقان في العسل مع شيراز، وكنسل مع ياسر، وقفل فونه عشان مش عايز حاجه تعطله وتخرجة من نعيم الدنيا اللي بيسرقة كل ما وقت شيراز يسمح.
ياسر بعت رسالة عبر الواتس اب وبلغه ان مرزوقة عايزة راحه ومش هتقدر تيجي بكره، وقفل الفون وراح يقعد معاه وبلغها باللي حصل، فردت عليه: طب ما دام كده إيه رأيك نسهر النهارده كلنا مع بعض، ونشغل فيلم كده حلو ونقضي وقت جميل، قولت إيه يا ياسر ؟
ياسر حرك عينه بموافقه وقالها: اللي تشوفيه موافق عليه.
ردت بسعادة طفله: طب يالا بقى روح اشتري شوية مسليات كده لب وسوداني، وشيبسيهات، وشكولاتات كتيييير وتعالى عشان لوزوم السهرة.
ياسر قلدها وهو بيضحك على حركاتها وهي بتقول كتير، وقال: هو انتي هتعزمي المنطقة كلها يا مرزوقة؟!
مرزوقة ببراءة قالت: ابدا دول يادوب هيكفونا، كل واحد فيكوا ياخد واحده، والباقي ليا طبعا، بس انت بحبح ايديك واتوصى، على فكره انا بحب السوداني اوي.
ياسر بتريقة عليها قال: طب مش عايزة كاچو بالمره.
مرزوقة بتفكير قالت: هات ميضريش، بص يا ياسر كل اللي تقابله في طريقك هاته مفيش حاجة بتخسر ابدا، خلي السهرة تحلا.
شادية وهي بتضحك قالتله: امرك لله يا ياسو روح هاتلها اللي عايزاه.
ياسر قام بقلة حيله قال: عيوني يا ماما، ربنا على المفتري.
قال اخر كلمته وعيونه بصتلها وبعت ليها سهم محبه مغلف بكلمات هزار، ابتسمت ليه بسعاده، وقالت: متتأخرش عليا يا ياسر، اقصد علينا.
ياسر بحب رد : مسافة الطريق حاضر، اختاري انتي بس فيلم حلو عقبال ما ارجع.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
دخل الدكتور يطمن على حالة شروق، وكشف عليها بعد انتهاء المحاليل، كان عماد وامها متابعينه، وملاحظين انها لسه مفقتش، فسأله عماد بقلق وخوف: هي ليه مفقتش لحد دلوقتي يادكتور؟
الدكتور رد برسمية: كل المؤشرات مظبوطة، وهي فايقه بس دايخه شوية، محتاجة تتغذى، لان واضح انها مش بتاكل كويس.
ردت امها بحزن: بقالها اكتر من يومين مأكلتش يا دكتور.
الدكتور بابتسامه بيهون عليها: لما تخرج بقى يا امي اهتمي بأكلها كويس، وان شاء الله هتبقى كويسه، عن إذنك.
خرج الدكتور وامها قربت من شروق وقالتها: قومي ياقلب امك ومتحرقيش قلبي عليكي، يارب ما اشوف فيكي حاجة وحشة ابدا يا بنت بطني، خد من عمري واديها يارب.
شروق بتعب ردت: ربنا يديكي الصحة يا ماما، اطمني انا كويسه.
هللت الفرحه على وش امها، وردت الروح في عماد اللي قرب منها وقال بحب: حمدلله على سلامتك يا روحي.
بصتله شروق بحده وانهيار برغم تعبها قالت: إيه اللي جابك هنا، وعرفت ازاي؟ ليه قولتيله يا ماما؟ خليه يخرج بره من فضلك، كفاية اللي عمله فيا، ابعد عني يا عماد، انا عمري ما هسامحك تاني.
وقف عماد قدامها خذلان من نفسه، ومطاطي راسه مش قادر برفعها ويواجهها، حاول يهديها ويمتص وجعها منه، لكنه فشل، فردت امها وقالتله: معلش يا بني امشي دلوقتي وبعدين اتكلموا.
رد عماد وقال: طب خليني عشان اوصلكوا واطمن عليكوا يا خالتي؟
سعاد ردت بهدوء: متشلش همنا انا هتصرف، لما يكتب ليها الدكتور على خروج، هوقف تاكسي يوصلنا، وهبقى اتصل بيك اطمنك لما نروح.
عماد خرج يحاسب، وفضل مستني برة المستشفى منتظرهم يخرجوا في اي لحظة.
وبعد ما خرج حكت سعاد لشروق كل حاجة حصلت وعملها عماد، من خوفه ولهفته، ودموعه اللي غرقت هدومها وهي في حضنه، كانت بتسمعها وجواها مشاعر عكس بعض متداخلة مش قادره تحدد موقفها، لا هي قادره تسامحه وتغفرله، ولا قادره على بعده؟!
ياترى هتتخذ قرار وتحدد موقفها من عماد؟ ولا هيكون الفراق افضل حل بينهم؟
وهل مرزوقة هتقدر تحطم حصون ياسر المنيعه وتاخد منه اعتراف بحبها؟ ولا القدر هيكون له رأي تاني؟
للإجابة على تلگ الأسئلة تابعوني في روايتي الجديدة المتواضعة
العسقلة_الماكرة
بقلمـ إيمان كمال ✍️
إيمووو
•تابع الفصل التالي "رواية العسقلة الماكرة" اضغط على اسم الرواية