رواية العسقلة الماكرة الفصل الرابع والعشرون 24 - بقلم ايمان كمال
الفصل الرابع والعشرون
فاقت شيراز من نومها على رنة تليفونه، واول ما فتحت عيونها وشافت نفسها متجرده من ملابسها، صرخت صرخه عالية قام مجدي مفزوع من صوتها، وبص على نفسه ومثل بأتقان انه مصدوم من شكله وقال وهو بيحاول انه يفتكر: إيه ده؟ إيه اللي حصل بينا امبارح؟ انا مش فاكر حاجة خالص، اخر حاجة فاكرها لما كنا بنشرب كاسين وانتي بترقصي وملعلعه.
مسك راسه بيدعي الصداع، وشيراز بتبكي على حالها وبتغطي نفسها كويس بالمفرش تداري جسمها، ردت عليه بين شهقاتها: اخس عليك يا مجدي؛ ده وعدك ليا اللي وعدتهولي، تشربني لحد ما اسكر وافقد الوعي وتستغل ده وتعمل فيا كده ؟!
زعق مجدي بعنف وقال : انتي اتجننتي في عقلك ولا إيه ؟ هو انا محتاج اني اشربك واستغل عدم وعيك، انتي مراتي على فكره، يعني حتى لو حصل بينا حاجة فده شيء طبيعي، لكن انا بقولك اني مكنتش في وعي من تأثير الخمره، وفرق إيه دلوقتي من بكره ولا بعده يا شيراز، والنتيجة هتكون هي هي، والنهارده كل حاجة هتتظبط والمخرج هيتصل بيكي عشان تكملوا باقي مشاهدك في الفيلم.
شيراز باعتراض وحزن ردت: ايوة بس ميكنش بالشكل ده وانا مش دريانه بحاجة.
مجدي بخبث ومكر قرب منها وطبع قبله على خدها، فلانت عضلات وشها، فزاد من قبلاته في كل انحاء وشها وجسمها، وهمس في ودنها وقال: بس كده، خلينا نبدأ من اول وجديد يا عروسه، ونقول كلاكيت تاني مره.
مسمحش ليها تعترض واخدها في عناق شديد، وغاص معها في متعه مش جديده عليه، لكن جديده عليها هي واول مره تجرب احساسها ومشاعرها، كان مجدي مخضرم ومخرج شاطر، اخرج مشهده واقنعها بحبكته، ونساها اللي حصل وعرف يدخلها تغوص معاه في بحر العسل وهو بيطبع صك ملكيته على كل جزء على جسمها، وعاشت شيراز معاه وبادلته كل اللي بيتمناه واكثر.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
برغم سعادة شروق في حنتها وكتب كتابها، لكنها كانت لسه حاسه ان الفرحة دي ناقصها وجود أعز صديقة ليها، شيراز اللي في لحظة باعت كل حاجة واتخلت عن مشاركتها اسعد ليلة في حياتها، قامت من نومها اخدت شور وجهزت، واخدت شنطة فستان الفرح وكل احتياجاتها وراحت عند الكوافير اللي بتتعامل معاه دايما هي وشيراز، برغم ان عماد كان منتظرها و وصلها لحد هناك، بس اول ما دخلت وقعدت عشان تبدأ ومع السؤال عن عدم وجود شيراز معاها، حست بنغزه في قلبها وعيونها دمعت، حاولت تداريهم وردت على صاحبه المحل مبرره انها مشغوله في تصوير فيلمها في مشاهد خارج القاهرة، ومش موجوده هنا، استغربت انها لحد اللحظة دي لسه بتبرر عدم وجودها وبتحسن شكلها قدام الناس، حاولت تعيش أجواء الفرح وتندمج من البنات الشغاله في المحل وتغني معاهم اغاني الفرح، وتنسى اي حاجة ممكن تعكر صفو فرحتها.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
قعد ياسر ومرزوقة بعد تعب على الكنبه بين ترتيب وتغيير رص اماكن العفش، اخد نفسه وقال: لا انا خلاص جبت اخري، دي الكتابه ارحم مليون مره من الهده دي، مكنتش اعرف ان الستات بتتعب اوي بالشكل ده.
ردت شادية بحب وعيونها على مرزوقة وقالت: عقبال ما تعمل في بيتك مع عروستك يا حبيبي، وافرشلك بأيدي اوضة نومك يارب.
ملامح وشه اتصبغت للحزن، خصوصا لما بص لمرزوقة ولقى اللمعه والتمني جواهم، فقال وهو بيهرب قبل ما يدخل البلكونه يشرب سيجارة: انسي يا ماما، انا اوضتي عجباني اوي، وعمري ما هفكر اجيب غيرها ولا واحده تشاركني فيها.
ردت شادية بحزن : ليه بس يا بني كده؟ نفسي افرح بيك واشيل عيالك واربيهم زي ما ربيتك.
ابتسم ياسر غصب عنه وقال: كده احسن، ومش هغير مبدأي لأي سبب ان كان.
كانت شادية لسه هترد، لكنه شاور لها بعينه ان الموضوع منتهي، وسابها ودخل البلكونه يهرب من عيون مرزوقة اللي محوطاه ومرقباه زي الرادار مكان ما يكون، ومش قادر ولا عارف يتخلص منهم، دايما بتطارده في كل لحظة وفي كل مكان، حتى وهو نايم ومغمض عيونه بيشوفها وبيحلم بيها، وده اكتر حاجة معذباه.
قعدت شادية جنب مرزوقة وطبطبت عليها بحب وقالت: متزعليش يا جوجو، ياسر مش من السهل هيعترف ويغير مبدأه اللي عايش عليه سنين كتير، بس انا واثقة ان هيجي اليوم اللي عقله وقلبه هيعلنوا عليه العصيان.
ردت مرزوقة بصوت حزين يائس وهي بتبص عليه وهو شارد حزين: تفتكري يا شوشو اليوم ده ممكن يجي؟
شادية بحنان: قلبي بيقولي انه هيجي، بس انتي اصبري عليه، انتي عملتي معجزه، وخليتي الحجر اللي في قلبه يلين، وده يعتبر إنجاز، مفيش بنت قبلك عملته، انتي اول حب يدق بيه قلبه، ومش من السهل على واحد في شخصية ياسر انه يعترف كده ويسلم ببساطة.
انتهدت مرزوقة وقالت: آآه يا ربي يعني المره اللي احب فيها موقعش غير في واحد عنيد ومكابر ومعقد بالشكل ده، صبرني يارب.
شادية مبتسمه وسعيدة ان اخيرا لقت الانسانه اللي قلب ابنها دق بحبها وعرفت تحرك مشاعره، دعت ليهم بالسعادة وان ربنا يجمعهم مع بعض، فاقت على صوت ياسر بيسألها: ماما في حاجة تانية ناقصة هنعملها ولا كده براءه؟
لسه هترد عليه شادية، لكن صوت مرزوقة كان أسرع وقالت: طبعا فيه، همتك يا اسطا معانا في كام برواز كده محتاجين يتعلقوا.
ياسر بتعجب قال: اسطا، دي اخرتها من مؤلف وكاتب مشهور، بقيت اسطا على اخر الزمن، ماشي يا مرزوقة هانم، فين البراويز دي اللي محتاجة تتعلق، وهتتعلق فين؟
قامت مرزوقة من مكانها ومسكت كرتونه فيها كذا برواز ثلاثي الأبعاد، وكام برواز كبير، ومدت اديها خرجتهم قدامه وقالت: اتفضل اهم، يالا بينا اشاورلك على اماكنهم اللي هنعلقها فين؟
ياسر مسكهم وبدأ يشاركها من جديد في تعليقهم، وكل شوية تعذبه وتقوله: يمين، لا فوق شوية، تحت حبه، لا بص هاته سنه كده يمين.
ياسر بقلة صبر قال: بقولك ايه انا خلقي في مناخيري، ما كنت يابنت الناس عامله كده وانتي قولتي نزله تحت.
مرزوقة ابتسمت ومسكت ضحكتها بالعافيه، واخدت البرواز الآية القرآنية منه، وقربت من الحيطه وحددت المكان اللي عايزاه وقالت له: علم هنا بالظبط، و متغيرش المكان.
قرب ياسر اوي منها، ومسك البرواز فوق اديها، والمسافه كانت بينهم تكاد معدومه ودخلت في منطقة الخطر، حبست انفاسها، وغمضت عنيها، وتاهت بمجرد ما انفاسه الحاره حست بصداها، وعطره ملى صدرها، سحبت اديها بشويش من تحت ايده، وقالت بصوت خرجته بالعافيه: حلو اوي كده.
ياسر معرفش ليه حس بسعادة من تأثيرة عليها، برغم انه معندوش طولة بال للحاجات دي، وانه يعلق او يعمل اي حاجة في البيت بأيده؛ لكن كان سعيد اوي بقربها ومشاركتها في اي شيء بتعمله، خلص تعليق البرواز الكبير، وجه الدور على البروايز الثلاثية الأبعاد ولسه هيمسك الشنيور، اخدته منه مرزوقة وقالت: لأ ده هيتلزق بلزق دابل فيس قوي مش هنخرم في الحيطه، بص انا هرصهم جنب بعض كروكي وانت بعد كده فك اللزق وعلق يا معلم، اتفقنا.
ياسر و هو حاطط ايده على دقنه مركز معاها، ومستمتع بذوقها، وفي نفس اللحظة مستغرب ازاي وامتى اتعلمت كل الحاجات دي؟ فاق على صوتها وهي بتسأل شادية: مكانهم كده حلو يا شوشو ولا تحبي نغيره؟
ركزت شادية معها وردت: جميل جدا يا حبيبتي، فك اللزق بقى وحطيهم.
ساعدها ياسر وبدأ هو اللي يفك ويلزق على الحيطة وهي بتناوله، وبعد ما خلصوا، رجعت لورا بعيد عشان تشوف المنظر عن بعد وقالت بسعادة: الله إيه الجمال ده، تسلم ايدي والنبي انا فنانه.
حدفها ياسر بمخده صغيره بخفه على وشها وقال: ياسلام انتي اللي فنانه وانا ايه بقى ان شاء الله، كيس جوافه ولا المساعد بتاعك، هو مين اللي علق مش انا؟
مرزوقة معترضه: ومين اللي قالك على المكان وظبط زاوية البراويز، مش انا؟
لسه هيدخلوا في شباك مع بعض، صرخت شادية وقالت: باااس انتوا الاثنين فنانين، ارحموني انا تعبانه ومش حمل النقار ده كل شوية.
قعدت مرزوقة جنبها وقالت وهي بطلع طرف لسانها لياسر بتغيظة وقالت: عشان خاطرك انتي بس يا شوشو مش هناكف معاه، بس هي الفيلا الطويلة دي كلها مفيهاش أكل، انا جوعت، ولما بجوع..
رد ياسر بسرعة: مش بتعرفي مين قدامك، حفظنا، شوفي تحبيوا تاكلوا إيه نطلبه من بره.
فكرت مرزوقة ولسه هتقترح، لكن لقت سليم داخل عليهم ومعاه شنط كتير فيها وجبه سمك، اول ما قرب من شادية سلم عليها وباس جبنها بحب وقال: آسف إني اتأخرت، بس كان عندي شغل كتير، وقولت اكيد مش هتلحقوا تجهزوا أكل، فجبت معايا اكلة سمك، يارب تعجبكم.
شادية مسكت ايده وقالت بشكر: تسلم مجايبك، لسه فاكر اني بحب السمك؟
سليم بنفس نظره العشق اللي بيغرقها بيهم قال: عمري ما نسيت حاجة بتحبيها ابدا.
قال كلامه بهمس، وعيون ياسر بتطلع شرار، لاحظت مرزوقة وقالتله: اهدى على نفسك هتحرقني جنبك.
ياسر بغيظ رد: مش شايفه همسه ونحنحته ازاي؟
مرزوقة ركزت النظر في عيونه وقالت بصوت حزين وبهمس عشان محدش يسمعها: انت شايفها نحنحه، لكن هي في الحقيقة حب، ومش حب وبس لأ ده عشق، ولو كنت جربت احساسه في يوم؛ فهتكون اكتر منه بكتير.
سكتت ثواني وكملت: هقوم اجهز مع هنية الأكل.
سابته وكلامها بيتردد في ودانه زي الشريط اللي سف وكل شوية يتكرر نفس الكلام، وسأل نفسه نفس سؤالها، هو ممكن يوصل معاها لدرجة الحب والعشق دي؟
سرح في اجابة، بص على شادية وسليم، ولاحظ اد إيه سعادتهم، والكلام اللي بينهم مش بيخلص، كانوا زي العصفورين بيتكلموا ويغنوا نفس اللحن، انسحب وراح ورا عصفورته الطايرة يحوم حواليها ويقرب منها لعله في يوم القدر يقربه منها.
فرشت مرزوقة مفرش على السفره وابتدت تحط اطباق السمك عليها، ساعدها ياسر، واستغل غياب هنية بتجيب المية من المطبخ، واخد قطعه جمبري وقرب منها جدا، حطها في فمه، وقطم نصها، والنص التاني مازال متعلق على باب شفايفه، بدون وعي قربها من شفايفها وحطها في بقها، انصدمت مرزوقة من تصرفه، ومحستش غير انها اخدتها منه وهي زي ما تكون مسحوره بتصرفه، ولمسه شفايفه لشفايفها كانت دي اول مره يأكلها في بقها ويقاسمها نفس القطعه، اتمنت من قلبها انه يقاسمها قلبها وحياتها كلها مش لقمه بس.
فاقت من مفعول السحر، وعيونهم اتقابلوا في مواجهه صريحه، كل واحد عنده كلام كتير نفسه يقوله، لكن الالسنه متلجمه، ولسه ما آن الأوان لتحرر الكلمات، انتحنحت ونزلت عيونها تهرب بعيد منه، وشغلت نفسها بترتيب الأطباق، وصوت دقات قلبها الثايره بتصرخ بحبه واصله لحد عنده بتشارك دقات قلبه في عناق ورقصة على موسيقى انشودة حبها.
استغرب ياسر حالته جدا، واتعجب ازاي عمل كده؟ من امتى وهو معاها مش قادر يسيطر على نفسه، ازاي يتصرف زي المراهق بالشكل ده؟ وحاسس دايما ان قلبه في خطر من قربها، كل دقاته في حرب، وعقله في تشتت، مشاعره متلخبطه، ومع كل ده سعيد، ولاول مره قلبه يعرف معنى السعادة في قربها.
انتهت من رص الأكل ونادت مرزوقة عليهم عشان ياكلوا، شادية وسليم كانوا في عالمهم الخاص بيهم، سليم متولي امرها وبيفصص ليها السمك وبيأكلها في بقها، ومش مديها فرصة تأكل بنفسها، وعيون تانيه عاشقة وبتعاند نفسها تايهه وغرقانه وبتقاوح وبتعوم ضد التيار، ومش عارفه إيه النهاية ومصيرها هيكون إيه ؟!
لاحظت مرزوقة ان ياسر مش عارف يفصص السمك كويس، فبدون أي كلام، مسكت سمكه وابدت هي تفصصها من اي شوكة وتحطها له في طبقه، وعيونه مش مصدقة تصرفها واحتواءها له في كل موقف، بادلته ابتسامه مشرقه وشاركته في أكله، وكل مناها تشاركه في حياته كلها..
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
ودعت شيراز مجدي، وروحت بيتها بعد رفضها البيات معاه، و وعدته انهم هيظبطوا مواعيد لنومها معاه بعدين، غيرت هدومها ومددت على سريرها، حست ان مفاصل جسمها كلها سايبه، ولسه هتغوص في النوم انتبهت على صوت التليفون برقم مخرج الفيلم اللي كانت بتصوره، اعتدلت من نومتها وردت بلهفة: ايوة يا استاذ زياد، في جديد؟
زياد بحماس: ازيك يا فنانة، طبعا في جديد امال انا بتصل بيكي ليه، بكره تجهزي عشان تكملي تصوير باقي مشاهدك، هبعتلك اللوكيشن الخارجي، تكوني جاهزة من بدري بكره.
شيراز بسعادة قالت: هكون جاهزة في المعاد بالثانية يا أستاذ زياد.
قفلت معاه وفضلت تتنطط فوق المرتبه بفرحه طفلة، وفرحتها اكتر انها اتاكدت من صدق و وعد مجدي ليها، اتصلت بيه عشان تشكره لكنه مردتش عليها، قفلت وقامت تجهز نفسها وتراجع باقي المشاهد وتعيش في احداث الشخصية من تاني.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
خلصوا أكل ومرزوقه كانت بتلم الأطباق، وعيون ياسر المره دي هي اللي مرقباها وبتشيل معاها الاطباق في حدث تاريخي من يومه، لدرجة لفت انتباه شادية، وكانت مبتسمه والفرحة باينة من تصرف ابنها، فسألها سليم بفضول: مالك ياحبيبتي مبتسمه اوي ليه كده؟
شادية بتوهان وعينها لسه مركزه على ياسر قالت: انت مش ملاحظ تصرفات ياسر؟
سليم بعدم فهم: تصرفات إيه مش واخد بالي؟
شادية حطت اديها على دقنه عشان يبص ليهم وقالت: شوفت شكلهم حلوين ازاي، انت عارف ان ياسر عمره ما شال معلقه بس بعد الأكل، مش يشيل ويدخل اطباق المطبخ، دي رجله مش بتعتب المطبخ إلا نادر.
سليم سألها : طب ما دام في بينهم حاجة حلوه كده مش بيرتبطوا ليه؟ ليه بيضيعوا عمرهم في البعد.
شادية ارتسم الحزن على وشها، واتغيرت نبره صوتها من بعد فرحه وسعادة لحزن، وبدأت تشرح لسليم سبب رفضه وعناده، اتعجب جدا من طريقة تفكير ياسر، وعدم ايمانه القوي، وان الأعمار بأيد ربنا وملناش دخل فيه، هزت شادية راسها بموافقه لكلامه وقالت: غلبت افهمه يا سليم واشرحله، دماغه متربسه ومش عايز يعترف بحبه ل...
قطع كلامها قرب مرزوقة جايبه الشاي بنفسها و وراها ياسر شايل اطباق الحلوى اللي جابها سليم، حطت مرزوقة الشاي وقالت موجهه كلامها لسليم: شكرا يا دكتور على الاكله الجامده دي، بس كنا اكلناها في الفيلا هناك بدل ما نزفر كده هنا.
رد سليم ووشه منور بالفرحه وعيونه على حببته وقال: هنا وهناك واحد، بس كنت حابب اننا نتشارك مع بعض في احب اكله بتحبها شوشو.
ردت شادية بحب: ربنا يباركلي فيك وميحرمنيش منك يا سليم.
قدمت مرزوقة فناجين الشاي ليهم واطباق الحلويات لكل واحد، وقعدت جنب ياسر على الكنبه ساكته مكتفيه بس تسرق كل لحظة نظره خاطفه تصبر بيها نفسها.
اخدوا قعدتهم وبعدين استأذن سليم عشان يروح شغله، واتحركوا كلهم واقفلوا الشقة بعد ما هنية وضبطت المطبخ وراحوا على الفيلا، واول ما دخل ياسر راح على اوضة مكتبه وطلب من هنية تعمله قهوة عشان يعرف يركز ويشتغل، وشادية طلعت تستريح في اوضتها، لكن مرزوقة سبقت هنية وهي اللي عملت القهوة وجهزتها عشانه، وبعد دقايق قدمتها وحطتها قدامه، كان مركز في الكتابه، لكن اول ما دخلت الاوضة شتت افكاره لما شم ريحه عطرها المميز، عرف انها هي من غير ما يرفع عينه عليها، قلبه دله فرد وقالها: تسلم ايديك يا مرزوقة، ليه تعبتي نفسك ومطلعتيش ترتاحي بعد اليوم الطويل ده؟
اتحركت مرزوقة وقعدت على الكرسي قصاده و قالت بهدوء شديد: راحتي الحقيقية لما بشوف اللي بحبهم فرحانين، ساعتها مش بفكر في اي تعب حاسه بيه؛ لانه بيروح على طول.
ياسر بيبص لها ونفسه يقول كلام كتير، لكن هو متعود دايما يشرح ويقول اللي حاسه على الورق، ميعرفش يعبر شفوي ابدا، كانت نفسها تسمع اي كلمه منه، اي حرف فيه امل تتعلق بيه، لكن الصمت هو اللي كان مسيطر عليهم، بلعت ريقها من يأسها انه يتكلم، ورطبته وسألتة : بكره ان شاء معادنا بدري ولا متأخر؟
ياسر تايه في عسليتها رد: اتصلت بمجدي وقال على الساعة ١٠ الصبح نكون هناك.
مرزوقة بتمثل البكا قالت: يعني بدري ومش هلحق ارتاح.
ياسر بيطبطب على ايديها وقال بحب واضح لكن مش قادر ينطق بيه: معلش هانت يا مرزوقة، المشاهد المتبقية مش كتير ممكن تخلصيها بكره او بعده بالكتير، والمخرج يكمل باقي المشاهد وينجز وتشوفي مجهودك على الشاشة، وتحصدي كل تعبك.
اتنهدت مرزوقة وسابت خيالها يسرح لحظة سماع تصفيق الجمهور ليها، واصوات التصفير صوتها يهز كل القاعة، ابتسم ياسر لمعالم وشها وحس بنفس احساسها وقالها: هتنجحي صدقينى يا مرزوقة، وكل اللي بتحلمي بيه بإذن الله هيتحقق، انا واثق فيكي وفي موهبتك.
مرزرقة بخوف قالت: بجد يا ياسر يعني اداءي كان كويس في المشاهد اللي صورتها؟
ياسر نفخ بضيق ورد بعصبيه: انتي لسه بتسألي بعد ما خلاص بنشطب في الفيلم، يا بنتي لو اداءك كان وحش كنت انا اللي غيرتك قبل ما مجدي ينطق بيها، ثقي في موهبتك، واوعي تخلي اي حاجة تهزك وتكسر ثقتك دي.
مرزوقة هزت راسها، وقامت فسألها بلهفه: قومتي ليه، رايحه فين؟
مرزوقة بتبرير: هطلع فوق عشان اسيبك تركز في اللي بتكبته.
ياسر لمس كفها عشان تقعد وقال بنبره ترجي : لا خليكي قاعده مش هتعطليني ولا حاجة، بالعكس لو قومتي الإلهام هيروح.
مرزوقة باستسلام قعدت وقالت: طب هقعد شوية وهي فرصة هات السيناريو اذاكر مشاهد بكره.
فتح درج مكتبه وناولها السيناريو، وهي ابتدت تقرأ، لكن عقلها وكل مشاعرها معاه هو ومش قادره لا تركز ولا حتى تشوف الحروف، نفخت بضيق من نفسها لانها مش عارفه تركز فسألها بفضول: مالك في إيه ؟
مرزوقة معرفتش ترد تقول إيه؛ مقدرتش تنطق بالحقيقه انه السبب، فكرت للحظه وقالت: مش مركزه اظاهر اني جعانه، هقوم اعملي سندوتش كده على الماشي وكوباية شاي بلبن، اعملك معايا؟
ياسر كان عنده احساس انها بتهرب وبس، عيونها فضحاها من غير ما تتكلم، ابتسم وشكرها، وهي اختفت في ثانية، لما بعدت عنه سأل نفسه ما دام مش ناوي يقرب ليه متمادى في قربها؟ ليه مش قادر يبعد بعيد عن منطقة الخطر؟! هو مش حمل انه يجرب ورجله تدخل في بحورها ويغرق في حبها !!
فجأه لقى قلبه بيرد عليه ويسأله "هو انت لسه مغرقتش في بحور عشقها"
قلبه دق بعنف شديد كأنه عايز ينبه انه خلاص دخل ورجله غاصت بدون ما يشعر، في اللحظة دي وباعتراف قلبه له، ساب قلمه وقام منفوض زي اللي اتصعق بماس كهربائي وهرب لاوضة نومه عشان ميتقابلش معاها وهو في حالته دي، ويضطر يقول ويعترف باللي مخبيه قلبه واللي عقله رافضه.
خلصت مرزوقة عمل الشاي، ورجعت عشان تشوفه، لقت المكتب فاضي، قعدت حزينة على حبيب عنيد، مكابر خايف من الحب ومش عايز يعترف بيه، وقعت عيونها وشد انتباها اخر ما كتبه قلمه، مسكت الورقة وقرأت..
مشاعــــــر
بداخلي مشاعر كثيرة متضاربه، مثل أمواج البحر المتلاحقه، لا أعلم إلى أين ستصل بي وترسى بمرساتي.
اهي حب، ام تعود عليكِ، لا أعلم،
حاولت ان اترجمها واضع لها عنوان فشلت في ايجاد وَصف يليق بكِ، وجدت نفسي ابحر معگ في بحورگ العميقه، واجد روحي ساكنة داخل ثنايا فؤادگ، فـ ايقنت إني أحب وجودك بجانبي؛ أعشق سماع صوتك، حروفك حين تنطق حروف اسمي، أحببت طيبة قلبك وروحك؛ فهل هذا يسمى حبًا ؟!
اريد الصراخ عاليًا كلما اقتربتي من حمم بركاني المشتعله، اقولها بكل صدق؛ اقتربي مني اكثر، ولا تهابي توهج نيراني، فتلك النيران ما هي إلا عشق يا محبوبتي..
فـ أنا لا يعنيني التسميه، كل الذي يهمني إنك بداخلي آراكِ في كل أوقاتي، ولا أريد الإبتعاد عنك يا أحلى أقدراي.
مرزوقة كانت بتقرأ ومش قادره تستوعب ان في احتمال لو واحد في الميه ان الكلام ده ممكن يكون ليها هي !! قراته اكتر من مره، وفي كل مره بتحاول تقنع نفسها وتعيش في الوهم وتصدق انه ليها هي وبس، وميكنش من خلال القصة اللي بيكتبها، رجعتها مكانها وقالت لنفسها: امتى هترسي لبر الأمان وتعترف بحبي يا ياسر؟ امتى هتحدد موقفك، وتحدد مشاعرك ناحيتي؟ ياترى هتفضل لحد امتى تعاند وتعذب فيا؟
قامت تروح اوضتها عشان تنام، ودعت ربها يصلح ليها الصالح.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
قضى عماد وشروق اجمل لحظات هتخلد في ذاكرتهم، اكتفت شروق انهم يسهروا ويتعشوا في مكان هادي، في اضيق الحدود، سعادة عماد مكنتش سيعاه انه خلاص حلم حياته اتحقق واتجوز بنت خالته حب عمره، وانها وافقت على اقتراحه لحد شقتهم ما تخلص، الأوقات الحلوة عدت بسرعة، وقاموا عشان يروحوا شقة والدته، اخدوا العربيه اللي مجهزها عماد يتزفوا فيها، وهو صمم انه يسوقها وهي جنبه، وامه وخالته في الكنبه اللي ورا، وصلوا البيت وصوت الزغاريد ملت الشارع، واول ما وصلوا لباب الشقه امه اخدت منه المفتاح وهي اللي فتحت باب الشقة، واتصدموا من التصرف اللي عملته؛ سندت ظهرها على حلق الباب، ورفعت رجليها على الحلق المقابل عشان تمنع اي حد يدخل غير لما يعدي من تحت رجليها الأول، اعتقاد منها ان العروسة هتكون تحت رجليها وطوعها طول العمر.
اتصدمت شروق من رد فعل خالتها، وبصت لعماد في ذهول، اللي ملقتش رد منه، وبصت لأمها عشان تنجدها، لكن اللي حصل خلاها فاقت على كابوس...
ياترى رد فعل امها هيكون إيه ؟
وعماد هيقدر يقف لامه ولا هيخضع ليها؟
وهل ياسر هيعترف بحبه ولا هيفضل يستمر في عناده؟
اسأله كتير، للإجابة عليها تابعوني في احداث مليئة بالاثارة والتشويق من روايتي الجديدة المتواضعة
العسقلة_الماكرة
بقلمـ إيمان كمال ✍️
إيمووو
#ملحوظة موقف انهار حصل بالفعل حقيقي مع حد اعرفه، بس للاسف كان اهلها مشيوا واضطرت تعدي الليلة وعدت من تحت رجليها، بس شروق هيكون ليها موقف تاني خالص هنعرفه بكره
•تابع الفصل التالي "رواية العسقلة الماكرة" اضغط على اسم الرواية