Ads by Google X

رواية سيطرة ناعمة الفصل الثالث والعشرون 23 - بقلم سوما العربي

الصفحة الرئيسية
الحجم

  رواية سيطرة ناعمة الفصل الثالث والعشرون 23 - بقلم سوما العربي 

حديثه كان صادم بالنسبة لها....طفل جديد؟! غيرها؟! هي بالأساس لازالت ترى نفسها طفله ألقاها الزمان في نيران قسوته.


فمن ذا الذي يمتلك و لو ربع عقل داخل جمجمته و سيوافق على هكذا حديث؟! 


رفرفت بأهدابها وعقلها يدور ويدور ويدور وهنا كان السؤال المهم حيث سألته بنبرة متألمة ساخرة تجيب:

-ولو رفضت يا ماهر؟!! ايه؟! هتفضل متجوزني في السر؟! يعني اعلان جوازك بيا مرتبط بأني أجيب لك طفل؟! طب ولو طلع عندي مشكلة مثلا؟! لو انا مش عايزة دلوقتي؟! ايه؟! خلاص كده؟؟!! مش هتعلن جوازك مني؟!


صك شفتيه بغضب...لونا شخصية قويه ولسانها معها، هي فقط مردومه بالتراب...تلك الشخصية لو شمّت نفسها وأُزيح عنها الردم وتحررت ستصبح قويه بدرجه مخيفه..ماهي أساساً وهي بعز ضغفها تجابهه أحياناً وتحاصره بالحديث ..فعلتها مراراً وتغلبت عليه وهو لم يتغلب عليها سوى بتخويفها وبالصوت العالي يعلم انها جبانة وتخاف .


وهاهي قد حاصرته من جديد وبقت تنتظر الرد منه ليقول بعصبيه :

-قوليلي أضمنك ازاي قوليلي...انا مابقتش عارف اعمل ايه عشان أرضيكي.


ضحكت بسخريه وألم ثم سألت:

-وانت عايز ترضيني يا ماهر؟!!

-هو انتي بجد مش واخده بالك؟! انا حارق نفسي عليكي؟! 


عادت برأسها للوراء سحبت نفس عميق ونظرت بجوارها على النافذه للسحاب ليقول بغضب:

-أنا عايز رد.

التفت تنظر له صامته لثانيه ثم تكلمت تواجهه:

-هو انت يا ماهر لما بتعامل جميله بتعاملها زي ما بتعاملني كده؟

-لأ طبعاً؟

-ليه؟!

-دي واحده غريبه عني. أكيد مش هتعامل معها براحتي زي ما بتعامل معاكي..انا مش بحس ناحيتها بالي بحسه ناحيتك..انتي بتاعتي ..تخصيني.

-بجد؟!! أمممم..ومامتك وجنا بردو غُرب عنك؟! 


حاصرته مجدداً فأغمض عيناه بغضب لتقول:

-سيبلي فرصه أفكر.

-تفكري في ايه؟

-في الي طلبته مني..أشوف هوافق ولا...

قاطعها يردد:

-ولا؟! هي فيها ولا؟! أنا بعت الكل وببيع عيلتي  وبايع فلوس بملايين عشانك وانتي تقولي هفكر أوافق ولا؟!


أمام عصبيته وصوته العالي عاد خوفها من جديد..تلجأ دوماً للإنسحاب التكتيكي في اي موقف لذا حاولت القول:

-مش انت عايز يبقى برضايا عشان تبقى ضامن وجودي؟! رجعت في كلامك؟!


سحب نفس عميق يغمض عيناه بغضب مجدداً وهي عمدت للنوم ربما مرت ساعات السفر على خير.


__________سوما العربي________


خرج من بيته بغضب ومن وقتها لم يعد كان يسير بسيارته في شوارع القاهرة يراها بحلتها الجديدة وقد تغيرت تماماً باتت مدينه عصريه كلها كباري وأبراج تناطح السحاب كعروس بأبهى حله لكن مازال النيل والحواري القديمه بها يفوح منها رائحة المرأة العتيقه بحنانها الفياض فتصبح القاهرة جامعه بين جمال الشباب ودفئ العراقة...مثل جميله.......فهي قد باتت أنثى فارعه بجسد ممشوق ومنحنيات كيرفيه جباره ومع ذلك ظلت بعينها نفس اللمعه البريئة تحملها على وجهها المبتسم دائما...جسدها مضبوط بالملي مهتمه به تسير على أحدث صيحات الموضة ورغم كل ماتفعله لازال هنالك جانب طفولي مضئ بها يراه وحده.


لم يستطع مهمها قاوم و وجد نفسه في نهاية المطاف يقف امام مقر شركات خاله.


صف سيارته وترجل منها ينظر على سيارتها العاليه البيضاء وابتسم؛ نوع سيارتها يعبر عن شخصيتها ومستوى النضج والقوه التى وصلتها...يبدو أن أشياء كثيرة قد تغيرت وهو مسافر لايدري.


دلف للداخل في الصرح الكبير ينظر حوله منبهراً، دوما كان أخواله ذو جاه عالي على عكس والده اللواء الذي رغم رتبته العسكرية الا انه لم يصل يوماً لدرجة ثرائهم بالتأكيد.


كاد أن يسأل عن مكتبها فهو سبب مجيئه بالأساس لكنه لم يحتج لذلك فقد وجد مجموعه من الرجال والفتيات يرتدون افخم الثياب ويبدو على هيئتهم الفخامه والوقار أصغر شخص فيهم قد يصبح في الثامنه والعشرين مثلاً وجميعهم يغادرون غرفة الاجتماع بحنق وغضب يسمع بعض منهم يتهامسون لبعض (هي فكرانا روبوتات؟ ايه مش عايزه اسمع مشاكل حل مشكلتك..ماتشوف تيمك يا أستاذ ريتمهم بطئ كدا ليه؟! وعماله داخله فينا شمال من اول الاجتماع في ايه؟)


رفع احدى حاجبيه متعجباً كل هذا فعلته جميله؟! جميلة الصغيرة؟!

هل طال به الزمن بالغربه لتلك الدرجة؟! 


دلف من الباب الموارب ليراها تجلس على الكرسي الذي يترأس طارلة الاجتماعات الكبيرة، ترتدي تنورة زرقاء ضيقه وقصيرة مع قميص حريري أبيض مفتوح أحد أزراره وشعرها المموج مرفوع بكحكة مهندمة رسميه لأعلى رأسها...تجمع باقي أوراقها تستعد للمغادرة.


بقى واقفاً يستمتع برؤيتها ومتابعتها ...وأدرك بيقين انه قد تأخر بالفعل بل تأخر كثيراً جداً...لدرجة ان جميلة الطفلة البريئة ذات الصوت المسموع بصعوبه قد حلّت جدائلها وعلى صوتها وباتت سيدة أعمال تقود بقوة شخضيتها رجال بأشنبة تقف عليها الصقور..


تنهد بتعب...كلما رأها راقت له أكثر وأكثر .


واخيراً لاحظت وجود شخص أخر يشاركها المكان من كثرة ماهي مشغولة لا تلتفت.


حدجته باستغراب تردد اسمه:

-رشيد؟!


أه منها أه...تنهد متعباً.. بكل دقيقه يتورط فيها اكثر دون أن يدري وهي لا تبالي بينما تناديه بأسمه هكذا بطريقتها الماسة لوتينه تضعفه وتؤثر عليه.


بينما جميلة أكملت سؤالها المستغرب:

-بتعمل ايه هنا؟!

-جيت أشوفك؟

-تشوفني؟!

قالتها بحديه وحاجب مرفوع لتلمع عيناه بخيث ويجيب وقد بدأ يبتعد عن الباب ويقترب منها بخطوات مثيره مدروسة:

-أممم...أشوفك فيها ايه دي؟! مش بنت خالي ولا ايه؟!

مررت عينها عليه...لم تكن ساذجه مطلقاً لذا ردت بهدوء:

-لأ طبعاً ده انت حتى نورت الشركة.


كان قد اقترب منها وضع يد على الطاولة يقول:

-بجد؟!

-اه بجد.


مال يضع يده الثانيه على يد المقعد الذي تجلس عليه فبات قريباً منها جداً ومحاصراً إياها ثم سأل بصوت مثير:

-طب عيني في عينك كده؟!


استفزّها....استفزّها لأقصى درجه..تراه يلعب بها ومعها وهذا مالن تسمح به، لذا نفضت يده بحده من على الطاولة ففاجئته بقوتها وحدتها ثم وقفت تهفت فيه:

-يعني انت جاي المسافه دي كلها وقاطع القاهرة بالعرض لحد ما وصلت هنا عشان تقولي عيني في عينك؟


راقت له عصبيتها...يراها لذيذه وفي صالحه لذا سأل:

-وفيها ايه؟!

-فيها انك جاي تلعب وتهزر يا رشيد والصراحه انا مش فاضيه لك.


التفت له بأناقتها الخاطفه للعقول تردد بجديه محببه:

-زي ما انت شايف عندنا اجتماعات والدنيا مدربكه عشان اللونشنج الجديد بكره .


ربع دراعيه حول صدره وقال مستمتعاً برؤيتها في تلك الحالة الجديدة عليه متسائلا:

-همم؟

لتكمل بصدق وجديه يشوبها بعض الإستهزاء:

-فأنا بقترح عليك لو عندك وقت فراغ كده انك تقضيه مع عيتلك أو في اللعب مع ابنك.


غامت عيناه وفهم عليها، هي ببساطة تعيده للواقع في حالة إن صمم هو الإنفصال عنه تخبره انها واقعية تفضل الواقع وتعيشه والواقع يقول انه قد رفض حبها زمان وعاد اليوم رجل متزوج ويعول وهي ماعادت تلك الطفلة الصغيرة.


فاقترب منها ينظر لعيناها ثم ناداها:

-جميلة..ممكن تهدي وتسمعيني.

جاوبت بنبرة عاديها حياديه:

-أنا الحمدلله هاديه جداً على فكره.


زم شفتيه من طريقتها المحبطة ولا يعلم لما قد يتفوه بحديث كهذا لكنه شعر بحاجته لأن يقوله لذا تحدث بصوت مبرر يحمل قدراً من الندم والإعتذار:

-جميلة أنا زمان لما جيتي لي وقولتي لي انك بتحبيني وانا قولت لك الكلام الي شيفاه انه يضايق ده كان عندي حق؟ أنا كنت شاب وانتي لسه بنت صغيرة عندها ١٦سنه يعني مين ممكن يبص لبنت في السن ده ويتخيلها حبيبه وزوجه؟ أنا كان عندي حق ولو كنت شوفتك ساعتها حاجة تانيه غير انك طفلة كنت ابقى واحد مش مظبوط..إلي قولته هو الطبيعي والمتوقع ورد فعلي كان طبيعي.


إستمعت له للنهاية ثم قالت:

-عارفه يا رشيد وفهمت ده اكتر لما كبرت وصدقني انا حقيقي مش بلومك...انت اتصرفت صح واحتويت الموقف وانا مقدرة جداً تصرفك ده وقتها وعدت الأيام وانا نسيت خلاص وشوفت حياتي.


قست عيناه..لم يروقه حديثها وطريقتها الجاده، تبدو وكأنها تتحدث بصدق وهذا مالا يريده..فهتف بضيق:

-نسيتيه خلاص ؟! أممم طب ولما هو كده مش بتقبلي الأد بتاعي ليه كل ما ببعتهولك؟ طالما انا مش فارق معاكي قوي كده؟!!

-مش بضيق رجاله عندي على الأكونت.


ردت عليه ببساطة متعمده التقليل منه مما أشعل غضبه وعيناه فسأل:

-بجد والله؟! يعني طارق ابن عمك مش عندك؟!

-مش عندي.


صك أسنانه امام عيناها بغضب تملكه وسأل:

-طب وماهر؟!

-لسه مش عندي ..بس كويس انك فكرتني النهاردة هبعتلك فولو.


ابتسمت وهي تكاد ترى الغيظ في عينيه فابتعد عنه خطوة ثم ولته ظهرها تستعد للمغادرة وهي تردد:

-نورت يا رشيد بس زي ما انت شايف مضطره اسيبك واكمل شغلي .


التفت له قبلما تغادر الغرفه وتقول:

-صحيح بعتلك إنڤيتشن على اللونشنج بتاع بكره هنطرح وحدات جديدة بسعر الطرح لو حابب تستثمر فلوسك انت والمدام فأنا أولى ولا ايه؟!


ثم غادرت وتركته ينظر عليها معجب ومبتسم فقد صارت جميله فتاه جميله وعقلها يساوي ثقله ذهب مخها تجاري وطريقتها في الحديث خطافة.


________سوما العربي_________


بمجرد وصولها للبلاد تدافعت الرسائل على رقمها القديم نظرت للهاتف واجتاحتها الشعور بالحزن فهل اخيراً تذكرتها سما؟


حزنها من سما كان عظيم دفعها لتجاهل رسائلها وحتى الإتصال الذي بادرت به


فالتف لها ماهر يسأل بحاجب مرفوع:

-مش بتردي ليه؟! مين بيتصل؟

-دي سما صاحتبي

-والله؟ ولما هو كده مش بتردي عليها ليه ولا عشان انا واقف؟


نظرت له بصمت وضيق ثم مدت له الهاتف تقول:

-تقدر تاخد تتأكد بنفسك طالما شكك فيا كبير للدرجة دي 


صك شفتيه بضيق ولم يأخذ منها الهاتف بل قادها حيث تنتظرهم السيارة التي ستقلم للمنزل


تقدم يفتح لها باب السيارة يراها تجلس بهدوء فالتف يجلس بجوارها ثم يأمر السائق بالانطلاق.


نظرت عليه نظرة مطولة، كانت صامته تماماً، بدت محتارة في أمره.

لف رأسه وتلاقت عيناهم فسألها:

-بتبصي لي كده ليه؟

-أنت غريب قوي يا ماهر؛ لما انت شاكك فيا قوي كده ليه متجوزني ليه مكمل مع شخصية انت شايف ان كلها عيوب وبتتعبك وبتعصبك.


أسبل جفناه يتنهد بتعب وقال:

-أسألي نفسك..مع اني جاوبتك قبل كده.


ثم أشاح بوجهه بعيداً عنها، فكرة ان حبه لها مقابل بالرفض والنقور باتت تؤلم قلبه وتجرحه بقوة وقد تعب كثيراً لذا أعطاها هو القرار النهائي.


وصولوا للبيت بعد مده طويله سادها الصمت...


بمجرد الدخول للبيت سمعت صوت الجد يردد:

-أهلاً أهلاً حمد الله على السلامة.


وقفت لونا عند الباب..لا تتقبله...تراه عدوها الأولى وانه هو وماهر وجهين لعملة واحدة الأولى تسلى بجدتها ثم جاء حفيدة ليتسلى بها.


قد باتت على علم بأن كارما الأجداد تجلت في حياتهم بوضوح هذا ماتوصلت اليه حينما تناقشت مع مستشارتها النفسيه لكنها أقسمت الأ تحيا نفس النهايه مهما كلفها الأمر.


-لونااا...جدو بينادي عليكي.


قالها ماهو منبهاً ثم تقدم لعنده يحتضنه ويقبله تنظر عليهما كأن أحدهم مرأه للأخر، ماهر هو محمد ومحمد هو ماهر لكنها لن تصبح هنيه ولن تنجب طفلة فتصير رحيل.


-مش هتسلمي عليا يا لونا؟!!

قالها الجد وبعيونه الندم يعلم تمام اليقين انه هو الجاني عليها وليس ماهر...ماهر لم يفعل سوى انه قرر قصته..ومع ذلك ولم يستطع منع عيناه من النظر على ماهر بإشفاق يعلم مايعيشه الأن متأكد من قوة سحر لونا عليه وتمكنها منه، كيف لا يعلم وهو المتذوق الأول لهذا السحر، يدري بما يعيشه ماهر من لذه ومتعه ما بعدها متعه مع لونا، متيقن من شدة تأثيرها عليه فلونا ماهي الا الصوره المكررة من هنيه التي لم يشعر بتمام شعوره بالرجوله الا معها وحدها وبخسارتها خسر كل متع الحياه وتدمرت نفسيته، على من سيكذب؟ 


هو مدرك تماماً لحجم الحياه الكارثية التي سيعيشها حفيده في حال إبتعاد لونا عنه، مدرك ربما أكثر من ماهر نفسه فالتوقع مختلف تماماً عن معايشة الشعور.


-تعالي يا لونا سلمي يا جدك.


طلب منها ماهر فتقدمت ليبتسم الوراقي وبسره يهتف(زي هنيه تمام،رغم كرهها ليا كان ليا كلمه عليها)


هي فعلت بالفعل بعد طلب ماهر يبدو انه مؤثر بعقلها الباطن، أخذت تتقدم حتى وقفت بين يدي الوراقي ومدت يدها للسلام الذي لم يكفيه فقد سحب يدها بقوة ذرعتها بين أحضانه رغماً عنها واخذ يحتضنها بقوه ويغمض عيناه متأوهاً يشم فيها رائحة ابنته المغدورة وزوجته التي لم يحب غيرها.


بينما ماهر يقف بجواره وقد إجتاحه شعور قوي بالضيق فحمحم بحرج ثم حاول الفصل بينهما فرفع يده يضعها على كف جده التي يحتضن به لونته مرردا بضيق:

-أحممم..ياا جدي..خلااااص.

رفع الوراقي رأسه وابعتد عن لونا وهو يرفع احدى حاجبيه فحمحم ماهو من جديد يبرر:

-أصلها جايه تعبانه من السفر

-غيران عليها مني يا واد؟

قالها الوراقي ساخراً فتخبطت ملامح ماهر ليكمل الجد:

-امك كانت بتسأل عليك روح طمنها انك رجعت وسيب لي لونا عايزها في موضوع 

-موضوع ايه؟!

-الله؟! وانت مالك...أما ان أمرك عجيب ..روح لامك يالا روح.


تحرك ماهر على مضض وصعد  لوالدته ليلتف الوراقي للونا يبتسم بإنشراح وهو يرى جمالها البديع ثم قال:

-سبحان مين خلقك.

نظرت له ببرود والصمت هو المقابل ليسألها:

-ماهر اتجوزك صح؟

-وكمان عارف! 

-دخل عليكي؟

-زي ما عملت في جدتي.


رشقته بسكين في صدره متعمده جعلته يغمض عيناه متألما تهاجمه ذكريات الماضي، ثم فتح عيناه بصعوبه وقال:

-بس بلاش انتي تعملي زي هنيه وتسبيه وتهربي.

-هربت بعارها...الي هو اصلا عارك وانت السبب فيه.

-خلاص يالونا ماتبقيش انتي والزمن عليا انا باخد جزاتي كل يوم بالحيا...وعلى فكره زي ما انا غلط هنيه كمان غلطت لما رفضت ترجع لي.

-لما رفضت تعترف بالحمل وانكرت عشان مراتك ..كنت عايزها تعمل ايه بعد ما ولدت وانت مفضل الفلوس عليها وعلى بنتك..أمي الي بسببك انت وعيالك فضلت تعاني من الربو طول حياتها.

-عارف ...عرفت لما كبرت وجت تعيش معايا.

-عرفت؟ عرفت ايه؟! انها اترمت وهي عيلة قدام الملجأ بعد ما امها ماتت وفضلت طول الليل في المطر لما كانت هتموت باعجوبه نجدوها.

-ماكنتش اعرف ولما عرفت اخدتها تعيش معايا.


هتف مدافعاً لتصرخ فيه بقهر:

-قصدك لما فوقت..لما شبعت فلوس دورت عليها بس هي كانت عاشت اليتم وابوها عايش وهي عارفه انه عايش وعارفه هي بنت مين ومع ذلك عمرها ما فكرت تجي لك...انت حتى لما اخدتها من الملجأ اخدتها غصب عنها وأول ماجالها فرصه تهرب هربت واتجوزت ابويا....وجه حفيدك يعيد القصه تاني وانت قاعد تطلب مني ابقى زي هنيه.


مالت على أذنه وهتفت بشماته:

-على فكرة ماكنتش بتكره قدك.

قالتها من هنا وتجمد وجه وجسد الوراقي من هنا يهتف فيها:

-ماتقوليش كددده

-هي دي الحقيقة 

-لاااااا

على صراخه فهرول ماهر يقتحم الغرفه ليصدم وهو يرى هيئة جده ليتقدم منها يسأل بلهفه:

-في ايه؟! ايه الي حصل ياجدي؟

نظر لها بغضب يسأل:

-قولتي له ايه؟!

المقابل منها كان البرود والتشفي مما صدم ماهر وزادت صدمته وهو يجد جده يحاول التحدث رغم تعبه:

-ماقالتش ...حاجه،مافيش حا..جة 

-تعالي معايا 

جذبها بحده ليناديه الجد:

-خدها لاوضتها ترتاح ماتخفش انا هاخد الدوا وهبقى كويس..خدتها لاوضتها يا ماهر وعينك عليها...عينك عليها يا ماهر اوعى تغفل عنها.


كان يتحدث بتقطع وتعب لكن فيه من التحذير مايكفي للفت انتباه ماهر.


فسحبها معه وخرج من الغرفه يصعد بها السلم متسائلاً:

-انتي قولتي له ايه؟

-أهو عندك روح أسأله.

-طريقتك مش عجباني ولازم تتغير.

-حاضر.

قالتها ببساطة أثارت الرعب داخله لكنه لم يبين او يعلق بل عمد للخروج من الغرفه مردداً:

-مش عايز مشاكل يا لونا خصوصاً النهارده،عندنا لونشج جديد وانا خاطف كام ساعه عشان اقدر اجيبك من المطار وارجع اتسحل في الشغل لو سمحتي لمي الدور.


لم تعقب كل ما تريده هو ان يبصق كلماته ويذهب من أمامها الأن وقد فهم ما بقلبها فغادر.


لكنه توقف متيبساً يسمعها تردد بصوت قوي ثابت أرعبه:

-على فكرة أنا فكرت وقررت.


إلتف إليها ببطء شديد خائف جداً ثم سألها بعيناه لتكمل:

-مش موافقه؟


ماذاااااااا؟


لم تكتفي لهنا وحسب بل اجهزت عليه بقوة:

-ومش عايزه حتى إعلان جواز ولا إعلان طلاق عايزاك تطلقني كده وخلاص..وكفايه الي اخدته مني.


الى هنا وتوقف الزماان


أخذ يقترب منها بخطوات بطيئة خاليه من الحياه..وجهه شاحب وعيونه ميته، يردد:

-سمعيني تاني كده قولتي ايه؟

-الي سمعته يا ماهر...أنا عايزه أتطلق وكفايه عليك الي اخدته مني.


احتدت عيناه واقترب منها يقبض على ذراعها يغرس أصابعه في لحمها هاتفاً:

-كفايه عليا الي اخدته منك؟!!

هزها بعنف صارخاً فيها:

-أنتي أصلاً كلك ع بعضك بتاعتي..أخد شويه أخد كتير اعمل فيكي ما بدالي.


همت لتحد عليه تعلمه انها ليست دمية بين يديه لكنه نفضها من يده وردّد بنبرة باردة مغيره عن ذي قبل بثواني:

-براحتك...مش عايزه أعلن جوازي منك براحتك...بس افتكري أني كنت مستعد اعمل كده وانتي الي من كل عقلك رفضتي.

هم لأن يتحرك مغادراً لكنها أوقفته:

-استنى هنا انت رايح فين؟ انت مش قولت لي براحتك..يالا كمل وطلقني.

اغمض عيناه يردد وهو يحاول تمالك أعصابه:

-بلاش تخليني اتغابى عليكي.

ضرب بأصبعه على مخها يردد بحده:

-فكرة الطلاق دي تشيليها من دماغك عشان لو السما انطبقت على الأرض مش هيحصل.

-انت مش قولت...

قاطعها بصياح:

-أنا قولت إعلان جواز ماجبتش سيرة طلاق نهائي...انا خيرتك تجيبي طفل واعلن جوازنا أو ماتجبيش مش اكتر من كده...احلامك الي في دماغك خليها أحلام.


أسبلت جفناها بتعب...حاولت التحدث معه بهدوء:

-بص يا ماهر...احنا مش مرتاحين مع بعض وانت مستقبلك هيبقى احلى مع جميلة بينكم خطط ومشاريع وملايين وحاجات كتير مشتركة، انا مش هنكر اني متضايقة منك بس والله مستعده أسامحك وهعتبر انك تطلعني سليمه من البيت وتحميني من عمي وانه مايتعرضليش تاني وانك قدرت تطلع بابايا من تحت ايده وبتعالجه في مستشفى كويسه وأنك سفرتني واجرت ليا بيت دول مهري ومؤخري كمان وكده انا مرضيه مش مشكلة بس ننهيها بهدوء ومش عايزه والله اكتر من كده.


كلامها كان يدك حصونه دكاً دنيته تنهار أمامه الان..هي ببساطة تريد سحب أنفاسه منه تظن نفسها مجرد فتاة تزوجها.


صدقت كل طنونه ومخاوفه..لونا فتاة لا يستهان بها هي فقط كانت بلا شخصية وعلى مايبدو أنها بدأت تكونها على كبر..وكل ذلك لا يتنافى مع كونها ذكيه ولسانها معها كل ماكانت تحتاجه هو الجرأة والخبره والتعرف على نفسها لتكوين شخصية وها قد بدأت تفعل وبدايتها كانت بمواجهته أو بالأحرى تحديه.


فردد بنره أخافتها:

-يعني انتي كنتي مسافرة عشان تستقوي بالسفر وتقدري تستقلي بعيشتك مش كده؟


-كله كان برضاك ولغرض معين في دماغك انا لسه ماعرفوش بس وفيها ايه يا ماهر.

تقدمت منه ومسكت يده بكفها تحدثه، أول ما لمسته إقشعر ورفع عيناه لها بلهفة متأثر بها لتقول:

-ليه عايز تاخذ مني كل حاجه؟ليه تكسرني؟ ماتنهيها بشياكة يا ماهر واعتبرني ذكرى.

-ماقدرش...أفهمي...أنا روحي فيكي.

مستها كلماته...لأول مره يخترق حديث ماهر جدار قلبها، تقسم انها شاهدت الصدق واللهفه في عيناه كما شاهدت غلالة من الدموع.


أسبل عيناه بتعب يكبح دموعه ثم فتحهم يردد:

-كنت مستني أن أضعف الأيمان ترفضي تجيبي طفل كنت هقرص ودنك شويه وبعدها هعلن جوازنا بردو ماقداميش حل غير كده لاني غصب عني ناوي اكمل عمري معاكي ومش عايز أكمله في السر، كنت هعلن الجواز وافسخ الخطوبه وطز في اي فلوس أو مصلحه بس كنتي قولي موافقه،شارياك يا ماهر بس بلاش خلفه دلوقتي..كنتي بلي ريقي بأي كلمه، لكن انتي...رفض رفض رفض.


هزت رأسها بجنون ماعادت تتحمل..كل السبل معه موصدة يرى نفسه غير مخطئ وكأنه لم يرتكب في حقها أخطاء فادحة ويعاملها بطريقه غير أدميه.


فصرخت فيه:

-ماتتكلمش كأنك مظلوم وانا ظالمه..أنت عارف انت عامل فيا ايه...طلقني وسيبني أشوف حياتي..سيبني لحد يحبني.


انتفض بعيونه اللهب قبض على ذراعها يهتف ويهزها:

-قولتي ايه؟ انطقي...قولتي ايه؟

صرخت متألمه:

-سيبني يا ماهر.

-اسيبك عشان تروحي لغيري 

-سيبني بقا حرام عليك سيبني سيبني...

صوت صراخها كان عالي أخرج كمال وچنا من غرفتيهما.


اتسعت عينا كل من كمال وچنا وهو يراها قد خرجت متسرعه من عرفتها بمنامتها المكشوفة، اتسعت عيناه بصدمه وشهقت چنا برعب لم تتوقع أن يخرج كمال .


دلفت للداخل سريعاً تغلق عليها الباب فيما وقف كمال يحاول إستيعاب ما رآه وهل رأه من چنا الصغيرة؟ هل كبرت چنا؟!!!


أخرجه من تساؤلاته صوت صراخ لونا المتصل ليسارع بالدق على الباب قم إضطر لاقتحام الغرفة بعدها ليحاول الفصل بين لونا و ماهر الذي هتف فيه:

-أنت ايه الي دخلك ازاي تدخل كده من غير ما أذن لك؟

-مش وقته يا ماهر...سيب ايد البنت

-هو ايه الي مش وقته..واحد ومراته انت مالك؟


نجحت في الإفلات من تحت يديه ولفت تحتمي في ظهر كمال منه..


إلى هنا وجنّ جنونه وصرخ بغضب أعلى:

-انتي يومك مش معدي النهارده؟! كله كوم وعملتك دي كوم تاني.

جذبه كمال يحاول الخروج به من الغرفه مردداً:

-تعالى معايا يا ماهر...تعالى.


أخرجه من الغرفه بصعوبه إلى أن وقف في نهاية الممر يسأله:

-في ايه يا ماهر..هو انت على طول معاها كده كله خناق وزعيق…انا لولا دخلت عليك كان زمانك بالعها.


هتف ماهر بحرقه ولوع:

-مش طيقاني يا كمال …البت مسففاني التراب.. حارق نفسي عليها وهي مش شيفاني…مش شيفاني يا كمااال.

-أنت السبب.

-نعم؟!

-أيوه…ده البطلة في فيلم ذا ليون كينج حبت قرد…قرد عشان اهتم بيها…وانت اصلا دخلتك معاها كانت زفت وتعاملك قطران…مستني ايه ؟! حد قالك انها مازوخيه مثلاً؟!


صمت ماهر وعلى مايبدو ان حديث كمال نجح في اختراق عقله فهدأ قليلاً ونظر له ليكمل كمال:

-عاملها برومانسية شويه يا ماهر…اهتم بيها واديها الأمان هي كده ولا كده مش هتعرف تفلت من تحت إيدك انت ابن عمي وانا عارفك.

لكن رد ماهر عليه كان على عكس المتوقع حين قال:

-لا مش هدلع ولا هدادي…أنا الي يبيعني أبيعه…انا اديتها فرصتها وهي الي اختارت خلاص اشوف مصلحتي بقا.

-يعني ايه؟! مش هتعلن جوازكم؟

-لا؟

-يعني سلمت وهتطلقها؟!

-مستحيل…لونا هتعيش وتموت مرات ماهر الوراقي.

ابتعد كمال خطوة عنه يردد:

-انت عايز ايه يا ماهر…عايز ايه؟! 

-عايز أدبها…أنا بقا هربيها وأعرفها ان الله حق

-انت حاله ميؤس منها…انت عايز تفضل تعبان مع ان الحل والدوا في ايدك.


وقف ماهر محتار يفكر في حديث كمال وكبره يمنعه.


الى ان ورده اتصال فرفع هاتفه يبصر اسم المتصل ففتح المكالمة على الفور يقول:

-منتصر باشا ..اهلاً وسهلاً 

-أهلا ماهر بيه..انا قولت أكلمك بنفسي وأعرفك أننا خلاص جبنا الواد اللي اسمه الدوكش ده وأخد أربعه في أربعه.

-بس عايزك ماتعتقوش الا لما ياخد الحكم المتين ويترمي في السجن.

-ماتشغلش بالك انت كله تحت السيطرة.

-مانحرمش منك ياباشا..هعدي انا عليك بقا .

-منتظرك يا كبير…يالا مع السلامه 

-سلام.


اغلق الهاتف وتنهد بارتياح ليسأله كمال بشك:

-هو في ايه؟!  ومين ده الي عايز تحبسه.

توترت ملامح ماهر ثم قال وهو يستعد للمغادرة:

-مش وقته .. لازم أتحرك دلوقتي عشان تجهيزات الحفله.

هتخلي لونا تحضر.

-تحضر اه عشان ترجع بخمس الاف عريس..هو انا ناقص يا كمال؟ انت تجيب چنا معاك وبس سامع؟!

لم يجيب عليه كمال لكن ماهر تحرك مغادراً 


مرت الساعات وبصعوبه اقنع كمال لونا بأن تخرج معهم وتذهب للحفل.


وهي أرتضت وذهبت لأساب كثيره أولهم مجابه ماهر والتمرد على أومره.


جلست بالحفل…عروس جميلة بأبهى طله وحله..كانت ناعمه لذيذة وملفته.


الكل ينظر عليها وهي تتابع ما يحدث جلست تتذكر ماسمعته أثناء عودتها من المرحاض…خالها والد ماهر يقف مع والد جميلة خطيبته يبرم عدة صفقات بملايين وقهقهاته العاليه الجشعه تملأ المكان.


فاخر يقف مع عم جميلة ومعهم رجل ثالث يضحك بقوه…تلك الضحكه تشع بالمال…يفوح منها رائحة مصلحة كبيره.


محمد الوراقي يجلس مع كبارات البلد يبتسم بكياسه ويتحدث بوقار من يصدق ان هذا الرجل قد فعل بفتاه وطفلتها مافعله…ضحكت ساخرة بألم فصدقاً المال ينظف.


لمحت عيناها ماهر خرج من خلف كواليس المسرح الكبير…ابتسمت بلا إرادة وهي تراه يرتدي بذلة تكسيدو سوداء رائعه عليه.


شعرت بالمقارنه والغيره وهي تراه يقدم من جميله المتأنقه في فستان غالي جدا جداً يعطيها بعض الاوراق يتحدث بمهنيه واحترام وهي تجيب عليه بحرفية سديده ثم تتحرك بثقه تنجز بعض المهام.


هي أيضاً توقف بها الزمن…وشعرت بتوقف الأصوات ترى حياة الكل تسير وهي الوحيده الخاسرة..عزام وفاخر المتسببين في إصابة والدتها بالربو يجلسون متهنيين بل ويجنون المزيد من المال وهي قد ماتت والدتها.


الكل يربح حتى ماهر فاز وتسلى عليها…هي الوحيدة الخاسرة.


وقتها تجلى بأذنها صوت مستشارتها النفسية وهي تعيد عليها أيات استدلت بها"وما ظلومنا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون"


"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

تعلقت بأذنها وباتت تتكرر

"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"


ولم تخرج من صمتها سوى على صوت ماهر الغاضب الذي تقدم لعندها حينما اكتشف وجودها يردد:

-انتي بتعملي ايه هنا؟؟


صراخه لم يرعبها بل جعلها ترسم على شفتيها إبتسامة رقيقة، ناعمه أثارت رجفته وإستغرابه ثم وقفت تقترب منه لتحدثه ومن هنا تبدأ فصل جديد في قصتها معه تقسم ان يصبح في صالحها لن تصير ضحيه كجدتها.


 •تابع الفصل التالي "رواية سيطرة ناعمة" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent