Ads by Google X

رواية ظننتك قلبي الجزء الثاني 2 الفصل الثامن 8 - بقلم قوت القلوب

الصفحة الرئيسية
الحجم

 رواية ظننتك قلبي الجزء الثاني 2 الفصل الثامن 8 - بقلم قوت القلوب  


الفصل الثامن « لا يمكن ... !!!»

ليتنا نعلم ما تُخبئه القلوب فربما تطمئن به نفوسنا ، فـ للظنون إثم و وهم وألم ، لكنها تترك داخلنا شعور يفوق تفاصيل الكلمات ...

بريئة مُذنبة دون أن أدري ، لا أَقوى على رفع الظلم عني ولا أريد سوى أن أُعامل كـ نقاء روحي ولين قلبي ، عَفوية أُخفي ما ظننته سيؤذيني ورأيت أن البوح لكان أطيب من الظن ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب
❈-❈-❈ــ

بيت المستشار خالد دويدار ...
كانت عودة "معتصم" ما هي إلا محطة قبل أن يغادر بعدها بوقت قصير متجهًا لما يسمونه (غرفة العمليات ـ صفر) ، تلك البناية الخاصة بمقر المخابرات والتى سوف يتم بها تجهيز العمل لمتابعة أمر هذا التشكيل الإرهابي بعدما كُشف مقرهم السابق بعد خيانة "طه" ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

إن المرء مهما تقدم بالعمر وزادت خبراته إلا أنه مازال طور التعلم ، وهذا ما فعله "معتصم" هذه المرة ، لسنوات طويلة إعتمد بها على نفسه فقط دون شريك بالعمل وهذا ما حقق نجاحه الساحق ، لكن وضعه مع مجموعة من الضباط الجدد كان تحدي من نوع آخر وعليه أيضًا النجاح به ...

وبرغم خيانة "طه" إلا أنه أدرك أن هناك معلومات يجب أن تُخفى تمامًا عن بقية المجموعة حتى لا يتعرض لفشل مهمته بسبب خيانة أخرى ، لكنه يتقاسم معلوماته مع رفيقه الذى يثق به تمامًا الضابط "عمر" ...

إستقل "معتصم" سيارته بعدما أُسدل ستار الليل وقلت المارة بالطرقات متجهًا لغرفة العمليات كما إتفق ضمنيًا مع "شادي" فقط لضبط بعض الأمور قبل بدء عملهم مع بقية المجموعة بالغد ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

شقة موده ...
طعنة المُحب لموجعة أكثر من العدو ، فإن المرء يهزم بالأشياء التى يُحبها ، ربما بعض الأحيان يتوجب علينا التغافل ، لكن حتى التغافل يحتاج قوة ، فقد سقط ببحور عشقها وعلق ...

كلمة خرجت من شفتيها المرتعشتين جعلته يتيبس بموضعه ، فعندما قرر بلحظة أن تلك هي النهاية ألقت بورقة الضغط التى ألجمته عن التمادي بقراره ، إنها حامل !!!!

طفل تمناه وتمنته ولم يحظيا به ، ها هي تُعلنها الآن لتعيده لنقطة الصفر ، تخبط بداخل نفسه فكيف سيقبل وجودها بحياته وهو يدرك خيانتها ، لكنه طفله ، رابط بينهما كان أملًا لكل منهما بوقت من الأوقات ...

أعاد "عيسى" الكلمة بنبرة منخفضة وقد تجلت به حالة من الصدمة وعدم التصديق ...
- حامل !!!!!

تَعرِفه حق المعرفة بل تحفظه عن ظهر قلب ، إنه سيرضخ لها ولن يبتعد بعد تلك الكلمة ، سيبقى إلى أن تُصلح ما أفسده هذا الدنيء ، بجسد مرتجف و أنفاس متحشرجة أومأت عدة مرات لتعيدها مرة أخرى ...
- أيوة يا "عيسى" أنا حامل  ...

زاغت عيناه بتشتت ليبتلع بقية حديثه فلن يجدي التفوه به ، لكنه غير راضي ، مجبر على البقاء حتى مع ظنونه التى تحولت ليقين ، حتى مع إدراكه لكونها خائنة إلا أنه لن يتركها الآن على الأقل ..
بقلم رشا روميه قوت القلوب
أغمض عيناه متحملًا بصعوبة ..
- أنا راجع البيت ...

قفزت "غدير" أمامه بنظرات مستجدية وشهقات مستمرة ..
- وأنا !!!!!!

تهربت عيناه عن رؤية ألمها فهو مطعون بقلبه وشرفه وعليه التقبل والصمت ، أجابها وهو يشيح بوجهه عنها ...
- مش عارف ، مش قادر أشوفك قدامي ...

تركها مغادرًا في حين زاد ضيق صدره وإختناق روحه ، نعم يحبها لكن تقبله لها الآن أصبح لأمر قاسي جدًا على قلبه ، تقابل مع "موده" بمنتصف درجات السلم ليعبر من جوارها بصمت ووجه متعب متألم حين ألقت تحيتها عليه ...
- إزيك يا "عيسى" ...

تنهد "عيسى" بضيق دون رد ليسرع بخطواته إلى خارج هذا البيت الذى شهد على تهشم قلبه وخيانة حبيبته ...

تعجبت "موده" لتجاهل "عيسى" لها لتسرع نحو الشقة فيبدو أن هناك أمر عظيم بينه وبين "غدير" ...

تقدمت نحو باب الشقة الذى مازال مفتوحًا لتسقط عيناها القلقتان على "غدير" مبللة الشعر مرتدية مأزر الحمام بشكل فوضوي مثير للريبة ، بتوجس شديد أشارت "موده" نحو الباب متسائله بقلق ..
- ماله "عيسى" يا "غدير" ، بكلمه مش بيرد عليا ؟؟!!!

كان ذلك إذنًا لها بالإنهيار لتسقط أرضًا جالسة فوق البساط تتشاهق بتحسر ومرارة منكسة رأسها بعدم تصديق لما حدث لها وغضب "عيسى" منها ، تأوهت بألم لقلبها المختنق ...
- ااااااه ....

تأكدت "موده" بأن هذا الأمر ليس هينًا بالمرة لتسرع نحو الباب تغلقه أولًا قبل أن تجثو أرضًا تشارك أختها جلستها مستفهمة عن الأمر ..
- إيه إللي حصل يا "غدير" ؟!!  

وضعت "غدير" كفها فوق صدرها المتعب فالأزمة زادت حِدة حتى أن أنفاسها كانت مؤلمة للغاية لكنها أخرجت ما كبتته من كلمات بوجود "عيسى" ...
- "عيسى" ، "عيسى" يا "موده" ، فاكر إني بخونه مع "رشيد" ، مش عارفه إزاى بيقول إنه شافه طالع من هنا ، بس والله والله أنا لا شفته ولا عارفه دخل إزاى ، والله ما شفته ...

ضمتها "موده" بحنان تحاول تهدئتها قليلًا فصوت أنفاسها كان متحشرجًا للغاية ...
- طب إهدي بس كدة عشان أفهم ...

أكملت "غدير" غير عابئة بألمها لتستطرد موضحة ...
- حد قال لـ"عيسى" إن أنا إللي أخدت الورق بتاع شغله و بِعته بخاتم ، أنا معرفش الزفت ده حط الخاتم في شنطتي إمتى !!! (لتنتبه "غدير" قائله بإدراك ) ، أيوه ، يبقى هو إللي حط الخاتم في الشنطة وقال لـ"عيسى" كدة عشان يشك فيا ، ولما جيت النهاردة كان عارف إن "عيسى" جاي وعمل نفسه طالع من هنا ، "عيسى" كمان شافني المرة إللي فاتت لما شوفته على أول الطريق ، الـ*** عمل لي مصيده عشان "عيسى" يفتكر إني بخونه معاه ، اه يا **** ...

وضعت "موده" كفها بصدمة فوق فمها فكم كان خبيث للغاية وسيهدم حياة أختها طيبة القلب لتردف بتخوف ...
- يا نهااااار ، وبعدين يا "غدير" ، "عيسى" صدق طبعًا ...!!!

رفعت كتفيها وكفيها بعدم إدراك ...
- أكيد طبعًا ، "عيسى" راجل دمه حامي وعمره ما كان حيقبل يعرف إنى خونته وغدرت بيه في شغله كمان ويقبل ده ، عرف يلعبها الشيطان إللي إسمه "رشيد" ،ااااااه ، مش عارفه أتنفس ، هاتي الجهاز من الشنطة يا "موده" ، بسرعة ...

أسرعت "موده" تُخرج جهاز التنفس الخاص بـ"غدير" من حقيبتها وتضع به الدواء على الفور ثم ناولتها إياه ، لكن الأزمة لم تهدأ بل زادت مع إنفعالها المتزايد حين أكملت تلوم نفسها بقوة ...
- وعشان أطلع من الورطة دي دخلت نفسي في ورطة تانية ، أنا قلت لـ"عيسى" إن أنا حامل عشان ميسيبنيش ...

رفعت "موده" حاجبيها بإندهاش لتردف بشبح إبتسامة لبريق الأمل الذى إستشعرته ...
- بجد ، إنتِ حامل ومتقوليليش !!!

مسحت "غدير" دموعها المتلاحقة بكفها قائله بإختناق ...
- لأ ، مش حامل ، مش حامل ، أنا قلت له كدة بس عشان ميبعدش عني ويسيبني ...

تهدلت "موده" بإنهيار تام وهي تناظر أختها بملامة ...
- إيه ؟!!   ليه كدة يا "غدير" !!! بقى بدل ما تقولي له الحقيقة كلها ترجعي تكدبي عليه تاني !! طب لو عرف إنك مش حامل حيبقى الوضع إيه دلوقتِ ؟؟!!!

- مش عارفه ، مش عارفه ، هو ده إللي جه في بالي ساعتها ، خوفت يطلقني ولا يبعد عني ، أنا بحبه ومش عايزة أبعد عنه ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

كيف كانت ستتحمل رحيله عنها ، إنه ساكن بين خبايا ضلوعها ، تتنفسه هواه ولا يمكنها الحياة بدونه ، ولو إستطاعت لفعل ما هو أكثر من ذلك لتشتري به بقائه لفعلت ، لكن يبقى الظنون التى حالت بينهم فكيف ستعيد بناء ما هدمته الظنون بلحظة ....
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

غرفة العمليات ـ صفر ...
وصل "معتصم" لهذه البناية الذي يطلقون عليه (غرفة العمليات ـ صفر) ليبدأ بمتابعة أدق الأمور بنفسه فلن يسمح بخطأ آخر تحت قيادته ، لم يكن هناك سوى "شادي" الذى كلفه بالمجئ لقضاء الليلة للبدء بالتحضيرات اللازمة لإستكمال المهمة ...

خلع "معتصم" سترته وأثنى أساور قميصه الأبيض ليسمح له بالتحرك بحرية ، فتح الأزرار العلوية لقميصه ليظهر مزيجًا بين اللون الأبيض الساطع وبشرته البرونزية لتكسبه مظهرًا مثيرًا جذاب ...

رفع سوداوتيه تجاه "شادي" متسائلًا ...
- الإنترنت واصل ؟!!

أومأ "شادي" بالإيجاب ..
- تمام يا قائد ، أنا ظبطه قبل ما تيجي ...

أمسك "معتصم" بجبهته محدثًا نفسه بصوت واضح ...
- الناس دي مبتهزرش ، بس لازم نعرف بأسرع وقت مين إللي بيحرك الناس دي قبل ما حد يتأذى ...

أجابه "شادي" بحماس لوجوده تحت إمرته ...
- كلنا معاك يا قائد ، وإحنا جمعنا أسماء مجموعة منهم وممكن في لحظة نقبض عليهم ...

إستدار نحوه "معتصم" بحنكة مخضرمة ...
- نقبض عليهم ، وفجأة نلاقي ريسهم عمل شبكة جديدة منعرفش أعضائها يبدأ في سلسلة الإغتيالات ، لأ طبعًا ، لازم نوصل للعقل المدبر الأول ، وإحنا كدة كدة بنراقبهم بأكتر من طريقة  ومسيرهم يقعوا ...

نظر "شادي" تجاه غلاية الماء ليدعو "معتصم" لإحتساء مشروب ما ...
- طب طالما الليلة قدامنا سهر وتجهيز ، نشرب شاي أو أي حاجة ...

أردف "معتصم" بالإيجاب ...
- مفيش مشكلة ..
بقلم رشا روميه قوت القلوب
وضع "شادي" الأكواب ليحضر كوبان من الشاي حين أخذ يسترسل بالحديث لكن "معتصم" كان هادئًا تمامًا يتابع جهاز الكمبيوتر دون الإكتراث لتلك الثرثرة الفارغة فطبعه الثقيل يجعله يتغاضى عن الأمور التافهة ...

صمت "معتصم" وإنشغاله بالكمبيوتر جعل "شادي" يتابع عمله بصمت فقد شعر بالحرج لعدم تجاوب "معتصم" معه ، لكنه معه الحق بذلك فهذا ليس وقت مناسب للثرثرة بل عليهم العمل حتى مجئ بقية المجموعة بالصباح ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

بيت المستشار خالد دويدار (عيسى) ...
غم السواد عيناه وإحتل الإختناق بقلبه حين أقبل "عيسى" بعودته للبيت ، تلك العودة التى كان يتمناها من قبل الآن أصبحت هم مثقل بنفسه ، لم يعد يتمنى عودته ولا يرجو عمله ولا يسعد بحياته إنه لا يريد شيء ، لقد فقد شغفه بالحياة ، فأي حياة تلك التى إنشق بها قلبه وأُجهَد بها عقله ...

دلف لشقة والديه فلن يصعد لشقته التى جمعته بتلك الخائنة ، لم يكرهها فلن يستطيع ذلك فقد إمتلكت قلبه وروحه ، إنها نقطة ضعفه السوداء التى لا يقوى على مواجهتها ...

ألقى بمفاتيحه لتصدر صوت ضجيج فوق المنضدة الزجاجية قبل أن يلقى نفسه بإنهيار فوق المقعد ليزيح رأسه للخلف مغمضًا عيناه بقهر ، ذلك الإحساس الذى لم يكن يدرى كيف هو الآن علم كيف يشعر به ...

قهر لتقبله ما يرفضه ، قهر لقلبه الخاضع لها فمع خيانتها إلا أنه مازال يشعر بحبها ينبض بقلبه ، مازال لا يفكر إلا بها ، متى سيدب كرهها بقلبه ليشعر بقوته مرة أخرى ، متى سيتحرر من عشق توغل به وقد سمح له بذلك ، ومع كل ما حدث سيتقبل وجودها بحياته لأنها ستصبح أمًا لولده ...

لاح بعقله ظن آخر جعله ينتفض بجلسته ليعتدل بأعين مشتته فكيف يتأكد من أن هذا الطفل ولده حقيقة وليس طفل شخص آخر ؟!!
مجرد أن لاح هذا الظن برأسه وتوهجت عيناه بغضب آخر ، ألهذه الدرجة وصلت الأمور بينهم ، أن تخدعه وتخونه ويشكك بطفلها ، أهي "غدير" التى يعرفها أم أنها شخص آخر ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

خطوات إقتربت من "عيسى" الذى لملم جراحه بصعوبة ليلتزم الصمت فقط ، فحتى طاقة الحديث سُلبت منه تمامًا وأصبح غير قادر عليها ، إنتبه لـ"رؤوف" الذى جلس إلى جواره بوجه ضاحك مبتسم ...

رفع "عيسى" وجهه المحتقن يطالع أخيه بإشفاق فلن ينطق أو يظهر له ما حدث من "غدير" فهو مريض ويكفيه ما ألم به ، لكن كان لـ"رؤوف" رأي آخر حين سأله بإهتمام أخوي ...
- مالك يا "عيسى" ، وشك مقفول ليه كدة ؟!!

غصة علقت بحلقه جعلته يردف بصوت محتقن ...
- مفيش يا "رؤوف" شوية مشاكل في الشغل ...

أومأ "رؤوف" بتفهم ليوسع من إبتسامته يزف إليه خبره السعيد ...
- ده أنا عندي حته خبر حيخليك تطير من الفرحة إنت بالذات ...

صدرت ضحكة تهكمية غريبة على "عيسى" فهل هناك ما يفرحه بعد خسارته لقلبه وحبيبته "غدير" للأبد ، أردف "عيسى" بتهكم لم ينتبه له "رؤوف" ...
- والله ...

عقب "رؤوف" بحماس مازال يشتعل بقلبه المبتهج ...
- أنا و"نيره" سبنا بعض ، هي مش عايزة تكمل مع واحد مريض زيي ، بس ده أحسن عشان أنا أصلًا مكنتش عايز أكمل ، عارف ليه ، عشان بحب واحدة تانيه وعاوز أتجوزها  ...

إمتعض وجه "عيسى" لهذه القرارات المصيرية المفاجئة لكن "رؤوف" أكمل دون إنتظار لإستفهام "عيسى" ...
- أنا حتجوز "موده" أخت "غدير" ، أنا قلت لبابا وماما ووافقوا ...

إتسعت عينا "عيسى" بصدمة وإندهاش من تلك التطورات الغريبة ، ليبقى بنفسه تحذير ألا يكمل بتلك الزيجة بعد ما لاقاه من "غدير" ، أراد أن ينطق بها ، أن يصرخ رافضًا معلنًا خيانتها لكن قلبه ولسانه لم يطاوعانه على قولها وتشويه صورتها بأعينهم ، قلبه الضعيف الذى مازال يحبها ، إنه بالتأكيد ليس قلبه إنه قلبها وملك لها ، فحتى مع كل ما فعلته إلا أنه لا يقدر حتى على قول ذلك عنها ...

تلجم لسانه لتتشنج ملامحه لبعض الوقت مما أثار قلق "رؤوف" ...
- "عيسى" ، فيه إيه متقلقنيش ؟؟! إنت تعبان ولا مش موافق ولا إيه ؟؟!

تنهد "عيسى" بألم وهو يمسك بمقدمة رأسه المتخمة ..
- أنا عايز أنام ، طلعني أنا بره القصة دي ...

نهض "عيسى" مستقيمًا ليتجه نحو غرفته القديمة للمبيت بها فلن يقدر على رؤيته لـ"غدير" إن عادت ، لكن "رؤوف" أشار نحو باب الشقة ممازحًا ...
- رايح فين يا أخ !!  شقتك من هنا ...

أجابه "عيسى" دون الإلتفات إليه ...
- لأ ، حنام النهاردة هنا ...

ضيق "رؤوف" جبهته بإستنكار ليهمس لنفسه بإنتباه ...
- ااه ، دي شكلها مشكلة بقى بين "غدير" و"عيسى" ، هو يعني لولا كدة حيسيبها وينام هنا ، ده عمره ما عملها من يوم ما إتجوز ...

ظل "رؤوف" يومئ رأسه لبعض الوقت في حين أقفل "عيسى" باب غرفته لينعزل عن الجميع متفكرًا بأمر حمل "غدير" الذى أثار بعقله الظنون والشكوك بعد معرفته خيانتها له ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

بيت النجار (شقة فريد ) ...
بعد غياب لعدة ساعات عاد "فريد" بالنهاية لشقته ومعه أولاده بعد أن ترك مساحة من الوقت لـ"حنين" بالرحيل ، بالتأكيد هذا هو أصوب قرار إتخذه بحياته ، فهي لم تعد "حنين" التى أحبها وطلب رضائها ، إنها خائنة كانت تخدعة للحصول على المال لتغدق به على عشيقها ، إنه لم يكن سوى وسيلة لمال أبيه فقط ...

جلس بنفس مهترئة يراجع كل ما فعله وما حل به منذ زواجه من "حنين" ، كيف أصبح طامعًا بمال هو ماله ومال أبيه من الأساس ، كيف حاول توريط نفسه وأبيه وأخيه أيضًا بأعمال مشبوهة قد تقضي عليهم جميعًا ، كيف كان يختلس الأموال من غير علم والده ليحضرها لـ"حنين" التى خدعته لسنوات ظنًا منه أنها تنفقها على أولاده ، لقد ظن أنها زوجة صالحة رزق بها لينعم بحياة بها أحد يحبه ويتقبله ويبحث عن مصلحته ...

لكنه أفاق من وهمه وظنونه وإنقشع الغبار عن حقيقة "حنين" لكن مازال هناك توابع أفعاله التى ربما تخسره وتخسر والده كل شيء ...

بتمعن شديد ولأول مرة حاول التفكير بمنطقية دون مساعدة من "حنين" التى كانت بمثابة العقل المدبر لكل شيء تفوه "فريد" بما يفكر به بصوت يكاد يكون مفهومًا محدثًا نفسه ...
- كدة "حامد" ممكن يودينا كلنا في داهية لو هرب حاجة في البضايع بتاعة الوكالة ، أنا مش لازم أدي له الفرصة دي ، ده أبويا وفلوسنا برضه مهما كان ...

ليعتزم "فريد" الأمر بإنهاء إتفاقه مع "حامد" قبل أن تدق الطبول على رأسهم جميعًا ، صحوة ضمير بالوقت الضائع لكن مازال هناك أمل لإنقاذ الأمر قبل أن يعلم أحد من عائلته بما كان يخطط له ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

شقة فخري النجار ...
لا يدرك البعض كيف يحافظ عليك وألا يخسرك ، لكن الشعور بالتملك وأنك ملكيته الخاصة لا يمكنك الذهاب لسواه ، هكذا كانت "صباح" فمع كل ما قامت به كان شاغل تفكيرها لهو أمر وحيد ، ألا يذهب "فخري" لسواها ، أن يبقى معها حتى ولو مُكرهًا ...

دقات مختلسة دقت بباب شقة "صباح" لتنهض من جلستها بصعوبة متجهة صوب الطارق دون طلب من "راويه" بفتح الباب كما لو كانت تعلم هوية هذا القادم ...

فتحت الباب لتطالع بسوداوتيها أن لا هناك آخر خلف هذا الشاب قصير القامة الذى وقف ببابها لتشعر للوهلة الأولى كما لو أنها لم تراه وتبحث عن سواه ...

فور إطمئنانها أن لا أحد بالجوار أشارت له نحو داخل الشقة قائله بصوتها الخشن ...
- إدخل يا "صاصا" ...

دلف "صاصا" لداخل الشقة دون التوغل بها فقد كانت مجرد خطوات منتظرًا "صباح" التى أغلقت الباب من خلفه لتستدير نحوه متسائله ...
- عملت إيه ؟!!

كانت كلمتها بمثابة إشارة لأن يلقى ما بجعبته من أخبار متتالية بإيضاح بالغ ...
- الحاج "فخري" وكّل المحامي عشان الست "زكيه" وفضل معاها طول النهار في النيابة لحد ما دخلت الحبس ، وقعد يزق في المحامي ويقوله لو عايز محاميين تاني يجيبهم ، بس الظاهر وضع الست "زكيه" مش ولا بد ، تقريبًا كدة يا ست "أم فريد" القضية لبساها ، بس سمعت بردك إن الحاج "فخري" عاوز يخلصها من القضية ويتجوزها لما تطلع ، كان بيقول كدة للمحامي إللي كان وياه ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب
لمعت عينا "صباح" بشرر لتطبق فمها بغيظ وهي تدفع بقبضتها السميكة بمحفظتها مخرجة حفنة من الأوراق المالية لتمدها نحو "صاصا" قبل أن تطلب من الرحيل ...
- ماشي ، خد دول ، وخليك مراقب "فخري" وأول ما تعرف أى حاجة تجيني طوالي ...

سحب "صاصا" المال بقوة وهو يناظره بإبتهاج شديد مجيبًا إياها وهو يعد النقود بشراهة ...
- طبعًا ، طبعًا ، وده إسمه كلام ، لو عرفت حاجة حجيلك أوام ، بالإذن يا ستنا ...

خرج "صاصا" لتبقى "صباح" و "راويه" التى كانت تشاهد الأمر من بعيد مستمعة لتذمر والدتها الغاضب ...
- بقى كدة يا "فخري" ، عايز تتجوز الخدامة دي عليا ، بقى تسيب بنت الحسب والنسب وتجري ورا واحدة رد سجون ، مــــــــــاشي ، يا أنا يا إنت يا "فخري" ، ما هو مش بعد كل إللي عملته عشانك ده ترميني أنا وتروح لها ، إنت بتاعي أنا ، أنا إللي عملتك بني آدم ، لكن لأ ، وربنا ما سايباهم هما الجوز ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

شقة مأمون الجديدة ...
قد يحاط المرء بما يُغلفه من سوء الظن ، كثرتهم لا تعني صدقهم ، لكن حتى وإن ساء بهم الظن ألا يمكن للمرء إمتلاك فرصة لإثبات حسن النوايا ، ألا ينبغي أن نحصل على فرصة واحدة للسعادة ، أم أن السفينة عندما تنطلق لا تقف بالموانئ ...

دارت عينا "مأمون" بنظرة رضا وهو يطالع شقته التى تجهزت تمامًا كما أراد لزواجه من "نغم" ، مالت شفتيه ببسمة جانبية محدثًا نفسه ...
- أظن كدة الشقة جاهزة وتمام ، ويوم الجمعة تيجي هنا يا "نغم" ، أخيرًا ...

صبر قد طال كثيرًا لأجل تلك الغاية التى لم يشارك بها أحد من قبل ، لكن يفصله أيام قلائل على حلم بعيد قد تمناه بشدة ...

خرج "مأمون" من شقته ليقضي سهرته بأحد المقاهي فاليوم يشعر بالسعادة رغم إخفاء ذلك بداخله ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

شقة موده ...
تلك الحالة التى إجتاحت "غدير" لم تُمكّن "موده" من إخبارها بقرارها بطلب "رؤوف" للزواج منها وموافقتها له ، ظلت "موده" تراقب أختها المنهاره لما حدث بينها وبين "عيسى" ، لم تظن أن كل هذا الحب يمكن أن يُهدم بهذه السهولة لمجرد ظنون ، وإن كانت تميل للتصديق ، لما لم يسألها ويخبرها بظنونه وهي أيضًا لم أخفت عنه لقائها بـ"رشيد" ، كلاهما مخطئ بحق نفسه وحق الآخر ، لكن هذا ليس الوقت المناسب لأن تخبرها بذلك لتلتزم "موده" الصمت والتحسر لرؤية هذان القلبان يتحطمان بهذا الشكل ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

رغم هدوء "غدير" وتخليها عن وجودها الصاخب إلا أن دموعها لم تجف ، ظلت تنهمر دون توقف فخسارتها لـ"عيسى" ليس بالأمر الهين ، كذلك كذبتها بأمر حملها لا تعلم إلى أين سيؤدي بها هذا الطريق المغلق ...

أحضرت "موده" كوبًا من عصير الليمون لأختها لتهدئ من روعها ...
- خدي حبيبتي هدي نفسك شوية وإن شاء الله كل حاجة حتتحل ...

تحشرجت أنفاسها بحدة لتسعل لعدة مرات فقد زادت أزمتها التنفسية قوة ، ورغم ذلك حاولت إرتشاف القليل من هذا العصير لكنها تقيأت ذلك على الفور فحتى معدتها لم تتحمل حزنها لتزج بالكوب بعيدًا قائله ..
- مش عاوزه ، مش عاوزه ، أنا حروح لـ"عيسى" ، مش حقدر أنام وأنا بعيد عنه ...

ربتت "موده" بخفة فوق كتفها ...
- روحي يا "غدير" يمكن يهدا من ناحيتك ويفهم إللي حصل ...

أومأت "غدير" بحزن لكن أنفاسها ضاقت تمامًا لتجد نفسها لم تعد تتحمل كل ذلك السواد فسقطت مغشيًا عليها ...

أسرعت "موده" تحاول إفاقتها ...
- "غدير" ، "غدير" ، فوقي يا "دورا" ، فوقي حبيبتي ، "عيسى" لا يمكن يستغنى عنك ، شويه زعل وكل حاجة حتبقى كويسة ، قومي حبيبتي ، قومي ...

مع إعياء "غدير" الكامل لم تستطع العودة لبيتها لتبقى الليلة برفقة "موده" ببيت والديها ، لتكون تلك سابقتها الأولى ببُعد "غدير" عن "عيسى" لأول مرة منذ زواجهم ، فكل منهما توقف بطريق وحالت بينهم الظنون ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

فيلا الأيوبي ...
هدوء يعم أرجاء بيت "أيوب" كاملًا بعد أن خلدت "أم محمد" وولدها للنوم بعد صلاة العشاء مباشرة ، فحياة الريف تحكم أوقاتهم وأعمالهم ، إضافة إلى ذلك مرض "أيوب" الذى أخذ يشتد ويزيد من تدهور حالته وإبقاء المسكنات له بالنوم غالبية الأوقات ...

أغلقت "شجن" غرفتها بعد أن دلفت إليها منذ قليل لتتأكد من أنها توصد الباب جيدًا بالمفتاح فهذا من دواعي أمانها هنا فهي لا تنسى أن هناك رجلان غريبان بالبيت حتى لو إطمأنت لهم ...

جلست بهدوء فوق فراشها العريض تتنهد بحالمية وهي تطلق العنان لنفسها وقلبها النابض بالتنفيس عن مكنوناته وقد لاحت بسمة لطيفة فوق ثغرها حين أخذت تتذكر حديث "رحيم" لها اليوم ...

لطافته الشديدة وإبتسامته الدائمة إستطاعت سرقة قلبها لتهوى ببحور العشق الذى طالما سمعت عنه ، فها هي تشعر بأحاسيس تجتاح قلبها لهذا الـ(رحيم) ، جذبها قلبه العطوف ولينه الغريب الذى لم ترى مثله من قبل ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

أسندت جذعها لمؤخرة التخت تتذكر إعجابه بالطعام الذى حضرته "أم محمد" اليوم ليردف بتلقائية ..
- أنا زي ما أكون أول مرة باكل بط ، بجد يا طنط "أم محمد" تسلم إيديكِ ...

إبتسمت "شجن" بقوة حين تذكرت تهكمها ومزاحها لطريقته التى لا تناسب وجوده هنا ولا عمله كسائق لدى "أيوب" ...
- (طنط) !!! "أم محمد" تزعل منك كدة ، قولها يا ست "أم محمد" ، يا خالتي "أم محمد" ، ولا حتى تقولها يا "أم محمد" وخلاص ، محسسنا إنك دلوعه ليه كدة ، ما تقولي له حاجة يا "أم محمد" ..؟

- على راحته يا ست "شچن" ...

توهج وجه "رحيم" بشدة فقد شعر بالحرج من مزاح "شجن" ليبتلع كلماته ويصمت ببعض الخجل ، رد فعله التلقائي وحرجه البالغ وعدم قدرته على الرد جعلها تشعر بالإستياء من نفسها فهو خلوق للغاية ولا يمكنه الرد بقسوة ليدفع السخرية عنه لتعاود "شجن" حديثها بالإعتذار فهو لا يستحق ذلك ، ليس عيبًا أن يكون خلوقًا هادئًا يحمل اللطف واللين بحديثه وتصرفاته ...
- أسفه بجد يا "رحيم" ، أصلك إبن ناس أوي وأنا مش واخده على كدة ...

إعتذارها جعله يشعر ببعض السكينة فهو لم يخطئ بإحترامه على طريقته لتلك السيدة التى بعمر والدته ، كان رد فعله إبتسامة متقبلة دون عتاب أو ملامة ، طريقة لطيفة لم تعتادها "شجن" فمعاملاتها لجميع الرجال اللذين تعاملت معهم خشنه كطباعهم القاسية المتحجرة  ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب
إبتسمت لتذكرها كم هو خلوق ولطيف لتعترف لنفسها غير مصدقة لما تشعر به ...
- شكلي حبيتك يا محترم ، حاجة كدة بلسم أوي في نفسه ...

ضحكت من وصفها له ، حاولت بعد ذلك إستقرارها بفراشها إستعدادًا للنوم حين شعرت بالعطش لتضطر للخروج من غرفتها لشرب الماء أولًا ثم العودة للنوم ...

تحركت بخطوات هادئة حتى لا تزعج النائمين وينتبهوا لها ، لكنها وقفت تطالع بتعجب هذا الواقف مراقبًا بصمت ، مشهد مثير للريبة فما سبب وجود "رحيم" بهذا الوقت يتطلع نحو غرفة "أيوب" كما لو كان ينتظر شيئًا ما ، وجوده بهذا الوقت وتلك الطريقة أطلقت ظنون عدة برأسها لم تحدد سببها بعد ، لكن وجوده لأمر غريب للغاية ومثير للشك أيضًا ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

بيت عائلة الأسمر ...
إنتهى لقاء "عتاب" مع "باسم" بعدما أخبرها ببعض التعليمات التى يجب عليها أن تلقيها على "محب" لتنفيذها ليُقربهم من وصولهم لغايتهم ...

عادت "عتاب" للبيت لمقابلة "محب" الذى طلبت منه بإصرار أن ينتظرها لحين عودتها ، وبالطبع لم يخالف "محب" طلبها فقد بقى طيلة الوقت برفقة والدته الصامتة ...

دلفت "عتاب" بنظرات صارمة فكم تحلت بقوة وتجبر خلال تلك الشهور الماضية جعلتها غامضة مخيفة قاسية لحد بعيد لا تهتم إلا بالمال فقط ، أو ربما كانت كذلك لكن لم ينتبه لها أحد من قبل ...

مطت شفتيها وهي تطالع "محب" بضيق قائله ...
- أهلًا ، أخيرًا فوقت وركزت معايا ...

جلس "محب" غير مكترث بطريقتها المتهكمة ليبتسم لها بهدوء يميل للبرود كعادته ...
- ملهوش لازمة الكلام ده ، ها ، كنتِ عايزاني في إيه النهاردة ؟!!

شاركته "عتاب" جلسته مردفة بتذمر ...
- نحنحتك الزيادة دي مع إللي ما تتسمى غيظاني ، أنا قلت لك خليها تحبك عشان متشكش فيك ، بس مش للدرجة دي ، إنت كدة بتغيظني أنا ...

ضرب "محب" كفيه بعضهما ببعض متعجبًا من أمرها ...
- لا حول ولا قوة إلا بالله ، مش إنتِ إللي عايزاني أسبُك الدور ، دلوقتِ تقولي كدة ، الله ..!!!

لوت "عتاب" فمها بإمتعاض لتستكمل دون تعقيب على ذلك ...
- خلينا في المهم ، إحنا لازم لازم ناخد خطوة أكبر ، النهاردة ولا بكرة بالكتير لازم تعمل إللي حقولك عليه ...

عقد ذراعيه أمام صدره بتملل من فرض تعليماتها المتكررة ...
- ها ، قولي ، أنا سامعك ...

أشارت نحو بسبابتها وهي توضح له خطوتهم التالية بالتفصيل ...
- ركز معايا ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

شقة وعد ...
إرتجاف الصوت لا يعني الصمت ، فبعض الأصوات تنبئ بالحق حتى لو كانت بصوت مرتجف ، لم يكن تغاضي "وعد" عن كل الأحداث الماضية يجعلها تنسي ذلك ، بل تعمدت ألا يؤثر بنفسها الهشة المتخوفة حتى لا تنزلق بهاوية لا يمكنها النجاة منها ...

طال الوقت دون عودة "محب" كعادته فاليوم كان خاويًا جدًا بدونه لكن ما كان عليها سوى الإنتظار ...

سقط طفلها غافيًا فقد تأخر الوقت وحان موعد نومه لتحمله بين ذراعيها لتضعه بفراشه ...

أمر معتاد روتيني للغاية لكنها حين غادرت غرفة الصغير شعرت بأن هناك إنقباض بروحها ، تشممت عطر "عاطف" المميز يملأ الأجواء ، دارت بعينيها بين هنا وهناك كما لو كان طيفه مر من هنا ، نعم كل شيء بموضعه هذه المرة لكنها تشعر بوجوده ...

دارت بأرجاء الشقة لكنها كالعادة لم تجد أحد ، تهدجت أنفاسها بتخوف من تكرار الأمر ، أرادت لو تشعر ببعض الطمأنينة وأن تبث بنفسها الهشة بعض القوة ، لهذا لم تجد سوى شخص واحد يتطرق بذهنها ، إنها سندها وجدارها الصلب ، أختها "عهد" ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب
سحبت هاتفها لتدق برقمها لتستمد منها بعضًا من قوتها وصلابتها فهي على وشك السقوط ولا تود ذلك بالفعل ، فور سماعها صوت "عهد" شعرت براحة وإستكانة فلا شيء سيهمها إذا كانت أختها إلى جوارها ...
- "عهد" ، وحشتيني ...

نظرت "عهد" لساعة الحائط المعلقة بإقتضاب قبل أن تجيب أختها بتعجب ...
- وحشتك !!! دلوقتِ ؟!  مالك يا "وعد" ، صوتك مش طبيعي ؟!

إبتلعت "وعد" ريقها وهي تتطلع حولها بأعين مشتتة ..
- مش عارفه يا "عهد" ، فيه حاجة مخوفاني ، أنا حاسة إن "عاطف" هنا ..

رفعت "عهد" حاجبيها بإندهاش لتردف بإستخفاف ..
- "عاطف" هنا !! هنا فين ؟!! ما تعقلي كدة ، هو إللي مات بيرجع تاني ؟!!

تنهدت "وعد" بهشاشة نفس ثم إستطردت ...
- والله زي ما بقولك كدة ، مرة ألاقي الخاتم بتاعه بعد ما كان ضايع ودوخت وانا بدور عليه ، ومرة ألاقي عصير الكيوي في الشقة وأنا أصلًا مجبتهوش ، ودلوقتي أنا شامة ريحة البرفيوم بتاعه ، أنا حتجنن خلاص ، أنا خايفة أوي يا "عهد" ، تفتكري "عاطف" لسه عايش وبيعمل فيا كدة ؟!!

مسحت "عهد" وجهها بكفها من غيظها المكتوم من سطحية أختها وسذاجتها لتردف بسخرية ...
- "وعد" أنا دماغي فيها خمس آلاف حاجة ، عايش إيه وكلام فارغ إيه ، بلاش هبل ، تلاقيكِ بيتهيألك ولا حاجة ...

أجابتها "وعد" بتأكيد ...
- أبدًا والله ، زي ما بقولك كدة ...

زمت "عهد" فمها بإستياء متسائله بشك ...
- وسي الإستاذ "محب" فين من ده كله بقى ؟!!!

- مش بيبقى هنا ، ولما بقوله يقولي يمكن "زين" لقى الخاتم أو الحاجات دي بتحصل بالغلط ، بيحاول يطمني وخلاص ، بس أنا قلبي مش مرتاح ، أنا خايفة ....
بقلم رشا روميه قوت القلوب

زفرت "عهد" بقوة فلم يكن ينقص يومها تخوف "وعد" أيضًا لتحاول بث بها بعض القوة والتفكير بعقلانية فلا يمكن لـ"عاطف" أن يعود من الموت ...

أخذت "عهد" تلقي إليها ببعض العبارات التى تمدها بالقوة حين فتح "محب" للباب ليدنو منها بخطواته الرزينة وإبتسامته الجذابة ...

إستكملت "وعد" مكالمتها مع "عهد" وهي تبتسم تجاه "محب" بسعادة لعودته ...
- أه ، اه ، فهمت ، حاضر ، ماشي يا "عهد" ، سلام حبيبتى عشان "محب" جه بقى ...

أنهت مكالمتها ليجثو "محب" إلى جوار المقعد الذي تجلس عليه هامسًا بنبرته العاشقة التى تسحبها معه لبحور الهيام ...
- وحشتيني ...

تصنعت "وعد" الضيق بدلالها الناعم ...
- هونت عليك طول اليوم سايبني لوحدي ...

قبّل كفها بقلبة عميقة مطولة قبل أن يردف ...
- لو عليا أجيب عمر فوق عمري وأفضل بس جنبك يا قلبي ، بس غصب عني ، رجعت من المعرض وقعدت مع ماما شوية ، ما إنتِ عارفه حالتها عامله إزاي ...

أومأت "وعد" بتفهم ..
- ربنا يشفيها يا رب ...

غمز لها بمحبة مستكملًا بحديثه المتغزل ..
- بس تعرفي ، كل ما أبعد أكتر بشتاق لك أكتر وأكتر ، وأنا ميهونش عليا زعلك ولازم أعوضك حالًا ...

إستقام "محب" بطوله الفارق ليحملها بين ذراعيه القويتين وهي تطلق ضحكاتها الخجلة من جرأته التى لا تستطيع الهرب منها ...
- "محب" وبعدين ....

- ولا قبلين ، حبيبي وواحشني ، نقول له لأ ...
أجابته بخجل ...
- لأ ...

إتجه لغرفتهما لتنتهي ليلة المحبين بسعادة لتزيد من عشقهما الوليد ونهاية ليلة أخرى سعيدة بحياتهما ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

شقة عهد ...
لم تكاد تنتهي الليلة بالنسبة لـ"عهد" فما أبقاها ساهرة سوى إنتظارها للرسالة التى ستخبرهم بموعد التجمع وساعته كما إتفق معهم "معتصم" ...

أنهت مكالمتها مع "وعد" ليدق هاتفها برسالة نصية ...
-[موعد التجمع بغرفة العمليات رقم صفر في تمام الخامسة صباحًا ] ...

رسالة مُبهمة لمن لا يفهمها لكنها أدركت فحواها تمامًا فتلك البناية التى يطلق عليها (غرفة العمليات صفر) لها عنوان محدد يدركونه جميعًا ، تطلعت بساعتها التى تخطت الثانية عشر فما بقى لها سوى ساعات قليلة لهذا التجمع وبالطبع ستستغلها بالراحة حتى تكمل عملها بوعي تام وتركيز كبير ...

لم تكن "عهد" الوحيدة التى أرسل إليها تلك الرسالة بل شملت بقية مجموعة العمل أيضًا ، كان الجميع في ترقبها خاصة "عائشة" التى وجدتها فرصة ذهبية لإقتناص بعض الوقت مع "معتصم" هذا القوي محطم ثبات القلوب بشاجعته وقوته ووسامته المميزة ...

أسرعت "عائشة" تجهز من نفسها ليس لأداء مهمة ما بل لإعجاب بهذا الرجل فربما اليوم متاحًا لإظهار إعجابها به و تألقها أمام عيناه البراقة الغامضة التى جذبتها ...

قبل موعد التجمع كانت "عائشة" تقف أمام البناية (صفر) كما يطلقون عليها لتستعد لما خططت له ، دقت بالإتصال بـ"شادي" لإدراكها أنه هو من يرافق "معتصم" الآن ....

❈-❈-❈ــ

تبادل "شادي" مع القائد "معتصم" تقسيم ساعات الراحة لمتابعة تلك الهواتف التى يتم مراقبتها لمعرفة أي معلومة جديدة عن هذا التشكيل ، وبعد أن حصل "شادي" على بعض ساعات الراحة كان هذا هو وقت "معتصم" الذي قرر أن يغفو قليلًا فوق أحد المقاعد العريضة ممددًا ساقه فوق الطاولة الخشبية القصيرة ليرفع ذراعه الأيمن فوق عينيه ملتمسًا بعض الراحة ...

عندما دق هاتف "شادي" أسرع بكتم صوت رنينه حتى لا يزعج "معتصم" النائم ، تقدم ببعض الخطوات قرابة الباب ليجيب الإتصال بصوت هامس ...
- ألو ، أيوة يا "عائشة" ...

- أيوة يا "شادي" بقولك إيه ، أنا جاية في الطريق بس حسيت كدة إن المنطقة فيها ناس غريبة ، الوقت ده المفروض الدنيا فاضية ، خد بالك ، أو أقولك فكرة ، إنزل خد جولة كدة إطمن إن محدش بيراقب المكان ...

زاغت عينا "شادي" بتفكر فيجب بالفعل الإطمئنان أن لا أحد توصل لمقر تجمعهم وكشفهم مرة أخرى ليضطر بتفقد المحيط لدواعيهم الأمنية ...
- فكرة برضه ، أنا حنزل أشوف الأوضاع ، إنتِ قريبة ؟!!

إبتسمت "عائشة" بخفة بإنتصار لمخططها الأول ...
- اه ، أنا وصلت تحت المبني أهو ، إستنى أطلع وإنزل إنت إطمن إن كل حاجة تمام ..
- تمام ...

دقائق قليلة حتى وجد "شادي" طرقات خفيفة للغاية تطرق بالباب ، كان من البديهي إدراك أن تلك هي "عائشة" ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

فتح لها الباب برفق قائلًا بذات النبرة الخفيضة ...
- إدخلي وخدي بالك القائد نايم ، هي عشر دقايق وحكون رجعت متقلقيش ، (ثم عقب بإستنكار)، إنتِ جيتي بدري ليه أصلًا ...؟؟!

أجابته "عائشة" بطريقتها المراوغة ...
- الساعة بتاعتي مقدمة ، وبعدين إحنا في إيه ولا في إيه دي هي نص ساعة يعني ، يلا إنزل ، وإتطمن كويس متستعجلش ، أنا مش بخاف ...

بحركة لا مبالية تحرك "شادي" لخارج الشقة بينما دلفت "عائشة" بتسلل نحو الداخل فقد وقعت عيناها على "معتصم" الغائب بغفوته عنها ...

دق قلبها بضربات متسارعة كلما تقدمت خطوة منه ، كم كان حتى بنومه وسيمًا يخطف الأنفاس وتتصارع له دقات القلوب ، إنخفضت لتجثو بركبتها فوق الأرض وهي تتأمله بوله وتدنو منه بدرجة كبيرة فقد تناست نفسها تمامًا أمام قوته الساحرة التى جذبتها دون وعي منها ....

تناست أنه قائدها وأنها ضابط شرطة وتذكرت فقط كونها أنثى تحكمها غريزتها أمام سطوة هذا الرجل الطاغي ، تملكتها غريزة عشق تدنيها منه دون وعي بخطورة الأمر والمكان كالمغيبة ، وماذا سيحدث إن إستيقظ وشعر بها !!! لا شيء فهل هناك رجل يرفض قرب إمرأة حسناء تود قُربه وتتودد إليه ...

❈-❈-❈ــ

وصلت "عهد" أمام البناية التى تدركها جيدًا فقد عملت بأحد المهام بها من قبل تحت إمرة ضابط آخر أثناء تجهيز المعلومات الإليكترونية وقتها ، كما أيضًا تدرك خباياها وتفاصيل تلك البناية ظهرًا عن قلب ...

صعدت درجات السلم بهدوء لتصل لركن خفي بالقرب من مطفأة الحرائق المعلقة بالممر لتخرج أحد المفاتيح الإحتياطية التى توضع هناك ، هذا الأمر الذى ربما لا يدركه سواها لعملها هنا من قبل ...

صعدت نحو الشقة الصغيرة التى تُجهز بها الأجهزة للمراقبة لتلك المهمة لتضع المفتاح بالباب دون الطرق عليه فثقتها المتعالية تجعلها تتعامل مع المهمة كما لو كانت هي الآمره بها ...

بذات الوقت كانت "عائشة" تمد أصابعها الطويلة تجاه "معتصم" الذى مازال يغط بالنوم دون الإنتباه لتلك الهائمة إلى جواره لكنها فور أن لمست ذراعه القوي حتى إنتفض من نومته ممسكًا بساعدها يضغط فوقه بقبضته القوية وهو يطالعها بأعينه الشرسة المتفحصة محاولًا إدراك من هذا الذي يتلمسه ...

فتحت "عهد" الباب لتفاجئ بـ"معتصم" يمسك بذراع "عائشة" وهي تكاد تلصق وجهها بوجهه الذي يناظرها بقوة فيبدو أنها قطعت وصلة قرب لكلاهما فقد كانا بمفردهما تمامًا ، تعلقت نظرات "عهد" المنصدمة بهما وقد تيبس جسدها تمامًا حين إلتفت "معتصم" نحوها قائلًا بتفاجئ ...
- "عهد" ...!!!!!

ويبقى للأحداث بقية ،،،

✨ فضلًا إذا أعجبتكم الرواية شاركوا الفصل بصفحاتكم منعًا لسرقة مجهودي و توثيق حقي بها ولا تنسوا لايك و كومنت كتقدير منكم لمجهودي بكتابة الرواية ✨

رشا روميه قوت القلوب

 •تابع الفصل التالي "رواية ظننتك قلبي الجزء الثاني 2" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent