رواية حتى اقتل بسمة تمردك (2) الفصل السابع 7 - بقلم مريم غريب
حتى اقتل بسمة تمردك...للكاتبة مريم غريب💖
********************************************************************************
تهادت الشمس في الأفق آخذة إتجاه الغروب ، عندما أفاف"خالد"من قيلولة الظهيرة ، علي صوت جرس المنزل المستمر ، و الذي أزعجه إلي درجة الغضب ,,
فنهض من مضجعه في عصبية ، تاركا علي فراشه قميصا قطنيا خاص بـ"عبير"من الواضح أنها قد نست أخذه ، فعثر"خالد"عليه ، و كان يتوسده كل ليلة ..
هبط"خالد"الدرج أثنتين ، أثنتين ، حافي القدمين ، ثم توجه نحو باب منزله بخطي واسعة ، حتي وصلت يده إلي المقبض ، فأدراه ، وجذب الباب بقوة ، لتصطدم نظراته الحادة ، بنظرات"عز الدين"الباردة .. :
-ايه يا اخي الطريقة دي ؟ في حد يخبط بالشكل ده !!
هتف"خالد"حانقا ، فمد"عز الدين"يده و أزاحه جانبا بلطف ، ثم قال بلا إكتراث و هو يشق طريقه إلي الداخل:
-اعملك ايه يعني ؟ ما انت اللي نومك تقيل.
تنفس"خالد"بعمق ، وقد هدأت ثورته ، فأغلق باب المنزل خلف إبن عمه ، ثم لحق به إلي قاعة الجلوس ، بينما ألقي"عز الدين"بثقله متنهدا فوق آريكة صوفية لونها أحمر قان ، فجلس"خالد"إلي جانبه متسائلا:
-يا تري ايه سر الزيارة الكريمة يا بن عمي ؟ وحشتك ؟ مش معقول ده احنا لسا سايبين بعض ما بقلناش ساعتين.
رمقه"عز الدين"بنصف إبتسامة ساخرة ، ثم رمش مشيحا بنظره إلي الأمام بعيدا عنه ، و قال و هو يخرج من جيب سترته علبة سكائره البلاتين:
-بقولك ايه .. حط خفة دمك دي علي جنب شوية و ركز معايا ، عايز اكلمك في موضوع.
-خير يا سيدي ؟؟
قال"خالد"مستفسرا في تهكم ، بينما وضع"عز الدين"سيكارته بين أسنانه ، ثم أشعلها ساحبا نفسا عميقا ، و نفثه عاليا ، ثم عاد ينظر إليه قائلا بجدية:
-سفارية ريو.
_مالها ؟؟
سأله"خالد"مقطبا ، فأجابه في هدوء حازم:
-هتضطر تروحها انت لوحدك ، انا مش هقدر اسافر معاك المرة دي.
-ليه كده يا عز ؟ من امتي بسافر انا لوحدي منغيرك ؟؟
قهقه"عز الدين"بخفة ، ثم قال ساخرا:
-ايه ياض ما تظبط ، هو انا مراتك و لا ايه ؟؟
رمقه"خالد"في إزدراء ، فإزدادت موجات ضحك"عز الدين"ثم عاد يحدثه بجدية مجددا:
-انا ورايا مشغوليات كتير هنا ، و في حاجة في دماغي مرتبلها من فترة و عايز امشي في اجراءاتها ، انت هتروح بصفتك المدير التنفيذي هتوقع العقود ، وكمان انا عاملك توكيل يعني كل حاجة هتخلص بسرعة ،هتروح بسرعة و هتيجي بسرعة ،و دول كلهم يومين يا خالد.
زم"خالد"شفتيه ، بينما تصاعد رنين هاتف"عز الدين"بنغمته الصاخبة ، فأخرجه من جيب سترته ، و أجاب:
-الو .. و بعدين .. شفتهم داخلين فيلا في المنصورية ؟ .. اه .. طيب خلاص كفاية كده .. ابقي عدي عليا بكرة في مكتبي.
أنهي"عز الدين"الإتصال سريعا ، بينما تطلع إليه"خالد"بإستغراب ، ثم سأله في إهتمام:
-في ايه يا عز الدين ؟ ايه الحكاية ؟ و مين اللي كان بيكلمك ده ؟؟
تنهد"عز الدين"بحدة ، ثم نظر إليه قائلا في هدوء يختبئ بطياته غضب هائل:
-كنت متوقع ان ده يحصل .. لكن بالترتيبات دي ! ما جاش علي بالي خالص.
-ايه ؟؟
هتف"خالد"مقطبا ، ثم إندفع في عبس قائلا:
-انا مش فاهم حاجة ، انت قصدك ايه ؟؟
حدق"عز الدين"به في قوة ، ثم صر علي أسنانه بغضب ، بينما كان ينتظر"خالد"توضيحه ....
*****************************************************************************************
-امك بتموت يا عبير.
قال"عمر"ذلك دامع العينين ، بينما فغرت"عبير"فاهها ،و قطبت حاجبيها قائلة:
-انت بتقول ايه ؟ بتموت ازاي يعني ؟؟
لم يجبها"عمر"بل رفع صفحة المجلة إلي مستوي نظرها ، ثم سألها:
-ايه ، معقول ما قريتيش الخبر ؟؟!
خطفت"عبير"الصفحة من يده بقوة ، ثم راحت تلتهم الأسطر الوجيزة بعينيها حتي إنتهت و تأكدت من صحة حديث شقيقها ، فتهاوت علي أقرب مقعد بغرفتها ، و عينيها مسمرتان ، تحدقان إلي الأمام في اللاشيء ,,
-عايزة تشوفك !!
هتف"عمر"مترقبا ، فصوبت"عبير"نظرها تجاهه في صمت ...
******************************************************************************************
عند دقات العاشرة و النصف مساءاً ، و بينما كانت"داليا"تضع"عدنان"في مهده ، دلف"عز الدين"إلي الغرفة في هدوء ، كما أغلق الباب من خلفه في هدوء أيضا ، فيما شعرت"داليا"بحركته الخفيفة ، فإبتسمت بنعومة ، و إستدارت نحوه ، فبادلها"عز الدين"البسمة بمثلها ، ثم فتح ذراعيه داعيا إياها لأحضانه ، فلبت دعوته بكل سرور ، حيث هرولت إليه ، و إرتمت بين ذراعيه ، سانده رأسها علي صدره ,,
بينما شدد ذراعيه حولها ، فأغمضت عينيها في حب ، و إزدادت إبتسامتها إتساعا و هي تردد له بإنفعال عاطفي:
-وحشتني اووي.
همهم باسما ، و ضمها إليه أكثر ، ثم قال:
- و انتي كمان .. و انتي كمان وحشتيني اوي.
تنهدت بسعادة ، بينما مسح بكفه علي شعرها ، ثم قرب فمه من أذنها ، و سألها هامسا:
-اومال انتي كنتي فين انهاردة يا حبيبتي ؟؟
قطبت حاجبيها مستغربة ، و هي لازالت مغمضة العينين بإحضانه ، ثم أجابته:
- انا مش قلتلك الصبح يا عز اني هاخد عدنان للدكتور.
-همم .. روحتي بيه لوحدك ؟؟
- لأ ياسمين جت معايا .. مش انا قلتلك كده بردو ؟ انت نسيت و لا ايه ؟؟
أومأ رأسه مرارا ، فيما تبدلت ملامح وجهه الهادئة بتلك اللحظة إلي أخري عاصفة ، غاضبة ، فإندفع قائلا فجأة بلهجة قاتمة:
-و اخبار كاميليا هانم ايه ؟؟
فتحت عينيها دفعة واحدة في وجل ، و كم تمنت أن يكون ما سمعته وهم ، أو حلم ، و لكن لم يطل الأمر ، إذ أن أصابع كفه الذي كان يربت علي شعرها في حنان ، تقلصت علي خصلات شعرها ، و قبضت عليها بقوة عنيفة ، حيث جعلها ترفع وجهها إليه في قسوة بالغة جعلتها تئن صارخة بصوت خفيض خشية إيقاظ طفلها ''
بينما كان يرمقها شزرا ، و هو يقول:
- بتستغفليني يا داليا ؟ بتضحكي عليا انا ؟؟
-يعني انت عارف من الاول انا كنت فين ؟؟
سألته بنبرة مرتجفة ، و عروقها تنبض بالخوف ، فعاد برأسه للخلف و ضحك بدون مزاج ، ثم عاد ينظر إليها ، و رمقها بنظرة عنيفة ، بينما أحست نبرته الفولاذية و هو يقول:
-داليا انتي فاكرة عز الدين نصار اللي واقف قدامك ده عبيط و لا بيريل ؟؟
سأل "عز الدين"بفظاظة ، و قد رأى الدموع معلقة في مقلتيها ، ثم تابع من بين أسنانه:
-كنتي فاكرة انك بسهولة يعني تقدري تخدعيني ؟ لسا ما تخلقش اللي يعرف يخدعني يا داليا ، تمثيلية مرض الولد ، و المرواح عند الدكتور فجأة بعذر اهبل ، كنتي فاكرة انك اقنعتيني ؟ فاكراني تلميذ ؟؟
هتف أخر كلماته صائحا بإنفعال حانق ، فهزت رأسها بالنفي ، و عدم التصديق بإنه قد وصل إلي تلك النقطة الصفرية مجددا ، ثم قالت بصوت مختلج ، وشعرها لا يزال متجمع في قبضة يده:
- لأ و الله ما خدعتكش ، ماكنش قصدي اخدعك و لا حاجة ، و الله العظيم الولد كان مريض فعلا و لو مش مصدقني انت عارف الدكتور بتاعه ممكن تتصل بيه دلوقتي حالا و تسأله.
ثم إزدردت ريقها في توتر ، و قالت بعد برهة:
-لكن انا ماقدرش انكر اني كدبت عليك انهاردة لما قلتلك هاخد عدنان للدكتور ، انا فعلا روحت لأمك .. الست صعبت عليا ، انت ما شفتش خبر مرضها في المجلات و الجرايد ؟ الدكاترة قالوا انها مش هتعيش و فاضلها ايام معدودة ، حبيت احسسها انها مش لوحدها و ...
-عمري ما هغفرلك غلطتك دي ابدا.
قاطعها بوجه صارم ، و لهجة حازمة للغاية ، فتأوهت بخفوت و هو يشدد قبضته علي خصلات شعرها ، بينما إقترب بوجهه من وجهها ، و قال محذرا دون أن يطرف له جفن:
-لو عرفت انك روحتلها تاني ، لو حسيت انك كدبتي عليا تاني او حاولتي تستغفليني مرة تانية ، هحاسبك حساب عسير يا داليا ، فأرجوكي ما تخلنيش في لحظة انسي انك ام ابني.
ثم أعتقها و حررها من بين ذراعيه أخيرا ، و تركها متوجها صوب الحمام ,,
بينما تنفست"داليا"الصعداء و هي تشعر و كأن موجة إضطراب قوية لطمتها بقسوة ، ثم تركتها باردة الأطراف ....
*******************************************************************************************
في الصباح التالي ,,
جابت"داليا"المنزل بأكمله بحثا عن"عمر"دون جدوي ، لم تجد له أي أثر ..
فهاتفه ، ليآت صوته سريعا:
-صباح الخير يا داليا ، خير في حاجة ؟؟
بادلته"داليا"تحية الصباح ، ثم أجابته في توتر:
-عز الدين عرف اننا روحنا نزور مدام كاميليا.
- يا خبر !!
هتف"عمر"قالقا ، فباغتته"داليا"قائلة:
-انت فين يا عمر ؟؟
أجابها"عمر"متوجسا:
-انا عند ماما.
إزدردت"داليا"ريقها ، ثم قالت دون تفكير:
-طب تعالي دلوقتي و هات امك معاك ....
يتبع .....
- يتبع الفصل التالي اضغط على (حتى اقتل بسمة تمردك) اسم الرواية