Ads by Google X

رواية الطبيب العاشق (2) الفصل الخامس 5 - بقلم منة جبريل

الصفحة الرئيسية
الحجم

  

رواية الطبيب العاشق (2) الفصل الخامس 5 - بقلم منة جبريل


البارت الخامس
                                    
                                          
"في جَوفي جرحٌ أيّ شيءٍ ينكأه، أيّ شيء... حتّى الهواء!". 



والصلاة والسلام على نبينا المجاهد الشهيد.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 



استيقظت من النوم وهي تشعر بألم في رأسها وحرقة في عينيها من بكاء ليلة البارحة، لم تستطع أن تتحمل شعور أن من أعجبت به لا يشعر بها من الأساس.



انتهت من تبديل ملابسها إلى بنطال من خامة الجينز باللون الأزرق وتيشيرت أبيض ذو أكمام طويلة ملتفة حول إصبعها الإبهام، نظرت إلى هيأتها في المرآة وإلى زرقاويها اللتان اندمجت باللون الأحمر، لتتنهد بهدوء ووضعت بعض مساحيق التجميل تخفي به أرق الأمس، وما إن خرحت من الغرفة وجدت شقيقها مقابلًا لها، يبدو أنه كان على وشك طرق الباب.



ابتسمت له مستقبلة قبلته على جبينها مستمعة إلى صوته الحنون ‌:



_ صباح الجمال على كياني، مع إني مستغرب النشاط دا



ضحكت بخفة بينما أكمل وهو يرتب خصلاتها ‌:



_  روحي شوفي ليان علشان هنروح عند إياد



نبض قلبها عندما سمعت اسمه ولكنها هتفت بهدوء ‌: 



_ ماشي



ثم ذهبت إلى ليان وعادت بعد قليل بصحبتها وكانت ليان ترتدي فستانا باللون الأصفر قصيرًا وأنثويًا بشدة، وتحركتا رفقة ربان وحوراء إلى فيلا إياد بعد أن أصرت على أن تبقى عند شقيقها منذ الصباح. 



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 



بعد الترحيب بهم، اقاربت حوراء من كيان تسألها بقلق ‌: 



_ مالك؟ 



نظرت لها كيان بعدم فهم بينما حوراء فكانت لاحظت احمرار عينيها وإرهاقهما، وعندما أشارت عليهما قالت كيان بهدوء ‌: 



_ ممكن لإني اتأخرت في النوم



وقبل أن تتحدث انتبهت إلى ريان الذي يقترب منها يخبرها أنه متجه إلى عمله، وبعد رحيله طلبت حوراء من أخيها أن يرافقها قليلًا. 



تحركت إلى الأعلى وتبعها إياد بسرعة وقلق، يخشى أن هناك سوءًا أصابها، ونا إن وقف أمامها سألها ‌: 



_ في حاجة يا أميرتي؟ حصل حاجة؟؟ 



أماءت نفيًا وقالت بهدوء ‌: 



_ أنا.. عايزة أكلمك في موضوع 



عقد حاجببه ولكنه قال ‌: 



_ اتفضلي



تنهدت حوراء وهتفت مباشرة ‌: 



_ إياد، أنت بتحب؟ يعني في بنت عجباك وعايز تتجوزها؟؟ 



كان إياد ينظر إلى عينيها وهو يريد أن يعلم ما يدور في ذهن شقيقته، لم بتوقع هءا السؤال منها ولكنه أجابها بنبرة هادئة ‌:

 
                
_ لا يا أميرتي، كل اللي بفكر فيه دلوقتي أميراتي وإني أسلمهم لرجال تستاهلهم 



هتفت حوراء بسرعة ‌: 



_ بس يا إياد ....



قاطعها إياد بحزم ‌: 



_ من غير بس ... أنا مش هفكر في مستقبلي وأنا لسه مطمنتش على مستقبل اخواتي ... أنا مستعد متجوزش طول عمرى ولا إني اتجوز قبل ما أطمن على مستقبل واحدة منكم.



ثم نهض قائلًا برفق ‌: 



_ قومى يلا علشان تقعدى مع اخواتك قبل ما ييجي جوزك وياخدك مننا



علمت حوراء أنه لا يريد التحدث في هذا الأمر، لتنهض وتوجهت معه إلى الاسفل لترى أعين كيان التي تعلقت على شقيقها لتشعر بالحزن عليها ولكنها لن تستلم وسوف تحاول ان تتحدث مع اخيها مرة أخرى ...



ثم جلست رفقة اخوتها وتوجه إياد عمله. 



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 



كان يسير في طريق فارغ يتنهد بقوة عقله شارد بتلك التى احتلت تفكيره وشغلته بها، عيناها التي تشبه العسل الصافي، تلك البراءة التي تظهر من عينيها رغم تلك القوة التي تكمن داخلها. 



ظل شاردًا بها وهو يسير بدون إدراك لتلك التي تقترب منه ويرتسم على وجهها المليء بالمساحيق التجميلية ابتسامة خبيثة.



وقفت على مقربة منه قائلة بنبرة دلال ‌: 



_ هاي هشام ... وحشتني قوي



فاق من شروده على هذا الصوت، وللأسف إنه يعلم هذا الصوت جيدًا ويمقت صاحبه أيضًا، نظر بجانبه ليراها، هي... من كانت السبب في تحجر قلبه وانكساره أيضًا، هي ... من خدعته وهو انطالت عليه الحيلة بكل سهولة، ها هي الآن، تقف أمامه بكل وقاحة تبتسم له بطريقة اغاظته كثيرًا



تجهمت ملامحه، احمرت خضراوتيه بغضب شديد ومقت لهذه الواقفة أمامه، وفجأة قبض على يده بقوة حتى شعر بأظافره تغرس براحة كفة، ظهر فكه من قوة ضغطه عليه، أصبحت هيأته مخيفة جدًا ورغم ذلك لم تهز تلك الواقفة بل كانت تنظر له بابتسامة مستفزة وكأنها فخورة لما أوصلته إليه. 



لتقول مجددًا بصوتها الذي بدا مقززًا لمسمعه ‌: 



_ وحشتني قوي على فكرة ... يا ترى أنا وحشتك كمان؟؟ 



جدحها بنظرة تذيب العظام والتف بعيدًة عنها واكمل سيره كأنه لم يرها ولم يسمعها فهو حقًا ليس فى المود الذي يسمح له بالتشاجر مع هذه الفتاة الآن وإلّا حقًا سيقتلها، مما تسبب في غيظها لتذهب خلفه بكعبها المرتفع هاتفه بدلال مصطنع بطريقة مستفزة لأعصابه ‌: 



_ أنت زعلان مني يا بيبي؟ خلاص حقك عليا، وأنا جيتلك تاني أهو نرجع زي ما كنا، حبايب و...



لم تكمل كلمتها بسبب ذلك الذي هتف بغضب ‌أجفلها : 




        
          
                
_ ابعدي عن طريقي يا هايدى احسنلك، أنتِ لو مش فاكرة آخر كلام قولتهولك فا أنا فاكره، أو فاكر جزء منه واللي هو إني قولتلك لو شوفتك قدامي تانى هقتلك ومش هتردد ثانية واحدة، حافظى على روحك وغورى من وشي



هتفت هايدى بحزن مصطنع ‌: 



_ بقى هي دي مقابلتك ليا بعد السنين دي يا حبيبي، معقولة مش وحشتك حبيبتك هايدي!
  
رمقها بنظرة استحقار قائلًا من بين أسنانه ‌: 



_ هايدي اتقي شري، مش هعيدها تاني



مدت يدها ناوية وضعها على وجنته ولكنه سبقها عندما ابتعد عنها وفجأة شعر بقشعريرة اشمئزاز في جسدت من فكرة لمسها فقط. 



زمجر غاضبًا وعيناه أصبحت حمراء بشدة وهو يقبض على خصلات شعرها، أوردته نفرت وهو يشعر بكره شديد لها وغضب أشد : 



_ أنا هعرفك قيمتك وهعرفك ازاي تقفي في وشي تاني. 



تحرك وهو يقبض على خصلاتها بقوة غير عابئ بصراخها وترجيها له أن يتركها، أعماه غضبه،وألقاها داخل السيارة واحتل هو مقعد القيادة يقودها بسرعة شديدة. 



أخرج هاتف وطلب بعض الارقام ليأتيه الرد سريعًا ليهتف بغضب ‌: 



_ جهزوا كل حاجة



وأكمل بصوت لا يبشر بالخير جعل الرعب يدب بأوصالها ‌:



_ في حاجة لازم نمسحها من على الوجود



اتسعت عينيها برعب، وخفق قلبها بفزع، لتهتف بخوف وسرعة ‌: 



_ هشام، هشتم خلاص أبوس إيدك سيبني، أنا.. أنا آسفة، مش هطلع في طريقتك تاني، وقف العربية دي يا هشام



_ الندم دلوقتي مش هينفعك صدقيني، دا أنا لسه هندمك على اليوم اللي عرفتيني فيه



تحدثت بقوة ظاهرية بينما داخلها يرتجف كعصفور مبلل أمام الريح ‌: 



_ ولا تقدر تعمل حاجة يا ابن العامري، أنت آخرك كلام، وأنا مش هسكتلك لو فكرت المس شعرة مني، أنت ناسي نفسك ولا إيه، وقف الزفت دا 



أوقف هشام السيارة لتبتسم بانتصار، وما كادت تتحدث حتى سقطت ابتسامتها وحل مكانها الرعب وهي تراه بوجه مخيف وهو يردد ‌: 



_ أنا هوريكِ أقدر أعمل إيه 



ترجل من السيارة واتجه ناحيتها، أخرجها عنوة وبقوة بينما هي تتشبث بالمقعد ترفض النزول معه، ولكن هيهات، كانت بكل بساطة تسقط عند قدميه من شدة جذبه لها، وءلك الذي نسيَ مبادئه وقاده غضبه الذي أعمى بصيرته، قبض على خصلاتها بقبضة قوية وأوقفها أمامه وما كادت تتحدث حتى صرخت بقوة ما إن تلقت صفعة قوية على وجهها أسقطتها أرضًا مجددًا. 



_ الله، من امتى واحنا بنمد إيدنا على بنات يا ابن العامري! 



نظرت بسرعة واستنجاد إلى ذلك يتقدم منهم بملامح باردة وعيناه مسلطة على صديقه، تحدث هشام بعنف ‌: 




        
          
                
_ متدخلش يا بيجاد



وذلك البيجاد الذي قابل سيارة صديقه صدفة ولمح بها تلك الحقيرة، لم يتردد في تتبعه وهو يعلم أنه لا ينوي على خير، وقد كان، فها هو صديقه يخلع عنه كل شيء ولا يبقي بداخله إلّا غضبه الشديد. 



أشار لها  بأن تصعد سيارته، ووقف أمام هشام قائلًا ببرود ‌: 



_ متدخلش اواي وأنا شايف صاحبي بيضيع نفسه، المهم... متقلقش أنا هخفيها من وشك تمامًا بس أنت ارجع لطبيعتك واهدى كدا، دي حتى متستاهلش ذرة مشاعر والله



ربت على كتفه بقوة ثم رحل، ليزفر هشام بغضب وجلس في سيارته وأنفاسه ثائرة، كان سيقتلها حقًا. 



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 



زفر بغضب وهو يعيد كرة الإتصال عليها للمرة الخامسة والتي انتهت كسابقيها بعدم الرد، جذب سترته ومفاتيح سيارته وتحرك نحو الوجهة التي هي بها. 



توقف بعد وقت أمام فيلا إياد ترجل من السيارة وتحرك حتى وقف على بابها وهو يحاول تهدأة نفسه، التقط أنفاسه ثم نادى عليها ورغمًا عنه خرج غضبه في نبرته المرتفعة  ‌: 



_ ليــــان …



اختض جسدها بين الفتيات ونهضت من مكانها مرددة بفزع بسبب نبرته : 



_ دا غيث؟!!! 



طمأنتها حوراء قائلة ‌: 



_ متقلقيش وروحي شوفيه عايز إيه، مش هينفع يدخل وإياد مش هنا



وليان التي توترت طالبتها برجاء ‌: 



_ تعالي معايا



طالعتها حوراء مستنكرة ولكن الأخرى لم تترك لها فرصة وهي تجذبها من يدها معها، لتردد حوراء بسرعة ‌: 



_ ماشي ماشي، خلاص، سيبي إيدي



_ آسفة



تركت يدها وسارت رفقتها حتى ظهرت لذلك الذي اشتد غضبه من فستانها القصير، قبض على يده حتى ابيضت مفاصله، ومن ملامحه التي حكت غضبه لها تقهقرت تقف خلف حوراء التي لا تعلم ما هو موقع إعرابها بينهما



تحدث غيث منفعلًا بغضب أعماه عن رؤية سواها ‌: 



_ وربي يا ليـان لـ... 



ومع اندفاع جسده نحوهما تحدثت حوراء بجدية وهي تضع كفيها أمامها ‌: 



_ حيلك حيلك، رايح فين؟؟ 



انتبه لها غيث ونظؤ لها للحظات وود لسانه أن ينطق منفعلًا " من أنتِ؟ "ولكن ملامحها التي بدت ضبابية مع غضبه بدت تضح له حتى علم هويتها ليزفر بقوة قائلًا ‌: 



_ لو سمحتي يا مدام حوراء بس أنا محتاج ليان في كلمتين



ومع تلك النبرة التي بدت مخيفة لها رغم محاولته في إخراجها هادئة، تشبثت بكفيها في ملابس حوراء تهمس لها برجاء ألّا تتركها، لتقول حوراء متنهدة ‌: 




        
          
                
_ لو عايز تكلمها كلمها في وجودي، غير كدا مفيش كلام



مسح غيث على وجهه وشعره بعنف ودار حول نفسه للحظات ثم التفت لهما ووجه حديثه لليان قائلًا من بين أسنانه ‌: 



_ ليان... اخلصي وخلصيني علشان مكسرش دماغك، تعالي معايا



ارتفع حاجب حوراء بعدم رضا عن طريقة تحدثه قائلة ‌: 



_ والله؟؟ ودا بتاع إيه إن شاء الله؟؟؟ 



_ ماشي، ادينا مساحتنا بعد إذنك



تحدث غيث وبدأ حقًا بفقد صبره، لتنظر حوراء إلى ليان تطمئنها بنظراتها ثم ابتعدت عنهم بمسافة تجعلها ترى ولا تسمع، ولكن بالنسبة لصوت غيث المنفعل والعالي فهي تسمعه بوضوح، وما إن فعلت حتى نظرت ليان بتوتر إلى غيث الذي سألها بنبرة خطرة ‌:



_ ممكن أفهم إيه اللي أنتِ لبساه دا! 



نظرت ليان إلى نفسها وهتفت ببساطة مبتسمة ببلاهى ولم تفهم سبب سؤاله ‌: 



_ فستان! 



هتف بغضب أجفلها ‌: 



_ ما أنا عارف أنه زفت، لبساه ليــه بالطول دا؟ مش لاقية قماش بروح أمك!!! 



تحدثت ليان بانزعاج ‌: 



_ لو سمحت مسمحلكش، متقولش ظفت لأنه حلو على فكرا



حقًا، هل هذا ما لفت نظرك؟؟ 



ضغط غيث على أسنانه بغضب وهو يحاول بقدر ما يستطيع أن لا يقتل تلك الحمقاء التي تقف أمامه وهتف بنبرة أخافتها ‌: 



_ أنتِ هتاجي معايا دلوقتي، وهتغيري الزفت دا وبعدين هحاسبك على موضوع إني رنيت كتير ومردتيش



رمشت ليان عدة مرات قائلة بتفكير ‌: 



_ رنيت؟؟ بس أنا نسيت الفون في قصر أبيه ريان: 



_ كمان!! وماله... تقلي من حسابك براحتك با بنت حسين
ا
أجفلت ما إن قبض على معصمها وما كاد يتحرك بها للخارج حتى وجد حوراء تقف أمامه عاقدة ذراعيها أمام صدرها رافعة حاجبها قائلة وعينيها تدور بينه وبين يده ‌: 



_ على فين العزم؟؟ إيدك عنها 



_ لو سمحتي اتفضلي جوا، دا موضوع بيني وبين ليان



_ قولت إيدك عنها



زفر غيث بقوة وترك معصمها قائلًا ببسمة مقتضبة ‌: 



_ أهو.. ارتاحتي؟؟ هاخدها معايا بقى



رفعت حوراء حاجبها قائلة بسخرية ‌: 



_ بصفتك إيه إن شاء الله



أجابها غيث بنفاد صبر ‌: 



_ ابن عمها، حبيبها، خطيبها، وزوجها مستقبلًا



اردفت حوراء ببرود ‌: 



_ ولا حاجة من دول برضه تسمحلك تلمسها وتاخدها معاك، إلّا لو كنت أخوها، أبوها، أو جوزها فعليًا




        
          
                
_ مدام حوراء .. والله مش هاكلها ولا هقتلها 



_ وأنا قولت لا ولو خلصت الكلام اللي عايز تقوله، اتفضل



رفع حاجبه ناظرًا لها بتهكم، بينما حوراء التي كانت تنفذ طلبات عيني  الأخرى قالت موجهة حديثها لها بقوة ‌: 



_ ادخلي يا ليان



نظر غيث لها ليجدها تبتسم له ببلاهة ثم ركضت للداخل هاربة منه، زفر غيث بقوة وتحرك للخارج وما كاد يرحل حتى أوقفه صوتها، ليلتفت قائلًا بانفعال ‌: 



_ خير؟؟ تؤمري بحاجة؟؟ 



ابتسمت له حوراء قائلة بمرح : 



_ ميؤمرش عليك ظالم .. أنا عايزة أتكلم معاك شوية دا بعد إذنك



تنهد غيث بفوة ثم تحدث بهدوء ‌: 



_ أكيد اتفضلي



_ومن غير زعل، أنا بعتبرك أخويا وهنصحك بس



ضيق حاجبيه قائلًا ‌: 



_ ودا يشرفني بس... هو في حاجة؟؟ 



تصنعت الغضب وهي تعقد حاجبيها قائلة ‌: 



_ آه في يا أستاذ غيث، لما تلمس ليان وهي مش حلالك كدا أنت بتأذيها وبتأذي نفسك بالذنوب، وبجد الموضوع مستفز يعني أنت مستحلل تلمسها وكأنه شيء عادي



_ والله! لمسي ليها ضايقك ورجليها اللي كلها باينة وإيديها دي إيه؟؟ عادي! 



تغضنت ملامحها بضيق قائلة ‌: 



_ والله حاولت أتكلم معاها بس للأسف متقبلتش كلامي



تنهد غيث وقال بهدوء بينما في داخله يتوعد لتلك الشقراء ‌: 



_ ماشي، سيبي الموضوع دا عليا وأنا هتجنب أي تلامس ما بينا تاني



ابتسمت له حوراء قائلة ‌: 



_ يكون أفضل، وكمان خد المفاجأة دي... بعد أسبوع إن شاء الله هتكون حلالك



نظر لها بعدم فهم مرددًا ‌: 



_ قصدك إيه؟ مش فاهم!!! 



_ اللي أقصده إني هساعدك تتجوزها وأنا هتولى أمر إقناعها في أسبوع واحد، ودي كلمة من أختك



ظهرت الدهشة على ملامحه قبل أن يسألها بلهفة ‌: 



_ تقدري؟؟ 



_ عيب عليك، بإذن الله بعد أسبوع هتعقد قرآنك عليها



لاحظت حوراء تلك اللمعة التي ظهرت في عينيه ولم تكن سوى لمعة عشق لتعلم أنها على صواب بينما يقول ببسمة ووجه مشرق بأمل ‌: 



_ بجد هكون ممتن ليكِ لآخر عمري لو عملتي كدا



ضحكت حوراء بخفة ثم قالت له ‌: 



_ طيب اتقل كدا واسمعني، عايزاك تنفذ اللي هقولك عليه بالحرف



_ اؤمري




        
          
                
قالها بلهفة مضحكة لتبدأ بقص عليه  ما يجب أن يفعله، ليوافق هو سريعًا وبدون تردد والفرحة تغمر قلبه بأمل اقتراب حصوله عليها. 



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 



كان لا يزال في موقعه الذي أتى إليه بيجاد وأنجدها من بين يديه فيه، حاول كثيرًا تجاهل الأمر وتخطيه ولكنه فشل، كان ظهورها مفاجئًا لدرجة عدم قدرته على السيطرة على مشاعرة السلبية والعنيفة التي كان يحبسها طويلًا بداخله. 



بدأت الشمس في الغروب واحمرت السماء وكأنها مرآة انعكس عليها ما يضمره صدر الآخر من غضب كنيران ملتهبة، تسارعت أنفاسه ونفدت محاولاته ليمسك هاتفه يتحدث إلى بيجاد بصوت لاهث من شدة انفعاله ‌: 



_ أنت فين؟؟ 



وأتاه الرد الغير متوقع من بيجاد بقوله ‌: 



_ وراك، أكيد مش هسيبك الوقت دا كله لوحدك! 



أنهى هشام المكالمة وترجل من السيارة ونظر حوله ليجد سيارة بيجاد تقترب منه، وما إن ترجل منها حتى تحرك نحوه منفعلًا ‌: 



_ وديتها فين؟ أنا لازم أخلص منها وارتاح من قرف ظهورها كل شوية في حياتي 



_ لا حيلك حيلك، ولا تخلص منها ولا حاجة، أنا هخلصلك منها ومش هتشوف وشها تاني بس بطريقتي



صرخ هشام بقوة في وجه بيجاد حتى نفرت أوردته ‌: 



_ بيجاد  متطولش معايا في الكلام وقولي هي فين وطلع نفسك منها، الموضوع يخصني أنا لوحدي



ضربه بيجاد بظهر يده على كتفه قائلًا ‌: 



_ بلاش تخبط في الكلام وخلينا نمشي. 



لاحظ بيجاد انفعال الآخر بشكل مريب وصدره الذي بدأ يعلو ويهبط بسرعة مخيفة، أصبحت ملامحه وعيناه أكثر وحشية وقتامة



وفجأة صرخ هشام صرخة مدوية بكل ما يحمل من طاقة غضب بداخله، صرخه خرجت بجميع جوارحه وآلامه، صرخة تعبر عن ما بداخله منذ سنوات، كان دائمًا يمنع هذه الصرخة من الخروج، لكن الآن .. لا يستطيع، فقد تخطت آلام روحه جميع الحدود حتى انهكت قواه ومقاومته. 



ظل يصرخ بقوة حتى سقط على ركبتيه ولم يكف عن الصراخ، حتى شعر بضعف حنجرته وما زال بداخله الكثير.



كان بيجاد يتابع صديقه بحزن عميق، يعلم أنه تحمل فوق طاقته، كان دائمًا يعاند نفسه لرفضه للحظة من الضعف، ولكن كيف له أن لا يضعف، فهو بالنهاية ابن آدم، مخلوق لديه لحظة ضعف ولحظة قوة. 



يتمنى لو كان هو يستطيع أن يفعل مثله، يتمنى لو يستطع الصراخ حتى يخرج كل ما يحمله بقلبه...



شعر بأن حصون صديقه بدأت في الانهيار ليقترب منه محاولًا تهدأته، لكن ما إن لامس كف يده صديقه حتى عاد للصراخ والوعيد بشكل أسوأ، ليحاول بيجاد أن يسيطر عليه من الخلف بذراعيه ولكن لم يستطع بسبب حركته العنيفه وفجأة جذبه هشام إلى الأمام ولكمه بقوة حتى ترنح جسد بيجاد إلى الخف، مسح جانب فمه وعلم أنه لن يستطيع عليه بمفرده ‌: 




        
          
                
_ وماله يا ابن العامري، تطلع من حالتك وهسففك التراب



وكون صديقه العزيز الآخر ريان لم يأتِ إلى الآن فهذا يعني أنه ليس متفرغًا ولم يرى رسالته بالأساس التي أرسلها له سابقًا يطلب حضوره فيها مع الموقع، ليخرج هاتفه وقام بالضغط على بعض الأرقام ثم قال بعدما أتاه الرد سريعًا ‌: 



- تعالى بسرعة على الموقع اللي هبعتهولك، متتأخرش يا غيث



ثم اغلق الهاتف وحاول مجددًا منع صديقه وللم يحصل سوى على اللكمات التي لم يحاول صدها. 



على الجانب الآخر



كان غيث وإياد يتحدثان بمرح داخل مكتب الأخير بعد أن ذهب له غيث للبقاء معه قليلًا، رغم أنه مكان عمل ولكنه لم يهتم. 



تعالى رنين هاتف غيث وما إن أجابه حتى تغيرت معالم وجهه إلى القلق ليهتف إياد بحذر ‌: 



- حصل إيه؟؟ 



نهض غيث بسرعة قائلًا ‌: 



- مش عارف بيجاد اتصل وبيقولى تعالى بسرعة.



هتف إياد هو الآخر سريعًا ‌: 



- طيب يلا بينا بسرعة



نظر له غيث ليهتف إياد بصوت مرتفع ‌: 



- متبصش كدا يلا بسرعة ليكون حصل حاجة



اومأ له غيث وانطلقا الاثنين بسرعة لخارج الشركة ولم يكلفا نفسهما حتى إخبار ريان بذلك. 



بعد وقت كان قد وصل غيث وإياد إلى المكان ليرا بيجاد الذي يقف أمام صديقه الذي ينهال عليه باللكمات القوية والعجيب أن بيجاد لا يدافع عن نفسه بل ترك ذلك الغاضب ينهال عليه بالضرب بينما هو يردد من بين لكماته ببرود ‌: 



_ دي السبعة والعشرين اللي عدتها للمرة الثالثة لإني بغلط في العد، كله وليه حسابه على فكرا



ترجل الاثنان سريعًا من السيارة واقتربا منهما وقام غيث بإبعاد هشام بصعوبة أما إياد فاتجه إلى بيجاد يتأكد من سلامته 



وبعد وقت طويل استطاع فيه ثلاثتهم السيطرة على ذلك الغاضب وجعلوه يصعد السيارة بالقوة وانطلق غيث بها



هتف إياد سريعًا ‌: 



- روح على الڤيلا هي أقرب مكان من هنا



وافقه غيث وانطلق إلى ڤيلا إياد.



كان أيهم يسير بهدوء برفقة آسر يتبادلان بعض الاحاديث، ليتوقفا وهما يشاهدان غيث وإياد وبيجاد يخرجان هشام الذي كان في حالة غضب عاصفة وهما يحاوللن السيطرة عليه ويدلفوا به إلى ڤيلا إياد ليركضوا بإتجاههم بقلق مما يحدث.



فزعت الفتيات بسبب ذلك الصوت المرتفع والذي كان يغلب عليهم صوت صرخات رجولية من ذلك الهشام الذي يتوعد لهم، نهضن جميعًا بتوجس وهن ينظرن ناحية الباب لتشهق كيان وليان وهما تنظران لحالة هشام، بينما اتسعت أعين حوراء وأريب بفزع بينما تلك الآية فقد شعرت بقلبها يخرج من مكانه وهي تراه بهذه الحالة المخيفة ولأول مرة. 



دلف أيهم وآسر وساعدوهم في التحكم به لتنطلق حوراء نحو غرفة ما ثم خرجت سريعًا وهي تحمل بين يديها حقنة مخدرة ووقفت بالقرب من إياد هاتفه بصوت منخفض وهى تمدها له بأيد مرتجفة ‌: 



- إياد دي حقنة مهدأة ادهاله بسرعة



التقطها منها إياد وادخلها فى ذراع هشام بصعوبة بعدما طلب منهم تثبيته جيدًا.



وبعد وقت كان قد بدأ هشام بالهدوء والغرق في اللاوعي بأثر المخدر، وانغلقت عيناه التي كانت تشع قسوة وغضب وهدأ جسده ليلتقطه أصدقائه ثم حملوه وصعدوا به إلى غرفة تحت إرشادات إياد. 



يبدو أن ريان سيتأخر حتى يعلم ما أصاب صديقه!. 



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




والسَّلام. 
مِـنَّـــــة جِبريـل. 




        


 

google-playkhamsatmostaqltradent