رواية الطبيب العاشق (2) الفصل الثاني و العشرون 22 - بقلم منة جبريل
الثاني والعشرون
" ورأيت أن أعدى عدو للإنسان الإنسان".
- المنفلوطيّ.
والصلاة والسلام على نبينا المجاهد الشهيد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى اليوم ومرت الأيام سريعة على البعض وبطيئة على البعض..
ازداد اهتمام هشام وبيجاد بكيان أكثر من قبل .. وبدأت علاقة الإخوة بين زيد ورنـا بالتحسن.. وازداد هو تفكيره بصغيرته.. تسير الأيام بشكل جيد مع صبا وإياد وشقيقاته ولكن هذا لا يمنع شعوره بالقلق على اختفاء شقيقته بهذه الطريقة المريبة...
بينما هو.. فقد نمت لحيته.. وأصبحت عيناه مرهقة ولون جفنيه أصبح باللون الأحمر..مرت الأيام عليه ببطء شديد وعذاب كبير..
مرت الأيام عليها ببطء وألم من ذلك السم الذى يسير بعروقها..
حتى تم غيابهم الشهر.. لا أحد يعلم أين هم؟ سوى صديقيه الذان لم يمتنعا عن زيارته من وقت لآخر والتخفيف عنـه..
شهر ولم يقابل زيد صغيرته ليصبح يحلم بها فـى يقظته ومنامه وهو يعترف لنفسه بأنـه وقع بالحب بدون أن يدرى..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دلفا إلـى مكان مُظلم، بارد، قاسي، ورمقوا تلك الجاثية أرضا بنظرات لا تحمل الشفقة أبداً..
اقترب منها هشام وهو يرمقها بنظرات تملؤها الغضب هاتفا بسخرية
- أنتِ الآن تتذوقين نفس الألم الذي جعلتِها تشعر بـه ولكن سوف أجعلكِ تشعرين بأضعاف ألمها.. سأجعلكِ تتمنين الموت ولا تجدينه
هتف بيجاد الواقف خلفه ببرود
- نسبته الآن فـى جسدك ٦٠٪ وهذا يعنى أنكِ أصبحتى مدمنة ولكن نسبة علاجك الآن ممكنة ومن أجل هذا لن نتوقف حتى تصبح نسبة علاجك مستحيلة "إيزابيلا"
نظرت لهم إيزابيلا بضعف وهى لا تستطيع التحدث بسبب ذلك اللاصق الذى على فاهِها ووجهها الجميل أصبح نحيلاً مرهقاً وتحيط الهالات السوداء بعينيها وبيدها شئ ما يوصل تلك المخدرات إلـى جسدها ببطء...
ابتعد هشام عنها وهو يرمقها بنظرة مستحقرة ثم خرج من ذلك المكان وتبعه بيجاد ببرود..
أغلق الباب عليها ولم تكن سوى غرفة صغيرة وسط أشجار كثيفة يحيط بها الكثير من الرجال للحراسة..
هتف بيجاد بإبتسامة
- ريان دا عليه أفكار جهنمية
صعد هشام إلـى سيارته هاتفا
- أكيد مش هيعدى وجع الملكة وهيخليها تحس بيه أضعاف مضاعفة
صعد بيجاد بجواره وهو يومئ بخفة وانطلق هشام بالسيارة مبتعدين عن ذلك المكان...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى من إرتداء بذلته ومن وضع عطره النفاذ ليرتدى نظارته وخرج من الغرفة تزامناً مع خروج شقيقته من الغرفة المجاورة
ابتسم لها ثم سارا إلـى الخارج وصعدا السيارة منطلقين إلـى الشركة..
توقفت السيارة بعد وقت ليضع هو نظارته السوداء وترجل من السيارة ودلف إلـى الشركة برفقة رنـا.. يظهر من الخارج ثابتاً كالجبال ولكن من الداخل يتلهف لرؤيتها..
توقف المصعد معلناً وصولهم إلـى الطابق المحدد لتخبرهم السكرتيرة بأنها بإنتظارهم..
أدار المقبض برفق وضربات قلبه تتزايد بإضطراب دلفت شقيقته بينما هو ظل واقفاً بالخارج يحاول جمع شتات نفسه..ثم دلف إلـى المكتب وأول شئ وقع عيناه عليه هى..
تقف بجوار شقيقته وعلى وجهها إبتسامة رقيقة مثلها تقدم نحوها ببطء ومد يده بدون أن يتحدث
نظرت كيان إلـى يده قليلاً ثم صافحته وسحبت يدها بسرعة ليبتسم هو بخفة ثم جلس ثلاثتهم على طاولة الإجتماع التى بالمكتب...
ظل شارداً بها وهو يدقق بأصغر تفاصيلها.. يريد أن يحفر ملامحها داخل قلبه..
حمحت رنـا وهى ترى شرود أخيها بتلك التى ترود وجهها حرجًا .. عاد هو من شروده ونظر إلـى شقيقته ليعتدل فى جلسته
كاد أن يتحدث ولكن قاطعته هى مردفة
- هنستنى هشام علشان نبدأ
أومأت لها رنـا بخفة بينما بقي هو مثبت عيناه عليها وما هى إلا دقائق حتى انضم لهم هشام وجلس بجوار كيان وبدأوا يتحدثون عن العمل بجدية طاغية
ولكن هذا لم يمنعه عن اقتطاف بعض النظرات لها..
ضرب هشام قبضة يده بالطاولة ليرتجف جسد كيان بفزع بينما نظر له زيد بهدوء ورنـا بتعجب
هتف هشام بنبرة محذرة
- وكل ما اهتمينا بالشغل بس هيكون أفضل لينا
ابتسم زيد بخفة وهو يعلم أنه يقصده هو بكلامه ليردف بنبرة رجولية
- بالفعل
اقتربت كيان من هشام وهتفت بهمس
- في حاجه غلط فـي الشغل ولا ايه؟
نظر لها بإبتسامة بسيطة وهو يومئ لها بالنفي ليبدأوا بالحديث مجدداً..
قاطعهم هذه المرة صوت رنين هاتف هشام لينظر إلـى هوية المتصل ليجيبه على الفور وهو ينهض من مكانه مبتعداً عنهم واقفاً أمام الزجاج الذى يظهر مدخل الشركة بأكمله
تحدث بهمس ثم أغلق الهاتف ونظر إلـى كيان مردفا
- كملى الإجتماع
أومأت له كيان بينما رمق هشام زيد بنظرة محذرة وخرج من المكتب..
هتف زيد بجدية
- هل هذا عدم تقدير
هتفت كيان سريعاً مبررة الموقف
- لا اكيد حصلت حاجه علشان كدا هو اضطر إنـه ميكملش الإجتماع بس متقلقش انا هكلمه ومش هتحصل أى مشاكل
نظر لها نظرة أربكتها هاتفا بنبرة غريبة
- وهذا ما يعجبني
رفعت حاجبها مردفة
- نعم؟؟
اردفت رنـا سريعاً مغيرة مجرى الحديث
- لنكمل حديثنا عن العمل
نهض زيد مردفا
- أرى أن نكمله في مكان خارج الشركة، مطعم مثلًا
نهضت كيان مردفه
- والسبب
نظر لها بأبتسامة بسيطة هاتفا
- أريد هذا
هتفت كيان بعند
- وانا مش عايزة كدا والاجتماع هيخلص هنا
استند بكفيه على الطاولة منحنيا إلـى أمام مقترباً منها هاتفا بهمس
- سنكمله في مطعم
ابتعدت إلـى الخلف مردفة
- وانا مش موافقة ولو مش هنكمل هنا يبقي الصفقة اتلغت
رفع حاجبه مبتسماً بخفة وهو يراها تتصرف بعناد ليستمع إلـى شقيقته التى دائماً تدخل عندمـا تجد أن الأمور تتأزم
_ سيدة كيان، ما يقصده هو أن تغيير المكان سيضيف راحة أكثر على تعاملنا، ويمكن أن تنتناول شيئًا بينما نتحدث عن العمل
نظرت لها كيان بعدم اقتناع مردفة
- لو كان قالها بالطريقة دى كان ممكن اوافق بس برضه لا
كادت رنـا أن تتحدث ولكن منعها زيد عندما رفع يده مشيراً لها بأن لا تتحدث ثم هتف وعيناه مثبتة علي كيان
- اتركينا بمفردنا
اتسعت أعين كيان ونظرت له بخوف بينما أومأت له رنـا بخفة وكادت أن ترحل ولكن قاطعها صوت كيان وهى تردف بسرعة
- مفيش داعي، أنا موافقة، كدا كدا جعانة
وخرجت سريعاً من المكتب وتبعتها رنـا التى تهز رأسها بخفة وخرج هو خلفهم مبتسمًا.
هتفت كيان بهدوء وهى تتحاشي النظر إليه
- هنروح مطعم الذئب هبعتلك الموقع
أومأت لها رنـا وصعدت كيان إلـى سيارتها ثم بعثت اللوكيشن إلـى رنـا وتحركت بسيارتها بسرعة بعدما كانت تشعر بالتوتر من نظرات ذلك الزيد لها..
وانطلقوا هم خلفها..
بعد وقت..
كانوا يلتفون حول طاولة فـى مكان منعزل عن البقية وكانت تجلس كيان وقبالها زيد وبجانبه رنـا..
هتف زيد بهدوء
- لنطلب طعامًا
لم تنظر له بينما وافقته رنـا الرأى ليشير إلـى النادل الذى حضر وأخذ طلباته وطلبات رنـا وكذلك كيان..
نهضت رنـا وأردفت
- سأذهب إلى المرحاض
ثم رمقت أخيها نظرة فهمها هو ليبتسم بخفة على مكر شقيقته وذهبت رنـا تاركة كيان تتظاهر وكأنها منشغلة بهاتفها..
ثبت عيناه عليها وهو يتفحص كل إنش بها.. مـن بداية شعرها الذى يسقط على وجهها وتعيده بكفها إلـى خلف أذنها..عينيها الواسعة ذات لون السماء الصافية وذلك الكحل الأبيض الذى تزين به جفنها زادها لمعاناً
إبتسمت بإستمتاع وهو يري توترها من حركة أهدابها السريعة ليحمحم بخشونه مردفاً
- أعتقد، أن أول مقابلة بيننا لم تكن لطيفة قليلًا
نظرت له سريعا مردفة بعفوية واستنكار لحديثه
- قليلًا!!
ثم اتسعت عينيها منتبهة لجوابها السريع أشاحت بصرها تنظر بعيداً بينما ابتسم هو بخفة مردفا بنبرة عميقة
- حسناً يا صغيرتي مقابلتنا الأولى لم تكن لطيفة أبداً
شعرت بألم فـى معدتها وهى تستمع إلـى ذلك اللقب الذى ناداها بـه ولكنها لم تنظر لـه لتسمعه يردف مجدداً
- لم أكن أريد أن تكون هكذا مقابلتنا الأولى.. ولكن قد حدث ما حدث ولا يمكننا تغييره، لكن يمكننا أن ننسي ونبدأ من جديد، أليس كذلك؟
اغمضت عينيها تستجمع شجاعتها ثم نظرت له، ولكنها لم تضع عينيها بعينيه وهتفت بهدوء
- مش مهم الكلام دا كله دلوقتى، خلينا نركز فـي الشغل وبس وزى ما قولت "ما حدث قد حدث"
- هل هذا يعني موافقتك على بداية جديدة؟
رمقته بمظرة حادة مردفة
- أكيد لا وكمان مش مهتمة بفتح صفحه جديدة معاك
عقد حاجبيه هاتفا بلطافه
- أوه، هيا يا صغيرتي لا تجعلي قلبك يقسو عليّ فأنا قد تلقيت الكثير من اللكمات في ذلك اليوم ولقد تخطيت كل هذا لأجلك فقط.. فلمَ لا نبدأ من جديد
رفعت اصبعها فـى وجهه مردفة بتحذير وبعض الغضب
- متقوليش يا صغيرتي وكل اللى قولته دا ولا يفرق معايا احنا ما بينا شغل فقط فاهم
وعلى حين غرة قلل اصبعها لتجذبه إليها سريعا وهى تنظر له بغضب وأعين واشعة غير مصدقة ما قام به بشكل مبتذل، بينما هو أردف مبتسمـا
- حسناً لا تغضبي صغيرتى رغم أنكِ تبدين جميلة أثناء غضبك
نهضت كيان وهى تنوى الرحيل ولكن وجدت رنـا تأتى نحوهم لتخبر نفسها بأنـه لن يفعل حركاته تلك بوجود شقيقته لتجلس مجدداً وجلست رنـا وهى تنظر إلـى أخيها الذى ابتسم بخفة...
جاء النادل ووضع أمام كل منهم طلبه وغادر ليبدأوا بالأكل
همس وهو ينظر إليها ويده تتلاعب بالطعام
- هل أحسد الشوكة الآن؟
اتسعت عينيها وهى تستمع إلـى همسه ثم سعلت بقوة بعدما توقف الطعام بحلقها ليناولها الماء سريعا بينما نهضت رنـا تربت على ظهرها وهى تنظر إلـى أخيها بحنق
ارتشفت القليل من الماء وبدأت تهدأ جلست رنـا وهى تردف بقلق
- أنتِ بخير؟
أومأت لها بخفة وهى تعتقد بأنها لم تسمع بما تفوه بـه شقيقها ثم أمسكت بكوب الماء وتصنعت بأنـه انزلق مـن يدها لينسكب عليه
ابتعد زيد سريعا إلـى الخلف بينما شهقت كيان وهى تردف بتأسف مصطنع
- مكنتش أقصد.. عفوًا
اخفت رنـا ابتسامتها بأعجوبة بينما نظر لها زيد نظرة أربكتها ثم نفض الماء عن ثيابه وجلس مجدداً وهو يردف
- لا بأس، على كل حال الجو حار، شكرًا لكِ
ثم بدأوا يتناولون من جديد تحت نظراته لها التي تشعرها بالتوتر ولكنها كانت ترمقه بحدة بينما رنـا كانت تشاهدهما وكأنها تشاهد مسرحية ما وهى تكبت ضحكتها بصعوبة
وبعد وقت
نهض ثلاثتهم وصافحت رنـا كيان وهى تخبرها بأنها سعدت كثيراً بالتعرف عليها
مد زيد يده لتصافحه كيان ليقبض هو على كفها مردفًا ببسمة لا تظهر إلا فـى وجودها
- سنلتقي
رفعت نظرها نحوه بسبب فارق الطول ولم تتحدث بينما ترك هو يدها وخرج برفقة شقيقته من المطعم تحت نظراتها وهى تمسك بكف يدها وتشعر نبضات قلبها التى تنبض بقوة
تنهدت ثم خرجت هى الأخرى وصعدت سياراتها وانطلقت بها عائدة إلى القصر
تجلس بجواره وهى تحاول كبت ضحكتها ليردف بدون أن ينظر لها
- اضحكِ لا بأس
وكأنه أعطاها الإشارة الخضراء لتترك العنان لضحكتها حتى امتلأت عيناها بالدموع بينما هو اكتفي بإبتسامة خفيفة ...
هدأت قليلا من الضحك وهتفت
- لا أصدق كل ما شهدته، حقًا
أردف بهدوء
- ولكنك تصرفتي تصرف جيد رغم أنك لست مستوعبة ما يحدث
هزت كتفيها مردفة بمشاغبة
- عندما أجد أخى أخيرا وقع بالحب بعدما كان لا يطيق النساء فهذا تصرف متوقع منى .. ولكن !.. ماذا لو أن أخاها رفض هذه العلاقة
أجابها بهدوء تام
- السؤال هو ماذا أفعل لأجعلها تبادلني نفس الشغف
أسندت وجنتها على كف يدها ونظرت له مردفة بمرح
- انا الآن فى صدمة لا توجه لي أي سؤال
ضحك بخفة ثم لمعت عيناه بفكره راقت له كثيرٱ نظرت له رنا مردفة
- لست مطمئنة لهذه النظرات
ابتسم بخفة ولم يجيبها ونظر إلى الطريق بصمت بينما رنا فكانت تشعر بالقلق فهى تعلم أن شقيقها بدأ يحب تلك الكيان وتعلم أيضا انه اقناع كيان بحب شقيقها لن يكون بالشئ السهل ولكن ما يصعب الأمر أكثر هو أخيها ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد تحسنت كثيراً بل شفيت تماماً..
ظل واقفا بجوار الفراش يطالعها بنظرات أرهقها العشق ينتظر زوال مفعول المخدر حتى يري اذ كانت تحسنت على حسب استنتاجاته أم لا..
بدأت تتململ بخفة وهى تحاول فتح عينيها ونجحت بذلك وكان أول شئ تراه وجهه..
ابتسمت بخفة ليبادلها بإبتسامة دافئه اعتدلت فى جلستها بمساعدته لتضع يدها على رأسها بألم
هتف ريان بتوجس
- حاسه بإيه؟
هتفت بصوت مبحوح بالكاد سمعه
- وجع في راسي بس
تنهد بخفة وقبل رأسها مردفا بفرح
- دا مجرد صداع هيروح مع العلاج
اومأت له ثم نظرت له ورفعت كف يدها ووضعتها على لحيته التى نمت بشكل ملحوظ وابتسمت رافعه لؤلؤتيها السوداء تطالعه بعشق مردفة
- وحشتنى
نظر لها وإلى عينيها التى اشتاق لها كثيرا، ليلبي رغبة قلبه وكل جسده في احتضانها، يضمها له متنهدًا براخة وأخيرًا
ابتسمت بوهن وهي تربت على ظهره، قبل أن تتوقف يدها وهي تشعر بجسده يهتز مقابل جسدها وهو يشدد من احتضانه لها ... ترك العنان لدموعه واظهار ضعفه الذي عاناه معها
أهو حقاً يبكِ؟؟؟
مازالت غير مستوعبة إلـى الآن ما يحدث
دموع مَـن شهد الزمان على قوتـه وصلابتـه .. ها هو يبكى الآن بين ذراعيها كـطفل صغير .. امتلأت لؤلؤتيها بالدموع وهى لأول مرة تشهد ضعفة .. شعرت بنغزة قوية بقلبها وهـى تراه بهذه الحالة ..
لقد بكى من فرط ما فيه .. ذلك الذى لا شئ يبكيه
هبطت دموعها بغزارة وهـى تستمع إلـى صوت شهقاته .. لم تتحدث .. ولم تبدى أى رد فعل .. فقد تضمه لها بحنان وتربت عليه بخفة ..
أما هو فكأنـه كان ينتظر هذه اللحظة منذ سنوات عديدة .. لأول مرة يظهر ضعفه لأحد .. يكره هذا الشعور جداً .. ولكنه أيضاً لم يكن سيستطيع اظهار ضعفه لأحد سواها .. هى من امتلكت قلبه .. هى التى تستطيع مداواتـه .. هى وحدها من تستطيع فعل أشياء هو بذاته لا يستطيع فعلها .. هـى فقط ولا أحد سواها ....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- أهلا وسهلا بيهم يشرفوا
اردف بها بيجاد بهدوء بعدما اخبرته صبا بأن عائلتها قادمون لرؤيتها
جلست صبا بجانبه مردفة
- بيجاد..اكيد هيسألوا سبب رجوعنا بالسرعة دى ومكلمناش حتى 15 يوم
احاط كتفيها مردفا بهدوء
- دى حاجه متخصهمش يا سمرتى .. واحنا مش مجبورين اننا نجاوبهم
ثم نظر لها قليلا ليعتدل فى جلسته هاتفا
- مايكل جاي
أومأت برأسها مؤيدة حديثه ليزفر بقوة مردفا
- ادعى يعدى اليوم على خير .. روحى اجهزى يلا
ابتسمت له وهى تقبله من وجنته وركضت إلـى الأعلى بينما هو نهض ممسكاً بهاتفه الذى أعلن عن وصول مكالمة ما ووقف فى زاوية محددة وهو يجيب على المتصل
اردف بحنان وهدوء
- نعم حبيبتى .. بالتأكيد اشتقت لكِ ومن لا يشتاق لميرا الجميلة
ضحك بخفة وهو يستمع إلـى حديثها ثم اردف وهو يلقي نظرة خلفه
- نعم بالتأكيد سنلتقي وقريبًا أيضًا
صمت قليلا وهو يستمع لتلك التى تدعى ميرا ليكمل
- لالا هذا وقت طويل وأنا اريد رؤيتك بأسرع وقت دعيني أراكِ مساء يوم غد
- حسناً إلـى اللقاء القريب ميرا
انهى حديثه وأنهى المكالمة ثم استدار متوجهاً إلـى غرفته وكأن شيئاً لم يكن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- سيادة اللواء انا بجد زهقت يعني إيه لغوا المهمة ودلوقتى ملهاش وقت محدد
هتف بها آسر بحدة وغضب وقد قتمت زيتونتيه ليشبك اللواء كفيه مستنداً على الطاولة ثم هتف بهدوء
- يعنى لغوها يا سيادة المقدم .. حصلت شوشرة ما بينهم واختلاف على أماكن التسليم وقرروا يسيبوا المهمة لوقت مش معلوم لحد ما يتفقوا
مسح آسر على خصلات شعره بعصبيه ليكمل اللواء بنفس الهدوء
- متقلقش الجاسوس بيوصل المعلومات لحظة بلحظة وأول ما يقرروا وقت التسليم هيكون المعاد عندنا وهنقدر نقبض عليهم
زفر إسر بقوة وهو يومئ له ثم غادر من المكتب بل من المقر بأكمله وهو يصعد سيارته وينطلق بها بسرعة شديدة وكأنه ينفس عن غضبه بالسيارة
وفجأة...
صدر صوت صرير قوى بسبب احتكاك إطارات سيارته بالأرض فجأة وهو يري جسد فتاة يقف أمام سيارته وهى تضع كفيها على وجهها بعدما كان سيدهسها بسيارته
ترجل من سيارته بسرعة وهو يقف أمامها هاتفا
- انتى كويسة ياآنسة
شعرت وكأن هذا الصوت مألوفاً لها لتبعد كفيها ليظهر وجهها وتطالعه ليصدق حدسها عندما وجدت أنه أكثر شخص تبغضه فى حياتها
هتف آسر بحدة وتفاجؤ بها
- مش تفتحي يا بت ولا أنتِ ناوية تجيبيلي مصيبة
تنهدت أريب بهدوء مردفة بهدوء وبرود شديد
- رغم انك انت اللى غلطان وقطعت اشارة المرور وكان ممكن تموتنى بسبب تهورك وسرعتك الزايدة وكمان بتكلمنى ببجاحه بس مش هرد عليك
نظر آسر لإشارة المرور ليجدها بالفعل حمراء وأنـه هو المخطئ وكان من الممكن أن يدهسها هى أو أحد غيرها..
لينظر لها مقرراً أن يطمئن عليها ولكنه وجدها تسير مبتعدة عنه، تعجب من هدوئها الغير معتاد ليسير خلفها مردفا
- ثوانى بس يا أريب
وقفت أريب ثم سحبت الهواء إلـى رئتيها واستادرت له مردفة، متجاهلة ذلك الشعور الغريب حول نقطه لأول مرة لاسمها
- أولا آنسة .. ثانيا نعم
- أنتِ كويسة يعنى السيارة لمستك او سببتلك أي أذى
هزت رأسها بالرفض واستدارت مبتعدة من أمامه قطب حاجبيه بتعجب من هدوئها وكاد أن يستدير هو الآخر لكى يذهب ولكنه وجد بعض من الشباب يقطعون عليها الطريق
أما أريب فهى كانت بالفعل بحالة سيئة .. تشعر ببركان بداخلها يريد الانفجار ولا تعلم السبب .. شعور الغضب الذى بداخلها غريب .. لهذا تحاول تجنب كل الأشخاص حتى لا تؤذيهم إذا كان بلسانها أو بيدها...
ولكن لم يشأ العالم حولها تركها بمفردها فى هذه اللحظات ليرسل لها هؤلاء الشباب الثلاثة وقطعوا طريقها
حاولت تجنبهم بدون النظر لهم ولكنهم لم يتركوها من مضايقتها بحديثهم ووقوفهم أمامها مانعين إياها من العبور
اغمضت عينيها بقوة وكادت أن تتحدث ولكنها وجدت صوت تآوه الشباب لتفتح عينيها لترى آسر وهو يكيل اللكمات والركلات لهؤلاء الشباب الثلاثة
ابتعدت من مكان المشاجرة هذه واخرجت هاتفها وقامت بالإتصال على أخيها لكي يأتى ويأخذها وعينيها على آسر الذى ظهر كوحش كاسر وهو لا يترك لهم فرصة للفرار من بين يديه
أما آسر فهو لم يتحمل رؤيته لهم وهو يضايقونها بهذا الشكل ليتوجه نحوهم وأخرج غضبه بهم وهو يلكمهم بكامل قواه البدنية وكأنه يلكم كيس الملاكمة
وأخيراً وقع الثلاث شباب أرضا مغشيين عليهم والدماء تخرج من أفواههم وأنوفهم ليهاتف آسر بعض الرجال لكى يأتوا ويأخذوهم إلـى القسم ومعاقبتهم
استدار لكى يرى تلك الأريب ولكنه لم يجدها فهى بالفعل قد غادرت مع شقيقها الذى لم يأخذ سوى دقائق قليلة ليأتى لها وأخذها
ليتوجه نحو سيارته وانطلق مغادراً بها بعدما جاءوا بعض الرجال وأخذوا أولئك الشباب
هتف إياد بتساؤل فهو لم يري مشاجرة آسر مع اولئك الشباب
- حصل اى
- محصلش حاجه انا خرجت اتمشي زى ما قولتلك وبعدها مقدرتش اكمل مشي فـ اتصلت عليك
نظر لها بطرف عينه وهو يستمع إلـى نبرتها الغريبة وصمت مكملاً قيادته نحو الڤيلا ليرى ما بها
توقف بالسيارة وترجل منها وأمسك بكف شقيقته ودلف بها إلـى الڤيلا وألقى السلام على آيـة وأمينة وتوجه إلـى الأعلى حيث غرفته وهو يجذب أريب خلفه
أغلق الباب خلفهم واستدار لها ليجدها تجلس على الفراش وهى تنظر إلـى الأمام بهدوء وهذا ليس من عادتها فهى دائما مشاغبة مشاكسة..
جلس على ركبتيه أمامها وأزال حجابها ليظهر شعرها القصير والذى بدا أقصر من قبل ليعلم بأنها قامت بقصه أكثير
ليمسك إحدى خصلاتها مردفا
- قصتيه لى تانى
هزت كتفيها بهدوء ليخبرها بأن تنظر له وفعلت هى هذا ليتفاجأ إياد من ذلك الغضب الساكن بعينيها الحادة فقد تغير لون عينيها العسل المصفي إلـى البنى الداكن
ليحيط وجنتيها بكفيه هاتفا بقلق
- مالك ياأميرتى
تثاقلت أنفاسها وهبطت الدموع من عينيها من كثرة غضبها وارتمت داخل احضانه ليتلقفها بقلق ورعب دب فى قلبه على شقيقته
هتفت أريب وهى تتشبث بملابسه من الخلف بقوة بصوت حاد وغاضب ممتزج بالبكاء
- انا بكرهه .. كل يوم بدعى عليه في كل صلاة .. بتمناله الموت بأبشع طريقة .. بدعى عليه من كل قلبي ياإياد
انا مش عايزة ابقي وحشة وادعى على اللى هو مفروض يكون ابويا بالطريقة دى بس غصب عنى .. جوايا نار لو خرجت هتحرقه وهو عايش .. مش قادرة اسامحه لإنـه هو اللى قتل ماما وباع اختى لواحد حقير كان هينتهك شرفها بدون وجه حق لولا ستر ربنا ليها وبعتلها شخص يكون حماية ليها من كل أذى .. وكان هيبيعنى وأختى آيـة لمجرد شخص جابله فلوس كتير لولا رحمة ربنا وطلعت دى اختنا وجوزها اللى ربنا بعتهم علشان يحمينا من شره
عايزة اعترفلك إنـى فـي كل مرة بخرج اتمشي فيها بدور عليه وبروح منزلنا اللى اتربينا فيه وانا بقول ممكن الاقيه واقتله بإيدي واطلع قلبه من مكانه ومش بلاقيه
بدور عليه كتير وبسأل الناس عليه وأنا بوريهم صورته لعل وعسي حد يعرف مكانه لكن للأسف لا
انا عمرى ما كرهت حد بالطريقة دى ولا اتمنيت فـي يوم إن الكره يدخل قلبي لكن غصب عنى
حاولت كتير ابعد عنه واشيله من تفكيري وانى مفكرش في قتله بس عقلي بيخدعنى وبيخليني احلم انى بقتله وبرتاح منه
انا مش عايزة ابقي قاتلة ياإياد .. مش عايزة ابقي وحشه .. عايزة الغضب والكره اللى جوايا دا يختفي
قلبي فيه نار يا إياد بتزيد مع مرور الوقت مش بتهدى
صدمة سيطرت على جميع حواسه .. يشعر بثقل لسانه وجسده وهو لا يستطيع حتى تحريك اصبع واحد فيه .. لا يصدق بأن الشيطان قد توصل لنقطة ضعف شقيقته وجعلها تحمل كل هذا البغض والغضب إتجاه والدها وجعلها تفكر فى قتله .. لا يستوعب بأن أميرته الصغيرة تفكر بالقتل بدون أن تفكر بعقاب الله لمن يقتل
شعر بالذعر يحتل كيانه على أميرته ليزيد من احتضانه لها وكأنه يريد ادخالها بداخل أضلعه حتى يخبأها من تفكيرها ومن شيطانها ونفسها الأمارة بالسوء
ظل يستعيذ من الشيطان الرجيم بأذنها ويقرأ لها بعض الآيات القرآنية حتى تهدأ ويخمد ذلك الغضب الذى بداخلها وإلـى الأبد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابتعد عنها ونظر إلـى عينيها لترى إحمرار رماديتيه الممزوجة بإخضرار مميز ، لتمرر كفها على كلتا وجنتيه تزيل أثر الدموع من عليهما
ابتسم بخفة مردفا وكأنه لم يكن هو من يبكي
- لؤلؤى الاسود وأخيراً عاد براقاً
ابتسمت برقة ليقبل وجنتها بخفة ثم ابتعد عنها وقام بإحضار الأدوية واعطاها لها ثم أحضر لها كوب ماء
التقط منها كوب الماء مردفا
- دى علشان الصداع هنلتزم عليها لحد ما يختفي خالص تمام
أومأت له ليمسك بكف يدها وجعلها تقف وقبل يدها لتنظر حوراء حولها بإستغراب متسائلة
- احنا فين
أجابها ريان وهو ممسك بها متجهاً بها نحو باب الغرفة
- دى يا لؤلؤى الاسود ڤيلا مخصصة لأضلاع المثلث الملون ومحدش يعرف عنها غيرهم لكن الآن انتى تعرفي عنها
توقفت ونظرت له مردفة بتوجس بصوتها المبحوح
- طيب هما ممكن يتضايقوا لإنى اتدخلت فـي حاجة تخصكوا انتوا بس
هز رأسه بالنفي وحثها على إكمال السير مردفا
- لا لإنك غير أى حد .. هوريكي الڤيلا وبعدها ترتاحى
أومأت له وتحدثت بجدية
- ماشي بس هنمشي من هنا بأسرع وقت
نظر لها ريان بطرف عينه مردفا
- أوامرك يا جلالة الملكة
وبالفعل لم يترك أى جزء أو ركن أو زاوية إلا وأراها إياها وانبهرت هى بتصاميم هذه الڤيلا التى كانت راقية فى كل شئ ليس بها خطأ واحد
ألوانها التى كانت ممزوجة بين الألوان الداكنة وألالوان المُبهجة
تميزت هذه الڤيلا بجمع الطابع القاسي والمرح معاً
وتميزت أيضاً بأن بها كل ما يتمناه الشخص
رأت واجهة الڤيلا والبهو، غرفة رياضة، غرفة تسلية، ومطبخ الڤيلا، كل شيء أراها إياه بينما يأخذ رأيها في كل زاوية، حيث كانت على ذوقه هو وصديقيه
قام ريان بفتح الثلاجة لها لتشهق حوراء وهى ترى تصميمها الضخم
ضحك ريان بخفة
- الأكل أهم حاجة بالنسبة لـببجاد
ضحكت حوراء ثم التفت حول نفسها تشاهد أثاث المطبخ لتقطب بين حاجبيها بإستغراب وهى تقترب من حوض المياه الذى بدا شكله غريباً حيث كان مُصمم على هيئة حلقة حلزونية
نظرت إلـى ريان مردفة بمرح
- لى الأذى طيب بتدوخوا المياه ليه
حك ذقنه بإبهامه وهو يرفع حاجبيه مردفا بمرح
- احنا بنحب التعذيب
ضحكت حوراء ثم نظرت إلـى حوض المياه مردفة
- ذوق بيجاد صح
- صح .. وهو كمان صمم غرفنا ودا سبب مشاكل ليا ولـهشام
انهى حديثه بنبرة مرحة لتنظر له بتساؤل ليكمل
- هو صمم انه يصمملنا غرفنا ومحدش فينا هيشوفها غير لما ينتهى منها لإنها مفاجأة، أكيد محدش فينا اطمن للفكرة دى بس وافقنا علشانه وصدمتنا كانت لما شوفنا الغرف وكانت مفيهاش اللون الاسود بتاتاً
ثم ضحك بخفة وهو يتذكر رد فعل هشام فى تلك اللحظة بينما هو تقبل الأمر سريعاً مكملا
- طبعاً متتخيليش رد فعل هشام كان ازاى
ضحكت حوراء من تصرفات ذلك البيجاد اللعوب وتذكرت الغرفة التى كانت بها والتى كانت غرفة ريان والتى بالفعل لم تحمل اللون الاسود بين طياتها بل جعلها غرفة مبهجة ذات اللون الرمادى الفاتح والأبيض اللامع وبعض من الديكورات الرائعة مما جعلها متناقضة تماما عن شخصية صاحبها
انتهوا من رؤية الڤيلا والتى أخبرته أنها من يراها من الخارج حيث لونها الاسود القاتم لا يراها من الداخل حيث أنها تجمع بين شخصية هؤلاء الاصدقاء الثلاثة المتناقضة تماماً
ثم أدخلها غرفة هى لم تكن غرفة بل كانت مكتبة مليئة بالكتب جدرانها عبارة عن أرفف موضوع عليها الآلاف من أنواع الكتب
اتسعت أعين حوراء وهى تلتف حول نفسها حيث أنها ترى الكتب تحيط بها من كل زاوية ثم أصبحت تصرخ وتصفق بيديها بسعادة وهذا رد فعل بسيط للغاية لعاشقة قراءة مثلها
ضحك ريان بخفة وهو ينظر لها بعشق جارف وتلك السعادة التى يشعر بها الآن هى أكبر من أى وقت مضي شعر فيه بالسعادة
فها هى محبوبته تقف أمامه بعد شهر كامل من الألم تلتف حول نفسها مثل الفراشة وعيناها تلمع بالسعادة لم يكن يعلم أنها تعشق القراءة لهذا الحد
أفاق من شروده على يدها التى أحاطت بذراعه وهى تنظر له ببراءة هاتفه
- الكتب دى روايات
نظر لها بإبتسامة مخصصة لها مردفا
- لا .. دى تاريخ، فلسفة، أدب و....
وقبل أن يكمل حديثه شعر بها وهى تترك ذراعيه مردفة بتذمر اشتاق له كثيراً
- بس بس متكملش هيجيلى الضغط ..فلسفة وتاريخ اى بس هى فايدة الكتب اى لو مكانتش روايات
قهقه على حديثها المستنكر لحديثه وأمسك وجنتها مردفا
- مكنتش اعرف ان لؤلؤى الاسود بيحب القراءة وبالأخص كتب الخيال
- خيال؟!!
هتفت بها بإستغراب ليومئ لها مردفا
- ايوا الروايات اللى بتقولى عليها دى خيال
= اولا ابعد ايدك دى .. ثانيا خيال بس حلوة ومسلية مش زى الكتب المملة دى .. انا فاكرة انى كنت لما افتح كتاب الدراسات كنت بنام من الملل وكل حاجه فى تاريخ والعصور القديمة بجد حاجة مثيرة للقشعريرة
قهقه ريان بقوة على هذه المجنونة واردف من بين ضحكاته التى غابت عنه لشهر كامل
- طيب يا مجنونة يلا علشان ترتاحي كفاية كدا
وأمسك يدها لتردف هى سريعا
- لا عايزة امشي
هتف ريان بدون ان ينظر لها واكمل سيره إلـى الغرفة مردفا بإرهاق ظهر فى صوته
- طيب ممكن نرتاح الاول وبعدها نمشي
كادت ان تعترض ولكنها ادركت إرهاقه فـي خلال ذلك الشهر هو لم يرتح إطلاقاً لتصمت وسارت معه بهدوء، وشكر هو ربه بداخله فهو حقا يريد النوم الآن أكثر من أى وقت مضي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلس بجانب زوجته بكل هدوء بعدما رحب بعائلة زوجته حيث أتى أبيها الشرقاوى وتلك الحية كما لقبها والدتها كريستين وشقيقتها وابنها الذى يود أن يفتك بـه مايكل
هتفت كريستين باعتراض على ما تفعله ابنتها من تمرد
- لمَ أتيتم باكراً من شهر عسلكم هل حدث أمر ما سيء؟
كانت صبا تطالعها بقوة وكادت أن ترد عليها ولكن خرج صوت بيجاد البارد كـ نظراته التى جعلتها تشعر بالخوف من برودة نظراته
- هذه أشياء خاصة، بيني وبين زوجتى لا دخل لكِ بها
هتف الشرقاوى بجدية
- اكيد واحنا مش جايين علشان نسأل احنا هنا نطمن علي بنتنا وبس
وكان ينظر ألـى كريستين بحدة بينما ابعدت الأخرى عينيها بغضب من رد بيجاد البارد والمحرج بالنسبة لها
هتف مايكل وهو ينظر بخبث إلـى صبا
- ما بكِ يا ابنة خالتى يبدو وكأنكِ لستِ سعيدة بهذا الزواج
رفعت صبا حاجبها وخرج صوت بيجاد الحاد مردفا
- وما شأنك أنت؟ انشغل بما يخصك فقط وإلّا لن يعجبك ما سيحدث
اجابه مايكل بكل برود
- إنها ابنة خالتى ويهمنى أمرها إذا كانت سعيدة بزواجها أم لا
كاد بيجاد أن ينهض ويحطم وجهه المستفز ذاك ولكن قبضت صبا على يده وهى تنظر له وتشير له بالرفض ليتنهد بقوة
هتفت والدة مايكل بهدوء
- حسنا هذه أشياء خصوصية ولا دخل لنا بها
واكملت وهى تنهض
- صبا حبيبتى هيا بنا نجلس معاً بينما الرجال يجلسون معاً
أومأت لها صبا ونهضت هى ووالدتها وكادوا أن يرحلوا ولكن منعهم صوت بيجاد الذى هتف ببرود
- مهلا .. لقد قلتم الرجال يجلسون معاً إذا لما تتركون مايكل معنا
اتسعت أعين صبا وكريستين ووالدة مايكل بينما كتم الشرقاوى ضحكته بصعوبة فهو أيضا لا يطيق هذا المايكل
أما عن مايكل الذى طارت جبهته منذ قليل فقد نهض وهو يصيح بوجه محمر من الغضب
- ما الذى تتفوه به يا هذا أجننت أنت أم ماذا
أشار له بيجاد بالجلوس مردفا بكل برود
- إهدأ لم أكن أعلم أنك من الرجال لا بأس فكثيرون يمرون بهذه المواقف
أمسكت صبا بأيد خالتها وسحبتها إلـى الأعلى وتبعتهم والدتها بينما هتف الشرقاوى بصوت يهدد بالضحك
- إهدأ مايكل إنـه يمزح معك فقط لا يوجد شئ
جلس مايكل بوجه محتقن غاضب بينما شعر بيجاد برغبة الشرقاوى فـى الضحك ليردف بمرح باللغة العربية حيث لم يفهمه مايكل
- اضحك واللى مش عاجبه يغور كدا كدا غير مرحب بيه
لم يستطع الشرقاوى التحمل لينفحر بالضحك بينما ابتسم بيجاد بخفة وكان مايكل ينظر لهم بغضب وعدم فهم لما تفوه به بيجاد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ترجل الدرج وهو يرسم إبتسامة بسيطة على محياه حتى لا تشعر أميرته بما يحمله بداخله من حزن وألم على أميرته الصغرى فهو تركها بعدما غطت فى النوم بين ذراعيه بعد بكاء طويل
ابتسم لأمه الروحيه وقبل رأسها ورأس أميرته والتى بالفعل لم تشعر بشئ
هتفت أمينة بحنان
- ياابنى انا عايزة اروح بيتي
ضيق بين حاجبيه هاتفا بحزن
- لى ياأمى احنا قصرنا معاكى فـ حاجه ولو مش مرتاحة هنا ننتقل بيت تانى
- لا ياابنى بس بنت اختى جت وقالت انها عايزة تقضي الأسبوع معايا
هتفت آية سريعا
- طب ما تيجي تقعد الأسبوع هنا معانا احنا مش وحشناها ولا اى
بينما إياد فقد كان صامت فقد يسمع إلـى ما يتفوهون بـه ..
ثم نظر إلـى آية مردفا
- تعالى معايا نجيبها وكدا تتجمعوا مع بعض احسن ما ماما تمشي
أومأت له آيـة والتقطت حجابها ووضعه على رأسها وأحكمته جيداً وغادرت برفقة شقيقها الشارد لجلب تلك الفتاة
صعدوا السيارة وانطلق إياد متوجها لذلك المكان الذى ولد بـه هو وشقيقاته
بعد وقت...
أوقف السيارة وترجل سريعاً وأمسك يد شقيقته وساعدها على الترجل من السيارة لتنظر آيـة حولها لتشعر بالحنين لرائحة هذه الشوارع الصغيرة والبيوت التى ترتص بجانب بعضها البعض والجميع يبتسم فـى وجه الآخر والحنان يشع من وجوههم
ابتسم إياد مردفا
- اكيد هتلاقيها فـ بيت ماما أمينة
أومأت له وسارت بخطوات ثابتة وعينيها على باب منزلهم المغلق ثم نظرت إلـى الباب المجاور له والذى كان منزل أمينة وكان إياد يستند على السيارة يتابعها بعينيه
طرقت الباب بخفة وانتظرت قليلا ليفتح الباب وطلت من خلفه فتاة جميلة ذات ملامح هادئه بسيطة تتميز بثيابها المحتشمة وحجابها الذى زادها جمالاً ما إن رأت آيـة أمامها حتى اتسعت أبتسامتها وهى تطالعها بدهشة
صرخت رُواء بسعادة وعدم تصديق
- آيــــة
ضحكت آيـة برقة واحتضنتها بحب وهى تردف بإشتياق
- وحشتيني يا رورو
- وانتى كمان وحشتيني قوي .. مش مصدقة عيونى بجد يا بت طلعتى اطول منى
ضحكت آيـة برقة ثم ابتعدت عنها مردفة
- يلا علشان هتيجي معايا عند ماما أمينة
نظرت خلفها وهى تردف بتساؤل
- هى فين جت معاكى وحوراء وأريب
هزت رأسها بالرفض مردفة
- لا إياد بس علشان ناخدك وتقعدى معانا الأسبوع دا
نظرت لها رواء قليلا ثم أومأت بخفة ودلفت إلـى الداخل وبعد دقائق عادت وهى تحمل بيدها حقيبتها لتمسك آيـة يدها واتجهت نحو شقيقها الذى كان مشغولاً بالحديث مع أحد الرجال وهو يبتسم له بإتساع
هتفت آيـة بهدوء
- إياد
التف إياد وابتسم لها بخفة ثم تحدث قليلا مع الرجل وبعدها رحل ليلتف لها إياد مجدداً ليلاحظ تلك الواقفة بجوارها
هتفت آيـة وهى تصعد فـى السيارة من الخلف
- هقعد مع رواء
أومأ لها إياد ثم هز رأسه بخفة لـ رواء وكأنه يرحب بها ثم مد يده وأخذ حقيبتها ووضعها فى السيارة من الخلف بينما صعدت رواء بجانب آيـة وتولى هو مقعد القيادة وانطلق بها عائداً إلـى الڤيلا
بعد وقت...
ترجل ثلاثتهم من السيارة واخرج إياد الحقيبة لتقترب منه رواء وهى تردف بهدوء
- عنك...
لم ينظر لها إياد بينما أردف بجدية
- اتفضلي جوا ياآنسة
امسكت آيـة يدها وسحبتها إلـى الداخل لترحب بها أمينة بحرارة وكان إياد يقف يطالعهم بهدوء
نظرت رواء حولها وهى تردف بتساؤل
- حوراء وأريب فين .. هى حوراء خفت
أجابتها آيـة بإبتسامة
- أريب نايمة وحوراء مع جوزها مسـ....
- جوزها!!!
هتفت بها رواء بصدمة لتضحك أمينة بشدة على رد فعلها بينما أردف إياد بجدية موجها حديثه لآيـة
- وديها أوضتها خليها ترتاح
هتفت رواء سريعا
- لا لا انا هقعد مع خالتى وآيـة
أومأ لها إياد بدون النظر لها وأمسك حقيبتها وصعد إلـى الأعلى ووضعها بالغرفة المجاورة لغرفة أميراته ثم دلف إلـى الغرفة التى تنام بها أريب ليجدها مازالت نائمة وشعرها القصير يخفي جزءاً مـن ملامحها
ليقبل رأسها ثم خرج مغلقاً الباب خلفه ليتنهد بقوة فـ من يطلبها مـن ربـه أثناء صلواته وخاصتا صلاة قيام الليـل وأثناء كل دعاء يدعوا بـه أصبحت معه بنفس المكان هذا يعنى إبتداء الحرب مع نفسه
ترجل الدرج بخطوات ثابتة ليصل إلـى مسامعه صوت ضحكتها الرقيقة والتى لم تتغير أبداً ليغمض عينيه بقوة قابضا على كفه وهو يستغفر ربـه
أشار إلـى آية لتنهض وتتقدم نحوه ليردف بهدوء
- الاسبوع دا هنام برا الڤيلا وهبقي آجى كل يوم اطمن عليكم وأمشي تانى تمام
اختفت ابتسامة آيـة دريجيا مردفة
- لى يا إياد أسبوع كامل
احاط وجهها مردفا بحنان
- مش هينفع ياأميرتى علشان تاخد راحتها هنا
أومأت آيـة بتفهم ليقبل إياد وجنتها وجبينها بحنان وغادر من الڤيلا متوجها إلـى ڤيلا هشام...
هتفت رواء بحرج
- هو مشي لإنى هفضل هنا
هتفت آيـة بإبتسامة بسيطة
- قصدك مشي علشان تاخدى راحتك يا رورو
خلعت رواء حجابها ليظهر شعرها البنى الجميل الذى يتموج بطريقة رائعة وزلت تتحدث معهم باشتياق شديد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رُواء : فتاة فى أوائل العشرين من عمرها ذات ملامح هادئة ، شخصية لطيفة محبوبة من الجميع أحياناً مشاكسة وأحياناً هادئة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والسَّلام.
مِـنَّــــة جِبريـل.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية الطبيب العاشق) اسم الرواية