Ads by Google X

رواية ظننتك قلبي الجزء الثاني 2 الفصل الثاني عشر 12 - بقلم قوت القلوب

الصفحة الرئيسية
الحجم

  رواية ظننتك قلبي الجزء الثاني 2 الفصل الثاني عشر 12 - بقلم قوت القلوب  

الفصل الثاني عشر « لم أكن أتخيل ...!! »

هل تقاس الظنون بحلاوتها أم بمُرها ، فهل يطلق على التمني ظنون !! ، لكن ما لا يتأرجح بين حلوها و مُرها هي الحقيقة التى تقنع وتشكك ، إنها المواقف التى تثبت وتنفي ، إنها ما تبني وتهدم ...

متشبث بالظنون متعلق بالهواء بمهب رياح عاصفة لا تطأ أقدامه أرضًا ولا يصل لقمة غاية ، فقط يسبح في بحور آمال كاذبة ...

تمر الأيام لتسرع بتلاحقها حتي يأتي صباح يوم الجمعة ، يوم تستعد به بعض القلوب بتمني الفرحة وإقتناص السعادة ، وأخري تتوجس خيفة وندم ...

برغم أنه يوم عطلة إلا أن ليس الجميع يتمتع بها ، مرغمًا أو بإرادته فالنتيجة واحدة (الغياب) ...

يومان لم تقع عينا "غدير" على ساكن فؤادها ، فحتى وإن طالت بالسهر لا يأتي إلا وهي مستغرقة بالنوم ، لا تشعر به ، فقط ترى ملابسه التى يبدلها بين يوم وآخر ، لا يبيت معها بالشقة بل يبقى لساعات خاطفة بشقة والديه ، حتى أنهم لا يلاحظون بقائه لتعمده المغادرة بوقت مبكر للغاية ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب
حاولت معرفة الوقت الذي يمكنها رؤيته به إلا أنها تفشل بكل مرة ، حتى أن والديه قد لاحظا توتر العلاقة بين "عيسى" و "غدير" لكنهما لم يتدخلا فهي حياتهم الخاصة ولا يجب عليهم التطفل بها ، ولديهم ثقة بأن ما يربط هذان الثنائي الفريد أقوى من أن تزعزعة زوبعة ضعيفة بمقتبل حياتهم ...

هل يمكن لتلك الأزمة أن تكون سببًا لإنقباض قلبها أم إبتعادها عن صاحب بهجتها ومطمئن روحها ، جلست "غدير" بدون وعي مُدرك للمحيط بها تتخبط بأفكارها فماذا ستفعل الآن وهو يتهرب حتى من لقائها ؟ ، كيف ستجعله يعود لمسار قلبها من جديد ؟ ، أم كُتبت عليهم الغربة بداخل قلوبهم للأبد ...

دفعتها "مودة" بخفة و قد تعلقت عيناها بها بإشفاق على حالها المتعسر منذ تلك الليلة ...
- وأخرتها يا "دورا" ، حتفضلي عاملة كدة ؟!! 

بأنفاس متقطعة لم تكن إثر أزمتها التنفسية بل للألم الذي لا ينتهي لقلبها المنهك ...
- "عيسى" مرجعش يا "مودة" ، مرجعش عشان أتكلم معاه و أقوله يسامحني ، أعمل إيه ؟!!!! مقدرش أبعد عنه كل ده ، حاسه إن روحي بتروح مني ...

ربتت أختها برفق فوق ركبتها المضمومة بشدة لتلك المتقوقعة على نفسها ...
- كل حاجة بتبدأ كبيرة ، وتقل واحدة واحدة ، أصبري شوية ، هو أكيد حيهدى و تقدروا تتكلموا مع بعض ، ده إللي بينكم صعب ظن يكسره ...

زاغت عينا "غدير" بوجه "مودة" المتأثر ببعض الحيرة ، ليغلبها التمنى ..
- تفتكري !!! أول مرة نزعل كدة من بعض ، أول مرة يصدق كلمة عليا ، طول الوقت معايا وسندي ، عمر ما خلى حد يتكلم أو ييجي عليا ، بس هو منه لله "رشيد" وقعني في المصيبة دي ...

رفعت "مودة" جذعها للخلف وهي تزم شفتيها بغيظ من هذا الرجل عديم الأخلاق ...
- منه لله !!!!!! ده إنتِ المفروض تدعي عليه بكل صلاة ، ده معندوش ذرة أخلاق ولا تربية وتقوليلي منه لله !!! أنا لو كنت شوفته وربنا ما كنت حسيبه ، بس من يومها مشوفتش وشه في المطعم ، زي ما يكون عمل العَملة وهرب ...

دفعت "غدير" بكفيها للأمام لتزيح سيرته التي تضيق صدرها ...
- يهرب ولا يروح في داهية ، أنا المهم عندي دلوقتِ "عيسى" ، "عيسى" وبس ...

نظرت "مودة" لمؤشر الساعة ثم عادت لأختها ...
- طيب قومي دلوقتِ إرتاحي شوية زي ما قولت لك وأنا حروح لـ"رؤوف" وأرجعلك لك تاني ...

- إسأليه على "عيسى"؟؟ شوفيه كويس ؟؟؟ أنا قلقانة عليه أوي ..

بعد أن أخبرتها "مودة" على طلب "رؤوف" للزواج منها وشرحت لها ما فعلته "نيره" ، تفهمت "غدير" لقاء قلوبهم المحبة ، لكنها تتمنى أن تنال سكينتها مع مالك فؤادها قبل زواجهم لتعود البسمة لنفسها وقلبها ، تلك البسمة التي غابت بغياب "عيسى" عنها ...

نهضت "مودة" للقاء "رؤوف" الذي أصر على رؤيتها اليوم لأمر هام للغاية لتترك "غدير" بحالتها اليائسة بشقتها لحين عودتها فربما تجدان حلًا لتلك المشكلة ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

من المنطقي أن نحصد زرعًا قد زرعناها ، لكن أن نحصد ما لم نزرعه لأمر غاية بالألم ، حين تصبح الأشواك بطريقنا دون أن نزرعها يومًا ...

إنه يوم الجمعة ، يوم العطلة الذي ينتظره الجميع للتلاقي أصبح أكثر يوم يتهرب منه "عيسى" ، فضل البقاء بمكتبه عوضًا عن وجوده ببيت العائلة وسؤاله عن "غدير" ومعرفة ما حدث بينهم ، أو ربما لقائه معها ، هذا اللقاء الذي يهرب منه منذ تلك الليلة ، لا يستطيع لقائها ورؤيتها ، لا يمكنه نسيان ما رآه بعينه ، ولا يمكن محو الظنون من رأسه ...

جلس فوق الأريكة الجلدية بحال لا يختلف عن مهجة قلبه المتألمة ، فألمه أبشع وأعنف ، إن كانت هي متعبة لبُعده وظنونه ، فهو يُقتل بخنجر وعليه ألا يصدر صوتًا متألمًا ، بل عليه الموت بصمت ...

نكس رأسه واضعًا إياه بين كفيه يخفي عينيه عن العالم القبيح الذي أصبح لا يمكن لقلبه تحمله ، نعم كان يعلم بمدى عشقه لـ"غدير" ، لكنه لم يدرك أنه يعشقها لهذا الحد الموجع ، لقد ترك لقلبه العنان بحبها وتعلقه بها حتى ظن أنه لا يمتلكه بل أصبح ملكًا لها ...

قرر البقاء اليوم كاملًا بالمكتب فلا طاقة له اليوم بلقاء أحدهم أو حتى لقائها ولو بالصدفة ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

بيت المستشار خالد دويدار ...
بنهاية كل أسبوع يأتي يوم التجمع العائلي المحبب لنفوسهم ، لكن هذا الأسبوع كان مختلفًا تمامًا...

جلس "خالد" و "منار" بمفردهما بغرفة المعيشة وقد لازما الصمت لفترة طويلة قطعها "خالد" مخرجًا بعضًا من قلقه الذي يخفيه داخل قلبه المتوجس ...
- إنتِ متطمنه يا "منار" ؟!!!!!!

تنهدت "منار" لتدفع بالهواء دفعة واحدة ظهر كيف كانت تحمل ضيقًا وإرتجافًا بداخل نفسها ...
- ربنا يستر يا "خالد" ، دكتور "محمد" دكتور كبير، إن شاء الله يكون قدها ...

نكس "خالد" عيناه بتمني ...
- يا رب ...

لم يملك بهذا الوقت سوى الدعاء بأن يمر الغد على خير ، فهو لا يحتمل أى أذى يصيب أولاده ، مدركًا قدر الله بكل الأحوال وأن الله يحاسب كل مرء على فعله ولا يؤخذ أحد بذنب آخر فالله عادل ذو إنتقام ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

أنت الأجمل على الإطلاق وإن رأيت بك عيبًا سأقول العيب في عيني ، بقلب يحلق في الآفاق جلس "رؤوف" بإنتظار "مودة" بأحد الكافيهات كما إتفق معها صباح اليوم ،إرتفعت الإبتسامة بشفتيه مُعلنة سعادة إرتسمت بملامح وجهه الشقية برؤيتها تتقدم تجاهه ...

نهض لإستقبالها على الفور فلم يعد يطيق الإنتظار ...
- إتأخرتي ليه ؟!!

نظرت "مودة" لساعة يدها مجيبة إياه ...
- دي هي دقيقة واحدة ...

- وهي الدقيقة بعيد عنك شوية ؟!!!!! الدقيقة بعيد عن عنيكِ عمر بحاله ، يرضيكِ أبقى لوحدي بعيد عنك ...

ضمت إبتسامتها بخجل ثم أشار "رؤوف" تجاه الطاولة بلطافة ...
- إتفضلي يا قلبي ...

جلست "مودة" تناظره بريبة ...
- مش حتبطل كلامك الحلو ده ؟؟!!!

فهمها "رؤوف" ليقسم لها بأنه تغير تمامًا ...
- إوعي تفتكري إني بقولك كلمة كدة وخلاص ، لا والله ، أنا فعلًا مبقتش أقول الكلام الحلو ده إلا ليكِ إنتِ وبس ، هو فيه غيرك يتقاله الكلام الحلو...

- هو إنت بتضحك عليا ، بس أنا راضية ...

قالتها لتعلو ضحكتها الرقيقة والتي جعلته بدوره يتضاحك معها ، لكنها سألته بجدية كان ينتظرها ...
- إنت كنت عاوزني في إيه ؟

سحب شهيقًا طويلًا ثم زفره بقوة قبل أن يتحدث بأعين قلقه متخوفة للغاية ...
- بكرة معاد العملية ، أنا بحاول أكون قوي بس مش عارف ، كنت عاوز أقولك ..... أنا خايف ...

رغم تخوفها إلا أنها بثت به قوة خفية تمتلكها ...
- إوعى تكون خايف ، أقدار الله كلها خير ، وأنا حكون معاك مش حسيبك أبدًا ، بس إللي مش عايزاك تقلق منه إنك عمرك ما حتكون لوحدك ، كلنا جنبك ومش حنسيبك مهما حصل ، أنا حتى حبات النهاردة مع "غدير" عشان منتأخرش الصبح ونروح المستشفى على طول ...

- تعرفي إن وجودك ده أكتر حاجة مطمناني ...

إبتسمت "موده" بخجل ثم إستطردت محفزة إياه ...
- الدكتور طمنكم وقال إنها عملية بسيطة فمتقلقش ..

ركز عيناه على تلك الرقيقة ليشعر بمدى الراحة بوجودها ، فمنذ إدراكه لمشاعره وهو يشعر بالسلاسة والسكينة في التعامل ، لا يشعر بالإجهاد معها كما كان مع "نيره" ...
- إحنا نشرب حاجة ونروح سوا تقعدي إنتِ مع "غدير" وأنا برضه أطمن بابا وماما ، حاسس إنهم قلقانين أوي ...

- خليك قوي وبإذن الله خير ، لو شافوك متقبل بهدوء هم كمان حيهدوا جدًا ، خلي أملك في ربنا كبير ...

إيمانها وقوتها كانت كل ما يحتاجه للمساندة ، بقيا سويًا لبعض الوقت خارج نطاق الزمن ، فيبدو أن حالة عشق جديدة ولدت بالأفق ستظل تدعم جذور قوتها بوضوح وصراحة وأيضًا بمساندة وعزم ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

مقر غرفة العمليات (صفر) ...
مع تجمع المجموعة كاملة تحت قيادة "معتصم" صباح هذا اليوم ، وقف "معتصم" بملامح صامتة تمامًا لا يظهر أي إنفعال يذكر ، غموض ظاهر عليه إعتاده كل فريق العمل ...

كانت "عائشة" من وقت لآخر تسترق النظر نحوه فيما تخوفت من تلك المزمجرة التي كلما رفعت رأسها أجبرتها على الإنخفاض ، فقد أصبحت "عهد" متحفزة للغاية بشأن تلك الفتاة التي لا تترك فرصة للتودد لـ"معتصم" ولا تحاول إستغلالها بشكل يثير الريبة ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

بحضور "عهد" و "عائشة" إكتملت المجموعة تمامًا ليبدأ "معتصم" أوامره بصرامة وجدية جعلت الجميع ينصاعون له دون نقاش ...
- الكل يسلم الموبايلات لـ"شادي" من دلوقتِ مفيش أي تواصل بينا وبين أي حد بره المكتب ده ولحد ما ننتهي ...

تحرك الجميع بإنصياع دون تردد نحو الضابط "شادي" لتسليم هواتفهم له لكن مازال الغموض والتوجس يحيط بهم دون فهم لم يفعلون ذلك ...

كان ذلك من دواعي السلامة وأمان للمهمة خاصة بعدما تعرض الضابط "عمر" للحادث في محاولة من هؤلاء المجرمين للتخلص منه ، فـ"معتصم" كان متيقنًا أنها بالتأكيد محاولة إغتيال ومازال "عمر" في خطر إثر هذا الحادث ...
 بقلم رشا روميه قوت القلوب
عاد الجميع لمقاعدهم بإنتظار بقية أوامر "معتصم" الذي يبدو أنه يدرس كافة تفاصيل الأمر وقوفًا بآخر المعلومات الحديثة التي وردت إليه أولًا ...

جلس بجلسته المعتادة فوق سطح المكتب وقد إستند بكفه فوق ركبته ليبدأ بإيضاح تفاصيل المهمة اليوم ...
- النهاردة حيتم إغتيال شخصية هامة جدًا في الدولة ، إحنا عرفنا المكان إللي حتتم فيه العملية دي ، القوة حتتحرك للمداهمة النهاردة لازم ، وبقولها تاني أهو عشان مش حسمح بأي غلط ولو واحد في المليون ، لازم نقبض النهاردة على التشكيل كامل ..

كانت تتعلق به العيون ما بين منصت و متحفز ومعجب أيضًا ، لكن كان عليه إستكمال الإيضاح بجدية وعملية شديدة ليستطرد "معتصم" ...
- معاد المداهمة حتتبلغوا بيه في الوقت المناسب ، حاليًا الكل حيكون في المداهمة دي ما عدا "عهد" ، و "عائشة" ...

نهضت "عهد" بملامح ممتعضة متعجبة فهي قامت بكافة أنواع البحث ولديها معرفة بكل تفاصيل تلك المداهمة لترفض تهميشها بشكل قاطع مردفة بحدة ...
- وليه بقى ؟!!!!!!

لم يكن يستثنيها لمجرد رد الفعل الذكوري المعتاد بإقصاء الفتاة عن العمل الشاق بل كان يتخوف من أن يصيبها مكروه ، أخفى بداخله تلك المشاعر المتخوفة ليردف بحديث أجوف ...
- ده أمر يا حضرة الظابط ...

عقدت ذراعيها بإنفعال وكادت أن تتحفز لهجوم شرس ظهر على ملامحها المعقوصة حين هتفت "عائشة" بمزيج من الإنفعال والتغنج معًا لتثير إنتباهه لها ...
- إحنا مينفعش نتجنب بالشكل ده ، إحنا ضباط مش حريم !!!!!

قالتها لتثبت أن لها القوة والحزم بحد ذاتها وغير معتمدة على هجوم "عهد" لكن وجدتها "عهد" فرصة لأن تصبح متفرجة بإنتظار رد فعله على ما قالته تلك المستفزة للتو ، رفعت حاجبها بنظرة تحدي تنتظر إجابته عليها ...

زفر "معتصم" بقوة فيبدو أنه سيدخل بجدال كبير بين معركة الرجل والمرأة الآن هو في غنى عنها ، أجابهم بإشاحة وجهه تجاه بقية الضباط ...
- خلاص خلاص ، يبقى التقسيم كالتالي ..

تطلع نحو أحد الأوراق مصطنعًا التمعن بها فما عليه الآن سوى أن يجعلها بالقرب منه ليستطيع حمايتها ، فحتى وإن لم تهتم لسلامتها فذلك أمر يريده و بشدة ...
- "شادي" حتتابع من غرفة العمليات ، وأي تطور حتبلغنا بيه في اللاسلكي ، المجموعة حتتقسم جزئين للمداهمة ، جزء مع "عبد الرحمن" وجزء الهجوم الأول معايا ....

وبدون أن يرفع رأسه أصدر أمره الذي لن يخالف تلك المرة ...
- "عهد" حتكون معايا ، و "عائشة" مع "عبد الرحمن" ...

تقسيم أرضىَ غرورها و أراح قلبها بسكينة وسعادة خفية ، برغم أنها كانت ستعترض لمجرد الإعتراض إلا أنها رضخت لطلبه بوجودها معه، فهي لا تتمنى سوى قُربه الذي تريده وترفضه بذات الوقت ...

لوت "عائشة" فمها وهي تستمع لبقية تفاصيل المداهمة فهي لم تربح اليوم خطوة واحدة في سبيل هدفها لتبقى مستمعة برفض لا يمكنها إيضاحه ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

بحلول نهاية الأسبوع ومع كامل التحريات التي قام بها رجال الشرطة ، تم القبض على "حامد" بعد التأكد من البلاغ الذي قدمه "فريد" منذ عدة أيام ليثبط أعماله الخارجة عن القانون ويحمي نفسه ووالده وأخيه "مأمون" من هذا الشرك الذي كان سيقع به ...

لقد كان "حامد" قد رتب لهم مكيدة بإشتراكه مع "حنين" لوضع بعض المواد المخدرة بمتجر العطارة خاصتهم للإنتقام منهم كما طلبت منه ...

من خلال التحقيقات أقر "حامد" بذلك لتصبح خطوة الإبلاغ عنه والتي طلبها "فخري" من ولده هي طريقة لحماية نفسهم من خطر محقق كانوا سيقعوا به ...

❈-❈-❈ـ

بيت عائلة "حنين" ...
لا تتعجب لترى أفعال كنت تقوم بها بنفسك ، فما أسرع الدنيا بدورانها ، فمهما حاولت أن تكيد يعود الكيد بأنفسكم ...

تتوقت "حنين" لمعرفة ماذا حل بعائلة النجار التي ودت التشفي بها والإنتقام من "فريد" لطلاقه لها ، أن ترى "فخري" وأولاده يلقون بالسجن لعدم تحصلها على مالهم لهو أمر سيرضي نفسها المريضة ...

أغلقت باب غرفتها المتهالكة لتتحدث لـ"حامد" لتطمئن عما حدث ...
بعد رنين متواصل أجاب أحدهم على هاتفه لتمتعض "حنين" لسماعها هذا الصوت الغريب ...
- مين معايا ، مش تليفون "حامد" ؟!!

أجابها الرجل بما أصابها بالذهول قبل أن يغلق الهاتف ...
- "حامد" إتقبض عليه ، شوفوا له محامي ولا حاجة ، شكل الموضوع كبير ...

- إيه !!! إتقبض عليه ، إزاي ده ؟!!

بإسلوب جاف للغاية أجابها هذا الغريب...
- إنتِ حتاخدي وتدي في الكلام ، ما قلنا في القسم وخلاص ..

- طيب طيب ...

كلمة إنهت بها المكالمة التي لم تكمل الدقيقة الواحدة لتظل "حنين" شاردة الذهن فمساعيها للإنتقام نثرت كحبات الرمل بالهواء ...

جلست بغير تصديق تنظر لما آلت إليه الأمور ، فها هي مريضة وحيدة منبوذة عن الجميع ، حتى من كان يرضى بها قد تركها ، أولادها بعيدًا عنها ، ماذا كسبت الآن ، لا حب ولا حياة ولا صحة ولا زوج ...
- ده إيه الحظ ده ، يعني ميتقبضش عليه إلا قبل ما ينتقم لي منهم ، طب والعمل ، خلاص كدة ، حفضل طول عمري مرمية في الفقر والمرض ده بعد كل إللي كنت فيه ...

لقد خسرت كل شيء ، لم يعد هناك أمل واحد لتعيش لأجله ، تهدلت ملامحها بتعاسة تلك التي لم تظن يومًا أنها ستحزن لفراقها لـ"فريد" الأحمق القبيح كما كانت تسميه بداخل نفسها...

- بقى كدة يا "فريد" ، هونت عليك ، ده أنا كنت فاكراه بيحبني وميقدرش يستغنى عني ..

حياتها التى كرهتها تتمنى الآن أن تعود لها ، فلم تكن تتخيل أنها ستفتقدها إلى هذا الحد ...

تتمنى لو يعود الزمن وترضى بحياتها وزوجها ، ليته يسامحها وستبقى له زوجة مخلصة ، لكن كيف سيتقبل "فريد" ذلك ، كيف له أن يسامح وهي قد ألقت بقلبه كل السواد الذي كانت تبثه بنفسه كما في نفسها ، اللين والمسامحة أمران كانا خارج كل حساباتها فكيف تطلب منه الآن الصفح والعفو  ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

قسم الشرطة ..
تَعلُق "زكيه" بهذا المحامي الذي أحضرته "عهد" ومن قبله ذلك الذي جاء به "فخري" لهو الأمل بالتعلق بقشة للنجاة من مصيبتها التي لا تقدر على تخطيها بمفردها ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب
ها قد أتمت ما يفوق الخمسة عشر يومًا بهذا المكان المنفر بعيدة عن إبنتها الساذجة و لا تدري عن الأخرى الغاضبة التي تركتهم شيئًا ، جالسة يتمزق قلبها بين كلتاهما دون الحول والقدرة على الإطمئنان عنهما ...

لم ينشغل تفكيرها بمحبسها بل شغلتاه من تحملت كل هذا العناء لأجلهن فقط ، خاصة وهي تتذكر بأن اليوم هو يوم زفاف صغيرتها "نغم" على "مأمون" ...

نظرت "زكيه" نحو جدار غرفة الإحتجاز القاتمة القابضة للنفس محدثة نفسها بتحسر ...
-( ياما كان نفسي أكون معاكِ يا بنتي وأزفك لعريسك !!! بس أعمل إيه ، آدي الله وآدي حكمته (تضرعت بالدعاء بنية صافية وقلب أم مثقل بهمومه ) ، يا رب إحفظها هي وأختها من كل سوء ، يا رب ما توجع قلبي عليهم ( تنهدت بغصة ثم أكملت بملامة ) ، كدة برضه يا "شجن" ، تهون عليكِ أمك كل ده متسأليش عليا ولا تطمنيني عنك ، يا خوفي إنتِ كمان تكوني وقعتي في مصيبة ، يا رب يا كريم ، إحفظ لي بناتي وفك حبستي يا رب ...) 

سمعت صوت الشرطي ينادي بإسمها لتهتف بتلبية على الفور ...
- أيوة يا شاويش ...

أشار لها بالسماح بالخروج ...
- إطلعي يا ست "زكيه" ، المحامي بتاعك عاوزك في مكتب وكيل النيابة ...

تعالت ضربات قلبها بإضطراب لكن ملأها الأمل ...
- يا رب يكون عرف يلاقي صرفة ويخرجني من هنا بقى ...

أسرعت "زكيه" بخطاها نحو خارج غرفة الإحتجاز لمقابلة المحامي الذي جاء لزيارتها ، بقلب متلهف لسماع خبر يريح قلبها دلفت "زكيه" بتشدق ...
- خير يا أستاذ ، فيه جديد إن شاء الله ...

أشار لها المحامي بوجه مقتضب تجاه أحد المقاعد ...
- أقعدي الأول يا ست "زكيه" ...

إنصاعت له "زكيه" لتجلس أولًا بطرف المقعد بجلستها القلقة التي لا تحمل أي ذرة من الأمان والراحة ، نظرت له بتشوق لسماع ما جاء لأجله وإن كانت ملامحه لا توحي بأي أمل ، لكنها كانت تمني نفسها بذلك ، تحدث بمهنية يحاول إيضاح الأمر لها...
- شوفي يا ست "زكيه" ، أنا عملت كام محاولة كدة عشان حتى تخرجي بكفالة ، بس واضح إن الحكاية صعبة شوية ، والإتهام ليكِ واضح والدليل والدافع موجودين ، وكيل النيابة رفض الكفالة ، بس متيأسيش ، أنا مش حسكت ، ححاول أقدم مذكرة إنك مريضة مثلًا وأهو تقضي كام يوم في مستشفي السجن لحد ما نلاقي حل ...

تهدلت ملامحها بإحباط بالغ فهي من سجن لآخر وما الفرق إذن ، ليست الحرية بتغيير مكان المحبس ، فالروح يقتلها الظلم بأي موضع مهما بلغت راحته ، أردفت بنبرة متحشرجة مختنقة ...
- مش حتفرق كتير ، كدة كدة محبوسة ، أنا كنت عايزة أطمن على بناتي بس ...

- بإذن الله خير ، خلي أملك في الله وإن شاء الله حنلاقي حل ...

طأطات "زكيه" رأسها تخفي عبرتها التى إستوطنت عيونها مرددة بإيمان ...
- ونعم بالله ، بس هو فيه أمل يا أستاذ "محروس" ؟؟ ...

- متخافيش ، مش حسكت إلا لما ألاقي طريقة أخرجك من هنا ، سيبي بس تكالك على الله ...

نكست "زكيه" رأسها بخضوع ...
- ونعم بالله ، أديني مستنية ، الفرج من عندك يا رب ...

خائفة مترردة مختنقة ، هكذا رفعت من جسدها المتيبس للتجه مرة أخرى عائدة لغرفة الإحتجاز تأمل بأن يخرجها الله يومًا من تلك المصيبة التى لا تعلم ماذا سيحل بها بسببها ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

بيت عائلة النجار "شقة زكيه" ...
في حياة أخرى إن كان بإمكاني الإختيار لأخترت أن أكون طيرًا يحلق بسعادة معبرًا بصوت تغريداته عن فرحته الكاملة ، لكن اليوم الفرحة منقوصة ، تخلو من الأحبة اللذين يشاركوننا فرحتنا ، فكيف يكون إحساس الفرح بدون مشاركة من نحب !! ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

تطلعت "نغم" لفستان زفافها المفرود فوق فراش والدتها الغائبة بتحسر ، تجلس وحيدة اليوم بإنتظار مرور الساعات لتزف لبيت "مأمون" ...

حلم تعلق به قلبها منذ سنوات وهي ترى به فتى أحلامها وحامي قلبها وسندها بخيالها الصغير ، إنه "مأمون" الذي يواجه ظلم والدته من أجلهم ، نقي القلب ، قوي جسور ، لا يهاب ملامة من أجلهم ، إنه بطلها الأسطوري ...

رفعت كفها تدق لمرة تاه عددها بعقلها فربما تستجيب تلك المرة ، كم إشتاقت لأختها "شجن" ، كم كانت تتمنى وجودها إلى جوارها اليوم ، لكن بالنهاية هاتفها مغلق ككل مرة ...

وضعت هاتفها بإحباط قائله ...
- كان نفسي أقولك إن فرحي النهاردة ، كنت عاوزاكِ تشوفي فستان الفرح إللي جابهولي "مأمون" عشان تعرفي قد إيه بيحبني ، كنت عاوزة أقولك إنك غلطانه ، "مأمون" أحسن راجل في الدنيا ، بس أنا مش عارفه أفرح ، و أفرح إزاي وإنتِ وماما مش جنبي !!! مكنتش أتخيل إن يوم فرحي أكون لوحدي بالشكل ده ..!!!

دق هاتفها أخيرًا برقم حديث العهد عليها بالآونة الأخيرة ، عمها "فخري" ، هذا العم الذي كان شبحًا بحياتها لسنوات طويلة ، ها هو يصبح كل من لها الآن ...
- صباح الخير يا عمي ...

- أخبارك إيه يا بنتي ، ها ، محتاجة حاجة ؟!!!

تنهدت "نغم" لتجيب بتلقائية وبساطة كروحها المتلألئة ...
- شكرًا يا عمي ، كله تمام ، كلها ساعة وتيجي الست إللي حتعمل لي المكياج بتاعي عشان الفرح ، و "مأمون" جاب لي الفستان إمبارح ...

- طيب الحمد لله ، لو إحتجتي حاجة كلميني على طول ، وبإذن الله حنكون عندك بعد صلاة العشا عشان نزفك على بيتك يا "نغم" ، ألف مبروك يا بنتي ...

بإيمائة حزينة عقبت بهدوء ...
- الله يبارك فيك ...

أغلقت الهاتف لتنهض تلملم بقية ملابسها بحقيبتها الصغيرة إستعدادًا لمغادرة شقتهم القديمة اليوم ، فمنذ الليلة سيصبح لها بيت جديد وحياة جديدة وسعادة طالما حلمت بها ، إنها ستزف إلى بيت "مأمون" ، عليها أن تجبر نفسها على الشعور بالسعادة ، أليس هذا ما كانت تحلم به ..
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

شقة "صباح الجزار" ...
من أين تأتي الراحة والسكينة وقد فقدت غايتي وأملي التي سعيت إليها ، بكل الطرق المستقيمة والملتوية حاولت وحاولت ومازلت سأحاول حتى أفقد الأمل ...

وقفت "صباح" بالشرفة تلك المرة بدلًا من إبنتها تنتظر مرور "صاصا" بها ، تآكل قلبها قلقًا وتلهفًا لمعرفة آخر الأخبار ...

ما أن وقعت عينا "صباح" على جاسوسها قادمًا بإندفاع نحو بيت النجار حتى إلتفت "صباح" نحو داخل الشقة لمقابلته ...

أسرعت تتهادي بخطواتها الثقيلة وقد أصدرت أساورها المتخبطة ضوضاء لم تكترث لها وهي تدنو تجاه باب الشقة تفتحه بعجالة لمقابلة "صاصا" ، سألته بتلهف ...
- خير يا واد ؟!!! حصل إيه ؟؟

إلتقط "صاصا" أنفاسه اللاهثة وهو يجيبها بخبر سينال منه المال بالتأكيد ...
- مطلعتش يا ست الكل ، الست "زكيه" جددوا لها الحبس ، مفيش حد من المحاميين عرفوا يطلعوها ...

إبتسامة تشفى لاحث بشفتيها الغليظتين ثم أخرجت بضعًا من الأوراق المالية تمدها بيده معقبة ...
- خد دول ، قولي ، مشوفتش الحاج "فخري" عندها ؟!!

- لا يا ستنا ، الحاج "فخري" بيحضَّر لدُخلة سي الأستاذ "مأمون" إبنك الليلة ...

لم تكاد تسعد بخبر بقاء "زكيه" بمحبسها إلا و إمتعض وجهها عندما تذكرت أمر زواج إبنها من إبنة غريمتها لتزفر ببغض ...
- داهية تاخدهم كلهم ، يلا روح مطرح ما إنت كنت رايح ، وتقولي أول بأول على كل الأخبار ..

- طبعًا يا ستنا ، ودي فيها كلام ...

غادر "صاصا" لتعود "صباح" لغمغمتها بالسباب على "زكيه" وبناتها فهم السبب بما حل بها بالتأكيد ...
- مش مهم ، المهم إن الخدامة لسه في الحجز ومش حتطلع منه أبدًا ، وموضوع جواز بنت الخدامة ده له روقة بس أخلص من أمها الأول ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

الصمت هو لغتي الأخيرة بعدما عجزت الكلمات عن إخبارهم عما يشتعل بصدري ...
جلس "بحر" بشقته متحليًا بصمت مؤلم بعدما فقد رغبته بالحديث والبحث أيضًا ...

إقتربت منه والدته بإشفاق على حاله الذي تغير كليًا بعد قُربه من "نغم" بالآونة الأخيرة...
- روح يا "بحر" إفتح المكتبة ، إنت بقالك يومين قافلها وقاعد في البيت ...

مال برأسه ليضغط بكفه فوق عينيه بإختناق مجيبًا إياها ...
- حاسس إني خلاص بموت ، روحي بتتسحب مني ، مش قادر أكمل ولا أتخيل إن كلها ساعات وخلاص حتتجوز "مأمون" ...

رفع وجهه تجاه والدته موضحًا بقهر يأسه وقلة حيلته ...
- أنا عملت كل حاجة ، كل حاجة !!!!! مشروعة وغير مشروعة عشان أبعده عنها ، حتى النصابين إتفقت معاهم يشوفولي حل ، ومفيش فايدة ، كلمته وكلمتها وبرضه إللي في دماغها في دماغها ، هي طيبة وساذجة وأنا خايف عليها ، ملقتش حل ، كان بإيدي إيه أعمله ومعملتهوش !!!! أنا قلبي بيموت ومحدش حاسس بيا ...

ربتت والدته بكتفه بلطف ثم أردفت بحنو ...
- سيب تكالك على الله ، مش يمكن هي مش نصيبك ...

خنجر آخر غرس ببقايا قلبه المهشم ليردد نفس الكلمة بنبرة مختنقة يملؤها اليأس ...
- مش نصيبي !!!!! أنا بحبها ، بحبها أوي يا ماما ، عمري ما حسيت الإحساس ده تجاه أي بنت ، مش عارف إزاي قدرت تخطف قلبي من أول يوم شوفتها فيه ...

- قومي إتوضى وصلي ركعتين لله يخفف عنك الهم والحزن ، وكل شيء بيبدأ صغير ويكبر إلا الحزن ... يبدأ كبير ويقل شويه شويه ، إدعي ربنا ينسيهالك ...

تهدلت ملامحه بتعاسة فكيف يطلب من الله نسيانها وهي من دبت الحياة بقلبه المهمل ، هي من جعلته يدرك أن له قلب ومشاعر ليحب ويتعلق بها ، لقد ظن أنه لن يحب ويهيم ببحور العشق ، لكن بعض الظن إثم ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

فيلا الأيوبي "النوبارية" ....
"نصف المحبة ونس" مقولة صحيحة تمامًا فالصحبة والسكن هم أصل المحبة ، كتلك التي ذُرعت بقلب "أيوب" و"شجن" ، محبة من نوع خاص ، كان يبحث عن ظل ولد يُشعره بقيمة الحياة ، وكانت تبحث عن خيال أب يعوضها من فقدته بالرحيل ، بالسند الذي عاشت حياتها بأكملها تبحث عنه ...

بقلم رشا روميه قوت القلوب
أحلام تبنى ولو متأخرة جعلت القلوب تتآلف ، لكن حين هوى ببحور المرض شعرت "شجن" بمقدار ضئآلة الحياة أمام رؤيتها لوهن هذا الرجل ...

نوبة ألم أخرى إجتاحت "أيوب" هرعت إليها "شجن" مسرعة لتزيد من جرعة المسكن خاصته لتساعده على تحمل هذا الألم ...

قوست شفتيها بإشفاق وهي تناظر هذا الممدد فوق الفراش ، شاحب الوجه يميل للونه الأصفر ، يغلب الوهن نبرة صوته المتحشرجة ...
- ناوليني شوية مياه يا بنتي ...

أسرعت "شجن" بوضع الماء بأحد الأكواب لتناوله إياه متمتمة بدعائها ...
- إتفضل يا عم "أيوب" وخد الدوا ده كمان ، اللهم أنت الشافي المعافي شفاء لا يغادر سقما ، بيدك الشفاء ، لا كاشف إلا أنت يا رب العالمين ..

تناول حبة الدواء ليعود لنومته مرة أخرى ، لحظات لم يعد للحديث أهمية ، فقط إحساس التآزر والمساندة يكفي ...

طرقات خفيفة لحقها نظرة "شجن" المتأثرة تجاه الباب لتجده "رحيم" قد وقف بالباب ، إبتلعت غصتها الظاهرة لتومئ له بخفة تسمح له بالدخول مردفه ...
- إتفضل يا "رحيم" ...

دلف "رحيم" بخطوات متباطئة وقد تركزت عيناه على "أيوب" دون سواه ، للحظة ظنت "شجن" أنه موشكًا على البكاء ، لكنه وقف بصمت متهدجًا الأنفاس ، مقتضب الوجه، لكنه رغم ذلك نطق حروفه بآلية شديدة ...
- سلامتك ...

أغمض "أيوب" عيناه بإيمائة خفيفة..
- الله يسلمك... ( ثم تطلع نحو "شجن" محاولًا رسم بسمة باهتة ) ، روحوا إنتوا يا ولاد ، أنا محتاج أنام شوية ، ولما أصحى متنسيش تيجي تسقي الزرع ...

أرغمت نفسها على الإبتسام مرددة بمشاكسة لطيفة...
- كل إللي همك الزرع بس ، ده وقته يا عم "أيوب" !!!

- أيوة ، إوعي يموت ، الزرع ده أهم حاجة في الدنيا ، خدي بالك منه ...

رفعت غطائه قليلًا بشكل عفوي للغاية أثار إنتباه "رحيم" المُشاهد بصمت ثم أجابت ...
- متقلقش ، نام إنت بس ، وأنا حبقى أسقيه بعدين ...

خرجا من الغرفة بهدوء لينال هذا الكهل بعض الراحة فيما توقف "رحيم" وقد علت ملامحه علامات الإستنكار وعدم الفهم ...
- إنتِ مهتميه أوي بالراجل ده ليه كده ؟! بجد إنتِ محيرة أوي ؟!!!!

مال ثغرها ببسمة ساخرة ...
- محيرة !!!!! عمومًا حجاوبك مع إني مش عارفه إيه إللي يهمك في الحكاية دي ، أنا قلت لك إن عم "أيوب" بالنسبة لي كأنه زي والدي الله يرحمه بالضبط ...

نظرات زائغة بغير إقتناع فقد تملكت منه الظنون ، فلابد أن لها غرض ما تخفيه خلف كل تلك الهالة اللطيفة الودوده ، إنه لم يرى من يعطي المحبة بدون مقابل من قبل ، رغم ذلك إصطنع التصديق وإنتهى الحديث بإيمائة خفيفة ...

لم تكن الظنون تلعب برأسه فقط ، فقد أثار الشك والظن بنفس "شجن" بهذا التلقائي ، فمن الواضح أنه يخفي أمر يظهر جليًا على تساؤله المتكرر لتردد بداخلها ...
- ( يا خوفي منك ، مش عارفه إنت كويس وطيب ولا ممثل شاطر ، إيه إللي مخبيه جواك ، أنا حزعل أوي لو كنت جاسوس لولاد عم - عم "أيوب"- أنا لازم أتأكد ، لازم ) ...

أشارت "شجن" تجاه غرفتها بعجالة ...
- حروح أجيب حاجة من الأوضة ...

أسرعت نحو الغرفة تاركة "رحيم" بمفرده لتدلف للداخل وتغلق الباب تاركة مساحة صغيرة للغاية تكفي للنظر من خلالها بعين واحدة لتغمض الأخرى تراقب رد فعل "رحيم" لتندهش عيناها بصدمة حين وجدته أسرع بإخراج هاتفه متحدثًا بنرة هامسة للغاية لم تستطع تمييزها على الإطلاق ...

أغلقت الباب برفق حتى لا ينتبه أنها رأته وهي تهمس بصدمة ...
- معقول إنت الجاسوس ...!!!!!!

❈-❈-❈ــ

بيت عائلة الأسمر "شقة محفوظ" ...
خشيت أن تؤذيك الحياة فتأذى قلبي ، تركت نورًا وضياء من أجل عتمة سكون ، أتخبط برؤيتي و بقلبي أيضًا فرحماك ربي من خضوع روحي ...

نهضت "وعد" تبحث عن ولدها الذي إبتعد عنها بقلب مثقل متوجس ، تقدمت بتخبط هنا وهناك تريد أن تصل لوجهة واحدة لا غيرها - "زين" - وهو زين حياتها ونور عينيها ، كيف ستصل إليه ، كيف ستطمئن إلا لو أسكنته أحضانها ، تعتمد على قلبها ليدلها ، فهو البوصلة ونجمة شمالها التي تستعين بها ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب
وضعت كفيها بالحائط إلي جوارها لتسير بخطوات تكاد تتلمس الأرض من أسفل قدميها العاريتين تتحسس إن كانت تسير بشكل صحيح حتى لا تتعثر بشيء ما بطريقها ...

خرجت تجاه الصالة الداخلية الواسعة تدور بأرجائها ببطء شديد تبحث عن ولدها ...

غرفة "عتاب" ...
بنظرة مطولة لملامحها المبتسمة خلال المرآة وهي تتحسس وجنتها وشفاهها قبل أن تفلت عقدة شعرها الأسود المعقوص لتنسدل خصلات شعرها فوق رقبتها الطويلة لتشعر بزهو بجمالها الذي تراه أمام أعينها ، تمامًا كتلك الساحرة الشريرة بقصص الأطفال الخيالية التي تنظر لجمالها بالمرآة ولا ترى من يضاهيها حُسنًا ...

ضحكت بخفة مستكملة مكالمتها الهاتفية التي مازالت تتحدث بها ...
- مش وقته يا "باسم" ، مش حعرف أنزل النهاردة ، الدكتورة دي لسه مجتش ...

بإصرار شديد حاول "باسم" اللقاء بها ..
- حاولي بس يا "توبه" ، معقول كدة ، بقالي ثلاث أيام مشوفتكيش ، ده يرضي ربنا بقى أفضل مشتاق كدة !!!

مالت بسوداوتيها تناظر المرآة وه‍ي تجيبه بدلال لا يليق بما ينبع من قلبها الغليظ ...
- وحشتك ؟

تحولت نبرته لحالمية إنساقت لها "عتاب" بدون تردد ...
- إلا وحشتيني ، ده سؤال ، ما إنتِ عارفة إني بتمني اليوم إللي بشوفك فيه ، وإنتِ تقلانة عليا بقالك كام يوم ، ولا هو يعني لو متكلمناش في الشغل والورق منتقابلش ؟!!!

ملامة أسرعت "عتاب" بنفيها على الفور لتظهر كم أصبحت صيدًا يسيرًا عليه فقد تملكها تمامًا الآن ...
- لأ ، لأ، خالص ، متقولش كدة ، بس إنت عارف الظروف ...

- وإيه إللي إتغير ؟!!! ولا فجأة كدة بقيتي تهتمي بيهم ، أنا فهمت ، إنتِ بتتهربي مني ومش عايزة تشوفيني ، خلاص ماشي ...

إستطاع بسهولة التلاعب بها لترضخ لطلبه بدون نقاش ...
- إنت زعلت ولا إيه ؟!!! لأ متزعلش ، أنا جيالك أهو ، أغير هدومي وأجيلك ...

رغم عدم رؤيتها له إلا أنها بتلك اللحظة لو إستطاعت رؤيته لعلمت كم يعبث بها كدمية يحركها بين أصابعه من تلك البسمة الماكرة التي إعتلت ثغره ، لكنه أردف بمحبة ...
- وأنا مستنيكِ حياتي ، كمان عشان أقولك على الخطوة الجديدة اللي تخلي مرات أخوكِ تتنازل بيها عن كل حاجة مقابل الحضانة ...

خبر جديد تهللت له "عتاب" فرحًا ...
- إنت بتتكلم بجد ، خلاص نقدر نخلي "وعد" تتنازل عن الورث كله ؟؟! بس مش ده بس إللي أنا عايزاه ، أنا عايزة "محب" وماما كمان ، أنا عايزة كل الورث يبقى ليا لوحدي من غير شريك ...

بثقة تامة ردد "باسم" بتأكيد ...
- عيب عليكِ يا "توبه" ، ده أنا "باسم المحمدي" ، أشطر محامي في مصر ، إعتبري الورث كله في جيبك ، بس لازم تعملي كل إللي أقولك عليه عشان محدش فيهم يقدر يثبت إللي إحنا عملناه ونخلص منهم كلهم ...

بخبث عقرب سام إلتف حول ضحيته أجابته "عتاب" بخيلاء ...
- وهو أنا ساذجة يا "باسم" ، أنا قادرة على كل ده ، وأولهم الست ماما ، خلاص كدة ، الدواء كمان إللي إنت قولتلي عليه مخليها تايهة طول الوقت ومش قادرة تتحسن وحتفضل كدة لحد ما ندخلها المصحة زي ما إتفقنا بس لما حالتها تتدهور عشان محدش يشك فينا ...

بعتاب آخر إستكمل "باسم" ...
- إحنا حنقضيها تليفون ولا إيه ، يلا حياتي ، مستنيكِ ، متتأخريش عليا ...

- جيالك على طول ...

فور أن أنهت مكالمتها سمعت صوت خارج غرفتها ، أسرعت منتفضة ترى من هذا الذي يصتنت عليها أثناء حديثها ، ربما تتحلى بقلب قاسي لكنها لا تود كشف أوراقها الآن بين الجميع لتسرع بخطوات متعجلة وقلب تتعالى به الضربات من التوجس ...

فتحت الباب لتجد أنها ليست إلا تلك العمياء الصماء "وعد" تدور بين الأرجاء ، إبتسمت بتشفي ساخرة منها ...
- وأنا إللي كنت فاكراكِ حد يتخاف منه ، كويس إنك طلعتي إنتِ يا طرشه ...

نظرت حولها بأعين كرادار الوطواط تتيقن أنه ليس هناك سواها بالشقة ، فوالدتها ملقاة بفراشها ومازالت الطبيبة ومساعدتها لم تأتي بعد ، تقدمت نحو "وعد" التي لا تراها لتدفعها من كتفيها بقوة دفعة واحدة سقطت إثرها على الأرض بإندفاع صارخة لفقدان توازنها ...
- اااه ، مين ؟!! مين ده ؟؟؟

لاح بقلب "عتاب" غليل الإنتقام رغم أن لا حول لها ولا قوة إلا أنها تشعر بالبغض تجاه تلك الناعمة سارقة القلوب لتنهال على رأسها بكفها بقوة جعلت رأسها تصطدم بالأرض لتفاجئ بأحدهم يفتح باب الشقة فبالتأكيد سيراها وهي تنقض فوق تلك المستكينة بضعف لتتسع حدقتي "عتاب" بفزع وهي تناظر من يفتح الباب الآن  ...

ويبقي للأحدث بقية ،،،

✨ فضلًا إذا أعجبتكم الرواية شاركوا الفصل بصفحاتكم منعًا لسرقة مجهودي و توثيق حقي بها ولا تنسوا لايك و كومنت كتقدير منكم لمجهودي بكتابة الرواية ✨

رشا روميه قوت القلوب 

الأكونت الإحتياطي 👈 Rasha Romia

 •تابع الفصل التالي "رواية ظننتك قلبي الجزء الثاني 2" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent