رواية الطبيب العاشق (2) الفصل الثاني عشر 12 - بقلم منة جبريل
الثاني عشر
نقف ثوانى كدا ي قمرات ونصلي على الحبيب المصطفي ﷺ الصلاة الإبراهيمية
اللهمَّ صَـلِّـي عَـلَـىٰ سَـيـدنـا مُـحَـمَّـدٍ وعَـلَـىٰ آلِ سَـيدنـا مُـحَـمَّـدٍ كَـمَـا صـلـيـتَ عَـلَـىٰ سَـيـدنـا إبـرَاهـيـم وَعَـلَـىٰ آلِ سَـيـدنـا إبـرَاهـيـم إِنَّـگ حَـمِيـد مَـجِيـد
اللـهـمَّ بَـارِک عَـلَـىٰ سَـيـدنـا مُـحَـمَّـدٍ وَعَـلَـىٰ آلِ سَـيـدنـا مُـحَـمَّـدٍ گـمَـا بـاركـتَ عَـلَـىٰ سَـيـدنـا إبـرَاهـيـم وَعَـلَـىٰ آلِ سَـيـدنـا إبـرَاهـيـم فِــى الـعَـالَمينَ إِنَّـگ حَـميـد مَـجيـد
_عدد كل شئ _ وملئ كل شئ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- حابة نقضي اليوم عند الأطفال اللى فى الملاجئ، إيه رأيكم؟
تحدث بها حوراء مبتسمة، وأيدوا جميعا هذه الفكره لينهض الكيلانى هاتفا بسعادة
- مستنيين إى يلا كلوا يجهز مش هنرجع غير ع الليل
ضحك الجميع وتجهزوا للذهاب وقد قام ريان بتبديل البذلة الى ثياب كاجوال تكونت من بنطال أسود وتيشيرت بنصف كف باللون الأسود أيضا ليظهر وسيما لدرجة تحبس الأنفاس وتسرق الانظار فهو قرر الذهاب بكونه ريان وليس الذئب
وبعدما انتهوا جميعا
هتف مصطفي موجها حديثه لبيجاد
- روح يا ابني هات خطيبتك معانا ما هى من اللحظة دى من العيلة
اردف بيجاد بمرح
- والله انت معاك حق ياوالدى هات بوسه علشان افكارك العسل دى
هتف مصطفي بحزم مصطنع
- ولد امشي من قدامى
قهقه بيجاد وهو يخرج من القصر متجها نحو قصر صبا حياته
ليقف أيهم بجانب ريان وهتف بخبث
- على مااعتقد كدا واللى فاكره يعنى ان معاك شغل كتير النهاردة وصفقات كمان اى اللى مخليك هنا
نظر له ريان بطرف عينه ثم نظر نحو معشوقته التى تقف أمام اخوتها تتحدث معهم بسعادة بليغة تظهر فى لؤلؤتيها السوداء اللامعة وكأنها نجوم تضئ فى عتمة الليل
نظر أيهم لها هاتفا
- فاكر لما كنت بتتريق عليا لما مبقدرش ابعد عن بسمتى دقايق واخلص الشغل بسرعة علشان ارجعلها
ابتسم ريان وهو يتذكر تلك الأيام وتلك البسمة التى تركت حزنا فى قلب كل فرد من العائلة بسبب طيبة قلبها ورقتها
أكمل أيهم بنبرة احتلها الألم
- ياريت كانت موجودة معايا دلوقتى
وبدون سابق إنذار احتضنه ريان بقوة وهو يربت على ظهره هاتفا
- هى عند الكريم فـي مكان أحسن بكتير من الدنيا دى ادعيلها ياأيهم
بادله أيهم الإحتضان وهو يخفي وجهه بكتف صديقه وابن عمه وقد تمردت دمعه لتتبعها الكثير من الدموع الملتهبة حرقة على فراق من عشقها الروح وشغف بها القلب
رآهم هشام وغيث ليتحركا نحوهم بسرعة بدون ان يجذبو الأنظار لهم ووقفوا أمامهم حتى لا يري أحد من العائلة دموع وضعف أيهم
طالعه غيث بقلب منفطر على صديقه لتدمع عيناه هو الآخر بسبب استماعه لصوت شهقاته المتألمة
هتف ريان بصوت جاهد اخراجه جامدا
- اجمد ياأيهم..تعالى
أخذه ريان نحو المكتب وكان هشام وغيث يسيرون خلفهم ليخفوا أيهم امامهم من انظار العائلة
نظرت حوراء حولها تبحث عن زوجها لتجده يذهب نحو المكتب ولكنها لاحظت أيضا أيهم الذى تتساقط من عينيه الدموع آلمها قلبها بقوة وهى ترى وَجد.. نعم.. وَجد هذا الأيهم لزوجته المتوفاة والتى هى آخر مرحلة من مراحل الحب الصادق والتى تتغلل فى شرايين الشخص وتصبح تسري به وكأنها دماء لا تفارقه
بعد وقت خرج أيهم برفقة ريان بوجه جامد ولكن بعيون حمراء ليتوجهوا بعدها جميعهم وبرفقتهم صبا التى وافقت على الفور عندما اخبرها بيجاد الى ملاجئ الأطفال...
عندما دلفوا الى الملجأ ليجدوا كثيراً من الأطفال تركض نحوهم ببراءة وسعادة فقد أخبروهم أصحاب الملجا بأن هناك عائلة سوف تأتى وتحضر لهم الكثير من الهدايا والألعاب
استقبلهم الجميع بابتسامة واسعة وضحكات رنانة وقدموا لهم الهدايا والألعاب
شعر ريان بشئ يتسلق على قدمه لينظر الى الأسفل ليراها طفلة جميلة وهى مازالت لا تستطيع السير وكانت تنظر له وهى تصدر أصواتا مضحكة لينحنى ريان وحملها مقبلا وجنتيها المكتنزة بقوة فهو يعشق الأطفال لتصدر الطفلة ضحكات رقيقه وهى تضع إصبعا داخل فمها
رفعت الطفلة يدها الصغيرة لتمسك بخصلات شعره وجذبها بقوة ليقهقه ريان بقوة لتبدأ الطفلة بتمرير يدها ببراءة على ملامح وجهه وما ان وصلت للحيته اصدرت ضحكات رنانة بطريقة تأسر القلب لتمتزج ضحكاتها مع ضحكات ريان الذى يحملها بحنان
بينما كانت حوراء وأريب وآية يجلسون أرضا وحولهم أطفال كثيرين منهم من يستطيع السير والتحدث ومنهم لا بسبب صغر سنهم وهم يلهون ويمرحون معهم
رفعت حوراء نظرها لتقع على زوجها وهو يلاعب تلك الطقلة بسعادة وحنان شديد لتبتسم على الفور وهى تستمع الى صوت ضحكاته والتى ظهرت أنها من أعماق قلبه
لتجول بعينيها لتجد أيهم يجلس بعيدا عن الأطفال فقد يطالعهم عن بعد ويظهر عليه الحزن لتعلم أنه يفكر بطفله الذى قتل قبل أن ياتى على هذه الحياة
لتحمل إحدى الأطفال الذين لا يستطيعون السير ونهضت بها وتوجهت نحو أيهم الذي لم يلاحظها بسبب شروده ولكن فجأة شعر بثقل يوضع على قدميه
رفع نظره ليري حوراء تطالعه بابتسامة مردفة
- هتحس بالراحة معاها
نظر الى تلك الطفلة التى على قدمه والتى كانت تنظر له بعينيها ويا للغرابة..!!
فعينيها تشبه عينيه..!! كثيرًا..!!
كانت الطفلة تطالعه باستغراب وما هى إلا ثوان حتى أصبحت تضحك وهى ترفع يديها الصغيرين تريد الوصول لوجهه
ابتسم هو لا إرادياً عندما رأى ابتسامتها والبراءة التى تشع من عينيها ليحملها بين ذراعيه برفق وحذر وأصبح يلاعبها وهى تصدر اصواتا مضحكة ليتناسي هو حزنه ولو قليلا مع هذه الطفلة الجميلة وهو يشعر بإنجذاب نحوها
وكانت هى تتابعه بابتسامة سعيدة وهى تراه يضحك وحتى لو لوقت وسوف يعود لما كان ولكن على الاقل هو يضحك الآن...
هتف أيهم بابتسامة باهتة
- غريبة إن عيونها زى عيونى
نظرت له باستغراب ونظرت للطفلة لتراها فعلا ذات أعين ذهبية لامعة كـأعين هذا الأيهم تماماً..!!
رددت بذهول وهى تطالعها بإنبهار
- سبحان الله..فعلاً شبها أوى
أومأ لها أيهم وأصبح يلاعب الطفلة مجددا...
ابتسمت حوراء ثم نظرت للجميع لترى كل منهم مشغول ببعض الأطفال واصوات ضحكهم تملأ المكان ولكن تشعر وكأن هناك فرداّ ليس بينهم ظلت تفكر من هو؟!! وأين هو؟!!
لتقع عيناها عليه أخيرا...نعم إنه ذلك الهشام الذى يجلس على إحدى المقاعد المنفرد مغمض العينين
هزت رأسها بيأس من شباب هذه العائلة الذين دائما ما يستسلمون لأحزانهم ويأسهم
ذهبت نحوه بعدما التقطت طفلا آخر فهى تعلم براءة الأطفال تجبر الجميع على نسيان أحزانهم ولو قليلا
جلست على المقعد الذى أمامه والذى يبعد عنه بمسافة جيدة ووضعت الطفل على قدميها جاعلة وجهه مقابل وجه ذلك الذى لم يشعر بها بعد
وهتفت بمرح وهى تمسك بأذرع الطفل تلوح بهم برفق
- قول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته على عمو
فتح هشام عينيه ونهض سريعا هاتفا
- اعذريني محستش بيكي
ابتسمت له وهتفت بمرح
_ولا يهمك، واقعد لو سمحت
اومأ لها بهدوء لتهتف هى بمرح مجددا موجهة حديثها للطفل
- قول ازيك ياعمو
اصدر الطفل اصواتا وهو يصفق بيديه بطريقه طفولية ليبتسم هشام على الفور ليضحك الطفل فور رؤيته لإبتسامته
هتفت حوراء وهى تقدم الطفل له
- تقدر تحكيلي
التقط الطفل منها بحذر ولأنه لا يعلم كيف يحمله كاد يسقط من بيد يديه لتلحقه حوراء على الفور ليبدأ الصغير بالبكاء
ابتسم هشام إبتسامة حزينة مردفا
- حتى فـي الطفل مش نافع
نظرت له بحزن وهى تهدهد الطفل لكى يهدأ لتضعه على قدمها وهى تهتف
- انت هتمسكه كدا ولما تكون عايز ترفعه تمسكه كدا
وظلت تشرح له كيفيه التعامل معه بعدما هدأ الطفل لتهتف أخيرا
- اتفضل
نظر لها هشام بمعنى "لا" لتنظر له بحزم ليتنهد بقوة والتقطه منها بحذر شديد وفعل كما أخبرته ووضعه على قدمه وهو يهز به برفق شديد
وما هى الا ثوانى حتى ذهب الصغير فى النوم رفع هشام كف يده ووضعه على شعر الصغير يعبث به برفق ليهتف بهدوء
- نفسي أحس بالسلام وارجع هشام القديم اللى مهما كانت قوته مع الغريب بس بيكون أحن شخص على عيلته..انما دلوقتى انا ولا حنين على الغريب ولا القريب..بقيت قاسي على الكل باستثناء ريان وبيجاد لإنهم وببساطة عيلتى..من ساعة ما عرفتينا مسألتيش نفسك فين أهلى عايشين ولالا
أنهى حديثه وهو يرمقها بنظرة خاطفه مكملا
- أهلى عايشين بس انا بالنسبالهم ميت
فلتت شهقة من بين شفتيها وهى تضع كف يدها الصغير على فمها ليبتسم لها بحزن مردفا
- متستغربيش..واحد عصى كلام جده وعارض أهله ووقف قصادهم علشان واحدة أكيد هيعتبروه ميت وفـي الآخر الوحدة دى طلعت متستاهلش..طلعت بتلعب بيا علشان فلوسي وأملاكى بس وإنى الوريث الوحيد لعيلة العامرى
وطبعا لما طردونى رفضت آخد أى شئ منهم حتى هدومى رفضت أخدها وطلعت باللى عليا وبس وبقيت شخص لا يذكر بعد ما كنت من أكبر العائلات وأغناهم بقيت لا شئ بدون عيلة وبدون أملاك كمان..
مكنش فارق معايا وقولت مش هشام اللى يتهز او يضعف لحد..انا مش ضعيف من غير أهلى العكس هما اللى ضعاف من غيري...من غير الوريث اللى كان يشتغل ليل نهار يكبر فى شركات العمرى وعملت منها سلسلة شركات العامرى
هى افتكرت انى خلاص بقيت فقير ومش معايا حق الأكل وسابتنى وراحت للغنى اللى معاه فلوس ولما عرفت بخيانتها قالتلى بكل برود انها كانت معايا علشان فلوسي بس
ضحك ضحكة ألم مكملا...
_ طبعا مش هتتخيلي انا وقتها كنت ازاى..كنت عامل زى الطفل الضايع اللى بيدور على أمه..بعد ما سبت أهلى علشانها هى سابتنى..رجعت لأمى..لإنى كنت عارف إنها الوحيدة اللى هتبقي حنينة عليا غير بابا اللى دايما بيمشي على كلام والده من غير أى معارضه
وبالفعل لقيت من أمى حنان مقدرش اوصفه وحاولت كتير مع والدى انه يقنع جدى بإنه يدور عليا ويرجعنى بس هو رفض وقالها لو جبتى سيرته تانى هتبقي طالق
أنا اول ما عرفت رفضت انها تحاول تانى معاه وهى مقدرتش تشوف ابنها بالحالة دى فأخذت فلوس وقالتلى اشوف شقة لحد ما هى تحاول معاهم تانى
رفضت وقولتلها مش هاخد أى جنيه من العيلة دى ومع اصرارى هى وافقت بس قالتلى جملة واحدة كانت كفيلة إنها تساندنى طول عمرى
قالتلى:« عايزاك ترجع أقوى بكتير أقوى من أى حد عايزة اسمك بس لما يتذكر يرعب اللى قدامه»
وبالفعل قررت انفذ اللى أمى قالتلى عليه وبعد أيام عرفت إنها اتوفت حزناً عليا
كانت صدمة كبيرة انى افقد أكتر شخص حنين عليا واكتر شخص مهما غلطت ورجعتله بلاقيه مستنيني وكإنى معملتش حاجه..الشخص اللى كان دايما بيشجعنى وبيدلنى على الطريق الصح
من وقتها أقسمت ان أخلى عيلة العامرى تندم لإنهم السبب فـي موت امى
فى يوم كنت ماشي فى الشارع بدور على شغل شوفت سيارات كتيرة بتعدى من جنبي بس فجأة فى عربية وقفت ونزل منها شخصين..كانوا ريان وبيجاد
طبعا وقتها كانوا عارفيني ومين ميعرفش الوحيد لعيلة العامرى وغير إنى دخلت معاهم فـي صفقات كتير بشركاتى واستغربوا وقتها حالتى واخدونى معاهم ولما عرفوا الموضوع قرروا يساعدونى من غير تردد
طبعا دا كان أول يوم لنشأة الأصدقاء الثلاثة..مثلث الصداقة الملون زي ما بيقولوا عننا، لإن شخصياتنا وألوان عيوننا مختلفة تمامًا
وكان فكرة ريان انه يشغلنى عنده ولما أقف تانى أرجع وآخد كل حاجه من حقي وأسيبلهم الشركتين بس اللى من حقهم
ريان داهية في الأمور دي، ودايمًا بيقول: أنا بستمتع وأنا بخلي الناس تندم، علشان كدا أفكاره بتكون جهنمية
وببساطة لإنى انا استلمت الشغل فى عيلة العامرى لما كانت شركتين بس وبعدها بقيت سلسلة شركات العمرى بسببي وبمجهودى وتعبي يعني هما ملهمش أى حاجه غير الشركتين دول
وبالفعل خلال اسبوع وبمساعدة الذئب قدرت آخد أملاكى وشركاتى اللى ضيعت عليهم سنين من عمرى سبتلهم الشركتين اللى من حقهم .. وفصلتهم عن الشركتين دول وبدأت أكبر اكتر وأكتر فى الشركات اللى معايا وغيرت اسمها لشركات الهاشمية
وفـي يوم ريان قالى بما إننا صحاب ومنقدرش نفترق فهنخلى شركاتنا زينا وهندمجهم مع بعض ومستحيل يفترقوا
انا وافقت من غير تردد ولو للحظة بس الدمج كان فى فروع الشركة فقط أما الشركة الأم بتاعت ريان وبتاعتي، لا
نظر لها ليجدها تنظر له بعدم فهم ليكمل بهدوء..
- هبسطهالك أكثر..يعنى دلوقتى ريان معاه الشركة اللى هنا فى القاهرة ودى هى أساس الشركة يعنى تقدرى تقولى الشجرة والشركات التانية اللى هي فـي ألمانيا ـ إيطاليا ـ فرنسا ـ وجميع أنحاء ودول العالم دول الفروع زى فروع الشجرة فهمتى
أومأت له بفهم ليبتسم ابتسامة خفيفه مردفا
- وبس من وقتها وأنا كدا..ومش عارف ارجع هشام القديم تانى لحد دلوقتي أهلى بيعتبرونى ميت وزاد كرههم ليا لما أخذت شركاتى ورجعتهم سنين لورا ومفكروش إن دا حقى وانا مخدتش حاجه منهم ولا ظلمتهم
ثم نظر الى ريان وبيجاد مردفا بجملة عميقة جعلتها تشرد بها
_ كل واحد فينا جواه قصة غيرته ومن ساعتها وهو مش عارف يرجع طبيعي زى الأول
عادت من شرودها من تلك الجملة والتى قالها وهى تراها صحيحة مائة بالمائة واردفت حوراء بتساؤل
- أهلك فين دلوقتي
نظر لها ليري فى عينيها أنها لا تسأل مجرد فضول بل لأنها تريد مساعدته ليهتف بهدوء
- على فكرا انتى فيكي كتير من ريان
ابتسمت له بخجل مردفة بمرح تدارى به خجلها
- من عاشر قوماً
هز رأسه هاتفا
- فعلا..عموما أهلى هنا فـي القاهرة
أومأت له وكادت أن تأخذ الطفل الذى على قدمه والذى كان نائما ليردف هشام سريعا
- لالا سيبيه
ابتسمت بخفه وهى تنهض من جواره وتركته شاردا فى ملامح ذلك الطفل النائم بسلام
تنهدت بحزن فـكل شاب منهم يحمل هموما لا تتحملها الجبال
توجهت نحو زوجها والذى كان يراقبها وما إن وصلت له لتلاحظ نظراته نحوها لتهتف بهدوء
- انا كنت...
قاطعها مردفا
- عارف..وانا واثق فيكي ياملكتى يعنى متبرريش ليا حاجه انتى عملتيها
ابتسمت له وهى تنظر له بعشق بادلها هو هذه النظرات وقبل جبينها بخفه لتشهق حوراء بفزع وهى تشعر بأن شئ يجذب ملابسها للأسفل
لينظروا ليروها نفس الطفلة التى كانت تلهو مع ريان ليحملها مجددا وبدأ باللعب معها برفقة حوراء
وبعد وقت...
ظهر القمر مضيئا فى السماء والتمعت النجوم من حوله ليصعدوا سياراتهم ويعودوا الى منازلهم للراحة فهو كان يوم حافل
وخلال سويعات كان الجميع قد ذهب فى سبات عميق....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فى الصباح...
استيقظت وهى تتثاوب بكسل ثم تآوهت مردفة
_ آه رجلى هتموتنى من امبارح
قاطعها صوت رنين هاتفها لتلتقطه مردفة بحنق بعدما علمت هوية المتصل
- اى ياأخ الساعة 5 دلوقتى بترن لى
هتف بيجاد من الناحية الأخرى
- صباح االخير الأول .. فى واحدة تقول لجوزها المستقبلي ياأخ وبترن لي ماشي ياصبا يابنت أم صبا
هتفت بتذكر
- آه مامى وأهلها جيين النهاردة yes
اردف هو بهدوء
- ومايكل كمان انا مش عارف ازاى هينزل وهو بالحالة دى
هزت كتفيها بلا مبالاة وهى تنهض من على الفراش
- مش مشكلة بس انت رجعتوا ازاى
= خليت شوية رجالة يروحوا معاه ويفهموهم إنه كان فى ملهى ولما ثمل عمل مشاكل مع شباب مش كويسة وهما علموا عليه وعلشان هو كل ليلة والتانية فـملهى صدقوا
اردفت بذهول
- وانت عرفت ازاى انه كل ليلة فـي ملهى
هتف بيجاد بثقة
- عيب عليكي لما تسألى بيجاد الكيلانى سؤال زى دا
شردت صبا قليلا ثم هتفت بغموض
- عايزة اقابلك
= عيونى قولى لباباكى واجهزى وهاجى آخدك من قدام القصر
- ماشي
ثم اغلقت المكالمة وهى تنظر أمامها بشرود لتتوجه للمرحاض وهى تستعد لمقابلته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اردف ريان بتحذير لتلك الواقفه أمامه
- وانا قولت لا ياحوراء الموضوع دا انتهى
كادت أن تتحدث ليرفع اصبعه هاتفا بعدما قتمت عيناه
- إياكى مش عايز اسمع صوتك
ثم تركها ودلف الى المرحاض لتتنهد هى مردفة بحنق
- اى دا انا عايزه اقص شعرى هو ماله، متسلط
أتاها صوته من المرحاض
- سامعك ولما اطلع هوريكي انا متسلط ازاى
شهقت بهفة وهى تهمس
- اى دا كمان سمعنى ازاى دا
بعد وقت خرج من المرحاض ورمقها بنظرة أرعبتها ثم وقف أمام المرآة يصفف خصلات شعره ووضع برفانه
اردفت حوراء بهدوء
- عايزة اروح عند اخواتى
نظر لها من المرآة مردفا ببرود
- كنتى معاهم اليوم كله امبارح
اردفت لغيظ من بروده
- اى المشكلة وعايزة اقعد معاهم النهاردا كمان
تنهد بقوة ثم ليلتفت لها ثم قبل جبينها وكفيها مردفا
- يلا اجهزى انا هوصلك
نظرت له بفرحة لتقبل وجنته سريعا وركضت نحو المرحاض ليبتسم هو لها بعشق وهو بهز رأسه بيأس من نفسه فهو لا يستطيع أن يبقي جامدا أمامها لخمس دقائق فقط فهذه الحورية تبدل حاله بنظراتها فقط
بعد وقت خرجت حوراء من الغرفة وهبطت الى الأسفل ثم خرجت من القصر لتراه يقف متكئ على السيارة السوداء التى تشبه ملابسه لتتقدم نحوه بهدوء ليستمع هو الى صوت خطوات الحذاء ليرفع نظره ليطالعها بحب
قبل يدها ثم صعدوا السيارة وانطلقوا نحو وجهتهم...
أوصلها ألاً لڤيلا أخيها ليذهب هو بعدها الى شركته
دلفت الى الڤيلا لترى أخيها يهبط الدرج وهو يحمل آية بين يديه وبجانبهم أريب وهم يضحكون بصخب
اردفت حوراء بإبتسامة جميلة
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نظروا لها بسعادة واشتياق وكأنها لم تكن معهم طيلة يوم البارحة وردوا عليها السلام
هتفت آية بضحك
- خلى أخوكى ينزلنى ياربانزل
اردفت حوراء بتساؤل
- هو شايلك لى
هتف أياد بتزمر
- مزاجي يا أخت منك ليها
ابتسمت حوراء ثم خلعت حجابها لينزلق شعرها الحريري ليصل الى آخر ظهرها مردفة
- اقفلي الباب ياأريب
وذهبت لأخيها تحتضنه ليحتضنها هو أيضا بحنان ثم أحاط خصرها جيداً واستقام بظهره لترتفع قدميها عن الأرض بسبب قصر قامتها وأصبح يدور بها بقوة وشعرها يتطاير خلفها وأصوات ضحكاتهم تملأ المكان
بعد وقت انزلها أرضا ومازال ممسكا بها حتى لا تسقط حتى استعادت توازنها ليجد من يقفز عليه متمسكا برقبته
هتفت أريب بمرح
- وانا ياإيدو
دار بها إياد كثيرا ثم دار أيضا بـ آيـة وأتـت أمينة على أصوات ضحكهم وشاركتهم الضحك
وبعد وقت كان الوضع كالتالى
يجلس إياد أرضا يحتضن بذراعه اليمين آية ويحتضن بذراعه اليسار حوراء وتجلس بين قدميه تلك القصيرة أريب وتستند بظهرها على صدره وهم يتناولون الكثير من التسالى مندمجين مع ذلك الكارتون والذى كان المفضل لهم وهو (ربانزل)
كانت أمينة تنظر لهم بحنان تدعوا لهم كثيرا بداخلها نهضت وأحضرت هاتف إياد وقامت بتصوريهم العديد من الصور وهم لم يلحظوا هذا بسبب اندماجهم مع الكارتون
عندما انتهى هتفت أريب سريعا
- اى رأيكم نسمع توم وجيري
هتفوا جمبعا حتى إياد بحماس
- اه يلا بسرعة
نهضت أريب وقامت بوضع أقراص أخرى ليبدأ كارتون تـوم وجيري، وبدأوا بالأكل وأعينهم مسلطة على شاشة التلفاز بين كل وقت وآخر تصدر أصوات ضحكاتهم المكان بسبب أفعال جيري بـتـوم المسكين
وبالفعل لم تضيع أمينه هذه اللحظات وكانت تقوم بتصويرهم ڤيديو وهم يظهرون به جيداً وهم يستمعون للكارتون مثل الأطفال ومعم إياد الذى يصبح بالفعل طفلا عندما يجلس مع إخوته الفتيات وليس كـذاب قارب على سن الثلاثين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تجمع أضلاع المثلث الثلاثة فى مكتب الذئب
هتف هشام بخبث
- النهاردة بالليل
اردف ريان وبيجاد
- أكيد
وهتف بيجاد بتساؤل
- بس انا ليا يومين شايف ان في ناس جمب الڤيلا بتشتغل..بيعملوا اى دول ولما سألتهم قالولى دا أمر من هشام
هتف هشام بغيظ وصوت منخفض
- ولاد الو... فضحونى
نظر له بيجاد مردفا
- عايز تعمل اى ياهشام..اوعى تقول انك هتعمل المكتب اللى ليك سنة بتقول عليه
التسم له هشام مردفا بإصفراء
- هى المفروض كانت مفاجأة بس خلاص ضاعت..دى ڤيلتك ياعريس مبارك
هتف بيجاد بعدم فهم
- ڤيلتى ازاى مااحنا قاعدين فـؤ ڤيلا
= مااهو أكيد انت مش هتبقي غبي وتتجوز فـي الڤيلا اللى احنا..حط خط تحت كلمة احنا..عايشين فيها ولا اى يابغل
حك بيجاد رأسه من الخلف فهو حقا لم يفكر بهذا الموضوع بهذه الطريقة
أكمل هشام بهدوء
- وبما ان المفاجأة اتكشفت فإعتبرها هدية مسبقا لجوازك وهبقي أسلمهالك كاملة يوم الفرح بإذن الله
نهض بيجاد واحتضنه مردفا
- ابو الصحاب حبيبي يااتش والله تسلملى
عانقه هشام ولم يرد على حديثه التافه بالنسبة له ليسمع بيجاد وهو يهتف
- هات بوسة بقى علشان المفاجأة الحلوة دى
وفى لمح البصر كان بيجاد واقفا فى آخر المكتب بسببب هشام الذى دفعه بقوة وهو يهتف بإشمئزاز
- ابعد عنى يا متخلف أنت
صدحت صوت ضحكات الذئب والذى كان يتابع بصمت مردفا بضحك
- تستاهل يابيجاد الكلب
عاد بيجاد لهم وجلس مجددا مردفا بمرح
- انا غلطان كنت عايز اعبرلك عن فرحتى
نظر له هشام بغيظ مردفا
- محدش طلب منك
قاطعهم صوت رنين هاتف ريان الذى ما إن استمع الى نغمته الخاصه التقط هاتفه وأجاب على الفور وبدون ادراك منه ضغط على مكبر الصوت ليأتى صوتها الرقيق وهى تردف
- رينو
توسعت أعين الثلاثة..كان ريان مصدوماً وكأن شخصاً ما شاهده عارياً..أما بيجاد وهشام كانا هما الشخص الذي شاهده عاريًا
هتف بيجاد وهو يحاول كبت ضحكته
- اخبارك اى يا أختي العزيزة
= مين
كان هذا ردها المصدوم والذى ظهر على صوتها
لم يتحمل بيجاد أكثر لينفجر فى الضحك وتبعه هشام الذى ضحك بقوة وهو نادرا ما يضحكه شئ بهذه الطريقه
هتف ريان وهو يضحك بخفه
- نعم يافضحانى
لم يستمع لصوت سوى صفير الهاتف دلالة على نهاية المكالمة نظر ريان الى الهاتف وكأنه يري تنين برأسين ليزداد ضحك هشام وذلك البيجاد الذى سقط أرضا من كثرة الضحك
اندمجت ضحكاتهم بضحكات الذئب الرنانة
بعد وقت ليس قليل أبدا هدأ ثلاثتهم من الضحك وقام بيجاد بمسح دموعه من كثرة الضحك
نهض بيجاد من على الأرض بصعوبة وهو يجلس مكانه مردفا بضحك هيستيري
- اه مش...مش قادر، بجد تستاهل
اردف هشام لعدم تصديق وضحك
- بقيت رينو ياذئب
اردف بيجاد بشماته
- لا وقفلت فـ وشه كمان..والله وجه اليوم اللى يتردلك فيه جزء من أعمالك
اردف ريان بحنق مصطنع
- خلاص منك ليه مش حدوته هى
أومأوا له وحالوا كبت ضحكاتهم التى اجتاحتهم مرة أخرى ولكنهم لم يستطيعوا لينفجروا فى الضحك وانضم لهم الذئب الذى لم يستطع ولأول مرة الحفاظ على جموده
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- ها ياحوراء كلمتيه
كان هذا صوت إياد والذى كان جالسا على نفس وضعيته يشاهدون شاشة التلفاز
اقتربت منه حوراء ووجها عبارة عن لون أحمر ليحتضنها بذراعه الأيسر كما كان وأكملوا المشاهدة وهى كان قلبها يقرع مثل الطبول لا تستطيع التركيز فى شئ سوى أنها وضعت نفسها فى موقف محرج...محرج جداً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فى ذلك المكان الذى شهد على أول مقابلة.. نظرة.. حديث.. بينهم ها هم الآن يلتقون..ولكن!! ليس کـ غرباء.. أو ک أصدقاء.. بل كـ شخصين مقدمان على الزواج.. على حياة كاملة سيمكثها هذان الإثنان مع بعضهم البعض وإلـي الأبــــد‼..
جالسان أمام بعضهم دون حديث سوى نظرات الأعين..
هو يحاول أن يعلم سبب تلك الحيرة التى بعينيها..
وهى تحاول أن تعلم هل سيكذب عليها أم لا..
قاطع هذا الصمت سؤالها وهى تردف بتوجس
- بيجاد أنا عايزاك تجاوبني بصراحة ومباشرة لو سمحت
وبدون إدراك ارتسمت على محياه إبتسامة بسيطة مردفا
- اكيد، كل ما بينا صدق في صدق متقلقيش
رمقته للحظات بشك ثم أردفت بهدوء
- أنت بتشتغل إيه؟
نظر لها للحظات ولكنه قرر مجارتها فى الحديث وهتف بنفس الابتسامة
- فى شركة الذئب
اردفت بغضب وصوت مرتفع
- بيجاد انا بتكلم بجد
صفع بيجاد الطاولة التى تفصل بينهم بيده بقوة حتى اهتزت مردفا بصوت مرتفع
- صبا وطي صوتك
انتفض جسدها ونظرت له بغضب ليردف هو ببرود وثبات
- مالك فيه إيه؟ رجل أعمال هكون بشتغل إيه يعني، تاجر مخدرات!
نظرت له بتصديق تقريبا
- ما أنا بصراحة مش مقننعة إن رجال الأعمال بيبقى عندهم المقدرة لدخول البيوت وبمهارة أكيد مش مولود بيها، أنت تصرفاتك كلها تدل على كل حاجة إلّا رجل أعمال
عاد لبروده مرددًا
- تدل على إيه إن شاء الله
هزت كتفيها تقول بتخمين
_ مجرم، حرامي.. قتال قتلة، كدا يعني
ابتسم بجانبية قائلًا بسخرية
_ ما شاء الله، هي سمعتي حلوة للدرجة دي، عمومًا عايزك تعرفي إن كل التصرفات اللي أنتِ بتشيري ليها دي أنا تدربت عليها فعلًا، وكذلك ريان وهشام، حبينا فكرة إننا نكون قادرين نحمي نفسنا بنفسنا، ندخل للمكان اللي عايزينه في أي وقت، حاجات بتنفعنا يعني
صمت قليلًا وهو يرى شرودها ليقول مغيرًا مجرى الحديث
- اى رأيك ناخد اليوم فسحة بقى
أومأت له لينهضا معا وأصبحا يسيران وها يتحدثون بـأشياء عـدة وقد استطاع بمهارة أن يشوش أفكارها حول تلك النقطة.
يفكر ماذا ستفعل عندما تعلم هويته الحقيقية، لكن هو فعل هذا لأجلها، فهو فى المخابرات السرية ولن يستطيع إخبارها إلا عندما تصبح زوجته...!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والسَّلام.
مِـنَّــــة جِبريـل.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية الطبيب العاشق) اسم الرواية