Ads by Google X

رواية جميلتي الصهباء الفصل الاول 1 - بقلم عليا شعبان

الصفحة الرئيسية
الحجم

  رواية جميلتي الصهباء كاملة جميع الفصول بقلم عليا شعبان حصريا عبر مدونة دليل الراوايات للقراءة و التحميل


 رواية جميلتي الصهباء الفصل الاول 1

جاب ببصره بينهن ، أصواتهن غلبت الشوق داخله وهو ينظر إليهن ، ثلاثة فتيات، يشبُهانها بقوة تلك الحبيبة التي تركته في مُنتصف طريقهمـا معًا .. أحبها بصدقِ لم ينسيا لحظاتهما الآخاذه ينتقيا من الاسماء مـا يحلو لهما فقد علمـا بقدوم ثلاثة لآلي لينيرن حياتهمـا ، لا يفتيء أن يتذكر حديثها لهُ وهي تقول بنبرة رقيقة تشبُـه إغماضة عينيها الذي غلب عليها السُهاد فـ يُغطي جفونهـا أهدابًا طويلة للغاية ويختفي معهـا جمال سحر عينيها الزرقاوتين في هـدوء ، وفي لحظة الشوق هذه غَلب علي عينيه دمعتـان يفران من موطنهمـا ليجد إحداهن تبتسم في ملكوت ربهـا لتجعله يصبر علي بلاء ربه ، ذا نفسٍ راضية … فـ الآن غادرت هي وتركت له حِمل أقوي من قامات الجبال ، ثلاثة صهباوات في يومهن الأول علي هذه الدُنيا …


_ سرحت في أية يا غالي ؟ ، أكيد فيها !!!
أردفت (مني) شقيقة سالم الصُغري بتلك الكلمات وهي تضع كفها علي كتفه من الخلف ومن ثم استدارت حتي جلست إلي الأريكة المُجاورة له .. رمقتهُ بنظرة هادئة تُرثي بها حال شقيقها الذي لم يهنأ لحظة مُنذ رحيل زوجته ، تنهــدت بثبات فيمـا افتر ثغرهُ عن إبتسامة حانية قائلًا :
_ (ملاك ) مش بس كانت زوجتي ! يا مني ، دي كانت الفرحة اللي حلمت سنين بيهـا .. هي أه ما فرحتش ببناتها يوم ، بس أكيد هنتجمع كُلنا في جناته .. وانا معايا كُنوز الدُنيا مِلك إيديا ، تلات لآليء ونُسخ مصوره منها .
رفع ذراعه إليها ومن ثم ربت علي كتفها بحنو صادق كطبيعة حاله :
_ وبعدين ربنـا يحفظك ليّا ، من يوم غيابها وإنتِ جنبي .. ربيتي بناتي وحافظتي عليهم ، وبيعتي كُل الدُنيا وإشتريتي قُربهم ورضيتي ببُعد جوزك وابنك.
مني بإبتسامة عذبه : ما إنت عارف يا سالم، إن روحي فيهم .. مكانش ينفع إنه يخيرني بينه وبينهم .. ما إنت عارف اللي فيها دي مُجرد تلكيكه مش أكتر ، أمــا إبني فـ مش صغير علشان ينساني .. هو كِبر وفهم إن بُعدي كان خارج إرادتي والظروف كانت أقوي مني .
سالم بتساؤل مُهتم : أه صحيح ، أمال يامـن ناوي يشرفنا إمتي؟ ولا مش قادر يستغني عن بنات فرنســا ؟!!!
مني بضحكة هادئه : قالي علي نهاية الشهر دا ، دا وعدني إنه هيبدأ جلسة العلاج مع بيسان علي أخر الشهر .. وكمان نفسه يشوف مُراد أخوه .
سالم بتفهم : تمام .. والله واحشني جدًا من ساعة تانية ثانوي ما شفناهوش ، أهو دلوقتي بقي دكتور عظام أد الدُنيا ومش عارفين ناخد منه ميعاد .. أنا هقوم بقي أقرأ شوية في القضية الجديدة وإنتِ شوفي مُراد والبنات .
انصاعت (مني) لحديثه فيما إتجه هو داخل غرفة مكتبه فيتوجب عليه توخ الحذر والفصل بين حياته العمليه وبناته .. فيخشي أن يُصبح قاض جائر ويظلم دون قصد منه …
——–
_ لو قولتيها من غير ما تغلطي فيها تلات مرات يبقي إنتِ كدا عليكي جِن !!!
أردف (مُراد ) بتلك الكلمات وهو ينظُر صوب عيناي فداء بقوة ، فيمـا ابتلعت ريقها وأخذت تتلفت حولها لتستقر عيناها عليه قائله بغيظِ :
_ مـا تتلم يا واد ، رعبتني .. مش لازم تبحلق علشان تحسسني إن عليّا جِن .
مُراد كاتمة ضحكته : طيب قولي ياختي!
استقامت فقرات ظهرها خطًا طوليًا ، لتتنشق الهواء داخلهـا ومن ثم تهتف بحماس :
_ وقُبر قرب حرب كلب !
مراد فاغرًا فيه وبنبرة مصدومة قاطعها : أيه اللي إنتِ بتقوليه دا؟؟
فداء ومازالت بكامل حماستها لتستأنف هاتفه :
_ وقُرب قبر حرب كلب ، وقرب قُرب حرب ابن كلاب .
أطلق مراد قهقة عالية وهو يضرب علي وجهه براحته ، فيمـا حملقت به فداء في حماسة قائله :
_ ها ، قولتها صح ؟
مُراد وهو يوميء برأسه سلبًا : وقُرب قبر حرب ، كلب ؟!!!
فداء وهي ترمقه بتلقائية شديدة ، تستشف منه صح الحديث :
_ هي المقابر مش بيبقي فيها كلاب حراسة ؟
مُراد وهو ينتشل منها الكتاب :
_ إطلعي برا يا فيدو خليني أذاكر .. انا واحد ثانوية عامة ومش فاضي لك .
فداء وهي تنظُر له بإمتعاض قائله : إخلص وقولي الطلاسم اللي حصلت دي تاني ، وانا هبقي أعمل إختبار الجِن دا بعدين !!
مراد ضاحكًا : البيت اسمه ‘ وقبر حرب بمكان قفر ، وليس قُرب قبر حرب قبر ‘ .
فتحت فداء فاهها قليلًا علامة البلاهه ومـا أن إنتهي منها ، حتي رفعت يدها عاليًا وراحت تضربه علي كتفه بقوة قائله :
_ كلام جميل ومفهوم مـا شاء الله ، شد حيلك يا بطل وهنبقي نحل مشكلتك مع القبر أو ندفنك فيه عادي .
في تلك اللحظه دلفت (مني) إلي داخل الغُرفة تتفقد ابنها الأصغر ، الذي يدرس في الصف الثالث الثانوي ، كان لا يزال جنينًا عندما تركها زوجها وسافر إلي فرنسا بصُحبه ابنها الأكبر (يامن) ، لم تنسَ جحود قلبه وهو يسلُب طفلها منها ويُبادلها الكُره ولكنه لم ينجح في جعل يامن يبادل والدته نفس الشعور ..
رمقتهمـا بنظرات عابثة وهي تضع كفها حول خصرها وبنبرة مُتسائله تابعت وهي تتوجه بالحديث إلي فداء :
_ سمعلك الدرس كويس يا فداء ! ، ولا كان بيلعب زيّ كُل مرة .
افتر ثغر فداء عن إبتسامة مُختالة ترفع كتفيها بتعالِ لتسند ذراعها علي مقبض الباب بعد أن إتجهت إليه ، ثم أردفت بنبرة واثقة :
_ عيب عليكي يا عمتو .. انا شرحت له كُل حاجه وفهم ما شاء الله .
كـانت مني تسند الباب بجسدها وما أن انتهت فداء من حديثها حتي سارت الأخري للداخل قائله بحُب وهي تتوجه بالحديث إلي ابنها :
_ حبيبي يا مودي .. شـد حـ…
في تلك اللحظه قطع حديثها صوت صراخ فداء وهي تسقط أرضًا عندمـا دلفت مني للداخل ليُغلق الباب وتهوي هي وبنبرة مُتألمة تابعت :
_جالي رباط صليبي في زعزوعة رجلي ، آآآه حرام عليكي يا ولية هلعب الماتش إزاي دلوقتي ؟ .
هرولت مني إلي فداء تلتقطها بين ذراعيها فهي تخشي عليهن آلام الحياة وما أصعب أنواع القلب ألمًا ، مالت بوجهه إلي صغيرتها وبنبرة حانية تابعت :
_ أسفه يا فيدو ..ما أخدتش بالي والله يا حبيبتي ،
ومن ثم استأنفت حديثها تنهرها بحنية : وبعدين ولية أيه؟ وماتش أية دا يا فيدو !!! .. يا بنتي إنتِ ما كُنتيش كدا ، وعارفة كويس ان باباكي مش حابب الألفاظ دي ، يقطعها الصحافة .. أدي نواتجها .
فيداء وهي تُبرق لها بعينية في إنفعال وقوة : كُله إلا الكورة .. دا انا كمان إنضميت للوايت نايتس بنـات ونخربها ، كدا هبقي برا التشكيلة يا مُنمن .
مراد كاتمًا ضحكته : هرمونات الذكوره في تصرفاتك جاحدة أوي ، رغم إن شكلك أنثوي فجّ .
إستندت فداء علي ذراعي عمتها ثم سارت ناحيته بخُطوات مُذبذبة لتعض علي شفتيها غيظًا فيما قال وهو يتراجع بقلقِ :
_ أنا أسف .. إنتِ بنوته غصب عن أي حد .
في تلك اللحظه كورت قبضتها حتي قربتها من وجهها وراحت تقبض علي أنفه بقوة وبنبرة مُغتاظة تابعت :
_ ما تقوليش بنت ، أنا راجل أخواتي وبس .
تبادل كلًا من مراد ومني نظرات تساؤلية مذهولة فقد فغـر مُراد فيه في صدمة من جوابها وهنا حررت أنفه وراحت تلكمه في صدره بخفة :
_ أما أروح أشوف بيسو وعنقود .. وانت علي فكرة مش ضروري تذاكر .. كدا كدا الأهلوية محظوظين وبينجحوا في أي حاجة .
مراد وقد قهقه عاليًا : طبعًا ، التالتة شمال بيهزوا جبال ، النهاردا الماتش وهخلص مذاكرة ونتجمع علشان أحفل براحتي .
جدحته فداء بنظرة غامضة وقد أطالت بها ومن ثم مالت بجذعها العلوي للأمام قليلًا حتي التقطت حذاءها وما أن رفعت جسدها قليلًا حتي وجدته في سرعة البرق كان قد إختبأ خلف الفراش لتقول هي بنبرة متوعدة :
_ بتستخبي ليه يالا ، إنت مش لسه كُنت بتهز جبال .. وحياة أُمك مُني لو ما طلعت من تحت السرير لـ أهزه لحد ما يتطربق علي دماغك .
مُني وهي تجذبها من ذراعها بقهقه عالية : يخربيت عقلك .. دا البيت هيبقي دم للرُكب النهاردا ، روحي شوفي أخواتك يا هانم .. وبعدين إنتِ مش مشيتي البنت المسؤلة عن (بيسان) ، إتفضلي قومي بالدور إنتِ !.
فـداء وهي تنظُر له بنظرات شريرة متوعدة ومن ثم إتجهت صوب باب الغرفة وكانت تتبعها عمتها .. قربت فداء ذراعها ناحية جانب عمتها الأيمن لتُداعبه مُرددة بثبات :
_ أنا بغير علي إخواتي .. وما حبش حد يساعدهم غيري .
——-
حدقت بشقيقتها في إنبهار شديد ، صفقت بإعجاب وافــر وأخذت عيناها تغدو وتروح مع جسد شقيقتها المُتمايل وهي ترقُص (رقصًا شرقيًا ) .. قامت فـداء بفتح باب الغرفة بهدوء شديد .. جحظت عيناها وهي تنظُر إلي شقيقتها المجنونة تتمايل بخفة وساعدها علي ذلك جسدها النحيل والأكثر صدمة إرتدائها لبدلة رقص تُظهر أكثر مما تُخفي ، ومن ثم تحولت إلي شقيقتها الهادئة التي تجلس إلي مقعدها المُتحرك وقد إندمجت مع شقيقتها بمرح …
سـارت فداء حيث تجلس بيسان بمقعدها ، إرتسمت ضحكة بلهاء علي شفتيها ، لاحظت بيسان وجودها لتقول بنبرة هادئة :
_ أيه رأيك يا فيدو ؟ .. عنود قررت تعلمني الرقص .. وأهي حاجه مفيدة بدل الملل دا .
فداء وهي ترمقهمـا ببلاهة : ما شاء الله ، قررت تعلمك الرقص ؟! .. لأ حقيقي ربنا يفتح عليكم ، دي حاجه عظيمة خالص .
لم تلحظ عنود وجود شقيقتها الثالثة فقد سبحت في عالم أخر ، فهي العاشقة لحُريتها حتي لو تمثلت في أبسط الأشياء كالرقص ، فتجدها كُلما يضيق بها الحـال ، ترقص .. حتي تعود من جديد أكثر تماسكًا ، توقفت عنود في تلك اللحظه ومن ثم راحت تنظُر لشقيقاتها قائله بفرحة :
_ أيه رأيكم ، أدائي بيرفيكت (perfect) مش كدا ؟!
بيسان وهي توميء برأسها إيجابًا في سعادة :
_ جدًا يا عنود .
رفعت فداء شفتها العليا قليلًا لتميل علي جنب وهي تنظُر لـ (بيسان) ومن ثم إتجهت ببصرها ناحية عنود لتقول بنبرة ساخرة :
_ لا دا إنتِ عظيمة يا عنقودة قلبي ، انا من رأيي تشتغلي في شارع الهرم ؟!
عنود بفرحة وهي تحتضنها : بجد يا فيدو ؟؟؟
إتسعت حدقتا عيناي فداء في إندهاش من فرحة شقيقتهـا .. مازالت عنود تحتضنها ، لتردف فداء بنبرة مذهولة هادئة :
_ هو انتِ فرحانه يا دلعادي؟
إبتعدت عنها عنود قليلًا ، لتضم راحتيها إلي بعضهما في رقة ثم قالت بفرحة :
I really love you , sweeto .
فداء وهي تنظُر بإتجاه بيسان : حلو خالص والله ، وتاخدني معاها بقي أرمي عليها فلوس .. وناخد سُلم يرمي معانا ، ونبقي عيلة أوبن مايند بقي .. مش عاوزة أقولك أبوكي هيفرح بالخبر دا أد أيه ، يا بجره؟
عنود وهي تضع يدها علي فمها وتشهق في ذهول : اووه .. انا بقره يا فيدو ؟ ، بتشبهيني بالكاو ؟ (cow) .
فداء وهي تلتقط ذراعها ثم تضرب علي ظهره بغيظِ : اه بس ملونه وصفرا ..أنا اسفة للبقره يا عنقودة قلبي .
عنود وهي تُلفت ذراعها منها ومن ثم تتابع بحنق : ثم إنك Savage (متوحشة) بجد ، وبعدين أيه عنقودة دي ؟ .
بيسان بهدوء : خلاص يا بنات .. إتصالحوا .
فداء بنبرة عالية : غوري أقلعي الفضايح دي يا بنت سالم ، جاتك القرف وإنتِ شبه الفرولاية المُنحرفة كدا.. وإنتِ يالا علشان أديكي العلاج ، أنا واحدة عندي ماتش وعاوز أتفرج ومش فاضيه لكم .
إتجهت عنود صوب غرفة تبديل الملابس المُلحقة بالغرفة الكبيرة ، الموجود بها فراش لكل واحدة منهن ، أخذت تضرب الأرض بقدمها .. رغم عشقها للحُرية وإلقائها بكلام الناس عرض الحائط ، إلا أن (فداء) وحدها من تكبح جماح طموحها وتُحاول جاهدها أن تجعلها ذات شخصية مُستقيمة .. هي هكذا بالفعل ولكن ميولهن إختلفت ويبقي أصلهن هو الباق ..
_ فيدو ؟؟؟
زفرة فداء زفرة مُطولة بعد ان غابت عنود داخل حجرة تبديل الملابس ، إلتفتت حيث شقيقتها الأُخري وبنبرة هادئه تابعت :
_ أيه يا قلبي ؟
بيسان بخجل قليلًا : إبراهيم هيقابلني بُكرا .. بس مش هنا في القصر ، علشان بابا مش بيخلينا نقعد سوا .. فـ هنروح انا وهو مطعم برا ، ممكن تختاري لي فستان بالمناسبه دي ؟؟
كبا لون وجه (فداء) وهي تستمع لحديث شقيقتها ، جال الدمع في عينيها لوهلة وقد شردت بعقلها قليلًا ، وراحت تبتسم إلي بيسان بنبرة واهمية مُختنقة :
– إبراهيم تاني يا بيسان؟
بيسان بوجة عابسٍ : تاني وتالت ومليون يا فداء ، دا حبيبي وخطيبي .
قالتها وهي تُحرك الدبلة بين أصابعها في شرود وحنو غلب علي نبرة صوتها فيما أسرعت فداء بضمها إلي صدرها وراحت تمسح علي خُصلاتها الحمراء الناعمة لتتنهد تنهيدة حـارقة لا راحة بها وبنبرة ثابتة قالت :
_ ربنا يريح قلبك يا بيسـان .
———
_ أيه مش ناوي تنسي بقي يا بني؟ ، يمكن الطريق دا ما كانش خير ليك؟!!!
ربت علي كفه من الخلف ، ذاك الأب الحنون الذي يشغل مكانة قاضِ في إحدي المحاكم ، يسكُن بإحدي القري الصعيدية وهو عُمدة هذه القرية ، أنزل (قُصي) سلاحة بعد أن صوبه بإتجاه الفريسة التي تقع علي بُعد أمتار طوليًا منهُ ، تنهد قُصي بإختناقِ ليردف بنبرة خشنه تنم عن وظيفة صاحبه ، بلي وظيفته السابقة :
_ غصب عني يا جمال بيه ، قُصي الدمنهوري ما كانش مُجرد ظابط .. أنا وقفت جنب البلد دي كتير ، ويوم مـا أغلط غلطة في مأمورية تكون عقوبتي إن إتوقف عن شغلي ؟؟؟ ، وبعدين فين حصانتي .. هو أنا مش ابن قاضي ولا أيه؟
جمال بإبتسامة هادئه وهو يُجاوره ناظرًا للسماء : لا يا قُصي .. إنت ابن جمال بس ، يمكن كان هيبقي معاك حق لو أنا راجل بضميرين ، وبستغل منصبي ، وما أعتقدش إنك بتحب الواسطة ؟
قُصي وهو ينظُر لوالده بجانب عينية وبنبرة ثابتة تابع : عندك حق ، بس المرة دي الوضع إختلف .
جمال وهو يمسح علي شعر ابنه بحنو :
_ عدي سنه علي الموضوع دا ، وإنت لسه عندك أمل ترجع .. إنت أه ظابط كُفء بس الغلطة في الشُرطة بـ فوره ، يمكن إنت وقت المأمورية دي أنقذت الموقف بس عرضت ناس تاني للخطر .. وانا لسه عند كلامي ، إبدأ من جديد يا قُصي في مجال الأعمال العالمية ، صدقني هتكون رجُل أعمال ناجح وهتلاقي بسهولة فكرة لـ شركتك الجديدة .
عــاد قُصي ينظُر امامه من جديد ، يبحث في معالم حديث والدهُ ، كيف لـ ضابط شُرطة أن يُصبح رجل أعمال فجأه ؟! ، كيف سيفعلهـا؟ ، افتر ثغرهُ عن إبتسامة ساخرة غامضة ، فيمـا تابع جمال بهدوء :
_ استأذن انا يابني .. عندي جلسة في المحكمة بعد ساعتين .
أومأ (قُصي) برأسه دون أن ينبس ببنت شفةٍ ، ومـا أن غادر والدهُ حتي هوي إلي المقعد الخشبي المجاور له داخل حديقة هذا البيت الريفي الكبير .. حيث تحده هذه الحديقة من جميع الجهات عدا الجهة الأمامية الخاصة بـ الباب الرئيسي ، مـال بجسده للأمام قليلًا ومن ثم وضع وجهه بين ذراعيه فهو ذاك الشاب القوي الذي لا يُعرف عنه الضعف .. فقط القوة والصلابة هما المُشكلان لـ شخصيته وأصبح في الآونه الآخيرة يواعد فتيـات حتي حطم بهن الرقم القياسي ، لا يعرف الجدية في علاقة كهذة .. فـ مُجمل علاقته بالنساء هي ليلة واحدة تجمعه بهن وبعد ذلك يتوجب عليهن نسيانه بعد مبلغ من المال ، أمـا كلمة زواج لا يعترف بهـا مُطلقًا …
——-
_ “عُمري ما هنسي أبويا وهو ياخدني ، الاستاد من صُغري في حُبه بيعلمني، قالي يابني الزمالك هو حياتنا ، والدُنيـا فانية وأيه غير حُبـه مالكنا ! ، اوووه اوووه “.
صـــدحت بصوتها تُغني في أرجـاء الغرفه ، وقفـت علي الفراش وقد أمسكت بشعـار الفريق في أحد كفيها وبالأخر تُقرب الريموت كنترول الخـاص بالتلفـاز من فمهـا ، تأففت إحداهن (عنود) من ضجيجها لتُتابع من بين غيظها ،،،
– اوووف بجد ، قولت لك مليـون مرة ما بحبش الكـوره وبعدين بابي أصلًا أهلاوي يا ناصحة ، أبقي شيلي المقطع دا ، It’s very boring.
هـي بحدة من بين عينيها :
– انا هسامحك علي اللي قولتيه دا ، مش علشـان إنتِ أختي ، لأ .. علشان إنتِ شبهي ومن نفس البطن .
في تلك اللحظه سمعـن صوته ، يهتـف بلهجة جهورية قائلًا :
– يا بلاء القصــر !!!
بيسان بتلعثم : إلحقي يا بلاء ، قـ قـ قصدي يا فـداء ، بابا بينادي عليكِ ، يا تري عملتي أيه المـره دي !!
إلتفتت فـداء إليها ثم رمقتها بنظرة ثابتة من فوق كتفها قائلة :
– انا فـداء العامري ، أعمل اللي انا عـوزاه .
قـام بفتح الباب علي الأثـر ، وقد عبرت قسمات وجهه عن الغضب الجامح وهنـا تابع وهو يهدر بهـا ،،،
– بتضربي الناس بالطوب في المُظاهرات يا فـداء !
حملقت إليه في فـزع ، ومن ثم هـرولت تحتمي بشقيقتهـا التي تصغرها بدقائق فقط (بيسان) ،،،
– هم اللي بدأوا ، قـالوا عليا صحفية نص كُم ،
ومن ثم استئنفـت حديثها وهي ترفع إصبعها السبابه عاليًا وبنبرة متوعـدة تابعت :
– انا فـداء العامري ، أكبر صحفيه في الشرق الأوسط يتقال عليا صحفيه نُص كم ! ، ليه ! ، هُزلــت ، رد يا بابي .. القطـة كلت عيالهـا !
قـام بإلتقـاط إحد ثمرات التفاح الموضوعه علي الطاولة أمامه ومن ثم القاهـا في وجهها ، سارعت هي بالإمساك بها ومن ثم رددت بنبرة ثابتة …
– تُشكر أذوووق ، كُنت جعانة ، تترد لك في الأفراح يا سُلم .
ضغط علي عينيه في إنفعال حاول كظمه ، أشار لها بكفه في هـدوء قبل أن يُتابع بثبات :
_ تعالي يا حبيبتي هنا ، تعالي يا بلاء هقولك ما تخافيش .
فداء وما زالت تحتمي بمقعد شقيقتها لتقول بنبرة ثابتة مُدعيه الذكاء :
_ وإنت فاكر إنك كدهون بتثبتني؟ ، لأ يا صاحبي مش هفترق عن أُختي وأروح لك !!!
في تلك اللحظه هتفت عنود بنبرة تشفِ وهي تهرول ناحية والدها ثم تقدم له أحد أحذيتها قائله :
_ إتفضل يا بابي ، علشان إنت ناسي الشوز اللي هتضربها بيه .
رفعت فداء أحد حاجبيها بخُبث وهي تري نظرات عنود المُتحدية لها فيما تابعت بيسان بتلعثم : بليـز يا بابي ، خلاص .. وبعدين مـا أكيد ضايقوهـا بحاجة ؟
في تلك اللحظه سار سالم ناحية ابنته ، ومن ثم ألقي الجريدة علي قدمها ليقول بنبرة جامدة :
_ إتفضلي شوفي أختك جايبه لي الكلام إزاي ، شوفي الخبر اللي الهانم كتبته عن أحد الصحفيين .
رفعت بيسان الجريدة أمام بؤبؤي عينيها مُباشرة ، أخذت عيناها تتسع رويدًا رويدًا ومن ثم ألقت الجريدة أرضـًا وقد تخضبت وجنتيها خجلًا ، رمقها والدها بنظرة مُتفهمة فهي الأكثر خجلًا منهن علي الإطلاق ، مـالت عنود تلتقط الجريدة وما أن استقامت حتي نظرت إلي العنوان وراحت تشهق في هدوء :
_ اوووبس ! ، صورتي الإعلامي بـ الفانلة الحمالات والكلسون؟
فداء وهي تنتشل منها الجريدة ثم تضرب علي اوراقها بثبات : وفيها أيه يعني ؟ ، هو مش قال إني صحفية وتصرفاتي رجولية وغير محسوبة علي جنس السيدات ومش بعيد أكون بلبس كالسون علشان أنا بيئه ؟! ، فـ أنا بقي صورته وهو واقف قدام بيسين ڤيلته ولابس كلسون ، نسي نفسه المعفن .. أنا فداء العامري ، مثال الكرامة والصمود وحقي برجعه بدراعي.
سالم بغيظ : هو الراجل يعني ما غلطش ، أمال مين اللي كان لابس كلسون بني إمبارح؟
عنود وهي تتخصر أمامهم : فعلًا يا بابي وكان فيه rope (حبل) طويل أوي بيئه جدًا ، وكُل شوية تضربني بيه .
فداء وهي تعض علي شفتها السُفلي بغيظ : أه يا حُقنة يا عنقودة مُتعفنة ، يا بتاعت شارع الهرم !!!
رمقتها عنود بعينين جاحظتين ، وضعت يدها علي فمها في خوف تُرسل لها نظرات تحذيرية من أن تفصح عما دار بينهن أمام والدها فيما تابعت فداء بتشفِ :
_ بنتك الطاهرة الشريفة يا بـابا ، قررت تذكي عن صحتها وعافيتها وتتبرع للغلابة بحاجه مهمة أوي .
سالم مُضيقًا ما بين حاجبيه بتساؤل : تتبرع بأيه ؟
فداء وهي تتمايل بجسدها يمينًا ويسارًا :
_ بوسطها يا سُلم ؟ ، بنتك عاوزه تشتغل رقاصة يا سُلم .
سالم مُحدقًا بهن في صدمة: نعم ؟؟؟
عنود بنبرة مُتلعثمة : لا يا بابي أوعي تصدقها ، أنا عاوزة أبقي dancer في أماكن راقية مش بلدي !!!!!
لم تنته من حديثها حتي وجدت الحذاء يلزق بوجهها ، وهنـا أطلقت فداء قهقة عالية وهي تهتف بتشفِ :
_ عمال أقولك بلاش انا بلاش أنا ، ألبسي بقي .
——-
_ يعني إنت قررت أيه يا حظابط ؟
أردف فايز صديق قُصي بتلك الكلمات في تساؤل أثناء جلوسهما بأحد المطاعم ، رفع قُصي الشوكة الي فمه ليلتقط الطعام من علي طرفها ، يلوكه في شــرود قائلًا بنبرة عميقة :
_ لسه بفكر في كلام الحاج ، بس تفتكر لو هعمل شركة ، يبقي إيه إتجاهها ؟؟
سـاد الصمت بينهما قليلًا حين أتت النادلة لترفع الطعام عن الطاولة لتردف برقة وهي تنظُر ناحية قُصي الذي بادرها بغمزة من عينية فتقول :
_ أتمني يكون الأكل عجب حضرتك ؟
فايز مُقاطعًا إياها : هو انا شفاف ؟ ، مش هتسأليني عجبني أنا كمان ولا لأ .
رمقته الفتاة بنظرة باردة ومن ثم سـارت مُبتعدة عنهن ، أخذا يرمقاهـا مُطولًا حتي توارت عين أعينهمـا ليلتفت له قُصي مُرددًا بإبتسامة غامضة أعقبه غمزه من أحد عينيه :
_ أيه رأيك؟ ، في شركة أزياء وبنات ونعيش!!!
يتبع….

google-playkhamsatmostaqltradent