Ads by Google X

رواية العسقلة الماكرة الفصل التاسع عشر 19 - بقلم ايمان كمال

الصفحة الرئيسية

 رواية العسقلة الماكرة الفصل التاسع عشر 19 - بقلم ايمان كمال 

الفصل التاسع عشر

ياسر بدموع بتنزل مش بتقف قال: اعمل اية يامرزوقة؟ انا مستعد لأي حاجة المهم ماما تكون كويسة؟!

مرزوقة بحماس وقوة، قربت من ودنه وهمست له هيعمل إيه ؟!
فضل يسمع وبرغم ان كلامها ده كان بيحرق قلبه، لكنه فضل سعادة امه على روحه، نزل مكتبه وقعد على كرسيه بتقل شديد على الخطوة اللي هيقبل عليها، بس للأسف مفيش مفر منها، لو هيقدم روحه ليها عشان تكون طوق نجاة مش هيتأخر ابدا، بصوابع مهزوزه طلب اكتر رقم بيكره ومش بيطيق صاحبه، بس ملقاش رد منه، حمسته مرزوقة بعنيها بترجي انه يجرب تاني، وفعلا رن عليه، كان في الوقت ده سليم مشغول في كشف، ولما خلصه بص على الرقم وكان مش هيرد، بس قلبه خاف يكون في حاجة لحبيبة عمره، رد عليه برسميه شديدة وقال: نعم، خير. 
ياسر بلع ريقه ملقاش اي لعاب يطري حلقه، لمح كوباية ميه شرب القليل منها ورد بعد ما اتنحنح: سليم تعالى بسرعة الحق ماما منهارة. 

وقف سليم اول ما سمع حروف اسمها ومقدرش يسيطر على دقات قلبه من سرعتها، فسأله: مالها شادية؟ انطق فيها إيه ؟ 
غمض ياسر عينة بألم وقاله بصوت ونبره مخنوقه بيقاوم انها تطلع بوضوح: مش عارف لاقتها واقعه على الأرض ومنهاره من العياط وبتقول حب عمري ضاع، انا اللي بترجاك دلوقتي انت تلحقها، انا مليش حد في الدنيا دي غيرها. 
قاطعه سليم ورد بلهفه بعد ما فهم ان رسالته هي السبب: مسافة الطريق وهكون عندك. 

قفل معها ياسر، ورن على صديقة مجدي، يطلب منه يجيب مأذون ويجيله حالا، استغرب مجدي، بس ياسر قاله: متتأخرش انت بس، ولما تيجي هفهمك على كل حاجة يا مجدي. 
مجدي بقلة حيله رد: حاضر مسافة الطريق وهكون عندك. 

مر حوالي اكتر من نص ساعة، كانت بالنسبه لياسر ساعات طويله، شريط ذكرياته كلها مر زي شريط السينما قصاد عينه، كأنه فيلم وبيتعاد قدامه، كل لحظة ضمته فيها وهو بيكي..كل فرحه شاركته فيها ..كل لحظة حزن مرت عليه لما كان بيجيب درجة مش حلوه وهي كانت بتشجعه وتقوله انها مش نهاية العالم.. عمرها ما زعلته في يوم.. عمرها ما قالتله كلمه تجرحه، كانت بتعامله يمكن افضل من امه الحقيقية لو كانت عايشه..
شادية كانت اول حضن حقيقي داق فيه الحنيه والدفى .. اول ايدين كانت بتدلع وتطبطب.. ايوة هي كل حاجة ليه من الدنيا.. وحبه ده نابع من حنانها وطيبة قلبها معاه، هو مش اناني زي ما بتتهمه مرزوقة؛ هو محب لأكتر انسانه علمته معنى الحب والأمان، وقصاد ده لازم يبديها هي على سعادته؛ لانها لما تكون سعيده أكيد هيفرح لسعادتها..

سليم بيسوق بسرعة جنونيه، ساب كل المرضى وكل حاجة وجري بلهفة وشوق عشان يلحقها، دموع شوقه وخوفه عليها عينه كانت بتسبقه، طول الطريق بيعاتب روحه انه السبب في اللي وصلت ليه ده، لكن قلبه معذور مقدرش يتحمل بعادها بعد ما لاقها والقدر جمعهم من تاني، حس بضعف وقهرة تملكته، وسؤال واحد بس بيردد في ودنه، هيعمل إيه لو جرالها حاجة؟ ازاي هيتحمل بعادها ويشوفها بتتعذب وهو متكتف الايدين ؟! مسح دموع القهر والعذاب، ودعى ربه في سره انه يجمعهم في حلال ربنا، وانه يلحقها قبل ما يفوت الأوان .
اول ما وصل جريت مرزوقة تفتح الباب، سأل بعينه عليها، ردت : فوق من ساعتها مش عايزة حد يدخلها.

قرب منه ياسر وقاله بحزن شديد واضح على وشه: مش وقت اي خلافات بينا، لو ملحقتهاش، هنخسرها احنا الاثنين.

قلب سليم وجعه اوي عليها، مشي معاه بخطوات سريعه واخد السلالم في كام خطوه وطلع لاوضتها، فتحها واول عينها ما وقعت عليها في الأرض قلبة اتوجع لحالتها، اللي المره دي هو المتسبب فيها، شاف حزنها وسمع نحيبها ودموعها اللي غرقت فيها، صعبت عليه، نادى اسمها حست انها بتحلم، كررها تاني، التفتت له، قرب منها وضمها لحضنه بكل شوق وحنين ليها، وخوف حاسس انه هيقضي عليها، اديها كانت بتتحسس وشه وعينيها مش مصدقه انه حقيقي، همست له بحب: بجد انت هنا؟ يعني انا مش بحلم يا سليم؟ انت مسافرتش وسبتني؟
سليم وهو ضامم بأيده كتفها قال بحنان: انا هنا بين ايديكي ياعمري، مقدرتش اسافر واسيب روحي عندك، يا توأم روحي وعمري كله إزاي بس اتخلى عنك.
شادية بدموع نازله بسرعة شلالات مش بتقف: بجد مش هتبعد عني يا سليم؟ 
سليم بيمسح دموعها بحنان قال: عمري ما هسيبك ابدا يا نن عين سليم.

برغم العذاب والغيره اللي حاسس بيها ياسر، إلا ان مع نظرة السعادة اللي شايفها في عنيها، هونت عليه كتير، فقرب منها واخدها في حضنه وقال لما سمع صوت جرس الباب:
سعادتك هي اللي تهمني، ولو سعادتك هتكون معاه؛ انا موافق تتجوزيه يا ماما.
علامات الذهول والدهشه اترسمت على وشهم، فرد سليم بصعوبه: ببببجد يا ياسر؟
شادية اكدت كلامه، فبتسم ياسر ماكد: ايوة بجد، وعشان تصدقوا المأذون تحت عشان يكتب الكتاب.

وعند اللحظة دي مقدرش سليم يستوعب المفاجأة، ضم شاديه اوي، وباس جبينها، ولما لمح نيران الغيره على وش ياسر خرجها وقال: انا حاسس اني بحلم يا شادية، اخيرا حلم العمر هيتحقق، قومي حاولي تقفي على رجلك، اللي عندك ده حاله عارضة، ساعديني يا عمري واقفي نوري الدنيا من تاني.

شادية السعادة مكنتش سيعاها، مسكت ايده، والايد التانية مسكها ياسر، والكل بيشجعها انها تقوم تقف على رجليها، مع اول محاوله مقدرتش، شجعتها مرزوقة وسليم، وعين ياسر بتقول قومي عشان خاطري، بتترجاها وتحفزها، بعد عدة محاولات، اخيرا وقفت واتحركت ببطئ شديد، اخدها ياسر والفرحه بتتطاير من وشه في حضن كبير اوي، الفرحه ملت كل الوجوه، لكن فرحة سليم بوقوفها على رجليها وقربهم من بعض مكنتش سيعاه، خرج سليم وياسر ونزلوا تحت عشان مرزوقة تساعد شادية وتجهزها، واول ما نزلوا سليم طبطب على كتف ياسر وقاله بصدق: انا مش عارف اشكرك ازاي، انت رديت ليا روحي النهارده، تأكد اني عمري ما هزعلها في يوم.
ياسر بتنهيده خارجة من جواه: انا حاولت كتير اقبل لكن كان صعب اني اوافق، بس لما لاقتها هتضيع مني في لحظه ادركت انك انت اللي في ايديك ترجعها لينا، حتى لو سعادتها هتكون على حساب سعادتي، انا هوافق، بس ليا شرط وحيد، ومش هتنازل عنه.
سليم بتأكيد: وانا موافق على اي حاجة المهم شادية تكون معايا.
ياسر بتردد: مش تسمعه الاول، يمكن ميعجبكش؟
سليم باصرار: مهما يكون موافق.
ياسر اطمن وقاله: ان ماما تسكن قريب مني، والفطار والغذاء يكونوا معايا، ولو حابب طبعا تيجي تشرف،  تقضي اليوم كله هنا، وبليل بعد ما تخلص العياده تاخدها وتروحوا مع بعض والعشاء تقضوه سوا، قولت إيه ؟

هز سليم راسه بالموافقه على شرطة، حتى لو كان الثمن انها تقضي معاه ساعة واحده في اليوم هو راضي، وهتكون الساعه دي اجمل لحظات بيعشها، فاق على صوت المأذون بيستعجلهم، قربوا منه وقعدوا منتظرين شادية اللي نازله على السلالم، بتتبختر وحاسه ان اخيرا الدنيا ابتسمتلها النهاردة بس، كانت زي القمر وكأن السنين اللي فاتت مسبتش اي اثر على ملامحها، بل بالعكس بدلتها لنور وبهجة غريبه، زي ما تكون الفرحه فعلا زادتها جمال ورقة بفستانها الفضي، اللي لحظة ما لبسته افتكرت انها اشترته لما عجبها وفضل سجين، محبوس في دولابها، زي مشاعرها ما فضلت محبوسه سنين جواها خفيها عن اقرب ما ليها، والنهارده بس اتحررت من كل القيود، وطارت العصفوره من حبسة مشاعرها وهدوق طعم الحب اللي حرمته عليها الايام، والنهارده كأن الفستان اكتب على اسمها انها تلبسه في اسعد يوم في حياتها، وقف سليم ومسك اديها وباسهم، وقعدها على يمين المأذون وطلعت البطاقة وادتها له، وكمان سليم والشهود، وبدأ يكتب كتابهم بعد ما حطت اديها في ايد سليم في وثاق ابدي، ورددت كلامها اللي القى عليه المأذون:
زوجتك نفسي بنفسي على سنة الله ورسوله.
رد قلب سليم قبل لسانه: وانا قلبت زواجك على كتاب الله وسنة رسوله.
وهنا قال المأذون جملته الشهيرة واعلنهما زوجًا وزوجه امام الله وجميع الحضور قائلا "بارك الله لهما وبارك عليهما وجمع بينهما في خير"

بارك لهما الجميع، وعبرت مرزوقة عن فرحتها واعلنت صوت الزغاريط لتملئ كل أركان البيت، وهنية جابت الشربات توزعه على الجميع، مسك سليم اديها وقامت معاه، باس جبتها بحب وعيونهم كانت بتنطق اللي مخبياه قلوبهم من فرحه، اشتد في ضمها اوي، كأنه عايز يخبيها بين ضلوعه.
مضى ياسر ومجدي شهود، ثم قام وبارك ليها، وبيحاول يداري اي حزن عشان متزعلش، ضمته بحنان امومي، وهو بارك ليها وسابها معاه.
هنية حطت ليهم الجاتو اللي جابه مجدي مع شوية حلويات، وصاه ياسر يشتريهم، والكل احتفل، ومحدش كان حاسس باللي جواه غير مرزوقة اللي قربت منه لما فضل يقف لوحده، وبص على فرحتهم ببعض من بعيد، وافتكر كلام مرزوقة ليه وهي اللي ساعدته وخلته ينفذ اصعب قرار اخده في حياته، فاق على صوت مرزوقة بتقوله: اللي عملته ده عين العقل يا استاذ ياسر، السعادة الحقيقية هي اننا نفضل غيرنا على نفسنا، اننا نشوف سعادتهم جوة عيونهم، حتى لو احنا هنتعذب شوية، بس الفرحة اللي هي فيها تستاهل اننا نضحي.

اخد نفس من سيجارته وخرجه بوجع  وبصلها وقال: عندك حق، اللي مهون عليا حزني فرحتها دي.

سكت شوية وركز اوي في عيونها وقال بكل صدق وامتنان: انا مش عارف اشكرك ازاي على وقفتك معانا، لولاكي كنت هفضل اعمى ومتمسك برأي واحرم ماما من السعادة اللي شايفها في عنيها، انتي يا مرزوقة غيرتي فيا حاجات كتير اوي، واحيتي جوايا حاجات مكنتش افتكر انها موجوده اصلا.

كانت تسمعه وهي غرقانه في نبره صوته الهادية، الناعمه، وحست انها طايرة زي الريشه فوق السحاب، ومش عايزة تنزل ولا تلامس الأرض، غمضت عينها تستمتع بجمال اللحظة، لكن فاقت على صوت مجدي داخل عليهم وبيقول ببتسامه: مبروك يا ياسر، عقبال ما اشهد على عقد جوازك، محتاج مني حاجة تاني.
صدى الكلمه هز جدران قلب ياسر، واتمنى للحظة يعيش نفس السعاده دي، لكنه فاق بسرعة وقاله: شكرا جدا يا مجدي، تعبتك معايا، بس انت عارف قراري في الموضوع ده كويس.

هنا اخدت مرزوقة الطعنه في قلبها وسكت، كانت مسالمه جدا، منزوعة السلاح مقدرتش لا ترد الطعنه حتى ة بالكلام، فانسحبت بهدوء وراحت تقعد مع شادية، واول ما اتحركت، ضربه مجدي على كفته بغيظ وقال: في حد يقول كده قدامها، يا عم قول ربنا يسهل، ربنا يكرم، اي دعا والسلام، انما ردك الناشف ده رخم زيك.
قعد ياسر ورجع بذاكرته لورا سنين طوال، لما قرر انه يقفل قلبه وميفكرش يتجوز عشان ميجيش الموت في لحظة يخطفه ويرمل مراته ويسيب عياله في الدنيا لوحدهم يجربوا نفس اللي عاشة، رد قال بوجع: كده افضل عشان مديش اي أمل يتولد جواها هي او غيرها، انت صديقي الوحيد يا مجدي واتكلمنا كتير في موضوع الجواز ده، ورأي مش هغيره.
مجدي بهدوء وجديه قال: انت كده بتظلم نفسك وبتظلمها، انا حاسس ان جواكوا حاجة حلوه لبعض، ليه عايز تموتها؟
ياسر بوجع في قلبه: تموت دلوقتي احسن ما اموت انا وتدفن معايا كل المشاعر الحلوه، وتعيش حزينه، كده احسن، وارجوك متفتحش كلام في الحكاية دي تاني.
مجدي وهو بينفخ منه بضيق: انت دماغك جزمه قديمه اصلا، وتعبت معاك، همشي بقى الوقت اتأخر، ولولا ان المأذون معرفه مكنش هيوافق يجي ابدا، حظكوا حلو.

سابه وبارك للعروسين ومشي، وقعد ياسر وقال لشادية على شرطه اللي وافق عليه سليم، بس هي سألتة بحيرة: طب وهنجيب شقة قريبة من هنا فين بس؟

هنا اتكلمت مرزوقة وقالت بحماس وفرحه: انا عندي الحل..
الكل التفت ليها بانتباه وهي ابتسمت وكملت كلامها: الفيلا اللي جنبنا صاحبها عارضها للبيع.
ياسر بتعجب وجهه كلامه ليها وقال بضيق: وحضرتك عرفتي منين بقى يا هانم؟
اتوترت مرزوقة من سؤاله وقالت: ابدا، عرفت بالصدفة، كنت في الجنينه وسمعت كلام صاحب الفيلا بيوصي البواب ويقوله في حد يجي يشوفها النهارده.
سليم بفرحه قال وهو ماسك ايدين شادية: طب ممتاز جدا، بإذن الله نتواصل معاه بكره وناخدها بأي ثمن، ولو محتاجة تتوضب مفيش مشكله، نتفق مع اكبر مكتب ديكور وينجزها.
ياسر موضحا: متشلش هم الموضوع ده، انا هتواصل معاه وابلغلك بكل التفاصيل بكره.
سليم بسعادة مش قادر يداريها: شكرا جدا يا ياسر، هتعبك معايا.
ياسر باقتضاب: مفيش تعب ولا حاجة.
وقام ودخل مكتبه وهو حاسس بتخبط شديد جواه مش عارف يعمل إيه في التناقضات اللي حاسس بيها، مكنش قدامه حل يهرب إلا بالكتابه، مسك صديقة بين صوابعه وكتب على طيات اوراقه كل اللي حاسه على هيئة قصة قصيرة، وبالتدريج نسي كل همومه لما طلعها في وسيلة يخرج بيها من حزنه، محسش بالوقت ولا بسليم اللي مشي والهدوء اللي عم في المكان، كان منعزل تماما، مخرجش من الحالة غير لما خبطت شادية ودخلت عليه بوش منور زي البدر في اكتماله، وقربت منه وحطت اديها على خده، وبكل حب قالت: ربنا ميحرمنيش منك ابدا يا حبيبي، ويسعد قلبك دايما يارب.

قبل ياسر كفها، وقام حضنها اوي جوه حضنه وقال: انا عشان خاطرك ممكن اعمل اي حاجة في الدنيا، ولو سعادتك اني ارمي نفسي في النار؛ هعملها بدون تردد، انا بحبك اوي وعمري ما حبيت حد ادك، انت بالنسبه ليا الدنيا كلها، ومش عايز حد غيرك يا ماما.
شادية ودموعها نازله: وانا كمان بحبك اوي يا ياسر، ده انت ابني البكري، اول ما عيني شافت وربت، ربنا ميحرمناش من بعض يارب.
ياسر بحب : يارب.
شادية وهي بتزقه عشان يتحرك معاها قالت: ممكن بقى تطلع تاخد شور ونام، اليوم كان طويل اوووي وتعبت فيه جامد.
ياسر بتبرير: معلش اطلعي حضرتك استريحي، وانا هكتب شوية.
شادية باعتراض: لا مفيش كتابه، لازم عقلك يستريح ويفصل شوية، دي مرزوقة نامت على نفسها بره، هروح اصحيها تطلع معايا، وانت كمان استريح عشان خاطري.

اتحرك معاها وخرج، لقى مرزوقة مريحه على الكرسي وراسها نازله منه ومستغرقه في النوم اوي، قرب منها عشان يفوقها هو وشادية، لفت انتباهه جمالها البرئ، وملامحها الطفولية، وقف لحظات محتار، كان نفسه يمرر بأيده ويمشي على خدها يحس بنعومته، ولا يلمس شعرها الحرير ويدخل صوابعه بين خصلاتها، هز راسه ينفض كل التخيلات دي، واستغرب حاله ان دي اول مره في بنت تخليه يفكر فيها بالشكل ده، و تحرك حاجة جواه ؟!
شاف اجمل منها بكتير، ولا عمر قلبه وعقله ما اتحرك فيهم ذره، اشمعنى هي اللي بيقاوح عشان يبعدها عن طريق فكره؟ عقله جاوب وقاله يمكن عشان مفيش حد في جدعنتها، و وقوفها معاك ومع والدتك زيها؟
الإجابه كانت صحيحه و مأكده، فضل واقف مكانه وهو شايفها ماشيه بتطوح قدامه من التعب، اشفق عليها، شادية كانت سنداها، واول ما ابتدت تطلع درجات السلم، كانت هتقع، نادت عليه عشان يلحقها، جري بسرعة قبل ما تقع، وحاوطها بايده، اتفاجأ انها ميلت بتقل راسها على كتفه، وهنا مستحملش ياسر قربها والشراره اللي سرت جوه وجدانه، انتفض بشده، كل ده وهي نايمه مش حاسه بحاجة، كأنها اخدت حباية منومه، من تعب اليوم كله لما ملقاش فايده، مره واحده شالها وطلع بيها برشاقه وخفه، وشادية مش مستوعبه تصرفه، والاعجب لما لقت مرزوقة لفت اديها حوالين رقبته بتلقائية، هنا كانت اعصاب ياسر في حالة انهيار تام، سرع في خطوته وحطها على السرير وغطاها و راح على اوضته بسرعة وبدون اي كلام.
رمى جسمه على سريره وسرح في احساس النشوة اللي اتملكه وهي بين ايديه وداخل حضنه، احساس اول مره يجربه، وهي اول ست تدخل جواه بعد أمه، عاش اللحظة ومحسش انه غفي ونام.

غيرت شادية هدومها، ومسحت مكياجها وانتظرت سليم يرن عليها يطمنها انه وصل، لحظات مرت واتصل بيها وفضلوا شوية يتكلموا ويغرقها من حبه ويوصف ليها اد إيه هو سعيد وفرحان ان ربنا حقق له حلمه ودعا ربنا انه يتمم فرحتهم والفيلا تنول اعجابها.

صحيت مرزوقة وبصت لنفسها لاقتها بنفس الهدوم مغيرتش، واستغربت ازاي جت الاوضة، هي مش فاكره اي حاجة حصلت غير انها نامت من التعب، شافت شادية بتفتح عنيها، صبحت عليها وسألتها، وكانت الصدمة الكبيره لما حكت لها اللي حصل امبارح، اتكسفت وقالت: يا خبر كل ده حصل !! وانا اللي فاكره انه كان حلم جميل ؟!  اتاريه حقيقه؟ اوري وشي ازاي بس ليه بعد اللي حصل؟ 

ضحكت شادية عليها، واتأكد احساسها اللي كانت حساه من فتره ان قلبها بيحبه، طبطبت عليها وقالت: ولا تحطي في بالك، اتعاملي عادي جدا ولا تجيبي سيرة، كأنه ما كان. 
مرزرقة بكسوف: ازاي بس يا شوشو؟ 
شادية وهي بتقوم عشان تاخد شور قالت: زي ما بقولك كده، وقومي عشان ورانا حاجات كتير هنعملها، اهمها نروح نشوف الفيلا، وبعدين انتي معندكيش تصوير النهارده؟ 
مرزوقة بكسل، وبتمثل البكا: عندي بس متأخر شوية، خلصي الشور بتاعك بسرعة وانا هجهز نفسي عشان ميضعش وقت. 

تحت هنية بتجهز الفطار وتحطه على السفرة عقبال ما ينتزلوا، جه ياسر وسألها: هي ماما لسه نايمه يا هنية؟ 
هنيه سابت اللي في اديها وردت: لأ يا ياسر بيه، صحيت بس بتاخد حمامها، طلعت من شوية ست مرزوقة قالتلي هنجهز وننزل، اي أوامر؟ 
ياسر بجدية: لأ شكرا. 

سابها وراح مكتبه يكمل باقي قصته اللي كتب فيها جزء كبير، وقلمه وقف عند ختامها، ومعرفش النهاية هتكون اية؟ ساب القلم ورجع لضهره ورا وفضل يفكر يا ترى هيتكتب لبطله نهاية سعيده مع حببته، ولا خوفه من الماضي هيتملك منه ويبعده عنها؟ 
سأل نفسه ليه حاسس ان البطل ده يشبه اوي وكأنه كتب قصته بدون ما يشعر، وبقت النهاية مفتوحه للقدر يقول كلمته... 
فاق على صوت شادية بتناديه عشان يفطر، قام واول ما لمح مرزوقة اللي كان وشها مصبوغ باللون الأحمر قاعدة ساكته ومش بعادتها، كان بيبص عليها بطرف عينه وهي عنينها في الطبق وبتاكل في صمت، حست شادية بتوتر حبت تغير المود فسألته: كلمت يا ياسر صاحب الفيلا عشان نروح نشوفها؟ 
ياسر وهو بيمضغ لقمه جبنه، بصلها ورد: كلمته اول ما صحيت وقال كمان ساعة هيكون موجود، وحظنا حلو انها لسه محدش اخدها.
شادية بسعادة: طب كويس الحق اتصل بسليم عشان يجي ويشوفها معايا. 
قام ياسر بضيق، جز على سنانه، وقال: زي ما تحبي. 
شادية مسكت إيده وقالت: طب قومت ليه؟ كمل فطارك. 
ياسر مردش، وقال بحده نادى على هنيه: اعملي القهوة وهاتيها في المكتب بسرعة ياهنية. 

اتحرك لأوضة المكتب وشادية بصت لمرزوقة اللي كانت ساكته ومعلقتش خالص وسألتها: هو ماله؟
مرزوقة ابتسمت وردت: معلش اديله وقته انه يتعود على وجوده، الموضوع مش سهل عليه يا شوشو.

شادية هزت راسها مأكده كلامها، ومسكت فونها واتصلت تبلغ سليم انه يجي وميتأخرش عليها.
   * * * * * * * * * * * * * * * * *

انشغلت شروق الأيام اللي فاتت بتوضيب غرفتها وتجهيز الحاجات الناقصة مع خطيبها، انتبهت لرنين صوت تليفونها ردت وسمعت صوت شيراز تقولها بزعل: هو يعني من لقى احبابه نسي اصحابه، كده برضو يا شروق نستيني ولا بتسألي عني ؟!
شروق باعتذار: لا ابدا ياحبيبتي، والله غصب عني مشغوله اوي في توضيب الشقة عند ماما، وعماد بيجهز اوضته، كل ده غير تجهيز شقتنا، اليوم كله شغل وهلكانه والله، متزعليش مني، المهم طمنيني عليكي، عامله إيه ؟
شيراز بضيق وخنقة ردت: مخنوقة ومش كويسه خالص، مخنوقة وزهقانه لدرجة متتخيلهاش.
شروق بزعل: ليه كده ده يا بومه؟
شيراز : يعني مش عارفة ولا بتستعبطي؟
شروق بضحك: لا بستعبط، يا بنتي روقي كده، كل تأخيره وفيها خيره، يمكن ربنا شايل ليكي حاجة كويسه في العطله دي.
شيراز بتنهيده: هو انا عارفة حظي النحس، اول ما ادخل تصوير المنتج يحصله حاجة ويوقف، ويا عالم بقى مين هيشتري الفيلم ويسدد عنه، موت يا حمار.
شروق بضيق من كلامها وعدم صبرها ردت: مش ممكن التشاؤم اللي فيه ده، ليه متقوليش انها فرصة تدرسي السيناريو كويس وتذاكري دورك على اكمل وجه، خليكي راضية يا شيراز عشان متتعبيش نفسيا.
شيراز بهدوء غير اللي جواها: هحاول يا شروق انفذ كلامك، وربنا يوفق.
بس تفتكري يا شروق لو كلمت المخرج مجدي على شغل في الفيلم اللي بيصوره هيوافق؟

وإلى هنا تنتهي احداثها عند هذا الحد لنتعرف غدا، إيه اللي هيحصل ومجدي هيرد عليها بأيه؟
وهل الدنيا استقرت خلاص مع سليم ولا الدنيا هتقلب عليهم تاني؟
وشروق وعماد ياترى حكايتهم استقرت ولا القدر مخبي ليهم حاجة؟ 
للإجابة على اسئلتي تابعوني في روايتي المتواضعة
"العسقلة الماكرة "
بقلمـ إيمان كمال ✍️
إيمووو

 •تابع الفصل التالي "رواية العسقلة الماكرة" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent