Ads by Google X

رواية العسقلة الماكرة الفصل الثامن عشر 18 - بقلم ايمان كمال

الصفحة الرئيسية
الحجم

 رواية العسقلة الماكرة الفصل الثامن عشر 18 - بقلم ايمان كمال 

الفصل الثامن عشر 

ياسر برغم انه كان فرحان وسعيد وهو شايف الحزن عليه وانتصاره في جوله، لكن حس بوجع ونغزه في قلبه لما سمع كلامه، لكن مردش، وانسحب ولذه الانتصار سيطرت عليه من تاني وهو بيلم حاجات امه وواخدها لبيتها، ده كان كفاية عليه انها تنام في الاوضة اللي جنبه، اخيرا هيعرف ينام مرتاح بعد عذاب الأيام اللي فاتت.

وصلت للفيلا والكل رحب بيها في سعادة، حست ان كل ركن في البيت كان وحشها اوي، لكنها فاقده شغفها لكل حاجة، مرزوقه فرحتها ماقلش عن ياسر اللي مش عارف يعمل ايه ولا اية عشان يسعدها ويعبر عن سعادته برجوعها البيت، طلب منها ينقلها لاوضة الضيوف تحت، عشان يكون سهل عليها تتحرك طول اليوم بالكرسي، اللي اخدت على الجلوس عليه، لكنها رفضت بشده، وقالت: معلش يا ياسر مش هرتاح غير في اوضتي، فيها كل حاجتي وصعب ننقل كل حاجة تحت.
ردت مرزوقة بسرعة: كل حاجة هتتنقل بسرعة انا وهنية، بلاش تتحججي، تحت هيكون افضل يا شوشو.
شادية بحزم: لا ياريت تخلوني على راحتي.
ياسر وهو موجه كلامه لمرزوقة: خلاص خليها على راحتها، تحبي ياماما تقعدي معانا تحت ولا تطلعي اوضتك؟
شادية بترجي: طلعني فوق لو سمحت.
اتحرك ياسر وطلعها، وقعدها على سريرها بحنان، وغطاها، واتحركت مرزوقة وطلبت من ياسر انه يخرج عشان تغير ليها هدومها وهو ابتسم لوالدته بحب وخرج، واول ما قفلت الباب قعدت جنبها وقالت: ممكن افهم بقى في اية مالك؟ ومتقوليش مفيش حاجة، عشان انا حفظاكي كويس، نظره الحزن اللي في عيونك دي مش عادية، حصل اية لكل الحزن ده؟
بصتلها شادية والدموع اللي كانت حبساها ومقيداها، اتسرسبت من بين جفونها ونزلت زي الأمطار الغزيرة في ليلة شتاء شديدة البرودة بدون توقف، قربت وحضنتها مرزوقة وطبطبت على ظهرها بحنان وهمست ليها بشفقة: لو العياط هيريحك، ابكي وخرجي كل اللي جواكي حبيبتي، يمكن ده يهديكي ويريحك، بس ياريت كل مشاكلنا تتحل بالعياط؛ مكناش بطلنا بكا طول عمرنا، اهدي ووحدي الله ياشوشو، واحكي ايه اللي حصل؟

خرجت شادية من حضنها بعد وصلة بكاء طويلة، وحكت ليها كل كلام سليم، وسبب انها جت لهنا، كشرت مرزوقة ودمها اتحرق وقالت: بجد حرام عليكي اللي بتعمليه في الراجل ده يا شوشو، الراجل جاب اخره، وبدل ما تتخذي قرار لصالحه، تقومي متصله بياسر، انتي عارفه ده معناه اية؟
شادية بعدم فهم سألتها: معناه ايه؟
مرزوقة بعدم تصديق انها مش مستوعبه فعلها ردت وقالت: انك بعتيه واختارتي ياسر  !!
شادية بنفي قالت: لا مستحيل يفهم كده؟!
مرزوقة ضحكت بسخرية: والله اللي مش معقول عدم فهمك انتي للموقف، أي حد مكانه مش هيفسر غير كده !!
شادية بضيق: بس انا مكنتش اقصد كده خالص؛ انا مقدرتش افضل في مكان محرومه اني اشوفه، كان هيبقى صعب عليا، انا اللي كان مصبرني على اللي فيه ده وجوده جنبي طول الوقت، مكنتش هقدر مشفوش يا مرزوقة، عشان كده اتصلت بياسر.
مرزوقة وهي بتنفخ من غباء تصرفها قالت: طب ليه مفهمتهوش ده قبل ما يفهم غلط؟ 
شادية: ومين قال بس انه فهم اللي تقصديه يا مرزوقة.
مرزوقة بغيظ من جدالها ردت: طب احنا فيها اتصلي بيه ووضحي له تصرفك.

شادية سكتت للحظات تفكر في كلامها، ولو فعلا اللي بتقوله صح الموضوع هيتعقد بينهم فعلا، مسكت فونها وحاولت تتصل، لكنها في كل مره تلاقيه مغلق، لدرجة انها خلت مرزوقة تجرب من تلفونها برضو كانت نفس النتيجة، بصت ليها وقالت بقهرة توجع القلب: شكل كلامك صح، واظاهر اني كده ضيعته للأبد.

مرزوقة شفقت على حالتها وقالت: اصبري ويمكن يكون فصل شحن ولا حاجة، جربي تاني كمان شوية.
هزت راسها وسرحت، حاولت تغير مرزوقة الموضوع وغيرتلها هدومها، واتكلمت كتير عن الفيلم وتدريباتها مع مجدي وياسر، واد اية هي مستعده لدخول التصوير، كانت شادية بتسمعها وتركزها في حتة تانيه خالص بعيد عند سليم، وبعد رغي كتير نزلت وسابتها على حالتها
 * * * * * * * * * * * * * * * * * * 

تحت في المكتب نادى ياسر مرزوقة وسألها عن حالة والدته فردت: اقول الحق ولا ابن عمه؟
ياسر بعدم فهم قال: الحق طبعا هي عايزة كلام.
مرزوقة قعدت واتنهدت وقالت: مش كويسة، حزينة طول الوقت، حاولت افرفشها مش متقبله خالص، وسبتها ترتاح شوية.

ياسر خبط بكف ايده على المكتب بقوة ولكل الغضب اللي جواه قال: منه لله اللي كان السبب، وكل ده بسببه، الله يلعن اليوم اللي شوفناه فيه.
مرزوقة بضيق: علمونا زمان في حصة الدين ان سب الدهر محرم شرعاً، سواء عبر عنه بالدهر أو الزمن أو اليوم أو الوقت، فقد جاء في الحديث القدسي: يقول الله تعالى:" يؤذنيي ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار"
استغفر ربنا وياريت متكررهاش تاني.
خجل ياسر من نفسه وان غضبه اعماه، واستغفر ربنا وقال: عندك حق يا مرزوقة، بس ده من غضبي وحزني على حالة ماما.
مرزوقة بتفهم: ومدام انت حزين كده حاول تسعدها يا استاذ ياسر، انا مش عايزة اكرر كلامي اللي قلتهولك قبل كده كل شوية، راجع نفسك قبل ما يفوت الوقت.

ياسر كان عايز يمسكها بعنف ويصرخ فيها ويقولها انتي مش قادرة تفهمي احساسي وحرقة قلبي لما بيكلمها، ازاي هقبل يقرب منها، كان هيرد بس جاله تليفون من مجدي اللي بلغه ان بكره اتحدد لأول يوم تصوير، وان مرزوقة هتقابل المنتج وتمضي عقد الفيلم، ولازم تكون جاهزة من بدري في لوكيشن التصوير، تحولت حالة ياسر ولَان وشه، وبلغها بكلام مجدي، اللي شاف في عيونها فرحة مشفهاش قبل كده، كانت زي الطفله الصغيرة اللي فرحانه باول يوم العيد، وابتسامتها مرسومه على شفايفها المنفوختين باللون الأحمر تسحر اي راجل وتخليه يضعف ويقرب يقتنصهم بحرفية قناس ماهر، فضل باصص عليهم ومركز، واستغرب انه اول مره ياخد باله من جمالهم ويلفتوا انتباهه بالشكل ده، 
فضل ساكت مستمتع بسعادتها اللي خلته ينسى كل همومه واحزانه وهي قاعدة جبنه.
فاق على سؤالها: هو يعني بكره هبدأ تصوير اول مشهد؟
ياسر بتوهان: اه مش مصدقة ولا اية؟
مرزوقة بعدم تصديق: بحاول اصدق والله، بس هو ممكن تتصل باستاذ مجدي وتعرف اول مشهد هيكون اية؟
ياسر بستفهام: وهو يفرق معاكي في اية؟ انتي مستعده لكل المشاهد ومثلناها عشرات المرات.
مرزوقة بالحاح: معلش بس اتصل اسأله.
ياسر بقلة حيله: حاضر ياستي.
اتصل بيه وعرف اول مشهد هيكون وهي فلاحة وقاعده على شط الترعة وتغسل المواعيين وبتغني اغنيها المفضلة، قفل معاه وبلغها وهي ابتسمت اوي وبنظرة خبث مفهمهاش ياسر، قررت انها تفاجئة بكره وتنفذ اللي جه في راسها.

سابته وطلعت فوق عشان تبلغ شادية اللي فرحت جدا ليها انها حققت اولى خطواتها في مشوار حلمها، وقالت مرزوقة: طب هتيجي بكرة وهتكوني معايا في اول يوم تصوير ياشوشو مش كده؟
شادية بنبره اعتذار: كان نفسي يامرزوقة بس انتي شايفة حالتي، مش هقدر اتحمل نظرات الشفقة والعطف من الناس، ادعيلي اقف على رجلي تاني واكون معاكي في باقي الأيام.
مرزوقة بحزن: مش معقول، هتتخلي عني في اكتر وقت محتاجة منك تشجيع.
شادية وهي بتضمها وتحضنها قالت: انا قلبي معاكي، وواثقة في موهبتك جدا، وكفاية عليكي تشجيع ياسر، وانتي ادربتي كتير، تمارين اتيكيت ولغة والقاء، وكمان ورشة تمثيل، كل ده مش كفاية؟
مرزوقة باعتراض: لا مش كفاية، وجودك هيفرق جدا معايا، هحس اني مطمنه، انتي ناسية ان مفيش حد من أهلي هيقدر يظهر في الصوره، هحس اني وحيده ياشوشو، وجودك هيفرق معايا اوي فوق ما تتخيلي.
شادية بوجع: سامحيني يا مرزوقة، حقيقي مش هقدر اواجهه الناس في الفترة دي، اعذريني حبيبتي.
مرزوقة بآسف: ولا يهمك، ربنا يعفو عنك يارب.
هقوم اشوف هنية جهزت الأكل ولا لسه؟
شادية: انا مش عايزة اكل تحت، خليها تطلعلي الأكل هنا من فضلك.

هزت راسها وخرجت وهي جواها حست ان هتقوم خناقة دلوقتي بينا وبين ياسر، لانه مش هيتقبل متنزلش تاكل معاه، وبالفعل اللي عملت حسابه سمعته لما اتخانق معاها، وتصميمها انها متفارقش اوضتها، ولم يأس نزل لوحده ياكل مع مرزوقة، اللي حاولت تواسية بكلامها وتبرر موقفها واعتكافها في اوضتها.

اكلت القليل من الأكل، لمجرد بس انها تاخد علاجها، طول الوقت بتفكر في احتمالية انه فكر بنفس تفكير مرزوقة، وكل ما الفكره بتكبر؛ كل ما بتتوجع اكتر وحالتها بتسوء اكتر واكتر، حطت الاكل على تربيزة جنبها، واخدت علاجها اللي موصيه عليها ومحلفها بحياته، عشان كده بتاكل غصب، لانها مقدرتش تخلف وعدها معاه، دخلت مرزوقة تطمن انها اكلت بعد ما طلب منها ياسر ده، ولاقت الاطباق زي ما هي الا القليل منها، بصت ليها بحزن وشالت الصينية ونزلت تحت قابلها ياسر وقالها: ماكلتش صح؟ 
مرزوقة بحزن: اكلت حاجات بسيطة اوي. 

اتنهد ياسر بغلب، ودخل مكتبه وقفل الباب بعنف يخرج فيه طاقة غضبه.
وهي دخلت المطبخ تساعد هنية، وتعمل القهوة ليه ولشادية من غير اي كلام، ذهنها مشغول ببكره، خايفة ومرعوبة من اللي هيحصل، خلصت القهوة وطلعت فوق تطلعها لشادية اللي شكرتها، وطلبت منها تجبلها صندوق ذكرياتها، والاجنده اللي بتسجل فيها كل مشاعرها، وبعدين نزلت تدي قهوة ياسر اللي شربها وهو في ملكوت تاني، حست انه عايز يكون لوحده، فخرجت من سكات. 
 * * * * * * * * * * * * * * * * * * 

جه عماد في زيارة لبيت خالته، اللي رحبت بيه جدا، ولا كأنها كانت عارفة حاجة بينها وبين بنتها، قدمت له واجب الضيافة وسابتهم يقعدوا شوية مع بعض، مقدرتش شروق تنكر ابدا تغيره واهتمامه الزايد بيها خلال الايام السابقة، فكان كل يوم يتصل يطمن عليها اول ما توصل لشغلها ولما تروح، غير اتصاله في مكالمه اخر الليل، والحكاوي اللي بيحكوها سوا عن حياتهم هتكون إزاي بعد الجواز، لكن كان جواها خايفة لو كلمته واختبرته يفشل في اول اختبار هتعمله، لما طال سكتها وحس بترددها قال: هو انا ليه حاسس انك عايزة تقولي حاجة ومتردده ياشروق؟ 
شروق بتأكيد : بصراحه اه ياعماد في فكرة ماما عرضتها عليا، وانا كنت عايزه اقولهالك بس انت للأسف مدتنيش فرصة وحصل اللي حصل بينا. 
عماد بزعل: معلش ياروحي، قولي فكرتك وانا سامع. 

شروق قالتله اقتراح والدتها وهو كان بيسمع بتركير وبدون ما يقاطعها، ولما خلصت كلامها قال: الفكرة كويسة جدا، وانتي عارفة انا بحب خالتو اد اية، بس خايف من حاجة؟! 
شروق بتعجب: خايف من اية ياعماد؟ 
عماد بتوضيح: خايف ان ماما تزعل وتفهم غلط، وتقول انك مقبلتيش تتجوزي معايا وعايزاني اعيش عندكوا، انتي عارفه تفكير الامهات كويس. 
شروق بضيق وخنقة: طب والحل اية؟ 
عماد بعد تفكير: هو في حلين، يا اما نستنى لحد شقتنا تجهز، وده هيكون صعب عليا اوي، او اننا نقسم بينهم الأيام نقعد كام يوم عند كل واحده عشان محدش يزعل، اية رايك؟ 

شروق بسعادة شديدة لتفكيره ومناقشته معاها، وبيهتم ياخد رأيها قالت: انا معنديش مانع ياعماد اننا نقسم بينهم الأيام. 
عماد بفرحة: بجد موافقة، يعني استعد واجهز اوضتي ابيضها كده واروقها عشان تليق بيكي. 
شروق بنفس نبره سعادته قالت: مفيش داعي للدهان وتكلف نفسك، في دلوقتي حاجات بتتلزق ثمنها رخيص جدا، ممكن نجيب بدليل ورق الحائط ونلزقه وبكده نغير شكل الاوضة، اية رايك؟ 
عماد بأقتناع لتدبيرها قال: فكرة حلوة جدا وهو يبقى وفرنا، بس هسيب اختياره ليكي ولذوقك ياروحي. 
شروق باعتراض: تؤ تؤ مفيش حد هسيتقل برأيه، احنا قولنا اية، هنتشارك في كل حاجة، حتى لو كانت بسيطة. 
عماد وهو بيرفع ايده على جبهته في حركة تعظيم سلام قال: تمام يافندم علم وينفذ، اللي انتي تأمري بيه ياروحي. 

ابتسمت شروق وحست للمره الاولى معاه بطعم التفاهم بينهم، واتمنت ان كان كده من زمان، مكنش وصل بيهم الحال للمرحله اللي فاتت، لكنها شكرت ربنا انه فاق قبل ما يضيع الوقت. 
 * * * * * * * * * * * * * * * * * * 

حاولت مرزوقة تنام ولو ساعة واحده تغفل فيها، لكن النوم جفاها وحلف انه مايقرب ولا يلاعب جفونها، فضلت تتقلب كتير، حست بشادية انها لسه صاحية هي كمان، ولعت نور الاباچوره وقعدت على السرير وفضلت ترغي معاها كتير لحد ما سمعت صوت اذان الفجر، قامت تساعد شادية انها تتوضى، وهي كمان اتوضت وصلوا سوا، وفضلت تدعي كتير ان ربنا يوفقها بكره، واليوم يعدي على خير، ودعت لشادية ان ربنا يشفيها، ويحنن قلب ياسر ويرضى بجوازها من سليم. 
وبعد ما خلصوا غمضت عينها وهي بتترجى النوم يجلها لو حتى ساعه تصفي ذهنها فيه، وبعد عدة محاولات استسلمت وغاصت في النوم، بينما شادية مازالت تناجي ربها في سرها وهو الخبير العليم، لحد ما سلطان النوم دعاها ولبت نداه. 

مرت ساعات الليل سريعا، واشرقت شمس يوم جديد على مرزوقة قامت بكل همه ونشاط، اخدت شورها ولبست هدومها اللي جت بيها عشان تتقمص الشخصية وتدخل جواها، استغربت شادية جدا، لكن لما سمعت وجهة نظرها وافقتها بشده، سألتها مرزوقة تحب تنزل تحت، رفضت كعادتها، ونزلت هي واول ما شافها ياسر انصدم من اللي لابساه وقال: اية اللي عملاه في نفسك ده يا مرزوقة؟ ازاي هتقابلي المنتج بهيئتك
دي؟ اطلعي غيري لبسك ده، والبسيه هناك في الاستديو. 
مرزوقة برفض قالت: آسفه يا استاذ ياسر، انا حابه اكون مرزوقة من اللحظة دي، عشان اعيش فيها من جوة وبره، وما دام اول مشهد هيكون بشخصية مرزوقة؛ فلازم لما يشوفني المنتج اكون مرزوقه بجد. 
ياسر وهو مستغرب تفكيرها رد: يعني مصممه؟ 
مرزوقة بتأكيد: ايون بكل تأكيد. 
ياسر: طب هي ماما هتنزل ولا هتفضل فوق برضو؟ 

مرزوقة وهي بتبلع ريقها قالت وهي بتشاور بصبعها السبابه لفوق؛ هز راسه بحزن وقال: طب افطري انتي عشان انا مليش نفس. 
مرزوقة ردت بسعادة: ولا انا كمان، من فرحتي شبعانه. 
ياسر وهو بيتحرك لفوق قال: هطمن على ماما وننزل على طول، وقولي لهنية تحضر الفطار بسرعة لماما. 

طلع ودخل بعد ما اذنت له، وصبح عليها وطلب منها تدعلهم كتير، وهي دعت من اعماق قلبها ان ربنا يوفقهم، برغم الحزن اللي شايفه ومأثر عليه حرفيًا، لكنه مرضاش يتكلم ولا يزعلها، باس كفها ومشي عشان ميتأخرش، واخدت مرزوقة معاها طقم تاني عشان تروح بيه، وطول الطريق قلبها مش مبطل رقص ودقاته صوتها واصل ليه، وملاحظ وشها المنور من البهجه، وعيونها اللي بتلمع، وصل للاستديو،  اول عيونها ما لمحته، هاله من الانبهار سرت جواها، مبهوره بكل شيء حواليها، حست انها دخلت عالم كبير اوي متخيلتش انها هتقرب منه ولا في احلامها، لكنها دلوقتي واقفه على ارض الواقع ولامسه كل حاجه حواليها، وكان اجمل واقع حست بيه، وفي لحظة حست بتشنجها، واديها تلجت من البروده، بص ياسر لاحظ خوفها، مسك اديها جامد عشان يطمنها، ودخل دور بعينه على مجدي اللي كان بيدي اوامره للعاملين، ولما شافه ساب اللي في ايده وقرب عليهم، واعجب جدا بلبس وتقمص مرزوقة ونادى على المنتج اللي اول عينه ماجت على مرزوقة انبهر بيها، وحس ان الدور مرسوم عليها واتعرف عليها، ومضت معاه العقد، واخدت منه الشيك، وبصتله وهي عيونها بتلمع من الفرحه، ان ده اول مبلغ تكسبه في حياتها يكون بالمبلغ الكبير ده، ابتسم بسعادة مجدي وقالها: حافظة كويس المشهد يا مرزوقة، ولا اقول جهاد؟ 
مرزوقة بتوتر: حافظة كويس يا استاذ مجدي. 

ياسر وجه كلامه لمرزوقة وقال: ممكن متتوتريش، عشان صوتك تطلع مخارج الحروف صح، ومنتسيش انك لازم تكوني سعيدة ومبسوطة وانتي بتغني، فاكره لما غنتيها اول مره شوفتك، عايز نفس الأداء ده يامرزوقة، صوتك الحلو، ودلعك في اداء الكلمات، وحركات جسمك اللي كانت بتميل مع اللحن، كل تفصيلة ادتيها افتكريها ونفذيها، فهماني؟ 
مرزوقة بتهز راسها: فهماك يا استاذ ياسر. 
جه اتصال لياسر ورد كانت شادية وطلبت تكلم مرزوقة، وقالت لما سمعت صوتها: النهاردة يومك يا مرزوقة، مش هتنازل ان الكل يصقف ليكي بحرارة، وحطي قدامك جمله أكون او لا أكون، الدنيا ادتلك فرصة لتحقيق حلمك؛ اوعي تضيعها واغتمني الفرصة وامسكي فيها بكل قوتك، خليكي قوية وعيشي اللحظة اللي حلمتي بيها، هستناكي ياحبيبتي تيجي وتحكيلي عملتي اية. 

مرزوقة بعد ما اخدت جرعة حماس وثقه قالت: هشرفك ياشوشو، صدقيني هبذل كل جهدي عشان انول رضا الجميع. 
شادية بحنان: وده عشمي فيكي يامرزوقة، اديني ياسر لوسمحت. 

كملت كلامها مع ياسر وطلبت منه يسجل المشهد فيديو عشان تتفرج عليه، وقفل معاها عشان مجدي يجهز للمشهد، وقعد جنبه يتابعها وهو بيدعي ربنا ان تعب الشهور اللي فاتت ميضعش على الأرض. 

وبدأت لحظة الحسم، ووقفت قدام الكاميرا، قرأت في سرها الفاتحة وسمت الله، وبدأت تصوير المشهد بعد ما اخدت تعليمات مجدي وياسر، ونفذتها بكل اتقان، وياسر عينه عليها وبيصورها عشان يشارك امه اللحظات، وغاصت مرزوقة في الشخصية لدرجة ابهرت الجميع، ومع انتهاء المشهد صفق ليها مجدي بحراره، وشكر فيها المنتج بشدة، لكن عينها مركزه على ياسر، وودنها مش عايزة تسمع غير رأيه وبس، قرب منها بخطوات ثابته، وبهيبته المنشوده قال: برافووو عليكي يا مرزوقة، انتي ابهرتيني وتفوقتي على نفسك، رفعتي راسي قدام الكل، انا فخور بيكي جدا. 

مرزوقة كلامه كان بمثابة شهادة ميلاد ليها، عينها دمعت من السعادة، مد ايده ومسح دموعها وهو مستغرب وسألها ليه الدموع دي ردت: دي دموع الفرح، اول مره اعرف واصدق ان في دموع فرح حقيقي، كنت بستغرب لما اسمع الناس بتقولها، لاني طول عمري مجربتش غير دموع الحزن والألم، لكن النهارده عرفت ان طعم دموع الفرح حاجة تانية خالص. 
ياسر بحب واضح للكل الا هو قال: يارب يجعل كل ايامك الجاية فرح وسعادة يامرزوقة. 

بعت ياسر الفيديو لشادية، اللي فتحاه على طول وفرحت لاداء ونجاح مرزوقة، واتصلت بيها تهنيها، وبعدها قفلت معاها عشان تستعد للمشهد اللي بعد كده، واستمر الشغل لساعات طويلة، لحد ما خلصت وبان عليها الإجهاد والتعب، متخيلتش ان الموضوع هيكون متعب اوي بالشكل ده، لكن ياسر وضحلها ان في اوقات بيطبقوا في الشغل لحد ما يخلص تصوير، والنهارده يعتبر انجاز انهم صوروا اكتر من مشهد، روحوا واول ما وصلت رمت نفسها على اول كنبه قابلتها ورجعت راسها لورا وغمضت عينها تستريح شوية، وياسر طلب من هنية تسخن الأكل ليهم، وهو قعد على الكرسي قدام مرزوقة يتأملها. 

في الوقت ده كانت شادية بتجرب تتصل بسليم واول ما فونه فتح جالها رسالة منه فتحتها بسرعة، واتصدمت لما قرأتها.... 

حببتي يامن احببتها بكل ذرة في كياني، وكنت على استعداد ان اضحي بعمري في سبيل لحظة واحده اقتنصها وتكون داخل احضاني.. 

اني خيرتگ حبيبتي، وكان اختيارگ بالنسبة لي موت بالبطئ.. فقد وضعتي خنجرگ في خاصرتي، بدون شفقة او رحمه... قتلتي بداخلي كل شيء جميل، فصرت انسان ميت بلا روح.
طلبت منگ ان تثوري وتنفجري، وتعترضي على حالتگ، كنت آمل انگ تختاري الحب... تختارين احضاني وتركضين نحوي بكل الشوق الذي يعتليه فؤادگ، لكنگ تخليتي عني للمره الثانية، وتركتيني اجادف بمفردي اعاصير حبگ العاتية، واواجهه دوران هياج مشاعري بدونگ، كأنگ لا تعلمي حبيبتي كم ان بحورگ غريقة، وامواجگ عالية لا استطيع تفادي تلاطم امواجها وحدي دون مساعده منگ معذبتي !!
يا امرأة قتلت بداخلي حبها، وأودت بي لحافة الهاوية؛ لذا قررت الرحيل فلن أستطع العيش في مكان وعيناي لا تراكِ، فـ لعل الرحيل ينسيني نحرگ لوتيني، سأرحل بدون وداع، وستبقى حروفي لكِ خالدة حتى الممات.

رمت التليفون جنبها وانهارت من البكاء وفضلت تصرخ وتقول: لا مستحيل هتسبني، والله ما كنت قاصده اللي فهمته ابدا، ليه تظلمني وتكون قاسي عليا بالشكل ده، لا مش هفضل هنا ابكي واسيبك تضيع مني تاني يا سليم، لازم اقوم واروحلك ياحبيبي.

حاولت تقوم لكنها فشلت ووقعت بتقل جسمها كله على الأرض، انتفض ياسر ومرزوقة من صوت الخبطة اللي سمعوها، وجريوا بسرعة فوق عندها، شافوها واقعه على الأرض وبتبكي بحرقة قطعت قلب ياسر، اللي جري بيحاول يساعدها ويشلها، بصت له بحزن، لوم، وعتاب وصرخت بأعلى صوتها وقالت: سبوني محدش يلمسني ولا يساعدني، خلاص كل حاجة راحت مني، عمري كله ضاع، ولما جه الوقت اللي الحق فيه الباقي منه، ضاع وسابني لوحدي اتعذب واجرب الآم البعد والفراق تاني.
سبوني مش عايزة اشوف حد، اخرجوا بره... اخرجوا كلكم، يارب يريحني وياخدني عشان ارتاح من العذاب اللي هشوفة.

ياسر دموعة بتنزل على حالتها هو ومرزوقة، حاولت مرزوقة تشده وتقومه عشان يخرج، رفض وفضل قاعد جنبها بيبكي زي الطفل على بكاها، ولما ساءت حالتها وزاد انهيارها، خرج ومرزوقة قالت بترجي: دلوقتي مش وقت عنادك ومكابره، لو ملحقتش شادية دلوقتي هتضيع منك ومنه، وانتوا الاتنين هتخسروها، دي ممكن يحصلها حاجة بعد الشر، وتعيش طول عمرك بذنبها، لازم تعمل حاجة يا ياسر.
ياسر بدموع بتنزل مش بتقف قال: اعمل اية يامرزوقة؟ انا مستعد لأي حاجة المهم ماما تكون كويسة؟!

ياترى مرزوقة هتقوله اية؟
وهل هيعمل بنصيحتها، ولا هيكابر برضو؟
هنعرف اية اللي هيحصل لكل ابطالنا لما تابعوني في احداثها المليئة بالاثارة والتشويق في روايتي الجديدة المتواضعة

العسقلة_الماكرة
بقلمـ إيمان كمال ✍️
إيمووو

 •تابع الفصل التالي "رواية العسقلة الماكرة" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent