Ads by Google X

رواية العسقلة الماكرة الفصل السابع عشر 17 - بقلم ايمان كمال

الصفحة الرئيسية
الحجم

 رواية العسقلة الماكرة الفصل السابع عشر 17 - بقلم ايمان كمال  


الفصل السابع عشر 

شيراز كانت بتراجع مشهدها، وبتستعد لتصوير المشهد الجاي، لكن سمعت صوت المخرج بيعلن عن فركش لليوم، استغربت وسألته عن السبب قال: للأسف في خبر مش حلو لسه عارفه؟ 
شيراز بتعجب: خير يا استاذ زياد؟
زياد بآسف وحزن قال: مش خير ياشيراز، المنتج بيمر بأزمه مالية وتعسر مالي شديد، ومع كل آسف مش قدامنا غير اننا نوقف تصوير لحد ما تتحل ازمته ونشوف يا هنكمل، او نلغي الفيلم.
شيراز بصدمه وعيونها بتلمع من الدموع قالت: مش معقول مفيش حل تاني؟
زياد: او ممكن لو الموضوع اتعقد معاه ندور على منتج تاني يدفع التكاليف اللي دفعها وهو يكمل، بس ده اخر حل ممكن نلجأ له.
شيراز بصوت حزين قالت: يارب تتحل والموضوع ميطولش.
زياد بتنهيده: يارب، في ناس كتير شغاله وهتتضر من العطله دي، كان الله في عونهم.

سابها واقفه وحزن الدنيا اتملك منها، حست ان الحظ معاندها، وفي حالة انهيار تام، راحت تغير ملابس الشخصية، ورنت على شروق وحكت ليها كل حاجة، فكان ردها: مزعليش نفسك يا شيري، كله خير من عند ربنا، وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم، لعله خير، والعطله دي تكون فرصة انك تركزي اكتر في الدور، وبإذن الله تتحل مشكلة المنتج ومتطولش، وياما بيحصل كده في الأفلام ياحببتي، بلاش تاخدي كل حاجة على اعصابك كده مش حلو.

شيراز بعد ما كلامها هداها شوية قالت: معاكي حق، والله انا مش عارفة انتي إزاي بتعرفي تخليني اتحول كده من حالة الهيجان والثوران، للهدوء والسكينه دي، عندك قوة اقناع رهيبه.
ضحكت شروق بصوت عالي وقالت: ياحبيبتي لا اقناع ولا حاجة، ده رضا بأي موقف واي حالة بتحطت فيها، برضا بكل حاجة بتحصلي، لاني واثقة ان ربنا مش هيختار ليا حاجة وحشه وان مصلحتي في اللي اختاره ربي، عشان كده تلاقي مش بزعل، حتى موضوع عماد منكرش اني زعلت، لكن لما هديت وفكرت، قولت لعله خير وربنا شايل ليا الأفضل.

سكتت لما سمعت صوت رنين مكالمه جاتلها، بصت للرقم وكانت المفاجأة ان المتصل عماد، رجعت لشيراز وقالتلها: شيراز مش هتصدقي مين بيرن عليا !! عماد، اقفلي هرد عليه وهرجعلك.

قفلت وفتحت واول ما ردت قال بكل حنين واشتياق: وحشتيني اوي اوي ياشروقي.

شروق بصدمه من كلامه، سكتت معرفتش ترد بأية عليه، كان نفسها تقول مش اكتر مني، كانت عايزة تحكيله عن عذاب قلبها في بعاده، لكن لسانها اتلجم، وهربت كل حروفها الأبجدية ولا حرف اسعفها، وفضلت ساكته تسمع همساته وانتبهت لما قال: عارف انك زعلانه مني؛ وعندك حق تزعلي وتخاصميني كمان، بس ارجوكي بلاش تبعدي.. بلاش تهجري، خاصميني وانا موجود في حياتك مش بعيد عنك، انتي متعرفيش حصلي اية في الكام اليوم اللي بعدنا فيهم، اديني فرصه ثانيه، وهثبتلك فيها اني اتغيرت ياشروق.

شروق كانت بتسمعه ومش قادره تصدق ان ده عماد اللي كان بيكلمها من كام يوم وبيكابر ومستعد للفراق، فضلت ساكته ومش عارفة ترد عليه، اترجاها تاني وبعد تفكير حسمت ردها وقالت: خايفة ياعماد اديلك فرصة وتخذلني، وتقهر قلبي تاني وتخليني اندم اني فتحت قلبي ليك من جديد.
عماد باندفاع وفرحة: مش هتندمي ابدا انا واثق من كلامي ياحبيبتي، انا اتعلمت الدرس كويس صدقيني، انا بكره هكون عندك، وللعلم نقلت نفسي في فرع القاهرة هنا، ومش هسافر تاني، ومش هبعد عنك تاني، والمكان اللي هتوافقي عليه ونتفق عليه هنتجوز فيه عقبال ما شقتنا تخلص، ولو عايزاني اصبر لحد ما نخلصها معنديش مانع.

فرحة وسعادة شروق مكنتش عارفة تخبيها كانت زي ما تكون طايره فوق السحاب وهتلمس النجوم باديها، مش قادره تستوعب تفهمه واستسلامه ومراضيته ليها بالشكل ده، لاقت نفسها بتوافق من غير مناقشه وقالت: في انتظارك بكره ان شاء ونتكلم ونتفق يا عماد.
عماد بسعادة: هعد الساعات الباقية لحد ما اشوفك يا شروقي، مع السلامه حبيبتي.

قفلت معاه وقلبها بيرقص من الفرحه، ورنت بسرعه على صديقتها وحكت ليها كل حاجة، وحست شيراز من كلامها انه نادم واتغير وصدقته، ونصحتها انها تديله فرصة وبلاش تستعجل في قرار الجواز عشان متندمش بعدين، ووافقتها على كلامها، وانهت المكالمه، وفضلت تفكر في الكلام اللي هتقوله ليه بكره، والمواضيع اللي هتناقشها معاه، وتشوف رد فعله وفكره زي ماهو ولا اتغير ؟!
 * * * * * * * * * * * * * * * * * * 

صحي ياسر من نومه وهو مقرر جواه انه لازم يعود نفسه من النهاردة على انه يعيش من غير وجود امه، ويتعود على غيابها، لان الحياة عمرها ما بتوقف على حد مهما كان الشخص ده قريب لقلبنا وبنعشقه، خد حمامه ونزل بوجه حزين، اول ما شافته مرزوقة قربت منه وببتسامه منها دوبت الحزن وردلها الإبتسامه وصبح عليها، وابتدى يفطر معاها، حس بشعور غريب كأن ربنا حطها في طريقة لانه عالم بالفراغ اللي هيحسه بفقدان امه مؤقتا عنه، وحب يقوله انا بعتلك بديل عنها عشان متحزنش، نسي ياسر كل همومه معاها، وشاركها ضحكها وهزارها، وشاف لمعان عينيها واحتواءها ليه، مكنتش مرزوقة بتديله فرصة انه يمد ايده علي الأكل، كانت بتحط له كل اصناف الجبن قدامه، وتقدمها له بكل حب، هي نفسها كانت مستغربه تصرفاتها اللي نابعه من جواها من غير ما حد يوصيها عليه، شعرت بحاله التخبط اللي جواه، فكانت بتتصرف من باب العطاء بدون اي مقابل، وفي لحظة حست انها نسخه مكرره من شادية من غير قصد.
خلصوا الفطار وكالعاده نفس الروتين اليومي قاموا بيه، دخلوا المكتب واستمرت حاله تأهب العمل لساعات كتير، لحد ما جه مجدي وشاركهم في ورشة العمل المغلقة. 
 * * * * * * * * * * * * * * * * * * 

جه معاد عماد وصل بيته واول ما فتح لقى امه قاعده حاطه اديها على خدها وحزينه، اول ما سمعت صوته جريت عليه وهي فارده اديها دي الحمامه بكل حب عشان يدخل في حضنها، عينيها مكنتش مصدقاها انها شايفاه قصاده، وصوت بكاها قطع قلبه، فضل يبوس في وشها ويهدي فيها: ما خلاص يا أمي انا جيت اهو بطلي عياط ياحبيبتي. 
انهار وهي مش قادره تملك نفسها: غصب عني يا حبيبي من فرحتي اني شوفتك قصادي، انت متتخيلش
طول ما انت بعيد حالتي بتكون ازاي؟ بفضل اعد الساعات والايام لحد ما تيجي، وقول لنفسي قلبي على ابني انفطر، وقلب ابني عليا حجر. 
عماد بضحك: كده برضو يا ام عماد انا قلبي عليكي حجر ؟ 
انهار وهي بتضربه في كتفه براحه: اه لو مكنش حجر؛ مكنتش سبتني واتنقلت بعيد عني، يا ولا ده انا مليش غيرك في الدنيا، انت كل حاجة ليا، انا عايشة عشانك انت وبس. 
عماد بيوس اديها وجبنها: ربنا يخليكي ليا يا ست الكل، وميحرمنيش منك يارب، وانا خلاص مش هسافر تاني، رجعت وقاعد في ارابيزك لحد ما تزهقي مني. 
انهار بعدم تصديق: بجد يا عمده، يعني خلاص هتفضل في حضني ومش هتبعد عني تاني. 
عماد بابتسامه: اه يا حبيبتي، بس مش على طول، هما بس فتره تشبعي مني، وبعدين هروح في حضن شروقي. 
انهار اتغيرت ملامح وشها وردت من تحت ضرسها: اه طيب، المهم انك معايا ومش هتسبني. 
عماد حب يغير الموضوع: طب اية مفيش لقمه كده على الماشي تسد قلب ابنك الهفتان ده، واللي معدته نشفت من اكل السوق. 
انهار دب فيها النشاط والحيوية وحست انها بنت العشرين من عمرها، وجريت على المطبخ بسعادة وقالت بحب: عيوني الاثنين هحضرلك أحلى غدوه يادوب بس ريح شوية عقبال ما يجهز الاكل. 
عماد وهو بيتحرك عند الباب: لا براحتك يا أمي، مفيش وقت اترتاح، هروح اعدي على شروق في شغلها، تكوني خلصتي الأكل، انا قولت اجي اسلم عليكي الأول وبعدين اروحلها. 
انهار بفرحه انه بدلها الاول عليها، فردت بابتسامه: براحتك ياعمده، خلص مشوارك وهتيجي هتلاقيني عملالك احلي غدا، ومش هاكل غير لما ترجع. 
اتحرك عماد ومن كل قلبه بيدعي ربنا انه يهديها ويتصالحوا. 

شروق خلصت شغلها، ولسه هتروح اتصل بيها وبلغها انه هيعدي عليها ويروحوا اي مكان هادي يتكلموا فيه بعيدا عن البيت، وهي وافقت وانتظرته لحد ما جه واخدها وركب تاكسي وراح كافيه عشان يتكلموا، وطول الطريق وهو مكتفي بنظراته ليها، حس اد ايه الدنيا ملهاش طعم وهي بعيده عنه، اد اية كانت وحشاه، نفسه ياخدها في حضنه ويعتذر ليها آلاف المرات عشان تقبله من تاني في حياتها، شروق كانت بتهرب من نظراته اللي حاسه انها بتخترق كل جدران قلبها، وبتزيد من سرعة نبضات قلبها لدرجة انها كل شوية تغمض عنيها وتاخد نفس عميق عشان تظبط انفاسها، اخيرا بعد عذاب وصلوا واتقدم عماد وشد ليها الكرسي عشان تقعد، وبعدين هو قعد قدامها واستنى الجرسون يجي وطلب ليها العصير اللي بتحبه، وقال بصوت مليان حنين وشوق: مهما اوصفلك انتي وحشتيني اد ايه مش هعرف. 
شروق بتبلع ريقها وتحاول تتماسك قدام فياض المشاعر دي وقالت: رجعت ليه يا عماد؟ مش كانت خلاص قصتنا انتهت، وكل واحد فينا عود نفسه على بعاد التاني !! ليه بتجدد اوجاعي والامي من تاني؟ ليه عايزنا نعيده، وفي النهاية هنوصل لنفس الطريق، ولنفس النهاية، ومش هينوبنا غير بس ان الوجع المره دي هيبقى اشد واقوى؟! 
كان بيسمعها وهو مش قادر يسامح نفسه على كمية الوجع اللي واصله وحاسس بيه من نبرة صوتها الحزينة اللي مليانه قهره وألم، مكنش قادر يسامح نفسه، ولعن جواه غباءه وتسرعة انه سمع لكلام صديق توهم انه عايز مصلحته، كان هيرد لمح بعينه الجرسون استنى لما حط العصير ومشي ومد ايده بيقرب ليها كاس العصير، مدت اديها تاخده واتقابلت الكفوف في ثانية وحضنت بعض بحب، واتمسك بيها عماد بقوة قبل ما تسحبها، وبص جوه نني عيونها وقال بصدق: انا حاسس بكل اللي قولتيه، وعشان كده هقولك كلمه واحده، نقطه ومن اول السطر؛ هنبدأ من جديد وهنتجنب كل الاخطاء، ونفتح صفحة جديده اكونلك فيها الراجل اللي بتتمنيه وعايزاه، ارجوكي بلاش تحكمي عليا بالإعدام، انا مش هقدر يا شروق ابعد عنك، عشان جربت البعاد والمكابرة، واتعذبت وعرفت اني كنت غلطان، واقتنعت بكلامك ووجهة نظرك، الحياة مشاركة في كل حاجة، لازم اخد برأيك واشورك في كل شيء، هحاول لا لازم اتغير واصحح كل معتقداتي الخطأ، صدقيني مش عشانك انتي وبس، لكن عشان ده الصح، ومش عيب الانسان يرجع للصواب ويعترف بغلطه. 
شروق سحبت اديها بلطف، وفضلت ساكته بتحاول تستوعب كلامه، وتغيره المفاجئ ومش قادرة تصدق ودنها، حس انها مش مصدقاه فقال بتأكيد: صدقيني انا اتغيرت يا شروق، ولاول مره اكون فيها صادق مع نفسي للدرجة دي، جربي وانا واثق انك مش هتندمي المره دي. 
شروق بخوف ردت: مكدبش عليك مش قادره اصدق، اللي شوفته منك يخوفني، التحول الرهيب اللي سامعه ده يرعب مش يخوف، اية اللي حصل غيرك بالشكل ده مره واحده كده؟ 
عماد بحزن: اللي حصل كتير، اخدت قلم فوقني هو اه فوقت متأخر بس الحمدلله اني فوقت ورجعت تاني لصوابي، المهم انك تحاولي تنسي اللي حصل الفترة اللي فاتت. 
شروق بعد تفكير قالت: هحاول بس ليا شروط، او ممكن تسميها طلبات. 
عماد بفرحة واندفاع قال: انتي تأمري، قولي كل شروطك وانا موافق عليها. 
شروق ببتسامه بتداريها: مش لما تسمعها الاول؟ 
عماد: من غير ما اسمعها موافق. 
شروق بتصميم: اسمع وبعدين قول رأيك. 
اول حاجة بتزعلني منك، انك لما بتزعل مني في حاجة بتاخد جنب لحد ما تهدى وبعدين ترجع تتكلم، خلينا على طول نصفي اي زعل عشان ميطولش بينا، لان لما بتبعد الزعل بيكبر والموضوع بيتعقد مش بيتصلح. 
ثاني شيء المشاركة في كل حاجة تخصك وتخصني، نسمع بعض ياعماد، لما نتناقش هنوصل لاكتر من حل، وهيبقى سهل جدا نوصل لقرار صحيح مدروس بعناية. 
ثالث حاجة، مش عايزة يجي علينا يوم وننام وفي واحد فينا مخبي حاجة على التاني، المصارحه ثم المصارحه في كل شيء، حتى لو المصارحة دي هتزعل حد فينا. 
خامس وسادس وسابع لحد مالا نهاية
عايزاك تكونلي كل حاجة في حياتي، زي ما انا هكون ليك كل حاجة، تحتويني في كل اوقاتي، في غضبي.. وضيقتي... وجنوني، تعيش معايا وترضى بكل تقلباتي، زي ما انا هتقبلك، انت فاهمني ياعماد؟ 
عماد بهدوء قرب ايده وضم اديها وقالها بصدق: اعاهدك امام الله ياشروق اني اكون ليكي زي ما بتتمني، هكون راجلك بمعنى الكلمه مش راجل في البطاقة، لا راجل يعرف معني الكلمه وما تحتويها من صفات، ولو غصب عني في يوم اصرت في حاجة؛ واجب عليكي تنبهيني وهتقبل منك بصدر رحب. 
شروق بسعادة وبمداعبه منها قالت: هنشوف وقد افلح ان صدق بابن خالتي. 
عماد وهو بقبل كفها قال: يعني خلاص صافي يا لبن؟ 
شروق بنفس السعادة قالت: حليب يا قشطة. 

وقد انتصر الحب والموده، وقررت شروق فتح صفحة جديدة معه متمنية انه يصدق في حديثة معها، فهي خشت الرفض ربما يكون صادق حقًا وتكون النتيجة خسارتها له، وتعذب قلبها من غير ما تديله فرصة اخيره تندم عليها، لذا كان الاختيار الأنسب هو انها تخوض معاه التجربه من جديد وتسيب كل مخاوفها ورا ظهرها وترمي بها عرض الحائط، وتسيب الايام هي من اللي تبين صدق كلامه. 

وبعد طول الوقت معاه، وصلها لبيتها، وكانت الفرحه بطير من عينها واول ما فتحت ليها امها وشافتها، اخدتها بالحضن وفضلت ترقص معاها وهي مبسوطة، لدرجة ان امها اندهشت من كم السعادة، وقعدت على الكنبه ومسكتها وسألتها عن سبب السعادة دي، وحكت شروق كل حاجة بالتفصيل الممل، فرحت امها بشدة خصوصا انها كانت دايما بتدعي ان ربنا يهدي ابن اختها ويهدي سرهم مع بعض، ودعت ربنا ليها بالسعادة، وسألتها: انتي قولتيله على اقتراح انكوا تتجوزوا هنا ياشروق؟ 
شروق ضيقت عنيها ورفعت حاجبها وقالت: لا مقولتش، ولا جبتله سيرة، هستنى كده كام يوم ولما يجي، وهيكون ده اول اختبار له، وهشوف رد فعله هيكون اية؟ هيتشبث برأيه ولا هيتناقش زي الناس المتحضرة، وبناء عليه حاجات كتير هتفرق معايا. 
سعاد بتفهم، طبطبت على كتفها وقالت: اللي فيه الخير ربنا يقدمه حبيبتي ويارب يسعدكم ويوفقكم يارب. 
شروق امنت على كلامها، وبعدين دخلت اوضتها عشان تغير هدومها وتستريح شوية. 
 * * * * * * * * * * * * * * * * * * 

ومرت الأيام وياسر يخلص كل اللي وراه واخر النهار يروح هو ومرزوقة لشادية في المستشفى يطمن عليها، كانت بتحس انه بيجي مجرد تأدية واجب، شكله متغير، دايما بيكون ساكت، بيطمن على صحتها من الدكاتره، ويقعد كلامه بيكون قليل جدا، حست ان مش ده ياسر اللي ربته ابدا، جواه حاجة اتكسرت، ولولا هزار مرزوقة معاها طول الوقت كانت بكت من جفاءه معاها. 
سليم لما بيعرف بوجود ياسر عندها مكنش بيرضى يقرب من غرفتها منعا للصدام معاه، وعشان حالة شادية متتعبش، واول ما بيعرف من الممرضة اللي بتابع حالتها بأنه روح، بيجي فورا ويقعد معاها ويهون عليها وحدتها، وبيكون هو بلسمها اللي بيطيب كل الامها واوجاعها. 

وفي يوم من الأيام دخل سليم ووشه باين عليه الحزن والزعل، قرب منها ومن غير كلام ابتدى يعمل ليها التمرينات، بعد ما خلص لسه هيتحرك عشان يخرج، مسكت إيده وبصت في عيونه اللي اتهربت منها وقالت: انت زعلان مني بقى؟
رد بألم ووجع: انا مقدرش ازعل منك، انا زعلان عليكي.

سكت وكان هيسبها ويمشي، لكن رجع خطوه وقال بكل الوجع اللي جواه: انا تعبت يا شادية، ومش قادر اتسحمل بعاد اكتر من كده، انتي القرب منك نار، والبعد عنك نارين.

شاف نظرات التعجب فكمل: ايوة مستغربيش كده، نار لهفتي وشوقي بتكويني وانا واقف متكتف مش قادر اروي عطش سنيني، ولو فكرت في البعد، هتكوي اكتر واكتر من نار فراقك، كل ده والحل في ايدك ومش قادرة تريحيني وتريحي نفسك.

شادية بتنزل دموعها في صمت ومعندهاش كلام ولا دفاع تقوله وهو محق في كل حرف، قلبه وجعه اكتر على دموعها، مقدرش يشوفها كده، قرب ومسح الدموع وقالها: متخيلتش في يوم ان هيكون حبي ليكي سبب في انك تنزلي دموع بسببي، طول عمري معاهد قلبي اني اعيشك ملكه عليه، ولو احتم الامر للبكا تكون دموع فرحة مش وجع يا شادية، ليه دلوقتي شايف دموع كلها ألم وحزن؟
شادية بين شهقاتها ردت عليه: عشان انا سبب في وجع قلبك يا سليم، حيرتي بينكوا وقسمة قلبي هي اللي وجعاني، نفسي اعيش معاك اللي فاضلي من عمري، وفي نفس الوقت صعب ابني سعادتي على تعاسته.
سليم وهو لسه باصص في عيونها الحمرا الحزينه قال: انا عارف كل كلامك وفاهمه، لكن قوليلي اعمل اية في قلبي اللي خلاص اعلن عصيانه عليا، قلبي تعب من كتر البعاد والعذاب.. سنين بيتعذب وهو فاكر انك عايشه حياتك، واتعذب اكتر لما عرف بألامك، كفاية بقى طول بعاد وعذاب، انتي لازم تحددي موقفك ياشادية، يا إما عايزاني، يا مش عايزاني !! يا القرب.. يا فراق للأبد وارجع مكان ما كنت ! اختاري !!
ولحد ما تقرري مش هنشوفيني عشان متقوليش اصرت على قرارك، واه مواعيد العلاج الطبيعي هبعتلك دكتوره في المعاد.

سابها من غير ما يستنى رد، برغم انه عارف الرد، لكن صعبها على نفسه، حط احتمال الفراق والبعد وهو نفسه مش قادر عليه، بصلها نظره اخيرة كأنه بيقولها اتشجعي وخدي قرار اتأخر من اكتر من عشرين سنه، واحسميه وقربي من حضني قبل ما يفوت الأوان، قفل الباب وهي كل ده مش قادره تستوعب كلامه، كأن حد ضربها على راسها ودايخه ولسه مفقتش، هو فعلا خيرها؟!
هو خلاص مَل من ترددها وبعادها؟ خلاص حكايتها معاه هتخلص من قبل ما تبدأ ؟! طب ازاي يخيرها وهو عارف هو اية بالنسبه ليها؟!
ده هو النفس اللي داخل يحييها... وهو القلب اللي كل مايدق دقه بتنادي بحروف اسمه.. !!
ازاي يقول كده؟ ازاي قلبه طوعه يخيرها بفراقه؟ كأنه بيحكم عليها بالموت البطئ.. !!
طب هتقدر تعيش تاني من غيره بعد ما تعودت على قربه من تاني !! بعد ما روحها ردت ليها برجوعه هيحرمها منه، وترجع تعيش في حرمان وتناجي صورته ؟! لا صعب، ومش صعب بس ده مستحيل تقدر تتحمل كل ده تاني ؟! 
ده العمر مش فاضل فيه كتير، فضلت على حالتها تبكي وتتخيل شكل الدنيا هتكون اية من غيره، وانها تكون معاه في نفس المكان ومش بتشوفه كل شوية، غمضت عينها بقهره ومسكت تليفونها واتصلت بياسر تبلغه انه يجي ياخدها، هتقعد ليه وهو حارمها من رؤيته، فرح ياسر فرحة طفل اول يوم العيد، وجري بسرعة عشان يبلغ هنية تحضر كل الوجبات اللي بتحبها امه، وراح وهو سعيد انها هترجع تنور بيتها من تاني، ساق بسرعه ووصل لعندها في زمن قياسي، واول ما دخل اتصدم من شكلها، حضنها بحب وحاول يعرف سبب حزنها لكنها مرضتش تقوله واكتفت بالصمت، حس ان سليم السبب، سابها وراح عنده ودخل من غير ما يخبط بكل عنف، بصله سليم وزعق وقاله: اية قلة الذوق دي، في حد يدخل كده من غير ما يستأذن؟
ياسر بغضب شديد قال: ماما مالها، عملت فيها اية مخليها بالشكل ده؟
سليم قعد والحزن سيطر على ملامحه؛ لانه متخيل منظرها وحالتها هتكون ازاي، ورد ببرود مصطنع: معرفش انت بتتكلم عن اية؟
ياسر بغل: بلاش ملاوعه، انا اول مره اشوف امي بالشكل ده، انت من ساعة ماجيت وشوفناك وانت سبب حزنها.
سليم بحده وغضب ضرب بكفه المكتب تعبير عن غضبه وقال: لا وانت الصادق محدش معذبها غير انانيتك انت، انت سبب حيرتها والامها.
ياسر باستهزاء من كلامه: انا معنديش وقت اجادل معاك، اكتبلي على خروج، ماما عايزة تروح.
سليم بصدمه: اية ؟! هي اللي طلبت كده؟
ياسر بتأكيد: ايوة طبعا، اتصلت بيا وقالتلي تعالى خدني، اصلها ملهاش حد غيري، ومش هتختار غير بيتي.

ياسر ضغط على اخر كلامه عشان يبينله انها اختارته هو، داس بكل قوة على الامه واوجاعه، كأن بالكلمه دي غرز خنجر حروفه في قلبه، ومصعبش عليه وهو شايفة بفرفر ولا غمض له جفن.
 بلع كلامه بمرارة سنين عذابه، وكتب ليها على خروج وقال: مادام هي اختارت كده؛ يبقى براحتها، اتفضل قرار خروجها، وبلغها ان قرارها واختيارها وصل.

ياسر برغم انه كان فرحان وسعيد وهو شايف الحزن عليه وانتصاره في جوله، لكن حس بوجع ونغزه في قلبه لما سمع كلامه، لكن مردتش، وانسحب ولذه الانتصار سيطرت عليه من تاني وهو بيلم حاجات امه وواخدها لبيتها، ده كان كفاية عليه انها تنام في الاوضة اللي جنبه، اخيرا هيعرف ينام مرتاح بعد عذاب الأيام اللي فاتت.

ياترى خلاص كده نهايتها خلصت مع سليم، ولا هتحصل حاجة تقربهم مع بعض من تاني؟
وهل عماد هيصدق في كلامه معاها، ولا هيرجع تاني زي ماكان؟
للاجابة على كل الأسئلة تابعوني في احداث مليئة بالاثارة من روايتي الجديدة المتواضعة
العسقلة_الماكرة
بقلمـ إيمان كمال ✍️
إيمووو

 •تابع الفصل التالي "رواية العسقلة الماكرة" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent