رواية مشاعر موقدة الفصل الرابع عشر 14 - بقلم فاطيما يوسف
أمممم … مساء الخير يا آنسة ليلى.
استمعت أذنيها إلى ذاك الصوت ويبدو أن أعضاء الحس لديها ترجمته على أنه معروف لديها لتلتفت بظهرها وإذا بها تشهق برعب من رؤيته أمامها والخوف سيطر على ملامحها وكادت أن تتحرك سريعاً راكضة من أمامه ولكنه تمسك بيديها يمنعها أن تتحرك كي يعتذر لها ،
وعلى صعيدٍ آخر كان “زيد” يبحث عنها بعينيه فهو يريد التحدث معها ومتلهفاً لرؤيتها بشدة وأثناء بحثه رأى ذاك الموقف من بعيد فتشنج جسده وبرزت عروق رقبته فأحدهم يمسك بيداي ليلته وهي تقف مستكينة والموقف أصبح محتدماً للغاية ،
أما “رسلان” تحدث سريعاً قبل أن تفقد أعصابها من الخوف منه أولا ومن تمسكه بمعصم يديها ثانياً:
ــ ما تخافيش والله ، ممكن تهدي ونتكلم مع بعض شوية انا مش جاي أئذيكي أنا أصلاً مش بحب الأذية لحد أنا جاي أعتذر لك عن اللي قلته واللي حصل مني .
أنهى كلماته ثم ترك يديها على الفور حينما كانت هي تحرك يديها بعشوائية بين كفاي يديه ليتركها ولكن حينما استمعت أذنيها إلى اعتذاره تعجبت ملامحها وزار الشك داخلها لينطق لسانها بدهشة:
ــ تعتذر لي ازاي يعني ؟!
ولا تكون دي خطة جديدة علشان تعرف تنتقم مني أو تعمل لي أي حاجة وتبان قدام الناس إنك بعيد عنها أو مفيش أي حاجة !
الصراحة أنا مش مصدقة اعتذارك ده ولا دخل لي دماغ علشان الكلام اللي انت قلته المرة اللي فاتت و الطريقة اللي اتعاملت معايا بيها ما تدلش على إنك ممكن تعتذر لي عن اللي إنت عملته،
واسترسلت دهشتها وهي تشيح بيديها أمام وجهه :
ــ أصل يعني طبيعي واحد في مكانتك والطبقة اللي انت عايش فيها ما تعتذرش برده فلو جاي تستدرجني علشان تنفذ انتقامك مني أرجوك بلاش أنا مش بتاعة حوارات ولا بتاعة خناقات ولا انتقامات ابعد عني وأنا كمان مش هخليك تلمحني في مكان تاني ،
وأصلاً لو كنت أعرف إن إنت جاي الرحلة دي ما كنتش طلعتها .
كان “زيد” على بُعدِ خطوة واحدة للتحرك ليذهب إليها فهو لم يستطيع تحمل أكثر من تلك الدقائق القليلة وهي تقف معه ويرى الإندماج في الحديث بينهم والغيرة تنهش بقلبه نهشاً ولكن قبل أن يخطوا خطوة واحدة أتى “يحيى” صديقه من ورائه وهو يرى الموقف فهو يعلم كل شيء عنه وكما أنه عرِف “ليلى” في صباح اليوم فقد أشار إليها “زيد” كي يعرفها فتمسك بيديه ناهياً إياه أن يتحرك :
ــ انت رايح فين يا زيد انت اتجننت انت عايز تعمل للبنت فضيحة في وسط الناس هو انا مش عارفك يعني !
عصبي ومتهور وما بتقدرش تتحكم في أعصابك ، وبعدين يا ابني هي واقفة مع زميلها قدامنا كلنا وبيتكلموا بكل احترام إزاي تدخل ما بينهم بالشكل الهمجي ده وانت عينك هتطق شرار انت بكده هتخسرها يا زيد .
تآكل غيظاً وهو يحاول نزع يديه من قبضة صديقه المتمسك به بشدة وهو ينهره على منعه من التحرك:
ــ سيب ايدي يا يحيى، انت عايزني اشوفها واقفة معاه وكان ماسك ايديها و أقف متكتف واتفرج عليهم ، أعملها إزاي دي يا جدع ؟!
سيب ايدي عشان أروح أعرفه مقامه و أخليه يبعد عنها وما يقربش منها ولا يلمسها تاني .
ما زال “يحيى” متمسكاً به بقبضة حديدية لينهره هو الآخر ناعتاً إياه بالغباء :
ــ يا ابني انت مجنون ما تهدى بقى يا زيد انت مش شايف هي واقفة مع مين ؟
ركز يا حبيبي في الملامح دي واقفة مع “رسلان أحمد شفيق ” ابن وزير التربية والتعليم تقريباً معاها في الجامعة هو الشكل بتاعه معداش عليك قبل كده على السوشيال ميديا .
جز على أسنانه بغضب عارم وهو يقف يدب قدميه بحدة وكأنه يصارع الأرض ولو كانت إنسيًّا لجُرحت من دبَّته عليها:
ــ يكش يكون ابن رئيس الجمهورية يقف معاها ليه ويمسك ايديها ليه ؟
سيب ايدي يا يحيى أنا جايب أخري .
تمسك به “يحيى” أكثر من ذي قبل لأنه متيقناً إن ترك يديه لم يمر الموضوع مرور الكرام فهو في غضبه غشيماً للغاية وهو صديقه ولن يتركه لغضبه الأعمى يتحكم به :
ــ افهم يا جدع انت مش من حقك تقتحم وقفتها مع أي إنسان خليك راقي يا زيد انت برستيجك ومستواك ما ينفعش ينزلوا في الأرض ، وبعدين اللي هيحصل منك هيبقى على مرأى ومسمع من الناس الكاميرات حوالينا في كل مكان والناس دلوقتي بتحب الفضايح،
واسترسل نصحه وهو يحاول تهدئته وإغصـ.ـابه على أن يتحرك من مكانه رغماً عنه وهو يشد يديه :
بعدين يا زيد تفهم منها هي واقفة معاه ليه وتتكلم معاها بهدوء من غير ما تسبب لها هي فضايح ولا تخليها تكرهك وقتها مش هتسامحك وانت الخسران خالص معركة حبك معها للأبد ،
تعالى معايا بس أنا خايف عليك يا عمنا واهدى خالص وما ينفعش أصلاً تتكلم مع حد وانت في حالة عصبية ولا معاها حتى هي كمان وقت ما تهدى تتكلم معاها لأن الإنسان وقت عصبيته بيقول كلام ما بيعرفش يتحكم في نفسه ويرجع يندم عليه بعد كدة وممكن هي ما تتقبلش إعتذارك وتكون عنك فكرة جديدة وحشة غير اللي مكوناها عنك أنا عايز مصلحتك يا صاحبي .
مسح “زيد” على خصلات شعره وقلبه يدق بداخله غيرة عنيفة لم يراها من قبل ولم يشعر بها جسده الذي اهتز غضبا حينما تقع عينيه عليها وهي تقف تتحدث معه بكل تلك الأريحية وكأنها تعرفه وبينهما حوار من ذي قبل مما جعله ينظر بعيناي تطلق شراراً إليهما ليبرر غضبه لصديقه وهو يتوجع داخله بشدة وهو يعترف له عن مدى عشقه لـ”ليلى” :
ــ انت مش متخيل انا بحبها قد ايه وبغير عليها فوق ما تتخيل شكل ما يكون ربنا حطها في طريقي عقاب وعذاب ليا مش حب وعشق وغرام بيني وبينها انا مش قادر أتخيلها مع حد غيري يا يحيى مش قادر أقف متكتف وهي واقفة مع شاب زيه وجوايا بيقول لي ليلى بتضيع منك يا زيد ،
إنت مش متخيل حجم الحرب والمعاناة اللي أنا عايشها دلوقتي وكل وقت ،
من ساعة ما حبيتها وقلبي اتعلق بيها و أنا المعنى الحرفي للجملة إن ممكن الانسان يموت من الحب .
ربت صديقه على ظهره بحنوٍ وهو يحاول تهدئته وإخراجه من حالة الغضب والبؤس الشديد بكلمات تريح الصدر مما جعله تحرك بخطواته معه باستكانة ورضا لأمر الله تعالى وما زالت عينيه تنظر جانباً عليها بحسرة :
ــ يا صاحبي محدش بيقدر يقف قدام إرادة ربنا ولا القدر ولا النصيب فلو هي قدرك ونصيبك لو أهل الأرض والسما اجتمعوا على إنهم يفرقوا ما بينكم مش هيقدروا ولو هي مش قدرك لو عملت إيه بالذي هي مش ليك فما تحاولش تصعبها على نفسك هونها تهون يا عمنا تعالى نشرب فنجان قهوة وبعدين يحلها الحلال واعمل اللي على كيفك واتكلم معاها بس بهدوء علشان ما تنفرش منك من البداية .
تحرك معه وهو مغلوب على أمره ويدعو ربه داخله وهو ينظر إلى السماء بقلبٍ منفطر وينكوي من لهيب عشقها الزائد عن الحد في قلبه وعقله وكل كيانه وعينيه كأنها تنطق إلى السماء “ربي إني مغلوب فانتصر” ولأول مرة “زيد” يشعر بأنه متكتف لا يستطيع الحراك في معركته حيث كان دوماً مناضلاً لأجل الحصول عليها ولكن المواقف صعبة وتحتاج الصبر غصباً عنه حتى حتمية الوصول إن أراد الله .
################
ــ ممكن نقعد هنا على الكراسي وأتكلم معاكِ شوية ويعلم ربنا والله العظيم إني هكون صادق معاكِ في كل كلمة واني مش زي ما انتِ متخيلة يا آنسة ليلى .
وجدت منه استكانة في الحديث واستشفت من نظرات عينيه أنه صادق ونظرته لها ليست خبيثة ولا ماكرة ، شعر قلبها تجاهه بالارتياح ولم تعرف ما السبب رغم خوفها الشديد منه منذ قليل لتومئ برأسها للأمام بابتسامة كعلامة منها للموافقة على الجلوس معه وسماع أعذاره لها :
ــ تمام اتفضل .
تحرك كلاهما للجلوس أمام البحر على الكراسي الموضوعة ،
فالبحر هو ملجأ للهاربين من الحزن والأسى والوجع والهموم، يعتبر هو السند الوحيد الذي يلجأ له الشخص المتعب نفسيًا ليشكي له همومه ويحكي له عن ما يحزنه وما يجعله لا يرغب في الحياة ، وهو مسكن للأحبة والعاشقين وهو المكان المناسب الذي يحمل عن أي إنسان همومه من خلال أمواجه العجيلة، البحر له جمال وسحر وهو أيضًا غامض ، فوجد به الشعراء والأدباء والكتاب ملهمًا ووجوده أخ ونديم لهم ،
بعد جلوسهما طلب من النادل كوبان من عصير المانجو الفريش ثم تحدث إليها وبدأ يقص عليها ملابسات حياته لشعوره بالراحة هو الآخر للحديث معها وحتى تتفهم وتتقبل اعتذاره عما بدر منه من فعل شنيع :
ــ انتِ عارفة يا آنسة “ليلى” أنا مش زي ما بيطلعوا في التلفزيون و السوشيال ميديا ابن الوزير الفاشل اللي يؤمر أي حد يطيعه والكل يخاف منه ، ممكن يكون تصرفي اللي حصل مني معاكي يوصلك انك تاخدي عني الفكرة دي لكن انا والله كنت في الوقت ده متخانق مع ماما علشان بتجبرني أعمل حاجات انا مش بحبها وكمان بالتحديد كانت عاملة موقف مع أصحابي يكرههم فيا ويبعدهم عني وانا عايش في الدنيا بحسهم هم أصلا اللي انا بتنفس معاهم وبحس إن أنا بني ادم على طبيعتي ولما رجعت قعدت ألوم نفسي كتير على اللي حصل ويومين كاملين اللي فاتوا بدور عليكِ والله العظيم عشان أعتذر لك وانت ما جيتيش الجامعة فيهم حتى شددت على الحراس إنهم لازم يلاقوكي مهما رحتِ أي مكان عشان أعتذر لك عشان مش متعود أغلط في حد لأن جدو ما ربانيش على كدة رباني إني أحترم الكبير والصغير وإن الكبر والتعالي مش من صفات الإنسان السوي دي كل الحكاية يعني مش برسم عليكِ وش البراءة ولا إني غلبان علشان أنتقم منك ولا الحوارات دي كلها ويعلم ربنا إن أنا فعلاً ندمان على الكلام اللي انغا قلته لك وعلى الرعب اللي أنا سبته لك انتِ وأهلك أكيد حكيت لهم ، يا ريت تكوني صدقتيني وتفهمتي اعتذاري وموقفي .
ابتسمت ابتسامة رقيقة كمثلها وعلى دورها تبسم هو الآخر براحة توغلت أعماقه لتلك الرقيقة التي تجلس معه لتقبل اعتذاره بنبرة هادئة :
ــ تمام ، وزي ما انت ما جدك علمك إنك تعتذر وقت الغلط مامي علمتني إن أنا أتقبل اعتذار اللي قدامي بصدر رحب و إن أنا أعفو عند المقدرة لأن دي من صفات الإنسان الكريم السوي وخلاص اعتبر ما فيش حاجة حصلت واحنا أصحاب في الجامعة .
انتبه كليهما على صوت هاتفه يعلن عن وصول مكالمة عبر الفيديو كول لتطبيق الماسنجر واذا بصورة جده تترصد الشاشة لينظر إليها وهو يوجه شاشة الهاتف أمامها ليعبر عن سعادته عندما وصلته مكالمة جده :
ــ شوفي يا ستي أهو جدو بيتصل علشان يشوفني اعتذرت ليكي ولا لا أنا عارفُه ما كانش هيستنى أكتر من كده،
ممكن تشاركيني المكالمة مع جدو علشان يطمن بنفسه إن أنا اعتذرت لك وإن إنتِ سامحتيني ؟
هزت رأسها بموافقة لمشاركته مكالمته فهي تريد أن ترى ذاك الرجل العظيم الذي يراعي ربه في تربية أحفاده بتلك الدرجة التي جعلته يعتذر عن خطأه دون كبرياء،
فتح الهاتف وهو يجيب جده بابتسامة مرحة :
ــ أنا عارفك يا جدو أكيد قلقان بسبب الموضوع اللي انا حكيت لك عنه ،
طمني الأول أخدت الدوا بتاعك ولا كبرت دماغك كالمعتاد ؟
أجابه جده بنفس الابتسامة المرحة :
ــ ما تاخدنيش في دوكة يا ولد علشان ما اعرفش عملت ايه في موضوع البنت اللي انت زعلتها وما تشغلش بالك .
أشار إليها برأسه أن يوجه شاشة الهاتف عليها فابتسمت بموافقة فأدار الكاميرا ناحيتها وهو يُعلِم جدُه بما حدث بينهم بنبرة مشرقة وتحمل من التفاؤل ما أسعد جده :
ــ علشان تصدقني يا جدو وتعرف إن أنا عمري ما اخلف لك امر ولازم آخد برأيك آدي ليلى قدامك يعني بالمعنى البلدي زي ما بتقول الجمل والجمال ،
قولي له يا لولا ان احنا اتصالحنا وبقينا أصحاب وانك مسامحاني علشان يرضى عني ويبات في حضني زي كل يوم .
احمرت وجنتيها من تدليله لاسمها وكأنه يعرفها منذ زمن ويبدو أنه يعتاد على الأشخاص سريعاً ويعتبرهم منه وكأنهم يعرفون بعضهم منذ أعوام وليست ساعات أو من مجرد مواقف ليبرر “جده” سريعاً حينما قرأ ملامحها الخجولة من تدليل حفيده :
ــ ما تتخضيش يا بنتي لما هو يدلعك اصل رسلان بياخد على الناس بسهوله بس قولي لي رضاكِ وجبر بخاطرك ولا بيضحك على جده ؟
كانت تحس بالخجل في الحديث معهم ولكن طريقتهم في الكلام والعشم بها جعلتها تشعر بانهم قريبين منها للغاية لتجيبه بابتسامة :
ــ والله يا جدو رسلان طلع شاب محترم واعتذر لي جامد وانا قبلت اعتذاره وخصوصا لما حكالي بعض من ظروفه وعفا الله عما سلف ،
وأكملت بدعابة أضحكتهم لذاك الرجل المريح الوجه فكانت طلته المُسنَّة تُدخِل البهجة على قلب من يتحدث معه :
ــ مرضيتش ان انا أئذيه و كفى الله المؤمنين شر القتال يا جدو لو تسمح لي يعني أناديك بيها .
ضحكوا ثلاثيتهم ليرحب بها ذاك الرجل الكبير سناً وعقلاً ونضجاً :
ــ طبعا يا بنتي هو أنا طول يبقى ليا بنت جميلة زيك تقول لي يا جدو ربنا يفرح قلبك يا حبيبتي و بالنيابة عن رسلان ما تزعليش وانتوا اخوات وفي مكان علم يبقى نتعامل مع بعض على إننا زملا ونحترم بعض وانا قلت له كلام كتير والحمد لله هو بيقتنع بسهولة بأنه غلط.
و ظلوا يتناولون الحديث بينهم ومن العجب اندماج “ليلى” معهم فقد أحست انها منهم وارتاح لها الجد كثيراً وبعد انتهاء المكالمة ظل “رسلان” يتناوب عليها بالأسئلة ،
عن عائلتها ؟ عن ماذا تحب ؟ وماذا تكره ؟
وكأنه وجد فيها ملاذاً لم يجده في فتاة غيرها حتى اعترف لسانه تلقائياً وهو ينظر في عينيها بنظرة حنونة مغلفة بالاحتياج :
ــ عايز أعترف لك بحاجة أنا حاسس إنك شبهي تقربي لي قوي في طريقة الكلام وتقربي لي كمان في نفس الحاجات اللي احنا بنحبها وتقربي لي في التلقائية في التعامل مع شخص ما تعرفيهوش،
وأكمل حديثه راجياً إياها :
ــ هو إحنا ممكن نبقى أصحاب يا ليلى أنا حاسس إني ارتحت لك قوي وارتحت للكلام معاكِ ، والله العظيم الكلام اللي أنا بقوله لك ده مش مجرد كلام شاب بيقوله لبنت علشان يثبتها انا مليش في الحوارات دي خالص صدقيني أنا اللي في قلبي على لساني وعمري ما بحب ألف وأدور على البنات أو إني أستدرجهم علشان يتعلقوا بيا ويسيبوني بس أنا حاسس معاكي بإحساس غير .
خجلت من نظراته وتلميحاته ولكن أفحمته بردها دون خشية أو خجل فهي في حدود الله لن تستكين أو تضعف مهما كانت المغريات:
ــ كل الكلام اللي انت قلته تمام بشكرك جداً عليه لكن أنا للأسف من نوع البنات الموضة قديمة قوي أو من النوعية اللي ممنوع أصاحب شباب أو حتى إننا نكون أصدقاء على فيسبوك يمكن اللي أنا بقوله ده كلام رجعي بالنسبة لبنات كتير بس أنا ما اتعودتش إن أنا أتصاحب مع شباب حتى لو مجرد زمالة بريئة مفيهاش أي حاجة تغضب ربنا بس انا مقتنعة جداً بقول ربنا سبحانه وتعالى ولا متخذات أخدان فما تزعلش من كلامي احنا اللي حصل بينا كان سوء فهم وعدي على خير وبيني وبينك كل احترام وإن إحنا مشتركين في جامعة واحدة بس مش معنى كده ان يبقى في مجال ان احنا نتكلم مع بعض في اي حاجة حتى لو في أمور الحياة العامة معلش أنا آسفة جدا .
انقلبت نظراته المترجية الآمنة في وجودها أمامه إلى نظرات حزينة بشدة لما قالته وشعر بالحزن الشديد في أنه لم يستطيع الحديث معها مرة ثانية بعد جلستهم البسيطة تلك وفي نفس الوقت اندهش من شدة حيائها واحترامها لدينها و تمسكها في الحفاظ على ثقة عائلتها بها لينطق بدهشة:
ــ ياه يا ليلى معقول في بنات زيك كده اليومين دول !
البنات دلوقتي اتغيروا قوي في لبسهم وفي طريقة كلامهم وفي تقليدهم الأعمى للإتيكيت والمناظر الخداعة،
أنا مش مصدق نفسي إن لسة في زيك !
مش مصدق نفسي ان انتِ ممكن ترفضي صداقة بريئة لمجرد إنك بتخافي على دينك ومراعية ثقة أهلك فيكِ !
أنا من زمان ما قابلتش زيك لا مش من زمان انا عمري ما قابلت واحدة زيك كلهم بيحبوا الكلام والضحك والصوت العالي وإنهم واو ويتفننوا يلفتوا الانتباه ليهم ،
معقولة انتِ بجد وحقيقة قاعدة قدامي ؟
نظرت هي إلى أمواج البحر التي تتلاطم إحداهن حول الأخرى وقت الغروب في منظرٍ يشع في النفس الهدوء والسكينة لتجيبه بصدقٍ اعتادت عليه :
ــ على فكرة في زيي كتير جداً بس علشان انت البيئة المحيطة بيك كلها مختلفة شوية عن البيئة المحيطة بيا ففي كل مكان هتلاقي بنات محترمات كتير أهاليهم ربوهم وساعات والله بتبقى البنات متربية وأهاليهم معلمينهم يخافوا ربنا كويس لكن أول ما يخرجوا برة قوقعة الأهل ويقابلوا الأصحاب وزي ما انت ما عارف الصاحب ساحب فبيتغيروا خالص وبيبقوا بني آدمين تانيين أهاليهم ما يعرفوش عنهم حاجة بمعنى أصح بيخرجوا قدامهم بمظهر محتشم ويخرجوا برة يغيروا جلدهم وكأنهم بكده هيقدروا يبقوا زي اللي حواليهم وإن كده حلو ،
بس أنا مختلفه شوية علشان مامي معلماني إن ما ينفعش ابقى بوشين وإن أنا برايا لازم يكون زي جوايا هي حسبة صعبة لكن مش مستحيلة،
زي انت كده اللي يشوفك يقول ابن وزير ومتكبر والبنات كلها لازم تترمى تحت رجليك في حين لما تكلمنا مع بعض حسيت انك إنسان زينا عندك مشاعر حب وخوف من إنك تزعل حد فعلشان كده مش دايماً ناخد بالمظاهر لأنها خداعة .
بلع ريقه بصعوبة بالغة وهو يستمع إلى كلماتها الجميلة التي اخترقت قلبه قبل عقله ولكن حزيناً على أنه لم يستطيع التحدث معها مرة ثانية ويشعر بأنها إن قامت الآن سيتمزق قلبه من مفارقتها لمجلسه ليسألها دون أن يفكر :
ــ طب هو أنا لو حابب أتكلم معاكي او حاسس إن انا نفسي أتكلم معاكي تاني أعمل إيه ؟!
بجد كلامك جميل وحسيته دخل قلبي،
ممكن لو لقيتني في أي يوم من الأيام مخنوق وحاسس بضيقة شديدة وإن الدنيا في عيني صغيرة قوي أبقى أكلمك يا ليلى ؟
قامت من مكانها تنتوي مغادرة مجلسه وهي تجيبه ببسمة ملائكية تليق ببراءتها الفريدة من نوعها وهي تجيبه بكل هدوء:
ــ خدها مني نصيحة وقت ضيقتك مش هتلاقي غير ربنا في كل وقت وفي أي وقت ولا يمكن يقفل بابه في وش حد ،
اشكي له همك واحكي له ضيقتك وهو هيريحك ، امسك مصحفك ، اذكارك ما تفارقش لسانك وانت هتحس ان الدنيا دي اقل من انك تضايق نفسك او تزعل على حاجة ما لهاش لازمة ربنا جميل قوي يا رسلان وبيقف جنب أي حد في أي تعب وفي أي احتياج ليه بس انت خليك لحوح في دعائك وفي طلبك من ربنا وهو أحسن علاج وطبيب ومستمع لعباده ومفيش حد زي ربنا هيخرجك من أضيق مضيق لأوسع الطريق ،
عن اذنك يا ابن الناس الطيبين .
بمجرد أن قامت للتحرك والابتعاد بعيداً عن مجلسه وقلبه بدأ ينبض بالحيرة والوجع والشوق لمجلسها وهي لم تفارقه بعد !
فماذا عن رحالها يا قلبي ؟
ماذا عن اشتياقك لسماع فمها يتحدث أمامك ؟
أم ماذا عن عينيك التي حفظت ملامحها وسكنت داخل أعماق روحك أيها الرسلان ؟
لينطق هو الآخر بحزنٍ عميقٍ بان على ملامحه واستشعرته هي من نبرة صوته الحزين :
ــ مع السلامة يا بنت الناس الطيبين ربنا يبارك فيكِ ويحرسك ويحفظك لحين اللقا مرة تانية عشان قلبي قال لي إن احنا أكيد هنتقابل تاني وإن دي مش آخر مرة هتكلم معاكِ فيها وأنا قلبي دليلي وعمره ما كذب عليا .
هكذا اللحظات الجميلة تنتهي سريعاً كمرور العمر ولكنها تظل محفورة في أعماقنا ولن تُنسى أبداً مهما مر عليها الزمان وكانت لحظات الــ”ليلى” بالــ”رسلان” جميلة كنسمات هواءٍ رقيقة في صحراء جرداء لا زرع بها ولا ماء أثرت بكلتاهما بشدة ولكن ؛ هل ستعود اللحظات الجميلة بينهم؟
وهل سيبقى الود يسابقهم أينما كانوا ؟
وهل سيتخلى “رسلان” عن لحظات راحته في الحديث معها بعد أن تذوق ملاذها ؟
للحديث بقية مع الهمام “رسلان ” و “ليلته” سيدة وجميلة كل النساء .
###############
ــ يا هاشم قوم بقى كفايه نوم من ساعه ما جينا واحنا نايمين عايزاك تخرجني شويه نتصور مع بعض ونتعشى في مكان حلو احنا مش جايين ننام .
تململ في نومته العميقة وهو يجيبها بلسان ثقيل:
ــ معلش يا حنين سيبيني نايم كمان شويه وبعدين الليل قدامنا طويل السفر كان متعب وما لحقتش انام .
دقت على كتفه وعلى ظهره برتابة وهي مصممة على أن توقظه من نومه فقد استيقظت منذ ساعتين وشعرت بالاكتئاب وحدها في ذاك المكان ولن تتركه :
ــ لا مش هسيبك كفاية نوم لحد كده انت بقى لك أربع ساعات نايم واحنا بقينا الساعة سبعة بعد المغرب ،
قوم بقى يا هاشم ما تبقاش رخم وتضيع علينا اللحظات السعيدة من أول يوم كل الناس اللي إحنا جايين معاهم نزلوا حتى أصحابك انا شايفاهم من البلكونة وما رضيتش أنزل إلا لما تنزل معايا .
عرض عليها بلسانٍ ثقيل وعيناي ما زالت ترفض أن تستيقظ فهو يشعر بثقل في جسده وتكاسل شديد يمنعه من النزول :
ــ خلاص انزلي انت يا حنين وأنا ساعة وهاجي وراكي اتعرفي على نور بنت خالة يحيى وانا هفوق نفسي واخد شاور وانزل وراكي على طول.
تاففت بضيق لما عرضه عليها وتحدثت باستنكار:
ــ يوووه بقى يا هاشم بقى عايزني واحده متجوزه وكل البنات اللي كانوا معانا في الباص عارفين اني متجوزه وفي الاخر انزل قدامهم لوحدي انا هتكسف يا هاشم المفروض تنزل ايدك في ايدي علشان احس ان انا ليا شكل وقيمة .
بنبره باردة أجابها وهو يضع الوسادة على رأسه :
ــ سيبك من مناظر الكذابة دي وانزلي يا حنين وعدي الساعة دي على خير ما تبقيش قلق وانا هنزل وراكي يلا يا ماما.
تذمرت بحنق من تكاسله الشديد في عدم الاهتمام بها وشعورها بالنقصان في كل شيء بسببه ثم تمتمت بضيق :
ــ تمام يا هاشم مش عايزه منك حاجه انا هنزل لاني لو قعدت كمان شويه لوحدي هكتئب وانا مش عايزه ابدا وقت متعتنا بخناقات واكتئاب.
كان هو في عالم آخر حينما وضع الوسادة على رأسه كي لا يسمع آرائها بالنسبة له فارتدت ملابسها التي تناسب ذاك المكان و التي احضرتها معها من وجهة نظرها ،
فــكانت ترتدي تيشرت ضيق يبرز نحافة الجزء العلوي لجسدها ببراعة وأسفله بنطالاً من الجينز ملاصقاً بساقيها الرفيعتين ووضعت حجاباً على رأسها ولكن دون إحكامه وهي تخرج خصلة من شعرها كما هي معتادة على تلك الطلة حينما تكون في تلك الأماكن ،
بعد مرور نصف ساعة قضتهم في سيرانها على شاطئ البحر في المكان الذي يجتمع فيه أغلب الموجودين معهم في ذلك المكان رآها من بعيد “زيد” ليشير بأصبعه إليها وهو يتسائل بتعجب :
ــ الله هي مش دي مرات هاشم دي بقى لها نص ساعه بتلف في المكان بضهرها ولسه واخد بالي منها هو نايم فوق كالمعتاد ولا على باله وسايبها لوحدها ده ايه البني ادم البارد ده ؟
اكد “يحيى” هو الآخر:
ــ وهي تصدق عندك حق عيل بارد والله لاتصل عليه وادي له كلمتين في جنابه ،
وأكمل بنبرة ساخرة وهو يخرج الهاتف من جيب بنطاله :
ــ منك لله انت وهو اصحاب عره واحد نايم فوق وسايب مراته لوحدها والتاني قاعد جنبه احرسه لا يعمل مشاكل وتجرسنا هنا بسبب دماغك المنيلة ،
والله انا حاسس ان انا عامل زي الست المطلقه المحتاسة بعيالها ربنا ياخذكم واستريح منكم يا بعدا .
حرك “زيد” حاجبه باستنكار لما قال :
ــ ما تنجز يا عم المهم ما تحسسناش يعني ان انت الواد العاقل اللي فينا خلص يا عم كلمه خليه ينزل .
ما ان اتاه الرد حتى هدر به:
ــ هاشم باشا غيبوبه بيه هو انت ما عندكش دم ياض سايب مراتك قاعده لوحدها بقى لها نص ساعه ومش لاقيه حد تقعد معاه هو انت بتكدر البنت معاك ده انت عيل تجيب شـ.ـلل والله العظيم.
أفاق ذاك النائم من سباته العميق حينما استمع الى استنكار صديقه وصياحه المصاحب للسـ.ـباب :
ــ حاضر يا عم في ايه نازل اهو هو انتم طالعين ليه زي القضى المستعجل حتى النوم مش عارف اخد راحتي فيه تاتكم الهم كلكم .
اما “زيد” لم يستطع صبراً أكثر من ذلك حتى قرر الذهاب إلى “ليلى” والحديث معها فهو الآن قد هدئ قليلاً فقام من مكانه مستئذناً مغادرته بذوق :
ــ طيب انا هروح بقى لليلى علشان انا الصبر زهق من صبري وعسل قوي كده سلاموز .
تمسك “يحيى” بيديه ليرشده بتعقل :
ــ بلاش تتكلم معاها بطريقه حاده او تبين ان انت بتحاسبها او تتعصب عليها لو ردت عليك رد ما يعجبكش خليك جنتل يزيد علشان البنت تحس معاك بالامان فتقول اللي انت نفسك تسمعه انا بنصحك لوجه الله .
حرك رأسه بابتسامة وهو يربت على ظهر صديقه بامتنان لنصائحه وإنقاذه من موقف كان سيحدث وسيتسبب في أزمة بينه وبين حبيبته ولن يستطيع الإفلات منه بعد ذلك او الاعتذار فكفاه لها من الاعتذارات ما كفى ،
كان يتحرك بخطوات هادئه كمثل هدوء يبحث بعينيه عنها من بعيد وهو يحاول الاتصال عليها ولكن يبدو أنها لم تأخذ الهاتف معها ولكن تصلب جسده وبرقت عينيه مما رآه من منظرها الملفت للأنظار من بعيد والصدمة جعلت عضلات جسده تشنجت ليتحرك سريعاً بخطوات أشبه للركض وما إن وصل أمامها حتى تمسك بذراعيها بقبضة قوية لفتت انتباه من حولهم ولكن ما لفت الانتباه أكثر هو نبرته شبه العالية وهو يصيح بها دون اكتراث لمن حولهم :
ــ يا ليلتك اللي مش فايته ومش معديه انت ازاي يا بني ادمه انت تنزلي من فوق بالشكل ده وباللبس ده انت اتجننتي ؟
صعقت من طريقته ونبرته العالية وصياحه بها أمام الخلائق والتمعت عينيها بالدموع ولم يسعفها الكلام أن تجيبه وهي تبتلع أنفاسها بصعوبة بالغة فلم توضع في مثل هذا الموقف من قبل لتقول بشفاه مرتعشة :
ـــ من فضلك يا هاشم وطي صوتك عايز تقول اي حاجه تعالى نطلع اوضتنا وقولها ارجوك ما متفرجش علينا الناس ؟
لم يستطيع السيطرة على غضبه فهو في غضبه أعمى وبالتحديد حينما يرى موقف مثل ذاك ليكمل صياحه بقلة ذوق :
ــ ناس مين يا هانم اللي انت نازله قدامهم بالشكل ده هو انت مفكراني طرطور علشان لابسه لي جينز وتيشرت ضيق مبين تفاصيل جسمك انا الغلطان اني وثقت فيك وخليتك تنزلي انا اللي استاهل كل اللي انا فيه دلوقتي واللي انت فيه .
الى هنا لم تتحمل حينما رات همهمات الجميع من حولهم على طريقته لتومئ براسها لاسفل وهي تريد ان تنشق الارض وتبلعها ولا ان توضع في هذا الموقف لياتي صديقيه من وراءه متمسكين بذراعيه وهم يحاولون في فكاك قبضته من ذراعها ليقول زيد بنبره هادئه وهو يجز على اسنانه كي لا يسمعهم احد من حولهم :
ــ عيب اللي انت بتعمله ده يا هاشم عايز تقول حاجه لمراتك خدها واطلع اوضتكم فوق وحاسبها زي ما انت ما عايز انا مش فاهم انت عقلك فين يا اخي على اللي انت بتعمله ده خدها واطلع لو سمحت .
تحدث يحيى هو الاخر بضيق على تصرف صديقه و وصفه له بالهمجية:
ــ والله انت بني ادم همجي ومتخلف اتفضل خد مراتك واطلع على فوق وكفايه فضايح لحد كده .
استمع الى نصائحهم وما زالت عروق رقبته بارزه من شده الغضب وهو يسحبها وراءه كما تسحب الحيوانات وما كان منها الا انها خبات وجهها بيديها الاخرى كي لا يراها احد ويحفظ ملامحها فهي عزيزه النفس ولم يحدث لها مثل تلك المواقف من ذي قبل وحينما صعدوا الى جناحهم حتى رماها على التخت مكملا صياحه بها بحده ارعبتها :
ــ انا مش فاهم هو انت ما عندكيش عقل علشان تنزلي بالمنظر ده هو انا مش منبه عليك قبل كده اللبس ده ممنوع ومرفوض ازاي تعملي كده وما تراعيش انك ست متجوزه وعلى ذمه راجل مش على ذمه عيل مركب قرون علشان تنزلي بالشكل ده ؟!
كانت تبكي بغزاره وهي تداري وجهها بين يديها بل وتتفحم من البكاء وهي تردد كلماتها اللائمة له بنبرة مرتعشه من صدمتها لذاك المشهد الذي حدث عياناً بياناً أمام الجميع:
ــ انا مش مصدقه اللي انت عملته فيها قدام الناس ازاي تجرجرني وراك كده زي البهيمه وتزعق لي وتتعصب عليا وتهزقني قدامهم بالشكل ده انا بجد مش مسامحاك المره دي بالذات عمري ما هسامحك .
رفع حاجبيه ساخراً من اعتراضها الاهوج من وجهه نظره :
ــ هو انت كمان ليكي عين تتكلمي وتعترضي على طريقتي انت الغلطانه علشان انت عارفه انك ما ينفعش تنزلي بالشكل ده واني عصبي وما بقدرش اتحكم في تصرفاتي لما بشوف غلط منك انت مش متخيله انت منظرك عامل ازاي وانت نازله كل معالم جسمك باينه وشعرك والبنطلون اللي انت لابساه انا اللي مصدوم فيك والله وعمري ما هسامحك على انك غفلتيني ونزلت بالشكل ده قدام الناس واصحابي كانوا تحت كمان .
شهقات عاليه خرجت بأنين من صدرها وهي لم تصدق ان اول يوم لهم في تلك الرحله يحدث بينهم كل ذاك الصياح وامام جميع الخلق حتى ارتمت على التخت تسد اذنيها عن صياحه الغاضب بها وما زالت شهقاتها تعلن عن حزنها لتلك الحاله التي تعيشها معه وهو لن يكف عن الكلام ظل يردد على مسامعها كلماته اللاذعة الشديده لتلك المسكينه ثم تركها صافعا الباب خلفه وهي في حاله يرثى لها ، فلم يكن هاشم لينا هينا معها ساعه الغضب ويبدو انه لم يعرف وصيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته الوداع الاخيره حينما قال استوصوا بالنساء خيرا فانهن لكم عوان وحينما قال رفقا بالقوارير وليت كل رجل يعرف وصايا رسول الله،
حتى وان اخطات فالعقاب على الخطأ يقوم بطريقه راقيه هادئه بعيدا عن الناس وعيونهم ولكن هل ستسامح حنين هاشم تلك المره ام ماذا يخبئ لهم الزمان والمكان والمواقف والظروف ؟
##############
كان يخطو اليه بخطوات حالمه وهو يتتوق لرؤيتها والحديث معها فكانت تجلس على الشزلونج امام حمام السباحة وهي تتصفح هاتفها حتى وصل اليه ملقيا السلام كما تحب:
ــ السلام عليكم ورحمة الله ، سيدتي الجميله ممكن لحظات بسيطه اتكلم معاكي فيها ومش مسموح ليكي بالرفض خالص يا لولا .
تنفست بحيره لأمر ذاك العنيد :
ــ يادي لولا اللي مش هنخلص منها انا اسمي ليلى وانت المستر او الدكتور بتاعي بلاش نشيل الالقاب دي لو سمحت ما تخلينيش احس بالندم اني جيت الرحله دي انا جايه عشان انبسط مش هغضب ربنا .
تنفس هو الاخر بضيق من تمسكها الشديد معه:
ــ يا بنتي ابوس ايدك ارحمينا بقول لك وقت بسيط هو انتِ ايه قلبك ده جليد ما بيرقش ارحميني بقى وهقعد على فكره مش بمزاجك .
رفعت حاجبها لطريقته معها لتنطق باستفسار:
ــ نعم يا دكتور حابب حضرتك تقول ايه في السريع كده علشان العشاء قربت تاذن وانا بحب اصلي اوقاتي بالتزام ؟
غمز بإحدى عينيه مرددا بلهفه قبل ان تغادر مجلسه سريعا فهو يعلمها جيدا:
ــ أمممم… حابب اقول انك وحشاني قوي واحشني الكلام معاكي بس كده .
تاففت بضيق لطريقته التي تنهيه ان يتحدث بها معها دوما :
ــ طب وبعدين حضرتك عرف اني مش هقبل طريقه الكلام دي ارجوك انا مش حابه كده .
كاد ان ينطق معتذرا عن طريقته مراعيا خوفها من ربها وانها لا تريد الانخراط في علاقه تسميها محرمه من وجهه نظرها حتى استمع الى صوت يردد بفجاه جعل كلتاهما التفت الى مصدر الصوت واعينهم تصممت امام الناطقه :
ــ زيد يا نهار ابيض مش مصدقه نفسي وحشتيني خالص .
كانت تلك الفتاه شبه العارية بفستانها الاحمر بذراعيها المكشوفه وشعرها الحريري الذي يهبط على ظهرها تنظر اليه نظرات اشتهاء وهي تقدم اليه بخطوات راكدة حتى وصلت واستقرت داخل أحضانه وهي تقبله من رقبته بطريقه مثيره اذهلت ليلى وهي تنظر الى الموقف بذهول فلم تكن تتخيل ان يحدث امامها ذاك الموقف وان تراه بعينيها بعدما كانت تستمع الى تلك الحوارات التي تخصه عن الاقتراب من الفتيات ولم تكن تتخيل انه سيكون بتلك البشاعة ،
تلاقت عينيه بنظرتها الحزينه للموقف الذي راته فيه مع نظرات عينيها الصارمه والتي تنطلق منها نيران الغضب الشديد ليقع قلبه صريعا بين قدميه لما حدث والذي لن يمر مرور الكرام بينهم وستضيع كل محاولات اصلاحه الآن بعد ان فسر نظرتها ….
يتبع…..
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية مشاعر موقدة ) اسم الرواية