رواية العسقلة الماكرة الفصل الثالث عشر 13 - بقلم ايمان كمال
مبدئيًا كده حابه اقول كلمتين قبل الفصل، كل متابعه بتسأل عن اسم الرواية ومش فاهم معناه؛ احب اقوله متشغلش بالك بالأسم خالص، عيش الاحداث وحاول تفك الغازها، ولو معرفتش الحلقات هتوضح ليه اخترت الأسم ده بالذات، لاني مش هختاره كده وخلاص، لازم يكون مقصود، واقصد بيه حاجة.
هسبكوا مع المواجهه القوية اللي بين ياسر وشادية.. قراية ممتعه، وهنتظر تفاعلكوا اللي بيسعدني..
الفصل الثالث عشر
بصلها بقهر ودموع بتلمع واقفه على باب اهدابه وبتهدده انها هتنزل مهما يحاول يسجها داخل محرابه، مهتمش بكل اللي حاكته، غير بس انها عايزة تعيش حياتها بعيد عنه، وان في راجل استوطن قلبها واعلنتها صريحة قدامه، يمكن زمان كان حب خفي ميعرفش بيه ولا حس بوجوده، لكن دلوقتي بقى حقيقة واضحه وظاهرة وضوح الشمس، قرب منها واتقابلت عيونهم في مواجهه صعبه عمرها ما اتخيلت في يوم تقف في الموقف ده، وقالها ياسر بكل القهره اللي جواه: عايزة تتجوزي ياماما ؟! خلاص هونت عليكي وهتسبيني لوحدي زي ما بابا وماما سابوني زمان... وهرجع اعيش تاني لحظات الحرمان وعدم الامان؟!
ليه هونت عليكي كده؟ انا اتساهل منك تسبيني، طب هو انا زعلتك في يوم؟! قصرت معاكي في حاجة؟
مش احنا الاثنين كنا مكتفين ببعض ومش عايزين حد يدخل ابدا بينا ولا يشاركنا في قلبنا حد؟ اية اللي حصل غيرك؟ كل ده عشان ظهر سليم من جديد ؟! ياريته ما رجع.. ياريته فضل مكان ماهو بعيد، عشان تفضلي انتي جنبي ومتبعديش عني ولو لدقايق.. انا بكره وعمري ما هقدر احبه ولا اسمح انه ياخدك مني انتي فاهمه؟!
شادية باصله ومش قادرة تصدق كم الانانية والتملك اللي وصل معاه، دموعها مش قادره تقف، حست انها بدون قصد ربته على انها ملكيه خاصة ليه وبس، عاشت عمرها كله متفانيه في حبها وحنانها اللي غرقه، لكن متوقعتش انه لما يجي الدور عليه عشان يسعدها يكون ده جزاءها منه، كان بيتكلم زي الطفل الصغير اللي ماسك في فستان امه بيترجاها متسبهوش، لكن لما صرح بكره لسليم مقدرتش تسكت ووقفت على رجليها اللي كانت بترتعش وتتهز مش قادرة تشلها وقالت بوجع: حرام عليك يا ياسر تظلمني وتظلمه بالشكل ده ؟ ده لولا لعبة القدر معانا كان هيكون هو اللي رباك معايا وبمثابة ابوك، انا عشت عمري كله عشانك وعمري ما بخلت بعطفي وحناني عليك، ليه النهاردة جاي ومستكتر عليا اعيش واعوض اللي فاتني؟
ياسر بغضب وثورة قال بنبره حاده وهو بيخبط على المكتب بكل قوة، وبيرمي كل حاجة موجوده على الارض بعنف: دلوقتي انا اللي بقيت مفتري وظالم، خلاص روحيله يا ماما، وعيشي حياتك معاه، والبسي فستان الفرح واعملي كمان فرح يا عروسه، واتخلي عني وسبيني اعيش الباقي من عمري لوحدي، واتهني معاه، بس ساعتها انسي ان ليكي ابن اسمه ياسر.
شادية بصدمه من كلامه، لفت ظهره عشان تبص في عيونه وقالت بقهره: هان عليك لسانك يقولها يا ياسر؟!
ياسر وهو ماسكها وبيزق اديها اللي مسكاه قال بنفس نبرة الألم والوجع: زي ما انتي هان عليكي وحبيتي غيري وعايزة تسبيني عشانه، انا بخيرك والقرار قرارك ؟!
قال كلامه اللي كان دفعات متتالية من رصاص بندقيته داخل قلبها دون مايراعي انه بيقتلها في مقتل من غير ما يرأف ولا يشفق على حالتها، وسابها وخرج وهي واقفة تايهه رجيلها خارت كل قوتها مش متحمله وجع رعشتهم قعدت ورمت جسمها على الكرسي، وكأن كل هموم الدنيا اتحطت فوق راسها، زي ما يكون حد ضربها على راسها ودايخه مش متحمله تقل الضربة، محستش بنفسها وعلامات الصدمة مرسومه على وشها، مبرقة والدموع بس اللي نازله شلالات على خدها تحرقها زي ما قلبها محروق، رد فعل ياسر فاق كل توقعاتها، وكلامه دبحها، وخلاها في موقف اختبار صعب، يمكن اصعب من اختبار القدر ليها زمان !!
ياترى هتختار مين؟ وهتظلم مين؟
دخلت بسرعة مرزوقة عليها اول لما لمحت ياسر خارج زي الطور الهايج المدبوح لفوق، جريت عليها واول ما شافت شكلها اتخضت وحضنتها وهي بتسأل: مالك فيكي اية ياحبيبتي؟ قالك اية وصلك للحالة دي؟
شادية فاقت وانتبهت ليها ورمت نفسها في حضنها وفضلت تبكي وتصرخ بوجع وهمست ليها وقالت: مش قادرة اتكلم، ارجوكي طلعيني اوضتي رجلي مش شيلاني يامرزوقة.
مرزوقة بشفقة على حالتها، ضمتها لحضنها اوي، وبعدين ساعدتها عشان تقوم وتقف تطلعها اوضتها، واول ما وقفت مقدرتش تقف ووقعت على الأرض ماسكة رجليها وبصت لمرزوقة بصدمه اكبر وبتقول: الحقيني يا مرزوقة رجلي مش حاسة بيهم خالص؟!
مرزوقة برعب قربت منها وحاولت تدلكهم، تضرب باديها يمكن تحس، وهي مفيش اي استجابه، عيطت مرزوقة وصرخت بأعلى طبقات صوتها على ياسر كذا مره، واول ما سمع ياسر من فوق صراخها ولع منها ومن طريقتها واستغرب ازاي تنادي عليه من غير حتى القاب، وخرج وهو ناوي انه هيبهدلها، واول ما لمحها كانت الاسرع منه وقالت: الحق شوشو بسرعة !!
اول ماسمع اسم امه نزل جري على درجات السلم بدون وعي يجري وسألها؛ مالها ماما انطقي؟
مرزوقة بعياط: مش حاسة برجليها خالص ومش قادرة تقف عليهم.
ياسر برعب وهو بيقرب منها على الارض، وببكا الاطفال في عينيه قال: مالك يا حبيبتي.. انا اسف والله اسف اني زعلتك، حاسه بأية؟
شادية بانهيار تمام بتصرخ بدون وعي: رجلي كأنهم مش موجودين، مش حاسه بيهم، انا اتشليت يا ياسر !! انا خلاص انتهيت !!
طلعني في اوضتي مش قادره اقوم.
ياسر فقد كل اعصابه وقال في انهيار اشد منها: متقوليش كده؟! بإذن الله هتبقي كويسة، حالة بس عارضة وهتخفي يا ماما، ارجوكي متعمليش فيا كده انا مش هقدر استحمل اشوفك بالضعف ده !!
ياسر شالها بين ايده، وطلع بيها وقال لمرزوقة تتصل بالمستشفى عشان الدكتور يجي، بس هي وقفت محتارة تتصل بأي دكتور، ولما شافها واقفه متحركتش زعق وقال: اخلصي وكلمي المستشفى بسرعة.
مرزوقة بتوتر وخوف منه: اتصل بأي دكتور؟ سليم ولا الدكتور بتاعها؟
للحظة من التفكير قال: اي حد المهم سلامه ماما دلوقتي يامرزوقة.
وصل لاوضتها وحطها بحنان على السرير، وظبط ليها المخده ورا ظهرها، وقبل جبنها وقال: سلامتك يا حبيبتي الف بعد الشر عليكي، انشالله انا.
شادية بسرعة ردت: بعد الشر عنك، انا افديك بعمري كله يا ياسر.
ياسر رمى نفسها في حضنها يستكن زي ما كان طول عمره بيعمل زمان، لما بيحس بعدم أمان، وفضل ساكت وهي طبطبت عليه كالعاده، وباسته من راسه والسكوت هو اللي سائد.
مرزوقة تحت فتحت الاجنده بادين بترتعش وقلب بيرتجف من الخوف عليها وطلعت الرقم، بتحاول تكلم المستشفى واول ما حد رد عليها طلبت تكلم دكتور سليم ضروري، رفضلوا في الاول لكن لما عرفوا انها من طرف مدام شادية اتحولت المكالمه، واول ماسمعت صوته قالت بلهفة وبكاء: دكتور سليم الحق مدام شادية ارجوك.
سليم وقف وقلبه وقع في رجله وسأل: مالها شادية اية اللي حصل؟
مرزوقة حكت له اللي حصل وهو بمجرد ما عرف، وقع من ايديه سماعة التليفون، وحس ان قلبه هيقف، لحظات مرت عليه كأنها دهر، فاق بسرعة واخد شنطته واستدعى دكتور مخ واعصاب وراح بسرعة لعندها، طول الطريق بيسابق الزمن لدرجة ان الدكتور اللي معاه كان خايف على نفسه من سرعته، وصل في زمن قياسي، واول ما رن جرس الباب، فتحتله مرزوقة بسرعة، وطلعت معاه لفوق، واول ما دخلوا اتفاجئوا بشكل ياسر وهو في حضنها زي البيبي، قلب سليم ولع من غيرته عليها، ومقدرش يصدق ان اللي يشوفه ميقولش راجل تقارب على الثلاثين من عمره، تنحنحت مرزوقة عشان يفوق، واول ما لمحه، الشرار طلع من عينه وافتكر انه هو السبب في كل حاجة وغيرته زادت، بس لجمها عشان يطمن عليها، امر سليم الجميع بالخروج بره عشان يكشف، بصله وبرق ياسر عينيه، لكن كانت نظره سليم اقوي وفيها اتهام واضح انه السبب في اللي وصلتله، مسكته مرزوقة وشدته عشان يخرج، واول ما خرج جري عليها سليم وضمها وسألها بحب، وخوف ولهفه: مالك يا روحي، اية اللي وصلك لكده؟ حصل اية بينكوا يخليكي تقعي ومتقوميش ياضي عيوني ؟
شادية استسلمت لمصدر قوتها وامانها وردت بقهره: رفض حبي ليك، انهار وخيرني بينك وبينه.
سليم بغضب: انسان اناني متملك، بس مش وقته دلوقتي، اطمن على رجلك وبعدين لينا كلام تاني.
ابتدى يكشف عليها هو ودكتور المخ والأعصاب، اللي كل محاولاته بتبدي بالفشل انها تحس برجليها، وعشان يفهم الحاله كويس ويقرر كان لابد من انها تروح المستشفى ضروري وتعمل اشعات كتير لمعرفة سبب الحالة، لما الوقت طال، دخل ياسر ومرزوقة واول ما شافه سليم كان هيتخانق معاه بس نظرة الترجي اللي شافها في عيون شادية وقفته، واتكلم دكتور الاعصاب وقال: المدام لازم تروح معانا المستشفى عشان تعمل اشعات نفهم هل الحالة دي سبب مرضي ولا نفسي.
ياسر ضيق عينه وكشر وسأله: يعني اية ممكن يكون عارض وماما تقف تاني على رجليها.
الدكتور: ممكن، وممكن يكون في مشكلة وتحتاج لتدخل جراحي، وعلاج طبيعي، كل شيء جايز، وعشان نحدد لازم نبدا نعرف السبب، تحب اتصل بسيارة الإسعاف ولا هتوديها في سيارتك الخاصة.
ياسر وهو باصص ليها بوجع وخوف، قال بتيه: لا يا دكتور انا هوصلها، هساعدها بس تغير هدومها، اتفضل حضرتك معايا.
خرجوا كلهم وعيون سليم مكنتش قادرة تسبها، لكنه نزل عشان يروح يجهز ليها غرفة في المستشفى، وينتظرها هناك، وطلب ياسر من مرزوقة تساعدها تغير هدومها،
جهزت شادية ونادت مرزوقة على ياسر، اللي كان قريب من بابها، ودخل بسرعة شالها ونزل بيها وركب العربيه وساق بسرعة للمستشفى وكل نبضة جواه بتدعي ربنا ان الموضوع يكون بسيط وترجع تنور بيتها من تاني، وصلت وكان في انتظارها سليم مستنيها، والممرضة جابت كرسي متحرك عشان تقعد عليه، شادية بصت عليه ومقدرتش تتحمل انها خلاص بقت عاجزه، بكت بشده وخبت وشها في حضن ياسر اللي كان بيتقطع حزن عليها همس ليها وقال: متزعليش يا حبيبتي مش هقعدك عليه، هشيلك على اديها ولو اخر نفس فيا.
وبالفعل شالها واتحرك ورا سليم اللي كان ماسك نفسه بالعافية بس شكله كان غني عن اي تعبير، حس للحظة دي اد اية هو غريب عنها... اد اية هو اللي اقرب ليها منه وله الحق انه يشلها ويقرب منها، لكن هو ممنوع حتى انه يقرب في وجوده، انه يبص حتى عليها ويشبع منها، مع ان الحقيقة غير كده، لو فتشوا جوه قلبها هيكون هو رقم واحد، بس للقدر نصيب اخر.
وصل لغرفة الاشعات، وخرج ياسر بس بعد ما قبل جبينها بحب، وانتظر بره هو ومرزوقة اللي كانت كل شوية بتفرك في ايدها بقلق وخوف عليها، مر الوقت وياسر هيموت من التوتر، طلع بره يشرب في سجاير واحده بعد التانيه وهو مش حاسس بنفسه، مرعوب من فكره انها تفضل كده، عارف انها مش هتقدر تتحمل، ونفسيتها هتتعب اوي، لكن للأسف مش قادر يعمل ليها حاجة، لمح خروج دكتور المخ والاعصاب جري عليه بسرعة ووقف جنب مرزوقة وسأله: طمني يادكتور ارجوك، اية الاخبار؟
الدكتور وهو بيبصله وبيضم نظارته الطبيه على عينه قال: احنا عملنا الاشعات اللازمه، وجودك هنا ملوش اي لازمه، هي هتفضل معانا وبكره لما تظهر نتيجة الاشعات هنحدد .
ياسر اول ما سمع انها هتبات قال بغضب: لأ مستحيل امي تبات بعيد عن بيتها.
الدكتور وهو حاطط ايده في البالطو قال بهدوء: الحالة مش مستقره، هتاخدها وتجبها تاني يوم، ليه يادوب ساعات الليل، نطمن عليها وبعدين نحدد المشكلة وازاي هنتعامل معاها، عن اذنك.
مشي وسابه وهو هيطق منه، ازاي يقدر يسبها في نفس المستشفى اللي هو فيها، دخل عندها بعد ما اتنقلت لغرفة عادية، لاقها قاعدة على سريرها الحزن عشش ملامحها، شعر انها زي ما تكون وردته انطفأ رونقها ودبلت قبل اوانها، غمض عينة بتأثر ووجع عشانها ، وقعد جنبها وقال: سلامتك يا ماما، شدي حيلك وقومي انا مقدرش استغني عنك ياحبيبتي.
شادية بحزن: ادعيلي، ربنا يشفيني.
مرزوقة وهي بتقرب منها قالت في محاوله منها انها تخفف عنها: سلامتك ياقمريا، هو انتي بتغذي العين عنك ولا اية ؟ في حد تعبان وقمر بالشكل ده، ولا انتي بتحلوي على جو المستشفيات بقى؟
ياسر وهو بيص لشادية وضمها لصدره، وعيونه كلها حب قال: انا ماما حلوة وقمر يامرزوقة في كل حالاتها، حتى وهي وجعه قلبي عليها.
شادية ابتسمت نص ابتسامه، وفضلت ساكته، وصل ريحة عطرة قبل ما يدخل، اسنتشقته واخدت نفس تملى بيه صدرها، وعينها اتعلقت على الباب اللي دخل منه سليم وقال بنبرة عمليه شديدة اللهجه، وامرهم كلهم بالخروج، رفض بشده ياسر واصر انه يبات معاها، لكنه رفض بشدة، وكان الاثنين واقفين قدام بعض بتحدي زي الديوك بتحارب بعض، وقفتهم شادية وطلبت من ياسر يروح ويجي بكره، لانه رفض بشده، فدخلت مرزوقة وقالت: انا هفضل معاها يا استاذ ياسر متقلقش عليها، وهاخد بالي منها، واول ما الصبح يشقشق تبقي تيجي تطمن عليها.
ياسر بغضب: مش هقدر اروح من غيرك يا ماما، زي ما جينا سوا هنخرج سوا متحوليش، هجهز اوضة جنبك.
سليم بصله بسخرية وقال: حضرتك دي مستشفى مش فندق، والسرير اللي عايز تاخده ده في مريض اولى منك محتاجة، لو سمحت اتفضل من غير مطرود عشان المريضة تستريح، وكفاية ضغط عليها، كتر الضغط هو اللي وصلها للحالة دي.
ياسر بغيظ قرب منه وبصله بنظرات شرار، كأنه عايز يحرقه بيها قال: والله الضغط ده عرفناه من يوم ما شوفنا حضرتك.
شادية بحده: ياسر من فضلك.
ياسر بضيق؛ بلا ياسر بلا زفت، ده خلاها خل، ومسخت.
مرزوقة وهي بتقرب منه وبتشده عشان يخرج، وهو مشي معاها عشان يبعد عن وشه، بصت في عيونه وقالت: مش وقته ولا مكانه الكلام ده، معلش استحمل وجوده لحد ما نطمن عليها، وربنا يتم شفاها على خير.
سكت لثواني وقالت بتردد خوف من رد فعله بس اتكلمت وقالت: لو كان دكتور سليم هو دواها، لازم تتقبله يا أستاذ ياسر، لو بتحبها تعالى على نفسك عشانها.
سمع كلامها وسكت، وسأل نفسه سؤال، هو هل فعلا ممكن سليم يكون دواها؟ وهل هو هيقدر يتقبل وجوده عشانها؟
ملقاش رد وسكت، وسابها وراح بيته، وطول الطريق ونفس السؤال بيتكرر في راسه، ونفسه يلاقي حل، واول ما دخل شعر ان البيت زي القبر، من غير روح، زي ما يكون روحه اللي بتخلي في بهجة في المكان اخدتها معاه، شعر بالخنقة في صدره، بمجرد بس دقايق وهي مش موجوده متحملش، امال هيعمل اية لو بعدت عنه وسابته واستقلت بحياتها، مقدرش يتخيل حياته هتبقى ازاي ؟! بمجرد دقايق ومش متحمل، اول ما شافته جريت عليه هنيه وسألته عليها وعرفت اللي حصلها ودعت ربنا يشفيها، امن على دعاها، وطلع فوق عشان يحاول يرتاح، لقى رجله بتوديه اوضة امه، دخل عشان يحس بنفسها وريحتها فيها، قرب على سريرها ومسك هدومها اللي كانت لبساهم، وضمها لحضنه وفضل يشم فيها وبيوسهم وقلبه بيدعي بكل نبضه انها تخف وترجعله من تاني تنور حياته وانه ميتحرمش منها ابدا، فضل يبكي زي العيل الصغير اللي تاه من امه ومش عارف يلاقيها، لحد ما خارت كل قواه واسترخى على سريرها.
حبت مرزوقة تسيب سليم مع شادية ومتدخلش غير لما يخرج، لان في الوقت ده شادية مش محتاجة حد غيره هو، قعدت على الكرسي بره تستناه يخرج.
جوة في الاوضة سليم قاعد جنبها، محاوطها بدراعة، وهي سانده راسها على كتفه بتبكي في صمت بعد ما حكت له كل اللي دار بينهم، قلبه كان بيغلي من ياسر لكنه مقدرش يعلق ولا يغلط فيه عشان ميزودش تعبها، وحب يكون هو البلسم اللي يطيب جراحها وميزودوش، اكتفى يضمها ويحسسها بالأمان اللي محرومه منه في الوقت الحالي، قبل جبنها وقال: مش كفاية بكا بقى، ولا هتفضلي تحرقي قلبي معاكي كده كتير؟
انتي مش عارفه ان كل دمعه بتنزل على خدك نار بتحرق قلبي، ولا قلبي مش فارق معاكي ناره يا شادية؟
رفعت عينها الحمرا من كتر البكا وقالت: اخس عليك ازاي تقول كده؟ ده انت الحاجة الوحيده في دنيتي اللي مخلياني لسه عايشة لحد دلوقتي... انت وجودك في الدنيا واسمك اللي شفايفي بتنطقه كل يوم قبل ما انام هي اللي مصبراني ومخلياني لسه عايشه، وقادرة تدي وتعطي حب لكل اللي حواليها... انت كل عمري وحياتي يا سليم... حبك مش بس في قلبي؛ لا ده بيجري في شرايين دمي... انا حبيتك حب مفيش عقل ولا قلب يقدر يتخيله ولا بتصوره.
سليم بيسمع كلامها والدنيا مش سايعاه من السعادة، عيونه بتلمع وقال بشوق: والكل الحب ده وضيفي عليه اضعاف قلبي بيحبك، وبيعشقك، ولازم نتحدى اي ظروف يا شادية وناخد نصيبنا من الدنيا، ونقف قدام اي عواقب ونعديها.
شادية اتحولت حالتها للحزن تاني وقالت بنبره يأس: صعب اقف قدامه يا سليم، مقدرش اهد الكيان اللي بنيت فيه وفنيت عليه شبابي، واكسره، ياسر مستحيل يوافق، وفي نفس الوقت انا مقدرش ابعد عنك، انا ما بينكوا مقسومه لنصين، كل واحد فيكي بيشدني ناحيته، اميل مره ناحيته، واميل الاف تجاهك، ومحدش حاسس بالنار جوايا، ولا قادر يفهم اني عايزاكوا انتوا الاثنين مع بعض، ليه دايما بتحط في موضع اختيار؟ ليه لازم اختار واحد بس بينكوا؟
كانت بتقول كل كلامها بانهيار وبكاء تام، اشفق سليم على حالتها وحاول يهديها وبإحتواء حبيب عاشق بصدق حد النخاع قال: اهدي يا روح قلبي، كل مشكلة وليها حل، وانا مش هيأس ابدا للفوز بيكي، زي ما عمري ضاع وانا بحلم تكوني ليا، وانا كنت فاكر انك لغيري ومفقدتش الأمل، هيخليني اتمسك بحبك وأقوى بعد ما عرفت ان مفيش راجل قلبك دقله غيري، صدقيني يا عمري اللي فات واللي جاي، بالحب كل حاجة هتتصلح وهنتجمع في بيت واحد، ونعيش اللي فاضل من عمرنا سوا، وياسر هيعرف اد اية انا بحبك وبخاف عليكي وهيتقبل مع الوقت، بس اهم حاجة دلوقتي اننا نطمن عليكي وعلى صحتك.
شادية بنظرة فيها ألم وعدم تصديق قالت: تفتكر ممكن يتقبل من غير ما يتوجع، انا مش هقدر ابني سعادتي على حزنه ووجعه، مستحيل هعرف افرح وقلبي بيقولي انه حزين وبيتوجع، مش هقدر، اقسم بالله ماهقدر.
سليم بتنهيده وبركان جواه بيجاهد يخفيه، ويلجم لسانه انه يقول كلام يزعلها، بس مش قادر يصدق ان في انسانه زيها بكمية الحب والعطاء ده، يخليها تضحي بسعادتها عشان ابن اخوها مترضاش له يتعذب، حبهم من نوع غريب، واحده بتحب وتتفانى لأبعد درجة وبتضحي، والتاني بياخد ويتملك الحب ده بدون ما يبذل اي تضحيات عشان الطرف التاني، عيونه وهي باصه عليها كانت بتقول كلام كتير، كان سهل جدا تقرأهم، واول حاجة وصلت ليها انها بتحصد تربيتها الغلط، حصدها كان انانيته وتملكه ليها، وللأسف جه وقت الحصاد، اللي كان مفاجأة ليها غير متوقعه، غمضت عيونها بآسى واتنهدت بحرقة، طبطب عليها سليم وقال: ضاقت إلا لما فرجت، سبيها على الله، وربنا قادر يحلها يا شادية، ودلوقتي احلى حاجة حصلت في الليلة دي انك هتكوني جنبي ومش هسيبك لحظة، وهنقضي وقت كتير مع بعض، ومش همشيكي من هنا، انا قتيلك ياشوشو.
شادية ابتسمت غصب عنها وقالت: والله انت فايق ورايق، يعني عجبك اقعد كده وانا متكسحه بالشكل ده مش قادرة اتحرك؟
سليم وهو بيغمز ليها بطرف عينه: وربنا حتى لو طرشه، وعامية كمان انا راضي بيكي في اي حالة كنتي فيها.
شادية بذهول: يانهاري عليك ياسليم طرشة وعامية ومتكسحه، هو ساعتها هيبقى فيا ايه يصلح؟
سليم يهيام وحب: هيبقى فيكي اغلى حاجة بتملكيها ياشادية، هيبقى فيكي قلبك الكبير اللي مليان حب ليا ولغريمي اللي بينافسني فيكي، جواكي حب سنين معرفتش تقلله او تخفيه، عرفتي فيكي اية؟
شادية وهي بتضم ايده وبتقبلها بحب قالت: انت اللي قلبك ملوش زي يا سليم، ربنا ميحرمنيش منك ياقلبي، ويباركلي فيك يارب.
سليم بص في عيونها وشاف كم الحب اللي دايما بتغمره بيه وقال بهمس: ربنا يقرب البعيد ويجمعنا ياحب عمري وسنيني.
حاولت شادية معاه انه يروح يرتاح لكنه رفض بشده وقالها انه هيبات في غرفة للدكاتره عشان اول ما نتيجة الاشعات تظهر يشوفها ويطمن عليها ويشوفها اول ما يفتح عنيها، وتحت اصرارها انه يروح يرتاح، سابها على عينه عشان هي كمان ترتاح، واول ما خرج؛ اتنهدت مرزوقة وقالت في نفسها اخيرا، ودخلت لشادية اللي لما شافتها سألتها: معقول مروحتيش؟! انا افتكرت مشيني مع ياسر؟
تعبتي نفسك برضو وهتباتي معايا؟
وإلى هنا تنتهي احداثنا عند هذا الحد لنتعرف بكره هيحصل ايه مع شادية وحالتها هتوصل لفين؟
وهل ياسر هيغير رأيه ولا هيفضل على موقفه؟
كل ده هنعرفه مع بعض لما تابعوا روايتي الجديدة المتواضعة
العسقلة_الماكرة
بقلمـ إيمان كمال ✍️
إيمووو
•تابع الفصل التالي "رواية العسقلة الماكرة" اضغط على اسم الرواية