رواية وقعت في دائرة الشر الفصل الثاني عشر 12 - بقلم هبة نبيل
“الظل يقترب”في قلب الزحام والضحك الذي ملأ ساحة الحي، توقفت سيارة قديمة على بُعد شارعين. بدا السائق كرجل عادي للغاية، يحتسي الشاي من كوب بلاستيكي رخيص. أما الراكب إلى جواره، فكان يرتدي جاكيت داكن ونظارة سوداء، ممسكًا بجهاز تابلت صغير يتنقل عبر صوره، التي أظهرت مشاهد من المسابقة والحضور المحيطين بها.الرجل: “شايفها؟ لابسة مريله بيضا، وشعرها مرفوع… ضحكتها لسه زي زمان، بس عينها خايفة.”السائق: “تحب نقرّب؟”الرجل (بهدوء غامض): “مش دلوقتي… خليهم يفرحوا شويةداخل ساحة المسابقة – منتصف النهاركانت أجواء الاحتفال في ذروتها، لجنة التحكيم بدأت بتذوق الأطباق، والناس يضحكون ويهتفون ويزغردون. أما سامي، فقد خطف الأنظار بطبق مميز أثار الفضول والضحك.سامي بمرح كالعاده: “اسم الطبق ده: الكفتة ع الزغروطه… مش هتفهموا ليه غير لما تدوقوا! هتلاقو بيزغرط كده وانتو بتأكلوهضحك صدر من أعضاء اللجنة، في حين رمقه حسام بنظرة حادة تكسوها سخرية خفيفة.حسام: “لو كسبت يا سامي، هاخد منك الخلاط بالشياكة.”سامي: “خده… بس بشرط: تتصور سيلفي معايا وإنت بتخسر!”ضحكت فرح بصدق، والدموع تلمع في عينيها من الفرح. لكن فجأة، ارتبكت ملامحها حين لاحظت رجلاً غريبًا يعبر بين الحشود، يرتدي جاكيت غامقًا ونظارة سوداء. توقف لثوانٍ محدقًا نحوها، ثم اختفى وسط الزحام.بهتت ضحكتها شيئًا فشيئًا، وصار وجهها مشدودًا بالقلق.حسام عندما لاحظ وجهها ذهب لها مسرعا : “إيه؟ مالك يا فرح؟”فرح (بهمس قلق): “حسام… في حد بيراقبني. شوفت واحد لبس الجاكت بني غامق ونضاره سودا… كان واقف هنا وبصلي وبعدين اختفى.”استدار حسام بسرعة، لكن لم يُشاهد أحدًا.سامي (بنبرة هزلية جادة): “عاوزينكِ تركّزي في السلطة، مش في الأشباح يا شيف فرح… خلّي الخوف عليا، دا أنا أول واحد لو حد قرب هاقطع الكفتة على راسه!”ضحكت فرح، لكنها كانت ضحكة باهتة، كأن قلبها يهمس لها أن الخطر قادم… قادم و بقوة.في مكان آخر – غرفة مجهولةكان الرجل الغامض جالسًا في عزلة، يشاهد مرة أخرى مقطعًا قصيرًا يُظهر فرح وهي تضحك وسط أجواء المسابقة.الرجل (بصوت داخلي بارد) وكان امامه يقف احدي الرجال: “الضحك ده مش هيكمل… وأنا اللي هطفّيه. واللعب هيبدأ صدقيني يا فرح مش هتتهني على لحظة هادية من دلوقتي
فتح درجًا خشبيًا بجانبه، وأخرج منه ظرفًا أسود قديمًا يحمل ختمًا مكسورًا. أخرج من داخله صورة باهتة لفرح وبطاقة ممزقة الأطراف مكتوب عليها:“ملف ٧١٧ – العودة للمنبع.”في تلك الغرفة المظلمة، لم تكن الصورة وحدها هي التي تحكي أسرارًا، بل أنين المروحة العتيقة التي تهدر فوق رأس الرجل الغامض وكأنها تئن من ثقل الذكريات. مدّ يده إلى جهاز تسجيل صوتي، وضغط على زر التشغيل.صوت رجالي خشن مسجَّل منذ فترة ليست قصيرة“لو حصلي حاجة… ماتسكتش. البنت دي… هي المفتاح، بس لازم تنسى. لازم تنسى مؤقت. الملفات في الشنطة، والشنطة معاها.”ضغط الرجل زر الإيقاف، ثم قال بجمود:الرجل: “نسيتي؟ كويس… بس الوقت فات، ومفتاح اللغز ابتدا…. قالها ثم بدأ يتفقد القفلجهة اخري…في منزل حسام – بعد انتهاء اول يوم من المسابقهعاد الجميع في حالة فرح عمّتها روح الأمل وكأن القدر أراد أن يعطيها لحظة أمان قبل العاصفة.سامي (وهو يوزّع العصير): “أهو العصير بالنعناع للبطلة… بس ما تنسيش، انتي الهمزة اللي فوق الألف في الكفتة!”فرح (تضحك): “وأنت الفاصل المضحك في وسط كل اللي بيحصل دهحسام (يبتسم وهو ينظر لفرح): “بصراحة… كنتِ خُرافية. بس عايز أسألك سؤال…”فرح (تلقائيًا): “خير؟”حسام (يقترب بنظرات جادة): “الشخص اللي شوفتيه… شبه حد من زمان؟ حد من قبل الحادثه؟”سكتت فرح، وكأن عقارب الزمن دارت داخل رأسها فجأة. أغمضت عينيها للحظة، وإذا بصورة قديمة تومض في ذاكرتها: رجل يرتدي نفس الجاكيت الداكن، يحملها وكأد ان يلقيها في النار… فتحت عيونها وجسدها بالكامل يرتجف بعد تذكر هذه الواقعهفرح (بهمس): “أنا… شفته قبل كده، بس فين ؟ مش فاكرة… بس قلبي واجعني لما شفته.
حسام (بجدية): “يبقى مفيش هزار. من بكرة نبدأ نحقق، نفتح كل الملفات، سواء فاكرينها أو لا بس انتي اتنفضتي كده ليه فجاة افتكرتي ايه بظبطفرح: شوفت صورة اتكونت في دماغي لنفس الراجل ده وهو شايلني وعايز يرميني في نارحسام: ممكن تكون خيالات من الخوف متقلقيش محدش يقدر يقربلكفي تلك الليلة…كان حسام قد خرج وذهب إلى صديقه القديم في الأرشيف القضائي “مصطفي ذلك الرجل الذي لا يثق بأحد إلا نادرًا.مصطفي (وهو يتناول القهوة): “ملف ٧١٧؟ دا محروق من سنين. بس لو حد خبّى نسخة… فهي هتكون في المخزن السري تحت النيابة. بس صعب توصله.”حسام: “أنا مش طالب غير بداية الخيط… البنت دي في خطر، وكل الطرق بتودّي للملف ده.”مصطفي (بتردد): “لو عرفت توصله، استعد… لأن اللي فتح الملف ده قبل كده مات بس انت اي اللي دخلك في السكه دي؟ ومين البنت دي؟قص حسام عليه ما حدث من بداية لقائه بفرح حتي ماهما عليه الانفي نفس اللحظة – داخل غرفة يارا التي اصبحت فرح تسكنها ايضااستيقظت يارا على صوت رنين الهاتف الأرضي، نادرًا ما يرن، لكن هذه المرة… جاء الصوت من طرف آخر مألوف، أو ربما منسي.الصوت: “وحشتيني يا فرح… عرفت إنك كسبتي؟ أنا شفتك… من قريب أوي.”يارا (مرتجفة): “إنت مين؟ عايز إيه؟”الصوت برتباك عندما لاحظ تغير الصوت: “مش مهم أنا مين… انتي يارا مش كده؟؟يارا بقلق: ايوه انا… انت تعرفني منين؟الصوت: انا اعرفكم كلكم المهم عرفي فرح ان حتي وانا بعيد هفضل جمبها خليها تحاول تفتكر لانها في خطر حقيقي لازم تفتكر يا يارا في اسرع وقت وعشان اساعدك افتحي الجيب اللي جوه الشنطه اللي معاها سلام…اغلق الخط قبل ان تنبس يارا بأي كلمةأغلقت يارا الهاتف بفزع، وركضت نحو الشنطة وبدات تتفقدها وبألاخص الجيب الذي ذكروا لها الشخص المجهول لتجد داخله…ميدالية معدنية صغيرة، محفور عليها: “م ٧١٧”
يارا (بصوت مرتجف): “هو ده… ده اللي كانوا بيدوروا عليه.”في تلك اللحظة كانت فرح داخل الغرفه تقف أمام المرآة، نظرت إلى وجهها المرتبك، وقالت لنفسها:فرح (بهمس): أنا كنت فين؟… وكنت مين؟” ليه بيحصل معايا كل ده(وفي الخلفية تتردد صدي اغنيه سألت نفسي كتير لأحمد سعد)صباح يوم جديد…في قلب الحي كانت الزينة مازالت معلّقة بين العمارات، وأعلام صغيرة ترفرف فوق رؤوس الجميع والمكبرات تصدح بأغاني تحفّزيه الحماس.و الفرحة كانت طاغية، والوجوه مبتسمة، لكن وسط البهجة… كان هناك من يراقب في صمت.يارا بحزم: “يا سامي، ما تبطل تهريج بقى، دي مش فقرة تمثيل، دي مسابقة رسمية!”سامي: “يا ستّي خلي عندك روح رياضيه الله إحنا لازم نكسب بخفة دمّنا. وبعدين… أنا عامل طبقي مخصوص عشان يضحكهم ويُبكيكم في نفس الوقت.”زينة من سكان الحي بضحك: “طب وأنت ناوي تسميه إيه؟”سامي: ماقولت امبارح هو مسلسلزينه: الله مانا مكنتش هنا امبارح اساسا ماتقول يا رخم هتنقص حته يعنيضحك الكل، حتى فرح، لكن ضحكتها انقطعت فجأة عندما رات نفس الشخص مجددا وهو ينظر لها بشكل مريب.حسام: فرح انتي كويسه؟فرح (بهمس): “هو نفس الراجل اللي شُفتُه امبارححسام: فين؟فرح: “كان واقف هناك… بصلي كذا مرة بطريقه تخوف وفجأة اختفى.”حسام (وهو يلتف بسرعة): “مفيش حد يا فرح. يمكن بيتهيألك.”فرح: “يا حسام أنا مش مجنونة. في حد بيراقبني… ونظراته مخيفة.”
سامي دخل في الحوار بنبرة خفيفة،سامي: “بصي بقى… أي حد يقرب، أنا هضربه بالكفتة نيّه. متخافيش، عندي استعداد أستشهد علشان السلطة اللي حضرتك هتعمليها.”الجميع ضحك، حتى فرح، لكن قلبها كان بيقرع طبول خطر قادم.كانت لجنة التحكيم قد جلست، وبدأ المذيع يُعلن عبر الميكروفون:المذيع: “يلا يا أهالينا الطيبين! ابتدت اليوم ثاني أيام مسابقة الطهاة الشعبية… ولسه التصفيات قدّامنا، فشدوا الحيل، وكل طبخة ليها فرصة تغيّر مصير!”صفّق الجمهور بحماس، والكل بدأ يتحرك، بينما فرح، رغم ابتسامتها، كانت تشعر أن الخطر صار أقرب من أي وقت مضى.بدأت أسماء المشتركين تتنادى واحدًا تلو الآخر، والأصوات تعلو بالتصفيق والزغاريد. حسام كان واقف جنب فرح، إيده ثابتة على كتفها، صوته واطي لكن مطمئن.حسام (بهدوء): “متقلقيش… أنا جنبك. ولو حد قرّب، هيتصدم من رد فعلي.”فرح (بصوت متوتر): “أنا مش خايفة على نفسي… خايفة من اللي جاي، من اللي ممكن ييجي ويخطف كل حاجة فجأة.”يارا (بحماس): “ولا هيخطف ولا حاجة! دي أول خطوة لنجاحنا، فاكرة؟ إنتِ اللي قولتيلي كده.” فا ركزيفرح ابتسمت بخفوت، لكن قلبها مازال يحمل غصه غير مريحه. بدأ الجو يتغيّر، كأن فيه نسمة هوا باردة مرّت وسط الحر، ووشوش الناس بدأت تبطأ، والضحك يتراجع.فجأة، لمحت فرح شخص واقف عند آخر الساحة، بين الزحام… كان يتلصص ولكنه ليس نفس الراجل الذي راته كان هذه المرة… يرفع إيده وفتح كفّه، كأنه يراها شئركّزت… كانت بطاقة!بطاقة شبه التي كانت في حقيبتها يوم الحادث…عينيها اتسعت، ودقات قلبها ازادت، لكن قبل ان تتحرّك خطوة، كان الزحام ابتلعت الراجل اختفى في العدمفرح (ذهبت مسرعا إلي حسام لتقول له بصوت خافت): “حسام… أنا… شُفت حاجه غريبهحسام (بقلق): شوفتي ايه؟فرح (بتهمس): ” شوفت راجل تاني خالص غير اللي قولتلك عليه وكان ماسك بطاقة… نفس البطاقة اللي كانت معايا يوم الحادثه… ده مش تهديد… ده تذكير.”لكنها لا تعرف… إن في تلك اللحظة في شقة مهجورة فوق الساحة، كان شخص اخر يراقب من نافذه محطمه جزئيا يمسك بيده صورة قديمة، مكتوب عليها من الخلف:
“هي السبب… وهي كمان الحل.”ثم رفع الهاتف، واتصل برقم غريب.الصوت الغامض في الهاتف: “ابتدوا المواجهاتالرجل: “آه… وابتدت اللعبة كمان.”الصوت: “أوعى تغلط… المرة دي لازم نوصل للآخر.”الرجل: “متقلقش… هي هتفتكر كل حاجة… بس بعد فوات الأوان.”قطع الاتصال، ونزلت الكاميرا على الصورة القديمة في إيده… صورة لفرح وهي بين احضان راجل غير واضح المعالم…
“الظل يقترب”
في قلب الزحام والضحك الذي ملأ ساحة الحي، توقفت سيارة قديمة على بُعد شارعين. بدا السائق كرجل عادي للغاية، يحتسي الشاي من كوب بلاستيكي رخيص. أما الراكب إلى جواره، فكان يرتدي جاكيت داكن ونظارة سوداء، ممسكًا بجهاز تابلت صغير يتنقل عبر صوره، التي أظهرت مشاهد من المسابقة والحضور المحيطين بها.
الرجل: “شايفها؟ لابسة مريله بيضا، وشعرها مرفوع… ضحكتها لسه زي زمان، بس عينها خايفة.”
السائق: “تحب نقرّب؟”
الرجل (بهدوء غامض): “مش دلوقتي… خليهم يفرحوا شوية
داخل ساحة المسابقة – منتصف النهار
كانت أجواء الاحتفال في ذروتها، لجنة التحكيم بدأت بتذوق الأطباق، والناس يضحكون ويهتفون ويزغردون. أما سامي، فقد خطف الأنظار بطبق مميز أثار الفضول والضحك.
سامي بمرح كالعاده: “اسم الطبق ده: الكفتة ع الزغروطه… مش هتفهموا ليه غير لما تدوقوا! هتلاقو بيزغرط كده وانتو بتأكلوه
ضحك صدر من أعضاء اللجنة، في حين رمقه حسام بنظرة حادة تكسوها سخرية خفيفة.
حسام: “لو كسبت يا سامي، هاخد منك الخلاط بالشياكة.”
سامي: “خده… بس بشرط: تتصور سيلفي معايا وإنت بتخسر!”
ضحكت فرح بصدق، والدموع تلمع في عينيها من الفرح. لكن فجأة، ارتبكت ملامحها حين لاحظت رجلاً غريبًا يعبر بين الحشود، يرتدي جاكيت غامقًا ونظارة سوداء. توقف لثوانٍ محدقًا نحوها، ثم اختفى وسط الزحام.
بهتت ضحكتها شيئًا فشيئًا، وصار وجهها مشدودًا بالقلق.
حسام عندما لاحظ وجهها ذهب لها مسرعا : “إيه؟ مالك يا فرح؟”
فرح (بهمس قلق): “حسام… في حد بيراقبني. شوفت واحد لبس الجاكت بني غامق ونضاره سودا… كان واقف هنا وبصلي وبعدين اختفى.”
استدار حسام بسرعة، لكن لم يُشاهد أحدًا.
سامي (بنبرة هزلية جادة): “عاوزينكِ تركّزي في السلطة، مش في الأشباح يا شيف فرح… خلّي الخوف عليا، دا أنا أول واحد لو حد قرب هاقطع الكفتة على راسه!”
ضحكت فرح، لكنها كانت ضحكة باهتة، كأن قلبها يهمس لها أن الخطر قادم… قادم و بقوة.
في مكان آخر – غرفة مجهولة
كان الرجل الغامض جالسًا في عزلة، يشاهد مرة أخرى مقطعًا قصيرًا يُظهر فرح وهي تضحك وسط أجواء المسابقة.
الرجل (بصوت داخلي بارد) وكان امامه يقف احدي الرجال: “الضحك ده مش هيكمل… وأنا اللي هطفّيه. واللعب هيبدأ صدقيني يا فرح مش هتتهني على لحظة هادية من دلوقتي
فتح درجًا خشبيًا بجانبه، وأخرج منه ظرفًا أسود قديمًا يحمل ختمًا مكسورًا. أخرج من داخله صورة باهتة لفرح وبطاقة ممزقة الأطراف مكتوب عليها:
“ملف ٧١٧ – العودة للمنبع.”
في تلك الغرفة المظلمة، لم تكن الصورة وحدها هي التي تحكي أسرارًا، بل أنين المروحة العتيقة التي تهدر فوق رأس الرجل الغامض وكأنها تئن من ثقل الذكريات. مدّ يده إلى جهاز تسجيل صوتي، وضغط على زر التشغيل.
صوت رجالي خشن مسجَّل منذ فترة ليست قصيرة
“لو حصلي حاجة… ماتسكتش. البنت دي… هي المفتاح، بس لازم تنسى. لازم تنسى مؤقت. الملفات في الشنطة، والشنطة معاها.”
ضغط الرجل زر الإيقاف، ثم قال بجمود:
الرجل: “نسيتي؟ كويس… بس الوقت فات، ومفتاح اللغز ابتدا…. قالها ثم بدأ يتفقد القفل
جهة اخري…
في منزل حسام – بعد انتهاء اول يوم من المسابقه
عاد الجميع في حالة فرح عمّتها روح الأمل وكأن القدر أراد أن يعطيها لحظة أمان قبل العاصفة.
سامي (وهو يوزّع العصير): “أهو العصير بالنعناع للبطلة… بس ما تنسيش، انتي الهمزة اللي فوق الألف في الكفتة!”
فرح (تضحك): “وأنت الفاصل المضحك في وسط كل اللي بيحصل ده
حسام (يبتسم وهو ينظر لفرح): “بصراحة… كنتِ خُرافية. بس عايز أسألك سؤال…”
فرح (تلقائيًا): “خير؟”
حسام (يقترب بنظرات جادة): “الشخص اللي شوفتيه… شبه حد من زمان؟ حد من قبل الحادثه؟”
سكتت فرح، وكأن عقارب الزمن دارت داخل رأسها فجأة. أغمضت عينيها للحظة، وإذا بصورة قديمة تومض في ذاكرتها: رجل يرتدي نفس الجاكيت الداكن، يحملها وكأد ان يلقيها في النار… فتحت عيونها وجسدها بالكامل يرتجف بعد تذكر هذه الواقعه
فرح (بهمس): “أنا… شفته قبل كده، بس فين ؟ مش فاكرة… بس قلبي واجعني لما شفته.
حسام (بجدية): “يبقى مفيش هزار. من بكرة نبدأ نحقق، نفتح كل الملفات، سواء فاكرينها أو لا بس انتي اتنفضتي كده ليه فجاة افتكرتي ايه بظبط
فرح: شوفت صورة اتكونت في دماغي لنفس الراجل ده وهو شايلني وعايز يرميني في نار
حسام: ممكن تكون خيالات من الخوف متقلقيش محدش يقدر يقربلك
في تلك الليلة…كان حسام قد خرج وذهب إلى صديقه القديم في الأرشيف القضائي “مصطفي ذلك الرجل الذي لا يثق بأحد إلا نادرًا.
مصطفي (وهو يتناول القهوة): “ملف ٧١٧؟ دا محروق من سنين. بس لو حد خبّى نسخة… فهي هتكون في المخزن السري تحت النيابة. بس صعب توصله.”
حسام: “أنا مش طالب غير بداية الخيط… البنت دي في خطر، وكل الطرق بتودّي للملف ده.”
مصطفي (بتردد): “لو عرفت توصله، استعد… لأن اللي فتح الملف ده قبل كده مات بس انت اي اللي دخلك في السكه دي؟ ومين البنت دي؟
قص حسام عليه ما حدث من بداية لقائه بفرح حتي ماهما عليه الان
في نفس اللحظة – داخل غرفة يارا التي اصبحت فرح تسكنها ايضا
استيقظت يارا على صوت رنين الهاتف الأرضي، نادرًا ما يرن، لكن هذه المرة… جاء الصوت من طرف آخر مألوف، أو ربما منسي.
الصوت: “وحشتيني يا فرح… عرفت إنك كسبتي؟ أنا شفتك… من قريب أوي.”
يارا (مرتجفة): “إنت مين؟ عايز إيه؟”
الصوت برتباك عندما لاحظ تغير الصوت: “مش مهم أنا مين… انتي يارا مش كده؟؟
يارا بقلق: ايوه انا… انت تعرفني منين؟
الصوت: انا اعرفكم كلكم المهم عرفي فرح ان حتي وانا بعيد هفضل جمبها خليها تحاول تفتكر لانها في خطر حقيقي لازم تفتكر يا يارا في اسرع وقت وعشان اساعدك افتحي الجيب اللي جوه الشنطه اللي معاها سلام…
اغلق الخط قبل ان تنبس يارا بأي كلمة
أغلقت يارا الهاتف بفزع، وركضت نحو الشنطة وبدات تتفقدها وبألاخص الجيب الذي ذكروا لها الشخص المجهول لتجد داخله…
ميدالية معدنية صغيرة، محفور عليها: “م ٧١٧”
يارا (بصوت مرتجف): “هو ده… ده اللي كانوا بيدوروا عليه.”
في تلك اللحظة كانت فرح داخل الغرفه تقف أمام المرآة، نظرت إلى وجهها المرتبك، وقالت لنفسها:
فرح (بهمس): أنا كنت فين؟… وكنت مين؟” ليه بيحصل معايا كل ده
(وفي الخلفية تتردد صدي اغنيه سألت نفسي كتير لأحمد سعد)
صباح يوم جديد…
في قلب الحي كانت الزينة مازالت معلّقة بين العمارات، وأعلام صغيرة ترفرف فوق رؤوس الجميع والمكبرات تصدح بأغاني تحفّزيه الحماس.و الفرحة كانت طاغية، والوجوه مبتسمة، لكن وسط البهجة… كان هناك من يراقب في صمت.
يارا بحزم: “يا سامي، ما تبطل تهريج بقى، دي مش فقرة تمثيل، دي مسابقة رسمية!”
سامي: “يا ستّي خلي عندك روح رياضيه الله إحنا لازم نكسب بخفة دمّنا. وبعدين… أنا عامل طبقي مخصوص عشان يضحكهم ويُبكيكم في نفس الوقت.”
زينة من سكان الحي بضحك: “طب وأنت ناوي تسميه إيه؟”
سامي: ماقولت امبارح هو مسلسل
زينه: الله مانا مكنتش هنا امبارح اساسا ماتقول يا رخم هتنقص حته يعني
ضحك الكل، حتى فرح، لكن ضحكتها انقطعت فجأة عندما رات نفس الشخص مجددا وهو ينظر لها بشكل مريب.
حسام: فرح انتي كويسه؟
فرح (بهمس): “هو نفس الراجل اللي شُفتُه امبارح
حسام: فين؟
فرح: “كان واقف هناك… بصلي كذا مرة بطريقه تخوف وفجأة اختفى.”
حسام (وهو يلتف بسرعة): “مفيش حد يا فرح. يمكن بيتهيألك.”
فرح: “يا حسام أنا مش مجنونة. في حد بيراقبني… ونظراته مخيفة.”
سامي دخل في الحوار بنبرة خفيفة،
سامي: “بصي بقى… أي حد يقرب، أنا هضربه بالكفتة نيّه. متخافيش، عندي استعداد أستشهد علشان السلطة اللي حضرتك هتعمليها.”
الجميع ضحك، حتى فرح، لكن قلبها كان بيقرع طبول خطر قادم.
كانت لجنة التحكيم قد جلست، وبدأ المذيع يُعلن عبر الميكروفون:
المذيع: “يلا يا أهالينا الطيبين! ابتدت اليوم ثاني أيام مسابقة الطهاة الشعبية… ولسه التصفيات قدّامنا، فشدوا الحيل، وكل طبخة ليها فرصة تغيّر مصير!”
صفّق الجمهور بحماس، والكل بدأ يتحرك، بينما فرح، رغم ابتسامتها، كانت تشعر أن الخطر صار أقرب من أي وقت مضى.
بدأت أسماء المشتركين تتنادى واحدًا تلو الآخر، والأصوات تعلو بالتصفيق والزغاريد. حسام كان واقف جنب فرح، إيده ثابتة على كتفها، صوته واطي لكن مطمئن.
حسام (بهدوء): “متقلقيش… أنا جنبك. ولو حد قرّب، هيتصدم من رد فعلي.”
فرح (بصوت متوتر): “أنا مش خايفة على نفسي… خايفة من اللي جاي، من اللي ممكن ييجي ويخطف كل حاجة فجأة.”
يارا (بحماس): “ولا هيخطف ولا حاجة! دي أول خطوة لنجاحنا، فاكرة؟ إنتِ اللي قولتيلي كده.” فا ركزي
فرح ابتسمت بخفوت، لكن قلبها مازال يحمل غصه غير مريحه. بدأ الجو يتغيّر، كأن فيه نسمة هوا باردة مرّت وسط الحر، ووشوش الناس بدأت تبطأ، والضحك يتراجع.
فجأة، لمحت فرح شخص واقف عند آخر الساحة، بين الزحام… كان يتلصص ولكنه ليس نفس الراجل الذي راته كان هذه المرة… يرفع إيده وفتح كفّه، كأنه يراها شئ
ركّزت… كانت بطاقة!
بطاقة شبه التي كانت في حقيبتها يوم الحادث…
عينيها اتسعت، ودقات قلبها ازادت، لكن قبل ان تتحرّك خطوة، كان الزحام ابتلعت الراجل اختفى في العدم
فرح (ذهبت مسرعا إلي حسام لتقول له بصوت خافت): “حسام… أنا… شُفت حاجه غريبه
حسام (بقلق): شوفتي ايه؟
فرح (بتهمس): ” شوفت راجل تاني خالص غير اللي قولتلك عليه وكان ماسك بطاقة… نفس البطاقة اللي كانت معايا يوم الحادثه… ده مش تهديد… ده تذكير.”
لكنها لا تعرف… إن في تلك اللحظة في شقة مهجورة فوق الساحة، كان شخص اخر يراقب من نافذه محطمه جزئيا يمسك بيده صورة قديمة، مكتوب عليها من الخلف:
“هي السبب… وهي كمان الحل.”
ثم رفع الهاتف، واتصل برقم غريب.
الصوت الغامض في الهاتف: “ابتدوا المواجهات
الرجل: “آه… وابتدت اللعبة كمان.”
الصوت: “أوعى تغلط… المرة دي لازم نوصل للآخر.”
الرجل: “متقلقش… هي هتفتكر كل حاجة… بس بعد فوات الأوان.”
قطع الاتصال، ونزلت الكاميرا على الصورة القديمة في إيده… صورة لفرح وهي بين احضان راجل غير واضح المعالم…
•تابع الفصل التالي "رواية وقعت في دائرة الشر" اضغط على اسم الرواية