Ads by Google X

رواية مشاعر موقدة الفصل الحادي عشر 11 - بقلم فاطيما يوسف

الصفحة الرئيسية
الحجم

  

 رواية مشاعر موقدة الفصل الحادي عشر 11 - بقلم فاطيما يوسف

بلاش وشك يحمر كده يا حبيبتي كلنا عملنا كده مع حمواتنا ودي عادات وتقاليد عيلتنا وانت لازم تمشي عليها.
الى هنا صمت الكلام على لسانها والصدمة ألجمت فمها ولم تعرف بما ستفعل هل ستنصاع لأمرهم وتُذل من أول يوم لقدومها ذاك المنزل أم ماذا ؟
أما “هاشم” كان ينظر إلى الموقف بعيناي متسعة ووالدته ترد لهم النظرات بتحدي واشتعلت الأجواء فنظرت إليه حنين تستنجد به أن ينقذها من ذاك الموقف البشع من وجهة نظرها بشدة لينطق متسائلاً باستنكار لما يحدث :
ــ هو في ايه يا ماما ، وايه اللي بيحصل ده ، وبناتك واقفين في وقت زي ده في شقتي بيعملوا ايه وايه اللي هم بيطلبوه ده أصلاً ؟!


فضي الحوار اللي ما لهوش 30 لازمة حالاً علشان مش عايز مشاكل من أولها .
كانت إحدى شقيقتيه ستتحدث وترد بدلاً عن والدتها إلا أنها منعتهم لتنظر إلى ابنها بتحدي وهي تعيد على مسامعه ما قالته ابنتها بتأكيد أذهلهم :
ــ لا يا عين امك الحوارات دي انت ما لكش فيها نسوان اخواتك اللي تحت عملوا معايا كده وهي مش اقل منهم في حاجه وانت عارف هم مين و ولاد مين بالظبط ودي عوايدنا وتقاليدنا العروسه عندنا لازم تعدي من تحت ايدين حماتها وتطلب منها الرضا وانت ما تتدخلش في الحوار ده خالص طلع نفسك منه لأن العادات والتقاليد بتاعتنا ما بنخالفهاش ابدا .
خلل أصابعه بين خصلات شعره الفحمي وهو ينظر إلى والدته بذهول لينفخ بضيق وكاد أن يتحدث إلا أن “حنين” نطقت تلك المرة برفض قاطع لتلك المهزلة وذاك الهوان الذي يريدون أن يضعوها فيه من أول ليلة لها في هذا المنزل وهي لم ترضى بالذل أبداً :
ــ العوايد والتقاليد اللي إنتم بتتكلموا عنها دي يا حماتي انتهت من زمان احنا دلوقتي الزمن اتقدم وما اعتقدش إن حد بيصدق في الخرافات دي وانا عمري ما اعمل اللي انتم عايزيني أعمله ده يستحيل أذل نفسي لأي مخلوق على وجه الارض أياًّ كان مين وأياًّ كانت العواقب .
اشتعلت الأجواء بينهم من كلام تلك العروس التي ترفع رأسها في السماء أمامهم وترفض ما قالوه بعزة لتنطق شقيقه “هاشم” وهي تنظر إليها بغل وهي تضع يدها في خصرها وتهز جسدها بغيظ شديد:
ــ يبقى انتِ كده يا حبيبتي مش هتعمري في البيت ده طالما داخلة لنا بكبر وبتكلمينا من طراطيف مناخيرك إحنا عندنا هنا أمي الكل في الكل وكلامها يمشي على الكبير قبل الصغير وعلى الراجل قبل الست وإن ما كنتيش تاخدي رضا حماتك قبل ما تعتبيها يبقى مش هتعتبيها وتروحي على بيت أبوكي بفستان فرحك وتجيبي لنفسك ولأهلك الفضايح والعار لما يلاقوكي راجعة لهم ليلة فرحك بالفستان واقعدي خللي جنبهم بقى طول العمر .
انفعلت “حنين” بشدة من ثرثرة تلك المرأة وكلامها العنيف وتحكمها بها لتهبط دموعها بغزارة على وجنتيها وهي تنظر إلى “هاشم” تستنجد به مرة أخرى أن يفض ذاك النزاع ويبعدهم عنها ويكتم أفواههم عن ما قالوه ، ليقحمهم بالرد القوي وهو يحتضن زوجته برعاية وتملك بإحدى يديه وبالبيد الأخرى يشير إلى شقيقتيه آمراً إياهم أمراً لاذعاً لايقبل النقاش مما أذهلهم :
ــ انتِ مين انتِ وهي علشان تتحكموا فيها وانا واقف وتقرروا مصيري ومصيرها وكأني قرطاس لب واقف قدامكم ؟!
طب لو سمحتي منك ليها اتفضلوا من غير مطرود من شقتي ومش عايز أشوف واحدة فيكم تعتب عتبتها تاني لو هتعملوا لي مشاكل من أولها ،
واعملوا حسابكم إن أنا مش زي أي حد ومش هرضي إن حد يذل مراتي ولا يجي عليها ولا يأمرها تعمل حاجة هي مش عايزاها وانتوا الاتنين طلعوا نفسكم برة حياتي نهائي روحوا شوفوا حياتكم وحالكم واعملوا القرف اللي إنتم بتقولوا عليه ده في بيوتكم أما انا محدش يحكم عليا في بيتي مهما كان،
ويلا من غير مطرود تاني مرة .
هنا نطقت والدته بتعجب مغلف بالاستنكار بعدما تشعب الغضب برأسها وتتطاير الشر من عينيها :
ــ انت اتجننت !
انت بتطرد إخواتك البنات من شقتك من أول ساعة البت دي دخلت فيها بيتنا ؟!
ازاي تتعداني ، تتعدى أمك يا هاشم وتعمل كدة !
إنت كده بتستدعي غضبي عليك وانت عارف كويس لو غضبت منك مش بصفى بسهولة ؟!
قبل أن يتحدث “هاشم” ويجيب والدته هتفت “حنين” باستنكار لطريقتها فهي لن ترضى بالذل أبداً:
ــ لو سمحتي يا حماتي أنا جاية البيت ده علشان جوزي مش متجوزة أمه ولا إخواته ،
انا اشيلكم على راسي من فوق لو هتعاملوني باحترام ، تاني حاجة انا لما تيجي تتكلمي عني تقولي حنين مش بت انا متعلمة تعليم عالي وخارجة من بيت ناس ولاد أصول وما ينفعش أتعامل بالطريقة دي من أول ساعة ليا في البيت ده ،
ثم أكملت وهي ترفع فستان زفافها بكلتا يديها وتعطيهم ظهرها منتوية المغادرة مما أذهل “هاشم” وجعله تمسك بها :
ــ وإذا كان على كلام بنتك اني مش هعتبها وهرجع بيت ابويا ما عنديش مشكلة خالص على الأقل بيت ابويا بيت العز اللي عمري ما اتهانت فيه طول عمرهم بيعاملوني على إني ملكة متوجه وزي ما بيعاملوا مرات اخويا اللي دخلت بيتنا ورحبنا بيها ومعملناش معاها زي ما انتم عايزيني أعمل كدة يبقي همشي وحتى لو هقعد من غير جواز طول العمر بس هقعد بكرامتي في بيت ابويا البيت اللي عشت فيه معززة مكرمة طول حياتي اللي فاتت .
كادت أن تسير لتتخطاه ولكن يده حالت دون ذلك فقبض على ذراعها بقوة يوقفها ناهراً إياها بسيل من الغيظ تدفق بين حروفه :
ــ انتِ رايحة فين يا بنتي إنتي !
ايه الكلام اللي انتِ بتقوليه ده ؟!
اثبتي مكانك لو سمحتي مش عايز لعب عيال انتِ مش متجوزة عيل ما يعرفش يفض مشكلة تافهة زي دي ،
ثم أعاد النظر إلى ثلاثتهن وغمغم بهم بحروف مشدودة بالڠضب فظهرت ابتسامة ساخرة على وجوههم وإندثر خواء عيناهم وتلك الغيرة الهوجاء من “حنين” لدفاع أخيهم عنها بتلك القوة تبعثرهن واحتلت ساحة عيناهن ليستطرد بشراسة :
ــ قسماً عظماً لو ما اخدتيش أختك ونزلتوا دلوقتي انتِ وهي لا هتشوفوا مني وش عمركم ما شفتوه قبل كدة وابعدوا عني وعن حياتي يا اما إنتم عارفين ايه اللي هيحصل بالظبط ومفيش واحدة فيكم تعتب شقتي مرة تانية إلا إذا كانت جاية ناوية الخير غير كده مش عايز أشوفكم ولا عايز مشاكل من ناحيتكم ،
ثم على صوته بحدة أرجفتهم:
ــ اطلعوا برة انتِ وهي تاتكم القرف نكدتوا عليا ليلة فرحي .
ارتعبت كلتاهن من تهديده فهم يعرفونه جيداً إذا وصل لقمة غضبه سوف يجعلهم يندمون وأول الندم هي رفد أزواجهم من مصنعه فهم يعملون عنده برواتب لم يحلمون بها ،
فتمسكت إحداهن بيد الأخرى ولكن دواعي الشر داخلهن أجبرت لسان إحداهن على بخ السم قبل أن يغادرن:
ــ احنا ماشيين ومفيش داعي انك تحمر لنا عينيك وتهددنا احنا مش شغالين عندك احنا اخواتك يا هاشم بيه واحنا الغلطانين اننا عايزين نعملها مننا واحدة زينا ويكون قلبها على قلبنا ، عموما احنا ماشيين وشقتك دي مش هنعتبها تاني وانسي إن ليك اخوات بنات ،
مع السلامة ياما بعد ابنك ما طرد بناتك من بيته ملناش مجية هنا تاني ولا عندك ولا عنده ، يلا يا نشوى .
غادروا المكان بعد أن أفسح لهم أخيهم المجال للمغادرة وهو يبسط كف يداه مرحباً بخروجهم من شقته ومن المنزل بشكلٍ عام فرفعت والدته حاجباها ساخرة باستنكار لتنطق باندفاع وحدة مقصودين وهي تنظر إلى ولدها بغضب عارم :
ــ انت اتجننت بتعلي صوتك على اخواتك وبتطردهم من بيتي قدامي بدون ما تعملي اي اعتبار ؟!
قلبي وربي غضبانين عليك يا هاشم بسبب اللي انت عملته إلا اخواتك البنات ما ينفعش تعمل معاهم كده و انك تبهدلهم بالشكل ده ولا تخرجهم من بيتك وهم مكسورين الجناح ، وأنا كمان نازله وسايبها لك مخضرة لست الحسن والجمال اللي من أول ما رجليها دبت في البيت طردت إخواتك وغضبت قلب امك عليك ،
ثم تحركت خطوتان وأكملت وهي تنظر داخل عيناهم بنفس الغضب وهي تشير بسبابتها إلى عروس ابنها باحتقار:
وانا برده مش هعتبها لك تاني ولساني مش هيخاطب لسانك ولا انت ولا دي بنت الأصول .
مسح “هاشم” على خصلات شعره المصفف بعناية وهو يشعر بالاختناق الشديد من غضب والدته عليه وكلامها الثقيل ونظراتها المحترقة لزوجته المسكينة وهو يمنعها من النزول متقدماً منها واضعاً يديه على كتفها وحاول جذب رأسها لمراضاتها:
ــ يا أمي ما ينفعش اللي بيحصل ده بجد !
يعني ينفع تنكدوا عليا إنتِ وبناتك يوم فرحي وكمان عايزة تنزلي زعلانة و غضبانة عليا كمان هو ده يرضي ربنا ؟
حاولت نزع رأسها من بين يديه بحدة وهي تمسك بكف يديه وتُبعدُها عنها لتهدر به بصياحٍ غاضب وهي تنظر إلى تلك الواقفة نظرات نـ.ـارية :
ــ ما هو باين من عتبة البرنسيسة إن اول حاجه تحصل ما بينك وما بين أمك تغضب عليك علشان تعرف إنها أقدام واعتاب.
ابتلعت “حنين ” أنفاسها بصعوبة بالغة لتنطق بنبرة متوترة للغاية والحروف تتلجلج على لسانها ونظراتها زائغة بينهم لتلقي على مسامعهم ما أذهل “هاشم” :
ــ بعد اذنك يا ماما حطي ايدك علشان هخطي تحتها وأخد رضاكي اللي أهم حاجة في ليلتى النهاردة.
اتسعت مقلتاي “هاشم” مما ردده فاهها ليسألها بذهول :
ــ انتِ بجد هتعملي كدة برضاكِ يا حنين ؟!
لو مش حابة بلاش انتِ محدش يقدر يغصبك على حاجة إنتي مش عايزة تعمليها ؟
زاغ بصرها وشعرت ببعض القوة والانتصار من مساندته لها ولكن فكرت سريعاً فهي لم تريد معاداة حماتها من أول وهلة لها في هذا المنزل وإن لم تفعل ما طلبته منها ستضعها في رأسها ولم تهنئ مع هاشمها وستعيش حرباً هي في غني عنها في بدئ حياتها لتومئ برأسها للأمام مؤكدة له مما أدهش الأخرى :
ــ متأكدة يا هاشم مفيهاش حاجة وبعدين مامتك بقت مامتي التانية ولما ماما تطلب حاجة يبقي من عيوني ،
ثم تحدثت برقة اصطنعتها بذهولة مصاحبة لبعض الدلال وهي تطلب من حماتها ذاك الذي أدهشها هي الأخرى وجعل نظرات عينيها تسهمت أمام تلك العروس الغريبة في تصرفاتها :
ــ ممكن تحطي ايدك يا ماما علشان أنفذ العوايد والتقاليد اللي في عيلة جوزي حبيبي ؟
رفعت حماتها حاجبها باندهاش ثم نطقت باستفسار مغلف بالاستنكار:
ــ طب اشمعن دلوقتي يا مرات ابني وبعد ما كسرتي بخاطر بناتي كمان وخلتيهم ماشيين زعلانين ومتنكدين من بيت أخوهم ومطرودين كمان وكأنك قصداها ؟
لم تريد تلك الحنين اختلاق منازعات بينهم و استخدمت عقلها أمام تلك العنيدة المتسلطة ثم بررت موقفها :
ــ معلش يا ماما أنا لسه عروسة وصغيرة ومعرفش حاجة عن الحاجات دي واتاخدت مرة واحدة حقك وحقهم عليا وبكرة هخلي هاشم يكلمهم يعتذر لهم وأنا كمان .
لوت تلك الأخرى شفتيها بامتعاض لتفرد يدها على وسعها وعلى الفور خطت “حنين” من تحت إبطيها وهي تشعر بالاستياء من تلك الفعلة وملامح وجهها انقلبت من السعادة في يوم زفافها إلى العبث ولكن الأخرى نطرت إليها بأعين ساخطة وهي تردد باستياء ومباركة معدومة الفرحة والذوق :
ــ مبروك يا عروسة ، أنا نازلة .
غادرت المكان بحدة دون أن تحتضن تلك العروس المسكين التي رضخت لرغبتها وتلك الفعلة تعني الكثير والكثير وأول المعاني لتلك الحنين أنها وقعت في فخ الحموات الأفاعي وعليها أن تتحمل ،
أما “هاشم” أقدم إليها رافعاً رأسها أمام عينيه وهو يحتضن وجنتيها وثبت أنظاره داخل عينيها بنظرة حنونة سحرت حنينه وأنستها ما حدث ، كم أنتِ مسكينة “حنين” من مجرد نظرة أفقدتك صوابك وخر قلبك صريعاً تحت أجنحة شوق الهاشم !
لينطق هو بصوت أجش خشن متأثراً بقرب امرأته بل حسناء بنات حواء بما أرجف القابع بين أضلعها من همسه :
ــ مبروك يا حنيني ، شكلك كان زي القمر في الفرح كنتي أميرة .
اتسعت ابتسامتها الحالمة مرحبة متمنية أن يتحدث معها الباقي من عمرها بذاك الهمس الحساس ونفس تلك النظرات التي بها عبر عن شوقه للنيل من اقترابها وسحبها لعالمه ، ثم أومأت إليه وعينيها تتطاير منها قلوب حمراء مردفة برقة :
ــ الله يبارك فيك يا هاشم ويارب دايما عيونك يشوفوني حلوة .
نظر إلي عينيها وقال بتلهف لاحتياجه الاقتراب منها فهي حينما أصبحت أمامه وحدهم ورائحتها الجميلة التي عبئت صدره أسكرته كأي رجل في اقتراب أنثاه تتحكم به غريزة مراوضتها ثم قبلها من وجنتيها قبلات رقيقة ناعمة جعلتها تاهت في لحظة ونسيت كل شئ حدث منذ قليل من مجرد لحظات في أول لقائهما ومع كل قبلة ينطق بهمس أجش جعلها هامت به عشقاً وتجاوبت معه وهي تضع يدها خلف رقبته محتضنة إياه :
ــ أنا نفسي في قربك قووي يا حنين ، مشتاق ومكنتش عارف اني هبقي كدة ، ملهوف عليكِ .
لم يمهلها وقت للتفكير ولا أن تستوعب قوانين بدئ القرب وسحبها لعالمه الخاص بطريقته طريقة رجل وجد امرأته بين يديه وليست قوانين المحبين فلم يفقهها ذاك الهاشم جيداً ولكنه كان في عالمه معها رجلاً أناني في متطلباته وكأنها تفقهها جيداً ، تائهاً بين يديها بما يريده فقط دون أن يجعلها تستوعبه أو يعطيها فرصة الدلال عليه ، وانتهت ليلتهم بعدما فاض بها وفاضت به ينام بعيداً عنها وليست ساكنة لأحضانه كما حلمت تلك الهائمة مراتٍ ومرات بأنها ستسكن أحضان حبيبها بعد لقاهم العاصف واقترابهم المحبب إلى قلبهم ولكن هيهات “حنين” ليس كل ما يتمناه المرء يدركه وباتت ليالي عديدة على ذاك النظام دون أي حديث بينهم فقط اقتراب يلبي رغبة جسده في امرأة حللها الله له كان كالآلة معاملته معها أخذ ورد دون عطاء فياض من المشاعر الجميلة بين كل زوجين ، وهي إلى الآن مستسلمة لطريقته أو رافضة أن تشاور عقلها الأمر ويبدو أنها لم تستوعب إلى الآن .
##################
نظرت إلى سيارتها المحشورة بين الحائط وسيارة أخرى تقدمت عليها ولم تعرف كيف ستتحرك فشعرت بالإحباط الشديد وهي تحدث حالها بقلة حيلة:
ــ يا ربي أعمل ايه دلوقتي عايزة اروح عشان ألحق المحاضرة على اللاب ؟!
ثم نظرت حولها كي ترى طريقة تستطيع الفكاك بسيارتها ولم تعرف ومحاولتها باءت بالفشل فذهبت إلى ذاك الرجلين الواقفين بجانب إحدى السيارتين المحتجزة لسيارتها الصغيرة كي تطلب منهم العون :
ــ بعد اذنك يا باشمهندس ممكن أعرف عربيات مين دي عايزة أخرج عربيتي علشان اروح ومش عارفة أعمل ايه ممكن تساعدوني؟
أجابها أحدهم بكبرياء من أسفل نظارته دون اعتناء بها او أن يكترث لذهابها :
ــ معلش مضطرة تستني لما رسلان بيه يخلص محاضراته ونتحرك بالعربيات ما عندناش أوامر إننا نحركها من مكانها .
رفعت حاجباها ساخرة باستنكار باندفاع وحدة مقصودين :
ــ نعم ! حضرتك بتقول ايه ؟
انا مش فاضية إن أنا أقف استنى حد انا عندي ميعاد محاضرة لازم ألحقها ،
وبعدين مين رسلان ده اللي انا هقعد استناه لحد ما يخلص براحته عشان اطلع بعربيتي هو في ايه بالضبط ولا انتم مين أصلاً ؟
تمتم الرجل الآخر ببرود دون أن ينظر لها :
ــ والله دي أوامر ولازم تمشي على الكل حضرتك لو مش عاجبك الباب يفوت 100 جمل روحي لعميد الجامعة لكن احنا ملزمين بأمان رسلان باشا وسواقين العربيات مش جاهزين ولا موجودين انهم يحركوها من مكانها .
جحظت عينيها لحديث ذاك الآخر وتلك الطريقة المهينة التي تعاملو بها معها لتنطق بحدة :
ــ والله الأوامر دي تمشي عليكم انتم انا ما ليش دعوة بالحوار ده انتو اللي حجزته على عربيتي وزنقتوها وسط العربيات بتاعتكم فالأوامر دي ما تخصنيش ،
ولو سمحت عيب اللي بيحصل ده كلم رسلان اللي انت بتتكلم عنه ده خليه يحرك عربياته علشان امشي مش ناقصة تفاهة هي ما عنديش وقت انا استنى سيادة معاليه لما يتكرم ويتعطف عليا علشان أتحرك بعربيتي مش فاهمة ايه التهريج اللي بيحصل ده ؟
بعد أن انتهت من كلماتها وجدتهم يقفون كما الأصنام ففقدت أخر ذرة صبر في تأدبها معهم فـهي بطبعها خجولة ولا تحبذ المشاكل ولا الصياح ولا أن يعلو صوتها في مكان خارج بيتها ولكن صدق المثل اتقِ شر الحليم إذا غضب فتحركت خطوتان تجاه إحدى السيارتين ثم قامت بالدق على سطح السيارة بزهق لم تصل إليه قبل ذلك :
ــ حرك العربية بقي وكفاية مهزلة يا عديم الذوق منك ليه .
كان يقف جانباً بكل برود يشاهد تلك الفتاة التي يعلو صوتها أمام حراسه مستنداً على الحائط وقد منع حراسه من التفوه ببنت شفة حينما رأوه ، كان يستمع إلى صياحها وحينما دقت على سيارته لم يتحمل فاقترب منها وهو ينظر إليها من أعلى إلى أسفل مردداً بتهكم :
ــ وانتِ بقي قد خبطتك على العربية دي يا بتاعة انتِ ؟!
قال كلامه الهمجي مشيرا لسيارته التي تقف بجانبها فأومأت هي برأسها ساخرة بتلقائية من تلك الطريقة التي لم ترى مثلها من قبل ويبدوا أنها ستواجه في تلك الجامعة من كل الأناس على مختلف التربية والذوق ما لا يعد ولا يحصى ولكنها أفحمته بما جعل عروق رقبته بردت من ردها :
ــ البتاعة دي لما تكون بتقصد سلة الزبالة اللي انت حاجز بيها على عربيتي مش أنا يا بتاع انت ؟
بعد أن أنهت كلماتها الساخرة منه والمهينة له لمحت اثر تلك الإهانة تنحر كبريائه بين أغوار عينيه التي أصبحت أشد ظلمة وقسوة فاقترب منها وعلى حين غرة ضغط بيده على ذراعها أكثر وهو يحدق بها بغضبٍ عارم يصحبه الصياح المتكبر :
ــ إنتِ شكلك مش عارفة وقعتي مع مين يا زبالة يا لمامة..
قبل أن يكمل طريقته المعتادة في التعالى على أي شخص حاولت نزع يدها من قبضة يديه ولكنها لم تفلح لتنظر داخل عينيه مرددة بقوة وحزم :
ــ شيل ايدك يا متخلف انت ، وأنا مش مستعدة أكمل النقاش الدنيئ ده معاك يا نرجسي يا متخلف ، اللي زيك انقرضو من زمان ،
ثم على صوتها هادرة به وهي تحاول فكاك ذراعها :
ــ شيل ايدك عني يا وقح .
حاولت نزع ذراعها من بين قبضته بالقوة فاصبحت أمامه ليعود هو ويجذب يداها معا بقوة خلف ظهرها… ثم اقترب منها حتى أصبح ظهرها ملاصقاً لصدره ليقترب من اذنها هامسا بخشونة لاذعة وغضبه منها يتضخم بين ضلوعه فلم تفعلها إحداهن وتهينه فكلهن أمامه يخرون بطاعة وتمني أن ينظر إليهن فقط عدا هي :
ــ إن ما وريتك الوقح ده هيربيكي ازاي مبقاش أنا رسلان أحمد شفيق ، ده أنا هنسيكي اسمك وشكلك ومش هخليكي تشوفي لحظة فرح واحدة في حياتك .
رمشت بأهدابها وهي ترفع عينيها التي تتلألأ جواهرها مما حدث لها ثم تحدثت بنبرة مملؤة بالحسرة وما زال قابضاً لذراعها :
ــ صحيح مش كل ذكر راجل وانت النهاردة أثبت لي إن كلاب الشوارع الحيوانات أرقى منك يا اسمك ايه انت ، سيب ايدي علشان عيب تتهجم على بنت وتستقوي عليها ،
وأكملت بنبرة أكثر هدوء وهي تستفزه أكثر كي تثأر لكرامتها :
ــ ولا مامي معلمتكش الرجولة والاتكيت والجنتلة يا واد يابت .
انتفضت أعينه بحدة وهي يطالع تلك الشرسة التي أهانته ولكن تحولت ملامحه إلى البرود ،
وقذف بها بعيداً عن يديه وكأنها عبدة أمامه ،
نظرت إليه فلاحظت تمدد ملامحه بضحكة هادئة ثم همس في مسامعها بصوت هدر مخيف لها :
ــ طب يا حلوة انتِ عجبتيني وهوريكي الواد البت ده هيعمل معاكِ ايه ، هدخلك الجحيم على الأرض ، هخليكي تتوسلي إن أرحمك من اللي هعمله فيكِ ومش هتعرفي ولا هتلحقي تفرفري حتى ، هركبك قطر الموت على ايد رسلان وادعي إن ربنا ينجدك من ايدي بالسلامة علشان أنا هفرمك .
ـــ أعلى ما في خيلك اركبه يا متعجرف يا اللي مشفتش رباية في بيتكم ..تمتمت بها ببرود حافظت عليه فنظر لها من أعلاها لأسفلها متجاهلا استفزازها ليتابع بصوته الأجش:
ــ ده أنا هركبك الخيل ده وهسفرك بيه على الهادي لجهنم الحمرة بس انتِ ابقي وريني لسانك ساعتها .
ثم صاح لحراسه مشيراً إليها:
ــ البت دي متباتش في بيتهم النهاردة عايزها هي واللي خلفوها تحت رجلي فاهمين ؟
حركوا العربيات دي خلوها تشم نفسها قبل ما أقطعه لها .
ما إن تحركت السيارات وتحررت سيارتها حتى استقلتها على الفور وقبل أن تغادر نظرت إليه قالت بقوة من نافذتها وهي تنظر بتحدي وقوة غريبة داخل عينيه :
ــ إذا كان الله معنا فمن علينا ، وأنا مبخافش غير من ربنا وهو أماني وحصني وقوتي وهدعيه بكل نفس فيا يوريني عجايب قدرته فيك وفي غرورك علشان تعرف إن في رب أقوي منك ومن نفوذك وهبص جوة عنيك وأنا بشم نفَسي بالقوى وبقولك طز فيك يا تافه يا بن مامي .
غادرت بسيارتها ولم تكن تعلم أنها بتلك القوة ورغم أن داخلها كان مرتعباً إلا أنها كانت تمتلك قوة عجيبة لأول مرة تكتشفها في شخصيتها فلأول مرة تتعرض لذاك الموقف الراهب لها ويبدوا أن أيامها القادمة في تلك الجامعة ستكن مليئة بالمواقف الكثيرة وعليها أن تدرب شخصيتها على ردود الأفعال الغير متوقعة كي تستطيع التعامل مع مختلف الشخصيات النرجسية ،
وصلت إلى منزلها بوجه متجهم لتستقبلها والدتها بالاحضان الحانية كالمعتاد منذ أن ذهبت إلى الجامعة ولكنها استشفت معالم الحزن على وجهها فسألتها بنبرة قلقة:
ــ مالك يا ليلى وشك متغير وباين عليكِ الزعل مش زي كل يوم مالك يا حبيبتي ؟
تنفست بضيق وقصت لوالدتها كل ماحدث لتشهق والدتها بقلق عارم مما استمعت إليه:
ــ ازاي تقفي تواجهي موقف زي ده لوحدك يا ليلى ليه ما كلمتنيش او كلمتِ بابا كنا جينا لك فورا بدل ما كنتِ عرضتِ نفسك للخطر إنتِ غلطتي يا ليلى ؟
هدأت والدتها وهي تربت على ظهرها:
ــ يا ماما انا هتعرض لمواقف كتير محتاجة ان انا اسد فيها بنفسي مش كل مرة يحصل معايا مشكلة أو حد يتعرض لي المفروض ان انا اتصل عليكِ أو على بابا المفروض ان انا اعتمد على نفسي واحل مشاكلي اللي بتواجهني علشان أقوي نفسي شوية بدل الخيبة اللي انا فيها دي وبعدين الموقف خلص انا قلت له كلمتين وهو قال كلمتين وخلاص.
هزت راسها برفض تام لتسألها باهتمام :
ــ مش كل المواقف اللي ما تتصليش بينا فيها موقف زي اللي كنت فيه بين تلاتة رجالة ما كنتيش تقفي معاهم في نفس المكان ممكن كانوا يعملوا فيكي حاجة او يبهدلوكي وانتِ لوحدك بينهم وكمان عايزة اعرف اسم الولد ده انتِ بتقولي انه معي عربيات وحراس فاكرة اسمه ؟
طمأنت والدتها :
ــ يا ماما احنا كنا في جراش عمومي واقف فيه ناس حوالينا والكاميرات مالية المكان ما كناش لوحدنا واصلا لو كنت هقف معاهم لوحدنا في مكان عمري ما كنت هرد وكنت هخرج على طول بس هم استفزوني بطريقة ما تتخيلهاش ، وأه فاكرة اسمه كان بيقولوا بكبر كدة “رسلان أحمد حمد شفيق”
فكرت قليلاً في الاسم لينطق فاهها بدهشة :
ــ رسلان أحمد شفيق ومعاه عربيات وحراس ؟!
ثم أمسكت هاتفها وبحثت عن الاسم وما إن أتتها مؤشرات البحث حتى احمر ماء وجهها وهي تفتح صفحته و تأتي بصورته وتعرضها أمام ابنتها متسائلة اياها بقلق :
ــ هو ده زميلك في الجامعة اللي حصلت ما بينك وما بين المشكلة ليلى ؟
تعمقت بالنظر في الصورة جيداً لتحرك راسها بتأكيد مجيبه إياها بتعجب :
ــ ايوه هو يا ماما بس ازاي قدرتي تعرفي ان هو مع ان مؤشر البحث جايب كتير بنفس الاسم؟
تنفست والدتها بذعر بان على معالمها وهي تعاتبها بحدة خفيفة:
ــ علشان ربطت الاسم بالعربيات والحراس وطلع زي ما انا فكرت الولد يبقى ابن وزير التربية والتعليم وحضرتك وقفتي قصاده الند بالند وهددك مش كل المواقف يا ليلى لازم تبقي شجاعة فيها وتدافعي عن حقك ، في مواقف الهروب فيها افضل حل لحد ما تشوفي هتاخدي حقك ازاي ، انتِ غلطتي لازم عقلك يميز لقيتي حراس واقفين على عربياته امشي يا بنتي وسيبي المكان واطلبي أوبر والعربية موجودة مش هيجرى لها حاجة انا دلوقتي مش بقيت مطمنة خالص وربنا يستر .
تمتمت “ليلى” بذهول عقب استماعها لحديث والدتها وللعجب أنها شعرت بالخوف:
ــ ابن وزير معقولة ! انا ليه خفت يا ماما لما انتِ قلتي لي كده ؟
مش عارفة حسيت ان قلبي مقبوض وخفت دلوقتي من تهديداته ليا مع اني كنت مفكرة انها فشخرة كذابة على الفاضي منه علشان يرسم نفسه قدامي ان هو قوي وما فيش حد زيه هو ممكن يعمل لي حاجة يا مامي ؟
حاولت والدتها رسم الهدوء إجباراً عنها ثم احتضنتها برعاية وهي تربت على ظهرها بحنو مطمئنة إياها ولكن داخلها ليس مطمئناً للغاية :
ــ ما تقلقيش يا بابا انا جنبك وبابا كمان هيبقى جنبك ومفيش حاجة تخليكي تخافي ابدا طول ما احنا عايشين المهم عدي اليومين الجايين ما تروحيش الجامعة وبعدها عندك أسبوع رحلة شرم اللي منظمهاها اتحاد الطلبة يمكن العشر أيام دول كفيلين إنهم يخلوه ينساكي ويعدي الموقف بسلام ولو تعرض لك في اي مكان امشي وسيبيه او اي حد يتعرض لك امشي وسيب المكان فوراً وحاولي تقفي في أماكن دايماً مليانة ناس وخلي بالك على نفسك وما تقلقيش .
(ملحوظة)
{ اتعلموا من موقف ليلى يا جماعه وعلموه لبناتكم مش كل المواقف اللي لازما البنت ترد فيها في مواقف الهروب فيها احسن وده اللي هنعرفه بعدين في الاحداث بس عموما انا بحب البنت القويه اللي بتدافع عن نفسها لكن في مواقف بتضطرنا ان احنا نسكت ودي حاجه مهمه جدا لازم تعلموها لبناتكم }
#######################
يجلس الثلاث أصدقاء كالمعتاد في ذاك اليخت ليتحدث “زيد” عارضاً عليهم :
ــ ما تجيب مراتك يا هاشم اللي انت ما وديتهاش شهر عسل ولا خرجتها اي مكان وتيجي معايا رحلة شرم وانت كمان يا يحيى هات بنت خالتك تطلع الرحلة معانا وتنسى اللي حصل لها شوية وكمان يمكن تلاقي فرصة انك تقرب منها وترتبطوا ببعض بدل ما هي مقفلة في وشك كل الأبواب ،
ايه رأيكم ونتجمع كلنا هناك بصراحة انا محتاج الرحلة دي قوي واعتقد انتوا كمان ؟
اختمرت الفكرة برأس “يحيى” وقرر تنفيذها ليطلب من” زيد” :
ــ تصدق فكرة حلوة طب اعمل حسابنا انا وهي انا هبلغ خالتو وهخليها تقنعها وانا يا قاتـ.ـل يا مقـ.ـتول معاها النهاردة وهتطلع الرحلة يعني هتطلعها معايا .
أما “هاشم” هتف رافضاً :
ــ لا يا عمنا انا مش فاضي ولا ليا في الحوارات دي انت عارف الشغل عندنا ما ينفعش ان انا اسيبه وأسافر اسبوع بحاله فكك مني .
لكزه “زيد” على كتفه ناهراً إياه :
ــ يا عم هاشم حرام عليك البنت اللي انت متجوزها هتطفش منك بسبب شغلك اللي ما بيخلصش هي ليها حق عليك برده اديها من وقتك شوية وما تنكدش علينا واطلع معانا الرحلة دي احنا كلنا محتاجينها بطل قفش بقى كفاية اللي امك واخواتك عاملينه فيها وهي مستحملة ما بتتكلمش .
شجعه “يحيي” هو الآخر :
ــ بصراحه هو عنده حق يا هاشم احنا كأصحابك بننصحك لوجه الله لانك بجد مش قادر تسيطر على الوضع عندك في البيت بسبب امك واخواتك وكل إنسان وله طاقة ولو طاقتها استنفذت بسبب عمايلهم هتضايق وهتزعل كتير وانت اتعودت على وجودها في حياتك فمن الأفضل ان انت تديها حبة اهتمام شويه أكتر من كده انت يومك كله شغل وتيجي تسهر معانا شوية وتروح تنام جنبها على السرير بتفطر لوحدها وبتتغدى لوحدها يا دوب بتجمعكم طقة العشا وبس فيها ايه يعني لما تجيبها وتسافر الأسبوع ده على الأقل كل ما تفكر في حاجة تضايقها تفتكر الأيام الحلوة اللي انتو قضيتوها مع بعض وان في نفس حلو وتغيير في حياتكم فتتراجع ان ممكن يحصل تاني انا رأيي ان انت كده غلط زي زيد قال بالضبط .
نفخ “هاشم” بضيق وهو يخلل أصابعه بين خصلات شعره المصفف بعناية وقد ضاق به ذرعاً من حكواهم :
ــ بتفكروني ليه يا جدعان بالنكد اللي انا عايش فيه بسبب حوارات امي ومراتي ما انا باجي افك معاكم هنا بسبب شكواهم هم الاتنين من بعض انتوا السبب انا كنت قاعد في حالي ولا جواز ولا يحزنون وحوارات الحريم دي كنت مكبر دماغي منها انتوا اللي خليتوني أدخل المعركة دي وانا اصلا مش ناقص وجع دماغ .
رفع “زيد” حاجبه باستنكار:
ــ والله على أساس ان حضرتك سقناك من ايدك وديناك عند المأذون بالعافية انت كنت شاري يا عمنا وباصم بالعشرة كمان وكنت مستعجل على دخول العش من ساعة ما كتبت الكتاب وبعدين هو انت كنت هتترهبن يعني ما دي سنة الحياة وانت مجبر ان انت تخلي بالك من مراتك وتراعيها وبلاش شغل تكبير الدماغ بتاعك ده واعمل حسابك هتطلع الرحلة يعني هتطلعها، تروح للغلبانة اللي انت سايبها في البيت دي وتبلغها ان ميعادنا بعد بكرة 5:00 الفجر على الأقل تحس انها ست متجوزة ومسؤولة من راجل يا جدع مش من آلة .
لكمه “هاشم” في كتفه لينهره:
ــ هو ايه يا عمنا طريقة كلامك دي هو انا كنت مقصر معاها في ايه يعني ؟!
طلبات البيت وكل حاجة ببعتها لها لحد عندها معززة مكرمة مش بخليها تتعب نفسها في شغل البيت بجيب لها حد يساعدها كل اسبوع موفر لها عيشة كريمة وكل طلباتها مجابه اكثر من كده ايه يعني ، ناقصها ايه علشان تطلعوني مذنب معاها ومقصر في حقها ؟
أجابه “يحيى” بعمق :
ــ ناقصها أهم حاجة يا هاشم ناقصها جوزها يبقى موجود معاها اكتر من كده ناقصها حضن يطمنها كل لما تكون محتاجة لك وقت ضيقة من اللي امك واخواتك بيعملوا فيها ،
ناقصها أهم حاجة في الدنيا قلب يحتويها ويحن ويطبطب عليها الحاجات دي بالنسبة للستات أهم من الفلوس والطلبات وكل حاجة الست مستعدة تشتغل في بيتها وتراعيه بايديها وتجيب طلباتها بنفسها بكل سعادة وراحة بال طالما الإنسان اللي معاها بيحتويها قلباً وقالباً وأظن انت فاهم قصدي ايه لكن إنت بجد في عالم موازي خالص ملكش غير متطلباتك الجسدية معاها وبس وصدقني هيجي يوم وهتلاقيها نفرتك وانت اللي وقتها هتتعب فلازم تصلح علاقتك بيها من البداية كده قبل ما تعصى وقلبها يقسى .
أغمض جفنيه يفكر في حديثهم ونصائحهم له ويوزنها في عقله وللأسف وجدهم محقون ثم قام على الفور من مكانه تاركاً إياهم ليذهب إلى بيته فهي إن ضاعت منه لن يستطيع العيش بدونها فقد تعلق بوجودها معه للغاية ،
كانت تجلس في شرفة منزلها المكان المفضل لها بجانبها “سماعة بلوتوث” يصدح منها صوت غنواها الحزينة التي تحبذ استماعها كثيراً بعدما كانت لا تسمع غير الأغاني الرومانسية كأي فتاة ، فمنذ أن تزوجت من عدة شهور وهي على تلك الحالة وحيدة ، تجابه حـ.ـرب مع حماتها وشقيقات زوجها بعقل إلى الآن ، حـ.ـرب فوق مستوى قدراتها ولم تستطيع تحملها ولكنها إلى الآن صابرة ،
كانت في منزل والدها تشعر بالأنس دوماً فوالدها كان مهتم بوالدتها بشدة كان مخصصاً لها وقتاً بعد الانتهاء من عمله وبالتحديد ساعة العصاري يجلس معها ويتحدثون في أمور الحياة ،
كان يقف بجانبها في كل مشاكلهم كتفاً بكتفٍ ولم يتركها وحدها ، لقد تربت في منزل والدها على الألفة بينهم ولم تشعر بالوحدة ولا أصابها اكتئاب قبل ذلك في منزل والدها بسبب التآلف بينهم دوماً ،
أما في ذاك المنزل الواسع تعيش وحدها طيلة الوقت ولم ترى زوجها إلا وقتاً قليلاً جداً من اليوم مما جعلها تشعر باستنفاذ طاقتها للحياة يوماً عن يوم وإلى الآن لم تنطق ،
دلف إلى المنزل ينادي عليها حينما لم يراها على التخت في انتظاره ليلاً كالمعتاد :
ــ حنين ، إنتِ فين ؟
استمع إلى صوت الموسيقى آتٍ من مكان الشرفة فذهب إليها وجدها تستند على الأريكة مغمضة العينين ترتدي بيجامتها ذات اللون الرمادي ووجهها يبدو عليه الحزن ،
جلس بنصف جسده بجانبها ثم خلل أصابع يديه بين خصلات شعرها بحنو منادياً إياها:
ــ حنين ، بنادي عليكِ مش سامعة ايه الاغنية واخداكي قووي كدة لدرجة محستيش اني جيت ؟
فتحت عينيها واومأت برأسها وملامحها تنبض بالتساؤل قبل لسانها وهي تردد ببرود :
ــ معلش أصل متعودتش تيجي بدري كدة ، تحب أجهز لك العشا قبل ما أنام ولا اتعشيت مع أصحابك ؟
سألها باستغراب:
ــ ايه ده إنتِ هتنامي بدري كدة ؟
أجابته بملل:
ــ أه كويس انك جيت بدري علشان عايزة أجهز لك العشا وأنام مش قادرة أقعد .
جلس أمامها ليبدأ كلامه هاتفاً بصوت أجش ثابت وعيناه تلتقط نظراتها المستكينة بخواءٍ غريب وهو يشعر بانطفائها اليوم غير كل يوم وهو يحتضن وجنتيها بين كفاي يديه :
ــ مالك يا حنين مش عوايدك الصمت التام والنفور اللي أنا شايفه في عنيكي ده النهاردة ؟
أغمضت عينيها وهي تتململ بوجهها بين كفاي يديه وكأنها تريد نزع يده من أسفل شعرها لتنطق بما أذهله :
ــ مفيش ده العادي بتاعي كل يوم من ساعة ما جيت المدفن ده بس انت النهاردة اللي مركز معايا شوية ؟
ــ مدفن ! انتي مسمية بيتك وعيشتك معايا بالمدفن ؟! .. جملة استنكارية مغلفة بالذهول الشديد فلم يكن يتوقع ردها ذاك ليكمل هو بحدة خفيفة :
ــ أنا بجد مصدوم من كلامك يا حنين ، إنتي مالك كدة النهاردة ولا كالمعتاد هتشتكي لي من أمي واخواتي أول ما تشوفيني ؟
أجابته ببرود تام بكلمتين فقط :
ــ مش هشتكي تاني متقلقش ، عن إذنك .
كادت تسير لتتخطاه ولكن يده حالت دون ذلك فقبض على ذراعها بقوة يوقفها ناهرا إياها بسيل من الغيظ تدفق بين حروفه لبرودها معه تلك الليلة وتجاهلها له وطريقتها ككل :
ــ هو انا مش بكلمك انتِ سايباني ورايحة فين انطبتي يا حنين معايا علشان شكلك كدة ناوية على نكد بطريقتك دي وقلبة بوزك اللي ما لهاش لازمة .
نزعت يده برفق لتستأذن منه بنفس طريقة التجاهل :
ــ تمام واضح إنك اتعشيت يبقي مليش لازمة، أنا داخلة أنام عن اذنك .
لم تمهله أي فرصة للكلام ثم تركته ودلفت إلى غرفة نومهم وخلعت ردائها الأعلى وبقيت بتلك البلوزة الشفافة بأكتافها العارية وكادت أن تسحب الغطاء لتنام إلا أنه لحقها قبل أن ترتمي بجسدها على التخت وأدارها إليه بذراعين قويتين حتى ارتطمت بعظام صدره القوية ينظر إليها برغبة :
ــ طب ايه انتِ وحشاني قووي على فكرة ونفسي في حضنك .
ابتلعت أنفاسها بصعوبة بالغة تقاوم اقترابه منها و لم تنتبه لأي كلمة مما قالها تلك الحرارة التي تسكن جسده من طريقته في مطالبته إياها ألهبت مشاعرها الفوضاوية بمجرد أن شعرت بها أنفاسه… رائحة عطره…. للحظة شعرت أنها تستطيع ترجمة شعورها… أنها مطمئنة مغمورة العواطف بين مچروحة المشاعر من إهماله لها ونبذه وحتى نقده المستمر لها… مچروحة الكرامة لشعورها انه مجبر على ذلك الزواج منها ، يقضي فترات من الوقت معها فقط يريح وجعه الجسدي واحتياجه فقط لجسد أنثى يفرغ شحنة عواطفه الباردة داخلها ،
حاولت جاهدة السيطرة على مشاعرها وإخماد ثورة مشاعرها في قربه فهي لم تعود حالها أن تكون على الهامش معه ولن ترضي بالفقير القليل الذي يعطيه لها من مشاعر هي تستحق أكثر من ذلك فنزعت يده برفق من على كتفيها معللة بما أغضبه :
ــ معلش مش قادرة النهاردة تعبانة شوية ومش لازم كل يوم يعني .
حاول رسم الثبات أمامها ونسيان تجاهلها له ثم إبتسم بهدوء وأمسك كفها وطبع بداخله قبلة لثوان ثم نظر إليها وقال بنفس الرغبة وهو ينظر إليها بنظرات اشتهاء لها تحفظها جيداً :
ــ بس أنا عايزك قوووي النهاردة أكتر من كل يوم ،
ثم رفع عينيه وهمس باسمها بصوت أجش وهو يقبلها من عينيها قبلة راغبة جعلت جسدها تفكك للغاية :
ــ حنيني سبيلي نفسك وأنا أنسيكي التعب يا حبيبي لأني مش هسيبك النهاردة وانتِ بالجمال ده كله ، عايزك يعني عايزك .
تذوق دموع عينيها المالحة بين شفتيه وهو يقبل وجنتيها فذُهِل لذلك ثم نفخ بضيق:
ــ الله بقي إنتِ في ايه بالظبط النهاردة بحايل فيكِ وانتِ مصممة على النكد ، بقرب منك وانتِ بتبعدي هو أنا مش على مزاجك وهواكِ النهاردة يا هانم ولا ايه ؟
وأكمل بنبرة ساخرة :
ــ وبعدين تعبانة من ايه ما شغل البيت بجيب واحدة تساعدك فيه ومش بخليكِ تنزلي تجيبي طلبات ومستتك على الآخر علشان في آخر اليوم لما اجي أطلبك ما تقوليليش تعبانة .
انقلبت الدموع الصامتة إلى شهقات مكتومة أذهلته لتنطق بنبرة مملوءة بالحسرة وقد قررت إخراج ما تحمله في صدرها بعد أن استمعت إلى سخريته من حزنها :
ــ والله ! كل اللي انت شايفه ان انت مش على مزاجي ولا على هوايا ؟!
هو كل الاحتواء ليا إن انت تخفف عني في البيت ومسؤلياته ؟!
للأسف أنا وقعت في فخ الراجل النرجسي الأناني اللي مبيشوفش في مراته غير إنها جسم يفرغ رغبته فيها ، مبيشوفش إنها إنسانة بتحس وليها حقوق احتواء ليها اكتر من كدة ،
واسترسلت حديثها وهي تضع يدها على وجهها تشهق بشدة :
ــ انت أناني يا هاشم ، أو بمعنى أصح انت غلطة عمرى في الاختيار انك تكون شريك حياتي ، أنا قرفت من عيشتي معاك ومن وجودي بين حيطان البيت ده اللي هتطبق على نفسي ، زههههههههههت وقربت أنطق الكلمة اللي مكنتش متوقعة إني هنطقها بالسهولة دي .
ما أن انهت كلماتها التي أنهكت قواها فألتقطت أنفاسها بصعوبة، نهض ليقف أمامها يرمقها بدون أي تعبير وهو يسحبها من يدها ملقياً إياها على التخت ثم هبط بجسده واستعلاها وقبض على ذراعيها ناطقاً بقسوة انتابته أثر كلماتها :
ــ وأنا بقي هوريكي الأناني والنرجسي على أصوله يا حنين وهاخد حقي منك بمزاجك أو غصب عنك علشان تبقي ترمي كلامك اللي زي السم ده قدام جوزك يا متربية .
جزت علي أسنانها وصاحت به:
ــ ابعد عني لو عندك ذرة رجولة ومتاخدنيش غصب عني .
ضغط بيده على ذراعها أكثر وهو يحدق بها بنظرات أرعبتها ،
لمحت تلك الإهانة تنحر كبريائه بين أغوار عيناه التي أصبحت أشد ظلمة وقسوة ،
ففتحت فمها تحاول التبرير بحروف مشتتة ونظرة عيناه تشعرها أنه ذئب يعج عويله نظراته لها كسهام نـ.ـارية فخرج صوته هادئا وكأن الكون يخلو من أي اصوات سواه وحادا وكأنه شفرة لامعة بما جعلها ندمت :
ــ هوريكي الرجولة على حقها دلوقتي وهعيشك ليلة من أسود ليالي العمر ، انتهى الكلام .
قبل أن يقترب منها كالأسد الجائع وضعت كف يدها الصغيرة على صدره تتوسل إياه بعيناي تلمع بالدموع :
ــ بلاش يا هاشم ، بلاش تخليني أعيش ليلة مقدرش أنساها ، بلاش توحش نفسك أكتر من كدة أنا بنساش الوجع والإهانة بسهولة .
اظلمت نظرات عينيه أمامها وهو يرى ارتجاف جسدها أسفله ولكن …
يتبع…..
google-playkhamsatmostaqltradent