Ads by Google X

رواية وقعت في دائرة الشر الفصل العاشر 10 - بقلم هبة نبيل

الصفحة الرئيسية
الحجم

 رواية وقعت في دائرة الشر الفصل العاشر 10 - بقلم هبة نبيل 

الفصل العاشر: "حافة الانفجار"
ساد صمت ثقيل في شقة حسام، لا يُسمع فيها سوى خرير الماء في سخان الشاي وخرير أنفاس يوسف ويارا النائمين على الأريكة. وقفت فرح في المطبخ، تدفئ يديها فوق كوب الشاي، بينما الشرود يكسو ملامحها والتوتر يخيم على أعماقها. فجأة، دوّى صوت فتح باب الشقة بعنف، كأنه إعلان لبداية عاصفة

دخل جاسر بخطى سريعة وملامح مشتعلة، وعيناه تتفحصان المكان قبل أن تستقرا على فرح العائده من المطبخ في طريقها لغرفه المعيشه.... 

جاسر (بصوت غاضب):
"برافو! هو ده اللي كنتي بتدوري عليه؟ قاعدة لوحدك في بيت راجل غريب؟! ومش بعيد شويه شويه الاقيكي في اوضه نومه

فرح (ببرود يحاول إخفاء ارتباكها وجرحها من حدة كلامه): أولًا أنا مش لوحدي وثانيًا... أنا هنا بإذن والدك مش بإذنك 

جاسر (ساخرًا):
"بإذن أبويا؟ ما هو باين... على ايدك البيت اتحول لملجئ كل من هب ودب يدخله اصح صح انا اسف نسيت انك جايه من الشارع ونسيتي إنك ياحرام  لسه طالعة من حادثه؟ و يمكن نسيتي إن وجودك هنا أصلاً في حد ذاته مشكلة؟"

فرح (ترفع نظرها بثبات):
"المشكلة مش في وجودي، المشكلة في اللي شايف الدنيا من فوق لتحت... وما عندوش استعداد يشوف الحقيقة حتى لو قدام عينه بس نعمل ايه بقي البعيد اعمي 

جاسر (يقترب منها، صوته يرتفع): الحقيقة؟ الحقيقة إنك شغّالة تمثيل من أول يوم... وبتدّعي البراءة عشان تكملي الخطة اللي بدأتِها واللي هي انك تصطادي عريس لقطه عيله وجاه ومال وشهره متحلميش بيهم 

فرح (بغضب مكبوت):
"كفاية قرف بقي! إنت جاي تحاسبني ولا جاي تطلع عقدك عليا انت عندك نقص يابني ربنا يشفيك؟"

جاسر (صرخ):
ابنك؟ طب اطلعي برّه! دلوقتي حالًا! ما تقعديش هنا دقيقة واحدة!"

استيقظ يوسف على صراخه، ونهض فزعًا، بينما نهضت يارا مسرعا ووقفت خلف فرح وهي تمسك بيدها

يوسف (بصوت خافت):
"في إيه؟ مالك يا جاسر بتزعق ليه كده؟"

جاسر (مشيرًا إلى فرح):
"الآنسة هتلم شنطها وتمشي... دلوقتي!"

فرح (بعناد):
"مش هخرج إلا لما عمّي يقول... مش إنت."

جاسر (بصوت أعلى):
"هو بالعافية؟! طب انا بقي اللي هخرّجك بيدي... قالها وهو يمسك يدها بعنف ويسحبها 

صوت رجولي هادئ ولكنه حاد في الوقا ذاته يصدح من باب الغرفة:
"جرب... وشوف هتوصل لفين."

استدار جاسر بسرعة، ليجد والده واقفًا على عتبة الغرفة، بثبات وهدوء مُربك وهو مازال مشدد قبضته على يد فرح التي كانت تبكي في صمت بألم

الأب (ناظرًا لجاسر):
"بيتي لسه بيتي... وأنا اللي بقرر مين يخرج ومين يفضل. وفرح... هتفضل لو مش عجبك الباب قدامك اهو تروح مطرح ماجيت وسيب ايد فرح انت اتجننت بقي ولا ايه ماتفوق؟ 

جاسر (منفعلًا):
"يعني خلاص؟ بقيت أنت كمان مقتنع بيها؟"

الأب (بهدوء):
"أنا مش مقتنع بحد... بس مش هحكم على حد غير لما أفهم الحقيقة بالعقل اللي من الواضح انه مبقاش عندك اصلا

جاسر (بعينين محمرتين):
"ماشي... بس ما تلوموش غير نفسكم."

ثم انصرف بخطى غاضبة، وصفق الباب خلفه بقوة جعلت زجاج النوافذ يهتز.

سكنت الغرفة، بينما فرح ظلّت ثابته في مكانها وهي تبكي ألما و تحاول امتصاص الصدمة ثم اقتربت إلى الرجل الذي لطالما شعرت أن عينيه ترى ما لا يُقال.

فرح (بصوت مرتجف): شكرا يا عمي وأنا آسفة إني سببتلكوا كل ده..."

الأب (ناظرًا إليها بثبات):
"اللي بيهرب من المواجهة عمره ما هيوصل للحقيقة. وكونك لسه واقفة... يبقى لسه فيكي أمل... انا اللي اسف على قلة تربيتي للزفت ده تقريبا مكنتش فاضي...قال كلماته الاخيرة بمرح جعلت فرح تبتسم رغم الدموع التي ملئت عيناها

في تلك الليلة، جلس حسام في غرفته بعد ان عاد من الخارج للتو يُقلب بين الأوراق التي أخرجها من حقيبة فرح بعد أن وجدها مُخبأة داخل بطانة الشنطة بطريقة احترافية. كانت ملاحظاته دقيقة، وفضوله أقوى من أن يتجاهل ما وجده. عناوين لمشروعات هندسية، أختام حكومية، توقيعات غير واضحة، وصور لوثائق مختومة بختم "سري للغاية".

حدّق في أحد الأوراق، كانت نسخة من عقد بين شركتين كبيرتين، وتاريخ التوقيع يعود إلى ما قبل الحادث بأسابيع قليلة. لكن اللافت أكثر كان التوقيع في نهاية الورقة: م. حسني الدمنهوري.

تجمّدت ملامحه. الاسم مألوف… أكثر مما يجب.

حسام (بصوت عالي لنفسه وكأنه يتحدث مع شخص اخر أمامه):
"الدمنهوري؟! إيه اللي جاب اسم الراجل ده هنا ده عميل عندي؟ وده عقد صفقة أراضي؟... فرح كانت ماسكة كل ده؟ دي طلعت جريئه جدا اي نعم هي دلوقتي لا حول لها ولاقوة بس مكنتش اعرف انها شجاعه وقويه اوي كده انها تشيل كل ده لوحدها.... وقف فجأة، وبدأ يفتش في باقي الأوراق بقلق متصاعد. وجد مرفقًا تقريرًا داخليًا يُشير إلى مخالفات مالية جسيمة في صفقة تطوير أحد الموانئ، موقّع باسم مستعار: "ش.ف".

حسام (بغصة شك):
"هي كانت ناوية تقدّم كل ده للنائب العام؟!.. اكيد ده السبب اللي خلاهم يتخلصوا منها؟"

قطع شروده صوت طرق خفيف على الباب، تبعه دخول فرح ببتسامه خفيفه وعيناها مثقلتان بآثار البكاء.

فرح (بتردد):
"أنا... سمعتك صوتك عالي شوية، فـ... حبيت أطمنك."

حاول حسام إخفاء الأوراق خلف ظهره، لكنه فشل، فقد كانت إحدى الصور سقطت على الأرض، وظهرت عليها خريطة هندسية مُحددة بألوان بارزة.

فرح (وهي تحدّق في الصورة):
"الحاجات دي... كانت فين؟"

حسام (بهدوء حذر):
"في شنطتك. إنتي كنتي شايلة كل ده؟"

تقدّمت فرح ببطء، وأخذت الورقة من يده، وجلست على طرف السرير، تحاول تذكُّر ما لا يزال حبيس الظلام داخل ذاكرتها.

فرح (بهمس):
"يمكن..! 

حسام (يسأل بتركيز):
"الناس اللي بيطاردوكي... ليهم علاقة باللي جوه الورق ده

 عيناها تمتلئان بذعر حقيقي هذه المرة.

فرح (بصوت منخفض):
"اكيد كانوا عايزين يمسحوا أي دليل... وأنا كنت الدليل."

حسام (يحاول استيعاب الأمر):
"يعني... اللي حصل ليكي مش صدفة؟"

فرح (بمرارة):
"مفيش حاجة اسمها صدفة في الحكاية دي... وأنا عارفة إني فتحت على نفسي باب مالوش مفاتيح ووقعت في بير ملوش قرار

صمت كلاهما، لكن العيون كانت تنطق بألف سؤال. ولأول مرة، أحس حسام أن فرح ليست مجرد ضحية فقط... بل مفتاح كبير في لغز أكبر منه ومنها
ساد صمت ثقيل لثوانٍ، قبل أن يقطعه حسام بنظرة قلقة نحو فرح، وقد لاحظ الزُرقة الخفيفة على يداها، وارتباكها في الجلوس.

حسام (بصوت هادي ومُباشر):
"هو إنتي كويسة؟.. يعني حد ضايقك؟ في حاجة حصلت؟"

رفعت فرح عينيها إليه بسرعة، قبل أن تطرق بصرها في الأرض، ثم ابتسمت ابتسامة شاحبة وهي تقرر اخفاء ماحدث لتجنب المشاكل

فرح (بتحاول تهرب):
"لا خالص... يمكن بس من الشنطة لما وقعت... اتخبطت مش أكتر

حسام (ما زال يراقبها بشك):
"متأكدة؟ شكلك مش مرتاحة، وحاسس إنك بتخبي حاجة."

فرح :
لا خالص مفيش اي حاجه انا تمام 

تنهّد حسام، ولم يُرد أن يضغط عليها أكثر، فهز رأسه بصمت، ووقف ليجمع الأوراق التي تناثرت.

حسام (بهدوء):
"ماشي... بس لو في أي حاجة، أنا موجود... فاهمة؟"

أومأت راسها بخجل، ثم تركته لتخرج من الغرفة، بينما وقف هو يحمل بين يديه القلق والحيرة.

في صباح اليوم التالي، كانت يارا تُعد الفطور في المطبخ، حين دخل حسام يبحث عن قهوته كعادته. لم يكن في مزاج جيد و لكن نظراته المستمرة نحو باب غرفة فرح كانت كفيلة بفضح ما يدور في رأسه.

يارا (بذكاء):
"ها، مالك؟ باين عليك مصحصح بدري عن العادة..."

حسام (ببرود):
"انا منمتش اصلا ، حاجات كتير في دماغي... من ضمنها فرح

توقّفت يارا عن تحريك المعلقة في الكوب، وحدّقت فيه.

يارا (بحذر):
"حصل حاجة؟"

حسام (سألها مباشرة):
"انا اللي عايز اسألك السؤال ده يا يارا حصل حاجه؟ هو في حد ضايقها فرح شكلها امبارح لما رجعت ميطمنش؟... حسيت إنها كانت بتعيط، ومش مرتاحة."

ترددت يارا للحظات، ثم زفرت بضيق.

يارا (بحسم):
"هو انا مكنتش هقول بصراحه، بس طالما سألت... آه حصل جاسر جي البيت امبارح واتخانق معاها و مدّ إيده وشدها بعنف من دراعها وكان عايز يطردها وقال لها كلام مايصحش يتقال لأي واحدة، خصوصًا وهي في بيتنا."

اتسعت عينا حسام، وسقطت المعلقة من يده دون أن يشعر.

حسام (بغضب مكتوم):
"إيه؟! وده عدّى كده؟"

يارا (بحزن):
"هي ما قالتلكش علشان خايفة تزود المشاكل... بس الموضوع ميتسكتش عليه. جاسر زودها اوي بس بابا وقف له بصراحه وكان شويه شويه وهيضربه

وقف حسام لحظة، يراجع كل ما قالته فرح ليلة أمس، وكل ما أخفته. ثم شدّ على قبضته، وعيناه تلمعان بغضب حقيقي.

حسام (بهدوء مخيف):
لا انا بقي اللي مش هعدي ده وهتكلم معاه بنفسي هو فين؟ قالها وهو ينظر ليارا وعيناه لا تبشر بأي خير... 

يارا بقلق: جوه في اوضه الصالون 

في غرفة المعيشه، كان جاسر يتحدث في الهاتف بصوت مرتفع، وفجاة انفتح الباب بقوة جعلت جاسر يلتفت بقلق اقترب منه حسام بخطوات ثابتة ونظرة نارية

حسام (بحدة):
"عايزك في كلمتين."

أنهى جاسر المكالمة بلا اهتمام، ونظر إليه بتعالٍ.

جاسر (بنبره ساخرا):
"خير يا أستاذ؟ شاكك إني خبيتلك العربية؟"

حسام (بهدوء مميت):
"إنت مدت إيدك على فرح؟"

صمت مفاجئ. ثم ضحكة ساخرة خرجت من فم جاسر.

جاسر (ببرود):
"ما تهدى كده... البت كانت بتغلط وبتتجاوز حدودها، وأنا وقفتها عن حدها

اقترب منه حسام خطوة، ونظراته تشتعل.

حسام (غاضبًا):
"حدود إيه اللي بتتكلم عنها؟ دي ضيفتنا... وبعدين دي بنت! تمد إيدك عليها ازاي يعني؟ دي مش رجولة، ده اسمه جبن 

جاسر (بصوت عالي):
"أنا حر! دي عايشة في بيتي، وماينفعش تقلب البيت ساحة تحقيقات. لو أبويا ساكت، أنا مش هسكت!"

حسام (منفعل): وانت مالك
"ده مش بيتك لوحدك، ده بيت عيلة! واللي بتعمله ده مش من حقك، ولا من مقامك يا باشمهندس ياكبير يا عاقل! وبعدين إنت مين عشان تحاسبها أو تحكم عليها الظاهر انك اوقات كتير بتنسي نفسك 

جاسر (بيصرخ):
"طالما هي موجودة هنا، تبقى تحت سلطتي! وأنا بقولها تمشي، تبقى تمشي!"

وبينما كان الجو يزداد توترًا، ودخل والدهما، وقد سمع الجملة الأخيرة.

الأب (بصوت جهوري):
"محدش هيمشي من البيت... وإنت اللي محتاج تمشي وتعقل يا جاسر!" انا معرفتش اربيك 

انكمش جسد جاسر للحظة، وهو يلتفت ببطء نحو أبيه.

جاسر (بصدمة وانفعال ):
"بابا؟! إنت بتطردني بتمشي كلامهم عليا بتنصر واحدة جايه من الشارع على ابنك؟" انت الظاهر كبرت وخرفت

اقترب منه الأب بخطوات ثابته وصفعه على وجه صفعه دوي صوتها في ارجاء المنزل باكمله ثم قال....  

الأب (بهدوء مميت ونظرة صارمة): امشي اطلع بره

سكت البيت بأكمله، وعمّ صمت مهين بالنسبة لجاسر. أما حسام، فاكتفى بأن يبادل أباه نظرة امتنان وهو يقف بجانبه ثم وجه نظرته المشتعله بالغضب على جاسر الذي مازال واقف امامهم يحاول تخطي الصدمه ثم نظر اليهم وذهب مسرعا إلي خارج المنزل واغلق خلفه الباب بقوة شديدة

جهة اخري... 

 في مقهى هادئ في زاوية مهجورة من وسط البلد
جلس خالد على طاولة منسية في زاويه لم يراها احد أمامه فنجان قهوة باردة، وعيناه تتفحصان الساعة كل دقيقتين. دخل رجل أربعيني بملامح غير مألوفة، جلس قبالته دون تحية.

الرجل بصوت خافت:
"التقرير اتأخر... إيه العذر المره دي؟"

خالد (ببرود):
"البنت طلعت عايشه ولسه الورق معاها لازم أكون حذر

الرجل:
"يعني اي عايشه انت بتهرج انت مش قولت انك متأكد انها ماتت عايز تقول ان رقبتنا لسه في اديها

خالد:
"أنا عملت اللي طلبتوه بالحرف... انا مش عارف ازاي طلعت منها سليمه الموضوع كبر مننا."

الرجل (بعيون ضيقة):
"وإنت فاكر نفسك مش مرصود؟ إحنا بنديك فرصتك الأخيرة. إما الورق يرجع، وإما... هنعتبرك عقبة."

خالد (بصوت جاف):
"أنا اللي جبتلكم أول طرف خيط، ومش هغرق لوحدي."

الرجل نهض من على الكرسي فجأة، وهو يضع مظروف على الطاولة وقال:

"آخر مهلة... يومين."

ثم انسحب في الظل، تاركًا خالد يتنفس بعمق ويمسح عرقه بكف مرتجف.

جهه اخري 
 
في كافيه صاخب بجوار مدرسة ندي حيث الضحك والموسيقى، وأصوات الفناجين... 

جلست ندى وسط اثنتين من صديقاتها – ملك وتقى – يضحكن، يتشاركن الذكريات، لكن وجه ندى كان شاردًا.

تقى (بضحكة):
"ندي! إنتي معانا؟ ولا سافرتي

ندى (بتنهيدة):
"بفكر في فرح."

ملك (بتفاجؤ):
يااااه "فرح؟ ما سمعتش عنها من يوم الحادثه 

ندى: هتجنن يا ملك مش عارفه عنها حاجه خالص مش قادرة اعيش من غيرها فرح مش اختي وبس يا ملك فرح اللي مربياني انا عيني فتحت عليها هي وتيتا انا معرفش ابويا ولا امي فرح كل حاجه ليا في الدنيا 

تقى وهي تربط ع كتفها:  هتلاقوها يا حبيبتي والله هتلاقوها 

ندى: يارب انا اسفه يا جماعه انا عارفه اننا جايين نفرفش بس انا حرفيا مش قادرة انا همشي

ملك (بجدية): لالا خليكي قاعدة معانا انتي لو مشيتي كده وبقيتي لوحدك هتتعبي اكتر

تقي: سبيها براحتها يا ملك اوصلك يا ندي

ندى نظرت لصديقتيها وقالت:  لا لا انا عايزه اكون لوحدي سلام

يتبع....


 •تابع الفصل التالي "رواية وقعت في دائرة الشر" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent