رواية الكتيبة 101 الفصل الخامس و العشرون 25 - بقلم يارا محمود شلبي
الفصل الخامس والعشرون|الليل وسماه والخامسة ستة إللي إحنا منهم|
صل على نبي الرحمة...
*********************
﴿۞ أَتَأۡمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلۡبِرِّ وَتَنسَوۡنَ أَنفُسَكُمۡ وَأَنتُمۡ تَتۡلُونَ ٱلۡكِتَـٰبَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ﴾ [البقرة ]
___________
قراءة ممتعة......
الفصل الخامس والعشرون
|الليل وسماه والخامسة ستة إللي إحنا منهم |
في ذلك المساء، كان الجو يحمل نسمة خفيفة تعبث بأطراف الأشجار، يحاولون فتح أي مجرى للحديث
فنظرت رهف إلى سيلين بابتسامة خفيفة، ثم سألتها:
_"ناويه تدخلى كليه إيه يا سيلين لما النتيجة
تطلع إن شاء الله؟"
ردت سيلين بثقة، ووجهها يلمع بالحماس:
_"كومبيوتر ساينس."
وما إن نطقت بالكلمة، حتى توقفت المياه في فم آدم، وانفجّرت لحظة صمت مدهشة، تبعها ضحك الجميع حين قذف آدم كل المياه التي كان يشربها على الأرض، وكأنه تلقى صدمة كهربائية.
سيلين استدارت نحوه مستغربة:
_"في إيه؟"
حاول التقاط أنفاسه:
_"هو إيه اللي في إيه... شرقت."
لم تفوّت يارا تلك الفرصة، فابتسمت وقالت وهي تشير نحو آدم:
_"كويس يا سيلين آدم هيعلّمك ويساعدك."
اشار على نفسه بدهشة وهو يشير إلى نفسه بعيون متسعة:
_"أنا؟ أكيد إنتِ تقصدي آدم تاني."
يارا بإصرار:
_"لأ أنا بتكلم عليك."
سيلين اقتربت بحماسة طفولية:
_"بجد؟ هتساعدني؟"
رفع حاجبيه باشمئزاز خفيف:
_"أنا؟ لأ طبعًا."
وبحركة درامية، أمسكت سيلين بالسكـ،ـين الموضوع على طبق الفاكهة، واقتربت بها حتى أصبحت على بعد سنتيمترات من آدم، وهي تنظر له نظرة مريبة:
_"هتساعدني ولا لأ؟ يالا؟"
شهق وهو يرفع يده:
_"يا عيلة يا مجنونة."
أجابته بوجه جامد:
_"هاااا؟"
رفع يديه مستسلمًا:
_"هساعدك يا معلمة
بس اهدي كده وصلي على النبي."
أعادت السكينة إلى الطبق، وارتدت قناع البراءة وهي تهمس بابتسامة ملائكية:
_"عليه الصلاة والسلام هنبدأ إمتى يا دوما؟"
ضحك عمار ضحكة عالية، وكأن قلبه تنفس الصعداء:
_"دوما أنا كده اطمنت... في حد أخيرًا هيعرف ياخد حقنا منه، دا كان بيفقعلي مرارتي."
همست له بثقة:
_"متخافش... هظبطهولك."
حدّق آدم بها بريبة:
_"بتقولي حاجة؟"
رفعت حاجبيها بمكر:
_"لأ يا دوما."
عبس ونظر لها بنظرة اشمئزاز مصطنعة:
_"أنا قايم... حاسس إني هرجع."
سيلين مدت يدها وهي تضحك:
_"خد هنا بس."
_"بس يا بِتّ"
تركها وذهب، وسط ضحكات الباقين.
---
في السيارة.....
كانت الأجواء مختلفة
حملت طابعًا أكثر هدوءًا ورومانسية.
جاسر أشار لمصطفى:
_"أيوه... اركن بقى."
_"يلا... انزل هاتها."
نزل جاسر من السيارة ودلف إلى مدخل العمارة ينظر في هاتفه ويبحث عن أسمها ثم ضغط عليها ليهاتفها وحينما فُتح الخط قال :
_"يلا... أنا واقف تحت مستنيكي."
سهر من الجهة الأخرى:
_"هلبس الجزمة ونازلة."
_"طيب بسرعة."
_"حاضر ."
نزلت سهر بخطوات هادئة، وصوت كعب حذائها كان كافياً ليسكت ضجيج الشارع. نظر جاسر باتجاه الصوت، فوجدها، تتهادى أمامه كأنها خرجت من فيلم أبيض وأسود.
قال بتوهان وهو لا يبعد عينيه عنها:
_"إيه القمر دا؟"
ابتسمت له وهي تدور حول نفسها قائلة بتساؤل :
_"بجد حلو؟"
ابتسم وهو يراها تدور كالنحلة دون توقف ،حتى توقفت أمامه تنتظر اجابته:
_"ما هو المشكلة إنه حلو يا سهر."
_"طب يلا يا ريكاردو"
أشار لها بيده للأمام كما يفعل الأمراء يخلي لها الساحة لتسير شعرت بأنها كالفراشة التي أستقرت على زهرة جميلة أصبح نصيبها وزهرة حياتها ،نظراتها كانت فاضحة له بما في قلبها ، ابتسم دون إرادة وهو يراها تسير .
فتح لها باب السيارة الخلفي، وجلس هو بجانب مصطفى في الأمام، بينما ظل ينظر إليها من المرآة... يراقب ملامحها وتذمرها من الحذاء العالي، فابتسم دون أن يشعر.
وبعد وقتٍ أوقف مصطفى السيارة أمام منزل باسل هتف قبل أن يفتح الباب :
_"ثانية وجاي."
ابتسم له جاسر :
_"خد راحتك."
في تلك الأثناء، وقف الحارس أمام مصطفى فهذا عمله بأن لا يدع أحد يدخل سوى بإذن لتأمين حياتهم ، لكنه ما إن رأى ملامح مصطفى الحاسمة حتى سأله باهتمام:
_"حضرتك عايز مين؟"
لم يرد مصطفى، بل اكتفى بإخراج هاتفه ليهاتف باسل الذي أغلق الأتصال ، ثم رن على الحارس.
رن هاتف الحارس فجأة، وكان المتصل "باسل".
فتح الخط فورًا وقال له بصوت منخفض:
_"في ضيف جاي، سيبه يدخل."
الحارس:
_"تحت أمرك يا باشا."
ثم وجّه كلامه لمصطفى بابتسامة فيها شيء من الاحترام:
_"اتفضل ."
دخل مصطفى المنزل بخطوات واثقة، وعينه تبحث عن مألوفٍ في المكان. في الصالة، وجد السيدة سهام تجلس على أريكة واسعة، شاردة الذهن، وقد بدى عليها التعب والإرهاق...لكنها ما إن رأته حتى أضاء وجهها بالابتسامة.
فقالت بفرحة دافئة :
_"إزيك يا مصطفى؟ عاملين إيه كلكم؟ وحشتوني أوي."
جلس بأدبٍ على طرف الكرسي :
_"الحمد لله إنتِ كمان وحشتينا
أنا أصريت أجي مكان باسل علشان أطمن عليكِ وأخد شيري ."
_"أصيل يا مصطفى، باسل قاللي إنك جاي
استنى أناديها ."
_"لا لا، خليكي مستريحة... شكلك تعبانة انا هخلي حد ينده ليها."
سار إلى الداخل حتى وجد خادمة فطلب منها أن تخبر شيري بأنه هنا .... استجابت له و صعدت بهدوء
وقف هو يبتسم في نفسه، ثم تراجع للجلوس مجددًا في مكانه يتحدث ببعض الكلمات مع سهام. مرت دقائق قليلة، ثم سُمع وقع خطوات خفيفة، ونزلت شيري بخجل، ترتدي فستانًا بسيطًا وأنيقًا، تمسك بطرفه وكأنها تحتمي منه.
سهام:
_"يلا يا مصطفى خليّ بالك منها وأعمل إللي اتفقنا عليه قبل ما تنزل ... أنا متفائلة خير بإذن الله ."
نهض مصطفى وهو يبتسم لها قائلًا:
_"متخفيش عليها ، هقولها متقلقيش جاهزة يا شيري؟"
أجابته شيري بصوت منخفض وهي لا تفهم ما دار بينهم الآن :
_"أحم... أيوه."
---
في السيارة، كانت سهر تقلب في الكاميرا وتلتقط الصور بلا توقف.
جاسر :
"خدتي عشر صور بنفس الوضعية مش كفاية؟"
فتحت سهر فمها وهي تعد الصور التي اللتقطتهم لتجدهم بالفعل عشر:
_"إنتَ بتهزر صح ؟ إنتَ بتشوفني بضهرك! "
أماء لها برأسه وهو ينظر لها :
"دي حتى عيني اتعمت مبقتش بشوفك غير بقلبي ."
صمتت ولم تعرف ماذا تقول نظرت إلى الجهة الأخرى فوجدت ، مصطفى يفتح الباب الخلفي لشيري فدخلت
لتحضنتها سهر بقوة كأنها من أنقذتها في ذلك الموقف
سهر:
_"شيري عاملة إيه؟"
شيري بسعادة حقيقية:
_"الحمد لله يا سهور... وإنتِ؟"
قبض مصطفى حاجبيه وهو يضع حزام الأمان :
_"إنتوا تعرفوا بعض؟"
سهر بحماس :
_"أكيد كنا بنتكلم على الفيديو طول
الوقت وإنتوا في أمريكا."
مرت دقائق في السيارة بين ضحك خفيف وأحاديث متفرقة.
بعدها أخرج مصطفى هاتفه، واتصل بعمار.
_"يلا يا عمار إحنا وصلنا."
_"خلاص هنركب العربيات وجايين وراكم."
ركب مراد سيارته ومعه شقيقتيه وابنة خالهُ
كذلك فعل عمار أخذ شقيقته وابن خالته
أما باسل فأخذ معه خالد وشقيقته وآدم الذي ركب بالأمام ، أستمرت السيارات بالسير متوازيًا جوار بعضهم حتى وصلوا إلى المكان المحدد .
كان النسيم عليلًا على الكورنيش، والمساء ينسج خيوطه بهدوء .جلس الجميع على السور الحجري.
ذهب عمار يبتاع لهم حمص الشام ثم رجع مجددًا يجلس جوارهم .
قفزت سيلين أمامهم قائلة:
_"انا مش بحب الهدوء مالكم كده ؟؟؟ انا عايزه أعمل أي حاجة."
لكنها توقفت حينما تحدث الطفل الذي يذهب تجاههم وهو ممسك بالأكواب التي كانت ستسقط من يده بسبب حركاتها فقال
_"براحة كفاية فرك الحاجة هتقع من إيدي مش مكسوفة على طولك."
نظرت له قائلة:
_"عارف مقوله الأطفال أحباب الله أهو إنتَ بقى لا تمت للأطفال بصلة ."
نظر لها من أعلى ثم إلى أسفل قائلًا وهو يوزع الأكواب:
_"المهم إن عقلي مش زي عقلك ."
ضحك الجميع عليهم وبقت هي تنظر إليه وهو يذهب يعطي الباقية الأكواب بغضب :
_"انتم بتمسكوني ليه انا عايزه اضربه."
فقالت يارا :
_"حرام عليكِ يا سيلين محمود طيب ."
توقّف لحظة، حدّق فيها ثم قال بنبرة مندهشة:
_"إنتِ... يارا؟"
فتحت يارا عينيها واتسعت ابتسامتها:
_"أيوه يا محمود شكلك نسيتني."
ركض الطفل نحوها واحتضنها بقوة، فشهق الجميع بدهشة، بينما مراد وعمار تبادلا النظرات في صمت. قالت له وهي تضحك:
_"كبرت أهو جبت النتيجة؟"
_"جبتها ونجحت فضلت مستنيكِ تيجي علشان أحكيلك بس إنتِ اتأخرتي. "
ردت عليه وهي تمسح على رأسه:
_"كنت مشغولة بس أول لما بقيت فاضية جبتهم وجيت."
ضحك الطفل ثم نظر لبقية المجموعة بخجل:
_"صحابك دول شكلهم يخض متجيش بيهم تاني. "
_"دول أحسن ناس ....طيبين على فكرة"
سمع الطفل أسمه من أبيه فعاد له وهو يلوّح بيده تجاههم ، بينما التفتت سيلين قائلة بصوت مرتفع:
_"كنت بقول حاجة قبل ما الطفل دا يهزقني."
اللتفت لهم رهف التي كانت شاردة وهي تنظر إلى المراكب :
_"تيجوا نركب مركب ونكمل الحلبسة فيها."
_"فكرة حلوة"
قالها جاسر وهو ينهض .
وافق الجميع بحماس، فاتجه الرجال إلى المراكبي القريب يسألونه:
_ "عندك مركب كبيرة؟ عايزين نركب كلنا سوا"
أجاب المراكبي وهو يشير إلى المركب الراسية:
_ "في واحدة تكفيكم، بس لازم تكونوا هاديين عددكم كبير ما شاءالله. "
دفع جاسر الأجرة،
ذهبوا ليخبروا الفتيات فقالت جميلة لأخيها:
_"لا انا هقعد بطني وجعاني لو ركبت هيجيلي دوار بحر ."
_"بس دا نهر"
_"مختلفناش هيجيلي دوار."
جلس جوارها قائلًا:
_"خلاص هستنى معاكِ ."
جميلة :
_"إنتَ عبيط صح ؟ روح أركب علشان تكون معاها أقصد معاهم شاركها الحاجات إللي بتحبها يلا إنتَ لسا قاعد."
قفل يده وقدمها أمامها فقفلت يدها هي الأخرى لتتلامس أيديهم فهذا هو سلامهم المحبب ،تركها ورحل فوجد مراد لا يقف معهم فسأله:
_" مالك واقف كده مش هتيجي؟"
_"لا مش قادر."
_"طيب خليك مع جميلة بقى."
تركه ورحل ليصعد الجميع بحذر إلى المركب.
هتف لها جاسر :
_"هاتي إيدك اسندي بدل الكعب دا ما يوقعك."
نظرت له من أعلى ثم إلى أسفل قائلة:
_"وتمسك إيدي بتاع إيه ! فاكر نفسك جوزي... إنتَ؟ دا أنا أصوت واللم عليك السمك البلطي يبهدلك. "
تركها ورحل ينظر لها بغضب :
_"غوري يا كش تتقلبي على وشك."
ضحك شقيقها وهو يأتي يمسك بيدها هامسًا في أذنها:
_"تربيتي محترمة. "
أمسكت يده تسير جواره:
_"تربية زبالة بعيد عنك."
لكنها جلست جوار ذلك الذي يجلس بمفرده مع حفظ المسافة بينهم .
_"إنتِ زعلتي يا كوتي موتي؟"
تدخل شقيقها عندما سمع تلك الكلمات التي كادت تكون سببًا في توقف قلبه عن الضحك :
_" جاسر الوحش الكاسر الليث إللي محدش بيكلمه
بيتقال له كوتي موتي يهدى ؟ الدنيا جرا فيها إيه يا أخوانا. "
_"لولا إني خايف عيالي يتولدوا من غير خال كنت كسرت دماغك بالكوباية إللي في إيدي دي."
أقترب خالد يمسك الكوب من بين يده :
_"متكسرهاش هاتها أنا هشربها."
أخذ منه الكوب وجلس بعيدًا عنهم ليترك لهم بعض المساحة لكن عينه كانت تتابعهم بصمت.
سهر :
_"طب مش ناوي تصورني علشان نقفلهم حداشر صورة؟"
أخرج هاتفه ببطء من جيب سرواله واللتقط لهم صورة معًا فهي الصورة الأولى لهم كان يبتسم بفرحة وكذلك هي ،فلم يبتسم فمهم فقط بل وعينيهم أيضًا كانت تبتسم .
_"يلا صورني صورة لوحدي مع القمر."
ضحك وهو يلتقط لها صورة بمفردها ثم أعطاها الهاتف لترى تلك الصور فقالت:
_"ولا واحدة فيهم قمر تعليمك برتغالي صح أقصد
الLua"
تعالت ضحكاته :
_"وصلتي لل Lua عمومًا كل واحد بيصور القمر إللي يخصه وانا مش هصور صور فيها قمرين علشان عندي واحد بس."
ضحكت وهي تنظر إلى الهاتف تارة وإلى وجهه تارة أخرى :
_"هقولك على سر بس متتكلمش ماشي؟"
_"قولي"
_"انا لبست كعب علشان كل شوية ماما تقولي الجيران هيقولوا عليكم زي الكوباية والإزازة. "
_"انا إزازة؟ على فكرة إنتِ جمبي أو لا هتفضلي كوباية برضو ."
_"حتى إنتَ؟!"
_"خلاص متزعليش ميهونش عليا أزعلك وانا مسافر"
قبضت ما بين حاجبها قائلة بحزن :
_"تاني؟ هتسافر تاني؟ طبعًا هتقولي شغل وأفضل شهر كمان مش بشوفك ؟"
_" لأ مش لدرجة شهر هسافر البرتغال أجيب أهلي مصر وعندي كام مشوار شغل لازم أعمله بس مش عايزك تقلقي ممكن مش عايز أشوف النظرة دي في عينك تاني ماشي؟ ما انا كمان مش عايز أسافر بس لازم علشان تشوفي ميرفت"
قلدت نبرته بسخرية_"ودي درتي؟"
_"لا يا ختي حماتك تعالي أوريكي صور الأسرة الكريمة."
قرب الهاتف ليبقى بينهم وقد جلب بعض الصور لأسرته
شقيقه "رامز" وشقيقته "شهد"وكذلك أمهِ
_"رامز وشهد وميرفت."
_"ما شاء الله كلهم حلوين وخدين شوية برتغالي على مصري ، وإنتَ كمان ."
_"انا إيه حلو؟ ما إنتِ واقعة أهو أومال كان مالك وإنتِ مخطوفة. "
ابتسمت وهي تخفض رأسها لكنها سرعان ما رفعتها مجددًا لتلقي على مسامعه سؤالًا:
_" تفتكر لو ماكنتش أشتغلت على القضية دي وخطفتني هل كنا هنتقابل ؟"
_"أكيد دا قدر ومكتوب ، قدري إني أحبك وابتلي بيكي."
نغزته بقوة قائلة بغيظ:
_"انا بلوة ! هتفضل قليل الأدب ما تكمل كلامك حلو للأخر، انا قايمة."
________
بعيدًا عن المركب كان يجلس جوار التي انتفخت معدتها من كثرة الطعام ولم تتوقف فهي للآن مازالت تأكل من ذلك الكوب الممتلئ بالحمص ، ابتعد عنها قليلًا فرأسه ستجن فتحدث في الهاتف وهو ينظر إلى المركب البعيدة واشار لهم بيده ملوحًا لهم .
اجاب عليه الرقم الأخر فقال مراد :
_ أنجز أنا عشر دقايق وهكون عندك عايزه حاجة رايقة .
_متقلقش كله تمام .
أغلق مراد الهاتف وسار بخطوات بطيئة نحوها وجدها تتألم من معدتها ولكن ما زالت مستمرة بالأكل فهتف معنفًا إياها:
_"يعني بطنك وجعاكِ ولسا بتاكلي البتاعة دي سيبيها كده على جمب."
_"طب وحمص الشام ماله دي حتى حراقة وحلوة."
_"حراقة!؟ يا نهار ألوان. "
_"مش بتحب الشطة؟ انا بطني وجعاني."
نظر لها وكاد يجزم أنه يريد ضربها بأي شيء جواره:
_" بحبها دا انا قلبي متلهلب بيها..."
أكمل حديثه متذكرًا:
_" بس يارا عندها حساسية منها هتفضل تهرش زي الكلب الجربان لو أكلت منها حاجة ، تعالي سيبي الكوباية دي هاخدك الصيدلية نجيب أي حاجة للأنتفاخ دا ."
أمسك من يدها الكوب ليضعه بعيدًا عنها ونهض يضع يده في جيبه يخرج الهاتف ومفاتيح سيارته هاتف شقيقته لكنها لم ترد ،كذلك هاتف عمار لكنه أيضًا لم يجيب بسبب تلك الضوضاء التي سببتها الأغاني ،نظر خلفه ليجدها تأكل من الكوب مجددًا فهتفت:
_"أخر حمصاية. "
_"هيجرالي حاجة منك وإنتِ عاملة زي الفراخ عماله تاكلي في حمص في حمص أجبلك علف ؟"
_"إنتَ بتقول إيه ؟"
تأفف وهو يشير لها بيده إلى مكان السيارة:
_"قدامي ربنا يهديكي انا لو رميتك في النيل السمك هيطلع يلطم والله."
نظرت له بفتور وسارت أمامه لكن بخطوات بطيئة متألمه أثر انتفاخ معدتها ،ركبت السيارة وكذلك هو ثم انطلقا .
_______________
شرد "قاسم"الذي كان يضع يده على حافة المركب وأعلها سند ذقنه ،دق قلبه بشده وشعر بدوار حينما تتحرك المركب ،تخبط الأمواج كان كفيل بجعل ذكرياته تتشابك مع بعضها وتبدأ معه نوبة الهزيان واضطراب الواقع بالماضي ؛أغمض عينه بقوة يحاول السيطرة على ذاته وهو يضبط تنفسه ،ولكن قد خانته تلك الدمعة التي نزلت من عينه اليمنى أمسحها بقوة وفتح عينه ببطء ليجدها جالسة أمامه بثوبها الأبيض الجميل تجلس بنفس جلسته تضع يدها على حافة المركب وتسند رأسها عليها ،أبتسمت له وكذلك هو ابتسم لها.
هدأ خفقان قلبه رويدًا رويدًا حينما تحدثت:
_قاسم إنتَ كويس!؟
أعتدل في جلسته ونظر لها بأهتمام قائلًا بشغف:
_آه أكيد كويس بعد ما شوفتك شكرًا إنك جيتي تاني زي ما وعدتيني احكيلي بتحبي تعملي إيه؟
ابتسمت وبدأ تقص عليه كل ما تحب فعله :
_"أنا بحب العربيات من صغري ولما كبرت
بابـــ.... "
توقفت الكلمات بحلقها وهي تتذكر فأكملت بابتسامة حزينة :
_"قصدي حسن كان فاتح مصنع عربيات بيصنع فيها وأنا قعدت فترة كبيرة بشتغل معاه .. كان بيستفاد مني. تقريبًا دي الحاجة الوحيدة إللي كنت بعملها من قلبي بجد ."
أوقفها قاسم عن الحديث وقد شعر بأختناق ودوار في رأسه :
_"حسن مين ؟ وعربيات إيه دا إنتِ طول عمرك بتخافي من العجلة .... بصي انا مش فارق معايا المهم إنك دلوقتي معايا ومش بعيدة عني انا مستعد اتقدملك من أول وجديد إيه رأيك هاجي قريب أوي يا خديجة."
ترغرغت الدموع في عينيها وهي تنظر إلى تلك الفرحة التي بانت في عينه هل تراني بوجه واحدة أخرى غيري!لم يكفيك وجههي؟ لكنني لست هي ولا هي أنا .
هي رحلت وأنا من بقيت ولكن الآن كلانا قد رحل فأنا الآن جالسة جوارك جسدًا فقط جسد بلا روح بلا حكمة في التصرف رقتي ستختفي أمام وجع مشاعر قلبي:
_" خديجة؟؟! خديجة! خديجة ماتت .
ماتت يا قاسم انا مش خديجة انا جومانا أنا كنت حاسة إنتَ بتشوفني هي؟ بس انا مش هي ."
أمسك رأسه وهو يرى تلخبط وجوه أصبحت أمامه
يرى وجهها تارة و وجه زوجته تارة أخرى حتى أصبحت الرؤية واضحة مع أختفاء كل أوهامه وبقاء وجهها الباكي أمام عينه كانت تنوي النهوض وتركه بمفرده مع خيالاته لكنه أوقفها:
_" استني أنا تعبان .... معرفش والله ما أعرف انا إزاي شوفتك هي .... "
قطعت حديثه وهي تتكلم بصوتٍ مكتوم لم يسمعه سوا هو فقط :
_" شوفتني هي لإن عمرك ما شوفتني أصلًا ... عمرك ما شوفت جومانا دايمًا كنت شايف خديجة.... سيبني في حالي بقى ."
كابوس تمنى أن يستيقظ منه ،تمنى لو ينتهي هذا الأمر ويتخلص من كل هذه الخيالات ولكن هل سيتخلص بقاية ذكريتها ! لم تأتي الرياح بما تشتهي السفن بل أتت الرياح لتعذب سفينته التي تمنى لو تغرق وينتهي الأمر.
على بُعد منهم كان يجلس آدم وجواره جلست سيلين قائلة بهدوء:
_"ممكن أسألك سؤال؟ رد عليا بصراحة. "
ترك الهاتف من يده فهو لم يكن يعطيها اهتمامًا ولكن عندما تحدثت نظر لها:
_"أسألي."
_"ليه بتتعامل معايا كده؟ يعني بتضحك وتهزر مع الكل ولما باجي اتكلم معاك بتتغير كأني عدوتك مش بتبقى طايق تتكلم معايا حتى هو انا عملتلك حاجة ضايقتك؟"
نظر الجهة الأخرى يتفادى نظراتها وهو يتأفف:
_"حاسس إنك مكبرة الموضوع زيادة عن اللزوم شوية ؟ أو يمكن علشان إنتِ مدلوقة حبتين؟"
قبضت ما بين حاجبيها وهي تتحدث بسخرية:
_"أنا ؟ مدلوقة حبيتين تصدق أول مرة أخد بالي قد إيه إنتَ قليل الذوق ،بس معلش واضح إن انا إللي كنت عامية .... عامةً أنسى كل إللي أتقال بس افتكر حاجة واحدة بس إن هيجي يوم تتكلم معايا وانا ساعتها إللي هسيبك ."
نظرت له في أخر كلماته بتحددٍ ثم وقفت ورحلت تجلس جوار جومانا التي كانت تجلس بمفردها مهمومة وضعت سيلين يدها على كتفيها فنظرت لها الأخرى بحزن وتعب ظهر على ملامح وجهها التي كانت تبكي قبل ثوانٍ .
___
بينما كانت تجلس رهف جوار شقيقها خالد يتسامرون كان يجلس جوارهم باسل ،فبدأ كل واحدٍ يسرح بمخيلاته ويقول ما يتمنى أو ينوي فعله في المستقبل
نسمات الهواء داعبت وجه رهف وهي تسمع تلك الأغنية التي أختارها عمار ورجع مجددًا يجلس بصحبة يارا
كانت أغنية قديمة فريدة من نوعها جعلتها تشعر بالأطمئنان والهدوء وهي تسمع كلمات" كوكب الشرق"
'الليل وسماه ونجومه وقمره،قمره وسهره وإنتَ وانا يا حبيبي انا يا حياتي انا كلنا كُلنا في الحب سوا.'
سمعت سؤال باسل الذي جعلها تنظر لهم وتبتعد بنظرها عن السماء ونجومها :
_"نفسك تعملي إيه؟"
ابتسمت حينما تذكرت هذا الحلم الذي تمنته كثيرًا: _"هي حاجة غريبة ."
نظر باسل إلى خالد ثم قال:
_"قوليها وانا هحاول أعملها أنا وخالد أوعدك."
قبض خالد ما بين حاجبيه قائلًا:
_"انا مالي؟! ما تنفذ إنتَ...انا أخري أجيب لها بعشرة جنية لب أسود ، دي أحلامها عايزه تاجر أعضـ،ـاء
هتقولك نفسي في عربية BMX لونها أخضر مسخسخ وفستان أزرق منيل انا بره الليلة دي. "
_"جاهل أسمها BMW ثم إيه أخضر مسخسخ دي؟ هو حقيقي مقامك عشرة جنية ."
صمتت بحزن بعدما قالت أخر كلماتها مما جعل باسل ينظر إلى شقيقها ثم ركله بخفة في قدمه مشيرًا له بأن يتحدث معها ويصلح ما أفسده فقال خالد :
_"قولي نفسك في إيه وانا هبقى أجيبلك بعشرين جنية لب مش بعشرة."
ابتسمت رهف وهي تقص عليهم بحماس:
_"نفسي اشتري يخت كبيـــر وأسافر لوحدي وأفضل عايشة فيه من غير ما حد يزعجني ."
نظر لها باسل دون إرادة فكان مندفعًا:
_طب وإللي ينفذ ؟ أقصد يعني خالد يحط العشرين جنية بتاعته وانا احط الباقي وكده حققنا الحلم.
_"أه حلم بعشرين جنية ."
قالها خالد بعدما رمقهم بسخرية فقام وتركهم ليجلس جوار آدم ،فهتف باسل :
_"سيبك منه انا مش بهزر."
ابتسمت بخفة لكنها لم تعلق فسألته بفضول:
_"سيبك مني إنتَ نفسك في إيه ؟"
تنهد باسل بعمق وهو يسند ظهره للخلف سارحًا في للجملة للأخيرة التي قالتها أم كلثوم
'' يا حبيبى ايه اجمل من الليل و اتنين زينا عاشقين تايهين...... ماحناش حاسين العمر ثواني وللا سنين'
ثم قال :
_"نفسي في حاجات كتير أوي ... نفسي أطمن على أمي وأخواتي أشوف شيري مرتاحة في حياتها اللي جاية وأخلص من حوار حسن علشان انا حاسس إنه مش هيسكت ."
صمت للحظات لتتبدل نبرته من القلق للفرحة:
_"و اخطف بقى البنت إللي عايز أكمل معاها حياتي."
_"تخطفها؟؟ وبالنسبة للمهنة إللي في ضهر البطاقة دي إيه ؟ شكليات ."
أشار لها بأصبعه السبابة :
_" فهمتيني غلط انا هخطفها على بيتي في عش الزوجية ، ولو تطور الوضع أخطفها بجد بس هي ترضى عليا."
____________
شيري:
_"مصطفى what's wrong? "
_"للمرة المليون بقولك مبحبش الأنجليزي كلميني عربي وحيات أبوكِ."
وجه لها الكلام بعدما كان يحاول أن يتحدث معها في شيء محدد لكنه لم يعلم كيف ، فقالت وهي تحاول أن تجمع الكلام :
_" هحاول هو إنتَ بتفكر في إيه؟"
اللتفت لها مجدد ينظر لها تارة وإلى النهر تارة أخرى ثم قال:
_" تفتكري لو حد نط في النيل هيغرق ولا هيعوم عادي؟"
_"هيعوم؟!stupid في حاجة في دماغك ولا إيه أكيد هيغرق إنتَ ناوي تغرق؟"
_"لا انا غرقان فيكي من بدري."
أخفضت وجهها لتبتعد عن عينه فقالت بصوتِ منخفض :
_"إنتَflirting ?"
_"أقولك أنا طول عمري مدارس حكومة مليش في شغل إيجبت دا ، انا طلبت إيدك من باسل والقاعدة دي مامتك وأخوكِ إللي راشق عينه علينا عارفين بيها علشان مش بحب أعمل أي حاجة في الضلمة لازم يكون في كشاف معايا ، وانا قولتلك قبل كده إن إللي عايزك بجد هيدخل الباب من بيته ، وانا دخلت ويارب أخرج من البيت وانا معايا زهرة البيت. "
______________
كانت "يارا" تمسك بكوب حمص الشام الساخن، يتصاعد منه بخار كثيف مع رائحة الشطة التي تملأ الجو.
ارتشفت رشفة كبيرة من الماء الذي بالكوب
فسعلت بعدما استطعمته، وضعت الكوب جوارها بهدوء
وأخذت تولول من الشطة ؛نظر لها الأخر بعدم فهم:
_"في إيه؟"
_"ديه حَرّاقة ...."
_"وشك .. دا جَرَب؟."
اللقت عليه زجاجة مياة كانت جوارها قائلة :
_"جَرب يا معفن دي حساسية من الشطة وإنتَ السبب."
بدأت تتنفس ببطء، وهي تحكّ يديها بقوة وكذلك وجهها.
تحدث بعدما توقف عن الضحك وقد شعر بالقلق:
_"أنا آسف… مكنتش أعرف
بصي، انسي اللي حصل وركّزي معايا ."
أشار بيده نحو السماء، والنجوم المتناثرة بها ، فوق سطح النيل.
_"شايفة السما اللي فوق ديه؟"
رفعت رأسها ببطء، فأكمل بصوت دافئ :
_"كنتِ نجمة فيها… وأنا طول عمري شايفك من بعيد، مش عارف أوصلك بس دلوقتي، انتِ مبقتيش هناك… انتي بقيتي هنا ."
لم ترد عليه فقال :
_"خليكي ساكتة كده لحد ما هروح من إيدك اهرشي اهرشي الهرش على النيل ليه طعم تاني برضو."
أخذت زجاجة المياة مجددًا من جواره واللقتها عليه مرة أخرى:
_"يا مستفز يا بارد وشي هيبوظ وإنتَ بتهزر؟ اسكت سيبني في حالي"
_"وشك مش هيجراله حاجة متخفيش لما ننزل أجيبلك مرهم خالص؟ أسمعي بقى أم كلثوم واتمزجي يا وحش الكون."
الليل وسماه ونجومه وقمره
وسهره وإنت وأنا
يا حبيبي أنا
يا حياتي أنا
كلنا في الحب سوا
والهوى يا حبيبي
الهوا الهوا
الهوا طاير بنا
وفين ما يودينا
تبقى عنينا
سهرانه بالحب سوا
وأنا وانت
ويا روحي أنا
ويا عيني أنا
نقول للشمس
تعالى تعالى بعد سنة
مش قبل سنة
دي ليلة حب
حلوة بألف ليلة وليلة
بكل العمر
هو العمر إيه غير ليلة
زي الليلة
زي الليلة
_________________
_"أنا نازل أجيب حاجة، خليكي هنا مش هطوّل ."
_"ماشي بس بسرعة"
نزل مراد من السيارة ودخل إلى مكان راقٍ ..... وقف يتأمل التفاصيل الهادئة
الإضاءة الدافئة، تنسيق الورود، والموسيقى الكلاسيكية الخافتة ... أخرج هاتفه واتصل بها.
_" أيوه يا مراد؟"
سكتت لحظة ثم قالت بنبرة مترددة:
_" حاضر، أنا داخلة... مش عارفة ليه يعني... لا لا مبقولش حاجة سلام."
أغلقت الهاتف، ونزلت من السيارة. مشت بخطوات مترددة حتى وصلت إلى بوابة المكان.
فتحت الباب فوجدت لافتة صغيرة كُتب عليها:
*ادخلي جوا*
دخلت ببطء، وعيناها تدوران في كل اتجاه بدهشة. الممر مزين بالورود الطبيعية المفروشة على الأرض، والشموع المضيئة على الجانبين كأنها ترشدها بخفة. الهواء كان محمّلًا برائحة اللافندر والياسمين. وقفت أمام لوحة أخرى قرأتها وعلى وجهها ابتسامة لا إرادية:
*استعدي للمفاجأة*
دفعت باب المطعم بخفة ودخلت. كان فارغًا من الزبائن، لكن الإضاءة الرومانسية والهدوء جعلاها تشعر وكأنها دخلت عالمًا آخر. توقفت أمام لوحة جديدة، وقرأت بصوت مسموع:
*أنا وعدتك إني هقولك... أنا بحب مين*
جاءها صوته من الخلف، هادئًا وواثقًا:
_"أنا بحبك..."
اقترب خطوة وهو يبتسم
"بحبك يا جميلتي."
التفتت نحوه باندهاش، ثم نزلت عيناها في خجل:
_"دا بجد؟ يعني إنتَ عملت كل دا علشاني؟ طب إمتى ؟"
ابتسم مراد في صمت، لكنها أسرعت لتلطف الأجواء ويا ليتها لم تفعل هذا :
_"مراد انا متوترة وبطني وجعاني ... ومش عارفة اقول إيه غير إني مبسوطة يمكن في شوية مشاعر في قلبي ليك وممكن تكون كتيرة مش شوية."
أشار لها بأصبعه أن تصمت ولا تفسد تلك اللحظة و تتبعه بصمت . ......سار بجوارها حتى وصلا إلى طاولة مزينة ورد أبيض على المفارش، وكوبان من العصير الطبيعي، وجواره كوب ماء ومعلقة،وضوء خفيف يسقط على الطاولة .
سحب لها الكرسي فجلست.
جلس أمامها وأخرج من جيبه علبة صغيرة ومن الجيب الأخر كيس فوار
فتح العلاج بهدوء وافرغه داخل كوب الماء ،نظر لها وهو يبتسم بينما كان يقلب الحبيبات الصغيرة داخل الكوب فكانت هي تفرك يدها ..... قدمها لها قائلًا:
_"اتفضلي اشربي الفوار علشان نبطل طفاسة بقى أولDate بينا بدل ما أعرف رأيك واسمعك ونتكلم أو اجبلك حاجة تاكليها ... أعملك فوار ؟ "
أخذت الكوب من يده وبدأت ترتشفه ،هتف لها بهدوء:
_"شوية المشاعر إللي عندك دول يبقى في قبول ودي خطوة كويسة وهيكون في خطوبة ساعتها هنعرف بعض أكتر بعيد عن الشغل بس طبعًا بحدود ... انا بس حبيت أعرف رأيك في المبدأ وكده انا أطمنت ."
فتح العلبة القطيفة التي أخرجها من جيبه قبل قليل أخرج منها سلسلة رقيقة تحمل تعليقة منقوش عليها "جميلتي" نظر إلى عينيها قبل أن يمد يده بالسلسلة:
_"دي علشان دايمًا تفكري إنك غالية عليا... وإنك جميلة مش بس في الشكل في كل حاجة."
أخذت السلسلة منه بتأثر، وقلبها يخفق بشدة:
_" مراد...قبل ما تيجي تتقدم وتقرأ فاتحة أو يكون في خطوبة في حاجة لازم تعرفها."
_"قولي كل اللي نفسك فيه، أنا سامعك."
نظرت للأرض، وبدأت تحكي بصوت متردد،
حكت له عن ماضيها عن علاقتها القديمة بزين،
عن أخطائها، وعن خوفها من إن هذا يأثر على الخطوة القادمة بينهم.
خانتها دمعة في نهاية كلامها :
_" أنا عارفة إنك تستاهل حد أحسن مني يا مراد... ومش هزعل لو قررت تبعد."
سكت مراد لحظة، ثم قال بصوت هادئ وثابت:
_"خلاص... أنتِ قلتي كل حاجة، وهو خلاص صفحة واتقفلت.
أنا احترمتك أكتر بسبب صدقك... لكن "أسيبك"
دي؟ دي حاجة مش من حقك تقرريها.
أنا مستعد أقولها من هنا لسنة الجاية إني بحبك "
رفعت عينيها له، وقالت بصوت مبحوح:
_" وأنا كمان... بحبك يا مراد."
ضحك مراد وقال:
_"يا لهوي على مراد اللي خارجه زي الغنوة منك"
ضحكت جميلة بخفة:
_"مكنتش أعرف إنك رومانسي كده"
_"بصراحة؟ أنا مش رومانسي خالص،
بس اتعلمت علشانك ،وأول لما نرجع من العزبة... هاجي أتقدملك رسمي."
_"وأنا موافقة."
صفّر مراد بخفة، فاشتغلت أغنية "جميلة" لعمرو دياب،
ياللي عليكي العين
زي القمر وأحلى
يا حلوة الحلوين
بيكي الحياة تحلى
ياللي عليكي العين
زي القمر وأحلى
يا حلوة الحلوين
بيكي الحياة تحلى
ملامحك جميلة وكلك جميلة
جميلة جميلة جميلة
جميلة جميلة
جميلة جميلة جميلة
يا بخت اللي تبقي معاه
جميلة جميلة جميلة
وضعت يدها على فمها فهذه هي الأغنية المفضلة لديها :
_"إنتَ إزاي ...إزاي بجد عرفت كل التفاصيل دي الأغنية إللي بحبها و الورد وريحة المكان .."
_"إللي بيتشد لحد حتى لو بينه وبين نفسه دايمًا بيدور على كل حاجة بيحبها وأي حاجة تبسطه وبيخاف عليه أكتر من نفسه ... انا بس عندي سؤال شاغل بالي."
قال أخر كلماته وهو يستند بيده على الطاولة :
_" إزاي بتحبي البيتزا بالاخطبوط ؟! حقيقي إزاي جالك نفس أصلًا ... وكنتِ قرفانة من الرنجة دي كده الرنجة تزعل منك."
ضحكت بصوتٍ مرتفع قبل انا تجيب على سؤاله :
_"الأخطبوط عامل زي الجمبري بالظبط... أكيد هيجي يوم وهأكلك البيتزا دي ."
_" آه جمبري واخطبوط بصراحة تشبيه في محله إنتِ هبلة ؟ انا بقرف من البانية هاكل أخطبوط ليه حد قالك إني سمكة قرش؟ "
_"هنشوف الموضوع دا بعدين ،تعرف الأغنية دي كنت ناوية إن عمار يغنيها في فرحي ...دلوقتي حسيت إنها إشارة ، هخليها يغنيها هو ويارا صوتهم مع بعض حلو دا مش بتحس بكده ؟ أو مش بتحس بحاجة تانية؟"
_"تقصدي إيه؟"
_"ولا حاجة .... اتأخرنا صح؟"
نظر لها بشكٍ فهو أدرك أنها تتهرب فقال
_" يلا بينا ..."
_"ممكن ناخد صورة؟"
أخرج هاتفه واللتقط لهم صورة تذكارية في ذلك المكان ...
_________
بينما لاحظ خالد تذمر وجه سيلين وهي تجلس مع جومانا ....كانت وجوههم يظهر عليها الحزن فاللتفت يجلس جوار آدم قائلًا:
_" إنتَ مالك في إيه ؟ هو إنتَ قولت حاجة لسيلين؟"
رفع وجهه عن هاتفه ناظرًا إلى وجه صديقه :
_"هي إيه سيلين دي طلعالي في البخت .... إنتم مكبرين الموضوع ليه ما انا متكلمتش . "
_"بص يمكن محدش خد باله غيري بس إنتَ معاملتك معاها وحشة ..... ما تديها فرصة؟"
_"نعم؟ فرصة لمين لديه؟ لأ طبعًا .... ثم أنا
مش عايز أصلًا لا أخطب هي ناقصة هبل.'
_"طب فكر كويس علشان هي لو حصلها حاجة في المستقبل بسببك انا اللي هقفلك ولا أبوها ولا حتى ابن خالها ."
تبادل آدم النظرات مرة إلى وجه صديقه والأخرى تجاهها فقال :
_"هو إنتَ فاكرني هعمل إيه ؟ انا أي حاجة مؤنثة ببعد عنها دي لو نملة على دراعي بحطها في الأرض ومش بموتها ."
_"طب يا بتاع الحشرات انا قولت إللي عندي ."
بعد مدة قليلة كان يقف مراد يلوح لهم بيده من بعيد وهو يبتسم.... بدأت المركب ترجع إلى مكانها مجددًا
لتستقر فبدأوا جميعًا في النزول جميعًا وقفوا يتحدثون عن الغد.
رهف :
_"عندي أقتراح على بكره بلاش عربياتكم وتعالوا نروح بأتوبيس كبير ."
مراد :
_"فكرة حلوة سيبوها عليا دي."
نظر خالد إلى جاسر الذي لم يكن يتابعهم بل كان يتحدث معها :
_"ما تركز معانا يا ريكاردو."
رفع جاسر نظراته له قائلًا:
_"خليك في حالك هي كلها شهر ولا اتنين وتبقى مراتي."
أمسك خالد يد شقيقته لتقف خلفه قائلًا:
_"بس هي دلوقتي أختي انا."
تأففت سهر من تلك الخناقة التي اعتادت عليها فتركتهم وهي تتمتم :
_"زهقتوني انتم الاتنين. "
وقفت جوار سيلين وجومانا اللتان ظهر على وجههم الحزن فهتفت :
_"في إيه مالكم ؟ حصل إيه ؟"
فاقت جومانا من شردها على سؤالها فأجابت بابتسامة خفيفة عكس ما يدور بخاطرها وذهنها :
_"مفيش عايزين ننام بس."
وضع عمار يده على كتف إبن خالته الذي ارتعش جسده حينما شعر بتلك اللمسه :
_"في إيه يا قاسم مالك ؟ يلا نروح تعالى بات معايا بدل ما تنام لوحدك. "
تلجلجت كلماته فقال :
_" إيه ... طب.. خلاص ماشي يلا ."
تفرق الجميع وكل واحدٍ منهم يحمل في خاطره الكثير ربما يحمل حبًا قد يكفي مدينة بأكملها ،وربما يحمل حزنًا يبكي المُدن المجاورة .
___________
في غرفة يارا
_"في إيه إنتم الاتنين. "
_"انا محتاجة أكون لوحدي شوية سيبوني أنام ."
قالتها جومانا وهي تتركهم لتذهب إلى غرفتها لكن صوت شقيقتها أوقفها :
_"في إيه حصل إنتِ كنتِ كويسة يا جومانا."
_"في إني لأول مرة مش عارفة أتصرف مش عارفة أفكر مش عارفة حتى أهرب انا أول مرة أحس بالوجع
طلع مش شايفني أصلًا بيتخيل إني هي ! بيتخيل إنه بيكلمها وإنها عايشة ...انا مش قادرة اتكلم اكتر من كده ."
خرجت من الغرفة كادت يارا تلحق بها ولكن سيلين أوقفتها قائلة :
_"سيبيها بكره هتكون كويسة. "
_"بكره إيه مش هينفع اسيبها كده وبعدين انتِ مالك إنتِ كمان هو آدم زعلك في حاجة ؟"
_"انا مفيش حاجة شديت انا وهو شوية ."
_"وحتى لو شديتوا شوية إيه إللي يضايقك بالشكل دا ؟"
_"علشان محدش حاسس بيا علشان دايمًا شايفين إني بضحك وبهزر بس انا في الحقيقة وحيدة ومفيش حد معايا حتى إنتم .... حتى الشخص اللي اتشديت ليه بيعاملني كأني نكرة ."
جذبتها الأخرى من يدها لتجلس جوارها قائلة :
_"إنتِ عبيطة صح ؟ مين دول اللي مش معاكي دا مفيش حد بيحبك قدي دا كفاية مراد وخالو علي كلنا بنحبك يا سيلين مش ممكن الكلام إللي اتقال بينكم دا كان علامة إنك لازم تفوقي لنفسك وتفكري فحاجة لمستقبلك لسا الأيام قدامك طويلة وكتيرة لو نصيبك فيه هيحارب الدنيا كلها علشانك أسمعي مني يمكن ميكونش ليكي ويكون نصيبك واحد أحسن منه مليون مرة ."
ارتمت سيلين بين أحضانها قائلة :
_"والله فوقت من بعد كلامي معاه وانا مش هفكر فيه تاني أوعدك وإنتِ هتشوفي دا ."
____________
فى صباح يوم جديد،
أشرقت الشمس بخجل على المدينة الهادئة، ومع نسمة الصباح الباردة... تجمّع الأصدقاء جميعًا أمام منزل مراد. كانت الحقائب مُلقاة بجانب الأتوبيس
ركبوا الأتوبيس، وكل واحد بدأ يجلس بمكانه
جلس مراد يراقب الجميع وهو يضحك
بينما كانت يارا تتثاءب بعينين نصف مغلقة.
مراد مازحًا:
_"إيه ده؟ انتو هتناموا ولا إيه؟!"
أجابته بنعاس:
_"آه... أنا مش قادرة... عايزة أنام شوية بس."
أفتحت سيلين عينيها قائلة :
_" مراد قول للراجل اللي مشغّل الأغاني دي
يوطيها... دماغي هتنفجر."
ابتسم لها مراد قائلًا:
_"حاضر ..... يا آدم وطي الأغاني شوية."
نظر له وهو يهز رأسه على نغمات تلك الأغنية :
_"لأ يا عم... إحنا عايزين نرقص.
خليهم يناموا على صوت المهرجانات
يمكن يحلموا إنهم في فرح."
كادت أن ترد عليه سهر ...وأخذت سيلين تتمتم ببعض الكلام لكن يارا أشارت لهم بيدها بأن يصمتوا.
يارا:
_"هتقفل ولا أقوم أقفله أنا؟"
آدم بتحدي:
_"مش هقفل."
تحركت يارا لتغلق المسجل، لكنها تفاجأت بيد عمار قد أغلقه قبلها همس لها بصوتِ منخفض:
_"روحي نامي."
تركته ورحلت فوجه كلامه لآدم قائلًا:
_"البتاع دا لو اشتغل تاني، همرجّحك يا آدم."
تركهم آدم وجلس على مقعده يضع في أذنه سماعته ليسمع ما يريده بدون أزعاج.
هدأ الأتوبيس فجأة، وبدأت الفتيات يناموا جنب بعضهم، البعض.
مرّت ساعات، والشمس بدأت تعلو في السما،
تغيرت الطرق والشوارع من مزدحمة إلى طرق سريعة وفارغة .... بدأت الفتيات أن تصحى واحدة تلو الأخرى .
تمطأت سيلين :
_"نشغّل أغاني بقى ولا إيه؟!"
جميلة بحماس :
_"أيوه شغّلي يا بت يا سهر، كده كده احنا فوقنا."
سهر بضحك:
"عينيا ليكوا يا بنات."
أوصلت هاتفها بالسماعة الخاصة بالأتوبيس وأشعلت أغنية عالية ..... فقام آدم من النوم بفزع قائلًا بانفعال:
_"إيه الزفت ده؟ اللي شغّله يطفيه ."
تأففت "سيلين" وقد بدأت ملامح الضيق ترتسم على وجهها، فأطلقت صرخة خافتة موجهة للبنات من حولها:
_"والنبي سبوني أعلم عليه علشان أنا تعبت."
ضحك مراد :
_"ما خلاص يا آدم بقى هنفرفش شوية هما صحيوا."
تقلب آدم على مقعده وهو يقول
_"بس أنا عايز أنام..."
رهف :
_ "خلاص يا بنات وطوا الصوت شوية"
_ "لأ مش هنوطي."
قالتها سهر بعصبية فهتف لها جاسر بصوتٍ هادىء:
_"خلاص يا سهر علشاني أنا... وطي شوية."
تغير صوتها وتقلب شكل وجهها قائلة له :
_"من عينيا يا حبيبي."
جميلة ساخرة:
_"وحياة خالتك؟"
وضعت سهر يدها على جبهتها :
_"ممكن يموتني والله يا جميلة مجنون
ويعملها ... يرضيكي؟"
أما "عمار"، فكان يجلس قرب النافذة، وقد سكنه شرودٌ غريب، ينظر إلى الأشجار بلا اكتراث. ظل هاتفه يرن لمرات متتالية ... دون أن ينتبه حتى ناداه "باسل":
_ "عمار تليفونك بيرن يا عم."
استيقظ من شروده :
_"آه... ماخدتش بالي..."
ثم أجاب:
_"أيوه يا بابا... لا، ما سمعتوش... آه..... خلاص قرّبنا نوصل... ماشي...تمام... سلام."
التفت "باسل" إلى البقية وهز رأسه باستغراب:
_"أنا مش فاهم مراد جايبلنا واحد ميت يسوق الأتوبيس!"
خالد ضاحكًا :
_"يا عم ده فكرني بفيلم ميدو مشاكل"
عمار وهو يضحك :
_"تصدق شبه السواق اللي كان فيه."
مصطفى بغضب :
_"ما تشد شوية يا باشا."
فجأة، توقف السائق بعنف، مما جعل الركاب يتحركون من مقاعدهم بفعل التوقف المفاجئ.
السائق وهو يلتفت إليهم :
_"لا أنا بقولكوا إيه مش عاجبكوا؟ هنزل وأروح! وحد منكم ييجي يسوق بدل ما انتوا قاعدين كده، لا شغله ولا مشغله دا إيه القرف ده؟!"
مصطفى متجهًا إلى مراد هامسًا :
_ " جايبه من أنهي موقف دا ؟ ثم هو عارف إننا ظباط؟"
مراد:
_"لأ..."
مصطفى ساخرًا :
_"ما لازم يتكلم كده يا ميرو."
باسل بحدة :
_"ما تظبط يا عم إنت واتكلم عدل بدل ما نيجي نظبطك."
السائق مستفزًا :
_ "إنتوا علشان شوية العضلات دي... أنا هسكت،
بس علشان معاكوا حريم"
تقدّمت "يارا" بثقة، ووضعت يدها على كتف "مراد"، ثم نظرت إلى السائق وقالت بهدوء:
_ "دا بيقول عليّا حريم يا مراد... يرضيك؟"
_"لا ميرضينيش طبعًا ."
مصطفى:
_"طلع بطاقتك يا عم إنت."
السائق بتحدٍ :
_"محدش ليه حق ياخد بطاقتي ولا إنت مباحث؟!"
اقترب "عمار" ببطء شديد، ثم أمسكه من تلابيب قميصه ورفع صوته:
_ "إحنا مش مباحث، إحنا حاجة أعلى
ولو ما ظبطتش نفسك ومشيت دلوقتي بالمخروبة دي، هتزعل جامد... شايف الاتنين اللي قاعدين هناك؟"
رفع كل من "باسل" و"جاسر" أيديهما، وأكمل عمار بنبرة تهديد:
_"دول لو قاموا مع الرجالة، هتبقى مجزرة بس أنا بعدهم عنك... أما بقى اللي قولت عليهم حريم، دول ما أقولكش ممكن يعملوا فيك إيه، بالذات ديه..."
وأشار إلى "يارا".
ابتلع السائق ريقه بخوف :
_ "طيب... إنت عايز إيه دلوقتي؟"
عمار بحزم :
_ "حلو... جبت ورا عايزك تقعد على الكرسي الحلو ده، ومش عايز أسمع صوتك... وتمشي بسرعة مش على قشر بيض... آمين؟"
السائق :
_ "آميييين يا باشا..."
مصطفى:
_"فين البطاقة يلا؟!"
السائق:
_ "اتفضل... البطاقة اهي..."
نظر مصطفى بها بصدمة :
_ "يخرب بيتك! إنت ما جددتش البطاقة من 2015! دا جيل الألفين قرب يخلص."
السائق مرتبكًا :
_ "ما هو أصل أنا..."
خالد:
_ "إنت لسه هتتهته؟! والله شكلك سوابق أصلًا."
السائق :
_"يعني... قضيتين تلاتة كده..."
مراد:
_"اللعب! قضيتين تلاتة؟! تلاقيك هربان .
روح سوق وأنا هبقى أشوف القضايا... وربنا لو لقيت عليك حاجة، لهحبسك."
السائق:
_"لا يا باشا... حقك عليّا."
يارا بهدوء :
_"ما تسوقي إنتِ يا جومانا."
_ "ما عنديش مانع."
جاسر متذمرًا :
_ "ما تخلصونا بقى أنا زهقت دا أنا لو باخدها مشي كنت وصلت يا جدعان!"
اتجهت "جومانا" إلى مقعد السائق وجلست، بينما
فتح قاسم الباب ليجلس في المقعد المجاور لها عنوة صرخت به قائلة :
_"بعد إذنك إنزل أرجع مكانك لو منزلتش هنزل انا وسوق إنتَ ."
قاسم :
_"ممكن بعد إذنك تهدي والله ما أعرف انا قولت كدا إزاي طب اديني فرصة نتكلم ."
تقدمت يارا منهم ونظرت إلى شقيقتها بعدما كانت تسمع صوتها :
_" جومانا ممكن تهدي نوصل وتتكلموا هو قاعد لمجرد إنه هيوصف لك الطريق مش أكتر."
نظرت لها شقيقتها ثم وضعت رأسها على طارة السيارة وضعت يارا يدها على ظهر شقيقتها قائلة :
_"يلا يا جومانا ."
كادت ترحل لكنها غمزت إلى قاسم قبل أن تتركهم ابتسم لها بامتنان ..... رفعت جومانا رأسها وحركت مفتاح السيارة وهي صامتة فقال لها :
_"هتفضلي ساكتة طب قولي أي حاجة ....خلاص متتكلميش ولما نوصل نتكلم بس تسمعيني متبقيش إنتِ ودماغي عليا ...."
نظرت له جومانا وعينيها تحمل الحزن ولم تتحدث فحاول هو أن يجعلها تتحدث :
_"بصي قدامك بس دلوقتي بدل ما نعمل حادثة وذنبي يبقى في رقبتك يا شوماخر. "
ابتسمت رُغمًا عنها ولكنها لم تتحدث معه
_____________
مصطفى:
_ "خلاص بقى بطل رغى هديك بالرُصية."
السائق مرتعد :
_ "أنا مش عايزه أتحبس..."
خالد ساخرًا :
_"يا ختي... بطة بتقول عايزه"
مراد:
_"حقه يقول عايزه علشان السجن للرجالة."
ضحك خالد ثم قال :
_"هو آدم لسه نايم؟"
مصطفى:
_ "آه..."
_ "ما تصحيه يا درش."
اقترب "مصطفى" من "آدم"، وبدأ يوقظه:
_"آدم ....آدم"
آدم بلا وعي:
_ "لا لا... شغّلولي أغنية إخواتي... ما بحبش الأغنية التانية دي "
مصطفى ضاحكًا :
_"يا لهوي إنت مخك ضرب ولا إيه؟! قوم بقى."
آدم:
_"في إيه يا عم مصطفى؟! أنزل أزق الأتوبيس؟ عطل ولا إيه؟!"
مصطفى:
_"لأ قوم علشان قربنا نوصل."
آدم:
_"ماشي ماشي... أنا قايم أهو... وبعدين هو الراجل اللي سايق دا... اللي جابوه جنب خالد؟!"
مصطفى:
_"حوار كبير... هبقى أقولك بعدين."
مراد بصوت مرتفع قليلًا :
_"إيه يا جومانا؟ فاضل كتير ونوصل؟"
قاسم:
_"لأ شوية صغيرين..."
وبعد مرور وقت قصير...
وصلت الحافلة إلى وجهتها. بدأ الجميع في النزول، ليجدوا "بيلا" و"عُمر" و"جنّات" في انتظارهم، يستقبلونهم بحرارة. هرعت "بيلا" إلى "عمار" وأصدقائه، ترحّب بهم بفرحة ظاهرة.
بيلا: "اتفضلوا يا ولاد."
---
في إحدى منازل العزبة...
كانت "منى" تقف بجوار النافذة، تتابع الموقف من بعيد، بينما دار حديث هامس بينها وبين شخص مجهول.
منى:
_"زي ما بقولك كده... عمار جه النهاردة."
الشخص:
_"وإنتِ عرفتي منين؟!"
_ "سمعت..."
الشخص بقلق :
_ "تفتكري راجع ليه؟ دا بقاله سنين مجاش هنا
ولا يمكن... هينتقم مني؟!"
منى بنظرة ازدراء : "إنت عارف إن عمار مش كده... وإنت اللي غبي لو فاكر كده"
---
يتبع...
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية الكتيبة 101) اسم الرواية