رواية حتى اقتل بسمة تمردك (1) الفصل السادس 6 - بقلم مريم غريب
حتى اقتل بسمة تمردك...للكاتبة مريم غريب💖
-امك عايزة تشوفك.
قال"عمر"ذلك لشقيقته عندما كانا يجلسان علي مائدة الطعام يتناولان الغداء بينما جلجلت ضحكة"عبير"ثم قالت:
-انت اتجننت يا عموري .. طب و لما عز يكتشف اللي بيحصل بقي .. بقولك ايه المشرحة مش ناقصة قتلي كفاية انت ده يعني باعتبار ما سوف يكون ههههه.
حدق أخيها بوجهها في حنق ثم قال متهكما:
-بطلي الظرف ده شوية .. و بعدين بقولك امك .. امك عايزة تشوفك.
فقالت بضجر:
-عمر .. من فضلك اقفل علي السيرة دي بقي مش ناقصين احنا وحياتك انت عارف عز و جنانه و انا بصراحة مش مستغنية عن عمري.
ثم تابعت متسائلة:
-و بعدين يعني هي ايه اللي فكرها بيا دلوقتي ؟ و اشمعنا انا ؟ ليه ماتروحش لـ عز مثلا و تحاول معاه يمكن .. يمكن يسامحها.
-انتي اتجننتي و لا ايه ؟ بقي عايزاها تروح تاني لـ عز ! انتي مش فاكرة عمل فيها ايه اخر مرة ؟؟
إبتسمت شقيقته رغما عنها قائلة:
-اه فاكرة .. لما راحتله الشركة و طردها قدام الموظفين.
رمقها"عمر"بنظرة مستهجنة ثم قال منفعلا:
-تصدقي انك ماعندكيش دم .. مالك مبتسمة كده ليه ؟ هي مش امك يعني ؟؟
فأجابته"عبير"بجمود:
-اسمع يا عمر .. انا من يوم ما وعيت علي الدنيا و فتحت عيني مالاقتش قدامي غير عز الدين يعني ماشفتهاش هي .. افهم بقي هي اللي اختارت تبعد عننا عشان مصلحتها لكن عز الدين هو الاصل هو اللي يستحق مننا الشكر و الحب رغم تصرفاته.
ثم تابعت ساخرة:
-ماتقوليش خالص بقي دلوقتي انها عايزة تكون انانية اكتر و تاخد كل حاجة علي الجاهز.
ثم تابعت بتمهل:
-انا .. مع عز .. عيشت معاه و هفضل معاه .. هو اللي رباني و اخد باله مني من وقت ما كنت طفلة صغيرة لحد دلوقتي مش هي .. سامع ؟؟
-ماشي يا عبير .. براحتك.
قال"عمر"ذلك ثم نهض و تركها بينما زفرت"عبير"في ضيق ...
-لا ده انتي بقيتي تمام خالص الحمدلله اعصابك راقت.
قال الطبيب المشرف علي علاج"داليا"ذلك بينما قالت"ياسمين":
-طب اظن بقي انه كده ينفع تخرج معايا و لا ايه يا دكتور يا ايمن ؟؟
إلتقط"أيمن"من"ياسمين"لوحة تسجيل حالة"داليا"اليومية ثم قال:
-ينفع جدا يا دكتورة هي اصلا تمام مافيهاش حاجة بس اعصابها كانت تعبانة شوية.
منحت"ياسمين"شقيقتها إبتسامة واسعة ثم تطلعت إلي"أيمن"الذي راح يدون التقرير باللوحة بينما شكرته"داليا" برقة قائلة:
-انا متشكرة اوي يا دكتور و اسفة لو كنا تعبناك معانا.
-انتي بتقولي ايه بس يا انسة داليا ده اقل واجب ممكن اعمله معاكي و مع الدكتورة ياسمين.
قهقهت"ياسمين"بمرح قائلة:
-يسمع منك ربنا و اتخرج علي خير عشان ابقي دكتورة رسمي.
ضحك"أيمن"بخفة ثم قال:
-ماتقلقيش يا دكتورة هتتخرجي بس ساعتها ..
قاطعته"ياسمين"قائلة:
-عارفة و الله .. اكيد يعني ان شاء الله هاجي اشتغل معاك.
كانت"داليا"تتابع ما يحدث بين الطرفين و هي تنقل نظراتها بينهما في صمت ثم أشرق وجهها بإبتسامة بسيطة ...
كان يجلس وراء مكتبه ، مستندا بظهره علي مقعده ، معطفه مفتوح و قد مد ساقيه أمامه كي يرتاح ،فك ربطة عنقه بعصبية ثم عاد يفكر من جديد .. تذكر لحظة سقوطها أرضا أمام عينيه ، لم يدعها تسقط بل إندفع نحوها مسرعا قبل أن تلمس رأسها الأرض ، حملها بسرعة إلي أريكة عريضة من الجلد الأسود توسطت حجرة مكتبه ثم عاد إلي هاتفهها ، تحدث إلي شقيقتها و علم بأمر وفاة والدتها و عندها نظر إليها من موضعه يستوضح تعابير وجهها الهاديء البريء ثم أفاق علي صوت شقيقتها المضطرب ، طلبت منه إحضار"داليا"إلي إحدي المستشفيات و التي تعمل بها بين الحين و الأخر فأطاع أمرها حيث أغلق الخط معها ثم توجه إلي"داليا" ..
ظل يرمقها طويلا ثم أخيرا حملها بين ذراعيه ، كانت متراخية كليا بينما خطي بها إلي خارج المكتب غير آبه بنظرات العاملين إليه الذين إجتمعوا دفعة واحدة في صمت لمشاهدة ذاك المشهد المثير للدهشة و الإهتمام ..
وضعها بسيارته في المقعد الخلفي بروية حيث مددها جيدا ثم أخذ مكانه في المقعد الأمامي ثم أدار عجلة القيادة و أنطلق سريعا إلي المشفي تبعا لإرشادات شقيقتها ، لم يجد تفسيرا حتي الأن لسبب بقائه بجوارها حتي أطمئن عليها ، و لكن أمر توليه دفع رسوم المشفي كان واجبا .. :
-الشركة كلها مالهاش سيرة غير حضرتك.
أفاق"عز الدين"من شروده علي صوت "خالد"الذي أقتحم المكتب فجأة و جلس قبالته ثم تابع:
-سيرتك بقت علي كل لسان .. انت عملت ايه ؟؟
فأجابه في هدوء:
-ما انت عارف كل حاجة هتستعبط !
-و الله انا كل اللي اعرفه ان داليا تعبت فجأة و اغم عليها و ان حضرتك اللي وديتها المستشفي بنفسك.
-بس .. هو ده كل اللي حصل.
-ممم .. طب و هي تعبت من ايه ؟ ايه اللي حصل يعني ؟؟
هز كتفيه قائلا:
-اصل والدتها اتوفت و لما جالها الخبر علي التليفون من اختها وقعت من طولها فجأة.
-اه .. طب و انت عملت ايه اديتها اجازة و لا لأ ؟؟
- ايوه يا سيدي بلغت اختها وقت ما تتحسن خالص تبقي ترجع علي مهلها.
أومأ"خالد"رأسه مهمهما ثم قال متسائلا:
-طب انت مالك كده ؟ شكلك ..
-شكله ايه ؟ ماله شكلي ؟؟
قال"عز الدين"ذلك مقاطعا فقال"خالد":
-مش عارف بس شكلك مش عاجبني متغير كده او مرهق مش عارف.
صمت"عز الدين"قاطبا حاجبيه في استغراب بينما أسرع"خالد"إلي القول:
-عموما خد بالك من نفسك يا عز مش عايزينك ترجع تتعب تاني.
أومأ"عز الدين"رأسه ثم تنهد بعمق فيما نهض"خالد"تاركا إياه لأفكاره ، ثم توجه إلي مكتبه ..
ثم فجأة قفزت برأسه صورتها ، فأبتسم ثم أمسك بهاتفهه و أجري الإتصال بها ليأتي صوتها بعد لحظات:
-الو.
-حبيبتي .. وحشتيني عاملة ايه يا بيرو ؟؟
-كويسة .. تمام .. و انت ازيك يا خالد ؟؟
أجابها بصوت هاديء و ناعم:
-انا كويس طبعا يا حبيبتي طول ما انتي كويسة.
تأخر ردها قليلا فتسائل:
-عبير ! انتي معايا ؟؟
-اه اه يا خالد معاك.
سألها بقلق:
-مالك يا حبيبتي انتي كويسة ؟؟
-اه .. اه كويسة.
فقال في شك:
-لأ .. شكلك مش كويسة .. يلا قوليلي مالك في ايه ؟؟
-مافيش حاجة يا خالد.
فقال بإصرار:
-قولي .. انا متأكد ان في حاجة مضيقاكي.
-صدقني مافيش حاجة انا بس شديت انا و عمر شوية في الكلام.
-ليه كده ؟ ايه اللي حصل طيب ؟؟
تمهلت قليلا ثم قالت:
-اصله بصراحة بيروح لـ كوكو من ورا عز و كان عايز ...
-لحظة لحظة.
قاطعها"خالد"مسرعا ثم تابع:
-مين كوكو ؟؟
فأجابته:
-كوكو دي تبقي مامي.
فهتف"خالد"بدهشة:
-يانهار اسود .. عمر بيروح لـ مدام كاميليا ؟ يخربيته الواد ده مش هايجبها لبر مع اخوه.
ثم إستدار بمقعده فجأة ليري"عز الدين"واقفا أمامه فحدق به في فزع ، بينما إندفع"عز الدين"بخطوات واسعة جدا تاركا الشركة بأكملها فتبعه"خالد"راكضا و هو يقول:
-يا عز .. استني طيب .. الله يخليك اصبر .. طب هتعمل قولي ؟؟
فيما قفز"عز الدين"أمام مقود سيارته التي كانت تقف أمام الشركة مشغلا محركها بعصبيته الجنونية ليحولها علي الفور إلي آلة مجنونة مثله راحت تلتهم الطرق بوحشيه و هي تصرخ عاليا كشيطان هائج مسعور ، حتي أنه في أقل من ساعة كان يقتحم ساحة قصره .. المنزل الذي شهد ولادته و طفولته و صباه و مطلع شبابه و الذي شهد أيضا علي .. خيانة والدته لوالده ..
ما أن تذكر ذلك حتي جن جنونه أكثر و كأن شيطاين العالم مسته ، فأسرع يصعد درجات السلم الرخامية المؤدية لباب منزله قفزا يسبقه صراخه الهستيري الذي كاد يرج المنزل ذا البناية الصلبة:
-عمررررر .. عمرررررر.
فتحت له إحدي الخادمات فزعه فيما جاءت"عبير"راكضة و قد علت وجهها علامات الخوف و الفزع ، فقد علمت للتو من" خالد"أن شقيقها أصبح علي علم بكل شيء ، بينما رفع"عز الدين"وجهه إلي الطابق العلوي صارخا بأعلي صوته:
-عمرررررر .. عمررررر.
ثم صعد بنفسه بعض الدرجات فإذا بـ"عمر"يهبط الدرج بسرعة مقبلا عليه بدهشة قائلا:
-ايه يا عز مالك بتزعق كده ليه ؟؟
فأسرع"عز الدين"يتلقاه بسخرية جنونية:
-اهلا .. اهلا بأخويا الصغير .. اهلا بأبن ابويا .. اهلا بأبني اللي ماخلفتوش .. ماكنتش اعرف انك قادر بالشكل ده .. ماكنتش اعرف انك ممكن تستغفل اخوك الكبير اللي رباك طول السنين دي و كبرك ماكنتش اتوقع منك كده ابدا .. بس برافو يا عمر.
و راح يصفق بكفيه في عنف و هو يحدق في وجه أخيه بغضب بينما هز"عمر"رأسه بإستفهام قائلا:
-انا مش فاهم حاجة يا عز ! ما تتكلم بوضوح عشان اعرف ارد عليك كويس !!
فزمجر"عز الدين"في غضب قائلا:
-بتروحلها يا عمر ؟ بتروح للست اللي خانت ابوك ؟ اللي رمتك انت و اختك لما كنتوا لسا عيال صغيرة و لا سألت فيكوا.
ثم تابع بدهشة متسائلا:
-معقولة ؟ معقولة بتروحلها و بتسأل عليها ؟ ايه ! للدرجة دي ماعندكش دم ! ماعندكش نخوة ! .. انا حقيقي هتجنن .. انت مش راجل ؟؟
-ايوه بروحلها .. عشان هي مهما كانت امي و انا ابنها .. انت فاكرني انسان اناني معقد زيك ؟ و بعدين انت يعني عايز ايه اكتر من كده ؟ ابوك و مات راضي عنك فلوس و كتبها كلها باسمك قال ايه عشان حضرتك الكبير العاقل اللي عارف مصلحتنا .. قولي بقي عايز ايه تاني ؟ ناقصك ايه ها ما تتكلم ؟؟
قال"عمر"ذلك و هو يحدق بوجه أخيه في نظرة إستفزازية مهينة بينما إقترب"عز الدين"من شقيقه و قد تحولت عيناه إلي جمرتي نار من هول غضبه ثم أجابه:
-ناقصني ده.
و مع نطقه بها كانت لكمته الهائلة تطيح بـ"عمر"فوق درجات السلم ، فأنفجر صراخ"عبير"التي كانت تقف أسفل الدرج و هي تشاهد"عمر"يتدحرج فوق درجات السلم بينما أسرع"عز الدين" يلحق به ، ثم أمسكه من ثيابه و أوقفه لينهال عليه باللكمات و الركلات حتي انبثق الدم من وجه أخيه و شفتيه فيما إنهمرت دموع"عبير"الصادقة علي خديها ثم هرعت نحو شقيقاها و أخذت تتوسل لـ"عز الدين"و تستجديه قائلة:
-خلاص يا عز سيبه .. عشان خاطري .. طب و رحمة بابا سيبه خلاص سيبه حرام عليك.
و لكن لا حياة لمن تنادي فقد مسه الجنون و كأنه شخص أخر غيره حيث ظل يبرحه ضربا قاسيا حتي تراخي جسده تماما ، فأسرع يجره علي الأرض من ذراعه حتي قذف به خارج المنزل قائلا:
-و رحمة ابوك ما انت معتب هنا تاني و مالكش عندي حاجة روحلها بقي خليها تنفعك.
بينما كادت"عبير"أن تخرج إليه فمنعها"عز الدين"بعنف قائلا:
-ادخلي جوااا .. اياكي تقربي منه فاهمة ؟؟
إزداد بكاء"عبير"فأمسكت بهاتفهها و توارت عن نظر شقيقها الغاضب ثم أجرت الإتصال بـ"خالد":
-الخقني يا خالد ... !!
- يتبع الفصل التالي اضغط على (حتى اقتل بسمة تمردك) اسم الرواية