رواية حتى اقتل بسمة تمردك (1) الفصل العشرون 20 - بقلم مريم غريب
حتى اقتل بسمة تمردك...للكاتبة مريم غريب💖
أمضت"عبير"أسبوع حافل بمنزل زوجها ، فقد بذلت جهدا غير عاديا ، حيث تعلمت كافة الأشغال المنزلية من طهو و تنظيف و غير ذلك ، و رغم أن طعامها المحترق كاد يفقد"خالد"شهيته تجاه جميع أصناف المأكولات ، إلا أنه وجد لذة مختلفة فيه جعلته يلتهمه بشراهة غير آبه بطعمه ، بينما إمتنعت"عبير"بشدة عن تذوق لقمة واحدة من طعامها العجيب ، بل إكتفت بتناول الوجبات السريعة ، علي الجانب الأخر ، كانت تشعر بالكبت و الضيق في صدرها ، فهي تريد أشياء كثيرة من زوجها بدون أن تعرف طبيعة هذة الأشياء !
و قد تصرف"خالد"معها بأدب طيلة الوقت ، و كان لطيفا إلي أبعد الحدود ، فماذا تريد أكثر من ذلك ؟ .. إكتشفت أن ما يضايقها حقا هو جفائه الغير معتاد بالنسبة إليها ، فهي إعتادت علي"خالد"المحب الحنون الذي كان يتحرق لمجرد رؤيتها فقط ، و الذي كان يهب واقفا في حضرتها إحتراما و محبة ، و لكنه الأن تحول بصورة كبيرة غير مألوفة لها ، باتت تحس أنه أصبح غير شغوفا بها كما كان في السابق ، كما أنه لم يعد يقتنص الفرص كي يودها مثلما كان يفعل دائما ، حيث كان يلثم وجنتها بقبلة عابرة ، و أحيانا يحتضنها بحنان هامسا بأذنها كلمات العشق ... شعرت بالحزن الشديد لتحوله الكبير ، رغم أنها تعلم جيدا أن كل ذلك طبيعي و أنها تستحق أن تُعامل بشدة و قسوة حتي تكفر عن ذنبها ، و لكنها بشر علي أي حال و قد تعذبت نفسيا بما فيه الكفاية ، كما أنها في أمس الحاجة إلي العطف و الحنان بعد أن فقدت الإتصال بأخويها ..
عندما عاد من عمله ، كانت قد إنتهت لتوها من تنظيف المنزل ، و كم بدا عليها التعب و الأرق ، لكنها تحاملت علي نفسها و إتجهت إلي المطبخ لتسرع في إعداد وجبة العشاء ، بينما صعد إلي غرفته كي يبدل ملابسه ..
لدي عودته إلي المطبخ رأي أربع سمكات سلمونية مرقطة موضوعة علي طاولة رخامية ، أسرعت"عبير"فورا و إنهمكت في إخراج أحشائها و تنظيفها ، ثم رشتها بالطحين و الملح و مددتها في مقلاة كبيرة مدهونة بالزبد ثم وضعتها علي نار موقدة مباشرة ، قطب"خالد"حاجبيه ذاهلا و تساءل .. من أين تعلمت كل ذلك ؟ .. أصبحت ماهرة في إعداد الطعام ، غير أن الرائحة الزكية تصاعدت شهية ، لم تنتبه"عبير"لوجوده إلا عندما إستدارت لكي تحضر الأطباق ، تشابكت نظراتهما فإبتسمت ببساطة قائلة:
-غيرت بسرعة .. تعالي اقعد بقي الاكل خلاص قرب يخلص.
بعد أن غسلت يديها ، كان"خالد"قد سحب مقعد مرفق بطاولة صغيرة توسطت قاعة المطبخ ، بينما سكبت الأرز في طبقين و وضعت علي الطاولة أبريقا من العصير الطازج ، ثم إندفعت مسرعة نحو الموقد لتنقذ السمك من أزيز المقلاة الحارقة ، ثم وضعته محمرا شهيا علي طبق التقديم و جلست قبالة"خالد"قائلة:
-يلا دوق بقي .. انا متأكدة ان اكلي انهاردة هيعجبك.
أومأ رأسه دون كلام ، ثم بدأ في تناول الطعام ، إلتقم قطعة من لحم السمك فوجد الطعم لذيذا بحق ، فأخذ يأكل بشراهة بالغة ، فهو يعمل و بالتالي لدي عودته إلي المنزل يكون جائعا ، و ما أشهي الطعام حين يكون المرء جائع !
بينما إتسعت إبتسامة"عبير"عندما وجدته يلتهم الطعام بتلك الشهية ، فيما توقف عن إيصال ملعقة الأرز إلي فمه ، ليرفع حاجبيه بحيرة متسائلا:
-ايه .. مابتكليش ليه ؟؟
منحته إبتسامة مترددة ثم قالت:
-هاكل .. هاكل.
ثم أمسكت بملعقتها و بدأت تتناول الطعام بدورها .. ظلت تترقبه و هو يأكل ، إنتظرته حتي فرغ من تناول طعامه ، و قبل أن ينهض و يتركها كعادته سارعت إلي القول:
-خالد !
كاد ينهض لكنه سكن بموضعه ناظرا إليها في تساؤل ، فقالت في توتر:
-كنت .. كنت عايزاك في موضوع.
حدق فيها بتركيز بالغ ، ثم سألها بإصغاء:
-خير موضوع ايه ؟؟
إدردت ريقها بصعوبة ثم قالت بصوت مبحوح:
-عايزة اروح ازور عز الدين و عمر .. ينفع توديني اشوفهم ؟؟
ضغط علي شفتيه بقوة ثم صمت لبرهة و قال:
-اظن من الافضل بلاش تحتكي بيهم دلوقتي.
-بس دول اخواتي و وحشوني اوي.
هتفت واهنة و سرعان ما تجمعت بعيناها الدموع ، و رغم ذلك لم يتأثر"خالد"بل تنهد بعمق ثم قال ناهيا الحديث:
-لازم تعرفي اني اتجوزتك بالسرعة دي عشان ابعدك عنهم و بس .. لو كنتي رجعتي الله اعلم كان ممكن يحصلك ايه ! اخوكي مابيقدرش يتحكم في اعصابه و خصوصا ان غلطتك كبيرة و فكرته بذكريات قديمة طول عمره بيحاول ينساها.
آلمتها عبارته ، فإنقبض صدرها في حزن ، بينما تابع بلا إكتراث:
-لو عايزة ترجعي انا ماعنديش مانع .. بس نصيحتي ليكي بلاش .. علي الاقل دلوقتي ممكن تصبري شوية لحد ما الامور تهدا و بعدين ابقي ارجعي.
لقد تعمد"خالد"أن يظهر هزءه و إزدراءه لها ، إلا أنه لم يتصور أن وقع كلماته سيكون عميقا بنفسها إلي هذا الحد ، إذ أنها أطرقت رأسها بأسي و بدت مفاصل أصابعها شديدة البياض و هي تقبض بيدها علي الملعقة ، أدرك"خالد"أنه أصاب منها وترا حساس مما أراحه و أزعجه في آن معا ، فهو يريدها أن تتعذب و أن تتألم كما عاني هو الأمرين في الأيام السابقة ، و بنفس الوقت ضايقه أن يراها متألمة إلي هذا الحد ، لكنه ضرب بنداء قلبه و مشاعره عرض الحائط و هب واقفا ، ثم تركها و مضي في سبيله متجها إلي غرفته ، بينما كبتت نشيجها و إنتحبت بصمت .. حتي هو لم يعد يهمه أمرها .. خاطبت نفسها بمرارة .. حتي هو لم يعد يريد وجودها بحياته ، لم يعد يحبها و إنما تزوجها فقط كي يحميها من غضب أخيها ، شعرت "عبير"بالتعاسة و ودت لو ركضت خلفه و توسلت إليه أن يغفر لها و قالت له أن عواطفها المضطربة هي سبب كل ما حدث لها ، و لكن كيف السبيل إلي الحديث معه ؟ ربما لو تحدثت إليه لرمقها بقسوة و إزدراء كما فعل منذ قليل ، إستنشقت"عبير"نفسا عميقا و هدأت نفسها ، ثم نهضت و أمسكت بالأطباق بيدين مرتعشتين و إتجهت إلي الحوض عازمة علي تنظيف الصحون ، كان الألم مستحوذ علي سائر حواسها ،فلم تنتبه إلي خطاها ، فتعثرت قدمها ليسقط أحد الأطباق من يدها و لتدوس بقدمها علي حطامه المكسورة ، فإنغرزت بعضها في جلدها ، فأطلقت صرخة مدوية و سقطت علي الأرض و هي ممسكة بقدمها المجروحة ، راحت تتفحص ما أصابها ، فرأت الدم يتدفق من التمزقات التي شقت جلدها ، و إمتزجت آلام جروحها بشعور الكآبة الذي كانت تكابده ، فأطلقت العنان لدموعها تجري فوق خديها ، إستغرقتها هذه الحالة فغطت عينيها بذراعها ، فلم تلاحظه يتقدم نحوها مهرولا ، و عندما أحست بوجوده تطلعت ببصرها نحوه ثم مسحت بسرعة آثار دموعها عن خديها بظهر يدها كالأطفال ، بينما تطلع إليها في قلق خاول أن يخبئه دون جدوي فسألها:
-ايه اللي حصل ؟ سمعتك بتصرخي ؟!
هزت رأسها بإضطراب ثم قالت و شفتاها ترتجفان بشدة:
-مافيش .. مافيش حاجة.
نظر إليها بتشكك ، ثم جال بنظره في أرجاء المكان حتي وقعت عيناه علي بقع الدم فوق الأرض بجانبها ، فإتسعت عيناه في هلع ، ثم أسرع و جثي علي ركبتيه أمامها رافعا قدمها المجروحة و فخصها ، فقالت واهنة:
-قلتلك مافيش حاجة .. انا كويسة الطبق اتكسر بس و ...
-ششش اسكتي.
قاطعها بحزم آمر ، ثم تحرك و حملها علي ذراعيه ، توجه بها نحو غرفتها ، أصبحا أمام باب الغرفة ففنحه راكلا إياه بقدمه ، ثم دلف بها و سار نحو الفراش ليضعها فوقه ..
تركها للحظات ، ثم عاد حاملا صندوق الإسعافات الأولية ، جلس قبالتها ، ثم أولا أمسك بقدمها و راح يخرج منها قطع الزجاج بتمهل ، بينما أخذت تئن بصمت من الألم ، و لكن غمرتها فجأة موجة من الدفء الحالم ، و أحست بأنه لا زال يكن لها بعض المشاعر ، و بخاصة حين طفق يغسل قدمها برقة متناهية بدت متناقضة بشكل لا يصدق مع تصرفه السابق ، بعد ذلك طهر الجروح بسائل معقم ثم جفف قدمها علي مهل ، و لفها بضمادة نظيفة ، طوال الوقت كانت لمساته ناعمة كالمخمل .. حتي إنتهي من إسعافها ، فمددها علي فراشها و غطاها جيدا حتي ذقنها ، فبكت بوهن هامسة:
- .. و اسفة تعبتك.
حدق بوجوم إلي وجهها ، و إبتسم بسخرية ثم أومأ رأسه ، فلمست"عبير"في نظرته شيء من العذاب ، فيما أخذت تتوسل إليه و قد بح صوتها:
-عايزة اشوف اخواتي .. ارجوك.
تنهد بثقل ثم أغمض عينيه بقوة و هو يصارع مشاعره المتأججة في صدره ، ثم عاد ينظر إليها .. تأثر بدموعها هذه المرة ، فمد يده و ربت علي وجنتها بلطف قائلا:
-حاضر .. حاضر يا عبير.
إبتسمت حين سمعته يطمئنها فأغمضت عينيها لا شعوريا و إستغرقت في نوم هادئ و هي تشعر بشعور مريح و"خالد"يربت علي وجنتها ثم ينحني ليضع قبلة علي جبهتها ... !
في الصباح التالي ، إستيقظت"ياسمين"علي أصوات زقزقة العصافير و حفيف أوراق الشجر ، فتحت عينيها دون أن تحرك رأسها ، فتمتعت بمنظر آشعة الشمس الذهبية التي كانت تغطي سقف غرفتها الملونة ، شعرت أن الثلاثة أسابيع التي قضتها في قصر الـ"نصار"جعلتها تتعلق بهذه الغرفة و أثاثها الجميل ، و ستائرها التي حيكت باليد ، و بهذه المكتبة التي وفرها لها"عز الدين"من أجل دراستها ، كان لطيفا معها بحق ، حيث أنه نسي أنها أهانته بمنزلها ، تغاضي عن جميع المشكلات و قابلها بمنتهي الرحب و السعة حتي أشعرها بأنها في منزلها .. أنتزعها من تفكيرها فجأة صوت إرتطام الحصي بزجاج شرفتها ، فإبتسمت فورا لأنها علمت من الفاعل ، فدفعت الغطاء عنها و نهضت متجهة صوب الشرفة ، توقفت فجأة و أختبئت وراء حافة الشرفة لتختلس النظر إليه ، فسمعته يناديها عابسا ، فكبتت بكفها ضحكة مرحة ، فعاد يناديها مرة أخري يطالبها بإظهار نفسها فورا:
-ياسمين .. انا عارف انك فوق و سامعاني .. هتبصيلي و لا اطلعلك انا علي الشجرة دي ؟؟
عند ذلك إنفجرت ضاحكة ، ثم دفعت باب الشرفة الزجاجي و طلت إليه قائلة:
-عايز ايه يا عم انت ؟ كفاية بقي بقيت مزعج .. ايه ماوركش غيري ؟؟
منحها إبتسامة مرحة ثم قال و هو يرمش ليحمي عينيه من ضؤ الشمس:
-لو ماكنتيش بصيتي كنت هطلعلك علي الشجرة بجد.
ضحكت بخفة قائلة:
-ليه حضرتك روميو مثلا ؟ عموما انصحك ماتعملهاش لانك لو وقعت من علي الشجرة و رقبتك اتكسرت انا مش هتبرع و اعالجك زي ما عملت قبل كده.
قهقه بقوة ثم قال:
-لا ماتقلقيش انا محافظ علي صحتي كويس عشانك يا جميل.
-يسلام ! طب و انا ايه دخلي بصحتك ؟؟
-دخلك كبير طبعا .. مش سبق و قلتلك انك تخصيني ؟ تخيلي كده مثلا ان حد ضايقك مين اللي هيتصدرله غيري يا سو يا حبيبتي ؟؟
-ماشي يا سيدي .. رغم اني بعرف ادافع عن تفسي كويس بس المهم .. انت كنت عايز مني ايه علي الصبح كده ؟؟
-عايزك تنزلي تفطري معايا يلا تعالي.
-اشمعنا انهاردة يعني ؟ ايه السبب ؟؟
-منغير سبب يا ستي هتنزلي و لا لأ ؟؟
لفظ أخر كلماته مزمجرا فضحكت قائلة:
-ماشي نازلة.
إنفرج ثغره بإبتسامة واسعة ثم قال:
-مستنيكي .. بسرعة متتأخريش.
مر أسبوع أخر عليها بمنزله و هي لا تزال زوجته ، كلما بحثت عن فرصة مناسبة كي تتركه و ترحل عنه بلا رجعة تجد الأبواب مغلقة بوجهها ، فهو بات يغير مواعيد ذهابه و عودته إلي المنزل ، مما جعلها خائفة من إقتناص أي فرصة قد تضعها أمامه في مواجهة حادة ، و لكنها مازالت عند قرارها ، ستتركه رغم أنه أبدي تحولا بسيطا حيث أنه ما عاد يتعرض لها بالكلام القاس الجارح ، بالإضافة إلي أنه أصبح يتجنبها قليلا كي لا يحدث بينهما أي شجار قد يؤدي إلي عواقب لا تبقي و لا تذر ..
فكرت بشقيقتها ، يجب أن تبقي هي عندما تذهب أولا ثم تتصل بها من الخارج و تبلغها بمغادرة القصر هي أيضا ، كان هذا هو قرارها الحكيم فهي لا تريد إحداث بلبلة كي لا تلفت إنتباه أحد إلي مخططها الذي عزمت منذ أسبوع علي تنفذيه ..
فكرت به أيضا ، كم حدثت نفسها طوال ذلك الأسبوع بتجاهله و دفن ذكراه إلي الأبد خلال الأيام الفائتة ، لا يمكنها بناء أي مستقبل مع هذا الرجل ، بل ستجد نفسها بائسة ، تعاني الوحدة و الشقاء و الغيرة و العذاب ، لتطرد شبحهه مرة واحدة و إلي الأبد ، إنه رجلا لن يتواني أبدا عن تدميرها و سحق آمالها فهي و من دون أي شيء هشة قابلة للكسر ، يكفيها ما فعله بها إلي الأن ..
كانت تقف بالمطبخ تشرف علي الخادمات كعادتها في كل يوم ، فستللت فجأة إلي أنفها رائحة الطعام ، فشعرت بالغثيان يعاودها بقوة مجددا ، لكنها غالبته بكل قواها .. لم تشعر بـ"فاطمة"حين إقتربت منها و سألتها بنبرة قلقة:
-ست داليا .. انتي كويسة ؟؟
حولت"داليا"نظرها إليها ثم إبتسمت بشحوب قائلة:
-اه يا فاطمة .. كويسة .. روحي كملي شغلك.
أومأت الفتاة رأسها ثم إنسحبت في هدوء ، بينما أتاها دوار قضي علي تماسكها ، فترنحت بضعف ، ثم سقطت فاقدة للوعي ..
إستعادت"داليا"فيما بعد وعيها غير كامل ، حيث أنها كانت نصف واعية بما بدور حولها ، ميزت أصواتا لأشخاص تعرفهم و أصواتا أخري لأشخاص لا تعرفهم ، و كان من بينهم"عز الدين" .. بدا صوته في البداية قلقا متوترا ، ثم تحول بالتدريج إلي الإنفعال و التساؤل ، لم تستطع تمييز الحوار الذي دار من حولها ، جاهدت كي تستعيد كامل وعيها دون جدوي ، فأستسلمت للإغماءة تحتلها ..
بعد قليل فتحت"داليا"عينيها دفعة واحدة عندما سمعت صوت هاتفهها يصدر نغمته الصاخبة ، معلنا عن وصول رسالة جديدة ، إنتصبت نصف جالسة و هي تشعر بإعياء شديد ، و بطنين مزعج يدوي بأذنيها ، ثم مدت يدها و تناولت هاتفهها لتقرأ الرسالة التي وصلت لتوها ... إتسعت عينيها و هي تكتم فمها بيدها كي لا تطلق صرخة آلم مدوية بأركان المنزل ، و بدون أن تفكر قفزت من الفراش متجاهلة آلمها الجسدي متذكرة آلمها النفسي ، يكفي هذا ، يكفي حقا ، لقد تحملت منه حتي طفحت كأسها ، ما الذي تنتظره بعد ؟ أن يأتي لها بنسائه إلي المنزل ؟
فتحت الخزانة ، بدلت ملابسها بيدين مرتجفتين ، ثم خرجت من الغرفة ، هبطت الدرج بحذر دون أن تصدر أي صوت ، ثم إندفعت مهرولة بخفة إلي الخارج ، واصلت ركضها حتي وصلت إلي البوابة الكبيرة ، فأمرت الحارس قائلة:
-انت .. افتح الباب.
رمقها الحارس بدهشة ثم قال بإرتباك:
-حضرتك .. حضرتك هتخرجي لوحدك ؟؟
-و انت مالك ؟ افتح الباب بقولك.
صاحت غاضبة فتوتر الحارس قائلا:
-حاضر حاضر بس يعني الجو ليل و ..
صمت بقلة حيلة ثم قال:
-هو فين مصطفي طيب ؟ ياخد حضرتك بالعربية في المكان اللي انتي عايزاه هو لسا داخل لعز الدين بيه ا ...
-افتح الباااب.
قاطعته صارخة ، فإنتفض الحارس علي أثر صرختها ثم فتح لها اليوابة علي مصراعيها و هو مشتت لا يعلم أكانت فعلته صحيحة أم خاطئة ، و ياللهول إن كانت خاطئة ، فحتما سوف يلقي حتفه علي يد"عز الدين" ..
بينما خرجت"داليا"تاركة خلفها منزل يعج بذكرياتها الأليمة ...
- يتبع الفصل التالي اضغط على (حتى اقتل بسمة تمردك) اسم الرواية