Ads by Google X

رواية حتى اقتل بسمة تمردك (1) الفصل الخامس عشر 15 - بقلم مريم غريب

الصفحة الرئيسية
الحجم

  

 رواية حتى اقتل بسمة تمردك (1) الفصل الخامس عشر 15 - بقلم مريم غريب

 
                    
تجمدت"عبير"بمكانها و قد شحب وجهها ، فسارعت"ريم"و أجابت عنها قائلة:
-ايوه طبعا روحنا المستشفي .. كان لازم اوديها عشان اطمن عليها بعد ما شوفتها مخضوضة زي ما قلت.
أومأت"ياسمين"رأسها في هدوء و هي ترمقهن بنظرة مبهمة ذات مغزي ، بينما إستئنفت"ريم"سيرها أخذة"عبير"إلي غرفتها ، فيما خيم صمت ثقيل لثوان قليلة قبل أن يقطعه"عز الدين"بصوته العميق حين هتف بإسم إحدي الخادمات ، فحضرت"فاطمة"سريعا:
-امرك يا بيه ؟؟
أجابت"فاطمة"بإحترام فسألها:
-العشا جاهز ؟؟
-ايوه حضرتك .. تؤمر بحاجة تانية ؟؟
هز رأسه نفيا ثم أصرفها بحزم ، فإنسحبت بهدوء ، بينما قاد"عز الدين"الجميع إلي حجرة الطعام حيث تلك المائدة الفخمة التي إصطف عليها أثمن الأواني الفضية و الزجاجية ، و التي تحتوي أيضا ما لذ و طاب من الكلاء و الشراب ..
أثناء تناول العشاء لم تجد"داليا"شهية للطعام ، إذ كانت أفكارها تشغل حيزا كبيرا من كافة حواسها ، غير أن قلقها كان كافٍ جدا بأن يشعرها بعدم الرغبة في تناول أي شيء ، إلا أن إهتمامها كان مركزا علي ذلك الرجل الذي جلس بالقرب منها ، لم يشترك إلا نادرا فقط في الأحاديث الشيقة و المثيرة التي طرحها"خالد"بمرح قاصدا تلطيف الأجواء ، كان أيضا يأكل طعامه بهدوء بالغ ، و قد بدا متحفزا متأهبا و متيقظا لكل حركة ، فيما تألمت"داليا"قليلا و شعرت بالإنزعاج لأنه كان لا ينظر إليها إلا بشكل عابر و كأنها ليست تلك الفتاة التي كان يتحرق للحصول عليها ، و كأنها ليست زوجته ، تحول سحره الذي تتذكره بوضوح إلي برودة مزعجة ، فأشاحت بنظرها عنه و بقيت تعبث في طعامها ،بينما أخضر الخادم الحلويات المغطاة بطبقة سميكة من القشدة الشهية ، فإمتنعت"داليا"حتي عن النظر إليها تجنبا لحساسية صدرها التي قد تمرض بها إذا تناولت و لو القليل من هذه الحلويات ، إلا أن"ياسمين"قبلت الحلويات بصدر رحب ، حيث غرزت ملعقتها في القشدة و الفاكهة اللذيذة ثم راحت تأكل بشهية ، فعلق"خالد"ضاحكا:
-حاجة نادرة و ممتعة اننا نشوف واحدة بنت بتاكل بالشهية دي منغير خوف من زيادة الوزن.
إبتسمت"ياسمين"بخفة ثم قالت ممازحة:
-اي انسان عادي مستحيل يتمالك نفسه قدام حلويات زي دي.
ثم تابعت في هدوء:
-علي اي حال انا مريضة بالغدد الدرقية من و انا طفلة يعني مش ممكن اتخن اوي مهما اكلت.
مضت بقية السهرة علي وتيرة هادئة مرحة ، بفضل مشاركات"خالد"و"ياسمين"لبعض الموضوعات و المواقف الطريفة ، مضت السهرة و لم يأتي"عمر" .. كان يود"عز الدين"إنتظاره لأخر لحظة ، لكنه شعر بالملل و الإنزعاج ، فأهمل أمره ثم وقف فجأة معلنا أن الوقت قد حان للإنفراد بعروسه ..
إنصاع الجميع لأمره ، فإستأذن"خالد"بهدوء و رحل ، كما أن"ياسمين"إصطحبتها"فاطمة"إلي الطابق العلوي تبعا لأوامر"عز الدين"خيث قادتها إلي الغرفة التي خصصت لها ..
بينما وقفت"داليا"قي مواجهة"عز الدين"مطرقة الرأس و هي تشعر بأنها تكاد تسمع ضربات قلبها العنيفة ،فيما مد يده و أمسك بيدها فشعرت بكهرباء تسري بأوصالها جراء لمسة يده ، كانت"داليا"تخشي هذا الرجل بقدر ما تحبه ، لكنها تخشي أكثر ضعفها أمامه ..
عندما وصلا إلي الفرفة تذكرت"داليا"تلك الذكري القصيرة العابرة التي وقعت لها هنا ، إلا أنها بدأت تتأملها بصمت ، لم يغير"عز الدين"فيها الكثير فقط أضاف بعض الأشياء البسيطة التي فطن من خلال معرفته بها بأنها ستعجب بها ، كتلك السجادة الوثيرة ذات الألوان الزاهية التي غطت الأرض الرخامية اللامعة ، و أيضا تلك الستائر الرقيقة التي تهادت أمام النوافذ العريضة التي سمحت للشمس بغمر الغرفة بوفرة في كل صباح ..
جالت"داليا"ببصرها أكثر بإرجاء الغرفة الواسعة ، فلاحظت تلك الخزانة الكبيرة المصنوعة من الخشب السميك القاتم ، و زجاجات العطر الغالية الثمن التي توزعت علي منضدة الزينة ، و جذب إنتباهها أيضا صدر الغرفة الذي كان به باب مفتوحا ظهر من خلفه حمام مترف ..
إرتعش جسدها توترا و هي تفكر بهذه الليلة التي ستشارك فيها زوجها غرفته و فراشه لأول مرة !
إنتفضت فجأة حين شعرت بيديه تقبضان علي كتفيها من الخلف ، إضطربت كثيرا فلا شعوريا إنهمرت الدموع غزيرة من عينيها بدون أن تحاول إيقافها أو مسحها ، إنها امرأة متزوجة الأن و بدلا من أن تتمتع بحياتها الجديدة ها هي في عذاب نفسي أليم ، تعذبها فكرة زواجها من"عز الدين"فهي تشعر بإن زواجهما سوف ينتهي قريبا عندما يمل منها ليعود و يبحث عن إمرأة أخري تمنحه مزيدا من الإثارة ، إمرأة كـ"جومانة خطاب"مثلا !!
شعرت بالخوف الشديد من إمكانية حدوث تلك الفكرة، فعزمت علي القرار بأنها لن تمنحه أي شيء حتي تتبين لها الحقائق كاملة ، إذن لا مجال لإقامة علاقة طبيعية معه .. فهو يريد كل شيء أو لا شيء ..
إتفضت مرة ثانية عندما شعرت بحرارة أنفاسه علي عنقها ، فإبتعدت عنه متوترة قبل أن يسترسل في تصرفاته ، بينما رفع أحد حابيه مستغربا ثم سألها:
-مالك ؟ في ايه ؟؟
أجابته بإضطراب دون أن تلتفت إليه:
-مافيش .. مافيش حاجة.
سمعته يتنهد بثقل ، ثم شعرت به يقترب منها حتي وقف إلي جانبها ، فأمسك بكتفيها و ادارها نحوه لتكون في مواحهته ، فأغمضت عيناها متجنبة النظر اليه فسألها بهدوء:
-داليا .. انتي خايفة مني ؟؟
أجابته بمرارة مستسلمة:
-لأ .. لأ طبعا و هخاف ليه ؟ انت بقيت جوزي و انا لازم اثق فيك.
-طيب افتحي عنيكي.
قال بخشونة ، ففتحت عيناها ببطء لتجده أمامها آسرا و جذابا و مسيطرا ، بدا وجهه تحت أضواء الغرفة الخافتة مثيرا ، كان جماله شيطاني آنذاك ، و كانت ترتجف تحت يديه ، لكنها جاهدت كي تظل عينيها في مواجهة عينيه الحادتين ، بينما مسح شفتيها بأصبعه ثم قال بلطف ناقض تلك القسوة في عينيه:
-عندي هدية ليكي .. هو صحيح جوازنا تم بسرعة بس انا مستحيل كنت انسي اجيبلك شبكتك.
لم تقل شيئا فقط ظلت تحدق به ، بينما إبتسم بخبث فظهرت أسنانه البيضاء المتناسقة ثم تركها فجأة و توجه نحو طاولة صفيرة توسطت الغرفة الكبيرة ، ثم عاد إليها حاملا علبة كبيرة مغطاة بالمخمل الأسود و قال:
-الطقم ده عليه توقيع Graff .. انا ماحبتش ابدا اقدملك اي حاجة.
ثم فتح العلبة أمام عينيها المندهشتين ، و أخرج عقدا من الماس المرصع بالزمرد علي إطار من الذهب و البلاتين مع قرطين مماثلين ..
ثم وقف خلفها و قام بنزع العقد الذي كان يطوق عنقها و الذي لا يساوي شيء مقارنة بالعقد الكامن بيده ، ثم ألبسها المجوهرات الثمينة و أدارها إليه كي يتمعنها أكثر ، فقربها إليه ثم قال هامسا:
-شكلهم بقي احلي عليكي.
إرتجفت"داليا"ثم أبعدت يده عن عنقها ببطء ثم قالت متعلثمة:
-شـ .
- بس ؟؟
هتف بصوت أجش ، فإضطربت و دمعت عيناها بلحظة ثم قالت:
-مش دلوقتي .. كل حاجة جديدة عليا .. ياريت تقدر ده و تصبر عليا يافندم.
رفع حاجبيه الكثيفين في دهشة و قال:
-يافندم ! .. داليا احنا اتجوزنا خلاص .. لسا بتقوليلي يافندم ؟!
إشتعلت وجنتاها تحت وطاءة نظراته فقالت:
-دي حاجة من ضمن الحاحات الجديدة عليا .. مش هقدر انطق اسمك عادي كده.
-ليه ؟ هو صعب اوي كده ؟؟
هزت رأسها نفيا فعبس قائلا:
-طيب .. طالما مش صعب اتفضلي سمعيني .. انا اسمي ايه ؟؟
تطلعت إليه في توتر ، فرفع حاجبه يحثها علي الكلام ، فإرتجفت شفتها و هي تحاول نطق إسمه:
-عـ .. عز .. عز الدين.
بعد ذلك ظلت تتنفس بعمق و كان صدرها يعلو و يهبط بسرعة و كأنها إنتهت للتو من سباق طويل ، فيما إنعكس إضطرابها الداخلي في الإحمرار الذي خضب بشرتها البضة ، فرمقها بنظرة غريبة لم تستطع فهم مغزاها ، ثم راح يلتهمها بعينيه بدءً من وجهها و حتي صدرها ، و بضمة قوية ألصقها به إلي أقصي حد ممكن ، فأطرقت برأسها توجسا ، إلا أنه شدد قبضته عليها في قسوة و إصرار و عناقها عناقا طويلا حارا ..
إسترخت و هي تشعر ببعض الدفء و الحرارة بأحضانه ، كانت تذوب بين ذراعيه كقطعة ثلج ، حتي أفاقت من غيبوبتها الحالمة فجأة حين إبتعد عنها قليلا كي يري تأثير ما فعله بها بتعابير وجهها ، فإبتسم بسخرية خفية عندما لاحظ التجاوب بعينيها و اللوم أيضا علي توقفه ، فربما لو كان إسترسل في أفعاله لكانت رضخت له كليا ، و لكنه أعادها إلي رشدها حينما أبعدها عن دفء حضنه فجأة ..
فيما إصطنع إبتسامة لطيفة و قال:
-انا مابحبش اخد حاجة بالغصب يا داليا .. لازم تكوني راضية و عايزة زيي بالظبط .. و عشان كده بس .. انا هحاول اظبط اعصابي علي اد ما اقدر و هصبر عليكي .. بس ماتراهنيش علي صبري كتير.




 
عاد"عمر"إلي المنزل في ساعة متأخرة من الليل ، و بينما و هو يصعد الدرج المؤدي إلي طابق الغرف ، قابل"فاطمة"فإبتسم بخفة ثم سألها بفظاظة:
-ايه يا بطوط .. صاحية لحد دلوقتي ليه ؟ و جاية من عند مين كده ؟؟
رمقته"فاطمة"بنظرة غاضبة ، لكنها تمالكت نفسها و أجابته بجمود:
-انا مش جاية من عند حد يا عمر بيه .. انا كنت بوصل الانسة ياسمين لاوضتها زي امر عز الدين بيه.
قطب حاجبيه متسائلا:
-مين الانسة ياسمين دي ؟؟
-دي تبقي اخت داليا هانم.
- مين داليا هانم ؟؟
رفعت"فاطمة"حاجبيها بذهول قائلة:
-داليا هانم ..مرات عز الدين بيه.
تأوه"عمر"و هو يضرب جبينه بباطن كفه قائلا:
-اه اه اه صح .. داليا مرات عز.
ثم تابع في خبث:
-بس هي طلعت عندها اخت ؟ .. حلو حلو.
-نعم !!
إلتفت إليها منتبها ثم عنفها قائلا:
-ايه انتي لسا واقفة ؟ يلا روحي نامي .. يلا.
رمقته"فاطمة"بإزدراء و كادت تغرب عن وجهه إلا أنه إستوقفها قائلا:
-استني هنا.
عادت تنظر إليه من جديد فسألها:
-هي فين ؟؟
هزت رأسها مستفهمة فعبس قائلا:
-اوضتها فين ؟؟
-جنب اوضة حضرتك علطول.
إزدادت إبتسامته إتساعا و هو يسألها:
-قوليلي يا بطوط .. هي حلوة ؟؟
-اه يا بيه .. حلوة.
-طب خلاص امشي يلا.
هزت"فاطمة"رأسها في عدم رضا ثم هبطت الدرج مبتعدة عنه ، بينما إستئنف"عمر"صعوده حتي وصل إلي تلك الغرفة المجاورة لغرفته ، فطرق الباب بخفة ثم أدار المقبض و دخل بعدما سمع صوتا أنثويا يأذن له بالدخول ، كانت تعطيه ظهرها فيما إنهمكت بترتيب أغراضها داخل خزانة الملابس الكبيرة ، فأمال رأسه و راح يدقق فيها بإمعان و إبتسامته الخبيثة لاتزال تحتل ملامح وجهه حتي سمعها تقول:
-رجعتي تاني يا فاطمة ؟ عايزة حاجة ؟؟
-لأ انا مش فاطمة.
هتف باسما ، بينما إرتعدت بقوة جراء المفاجأة ، ثم إلتفتت لتواجه صاحب العبارة ،ليتجمدا هما الإثنان بنفس اللحظة ، إتسعت عيناهما بشدة و هما يحدقان ببعضهما في عدم تصديق ، خيم الصمت لدقائق طويلة حتي تكلمت"ياسمين"أخيرا فقطبت حاجبيها قائلة:
-انت ! .. انت ايه اللي جابك هنا يا بني ادم انت ؟؟
إستغرق"عمر"ثوان حتي تدارك الأمر فعادت بسمته إلي وجهه مجددا ثم قال:
-انا اللي المفروض اسألك السؤال ده .. انتي ايه اللي جابك هنا ؟ ده بيتي.
-بيتك !!
هتفت في صدمة ، فأومأ رأسه ببطء و عيناه تتفحصان وجهها الذاهل بينما سألته:
-بيتك ازاي ؟!
ضحك بخفة ثم أجابها:
-اقولك ازاي ..البيت ده اساسا كان بيت فريد نصار .. ابويا .. قبل ما يموت الله يرحمه .. ابويا بقي قبل ما يموت بردو خلفني و بعد ما مات البيت بقي بيتي و بيت اخواتي في نفس الوقت .. فهمتي ازاي ؟؟
أومأت"ياسمين"رأسها في هدوء ، و قد توضحت الأمور بعينيها ، و تذكرت أيضا حين أبلغتها شقيقتها بأن"عز الدين"له أشقاء ، و لكن كانت هذه المفاجأة بعيدة كل البعد عن خيالها !
-طيب .. تشرفنا ياسيدي .. اتفضل اطلع برا بقي.
قالت بلهجة حادة ، فإبتسم بقوة قائلا:
-زي ما انتي يا دكتورة .. ماتغيرتيش لسا قاسية .. بس تعرفي احلي حاجة ان اوضتك جنب اوضتي.
أغمضت عيناها بحنق قائلة:
-انت ماسمعتنيش و لا ايه ؟ بقولك اطلع برا.
تمهل قليلا قبل أن يقول بإبتسامة واسعة:
-حاضر .. حاضر يا دكتورة طالع.
ثم إستدار كي يذهب ، إلا أن صوتها إستوقفه:
-استني.
إلتفت إليها مجددا و قد لمعت عيناه خبثا فرمقته بحدة قائلة:
-انا عايزة مفتاح الاوضة دي.
هز رأسه بأسف مصطنع ثم قال:
-للاسف .. الاوضة دي مالهاش مفتاح.
-يعني ايه مالهاش مفتاح ؟؟
أجابها بتهكم:
-يعني مالهاش مفتاح .. ضاع .. احنا ساعات كنا بنستقبل ضيوف عندنا هنا في الاوضة دي و اخر حد جه ضيعه.
أومأت رأسها مغتاظة ثم قالت:
-بس اكيد ممكن يتعمل واحد 
جديد مش كده ؟؟
إبتسم ثم قطب حاجبيه قائلا:
-للدرجة دي المفتاح مهم بالنسبة لك ؟ و لا انتي خايفة مني ؟؟
رمقته بإستنكار قائلة:
-انا .. اخاف منك .. انت !!
ثم قهقهت بقوة ، بينما إصطنع إبتسامة باهتة ثم قال ساخرا:
-عموما بردو ماتخافيش .. و لو قلقانة اوي .. حطي كرسي ورا الباب .. مش ده بيحصل منكوا ساعات بردو ؟؟
-واضح انك عارف ده .. ممكن تكون اتمنعت من دخول اوضة قبل كده بالطريقة دي.
إنفجر ضاحكا ثم رمقها في إستهزاء قائلا:
-يا حبيبتي انا لو عايز ادخل اوضة مش هيمنعني شيء صغير زي كرسي.
-في الحالة دي انا مصممة علي وجود مفتاح.
نظر إليها في إزدراء لبرهة ثم قال:
-يا دكتورة .. انا ذوقي ارقي من كده.
ثم إقترب منها قليلا و همس:
-اوضتك .. هي اخر اوضة ممكن احب ادخلها.
ثم خرج و أغلق الباب خلفه ، تاركا إياها واقفة بوسط الغرفة و قد أحمر وجهها حنقا و غيظا ... !







        
          
                
لم تنم .. ظلت ساهرة ملء جفنيها فيما عيناها لم تكف عن سفح الدموع ، كانت تبحث في محاولات يائسة عن حل لمشكلتها و لكن كل محاولاتها باءت بالفشل ، و كالعادة لم تجد وسيلة للتعبير عن ضيقها و ندمها إلا البكاء ... و بعد تفكير طويل إستقرت علي قرار أخيرا ، رغم ذعرها من تلك الفكرة إلا أنها كانت تفضلها عن نظرات الكره و الإتهام بأعين أحب الأشخاص إليها ، و بالأخص"خالد" .. الحبيب المسكين ، كم كرهت نفسها ، كم أرادت أن تنتقم من نفسها آلاف المرات علي ما فعلته بنفسها ، لا بل علي ما فعلته بهم !
سكتت عن البكاء فجأة ثم كفكفت دموعها و تناولت هاتفهها ، ثم أجرت الإتصال به ... ليأتي صوته الناعس بعد لحظات:
-الو.
جاهدت كي تبقي تبرتها طبيعية و هي تجيبه:
-خالد.
-عبير !!
هتف بقلق ثم سألها:
-ايه يا حبيبتي خير ؟ في حاجة ؟؟
-لأ يا خالد مافيش حاجة.
-اومال بتكلميني ليه في الوقت ده ؟؟
-اتضايقت اني كلمتك ؟؟
-لا لا يا حبيبتي ابدا .. بس قلقت عليكي .. انتي كويسة ؟؟
-اه كويسة .. انا بس اتصلت بيك عشان اسألك سؤال.
-سؤالين يا عمري .. اتفضلي ؟؟
صمتت قليلا ثم سألته بتمهل:
-خالد .. انت بتحبني ؟؟
-بموت فيكي يا حبيبتي .. بعشقك.
عضت علي شفتها بقوة و هي تحارب دموعها ثم خرج صوتها بصعوبة فقالت:
-طيب يا خالد .. انا عايزة اطلب منك طلب.
-آمريني.
-انا عايزاك تسامحني.
-اسامحك ؟!!
سألها بإستغراب بالغ ثم تابع:
-اسامحك علي ايه يا عبير ؟؟
-علي اي حاجة عملتها و ضايقتك.
-يا عبير انتي مش متخيلة انا مبسوط و مندهش ازاي من التفيير اللي حصلك في اليومين دول .. لكن عموما انا عمري لا زعلت منك و لا اتضايقت .. عارفة ليه ؟؟
-ليه ؟؟
-عشان انا كنت متاكد ان هيجي اليوم اللي اسمع منك فيه كلامك ده .. عشان كده كنت مسامحك من البداية يا حبيبتي.
لم تستطع كبت انفعالها أكثر ، فوضعت يدها علي فمها و راحت تبكي بصمت ، و لكنها سارعت تقول بصوت متهدج:
-تصبح علي خير يا خالد.
ثم أغلقت الخط و أخذت تجهش بالبكاء المُر ... !







إستيقظت"داليا"في الصباح التالي قلقة ، فقد أزعحها ضؤ الشمس المنخلل من بين ستائر الغرفة ، ففتحت عيناها ببطء و هي تتمطي في الفراش الدافيء المريح بكسل ، و كم كانت فرحة ، حين نظرت إليه ، حيث كان نائما في سلام تام ، إبتسمت قليلا و تأملته مليا ، قشعرت برغبة جامحة في أن تدفن وجهها بصدره ، لكنها تغاضت عن هذا الفعل و عوضا عليه راحت تتذكر تفاصيل الليلة الماضية ..
بعد حديثهما الطويل الذي ختمه بعناقه الحار ، دلف إلي الحمام كي يبدل ملابسه ، بينما وقفت وحيدة بوسط الغرفة ، فمدت يدها إلي سحاب الفستان لتنزله لكنه علق بعناد ، و لم تفلح كل محاولاتها ، فصرخت بنفاذ صبر ، و إذا به يأتي من خلفها فجأة قائلا:
-حسبي .. خليني افكلك السوستة.
كان قد نزع ملابسه باكملها حيث لم يكن يرتدي سوي سروالا أسود ، مما ضاعف إرتباكها ، فأجابته و هي تواصل محاولاتها الفاشلة:
- .. انا هتصرف.
قاطعها بحزم:
-و بعدين بقي .. لفي بقولك هتقطغي الفستان.
و بقوة غير متوقعة ، أدارها و أنزل لها السحاب حتي نهايته ، فتشبثت بأطراف الفستان لئلا يسقط و يكشف عن جسدها ، فيما قالت مسرعة:
-.
-مش هتقلعي الفستان ؟؟
سألها و هو يحدق فيها بحرأة فأحابت بصوت متهدج:
-مش قدامك.
ضحك بخفة ثم قال:
-ماشي .. هدخل اجيب هدومي من الحمام تكوني غيرتي .. بس بسرعة.
ثم إستدار و عاد إلي الحمام ، و ما أن أغلق الباب من خلفه حتي أفلتت الفستان ليسقط أرضا حول قدميها ، فأسرعت نحو حقيبة ملابسها و أخرجت قميصها الأبيض الحريري الذي كشف عن معظم أجزاء جسدها و كان فضفاض بالوقت ذاته !
أفاقت"داليا"من شرودها باسمة ، ثم راحت تحدق فيه أكثر و أكثر حتي إمتدت يدها دون إرادتها بإتجاه وجهه ، و كادت تلمسه إلا أنه تحرك بقلق ثم تقلب بالفراش برشاقة حتي إستقر علي جانبه الأيمن ، حيث وجه لها ظهره العاري ، إستاءت لذلك ، فهي كانت تريد لمس وجهه ، فنهضت بعناد و إستدارت حول الفراش حتي وقفت أمامه ، فجثت علي ركبتيها أمامه في هدوء ، ثم مدت يدها بحذر كي تلمس وجهه ، ثم فجأة و بدون مقدمات فتح عيناه ثم قال باسما:
-اد كده مش قادرة تبعدي عني ؟؟
صرخت بفزع بينما أطلق ضخكة مجلجلة و هو يتسطح علي ظهره ، ثم نظر إليها و تابع قائلا:
-ماكنتش اعرف ان شكلي بيبقي حلو اوي كده و انا نايم.
وثبت قائمة في سرعة ثم سألته متعلثمة:
-انت .. حضرتك صاحي من امتي ؟؟
رمقها بخبث قائلا:
-من ساعة ما كنتي سرحانة قي وشي لدرحة اني لما فتحت عنيا ماخدتيش بالك.
ثم إنفجر ضاحكا من جديد ، فكادت تموت من شدة خجلها و حاولت أن تجد أي مبرر أو أن تقل شيئا علي الأقل ، لكنه سارع إلي القول:
-خلاص يا داليا .. هدي اعصابك .. انا مابقتش غريب عنك يعني.
ثم ترك الفراش و إتجه نحو الخزانة فسألته:
-حضرتك خارج ؟؟
أجابها دون أن يلتفت إليها:
-ايوه حضرتي خارج.
سألته في تردد:
-رايح .. رايح فين ؟؟
-رايح الشركة.
-رايح الشركة !!
رددت في دهشة بالغة ، فإلتفت إليها ثم أجابها:
-اه رايح الشركة .. قعدتي في البيت مش هتأكلنا عيش .. لازم اروح اشوف شغلي.
تمتمت مرتبكة:
-ايوه بس .. بس . امبارح ..
قاطعها بصوته العميق قائلا:
-كان ممكن اقعد يا داليا لو كنا بدأنا شهر العسل.
ثم هز كتفيه و أضاف:
-بس للأسف لسا مابدأناش .. و انا بقول خلي الاجازات للوقت ده احسن.
أطرقت برأسها و عضت علي شفتها بقوة ، بينما تنهد بعمق ثم قال:
-انهاردة هلبس علي ذوقك .. حضريلي هدوم بقي.
ثم ألقي عليها أخر نظرة و توجه إلي الحمام ، فيما إبتسمت بخفة و إتجهت صوب الخزانة الكبيرة ، راحت تتفقد ملابسه الثمينة غالية الثمن ، جميع الملابس فريدة و أيا منها سوف يناسبه و لكنها إستقرت علي بذلة رمادية داكنة تناسب نفسه و تقلبات مزاجه ، و عندما سحبت البذلة من موضعها سقطت منها ورقة بيضاء مطوية ، إنحنت"داليا"و إلتقطتها .. لوهلة ترددت و إمتنعت بشدة عن التطلع إليها ، لكنها لمحت فجأة ...




        




google-playkhamsatmostaqltradent