Ads by Google X

رواية حتى اقتل بسمة تمردك (1) الفصل الثالث عشر 13 - بقلم مريم غريب

الصفحة الرئيسية
الحجم

  

 رواية حتى اقتل بسمة تمردك (1) الفصل الثالث عشر 13 - بقلم مريم غريب


 
                          
إتسعت عيناها في ذعر حين إقترب ذلك الجسد الضخم أكثر فأكثر حتي سطع ضؤ مصباح الرواق الخارجي علي وجهه الفظ الذي علته إبتسامة مفزعة ، فلا شعوريا أطلقت"داليا"صرخة عالية قفزت"ياسمين"علي أثرها من فراشها مذعورة ثم أشعلت الأنوار و هي تصيح:
-في ايه يا داليا مالك أ ...
و لكنها ما لبثت أن تكمل جملتها حتي رأت ذاك البدين"فتحي"يقف في برودة و وقاحة علي بعد خطوات قليلة من فراش شقيقتها و قد أطلقت عيناه شرارة خبيثة:
-انت بتعمل ايه هنا يا عم انت ؟؟
سألته"ياسمين"في عنف غاضب و هي تنهض واقفة لمواجهته بينما إبتسم بخبث و أجابها:
-ايه يا حلوة مالك ؟ اهدي كده انا بس حبيت اجي اطمن عليكوا قلت يمكن تحتاجوا حاجة يعني.
- لكرم اخلاق حضرتك احنا مش محتاجين حاجة.
أجابته مستهجنة ثم تابعت:
-و لو محتاجين دي هتبقي مشكلتنا احنا و مش هنطلب تدخل حضرتك و لا تدخل اي حد تاني.
عند ذلك إنتقلت"داليا"بسرعة البرق من فراشها إلي جانب شقيقتها حيث إلتصقت بها في وجل ، بينما تبدلت ملامح الرجل و هو يتمعن جسد"داليا"البض من خلال رداء نومها الرقيق ، فأضأت وجهه إبتسامة شريرة ثم قال و هو لا يزال بتأمل قوامها المتناسق:
-طيب انا عملت اللي عليا و جيت اشوفكوا لو كنتوا محتاجين حاجة.
جابهته"ياسمين"في حدة قائلة:
-كتر خيرك يا سيدي قولنا مش محتاجين حاجة يلا بقي اتكل من هنا.
إبتسم"فتحي"ثم إسترسل في خبث:
-طيب مش الاصول بردو تشوفوني انا محتاج ايه ؟؟
إنطلق الشرر من عيني"ياسمين"و هي تصيح بغضب:
-نعم ! تقصد ايه يا راجل انت ؟؟
خنق قهقهته الشريرة بقوله:
-اظن الموضوع مش محتاج شرح يعني يا قمر ! ايه اللي ممكن يحتاجه راجل زيي في ساعة زي دي ؟؟
رمقته"ياسمين"في حدة سافرة ثم صاحت ملء صوتها:
-اما انك راجل زبالة و قليل الادب.
-ال ال ال طب ليه الغلط ده بس ؟؟
-غلط ؟ هو انت لسا شفت غلط ! ده الغلط جاي.
-لا ان شاء الله مش هيكون في غلط و لا حاجة احنا بس نتفاهم براحة و كله هيبقي تمام.
قال ذلك بلهجة مثيرة للإشمئزاز ثم أخذ يقترب منهن في بطء ، فقفزت"داليا"هي و شقيقتها فوق الفراش فبما صاحت"ياسمين"محذرة:
-خليك عندك يا راجل انت عارف لو قربت ...
-هتعملي ايه يعني يا حلوة ؟؟
قاطعها بفظاظة ثم تابع:
-لو صرختي عادي خدي راحتك الناس هنا متعودين علي الاصوات دي.
إتسعت عيناها حنقا و ذهول ثم إندفعت بغضب قائلة:
-تصدق بالله شكلي هديك حاجة كنت بستحرم اديها للعيانين بتوعي.
قهقه"فتحي"بقوة ثم صفق بيديه بوقاحة قائلا:
-اموت انا في الحرام.
-و الله ! ماشي يبقي انت اللي جبته لنفسك بقي.
قالت ذلك مطلقة أخر سهم بجعبتها ، ثم توجهت بسرعة قصوي نحو حقيبتها الطبية و أخرجت منها حقنة حديدية ، ثم إلتفتت إليه و هي تلوح بها أمام وجهه فضحك بسخرية قائلا:
-بتهدديني بحقنة يا حلوة ؟ انا بقول ارميها من ايدك احسن ملهاش لازمة و تعالي نتفاهم زي ما قلتلك.
قال ذلك و هو يهم بالإقتراب منها إلا أن ركلة"داليا"كانت مؤثرة حيث إستدار إليها موجها ظهره إلي"ياسمين"التي ركضت صوبه مسرعة ثم غرزت الحقنة بأسفل قدمه ، فأطلق صيحة ألم حادة و ما هي إلا ثوان حتي كان طريح الأرض جسده يتنفض بتشنجات قوية ، نظرت"داليا"إلي شقيقتها في ذعر قائلة:
-ياسمين .. انتي عملتيله ايه ؟ ادتيه ايه ؟؟
-متخافيش يا داليا .. دي حاجة بسيطة كده.
أجابتها"ياسمين"و هي ترمق المدعو"فتحي"شزرا و إزدراء بينما ألحت"داليا"في توتر متسائلة:
-بردو قوليلي ادتيه ايه ؟؟
حولت"ياسمين"نظرها إلي شقيقتها ثم تنهدت قائلة:
-اديته حقنة بتشنج عضلات الجسم زي ما انتي شايفة كده .. كنا بنضطر نستعملها احيانا و احنا بنتدرب في مصحات الادمان و العلاج النفسي عشان نقدر نسيطر علي المريض و دلوقتي بردو اضطريت اديهاله عشان اوصله للحالة دي و كان حظه حلو و الله الحقنة كانت متعمرة علي اخرها.
-بس ده كده ممكن يموت يا ياسمين ؟؟
-لا ماتقلقيش .. كلها كام ساعة و هيقوم الهي ما يقوم الحيوان.
-طب هنعمل ايه دلوقتي ؟؟
-هنلم حاجتنا و هنسيب المكان ده بسرعة طبعا.
-و هنروح فين دلوقتي ؟ انتي عارفة الساعة كام ؟؟
-يعني لو قعدنا هنا هنبقي محمين مثلا ؟!
قالت"ياسمين"متهكمة فقطبت"داليا"حاجبيها بوهن قائلة:
-طب بس هنروح فين يا ياسمين ؟ هنروخ فين ؟؟
و خذلتها دموعها فأخذت تبكي بمرارة ، بينما أسرعت"ياسمين"و إحتضنت أيدي شقيقتها في حنان قائلة:
-ايه يا داليا بتعيطي ليه بس ؟ ماتعيطيش مش المفروض انتي اللي تعيطي ده انتي الكبيرة يعني .. و بعدين انا معاكي متخافيش.
إستطاعت"داليا"بصعوبة أن تكف عن البكاء ، فرفعت وجهها الغارق بدموعها ثم سألتها بهدوء:
-طب هنروح فين ؟؟
زاغت"ياسمين"ببصرها تفكر ثم صاحت بعد ثوان:
-المستشفي .. مافيش قدامنا مكان تاني نبات فيه لحد الصبح غير المستشفي.
-المستشفي !!
هتفت"داليا"مستغربة ثم تابعت سؤالها:
-و حاجة زي دي مسموح بيها يا ياسمين ؟؟
ضكت"ياسمين"بخفة ثم أحابتها ممازحة:
-جري ايه يا دودو انتي فاكراني قليلة هناك ؟ دول يتمنوا اني اعيش معاهم مش ابات ليلة.
حامت علي ثغر"داليا"إبتسامة شاحبة بينما قالت"ياسمين":
-المهم دلوقتي يلا نلم حاجتنا بسرعة عشان نلحق نمشي قبل ما الحيوان ده يفوق.
أومأت"داليا"رأسها ثم أسرعت و أرتدت ملابسها ثم راحت تجمع حوائجها و كذلك فعلت"ياسمين"حتي إنتهيا في زمن قصير ، فغادرا المسكن الرديء معا في روية و هدوء ..
كان القمر شاحبا باعثا آشعة باهتة واهنة ، فيما ترامي الفضاء الشاسع المرصع بالنجوم فوق الشقيقتين صافيا تمتزج في رحابه ألوان إلهية مبهمة ، ألوان الليل الذهبية المشتعلة ، في حين خيم هدوء شامل يخبئ في طياته حشرجة أغصان الأشجار و خفيف أوراقها و أسرار الليل الوليد ..
تابعت الشقيقتين سيرهن و الخوف و القلق يستبدان بهن حتي وصلا أخيرا إلي المشفي ، أسرعت"ياسمين"إلي الداخل تتبعها"داليا"بخطي حزينة واجمة .. :
-دكتورة ياسمين !!
إلتفتت"ياسمين"خلفها مسرعة ما أن سمعت أسمها ، فأشرق وجهها بإبتسامة ودودة ثم إقتربت من محدثها قائلة:
-دكتور ايمن .. مساء الخير لأ اسفة اقصد صباح الخبر بما اننا بقينا الفجر.
ساد صمت غريب كان يتأملها"أيمن"خلاله مستغربا ثم أخيرا نطق فقال:
-انتي ايه اللي جابك المستشفي في وقت زي ده ؟ حد طلبك و لا ايه ؟؟
إبتسمت"ياسمين"بخفة ثم أحابته:
-لأ محدش طلبني يا دكتور .. هو بس في مشكلة حصلتلي انا و اختي داليا.
ثم أشارت نحو شقيقتها التي كانت تقف شاردة في حزن علي بعد خطوات منهم ثم تابعت:
-احنا دلوقتي سيبين البيت و للاسف مافيش عندنا اي مكان تاني نقعد فيه و بعد ما سيبنا الفندق اللي كنا قاعدين فيه من شوية فكرت مع نفسي قلت مافيش قدامي غير المستشفي بس ان شاء الله هنمشي الصبح مش مطولين يعني.
علت وجه"أيمن"علامات الدهشة و الحيرة فسألها بإلحاح:
-خير يا ياسمين ؟ قوليلي ايه اللي حصل بالظبط ؟؟
رمقته"ياسمين"في تردد ، إن طبيعتها قوية منذ نعونة أظافرها و تعرف كيف تضع حدا لتمادي بعض الرجال من دون أن تجرح مشاعرهم و إذا زاد التمادي فلا بأس من جرح المشاعر و لكن"أيمن"ليس ككل الرجال إنها تعتبره من أعز أصدقائها لذا تنهدت بعمق ثم راحت تطلعه علي كافة التفاصيل حتي إنتهت فسألها بإهتمام:
-طب و هتعملوا ايه دلوقتي ؟؟
هزت كتفيها قائلة:
-و لا حاجة .. هنقعد هنا لحد الصبح زي ما قلتلك و بعدين هنمشي.
-هتروحوا فين يعني ؟؟
-هندور علي اي مكان نعيش فيه بقي فندق شقة بالإيجار اي حاجة.
إزدادت ملامح"أيمن تجهما فقال بإعتراض:
-بس ماينفعش تقعدي انتي و اختك هنا في المستشفي يا ياسمين و كمان بعد ما حكيتيلي اللي حصل معاكوا في الفندق الزبالة ده مش لازم تكرري الغلطة تاني و تروحي برجلك لمكان شبهه.
-طب هنروح فين دلوقتي بس ؟؟
-هتيجوا عندي.
-نعم !!
تجهمت ملامحها بلحظة فسارع"أيمن"إلي التحدث فقال في إرتباك:
-اقصد هتيجوا تقعدوا في بيتي مع امي و انا مش هكون موجود ماتقلقيش هروح ابات عند واحد صاحبي عايش لوحدة.
عارضت"ياسمين"بقوة قائلة:
-لأ لأ يا دكتور ايمن .. كتر خيرك طبعا و انك عايز تساعدنا بس مش لـ ...
-انا مش ممكن اسيبكوا تقعدوا هنا في المستشفي يا ياسمين.
قاطعها بحزم ثم تابع:
-انا هكلم امي تنزل بنفسها عشان تستقبلكوا قدام باب البيت و بعدها همشي علطول.
-انت بتقول ايه بس يا دكتور ايمن انا مش قصدي.
قالت"ياسمين"بإحراج ثم تابعت:
-انا عارفاك كويس و من زمان و اكيد بثق في اخلاقك.
-يبقي خلاص لازم تسمعي كلامي.
نظرت إليه في تردد بينما عبس قائلا:
-ماهو انا مستحيل اسيبك هنا لوحدك .. قصدي مستحيل اسيبك هنا انتي و اختك لوحدكوا.
إبتسمت"ياسمين"بخجل و بساطة فبادلها"أيمن"إبتسامة دافئة ... !





    
                
في صباح اليوم التالي ، كان يجلس بحجرة الطعام ، يترأس المائدة ، كم إشتاق لأن يجتمع بإشقائه و لو لفطرة وجيزة أثناء الفطور ، إنتظر كثيرا و لم يأتي أحد ، فشعر بالملل و هتف بإسم إحدي الخادمات فأتت"فاطمة"مهرولة:
-امرك يا بيه ؟؟
أجابته بإحترام فأمرها في لطف حازم:
-اطلعي يا فاطمة شوفيلي عمر و عبير لو كانوا نايمين صحيهم و قوليلهم اني مستنيهم هنا عشان نفطر سوا.
-انا هطلع اشوف الست عبير حاضر بس عمر بيه طلب فطاره في اوضته من شوية .
أومأ"عز الدين"رأسه ببطء ثم تنهد قائلا:
-طب شيلي الاكل ده من هنا.
ثم نهض و صعد إلي حجرة شقيقه ، طرق الباب ثم دلف حين أتاه صوت أخيه سامحا لمن يطرق بالدخول .. 
كان ممدا علي فراشه مغمض عينيه في إسترخاء عندما سمع صوت شقيقه العميق:
-صباح الخير يا استاذ.
فتح عيناه في سرعة ثم حدق بوجه أخيه الذي جلس إلي جانبه علي حافة الفراش ، بينما إستوي في جلسته قائلا:
-صباح الخير يا عز.
حملق"عز الدين"بوجهه لبرهة ثم قال:
-ايه .. من ساعة ما رجعت و انت قاعد في اوضتك و قافل علي نفسك بتفطر و بتتغدا و بتتعشا هنا لوحدك .. ليه ؟ انت زعلان من حد هنا في البيت و لا حاجة ؟؟
منحه"عمر"إبتسامة باهتة لم تصل إلي عينيه ثم أجاب:
-لا ابدا مش زعلان من حد.
-اومال مش بشوفك ليه ؟؟
-عادي يا عز .. بكون قاعد مع نفسي زي العادة.
ثم سأله:
-بس من امتي يعني بتهتم بتفاصيلي كده ؟؟
صمت"عز الدين"قليلا ثم ضحك ملء فمه في سخرية قائلا:
-ده علي اساس ان حد غيري كان بيهتم بيك اساسا طول السنين اللي فاتت دي كلها !!
-مش قصدي يا عز .. انا بس مش متعود علي اهتمامك الزايد ده.
أومأ"عز الدين"رأسه بتفهم ثم جال بنظره علي شقيقه و سأله:
-قولي رجلك بقت عاملة ايه دلوقتي ؟؟
وضع"عمر"يده في تلقائية علي ساقه ثم أجاب:
-خفت الحمدلله.
-المستشفي اللي كنت قاعد فيها كانت كويسة ؟؟
-اه.
كان يجيب"عمر"علي الأسئلة في إيجاز و هو مطرق الرأس ، فقد كان يتحاشي النظر بعيني أخيه الثاقبتين ، بينما هتف"عز الدين"بعد صمت:
-مش تباركلي ؟؟
-اباركلك علي ايه ؟؟
سأله"عمر"و هو لا يزال علي وضعيته ، فإبتسم"عز الدين"ثم أعلن بعد صمت:
-انا هتجوز.
عند ذلك رفع"عمر"رأسه في سرعة و راح يحدق بأخيه في صدمة و ذهول بالغين حتي تمكن بعد لحظات من التحدث فسأله:
-انت قلت انك هتتجوز ؟؟
أومأ"عز الدين"رأسه في هدوء فرمقه"عمر"بشك قائلا:
-عز الدين ! انت بتتكلم جد و لا بتهزر ؟؟
-هو في حد بيهزر في الامور اللي زي دي ؟؟
هز"عمر"رأسه غير مصدق ثم سأله:
-و تبقي مين اللي هتتجوزها ؟؟
تمهل"عز الدين"قليلا ثم أجابه:
-داليا.
-داليا !!
هتف"عمر"مقطبا جبينه ثم طرف يفكر من تكون"داليا" ؟ .. إنتفض فجأة ثم عاد ينظر إلي شقيقه بقوة و سأله:
-انت قصدك داليا ؟ داليا السكيرتيرة بتاعتك ؟؟
إبتسم"عز الدين"متلذذا بدهشة أخيه ، بينما تصاعد رنين هاتقهه فأخرجه من حيب سترته و أجاب:
-الو .. كل ده مستنيك عشان تجبلي الاخبار ؟ .. اه .. و بعدين ؟ .. مشيت وراهم امبارح لما سابوا البيت ؟ .. و راحوا فين ؟ .. بانسيون ؟ .. ماله ؟ .. بتقول ايه ؟؟ ... !








        
          
                
إستيقظت"داليا" قلقة نحو منتصف النهار ، سمحت لنفسها بعشر دقائق من الترف تقضيها تفكر مستلقية علي الفراش البسيط ، تذكرت تعب الليلة الماضية و زوالها ، فلولا إقتراح"أيمن"زميل"ياسمين"بالمشفي و إصراره علي جلبهن إلي منزله ليقضيا ليلتهن تحت سقف آمن لكان توقف عقلها من كثرة التفكير بمصيرها هي و شقيقتها ، و لألاف المرات و بدون إرادة منها تراقصت صورة"عز الدين"بذهنها ..
إسترسلت بالتفكير فيه ، إنها تحبه و لا يمكن أن تنكر ذلك ، و لكن فكرة الزواج منه تثير الخوف و القلق بنفسها ، صحيح أن العيش بجواره هو حلمها الوحيد الذي تتمني بكل جوارحها أن يتحقق و لكن ماذا لو تحول ذلك الحلم إلي كابوس حين تراه يطردها ذات يوم من حياته شر طرده بعد حصوله علي هدفه المنشود الذي يتوق إلي تحقيقه بأي شكل ، فكرت يجوز أن إصراره هذا مبني علي العناد فهو حتما لا يستطيع تقبل فكرة أن هناك إمرأة رفضته و بهذه القوة !
ثم فجأة تذكرت جملته التي أشغلت تفكيرها"هتتجوزيني يا داليا .. للأسف ماعندكيش اختيار تاني" .. تري ماذا كان يقصد ؟ كرهته وقتها قليلا بسبب قسوته و في الوقت نفسه عجزت عن نفي الصخة بكلامه ، لقد نجح ربما في تبديد شيء من حيرتها الذهنية لكن ذلك لم يخفف قلقها حياله ..
تململت بالفراش في ضيق و إتسعت عيناها و هي تنظر حولها إلي الغرفة البسيطة ، بحثت عن شقيقتها بالفراش المجاور فلم تجدها ، إستنتجت أنها ربما ذهبت إلي الجامعة ، عند ذلك إنتصبت نصف جالسة تتلفت يمينا و يسارا باحثة عن هاتفهها ، ثم فجأة تذكرت أين تركته ، شهقت بهلع و تساءلت ..ماذا الأن ؟ عليها إسترجاع الهاتف طبعا ، هكذا أجابت نفسها ، و لكن كيف ؟ .. لم تجد إجابة علي هذا السؤال سوي أنها سوف تغامر و تذهب لإعادته ، و طمئنت نفسها بإن ذهابها الأن في وضح النهار بين الناس و الجموع سيكون آمن و بالتالي لن يجرؤ ذاك البدين علي النيل منها ..
بعد أن توصلت إلي تلك الفكرة نهضت من الفراش بسرعة ثم إرتدت ملابسها متعجلة و خرجت من الغرفة ، لتصطدم بسيدة المنزل و هي تجتاز الرواق الصغير:
-صباح الخير يابنتي.
حيتها السيدة المسنة ببشاشة فمنحتها"داليا"إبتسامة بسيطة ثم حيتها بدورها:
- يافندم.
قهقهت السيدة بخفة قائلة:
-ايه يافندم دي يابنتي ؟ انا اسمي سوسن و ممكن تناديني بيه كده عادي منغير ألقاب زي ما بيعمل ايمن ابني.
إبتسمت"داليا"قائلة:
-ربنا يخليهولك.
ثم تابعت في إستحياء:
-و انا بعتذر لحضرتك لو كنت انا و اختي اتسببنا في اي ازعاج.
-كلام ايه ده يابنتي عيب ماتقوليش كده طب و الله انا قلبي اتفتحتلكوا اول ما شفتكوا ده غير ان ايمن علطول بيكملني عن اختك ياسمين لما خلاني هتجنن و اشوفها و ماتتخيليش بقي انا مبسوطة اد ايه بوجودكوا معايا حساكوا بناتي و الله تقومي انتي تقوليلي ازعاج ! ده لو ماشالتكمش الارض اشيلكوا في عنيا.
-ربنا يخليكي .
-انا بتكلم جد علي فكرة مش بقول اي كلام لكن خلينا في المهم دلوقتي .. بما انك صحيتي بقي يبقي تعالي يلا افطري معايا انا لسا مافطرتش.
-معلش حضرتك مش هقدر انا عندي مشوار مهم و لازم انزل دلوقتي.
-هتنزلي منغير فطار يابنتي ؟؟
فإبتسمت بلطف قائلة:
-معلش بقي .. عن اذنك.
ثم تركتها و غادرت مسرعة ، و في غضون نصف ساعة كانت أمام"بانسيون السعادة" .. بلعت ريقها بتوتر فيما تسارع وجيب قلبها ، فكرت في أن تتراجع بأخر لحظة ، لكن عقلها أجبرها علي الإستمرار في خين خاطبتها نفسها الشيطانية"كفاياكي جبن بقي .. ادخلي" .. قطبت حاحبيها بإستياء ثم شمخت برأسها في شجاعة شوبها إرتباك بسيط ، ثم إتجهت بخطي ثابتة نحو المسكن الرديء ، كم كانت فرحتها عارمة حين دلفت و لم تجد المدعو
"فتحي"، تنهدت بسعادة و قد زادت شجاعتها فصعدت الدرج الخشبي بحذر حتي وصلت إلي الطابق العلوي ثم توجهت إلي الغرفة ، دلفت إليها في هدؤ و تمهل ، ثم تقدمت صوب الفراش و أخذت تفتش عن هاتفهها حتي وجدته بين طيات الأغطية ، تناولته بسعادة بالغة ثم إستدارت عازمة علي الرحيل ، لكنها إنتفضت مذعورة و إمتدت يدها إلي شفتيها تطبق عليهما و تكبت صرخة الهلع التي إندفعت من أعماقها حين رأته أمامها ..
كان"فتحي"يقف علي بعد خطوات منها ، يحدق فيها بغضب و عداء بينما إختنقت الكلمات بحنجرتها فلم تستطع التفوه بحرف ، إستبد بها الخوف و هي تري ذاك البريق الخبيث الغاضب يتراقص بعينيه بينما قال و هو يقترب منها ببطء:
-اهلا اهلا يا قمر .. شرفتي.
ثم تابع بلهحة حادة:
-بقي بنتين زيك انتي و اختك يعملوا فيا انا كده ؟ كنتي فاكراني هيسيبكوا ! بس كويس انك انتي اللي جيتي برجلك يا حلوة.
إرتعش صوتها و هي تقول:
-بقولك ايه يا استاذ انت احسنلك تبعد عن طريقي و تخليني امشي انا مش جاية اعمل مشاكل انا بس نسيت حاجة هنا و رجعت عشان اخدها و اديني ماشية اهو.
و تقدمت صوب الباب إلا أنه سارع يقف بوجهها حيث بدا جسده الضخم سدا منيعا يلغي أمامها كل المنافذ ، فألحت بخوف قائلة:
-لو سمحت .. خليني اعدي.
-ابدا .. هو دخول الحمام زي خروجه يا قمر انتي ؟؟
قال ذلك بإبتسامة شريرة ، بينما تراءي لها أن هذا الرجل الضخم خفيف الحركة سريعا ، و ما أن حاولت تجاوزه حتي أمسك بها و جذبها نحوه ، فأطلقت"داليا"صرخة ألم و هو يغرز أصابعه الغليظة بذراعها الرقيق ..
قاتلته بعنف و ضراوة ، لكن دون جدوي ، طوقها بذراعيه بقوة حيوانية خانقة فكادت تفقد وعيها من شدة هلعها ، بينما رفع وجهه ليتنشق بعض الهواء فإنتهزت"داليا"الفرصة لتلكمه علي وجهه بجماع قبضتها ، فأصابت أنفه ، ثم رأت الشرر يتطاير من عينيه و هو يصيح:
-هتندمي .. هندمك علي اللي حصل امبارح منك انتي و اختك و علي اللي حصل منك دلوقتي.
و ألقاها أرضا ف
في عنف و هي ترتجف ذعرا ، انه ينوي علي إخضاعها عنوة .. ماذا تفعل ؟ هل تقاومه ؟ و لكن كيف ؟ 
دمعت عيناها بوهن و تصاعدت من أعماقها صرخة حادة لكن لا حياة لمن تنادي ، هاهو ينحني عليها ، رفسته بقدمها فلم يرتدع بل إزداد عنفا و إصرارا ، ثم أخذ يمزق ثيابها ، حاولت"داليا"بيأس مقاومته لكنه كان أقوي و أكبر حجما منها حيث ثبت جسدها جيدا محبطا بذلك أي محاولة لها بالفرار ، لكن فجأة أطلق"فتحي"صيحة عالية و لشدة دهشتها رأت"عز الدين"يمسك به في عنف من ثيابه و يلقيه علي الأرض بعيدا عنها ، ثم إنهال عليها بالركلات و اللكمات القاسية ، أبرحه ضربا عنيفا ، حيث بدا غضبه العارم و بنيته القوية دافعا صلبا يضارع وزن ذاك البدين الثقيل ..
و لم يتركه"عز الدين"إلا عندما إنبثق الدم من وجهه و جسده المتراخي ، تسارعت إنفاس"عز الدين"بقوة هائلة من فرط إنفعاله ثم إستدار إلي"داليا"التي أخذت تتراجع للخلف زاحفة علي مرفقها و هي تتطلع إليه باكية ، بينما كانت عيناه تتفحصانها في غضب ، حاولت بيأس إخفاء عريها و لكن أعصابها المحطمة لم تسعفها علي ذلك ، فأحنت رأسها بخجل واهنة فيما إقترب منها و أمسك بذراعيها بقوة حتي أوقفها أمامه ، إرتجفت ساقاها و كادت تسقط عندما رفع يده عنها إلا أنه خلع سترته بعنف غاضب ثم وضعها علي كتفيها كي تخفي ذاك الشق الذي أصاب قميصها ، تشيثت بسترته و ضمتها حولها بقوة بينما أسندها إليه ثم جذبها بقسوة قائلا:
-اتحركي قدامي !







ترجلت من سيارتها في ضيق ، ثم إستندت إلبها و أخرجت هاتفهها من حقيبة يدها ثم أجرت الإتصال به .. ليأتي صوته البغيض بعد لحظات:
-اهلا يا بيرو .. معلش قبل ما نتكلم في اي حاجة قوليلي .. عملتي ايه ؟ نزلتي الحمل ؟؟
إبتسمت"عبير"بمرارة ثم أجابته متجهمة:
-اي حاجة من واحد واطي و ندل زيك ماتلزمنيش .. انا انا بس بتصل بيك دلوقتي عشان اقولك اني فعلا هنزل البيبي و عشان اقولك حاجة تانية كمان.
-ايه هي ؟؟
سألها بإصغاء فأمطرته بعدد هائل من الشتائم المتنوعة ، و لما أكتفت أغلقت الخط بوجهه و تنفست الصعداء و قد تصاعدت الدماء إلي وجهها الشاحب ، هدأت ثورتها قليلا ببنما تصاعد رنين هاتفهها بنغمته الصاخبة ، نظرت إلي الهاتف لتجد المتصل صديقتها"ريم" ، أجابت في لهفة:
-الو .. ريم .. ها عملتي ايه ؟ .. كلمتي قريبتك ؟ .. و عملتي ايه ؟ .. خدتي منها عنوان عيادة الدكتور ؟ .. طب هنروحله امتي ؟؟
-هتروحي لمين يا عبير ؟؟
تجمدت بمكانها عندما سمعت صوته المستفهم آت من خلفها ... !




        


google-playkhamsatmostaqltradent