Ads by Google X

رواية حتى اقتل بسمة تمردك (1) الفصل الحادي عشر 11 - بقلم مريم غريب

الصفحة الرئيسية
الحجم

  

 رواية حتى اقتل بسمة تمردك (1) الفصل الحادي عشر 11 - بقلم مريم غريب



حتى اقتل بسمة تمردك...للكاتبة مريم غريب💖
          
                
دقت جرس الباب ليفتح لها بعد لحظات ، وقفت أمامه وجها لوجه ثم نزعت نظارتها الشمسية الكبيرة عن عينيها و رمقته بنظرة ذابلة ، بينما تفاجأ لدي رؤيتها بل إنصدم للحظات ، فتلك ليست"عبير"إطلاقا إنما هي نسخة باهتة عنها ، لقد فقدت رونقها و مرحها و حتي إبتسامتها و لم يبقي منها إلا حطام ،حيث بدت ضعيفة ، واهنة ، قلقة و خائفة ..
لم يكترث كثيرا لوضعها و لما ظهرت عليه ، بل قبض علي رسغها و جذبها إلي الداخل بسرعة مغلقا الباب من خلفها ثم إلتفت إليها و سألها:
-ها يا عبير .. طمنيني .. عملتي ايه ؟؟
مشت إلي أقرب مقعد و ألقت بثقلها عليها في تعب قائلة:
-مش تقولي ازيك الاول و تطمن علي صحتي ؟ و لا انا خلاص مابقتش فارقة معاك !!
-ازيك يا عبير ؟؟
قال بضجر ثم عاد يسألها:
-ها طمنيني بقي .. نقول مبروك ؟؟
رمقته في حدة قائلة:
-نقول مبروك علي ايه ؟؟
أجابها بإبتسامة متوترة:
-نقول مبروك علي الاجهاض يا حبيبتي ! شكلك تعبانة .. اكيد نزلتي الحمل صح ؟؟
حدقت فيه بغضب ثم قالت في جمود:
-لأ.
تجهم وجهه فجأة ثم سألها متهكما:
-نعم ؟ لأ ! .. و لما هو لأ طلبتي تقابليني ليه ؟ عايزة مني ايه ؟ انا مش قلتلك مش هنشوف بعض تاني الا لما تخلصي من القرف اللي في بطنك ده ؟؟
رمقته في إشمئزاز قائلة:
-صح .. انت عندك حق .. هو فعلا قرف عشان جاي منك.
إحتقن وجهه بغضب فقال:
-لمي لسانك يا عبير احسنلك.
هزت رأسها في دهشة ثم أخذت تتساءل:
-انا مش مصدقة اني كنت بحبك ابدا ! انت ازاي قدرت تبقي كده ؟ و ازاي انا ماقدرتش افهمك ؟ ازاي ماقدرتش اتوقع انك ممكن تغدر بيا ؟ ازاي ماعرفتكش علي حقيقتك ؟؟
عند ذلك قبض غلي ذراعها و جذبها إليه حتي أوقفها أمامه ثم صاح بها في وقاحة:
-اديكي عرفتيني ياختي .. و بعدين ماتنسيش انك انتي اللي جريتي ورايا مش كل مرة هفضل افكرك.
-اد ايه انت طلعت ندل و حقير .. بتقولي انا كده ؟ للأسف الغلطة مش غلطتك بس و رحمة ابويا ما هسيبك يا حسام هشردك.
رفع رأسه عاليا و قهقه بقوة ثم عاد ينظر إليها قائلا:
-بأمارة ايه يا بيرو ؟ مين فينا اللي متورط ؟ انا و لا انتي ؟؟
قالت بتحد:
-هقول لأخويا .. هحكيله علي كل حاجة.
إبتسم بسخرية قائلا:
-جربي تعملي كده و هتكتشفي غلطتك فورا ده لو لحقتي تكتشفي اساسا.
لمعت عيناها كالنار و كادت تمطره بكلماتها الغاضبة لكنه قاطعها في سرعة قائلا:
-بقولك ايه .. كفاية كلام لا هيقدم و لا هيأخر و خلينا في المهم .. قدامك فرصة تانية عشان تروحي زي الشاطرة كده لدكتور كويس يعملك العملية و تخلصي بقي و تخلصيني معاكي من الصداع ده و انا عارفك يعني .. مش غاوية تعب و لا بتاعة مشاكل يا بيرو.
-لأ .. مش هنزل البيبي يا حسام.
قالت بعناد فشدد قبضته حول ذراعها حتي إنفلتت صيحة آلم من بين شفاهها ثم صاح بعصبية:
-ماتجننيش يا عبير .. قولتلك انتي هتتزلي الحمل ده لازم تنزليه بالذوق أو بالعافية انا مايتلويش دراعي فاهمة ؟ و زي ما قلتلك قبل كده ماتفتكريش انك تقدري تضغطي عليا بموضوع الحمل عشان اتجوزك.
-تتجوزني ! هو انت فاكر اني لسا عايزاك تتجوزني ؟ لا يا بابا انسي خلاص انت ظهرت علي حقيقتك و بعدين الطفل اللي في بطني ده لو ربنا قدرله انه يتولد هيكون اكبر ظلم ليه انك ابوه .. انه يتنسب ليك دي كارثة في حد ذاتها.
-يسلام ياختي ! دلوقتي مابقتش عاجبك ؟ ماشي مش مشكلة خالص انا مش زعلان منك بالعكس .. انا موافقك في الرأي جدا فعلا انا انسان ندل و حقير و جبان عشان كده اخلصي مني بكرامتك بقي و اسمعي الكلام و روحي نزلي العيل اللي في بطنك ده احسنلك.
قطبت حاجبيها بوهن قائلة:
-انت ايه ! معندكش دم ؟ مابتحسش ؟ ده انا ممكن اموت فيها !!
-تؤتؤتؤ .. لأ .. لأ يا عببر ماتقوليش كده .. ان شاء الله مافيش حاجة وحشة هتحصلك الموضوع كله علي بعضه هيخلص في كام ساعة .. ماتخافيش يا حبيبتي.
-اخرس !
هتفت بحدة مشمئزة ثم أضافت:
-ماتقوليش يا حبيبتي .. حبيتك جهنم.
-ماشي يا بيرو .. مقبولة منك.
قال ذلك ثم أمسك بذقنها فدفعت يده عنها بقوة بينما رمقها بسخرية ... !








        
          
                
مستلقية علي فراشها ، الصمت مخيم علي الغرفة من حولها ، كانت منهكة جسدها يؤلمها بشكل كبير ، و لكن الألم الداخلي الذي شعرت به كان أقوي و أشد و أكثر صعوبة علي التحمل ..
تنهدت بثقل و تمنت للمرة العاشرة مجددا لو أنها لم تتقدم إلي تلك الوظيفة حيث من خلالها قابلت مارد جبار أوقعها بحبه دون إرادتها ، هزت رأسها في ندم و غضب بالغين لأنها و برغم كل ما فعله بها بدأت تشتاقه ، و تمنت فجأة لو كانت قربه الأن !
ذلك الرجل الذي دغدغ مشاعرها بإسلوب لم يسبق له مثيل ، و الذي إثار غيظها أحيانا عندما كان يعاملها و كأنها فتاة صغيرة ثم يعاملها كأمرأة ناضجة يريدها إلي حد كبير !
و لكنها تفضل الإحتراق بنيران البعد عنه عوضا عن السكون بالجنة بين ذراعيه في وضع يجرح كرامتها و يقلل من شأنها و إحترامها لنفسها ..
إبتسمت فجأة بشيء من السعادة لتفكيرها في أن رجلا قويا مثل"عز الدين نصار"يريدها إلي هذه الدرجة ، فلو كانت فتاة غيرها رفضته بهذه القوة لكان رمقها بسخريته الهازئة و إدار لها ظهره و رحل ، لكنه بدا مصمم و راغب بها بشدة .. إختفت إبتسامتها بصورة تدريجية عندما تذكرت كلامه الجارح و طلبه المهين ثم شعرت بقهر و خيبة قاتلة ، خيبة لا تفهم الفتاة معاناها الحقيقي إلا عندما تلتقي رجلا يعني لها كل شيء في حياتها و يخذلها ، رجلا مثل"عز الدين"الذي و برغم قسوته تجد في لمساته و كلماته سحرا و جاذبية لم تجدهما أبدا في أي رجل أخر ...
تألمت ، و بكت ، و نامت .. لتستيقظ بعد قليل علي صوت شقيقتها الهادئ:
-داليا .. داليا .. قومي يا حبيبتي الغدا جاهز.
فتحت عينيها ببطء و تنهدت بعمق ثم رفعت يدها و راحت تفرك عنقها عندما شعرت بوخز خفيف يسري بوريدها ، ثم نظرت إلي شقيقتها قائلة:
-في ايه يا ياسمين ؟ عايزة ايه ؟؟
-يلا يا دودو قومي عشان نتغدا سوا.
قالت"ياسمين"بلطف بينما تجاهلت"داليا"كلامها و سألتها واجمة:
-الراجل الزفت ده صاحب العمارة ماتكلمش تاني ؟؟
زمت"ياسمين"شفتيها قائلة:
-لأ ياستي ماتكلمش .. المهم سيبك منه دلوقتي و قومي يلا عشان نتغدا.
-مش عايزة .. ماليش نفس يا ياسمين كلي انتي بالهنا و الشفا.
-كده ماينفعش يا داليا .. بتعاقبي نفسك ليه دلوقتي ؟ احنا هنعمل اللي علينا و اللي عايزه ربنا هيكون.
-ازاي يعني بتقوليلي كده ؟؟
هتفت"دالبا"بعصبية ثم تابعت:
-هيعجبك يعني وضعنا لما نتطرد برا بيتنا ؟ هتتبسطي لما نترمي في شارع ؟ ماسألتيش نفسك هنروح فين ؟ هنعيش ازاي ؟ و كليتك يا دكتورة ! مافكرتيش في كل ده ياسمين ؟؟
أجابت"ياسمين"منفعلة:
-فكرت .. فكرت يا داليا .. بس هنعمل ايه يعني ؟ ايه في ايدينا ممكن نعمله ؟ مش معانا فلوس كفاية عشان نشتري البيت .. قولي في حالة خروجنا من البيت ممكن بمرتبك نسكن في اي فندق رخيص او نأجر شقة بسعر رخيص بردو و بمرتبي اللي بقبضه من المستشفي هنقدر نعيش عشان كده انا بهون عليكي و بعرفك اننا مش هنتبهدل ان شاء الله.
نظرت"داليا"إلي شقيقتها متخاذلة ثم قالت في تهكم مرير:
-مرتبي ! .. صحيح ما انا نسيت اقولك اني سيبت الشغل.
-سيبتي الشغل !!
هتفت"ياسمين"في صدمة ثم سألتها:
-ليه ؟ ليه يا داليا ؟؟
حجبت"داليا"وجهها بكلتا يديها ثم صمتت مترددة و عندما رتبت الكلمات في ذهنها جيدا عادت تنظر إلي شقيقتها و قصت عليها كل ما حدث ، أطلعتها علي كافة التفاصيل ، و عند بعض الأجزاء كاد صوتها يختنق ألما و قهرا ... :
-ابن الـ ...
هتفت"ياسمين"بلا وعي فبسرعة قاطعتها"داليا"في حدة قائلة:
-ياسمين ! اوعي .. اوعي تنطقي كلمة وحشة عليه.
-مستحيل ! انتي بتدافعي عنه ؟ لسا بردو بعد اللي حصل منه ؟ انتي ايه يا داليا ؟؟
أجابت"داليا"في هدوء:
-انا استقلت خلاص يا ياسمين .. بعدت عن طريقه نهائي مش هشوفه تاني خلاص .. فمش عايزة افتكره بحاجة وحشة.
تحدثت"ياسمين"بعنف من بين أسنانها:
-اه لو كنت معاكي .. اه لو اشوف الحيوان ده .. هو فاكرك ايه ؟ و ربنا لو الموقف ده كان حصل في وجودي كنت فرجت عليه الدنيا.
-خلاص بقي يا ياسمين قلتلك الموضوع انتهي.
-انا اللي غايظني بس انك سكتيله ده كان محتاج قلمين كده يفوقوه عشان بعدين يبقي يعرف يميز الصالح من الطالح.
- قلتلك خلاص بقي.
هتفت"داليا"بنفاذ صبر ثم تركت شقيقتها و إتجهت إلي الشرفة في عصبية ... !









        
          
                
عادت إلي منزلها و الألم يعتصر قلبها ، ستواجه الكثير من المصاعب بعد الأن ، و لكنها مضطرة لتحملها عليها تحمل مسؤولية أخطاءها و تصرفاتها الطائشة التي أدت بها إلي طريق الظلمات الوعر ..
تأملت القصر قبل دخولها إليه ، فلم تجده جميلا كما إعتادت عيناها علي رؤيته ، بل أن كل شيء و كل مكان بات في نظرها كسجن كبير ، و منزلها أيضا أصبح السجن الأكبر يجب أن تمضي فيه فترة عصيبة و أليمة حتي ينتهي الكابوس .. أو قد لا ينتهي أبدا !
ترقرقت الدموع في عينيها لكنها سارعت لإستعادة رباطة جأشها سريعا ، ثم ذهبت علي الفور إلي إحدي زوايا حديقة القصر حيث آشعة الشمس تضفي جمالا غير عادي للمكان من حولها ، أرادت الإنفراد بنفسها و الإبتعاد عن الأخرين ، و لكن أمنيتها لم تتحقق ، إذ كان"عز الدين"و"خالد"يجلسان إلي طاولة خشبية صغيرة يحتسيان القهوة و يأكلان الحلوي ، لم يكن لديها مجال للتراجع لأن"خالد"ما أن شاهدها إبتسم تلقائيا ثم وقف إليها محبة و إحتراما طالبا منها الإنضمام إليهما ..
إبتسمت"عبير"في إرتباك ثم تقدمت صوبهما بخطي مضطربة حتي وصلت إليهما ، فقال"خالد"بسرور فيما كان يساعدها علي الجلوس بمقعد بجواره:
-بيرو .. وحشتيني يا حبيبتي .. بقالي كام يوم ماشفتكيش.
إبتسمت له و كأنها مشتاقة فعلا لرؤيته ثم قالت:
-اصلي مشغولة يا خالد .. امتحاناتي قربت فبذاكر بقي.
ثم نظرت بسرعة إلي أخيها الذي كان يتابعهما في صمت دون أن تتتغير ملامحه القوية أو تتبدل ، كان بجلس بهيبة و عنفوان و بدا قويا عندما سألها فجأة:
-كنتي فين يا عبير ؟؟
إبتلعت ريقها بتوتر ثم أجابت بنبرة جاهدة في أن تبدو عادية:
-كنت في الجامعة يا عز بسأل علي مواعيد المراجعات و كنت بشوف يعني لو كان في اي جديد.
أومأ رأسه في هدوء بينما سألها"خالد"بنبرة قلقة:
-بس انتي مالك يا عبير ؟ شكلك بقي عامل كده ليه ؟ انتي تعبانة و لا حاجة ؟؟
إرتعش بدنها لدي سماعها ملاحظته التي لسعتها كالسوط فأغمضت عيناها لبرهة كي تستعيد قوتها ثم نظرت إليه باسمة و قالت:
-لأ يا خالد مش تعبانة و لا حاجة .. انا بس مرهقة شوية بسبب التفكير في الامتحانات و المذاكرة انت عارف انها اخر سنة ليا و لازم اجتهد فيها علي اد ما اقدر.
مرر"خالد"أصابعه علي ذراعها بحنان قائلا:
-لأ يا حبيبتي لازم تاخدي بالك علي صحتك ماتجهديش نفسك في اي حاجة بالطريقة اللي توصلك للحالة دي.
-كيس جوافة قاعد في وسطكوا انا ؟؟
قال"عز الدين"ذلك بلهجة صارمة بينما قهقه"خالد"في مرح قائلا:
-ايه يا عم خطيبتي و بحبها .. و بعدين احنا عملنا ايه يعني ؟ ما انت شايف اهو تصرفات عادية جدا في منتهي البراءة.
-خالد !
هتف"عز الدين"في حدة فقال"خالد"ضاحكا:
-خلاص خلاص .. هسمع كلامك دلوقتي بس عشان لسا حبيبتي في بيتك لكن لما تيجي في بيتي بقي مش هتقدر تنطق بحرف لا معايا و لا معها.
ثم حول نظره إلي"عبير"و سألها بنعومة:
-مش كده يا حبيبتي ؟؟
بينما شهقت"عبير"بصوت خافت و هي تحدق بذلك الشخص الذي كان يقف خلف أخيها مباشرة ، فيما صوب"خالد"نظره تلقائيا إلي حيث تنظر"عبير"فإتسعت عيناه في دهشة و خوف ثم أخذ ينقل نظراته بين الشخص الواقف أمامه و بين"عز الدين"الذي تطلع إلي"خالد"و"عبير"في تساؤل يطالبهما بالتحدث ، فلما طال الصمت قطعه بصوته العميق قائلا:
-ايه .. مالكوا في ايه ؟؟
لم يلقي إجابة من أيا منهما ، فقط لاحظ نظراتهما المصوبة علي شيئا ما خلفه ، فبسرعة إنتصب واقفا بقامته الطويلة القوية ثم إستدار ليتفاجأ برؤية أخيه ، نظر إليه بعينين فولاذيتين غاضبتين ثم صاح به و الشرر يتطاير من عينيه المتسعتين حنقا و عداء:
- و كمان ليك عين توريني وشك ! ايه اللي جابك ؟ رجعت ليه أ ...
قاطعه"عمر"بقوة بحركة من يده ثم تنفس بعمق و قال:
-اسمع يا عز .. انا جاي اقولك اني غلطان و اسف و منغير ما ندخل في تفاصيل هقولك باختصار .. الست اللي اسمها كاميليا فهمي دي من انهاردة مش امي و كرهي ليها بقي اد كرهك بالظبط و يمكن اكتر .. انا قطعت صلتي بيها نهائي و رجعتلك رجعت لبيتي .. لبيت ابويا و خليك متأكد اني حتي لو شفتها بعد كده و لو صدفة هكمل في طريقي عادي و لا كأني اعرفها.
إستقبل"عز الدين"كلام أخيه في هدوء ثم سأله ساخرا:
-و ايه يا تري اللي غير رايك كده ؟ ايه اللي حصل ؟؟
- قلتلك مش عايز ادخل في تفاصيل .. تسمحلي ادخل البيت ؟؟
صمت"عز الدين"و ظل ينظر إليه فقط فقال"عمر":
-عن اذنك.
ثم مضي في سبيله إلي داخل المنزل تتابعه نظرات أخيه إلي أن غاب عن نظره تماما ..
بينما لحقت"عبير"بشقيقها قائلة:
-طيب عن اذنكوا.
تنهد"عز الدين"بعمق و هو يتساءل في نفسه عن سر تغير شقيقه:
-عارف انت بتفكر في ايه .. بتسأل نفسك ايه اللي حصل مش كده ؟؟
أفاق من شروده علي صوت"خالد"فإلتفت إليه في هدوء ثم قال و هو يجلس قبالته مجددا:
-بصراحة اه .. بس في نفس الوقت قرفان من التفكير في الموضوع عشان كده هنسي خالص و كويس انه رجع ايا كان السبب انا اكيد مبسوط من قراره و من كلامه اللي سمعته منه.
-و انت متاكد من كلامه يا عز ؟ ده انت اكبر شكاك في الدنيا ! صدقته بسهولة ؟؟
- اه.
أجاب بقوة ثم تابع في ثقة:
-مصدقه .. النظرة إللي شفتها في عينيه مألوفة ليا جدا .. شفت جواه غضب و ندم شفت كسرة في عينه عمري ما شفتها فيه قبل كده .. بالنسبة لي يا خالد عمر خلاص كبر .. بقي راجل من انهاردة.
-بس كده مش كويس يا عز .. ماتزرعش فيه العقد اللي فيك مع احترامي يعني .. بالطريقة دي حياتكوا انتوا الاتنين هتقف و الامبراطورية اللي حواليك دي كلها اللي بناها ابوك في سنين و اللي ورثتها انت من بعده و كنت حريص عليها هتتهد بدل ما تلاقي اللي يكبرها اكتر و اكتر.
-محدش عارف بكرة فيه ايه يا خالد.
أجاب"عز الدين"ببساطة فأبتسم"خالد"بخفة ثم صاح فجأة:
-صحيح يا عز كنت عايزك في موضوع.
-خير موضوع ايه ؟؟
سأله"عز الدين"بإصغاء بالغ فأجابه:
-انا شايف ان عبير بقالها فترة احوالها مش مظبوطة.
-مش فاهم قصدك ايه ؟؟
-قصدي انها ممكن تكون مكتئبة مثلا .. انت مش شايف منظرها بقي عامل ازاي ! مش هي دي عبير حتي طريقة لبسها اتغيرت حاسس انها عايشة حالة مش مظبوطة حاسس انها مخنوقة.
همهم"عز الدين"موافقا ثم قال:
-انا بردو حاسس بكده .. و حاولت اتكلم معاها يمكن تحكيلي اي حاجة او تطلع اللي جواها بس كل ما كنت بسألها كانت بتقولي ظروف الامتحانات و المذاكرة.
-طيب انا مش حابب اشوفها في الحالة دي يا عز.
-يعني ايه ؟ عايز تقول ايه يعني ؟؟
-عايز اقول ايه رايك لو نقدم ميعاد الفرح ؟ هي هتخلص امتحانات اخر الشهر ايه رايك لو نعمل الفرح اول الشهر الجاي ؟؟
-اول الشهر ! هتاخدها من الدار للنار كده علطول دي لسا هتكون يدوب خارحة من الامتحانات و من ضغط كبير.
- طيب في نص الشهر يا عز !
صمت"عز الدين" لبرهة و كأنه يفكر بالأمر ثم رمقه بنظرة ثاقبة و قال:
-ماشي .. موافق .. بس ماتجبلهاش سيرة دلوقتي استني قرب ما تخلص امتحاناتها.
إكتسي وجه" خالد" بفرحة عارمة ثم أومأ رأسه قائلا:
-حاضر يا سيدي .. مش هقولها دلوقتي.







مرت الأيام القليلة التالية بصورة شبه عادية ، حتي جاء يوم إخلاء منزل"داليا" ..
بعدما حزمت جميع الأمتعة و الأغراض وقفت إلي جانب شقيقتها تتأمل معها كل ركن بالمنزل ، متذكرة كل لحظة مضت بحياتها و كأن شريط ذكرياتها يمر في ومضات سريعة أمام عينيها ..
ربتت"ياسمين"علي كتف شقيقتها بحنان فيما إبتسمت"داليا"بمرارة مع سقوط دمعة حارة من عينها علي وجنتها ، بينما دوي صوت جرس المنزل عاليا فكفكفت"داليا"دموعها بسرعة ثم ذهبت و فتحت باب المنزل 
إتسعت عيناها في ذهول بالغ عندما ... 




        


google-playkhamsatmostaqltradent