رواية في ظلال الحب المفقود الفصل التاسع 9 - بقلم مهجة
"إجازة مليئة بالمفاجآت"
"انتهى اليوم الدراسي الأخير، وتعالت ضحكات الأطفال وهم يغادرون المدرسة، يحملون حقائبهم بخفة وفرح. كانت سُكرة تمشي بخطى واسعة، ووجهها مشرق كالشمس، فقد انتهت من آخر اختبار، ولم يتبقَ بينها وبين الإجازة إلا بابٌ يُغلق على عامٍ دراسيٍ طويل.
في المنزل، كانت سُكرة تتنقّل بين اللعب بكرة القدم مع الأولاد في الغرفة المجاورة، وتارةً تجلس معهم تُنافسهم في البلايستيشن، وتارةً تستلقي أمام التلفاز تتابع بشغف حلقات "القناص" على سبيستون أو "سكوبي دو" على MBC3.
وفي غمرة هذا المرح، نادتها والدتها من المطبخ قائلة:
- "سُكرة! تعالي، هناك من يريد التحدث معك."
أسرعت سُكرة نحو أمها، وبدت على وجهها علامات الفضول،
- "من؟ مَن على الهاتف؟"
ناولتها أمها السماعة مبتسمة:
- "ستعرفين حالًا."
وضعت سُكرة الهاتف على أذنها، وسمعت صوتًا مألوفًا وحنونًا:
- "مرحبًا يا سُكرة!"
توسّعت عيناها بدهشة، وصاحت بفرح:
- "ليان؟!"
ضحكت ليان وقالت:
- "نعم، أنا! جئت لأبشّرك، سننطلق غدًا صباحًا، وسنكون عندكم في المساء !"
قفزت سُكرة مكانها كأنها عصفورٌ خرج من قفصه، وقالت بفرحة لا تُوصف:
- "حقًا؟! يااااه، كم اشتقت إليكِ! متى ستصلون بالضبط؟ من سيأتي معك؟ هل ستنامين بجانبي؟!"
ضحكت ليان من حماسة سُكرة وأجابت بصوتٍ هادئ:
ليان : "كل شيء ستعرفينه غدًا، فقط جهّزي نفسك!"
: سُكرة "سأجهز كل شيء، كل شيء! لا تتأخري!"
أغلقت سُكرة الهاتف، وركضت إلى غرفتها، أحضرت دفترًا صغيرًا، وبدأت تُسطّر فيه الأماكن التي تودّ اصطحاب ليان إليها: الحديقة، محل الألعاب، المكتبة الصغيرة قرب بيتهم، وحتى سطح المنزل حيث النجوم تكون قريبة من القلب.
ثم أخذت ترتّب ألعابها واحدةً تلو الأخرى، كأنها تُعدّ مهرجانًا خاصًا، وهمست لنفسها:
- "هذه الإجازة ستكون الأجمل... لأن ليان ستكون معي."
استيقظت سُكرة في اليوم التالي قبل الجميع. فتحت عينيها على أشعة الشمس التي تسللت بخفة إلى غرفتها، وابتسمت وكأن قلبها يرقص من الفرح. نهضت من سريرها بخفة، واتجهت إلى خزانة أخيها تبحث بين ملابسه، فأخرجت قميصًا واسعًا يحمل شعار أحد أفلامها المفضلة، وبنطالًا رياضيًا رمادي اللون بدا أطول منها بقليل. ارتدتهما بسرعة وربطت شعرها بشريطة رماديه ، ثم وقفت أمام المرآة تحدث نفسها:
- "ليان ستأتي اليوم... يجب أن أبدو مرتاحة وسعيدة... كأنني في أول يوم من الحلم."
مرّ الوقت ببطء شديد، كأن عقارب الساعة تمشي على رؤوس أصابعها. ظلت سُكرة تتنقّل بين باب البيت والنوافذ، تسأل أمها كل خمس دقائق:
- "متى سيصلون؟ هل تأخروا؟ ماذا لو ضلوا الطريق؟!"
فتضحك أمها وتربت على رأسها:
- "سيصلون يا سُكرة، اصبري قليلاً."
ثم، وفي تمام السابعة مساءً سمع الجميع صوت السيارة التي توقفت أمام المنزل، تعالت الأصوات داخل البيت. كانت سُكرة تقف عند الباب وهي ترتدي ملابس أخيها، شعرها مربوط بشريطة رمادية، وكل شيء في البيت يعكس استعدادًا لحدث مميز.
لحظة فتح الباب، كانت أول من دخلت هي ليان، تحمل حقيبتها الصغيرة وتلوّح بيدها، وحينها قفزت سُكرة إليها مع ابتسامة عريضة:
سُكرة : "ليــــان!!"
ليان : "اشتقت إليكِ كثيرًا، يا سُكرة!"
سُكرة : "وأنا أكثر! لدينا الكثير لنفعله!"
ثم دخلت ليان، تبعها الخالة ابتسام بابتسامة دافئة، وأخذت تعانقها بشدة:
أم سُكرة : "ألف مرحبًا، الحمد لله على السلامة! نورتوا البيت!"
ثم تبعهم العم محمود وهو يبتسم ويقول بصوتٍ عميق:
- "كيف حالكم؟ أتمنى أن يكون الجميع بخير."
ليرد والد سُكرة : يا أهلا وسهلا حياكم الله
وكان يزن وأيهم يتبادلان الحديث بصوت مرتفع، ضاحكين، قبل أن يتسللا إلى الداخل.
أروى، التي كانت متحمسة دائمًا للقاء، دخلت آخر من الجميع، وسرعان ما توجهت إلى أسيل وقالت:
- "أعتقد أن هذه الإجازة ستكون مليئة بالمغامرات!"
نظرت أسيل إليها وقالت بحماس:
- "بالطبع، لا تفوتين أي لحظة!"
رهف التي دخلت معهم أخذت مكانها بالقرب من المائدة وقالت، بينما هي تمسح على رأس صالح :
- "إذن، أريد أن أرى ماذا فعلتم في هذا البيت الكبير!"
ثم دخل أدهم بهدوء، وهو يبتسم بارتياح، قائلاً:
- "أخيرًا، كلنا هنا."
و أيهم من خلفه قال بابتسامة:
- "إنها فقط بداية، تذكروا ذلك."
في الزاوية الأخرى، كان سليم، يضحك مع ماجد و عبدالعزيز و سامي . سليم نظر إلى سُكرة وقال مبتسمًا:
- "مستعدة للعب مع الأولاد؟"
وكانت سُكرة تبتسم، تقفز مكانها، وترد بحماسة:
- "أكيد! ولكن لن تسمحوا لي بالربح هذا الصيف!"
أما في المطبخ، كانت وملاك وملاذ يقومان بتحضير العصائر والوجبات الخفيفة التي يحبها الجميع، في حين كانت أم سُكرة تُراقب عن كثب الضيوف الجدد وتقول:
- "الحمد لله على سلامتهم، المنزل سيكتظ اليوم!"
وعند سماع هذه الكلمات، عاد الجميع إلى غرفهم ليجهزوا أنفسهم، وكل واحد منهم كان لديه خطة خاصة لتمضية الوقت.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية في ظلال الحب المفقود) اسم الرواية