Ads by Google X

رواية قارب الموت الفصل السابع 7 - بقلم مريم الجنيدي

الصفحة الرئيسية

  

 رواية قارب الموت الفصل السابع 7 -  بقلم مريم الجنيدي

«٧-طريق مسدود»
          
                
همست سيلا وهي تحاول التخفيف من توتر الطريق و تعبه على نسيم الذى ظهر التعب و الإرهاق بوضوح على وجهها 



"مقولتليش، أنتِ لي سافرتي!؟ و الشاب دة يبقالك إي!" 



نظرت لها نسيم قليلاً باضطراب لتومأ لها سيلا مطمئنه 
"لو مش عايزه تقولي عادي" 



هزت نسيم أكتافها بقله حيله وهي تردف بخفوت هامس
"يبقي إبن جوز أمي الله يرحمها" 



أومأت لها سيلا وهي تستفسر 
"يعني مش اخوكي صح!" 



هزت الأخرى رأسها بتأكيد
"لالا مش أخويا أكيد" 



أبتسمت سيلا وهي تمزح لتخفف من إحراج الأخرى
"و أنتِ مشيتي و سبتيهم، لقاتيه هنا، شوف الصدف سبحان الله" 



أومأت لها نسيم وهي تردف بتذمر حانق 



"أنا هربانه منه و من كلامه أصلاً، متمرمطة كل دة عشان في الآخر الاقيه هنا!!" 



أقتربت سيلا بفضول تحت نظرات عبيدة المحذرة ألا تتطفل على هذه الشابة المسكينة ولكن كالعادة تجاهلته وهي تقول بهمس 
"لي هو عملك أى!!" 



تنهدت نسيم وهي تمسد على جبهتها بتعب 
"أبوه كان عايزه يتجوزني، غاصبه عليا، وهو مفكر أني موافقة، بس أنا أصلا مش عايزة، أنا راحة بالعافيه، أنا مستحيل أقبل أن أتعامل بالطريقة المهينة دي، صعب على أى بنت أنها تتعرض على حد رافضها كدا، عشان كدا اضطريت  أن أسيب الدنيا كلها و أهرب" 



أومأت لها سيلا بتفهم وهي تربت على يدها 
"عندك حق، بس أنتِ اصلاً لي روحتي تعيشي معاهم"



أبتسمت نسيم بألم و أعينها دامعة شعرت بغصه بقلبها تؤلمها 



همس عمار لباهي بتساؤل 
"بقولك معرفتش مين المزه اللي كانت بتكلم صاحبك دي، تخصه يعني!!" 



احمرت أعين باهي بغضب وهو ينظر له، هسهس من بين أسنانه
"ارحمني، أبعد عني أنا مش طايق نفسي" 



ذم عمار شفتيه 
"أنت قفيل لي كدا، اللي يشوفك يقول رايح جنازة، مش رايح لاوروبا" 



تنهد باهي وهو يضع يده على رأسه بتعب دون أن يكلف نفسه عناء الرد عليه 



توقفت السيارات على حين غرة، مما أدى اللي ارتداد الجميع و تخبطهم في هذه المساحة الصغيرة 



نظروا لبعضهم جميعاً بعدم فهم و النظرات المذعورة من الفتيات اختلطت مع النظرات المترقبة من الرجال 



امسك عبيدة يد شقيقته وهو يشد عليها و تعالت دقات قلبهم جميعاً 



فجأة انسحب الغطاء من فوقهم وصوت الرجل يقول ببرود 
"عدينا الحدود، إحنا وصلنا ليبيا" 




        
          
                
تنفس الجميع الصعداء، منهم من انفجرت اساريره، و منهم من تعالت دقات قلبه بخوف من القادم، و ندم بعض الشئ 



سأل عمار بصوت متحمس 
"هنروح فين دلوقتي!" 



رد الرجل ببرود 
"دلوقتي كان المفروض نروح على المينا على طول، عشان المراكب مستنية هناك، بس حصل حاجات، فمش هينفع تسافروا انهاردة، عشان كدا هنوديكوا هنجر لحد ما الدنيا تهدى" 



أتسعت أعينهم بصدمة ليردف عبيدة بتوتر 
"كيف يعني، ما بيصير!" 



تطلعت نسيم لهم وعلى ملامحها ارتسم الرعب بينما قال عبد الرحمن
"يعني أى مش هنروح انهاردة، و بعدين هنجر أى اللي هنروحه، دة مكنش اتفاقنا و الكلام اللي اتقالنا" 



عقد الرجل ذراعيه يقول ببرود ولا مبالاة 
"والله دة اللي عندي، و دة الكلام اللي جالي، اوديكوا المينا و تتقفشوا هناك؟ الشرطة هناك و بتفتش المراكب و في قلق" 



مسح عبد الرحمن على وجهه بغضب، ليردف باهي بتساؤل 
"و إحنا المفروض نقعد هناك قد أى؟" 



هز الرجل كتفه 
"لحد ما القلق يخف، يعني على بكرا مثلاً"  



تنهد الجميع باستياء وقد ظهر القلق على عمار لكنه قال 
"وأحنا هنروح الهنجر دة نعمل أى، أو هنقعد ازاى!" 



رد الرجل بحده 
"هتقعد زي الناس، إحنا مش عايزين المصلحة تبوظ، فخليكوا حلوين كدا و اسمعوا الكلام، دلوقتي كله قفل التليفونات و يجبها هنا عشان نتحرك" 



شعور غير مريح أصاب باهي ليردف بعصبيه 
"وأحنا نجيبلك الموبايلات لي إن شاء الله، الموضوع دة مش مظبوط، الكلام دة مش اللي متفقين عليه، ولا اللي شايفينه" 



رد الرجل بنفاذ صبر
"هتقفلوهم عشان محدش يتعقبهم و يعرف مكانا، و هتجيبوهم هنا عشان اضمن دة" 



رد عبيدة وقد عم التوتر السيارة وهم ينظرون لبعضهم 
"إحنا اكيد ما بنودي حالنا بشي مصيبة، راح نسكرهم، بس ما راح نعطيك شي" 



مسح الرجل على وجهه وهو ينظر لهم 
"اقفلوا الموبايلات، و لما نروح هناك هما هيتصرفوا" 



ثم تركهم و صعد مكانه خلف عجلة القيادة 



مال عبد الرحمن لباهي بنظرات شك 
"أنا مش مطمن، الموضوع مريب" 



أومأ باهي له بتأكيد على حديثه
"في حاجة مش مظبوطة بتحصل!! بس للأسف معتش هينفع نرجع ولا نعترض" 



الشك و التوتر هو سيد المكان، ما قال لهم لم يكن كما شاهدوا و ما اتفقوا عليه 



شعر باهي بأن الأمر يتلاعب به لكن لم يكن بيده شئ ليفعله عليه أن ينتظر و يرى نهاية الطريق




        
          
                
سألت سيلا عبيدة شقيقها الذي يجلس بصمت و قد حفر الهم و الكدر معالمه على وجهه المليح



"هو دة طبيعي يحصل يا عبيدة!! أنا قلقانة" 



ربت على يدها وهو يقول بهدوء عكس فورانه الداخلي 
"آه اكيد حبيبيتي، ما تقلقي، دي أكيد اجرائات أمنية بيعملوها، كل شي هيكون منيح"



أومأت له وهي تستند على كتفه بارهاق 



 نظر عمار لجمال بشك 
"أى يا عم جمال الحوار دة بقا، متفقناش على كدا!" 



نظر له جمال بعدم إهتمام 
"حوار أى يا عم وأنا مالي، و بعدين الراجل قالك أنهم بيفتشوا المراكب، أهدى على نفسك عشان تغور من هنا منغير شوشرة، اصبرلك كام ساعة مش هتموت يعني" 



زفر عمار باستياء و قد انسحب حماسه بعض الشئ 




بعد ساعتين توقفت السيارات فى منطقة مهجورة علي البحر و أمامهم مستودع كبير مهجور لا يظهر وجود أى شخص حول المكان 



نزل الرجل من السيارة وهو يقول لهم 
"يلا يا جماعة وصلنا، هنقعد هنا لحد ما يجي الخبر أن كلوا تمام" 



نزل الجميع من السيارات وهم يتطلعوا حولهم 



شدد عبيدة يده على يد شقيقته وهو يردف بجدية 
"متبعديش عني نهائي" 



سأل عبد الرحمن وهو يسير خلف الرجل الذي اتجه صوب المستودع



"إحنا هنقعد هنا لواحدنا! إحنا عايزين نشوف الراجل اللي هيسفرنا و نتكلم معاه نعرف هنقعد هنا قد أى" 



فتح الرجل باب المستودع وهو يردف بسخرية 
"يا استاذ خش هو أنا هخطفكوا، الباشا مش فاضي يجي يكلمكوا دلوقتي، لما الأمور تستقر هايجي متقلقش" 



دخلوا بخطوات مترددة لترتسم الصدمة على وجوههم
كان الأمر صادم لهم، كونهم لم يكونوا الوحيدين في هذا المستودع المهجور، بل كان في الداخل عدد مهول من الأشخاص، من جميع الأعمار، من الجنسين.



كان المستودع يعج بالأشخاص الواضح عليهم عناء الطريق و طول الإنتظار!! 
كان المنظر مربك، و قابض للقلب، شئ غير طبيعي



أردف باهي بصوت هارب ووجه شاحب 
"أى دة مين كل دول، أى اللي بيحصل هنا؟؟"



تمسك عبيدة بشقيقته و كأن المنظر أمامه عبث بقلبه و فعل خاصية الحماية القصوى 



أردف الرجل بسخرية 
"انتو فاكرين انكوا لواحدكوا عايزين تسافروا!! كل الناس دي عايزة تسافر، بس مستنين زيكوا، خشوا يلا مينفعش تقفوا برا" 



أردف عبد الرحمن بعصبيه وهو يقترب من الرجل و قد طفح الكيل من هذا الأسلوب المتعسف المهين




        
          
                
"بقولك أى انا ساكتلك من الصبح، أتكلم معانا عدل، و بعدين إحنا هنستني هنا لحد امتى، الناس دي شكلها هنا بقالها كتير، كلامك في حاجة غلط" 



أردف أحد الأشخاص الموجودين بغضب وهو يتقدم منهم ليقف بتحفز أمام الرجل



"إحنا هنا بقالنا يومين و الراجل دة قالنا في قلق في المينا، و سابنا هنا لحد دلوقتي، انتوا نصابين ولا أى أنطق" 



نظر لهم الرجل ببعض الارتباك ثم قال بصوت عالي و حده كي يفلت من أسئلتهم 



"في إى يا جماعة هو أنا يعني هقعدكوا هنا مش عشان الدنيا مش امان! و بعدين الريس هايجي يكلمكوا"



أردف باهي وهو يضع يده على كتف الرجل 
"لا أنت مش هتمشي من هنا غير لما الريس بتاعك دة يجي يكلمنا" 



نظر عمار لجمال وهو يسأله بقلق 
"في إى يا عم جمال أى اللي بيحصل، و مالك هادي كدا لي!" 



هز جمال اكتافة بعدم إهتمام
"هعمل أى يعني!! هما قايمين بالواجب، أحرق بنزين على الفاضي لي!" 



مسح عمار على وجهه بتشتت 
"أنت عارف حاجة طيب على الموضوع دة!" 



"هعرف منين يا عم يعني ما أنا متنيل معاكوا أهو!" 



 
صاح الرجل بغضب وهو يبعد يد باهي بعنف 
"هو في أى، ما قولنا في تفتيش، انتوا مش أول ناس تسافر، نرميكوا للحكومة يعني!" 



نظرت سيلا لعبيدة بخوف 
"هنعمل أى! هنفضل قاعدين هنا!!" 



أومأ عبد الرحمن بإصرار
"تمام برضو مش هتمشي من هنا غير لما تخلي الريس بتاعك يكلمنا، إحنا و الناس دي عايزين نعرف رأسنا من رجلينا" 



ضحك الرجل بسخرية وهو ينظر له بلامبالاة
"والله قولتلك لما الريس يفضى هيكلمكوا، و بعدين مش عاجبك كنت سافر على طيارة لي رامي نفسك هنا" 



نظرت نسيم لعبد الرحمن بغير رضا، و قد غزا شعور المهانة داخلها ونفس السؤال يتردد لما يسافر عبد الرحمن بهذه الطريقة الصعبة المهينة! هل هو فار من العدالة مثلاً؟ 



انقلب وجه عبد الرحمن وشعر بأحد يصفعه على وجهه، لم تتحمل كرامته هذا الأسلوب
لينقض على الرجل ممسكاً بملابسه وقد ساعدة بنيته القوية لإرهاب الرجل 



"أنت هتعرفني أعمل أى و معملتش أى!! اتصل باللي مشغلك دلوقتي حالا، عشان قسماً بربي م هخلي فيك حته سليمة" 



"في إى، أى اللي بيحصل هنا!" 



ألتفتوا جميعاً صوب الصوت الوقور الذى آتاهم من عند باب المستودع



كان صوت لرجل كبير بالسن تظهر الحده و الصرامة على وجهه، يستند على عكاز مهيب برأس من الذهب على شكل أسد و يقف خلفه اربع رجال ضخام البنية 



أسرع الرجل الآخر الذي يقع تحت قبضه عبد الرحمن بالتبرير
"والله يا ريس قولتلهم أنك هتكلمهم بس هما قعدوا يتشاكلوا معايا" 



علت الأصوات المعترضه من الجميع لتتداخل ببعضها و تصاعد الغضب من الذين يجلسون منذ يومين هنا 



ترك عبد الرحمن ملابس الرجل و نظر حوله في الزحام بعد أن وقف الجميع فتوارت هي بين الناس، ليمر بأعينه سريعاً حتى توصل لموقعها تقف بجانب الفتاة الآخرى 



لا يعلم لماذا يفعل هذا لكن رجولته لا تسمح له بأن يترك فتاة يعرفها وحدها بموقف مثل هذا، لكن كرامته تأبى إظهار هذا...



انتفض من أفكارة على دوي طلقتين ناريتين في الهواء، تعالت الصرخات تليها الصمت المقبض، و الجميع يقف مذهول 
بينما احتضن عبيدة شقيقته يحميها بين إضلعه، رغم ذلك لم تترك هي يد نسيم التي استشعرت برودتها المفاجأة 



ليقول الريس بصوت عالي صارم 
"مش عايز أسمع صوت هنا!!" 



نظر الريس لهم وهو يتأكد من ترهيبهم ثم أردف 



"إحنا مش جاين نلعب ولا نتشاكل، كله يقعد على الأرض، خلاص انتم بيقتوا في أرضنا، يعني معتش في طريق عودة، كلامنا يتسمع عشان تعرفوا تسافروا" 



قبض باهي على يدة بغضب و كل الشعور السئ بداخله يتصاعد بدأً من ما حدث في العمل و شعورة بالقهر ثم بعدها ما حدث في البيت و خروجه عن السيطرة و صوته العالي و صراخه في وجه عائلته، هروبه خلف السراب متخيلاً أنه طريق النجاه، تعب الطريق و وجع الفراق، وصولاً الآن من تهديدهم و معاملتهم بهذا الأسلوب المتعسف الدونياوي 



"أنتم بتهددونا ولا إى! دة مش أسلوب تتعاملوا بيه معانا، ولا الكلام  و الحاجات اللي على النت دة كله كان كدبة!" 



أقترب الرجل منه و خلفه رجاله المسلحين!



"أنت فاكر نفسك في طيارة!! أنت مسافر هجرة غير شرعيه، و خلاص خرجت من بلدك، يعني مفيش قدامك حل تاني غير الهدوء و أنك تسمع الكلام، أول حاجة هتقعدوا هنا لبكرا الصبح، لحد ما التفتيش يخلص، و نعرف مين الخونه اللي بلغوا علينا، تاني حاجة 



كل واحد هيتصل بأهله و هيطلب ٢٥٠ ألف جنية هيتحول على الرقم اللي هنقول عليه" 



أتسعت أعين عبيدة بصدمة ليردف بصوت مبحوح 
"شو! ٢٥٠ ألف لي ما كان هاد الكلام، انتم اختوا فلوس مننا قبل ما نطلع من مصر!!" 



أبتسم الريس بسخرية وهو يردف بنبرة قاتلة
"و لهو أنت فاكر أن الكام ألف دول هما اللي هيسفروك! لا إحنا بناخد دفعه تانية قبل ما تطلعوا المركب" 



صاحت نسيم بغضب
"دة مش الكلام اللي اتقالنا، حتى المندوب اللي أخد الفلوس مقلناش حاجة زي كدا!' 



رد الآخر ببرود
"والله دة اللي عندنا!" 



قال عبد الرحمن بغضب وهو يقترب من الرجل بتحفز 
"ولو مدفعناش هيحصل أى هترجعونا!" 



وقف الريس أمامه ينظر لاعينه بتحدي وهو يشير بعصاه
 
"لا هتموتوا... روحكوا قصاد الفلوس"





=============
إلي اللقاء في الحلقة القادمة ❤️




        



google-playkhamsatmostaqltradent