Ads by Google X

رواية قارب الموت الفصل السادس 6 - بقلم مريم الجنيدي

الصفحة الرئيسية

  

 رواية قارب الموت الفصل السادس 6 -  بقلم مريم الجنيدي

«٦-على الحدود»
                                    
                                          
الغضب كالنار إن تركته يتحكم بك ستكون نهايتك 




حياتنا عبارة عن مجموعة من القرارات، وليست جميعها صحيحة 
كل شئ انقلب في أقل من ساعات، الفرار من طريق مظلم هو أشد خطورة من مواجهه الخطر 
وهذا ما حدث لهم جميعاً 
تحركوا جميعاً لمكان التجمع، كان جسد باهي يشتعل من الغضب بعدما أنفجرت أعصابه مطيحاً بالاخضر و اليابس، ملقياً قنبلته و قرار سفرة دون أن يتخذ بعض الدقائق للتفكير أو مناقشه عائلته للأمر بل ألقى كلماته محدثاً صاعقة و رحل دون الإلتفات و قد تحكم به غضبه، و اعماه عن الصواب 



على الطريق الصحراوي في الظلام 



وقف بجانب جمال و عمار بملامح مقتضبه وجسد متحفز، أردف جمال بسخرية 
"أفرد وشك يا باهي مالك مكشر ليه" 



"فكك مني يا جمال أنا مش طايق نفسي، و خلصني شوف الراجل دة فين، خلينا نخلص" 



أومأ لهم ثم سألهم بصوت جشع 
"جبتوا الفلوس" 
أومأ عمار له بينما تجاهله باهي وهو يشعر بعدم الإرتياح و الضيق يصيب صدره 



بعد قليل توقفت سياره نصف نقل أمامهم بصندوق مغلق ونزل منها رجل حاد الملامح ضخم البنية



أقترب عمار يهمس لهم بقلق 
"هو دة يا جمال" 



همس جمال ببرود "تقريباً" 



أردف الرجل بصوته الخشن 
"جهزتوا الفلوس" 
اومأوا له ليستلم منهم الفلوس و يعدها ثم نظر لهم بتفحص وأشار لهم 
"تعالوا ورايا" 



اقتربوا يسيروا خلفه لخلف السيارة أمام باب الصندوق 
فتح الرجل الضخم البوابة كانت من الداخل معتمه لا يظهر ما بداخلها نظروا لبعضهم بريبه ليستمعوا للرجل يقول بحده 
"خلص يا عم أنت وهو، مش عايزين حد ياخد باله مننا" 



صعد الثلاثه إلي السيارة و أغلق الرجل باب الصندوق 
لم يرى أى منهم أى شئ يغرق المكان في الظلام الدامس 



تقدم كل منهم ليجلسوا في أى مكان ليدعس أحدهم علي شئ ليأتيه صوت نسائي وهو يصرخ 
"آه حاسب دوست على رجلي" 



أتسعت أعين عمار وهو يردف بخفوت 
"أى دة هو في حريم" 



هذه المرة أتاه صوت رجل حاد بالهجة مصرية ركيكه 
"و أنت مالك" 



سكن عمار دون حديث وهو يستشعر خطورة الخوض بهذا الأمر 



بعد دقائق وقفت السيارة مرة أخري و صعد أحدهم دون أن يتبين أحد شكله بسبب الظلام، و تكرر هذا الأمر ثلاثة مرات دون أن يتبين أى أحد وجه الاخر 



كان السكون يعم أرجاء المكان مرت أكثر من ثلاثة ساعات لتعلوا أصوات الهمسات في الصندوق 



     
                
"عبيدة عايزة أروح الحمام" خرج هذا الصوت بهمس في أحد الأركان ليضمها عبيدة أكثر إليه وهو يهمس لها بعجز 
"استحملي حبيبتي شوي حتى نوصل لأى مكان" 



أومأت هى بارتباك وهي تلتزق به لعلها تحصل على أى أمان بينما هو تمسك بيدها جيداً و اعينه تخشى أن تنغلق، يشعر بحجر من المسؤوليه متعلق بعنقه 



"ما تخافي حبيبتي كل شي هيكون بخير" 
ألقت رأسها على صدره وهي تتنهد بخوف من القادم 



على بعد بعض الخطوات كان يقبع عبد الرحمن 
يشعر بالقهر على نفسه، أنه لجأ لهذه الطريقة، مبعثراً هيبته، هو عبد الرحمن عرفات، يفر من البلاد بهذه الطريقة، و كل هذا بسبب تأكدة أن والده سيعوق أى إجراءات سيتخذها للسفر، حركة أنه أوقف حساباته البنكية وشهرته بالذل، هو لن يتحمل أن يتحكم به بهذه الطريقة المهينة، لذلك اتخذ أقرب طريق بعيد عن والده، هو السفر بهجرة غير شرعية لن يستطيع والده الوصول له، سيفاجأه أنه وصل أوروبا دون أن يكون له يد لإيقافه 



لكن جلسته المهينة هذه الآن كأنه يهرب كالصوص، بوسط أفراد لا يعلمهم، في الظلام الدامس كل هذا شعور يزيد من نقمته أن أقرب الأشخاص إليه هو السبب بكل هذا، لكنه ترك كل شئ خلفه، لعله يجد حياة جديدة، يجد بها نفسه، ويعيش لأجل نفسه 



أم باهي يضع رأسه بين يديه يشعر بأنه تسرع، في خلال الساعات التي جلس بها الآن في السيارة تخلى غضبه عنه و حل مكانه القلق، لكن الهدوء و التفكير السليم أتى بعدما سبق السيف العزل و انتهى الأمر لم يعد هناك رجعة
شعر بقلبه يقفز بفزع عندما ظهرت صورة صغيره الذى تركه دون أن يودعه حتى، هل فاق الان، لكن غضبه بسبب القهر الذي تعرض له مازال يحوم بداخله و ينهش به، جانب منه يذكره بهذا و الجانب الآخر يتصارع معه ليذكره بأبنه 
في الحالتين عليه أن يفيق علي مراره الواقع الذي اتخذه بنفسه 



أم عمار حماسه هو المسيطر عليه، لا يصدق أن بعض الساعات تفرقه على الحرية، عليه أن يصبر بعد الساعات، و بعدها سيمحي كل ذكرياته سيولد ببداية جديدة، في بلد لا يعرفه بها أحد، بلد يستطيع أن يفعل بها أى شئ، و أخيراً سيخرج من سجن أبيه و كل تعقيداته 




الأفكار مختلفة، كل فرد يركب بهذا الصندوق يشعر بشعور متضارب، كلاً بحكاية و قصه مختلفه، منهم من يسعي للنجاة، و منهم من يسعي للمتعة، و منهم، من يسعي لمستقبل أفضل، فهل سينالوا هذا المستقبل الأفضل؟؟ 



مرت الساعات ببطئ يكاد يصيبهم بالجنون 



و أخيراً توقفت السيارة عند طلوع الشمس ليتنهد الجميع بارهاق و يقفوا باستعداد 



سأل عمار بفضول "إحنا كدة وصلنا فين!!" 



بعد سؤاله بدقيقتين استمع لصوت فتح الأبواب أغلق الجميع أعينهم بسبب الضوء الذى وقع عليهم بعد ساعات في الظلام




        
          
                
 و نفس الرجل ضخم البنيه يقول بخشونه 



"إحنا وصلنا على حدود مصر و ليببا، في عربيات هتتقسموا عليها عشان تعدوا الحدود تطلعوا الهضبه لأن مينفعش اعدي بالعدد دة كلوا، هسيب الباب مفتوح لحد ما العربيات توصل، بس ياريت محدش بنزل من العربيات، عشان دوريات الحدود" 



ألتفت عبد الرحمن برأسه يتطلع حوله و يفك عضلات جسده المتشنج ليلمح باهي على جهته اليسرا، أتسعت أعينه بعدم تصديق.



بنما أقترب عبيدة وهو يسحب شقيقته من يدها و يخشي أن يتركها في أى مكان فيجعلها تلتصق به يردف للرجل بنبرة هادئه حاول جعلها مصرية لكنه فشل فخرجت مصرية ركيكه تظهر بوضوح أنها مصطنعة 



"لو سمحت، عايزين ننزل عشان في حريم بدها تقضي حاجاتها" 



ضيق الرجل اعينه وهو ينظر له، ليأتي صوت بعض النساء الموجودات باستيحاء
"ياريت" 



تعجب البعض من وجود النساء معهم فلم يتخيلوا أنهم يهاجرون هكذا، و بالنظر لبعضهم اكتشفوا، وجود أطفال و شباب من أعمار مختلفه، و بعضهم يظهر عليه اختلاف الجنسية، و بعض النساء 



أردف الرجل بحده 
"مينفعش تنزلوا من العربية كدا خطر، وبعدين انتو مش طلعين رحلة" 



شعرت النساء بالاحراج 
أردف باهي يتعصب وقد اشتعلت مرؤته 
 
"مينفعش كدا دول حريم، إحنا نستحمل، إنما هما لا" 



بينما اقترح عبد الرحمن 
"ممكن اتنين اتنين ينزلوا، خلي عندك نخوه" 



ألتفت باهي ينظر خلفه للصوت المتحدث و تفاجأ بوجود عبد الرحمن فهو يعرفه أنه من القرية المجاورة، و أيضاً هو نفسه الشاب الذي اصطدم به بالحادث في بداية الأمر شعر بالاحراج، و كذلك عبد الرحمن و ذلك لمكانه الاثنين لكنهم فكروا بأنهم جميعاً في سفينه واحده، أبتسم باهي بتردد كتحيه ليردها عبد الرحمن وهو يهز رأسه بإمائه صغيرة رداً عليه 



شعر الرجل ببداية الهجوم عليه، فقرر اتخاذ السلامة حتى لا ينقلبوا عليه قبل أن يجتازوا الحدود لذلك أردف بخشونه و نفاذ صبر وهو يشير 



"تمام خلاص خلاص، في شجرة قدام اهي ممكن تروحوا عندها، بس اتنين اتنين عشان محدش ياخد باله" 



نظرت سيلا لشقيقها بخوف ليومأ له لتقترب فتاة منها بخجل وهو تقول باستيحاء 
"هاجي معاكي تعالي" 



ألتفت عبد الرحمن برأسه كالرصاصة بغير تصديق، لا مستحيل أن يكون قدرة بهذا السوء، كيف أتت لهنا!! 
همس بأسمها بأعين جاحظه، وهو يشدد على قبضته 



بينما هي أمسكت يد سيلا و اتجهوا لينزلوا من الصندوق 
كاد الرجل أن يبتعد ليردف عبيدة بتحفز 
"أنت رايح لفين، أنت هتفضل قاعد هنا لحد ما يرجعوا" 




        
          
                
أومأ الرجل وهو يجلس على طرف الصندوق بينما شيع عبيدة شقيقته بنظرات قلقة حاول أن يطمئن فهي معها انثى مثلها 



همست سيلا باحراج عندما وصلوا للشجره



"أنا هقف قدام الشجره و اعطيكي ضهري لحد ما تخلصي، و بعدين تقفيلي" 



أومأت لها الفتاة بوجه أحمر و أعين دامعه 



الشعور بالجزع و الذعر يكون مضاعف لدى الفتيات في المخاطر، انقشاع قشره الأمان و الخروج في منطقة الخطر عليك أولاً عدم الثقة بأحد 



أغمضت الفتاة أعينها و فرت دمعات منها بينما سيلا مسلطه بصرها على السيارة تستمد منها الأمان بوسط هذه الصحراء المرعبة 



"خلصت" 



ألتفتت سيلا وهي تومأ لها ثم سلموا اماكنهم لبعض دون أن تجد أى واحده منهم القدرة على الكلام فالموقف صعب و ضاغط على الأعصاب بشكل لا يصدق 



انتهت سيلا وقد شعرت أخيراً بالراحة بعد كتماتها كل هذه الساعات و كان تفكير مرعب أن تظل هكذا حتى يخرج الأمر عن سيطرتها لكن الحمد لله لم يحدث أسوأ أول كوابيسها 



"يلا نرجع" 



أومأت لها الأخرى، لتهمس بصوت منخفض 
"شكراً" 



هزت سيلا رأسها بحنان "معملتش حاجة، دي حاجة خارجة عن سيطرتنا، أنتِ هنا لواحدك!!" 



شعرت الفتاة بالخواء لسؤالها، وبانها عاريه فى الصحراء بلا مأوى أو ظهر لتهز رأسها بالإيجاب 



اردفت سيلا بحنان 
"إحنا ممكن نكون مع بعض، أنا معايا أخويا، و كمان انا وأنتِ بنات زي بعض، متخافيش" 



صمتت الأخرى تفكر ثم أومأت لها بخجل، لن تخسر أكثر مما خسرت بالفعل، على الأقل تكون بجانب فتاة بدلاً من الوحدة أو من أن تجلس وسط الرجال" 



اقتربوا من السيارة لتردف سيلا بهدوء 
"أنا سيلا و أنتِ أسمك أى!!" 



"نسيم؟!" 



لم يكن هذا صوتها، بل صوت أتى من خلفها جعلها ترتعد يخوف وهى تنظر لصندوق السيارة ابصرته أمامها بملامح غاضبه لتبتلع لعابها بخوف و هي تفكر، ما الذى يفعله هنا!! 



بينما سألت سيلا بعدم فهم 
"مين دة تعرفيه" 



لم تنطق الأخرى وقد شحب وجهها ليردف الرجل صاحب السيارة 
"مش وقت صدمة، اطلعوا و الاتنين التانين ينزلوا" 



ساعد عبيدة شقيقته و كاد يمد يده لنسيم ليساعدها لكن أقتربت شقيقته تساعدها فعاد للخلف باحراج 



أما عبد الرحمن فرنت أجراس الخطر بعقله وهو يقترب منها يهسهس بفحيح مرعب 
"أنتِ حد راميكي عليا، بتعملي إي هنا، أنا سبتلك البلد و طفشت جاية ورايا!! عايزة أى مني؟" 




        
          
                
نظرت له بحنق محرج و قد جذب أنظار كل من يجلس في السيارة لترد بخفوت مبهوت من الصدمة 



"هكون جاية لي، أكيد لنفس السبب اللي جابك هنا، بس حظي الأسود رماني تاني في سكتك، أنا أصلاً، سبتهالك خالص، أقوم سبحان الله لقياك في وشي" 



كاد يرد عليها لكن قاطعة الرجل بصوت حاد 
"ما تحلوا مشاكلكوا في البيت انتوا جاين هنا على الحدود تحلوها!!" 



أردف عبد الرحمن بجمود "أسمع هي مش هتسافر هترجع معاك تاني، مش هتعدي الحدود" 



همس عمار وهو يجلس بجانب باهي 
"شكلها سفرية عسل، مكنتش متخيل أن معانا بنات، لا و كمان في اكشن، أيوة كدا دلعني" 



نظر له باهي بحده وهو يردف بصرامة 
"تعرف تخرس، هي مش نقصاك" 



و كانت سيلا قريبة منه لترمقه بنظرة مشمئزه انتبه لها لتتسع ابتسامته بسماجة



بينما رد الرجل على عبد الرحمن بحدة وهو يخبط على السيارة 
"هو أى أصله دة انتوا فاكرينها رحلة بجد ولا أى، الموضوع دة لو اتعكشنا فيه هنروح في داهية، دخول الحمام مش زي خروجة، و كل واحد هنا جه بمزاجة مينفعش تقولي دلوقتي لا عايز أرجع إحنا مش بنلعب" 



اردفت نسيم بجدية وهي تنظر له بإصرار
"بالظبط، و بعدين أنت ملكش دعوة بيا ولا أنت واصي عليا، ولا من بقية أهلي، أعمل نفسك متعرفنيش، و كل واحد في طريقه"



ثم ولته ظهرها واقتربت تجلس بجانب سيلا التي نالت تهمس لها بفضول 
"مين دة" 



"سيلا!!" أردف عبيدة بتأنيب لتنظر له ليحذرها بأعينه من عدم التحدث مع الغرباء لتومأ له وهي تصمت ثم أمسكت بيد نسيم تشدد عليها وهي تهمس 
"متخافيش" 



شد عبد الرحمن شعره للخلف وهو يكاد يقتلعه من جزوره، من أى كارثة ألقيت عليه هذه الفتاة، هل يصعد للمريخ حتى لا يراها، بعدما فر منها و من والده يجدها ملتصقة به كالعلكة ما هذه الصدفة التي تكاد تصيبه بزبحة صدرية، استوعب الآن لماذا ذهبت للصائغ، و باعت شئ لها الأمر ألمه 



لم يستحمل الجلوس مكتوف الأيدي ليتقدم منها ويجلس مقابلاً لها رفعت أعينها له ببرود ليردف هو بعصبية 
"إى اللي خلاكي تعملي كدا!" 



رفعت أحدى حاجبيها بتعجب وهي تردف بتألم
"مش قولتلك مع أول فرصة همشي، مكنتش هستنا ابقى عبئ عليك أو على باباك، باباك اللي غصبك عليا عشان يخلص ضميرة من المسؤولية بعد ما ماما الله يرحمها وصيته عليا، أنا إنسانة، مش بضاعة في مخزنه عايز يخلص منها بأى شكل" 



تنهد و قد أفحمه ردها حتى الغريبة فرت من تحكم والده بها، نكس رأسه ثم حاول أثنائها عن قرارها 
"طب اسمعي، أنتِ هتسافري لي، الطريق خطر، و بعدين صعب على الرجالة أنتِ هتستحملي ازاى، هتروحي تعملي أى أصلاً ارجعي يا نسيم، أنا هسافر و معتيش هتشوفي وشي و مش هضايقك" 




        
          
                
أقتربت بوجهها تردف بعناد جعله يريد ضرب رأسها في جانب الصندوق 
"مش هرجع يا عبد الرحمن معتش ليك دعوة بيا، أنت مش ولي أمري عايز ترجع أنت لحياتك اتفضل" 



عض على شفتيه بغيظ وهو ينظر لها بحنق ثم أردف بغضب 
"براحتك، أنا هشتال مسؤوليتك لي اصلاً أنا مالي" 



أومأت له بتأكيد 
"بالظبط ملكش دعوه بيا" 



استقام يبتعد عنها ليجلس بجانب باهي الذى لم يعرهم إهتمام وهو يطوف في عالمه الخاص 



سأله عمار بفضول 
"أنت مش متحمس لي يا باهي" 



نظر له باهي بطرف أعينه بسخرية ثم أردف بصوت يسكنه الحزن 
"هتحمس لأى وأنا سايب بيتي و ابني و مراتي و أهلي، أنا حاسس بخنقة وكأن بقطع حته من قلبي" 



قلب عمار اعينه بملل وهو يرد بحنق 
"إي الدراما دي كلها يا باهي، اللي يشوفك يقول رايح السجن مش مسافر اروربا، و بعدين أنت رايح تشتغل عشانهم" 



أومأ باهي وهو ينظر له باستخفاف 
"ما أنت مش هتحس باللي بقوله، عشان أنت أصلا رايح تتفسح و تعيش حياتك، أهدافنا مش زي بعض يا عمار، و دماغنا مش هتتلاقى" 



أردف عبد الرحمن بتردد 
"ازيك يا باهي، مكنتش متخيل إننا ممكن نتقابل هنا" 



أبتسم له باهي وهو يومأ 
"سبحان الله، قدارنا بس، أنت عامل إى"



هز عبد الرحمن رأسه بإحراج وهو يبرر



"اعذرني أن مسألتش عليك من بعد ما خرجت من المستشفى، أنا بس كنت مضغوط في الشغل" 



ربت باهي على كتفه بتسامح
"اللي حصل دة نصيب، و بعدين كلنا مشغولين في حياتنا ماشتلش هم أنا مش زعلان" 



حمحم عمار وهو يتدخل في الحوار ليسأل عبد الرحمن بفضول 
"مش أنت عبد الرحمن ابن الحاج عرفات!! " 



أومأ له الآخر بملامح جامدة ليردف عمار باستغراب
"أنا مستغرب أوي بجد أنك معانا هنا، معلش يعني أنت مسافر كدا لي؟" 



شعر عبد الرحمن بغصة بحلقه شعور المرارة و المهانة من حديث عمار المستهين بالفعل ماذا يفعل هنا!! 



لكن بدلاً من أن يجاوب هو أجاب باهي وهو ينظر لعمار بجدية 



"و أنت مسافر كدة لي وأنا مسافر كدة لي، كلنا مسافرين كدة لي، كلنا عندنا ظروف يا عمار، إحنا مش بنعمل مغامرة جديدة عشان نجدد حياتنا"



زم عمار شفتيه وهو يجيب بملل 
"لا انتو مكلكعين أوي بجد أنا رايح أقعد مع جمال" 



سأل عبيدة الرجل الذي أتى بهم لهنا 
"معلم هو الطريق أمن! و المركب كويسة!" 



رد الرجل بتأكيد و بطريقة مبتذله 
"طبعاً، ناس ياما سافرت كدة، الموضوع سهل و أمن جداً، مفهوش أى خطورة، أنت مشفتوش الناس اللي سافرت ولا إى!" 




        
          
                
أومأ عبيدة وهو ينظر لشقيقته باطمئنان 



بينما هي ابتسمت له وهي تشدد على قبضة يده 



ألتفتت لنسيم التي تختلس النظرات لعبد الرحمن الذي يتجاهلها لتقول لها بصوت حنون 
"أسمك حلو أوي يا نسيم" 



ألتفتت نسيم لها وهي تبتسم بخجل ثم اردفت 
"شكراً أنتِ كمان أسمك حلو، انتو مش مصريين صح!" 



ارتجفت سيلا بقلق وهي تنظر لأخيها لتسالها بتردد
"لي؟" 



هزت نسيم كتفها بلا إهتمام
"عشان المصري بتاعكوا مكسر واضح انكوا مش مصريين، اخوكي كلامه واضح أن دي مش لهجته، و كمان شكلكوا كدا مش مصري" 



عضت سيلا على شفتيها وهي تهمس لها 
"آه محناش مصرين، بس عبيدة قالي مقولش الحد، عشان محدش ياخد بالوا مننا" 



ردت نسيم بسخرية تمازحها لتخفف توترها 
"لا متخافيش محدش أخد باله خالص، اخوكي اصلاً نص الكلام اللي نطفة مش مصري، و أصلا هو كل ما حد يعرف أن إسمه عبيدة، هيتاكدوا انكوا مش مصرين، و بعدين أى الخطر في إن حد يعرف انكوا مش مصريين ما إحنا مسافرين معاكوا هو إحنا يعني طالعين دريم بارك" 



أبتسمت لها سيلا جراء مزاحها لتطمئن قليلاً ربتت نسيم علي يدها 
"إحنا واحد يا سيلا، والله كان نفسي أقولك نورتي مصر، بس إحنا خلاص طالعين منها، نورتي الحدود" 



سأل عمار بصوت ملول 
"هو إحنا هنفضل هنا كتير!" 



رد الرجل ببرود 
"إحنا بنستنا العربيات اللي هعدوكوا الحدود و يطلعوكوا الهضبة" 



زم عمار شفتيه وهو يسأل بغباء 
"مش ممكن يكونوا ضاعوا في الصحراء! ولا انتو معلمين المكان بالشجرة دي!" 



نظروا له الجميع بصدمة ليسخر الرجل 
"شجرة!! لا الناس دول عرب، حافظين الصحراء زي اسمهم متخافش، شكلك متحمس أنت" 



سألت نسيم سيلا بخفوت وهي تبعد نظرها عن مكان جلوس عبد الرحمن
"انتوا أى خلاكوا تسافروا!" 



تنهدت سيلا بتعب وهي تقول بخفوت وقد أخذ منها الإرهاق 
"الإقامة بتاعتنا خلصت و معرفناش نجددها، كانوا هيخلونا نعود لبلادنا، بس هنروح نعمل أى، بيتنا اتدمر و أهلنا ماتوا، و معناش فلوس، مكنش في قدامنا طريقة غير دي" 



سألتها نسيم بتلقائية 
"لي مفكرتيش تتجوزي حد مصري، أو اخوكي يتجوز مصرية!" 



ردت عليها سيلا بهدوء مقتضب لصعوبة هذا الأمر على نفسيتهم، و كأنهم يعرضون أنفسهم لأجل الإقامة



"ما حبينا نتجوز عشان كدا، الجواز دة ليه قديسية و ليه أصول، مش معقول أروح اتجوز أى حد للإقامة، عبيدة عصب جداً من الموضوع دة لما حد اقترحة عليه، حس بالإهانة إحنا بشر ولينا مشاعر، حتى هو مرضاش يتجوز واحدة ويظلمها معاه لأن الظروف واحشه و مش مضمونة" 



أومأت لها نسيم وهي تشعر بنفس المعاناه 
"عندك حق أنا حسه بيكي عشان مريت بنفس الحاجة أنا آسفة مش قصدي" 



ردت سيلا بتفاهم
"ولا يهمك عادي، أنتِ  حصل معكي أى! "



كادت نسيم أن تجيب ليقطعها صوت الرجل الغليظ 
"العربيات وصلت جهزوا نفسكوا عشان هتتقسموا على العربيات" 



استقام الجميع ليتجهزوا للرحيل لتمسك سيلا بيد شقيقها و يد نسيم 



نظر عبد الرحمن لها ثم وقف بجانب باهي الذي همس له بتردد
"جاهز!!" 
تنهد عبد الرحمن بقلب خافق
"مش عارف أنت جاهز!" 
هز باهي رأسه
"زيك، مش عارف، مش عارف أنا لي هنا!" 



قال الرجل بصوت عالي نسبياً
"هتنزلوا واحده واحده من العربية، و هتركبوا العربيات بهدوء مش عايزين شوشرة"



ركب عبيدة مش شقيقته و نسيم إحدى السيارات، نظرت نسيم لعبد الرحمن لترى أين ركب و شعرت بالارتجاف وهي تراه يركب سيارة آخرى، لكن ما جعلها تزفر براحة هو عودته و صعودة للسيارة التي هي بها، و من خلفه صديقة الذي لا تعلمه 



همس عبد الرحمن لباهي وهو يراه يتجه للسيارة الأخرى غير التي ركبتها نسيم ليشير للسيارة التي تجلس بها 



"تعالى نركب العربية التانية دي اتملت" 



أبتسم باهي بخبث له وهو يشير له بالموافقة ليزفر عبد الرحمن بسبب هذا الشعور اللعين بالحماية القصرية لها 



قال عمار لجمال 
"بقولك ياسطا تعالى نركب العربية اللي فيها المزتين دول" 



رد جمال بسخرية 
"و ماله يلا يا خويا أهو نستمتع شوية، بدل الملل دة" 



صعدوا جميعاً بسيارة واحده، و قد كتب عليهم أن يجتمعوا من الآن وحتى النهاية التي لا يعلم أحد متى هي!




تحركت السيارات بالتزامن لينظر باهي خلفة و نفسه يضيق مودعاً أراضي الوطن، و تاركاً قلبه هنا حيث عائلته التي تسكنه، و آخر ما رآه في أرضه كانت أثر الشجرة التي توقفوا عندها، وبعدها كل شئ أختفى، ولا يعلم متى العودة مرة أخرى، و متى سيرى أهله مره أخرى، جزء منه ينازع لكي يقفز و يعود لداره وينتظر، لكن من فاز كان الجزء الأسوأ الذى سحبه لطريق مظلم لا يعلم هل سينجوا منه أم لا؟؟؟؟.......




اليه اليه اليه اليه اليه اليه اليه
اليه اليه اليه اليه اليه اليه اليه
اوووووووه
نحكو في الواقع نحكو le verite
نكتب ونغني خنقتني العبره
سامحيني ياامي تفكيري في الهجرة
تما طموحي في العيشة برا
بلكي انتهني وجروحي تبره
ياامي desoleفي بلادي شفت الويل
المعيشة صعبةومانرقدش الليل
عايش في بلادي عيشة عابر سبيل
غروني بكلمة ( المستقبل جميل )
حالي هو حالك هو حال الليبيين
مستقبل زاهر يلزم حاجة مالاتنين
كتوف الرجالةتبقى من اللي راقيين
ياوإلا باتك واحد من المسئولين
ماتوا الرجالة وعاشوا روس المافيات
راح اللي راح وعاش بزناس العقارات
ضحى الشهيد في شان بلاده مات
وغيره حاير وين ايدس المليارات
تمو رجالة .. بعدماتوا الابطال



===========



إلى ذلك في الفصل القادم




        



google-playkhamsatmostaqltradent