Ads by Google X

رواية في ظلال الحب المفقود الفصل السادس 6 - بقلم مهجة

الصفحة الرئيسية

  

 رواية في ظلال الحب المفقود الفصل السادس 6 - بقلم مهجة

"خيوط من خوف وأمل"

          
                
صباح اليوم التالي 
في صباحٍ هادئ، جلست سُكرة على درجات السلالم الخلفية للمنزل، تحت ظلّ الشجرة ، تحدّق في الأرض وكأنّها تنتظر أن تجد فيها جوابًا.
اقتربت منها ليان بخفة، تحمل كوبين من الحليب الدافئ، وجلست إلى جوارها دون أن تنطق.
مدّت إليها الكوب بصمت، فأخذته سُكرة وشربت رشفة خفيفة.
قالت ليان بصوتٍ هادئ:
"أحيانًا يأتي الحبّ قبل أن نكون مستعدّين له، لكن هذا لا يعني أنه خاطئ..."
رفعت سُكرة نظرها إليها، وعيناها تلمعان بالحيرة
فابتسمت ليان بلطف، ثم أضافت:



"ولا يعني ذلك أننا مُجبرون على الردّ عليه فورًا. أحيانًا يكفي أن نتركه يعيش بهدوء في ركنٍ من قلوبنا، حتى ننضج بما يكفي لفهمه."



سكتت سُكرة قليلًا، ثم همست بصوتٍ خافت:



"لقد خِفتُ، يا ليان. خفت أن أفرح، وخفت أن أُصدّق، وخفت أن أُكسِر قلبه إن لم أفهم شعوري جيدًا."



ربّتت ليان على يدها برقة وقالت:



"الخوف أمرٌ طبيعي، يا سُكرة. جميعنا نخاف عندما تبدأ مشاعر لا نعرف لها اسمًا بالتشكّل في داخلنا. لكن الأهم أنكِ كنتِ صادقة، وهذا أمرٌ لا يُقدّر بثمن."



ظلّت سُكرة تحدّق إلى الأمام، وأصابعها تدور حول حافة الكوب بتوتر، ثم قالت:



"كنت أتمنّى لو لم يقل شيئًا... لو بقي أدهم كما هو، أدهم الذي يضحكني، ويحميّني، ويشدّ على يدي عندما أخاف."



ابتسمت ليان وهمست:



"وهو ما يزال كذلك، يا سُكرة. الحب لا يُغيّر الناس، إنّما يكشف شيئًا أعمق من حقيقتهم."



ساد بينهما صمتٌ دافئ، تقطّعه زقزقة العصافير المتسلّلة من بين أوراق الشجرة.



ثم سألتها ليان برقة:



"أتظنين أنّكِ قد تحبينه في يومٍ من الأيام؟"



تنفّست سُكرة بعمق، ثم أجابت:



"لا أعلم... ربّما، لكن ليس الآن. قلبي لم ينضج بعد، وعقلي لم يغادر عالم الطفولة."



ضحكت ليان بخفة وقالت:



"إجابتك جميلة... ابقي كما أنتِ، وخذي وقتك، فكلّ شيء سيأتي حين يحين أوانه."



---



في مكانٍ آخر من المنزل، كان أيهم يُراقب أدهم من بعيد. رآه واقفًا قرب النافذة، يحدّق إلى الحديقة بشرودٍ ظاهر.



اقترب منه وقال:



"ما رأيك أن نخرج ونلعب كرة القدم قليلاً؟ قد يساعدك ذلك على تفريغ ما بداخلك."



هزّ أدهم رأسه نافيًا، وقال بصوتٍ منخفض:



"لا رغبة لي، يا أيهم."



ابتسم أيهم وقال:



"أنت لا رغبة لك في اللعب، لكن عقلك يلعب بك. هيا، إن فزتُ عليك، عليك أن تبتسم."



التفت إليه أدهم أخيرًا، وفي عينيه لمعة خفيفة كادت أن تختفي، ثم قال:



"تحدٍّ؟ حسنًا... لكن إن فزتُ أنا، فعليك أن تحضر لي عصير برتقال."



ضحك أيهم وقال:



"اتفقنا!"



___



وفي المساء، جلست سُكرة في الغرفه، تُقلّب صفحات دفتر رسمها، ترسم وردة صغيرة في زاوية الصفحة، وكلما حاولت أن تضيف شيئًا، وجدت نفسها تعود إلى تلك العينين... وتلك الكلمة.



"أحبّك."



تمتمت بها دون صوت، كأنها تجرب كيف تبدو وهي تخرج من فمها.



ثم أغلقت الدفتر، وضمّته إلى صدرها، واستلقت على السرير تحدّق في السقف. لم يكن في الغرفة أحد ليُربّت على قلبها، ولا أحد ليلاحظ ارتباك عينيها.



كانت وحدها... لكنها لم تكن وحيدة.



بل كانت مع قلبٍ صغيرٍ يتعلّم لأول مرة كيف يتعامل مع فكرة "أن يكون محبوبًا."



وأغمضت عينيها، لا خوفًا، ولا خجلًا... بل لأنها كانت بحاجة للحلم، أكثر من أي وقتٍ مضى.



---



وفي ساعةٍ متأخرةٍ من الليل، مرّ أدهم بهدوءٍ في الممر المؤدي إلى الغرفة التي تنام فيها سُكرة وبقيّة الفتيات. لم يكن ينوي التوقف، لكن شيئًا ما في قلبه جذبه ليلقي نظرة.



فتح الباب قليلًا، بحذرٍ شديد، وأطلّ برأسه. كان ضوء المصباح الخافت يلقي ظلالًا ناعمة على وجوه الفتيات، وهدوء المكان يكاد يُسمع فيه أنفاسهنّ المتناغمة.



كانت سُكرة نائمة بينهن، رأسها مائل قليلًا إلى جانب ليان، ويدها ممدودة فوق الغطاء، كما لو كانت تبحث عن دفء. ملامحها غافية بسلام، لا توحي بشيء من اضطراب النهار.



وقف أدهم في مكانه لبضع دقائق، يراقبها بصمت، بعينين تنبضان بشيءٍ لم يبح به لأحد. لم يكن يعلم إن كان ما يشعر به حزنًا، أم أملاً، أم شيئًا بين الاثنين.



ثم ابتسم ابتسامة صغيرة، تكاد لا تُرى، وأغلق الباب برفقٍ شديد، كأنّه لا يريد أن يوقظ الحلم.




        


google-playkhamsatmostaqltradent