رواية الماسة المكسورة الفصل الرابع و الستون 64 - بقلم ليلة عادل
[بعنوان: من الحب ما يميت]
في إحدى المستشفيات الخاصة الثالثة صباحًا.
كانت الأجواء مشحونة بالتوتر، سليم يتحرك بسرعة على قدر استطاعته بسبب إعاقة قدمه، ومكي خلفه مع عماد ورشدي وصافيناز، ويبدو عليهم القلق الشديد بعد سماعهم خبر ضرب ياسين بالرصاص.
فتح سليم الباب ليجد ياسين جالسًا على السرير، وكتفه ملفوف بشاش بعد إصابته برصاصة، إلى جانبه فايزة، وعزت، وفريدة. نظرت عيون سليم إلى ياسين بنظرات مشوبة بالقلق والغضب.
سليم متسائلا بقلق: إيه اللي حصل؟
توقف عزت ورد بسرعة: اهدى يا سليم، ياسين بخير.
نظر سليم لعزت نظرة حادة لكن بنبرة هادئة: بخير ازاي وحصل عليه هجوم، كان ممكن يموت فيها ويشوف نفس مصيري.
ثم وجه نظره إلى ياسين متسائلا بحدة: إيه اللي حصل معاك بالضبط؟
كان يبدو على ياسين التعب والإرهاق لكنه حاول الرد: كان عندنا نقلة تماثيل، واتضرب علينا نار.
عزت موضحا بسرعة: مش ياسين اللي كان مقصود يا سليم كان نيكولاس، عنده مشاكل معهم وكانوا عايزين يسرقوا منه الشحنة.
سليم، بحدة وهو يقترب من ياسين: وأنت دخلت ليه في الموضوع من الأساس؟
فايزة، محاولة تهدئة الأوضاع قالت بتوضيح: عشان يكون جاهز مكانك في شغلنا الثاني بعد ما أنت سحبت نفسك.
نظر سليم لياسين باستهجان: مش قلت لي إنك هتبعد عن الشغل ده؟
ياسين بحزن: بابا رفض.
ثم نظر إلى عزت، وكأن الكلمة الأخيرة كانت مريرة له.
سليم أغمض عينيه،محاولًا كبح غضبه:المهم إنت كويس؟
هز ياسين رأسه بنعم بصمت، أكمل سليم بقوة: بس إنت حسابك معايا، ضعف شخصيتك ده، لازم تتحاسب عليه، بس لما تتحسن.
التفت سليم لعزت وقال بهدوء، لكن عينيه كانتا تومضان بشرار فهذه هي الشخصية القديمة لسليم الراوي، لقد عادت بعد سنوات من الغياب. لكن يبدو أن هذه المرة أكثر شراسة.
سأل سليم: فهمني بقى إللي حصل ياباشا.
عزت بتوضيح: إللي قدرت أجمعه لحد اللحظة دي إن نيكولاس عنده مشاكل مع تاجر ألماني اسمه سوت وكان عايز يسرق منه الشحنة.
مد سليم وجهه متعجبا بضجر وقال بكبرياء: عنده مشاكل؟! واحنا من امتى بنشتغل مع ناس عندهم مشاكل مع حد من الأساس، بالأخص بعد اللي حصل لي! ومن امتى احنا بنحضر التسليم ،أنا لما كنت أوقات بحضر، كان عشان أنا ليا مزاج أحضر،لكن حضور التسليم مش بتاعنا، بتاع ناس تانية، ازاي تغامر بياسين يا باشا.
عزت بقوة: كان لازم يحضر عشان يبقى فاهم أصول الشغل بعد حضرتك ماسحبت نفسك، دي مس أول مرة ليه كل مره ببعت حد طه رشدي ياسين،
أنا عارف أنا بعمل ايه يا سليم ولو سمحت ماتدخلش في شغلي.
ارتسمت على شفتي سليم ابتسامة ساخرة وهو يردد ويقول: فاهم بتعمل ايه؟!
أمعن بنظرات قوية وقال بتركيز: إنت لو فاهم بتعمل ايه؟! مكنش حصل لياسين كده، واضح يا باشا إنك كبرت ومابقتش تركز بالشغل كويس زي زمان، بقيت بتستسهل يا باشا.
أكمل بحسم وهو ينظر داخل عينه: بص يا باشا، أنت لو عايز تكمل شغل في الآثار؟ براحتك، إن شاء الله كل يوم تنقلك مقبرة، إنما ياسين وفريدة لا، عندك ولادك التانيين، خليهم يشتغلوا، ويثبتوا وجودهم.
أشار بيده نحو رشدي بنبرة تقليل:
رشدي، عندك أهو الكرسي قرب يخليه مختل، من كتر ما هو نفسه يبقى الكبير، علمه، يمكن، يمكن ينفع..
زاد من نظراته الشرسة وقال بأمر وحسم:
اسمع، من اللحظة دي، مافيش شغل تاني في الآثار أو في الذهب المهرب، احنا مش عايزين مشاكل كفاية، كفاية اللي حصل لي أنا ماعنديش إستعداد أغامر بنفسي أو بمراتي أو بياسين وفريدة، كفاية اللي حصل لنا كفاية، أنا دفعت الثمن بعمري وبنتي، احنا مش محتاجين يا باشا، احنا عملنا كتير خلينا بقى نمشي في المظبوط..بس لو إنت مصمم وعايز تكمل في الشغل ده، يبقى بعيد عني وعن ياسين وفريدة.
توقفت فايزة و أجابته بحدة: بس ده شغلنا من زمان يا سليم إنت بعدت، خلاص إنت حر لكن عايز تمنعنا ده مش حقك!!
سليم بثقة: لا صدقيني من حقي، ولو عندت وصممت محدش هيقدر يقف قصادي لا حضرتك ولا الباشا.
رد رشدي الذي كان يستمع لحديث سليم بنبرة ساخرة وبضيق شديد: وده بقى هتعمله بأي صفة أيها الأمير الصغير.
اقترب سليم من رشدي بنظرة مرعبة: بصفتي رئيس مجلس إدارة مجموعة الراوي، تصحيح بسيط يا رشدي، أنا مش الأمير الصغير انا ملك إمبراطورية الراوي، وكلمتي هتمشي على الكبير قبل الصغير. واللي مش عاجبه، يشرب من البحر.
عزت بشدة مغيرًا نبرته قليلاً: سليم، أنا لسه عايش، في ايه؟؟ياريت ماتدخلش بقرراتي.
ارتسمت على شفتي سليم ابتسامة صغيرة قائلا وهو ينظر إليه بهدوء: ربنا يديك الصحة ياباشا أنا مش بأتدخل بقراراتك وماقلتش ماتشتغلش، اشتغل في اللي إنت عايزه، أصلاً ده مايخصنيش…
أشار بيده نحو ياسين ومازال ينظر داخل عين عزت بقوة:
بس اللي يخصني ده. ودي، عشان مابيعرفوش يقوللكم لا، فأنا بقى بقوللكم لا، ياسين وفريدة خط أحمر، والا أنتم عارفين سليم ممكن يعمل إيه!
ضحك رشدي بقوة على حديث سليم، مما جعل الأخير يلتفت إليه بنظرة متفحصة.
سليم متسائلا: بتضحك ليه؟
رشدي متعجباً وهو يضحك: هو الضحك بقى حرام؟
سليم، بابتسامة ساخرة: لا، بس ضحكنا معاك..
أكمل سليم بابتسامة جانبية لكنه لا يزال يراقبه بحدة: هايل، كمل ضحكك.
رشدي، وقد مال للأمام قليلاً: أصلك غريب أوي، عمال تزعق وتهلل وتستبد فينا وتتأمر، فيه إيه؟ ماتهدى شوية على نفسك، أنت لو بتأكلنا وبتصرف علينا بمالك الخاص، كنت هتبقى إنسان معانا أكتر من كده. خفّ شوية.
ثم أكمل بنبرة حادة:
اسمع يا سليم، زمن الأوامر ده انتهى، اتكلم معانا كويس، إنت زي ماليك، لينا. حتى لو نسبتك الأكبر، مش معنى كده إنك تتحكم فينا زي ما أنت عايز، أنا مش هاسمحلك تتمادى أكتر من كده.
سليم، مائلًا برأسه قليلاً، ونبرته هادئة لكن عينيه تنطق بالتحذير: ولو تماديت… هتعمل إيه يا رشدي؟
رشدي، بابتسامة واثقة: هعمل كتير يا سليم خلاص بقى احنا عرفنا اللعبة، وبقينا بنعرف نمشيها حتى لو ماوصلناش لمستواك الاحترافي، بس بقينا بنعرف، يعني خلاص ماتسندش ظهرك اوي كده عشان دلوقتي بقى عندك منافسين، مشكلتك إنك طول عمرك مستضعفنا.
قاطعه سليم وهو يضحك باستخفاف: أنا مش مستضعفكم انا مش شايفكم أصلا.
رشدي بقوة وتحدي: لا جه الوقت إللي أنت هتشوفنا فيه، ولو إنت ماشفتناش بمزاجك، هتشوفنا غصب عنك..
ثم أكمل بنبرة مستفزة: من رأيي تخليك مع ست الحسن أحسن، محتاجة منك تركيز أكتر من كده.
سليم، وقد رفع حاجبه قليلًا، ثم ابتسم بهدوء شديد وهو يتمتم: ست الحسن…
ابتسم سليم بهدوء وهو يهز رأسه بإيجاب، لكن في عينيه كان هناك شيء خطير يتشكل، تنذر بعاصفة قادمة لا محالة.
رشدي، مستغلًا صمته، أكمل بنبرة أكثر استهزاءً: إيه؟ مش عاجبك الكلام؟إنت فعلاً محتاج تركز أكتر مع ست الحسن، لحسن قلبي بيقول لي كده إنها مش هتستمر كتير معاك، والعشق المجنون بتاعكم هههه بدأ يخرج من قلبها وعينيها.
تشنج فك سليم للحظة، لكن ملامحه ظلت باردة، مما زاد من تهور واستفزاز رشدي، الذي أكمل بابتسامة ساخرة: اسمع مني، بدل ماتتخانق معانا، روح شوف مراتك، يمكن محتاجة حد يشدها من قفصها الذهبي اللي إنت حابسها فيه، روح إلحق افرض سيطرتك عليها هي أولى عشان شكلها قريب أوي هتتمرد عليك ياملك.
ثم اقترب رشدي قليلًا وهمس بصوت منخفض لكن مسموم: قولي بقى يا سليم. هي لسه في حضنك، ولا بقت تتمنى تخرج تشم هوا بعيد عن سجنك؟
أصل في الكام يوم اللي احنا كنا بنسهر فيهم مع بعض، كان نفسها تصرخ وتقول ساعدوني عشان أخرج من المكان ده، حتى ماسة الناعمة دمرتها
أنا من رأيي سيبك بقى من المجموعة،احنا دلوقتي نقدر نمشيها، خليك إنت مع مراتك بدل ماتسيبك وتهرب وترجع وحيد يائس وحزين، وشوية نلاقي نفسنا بنشهر افلاسنا عشان واحدة ست..
في غمضه عين، تحرك سليم بسرعة خاطفة، قبض على يد رشدي بقوة كافية ليشعر الآخر بضغط العظام، وقبل أن يستوعب رشدي ماحدث، دار سليم معصمه بحركة حادة!
“طراااااخ!!”
صرخة مكتومة خرجت من بين أسنان رشدي وهو يسقط على ركبتيه، بوجه شاحب من الألم،
ركض عزت على سليم وهو يقول: سليم سيبه
بينما سليم لا يزال ممسكًا بيده الملتوية بزاوية غير طبيعية.
سليم، بصوت منخفض لكنه مشحون بالتهديد:
اتكلمت كتير يا رشدي… واتماديت بزيادة، لأنك عمرك ماشفت مني تنفيذ لتحذيراتي، صح؟
في لمح البصر، أخرج مسدسه، فتح الأمان، وصوّبه مباشرة نحو رأس رشدي.
اندفع مكي وعماد بسرعة لإيقافه، لكن سليم دفعهم بقوة، جعلهم يترنحون للخلف، بينما نظرته الثابتة لم تفارق رشدي.
رشدي، رغم الألم الذي يمزق جسده، حاول أن يتظاهر بالقوة، يبتلع خوفه وهو يغمغم بصوت مرتعش:إنت… اتهبلت!
فريدة، بتوسل ورجاء، حاولت تهدئة سليم: بصوت متقطع: سليم، عشان خاطري… خلاص!
لكن سليم، لا يبدو أنه يسمعها. نظرته ثابتة على رشدي، ولم تلتفت أذنه إلى كلماتها أو إلى التوسلات.
ياسين، وهو يحاول التدخل لمنع تصاعد الموقف، اقترب بخطوات سريعة وقال له بحذر: سليم، اهدى شوية… الأمور تهدى.
لكن سليم، في تلك اللحظة، كان أذنه صماء لكل شيء.
شد سليم يده بقوة أكتر، وصوت طقطقة العظام ملأ المكان، مماجعل رشدي يصرخ رغمًا عنه. قرب سليم من ودنه وهمس ببرود قاتل:
ماسة دي… اسمها مايطلعش على لسانك تاني، لأنك مش هتلحق تقول بعدها كلمة واحدة.، أنا مكسرتش دراعك عشان كلامك استفزني، تؤ ولا حتى عشان أربيك…، لأن لسانك نطق باسم مراتي اللي كذا مرة أقول لك ماتقولوش، وانت لسه مصرّ على غباوتك..
ضحك بسخرية، قرب أكتر وهمس بحدة:
بطل تستفزني وتدخل الستات في النص يا جاهل… لو فاكر إن دي شطارة، فأحب أقول لك إنك غبي، ومافرقتش عنهم في حاجة… نفس الطريقة، نفس الأسلوب، نفس الهري الفاضي… قاعد ترص كلام زي الحريم على المصاطب! الرجالة بتستفز بعضها بالقوة والذكاء مش بالكلام الرخيص عن الستات.
وقف سليم ثواني يراقب ارتجاف رشدي، وبعدها هز رأسه بأسف مصطنع وقال بتهكم:
على فكرة، بطّل تقعد مع أختك، واضح إنك قربت تبقى زيها. وشكلي كده قريب اوي همسحلك من البطاقة كلمة “ذكر”، وأخليها “أنثى.
أنهى كلامه بحركة مفاجئة، ضرب بكفه بقوة على وجه رشدي، صوته ارتطم بالجدران، وغمغم بسخرية:
الدقن دي مالهاش لازمة وانت كده كده ماتعرفش يعني إيه راجل.
ثم تركه فجأة، فسقط رشدي على الأرض، يلهث وهو يمسك بذراعه المرتجفة، بينما العرق يتصبب من جبينه. الصمت خيّم على المكان، والعيون كلها مسلطة على المشهد بصدمة مكتومة.
اعتدل سليم في وقفته، نظراته ثاقبة وهو يوجه كلماته لعزت ببرود قاتل:
الموضوع خلص، وأي حد يفكر يعترض… هيكون ده مصيره. هقعد مع سوت وأخلص معاه الموضوع، لأني مش عايز مشاكل.
ثم اقترب قليلًا، أخفض صوته لكنه صار أكثر تهديدًا:
وأقسم بالله، يا باشا، لو ماربيت رشدي..وبعدته عني وعن مراتي. لدفنهولك حي وده مش تهديد، أنا بعرفك اللي هيحصل ابعده عني.
ألقى نظرة أخيرة على رشدي الملقى على الأرض، عينيه مليئة احتقار، قبل أن يدير ظهره ويهمس بسخرية قاتلة:
قوم… امسح دموعك، الملك مابيحبش الضعفاء.
ثم غادر الغرفة بخطوات هادئة واثقة، تاركًا وراءه صمتًا ثقيلًا، لم يقطعه سوى أنين رشدي المكبوت.
فور خروج سليم ومكي من الغرفة، ركض عماد نحو رشدي الذي كان يستند على يده متألمًا، وصوته يهتز بالغضب والألم.
رشدي بصراخ شديد موجها كلامه لعزت: عجبك اللي عمله ده؟ أنت اللي سايبه يتمادى! ليه بتخليه يعمل كده فينا؟! ازاي تفضل ساكت؟ خلاص سليم بدأ يدوس على الكل، وهيدوس عليك إنت كمان يا عزت، يا راوي! بس أنا مش هسيبه غير لما أدفعه الثمن وإلا مكنش رشدي الراوي.ط وهقتله والله العظيم لقتله بس بعد ما دمره وحرق قلبه
اقترب عزت منه ببطء، نظر إليه من أعلى لأسفل، ثم ضربه بقوة على وجهه، صفعة كادت تهز رشدي على الأرض.
رشدي بغضب شديد، هتف: وكمان بتضربني؟!
عزت بصوت حازم،: لأنك غبي ومش عايز تتعلم يا رشدي بعد كل السنين دي، لسه مش عايز تتعلم، مع إنك الفترة الأخيرة بدأت تتحسن وتثبت وجودك وخلتني أبدأ أعيد تفكيري فيك، بس إنت رجعت نفسك بطريقتك دي، واللي عملته قدامي لقبل الصفر كمان…إنت كنت ماشي صح، وأنا كنت سايبك، بس لما دخلت ماسة في الموضوع، غلطت وتستاهل اللي حصلك، دي مش بس خيبة وضعف، دي هبل غباء بتستفزه بإيه؟ بماسة؟! عارف ليه؟! لأنك ضعيف؟ وخايب؟ لو كنت قوي يا رشدي، كنت هتعرف تتكلم مع سليم بذكاء، بس لأنك ضعيف، خليته يعمل فيك كده وأكتر، رجل الأعمال اللي يستفز غريمه بواحدة ست مهما كانت هي مين, أو يبتزه بيها، يبقى ضعيف، وحكم على نفسه بالنهاية قبل البداية.
صافيناز، التي كانت تراقب الموقف بحذر، تدخلت وقالت بحذر:
أنا معاك يا باشا إن رشدي غلّط، لكن برده، يا باشا سليم غلط. حضرتك سايبه يتمادى بزيادة لدرجة إنك مابتحاسبوش لو مد إيده على حد فينا أو رفع علينا مسدسه، رغم إن إحنا إخواته مش أعدائه؟ حضرتك ليه سايبه كده من غير حساب؟ هو احنا مش أولادك ولا ايه؟والا للدرجة دي خايف على المجموعة تضيع؟ فبتخليه يدوس علينا براحته.
نظرت فريدة لها بدفاع: سليم عمره مامد إيده على حد فينا يا صافيناز، ولا رفع مسدسه على حد فينا، رشدي لأنه قليل الأدب ومستفز، عمل كدة معاه، دي مش أول مرة سليم يقول له ماتقولش لمراتي الكلمة دي وهو مصمم، راجل بيغير على مراته، أي حد مكانه هيعمل كده..
وجهت نظراتها لعماد وتساءلت بمكر: ولا أنت شايف إيه يا عماد؟ ممكن تسمح لحد يقول على صافيناز سندريلا قلبي.
هز عماد رأسه ورد بمكر: أكيد لا، مش هسمح. طبعًا أنا معاكي، رشدي غلطان، ليه تجيب سيرة ماسة؟ يعني مالهاش لزمة، إنت عارف ماسة بالنسبه لسليم خط أحمر مادسش على الجرح وبعدين تشتكي من الألم.
اكملت فريدة بوضوح: بالظبط، ماتغلطش يا رشدي وبعدين تشتكي من توابع اخطائك، بعدين هات لي مرة واحدة سليم يا صافي عمره مد إيده عليكي أو غلط فيكي، برغم إن جوزك قبل كده غلط غلطة كبيرة، وأنا متأكدة زي ما أنت متأكدة إن أنت كنتي عارفة بس ماحاسبكيش ولا حتى خلى الباشا والهانم يقربوا منكم.
صافيناز بنبرة حازمة: طبعًا، مين هيشهد له!! أنتي وياسين في الأمان وعلى رأي المثل احنا ولاد البطة السوداء.
تنهد ياسين بهدوء: أحنا كلنا اخوات يا صافيناز وسليم كلامه كله كان متوجه ليا أنا وفريدة، مش عايزنا نكمل في الشغل ده خايف علينا، رشدي بقى اللي اتدخل في الموضوع واستفزه بماسة.
صافيناز بصوت مليء بالغضب والتحدي: يعني سليم ماغلطش ورشدي اللي غلط، سليم كمان لازم يفوق، لازم تعرفوه حقيقة حدوده، لأنه بدأ يعديها! ولو هو مامدش إيده عليّا قبل كده، يا أستاذة فريدة، بكرة هيمد إيده، لأن ماسة نقطة ضعف سليم، وحضرتك عارفة يا مامي سليم ممكن يعمل معانا إيه لو حد فينا قرب من ماسة! النهارده كسر إيد رشدي ورفع عليه المسدس، الله أعلم بكرة هيعمل إيه؟ هيقف في وش مين؟لمجرد إنه قال كلمة ماعجبتوش عن “ست الحسن” على رأي رشدي؟ خليتوه ملك؟ مبروك عليه، بس ياريت تعرفوه حدوده معانا، وتفكروه إن احنا اخواته، لأن إحنا أكيد مش هنسكت لو فكر يغلط فينا، ولو هو بيعرف يستقوى، إحنا كمان بنعرف نستقوى احنا كمان ولاد عزت الراوي و فايزة رستم اغا مش كفايه سايب مراته تهددنا وعديناها نسيت نفسها الحشره ان هي بتكلم اسيادها.
فايزة، بنبرة هادئة بعقلانية: صافيناز هي مش حرب. وأكيد احنا هنكلم سليم بس ياريت إنتي كمان تاخدي بالك من كلامك إنتم اخوات، ايه اللي انتم فيه؟ امتى هتحبوا بعض بقى.
صافيناز مستنكرة: مش لما هو يحبنا.
عزت بتأكيد: بيحبكم، والله بيحبكم وصبره عليكم محبة.
ابتسم رشدي ابتسامة خبيثة: يعني الموضوع هيعدي عادي عشان الأستاذ فقد بنته وحياته اللي بقت في علم الغيب!! يعني كده عادي بقى لما يبهدلنا، ويضربنا بالجزمة؟ مش كفاية إديتله كل الأسهم؟ ماتتعبيش نفسك يا صافيناز مهما قولنا مهما اتكلمنا مافيش فايدة.
عزت بنظرة حادة: كلمة كمان يا رشدي والأسهم مش هتروح له، بس بحق الإدارة هتروح له بيع نهائي.
رشدي بتساؤل مستفز: أنا عايز أعرف كل ده ليه؟
عزت وهو يرمق رشدي بنظرة حاسمة، أجاب:
عشان اللي بتعمله ده، عصبيتك وهجومك وفشلك. هو دايمًا اللي مخليني حاطت إيدي على سليم، لأني مش لاقي غيره ومضطر أستحمل عصبيته وجنونه وكبريائه، عشان مايتهدش كل ده فوق رؤوسنا
قلت لك قبل كدة وهقول لك تاني، إثبت ولائك، إثبت قوتك، هتتحط في الإختيار. بس طول ماسليم موجود ومثبت إنه يستحق، هو اللي هيتحط على الكرسي، ومستعد أسمع كلامه وأقول له حاضر لأنه مابيغلطش. وبعدين، فعلاً أنا كمان، بفكر جدًا أبعد عن شغل الآثار .حقيقي إحنا بقينا مش محتاجينه. بس مش هينفع أقول له حالياً، عشان مايحسش إني بسمع كلامه، لازم ده يكون بأوامر مني، أنا من بعد حادثة سليم حرفيا كنت همنع أي شغل ممكن يسبب أي مشاكل، بس لأن المقبرة دي كانت موجودة فقولت نخلص منها لأن بقى لها كتير..عموما أنا مش عايز كلام كتير إنت اللي غلطت وتستحق اللي حصلك..
عزت وهو يرفع صوته: خده يا عماد، خليه يداوي جرحه عشان تاخد حق ياسين يا رشدي
أسند عماد رشدي وقبل ان يتحرك به قال، عزت بمكر وهو ينظر لرشدي:
قل لي صح يا رشدي، هو أنت ليه مافكرتش أنا بعت ياسين ومابعتكش انت ليه؟! عارف ليه!!! أقولك أنا: عشان إنت مازلت الأضعف والأفشل وده بسبب عصبيتك واندفاعك. واستخدامك أساليب الاستفزاز الغبية زيك، أختك دي شبهك، نفس الطمع، نفس الكره، بس ذكية. تعرف إمتى تستخدم ذكائها.
رفع عزت، صوته بقوة، وقال بتحذير:
أنا صاحي لكم أنتم الاثنين، وأي غلط هيحصل، أو أي حاجة هتحصل لسليم هعتبركم أنتم اللي مسؤولين، وساعتها مش هستنى سليم يدفنك حي، أنا اللي هدفنك حي.
تحرك رشدي مع عماد وخرجا معًا إلى الممر.
رشدي بنبرة مليئة بستفزاز: شفت اللي حصل؟
عماد بنبرة هادئة لكن مليئة بالضجر: إنت غلطت يا رشدي. بطل الاندفاع والعصبية دي، وبطل إللي أنت بتعمله ده هيلبسنا في الحيطة،
( أكمل بغضب). أصلاً كنا هنكسره بيها، رايح تقول للكل وتقول له إحنا عارفين؟ غبي.
توقف رشدي، وهو يضحك بسخرية، أمسك كتفه، قال بغل: غبي؟ماشي طب أنتم بقى هتشوفوا الغبي ده هيعمل إيه قريب، أنا اللي هخلي سليم يقع. وهامشي ماسة من القصر عشان ساعتها سليم ينكسر وينتهي.
نظر عماد له مستخفا: إدينا مستنيين، يا أستاذ رشدي. بس يا ترى إمتى الكلام ده؟
رشدي، وهو يبتسم ابتسامة خبيثة: قريب أوي، بس اصبر شوية ..الصبر،.
💕________________بقلمي_ليلةعادل
سيارة سليم، الرابعة فجرًا
في هدوء الليل، تتحرك السيارة بسلاسة، يقودها مكي بينما يجلس سليم بجانبه، وخلفهما سيارات الحراس تتابع بصمت. الجو داخل السيارة مشحون، وسليم يبدو حاسمًا كعادته.
سليم، بصوت هادئ لكنه يحمل أمرًا واضحًا:
أنا عايزك تجيب لي كل المعلومات عن سوت. مين هو، شغال مع مين، بيشتغل في إيه، سواء الشرعي أو غير الشرعي، مين أعداؤه ومين أصحابه، كل تفصيلة. وده يحصل بسرعة. إزاي؟ مش مشكلتي. بعدين تحددلي معاه ميعاد، ولو مش في مصر، ييجي مصر. الكلام ده يحصل النهارده أو بكرة بالكتير. أنا مش عايز أعمل مشاكل مع حد ولا أفتح جبهات. قل له سليم الراوي عايز يتكلم معاك.
هز مكي رأسه بابتسامة واثقة: اعتبرها خلصانة.
سليم، بنفس النبرة الحازمة: وكلم نيكولاس، حدد معاه ميعاد النهارده قبل ما أقابل سوت.
مكي، بحذر: مش هيحصل حاجة، الموضوع هيخلص على طول. أكيد سوت ده مايعرفش الشغل تبعكم.
سليم، ببرود خطير:لو مايعرفش، يعرف. ونعلمه بعد كده. لما يدخل الشغل، لازم يعرف مين اللي تبعه. هو حظه إن أنا مش عايز مشاكل.
مكي بعقلانية: بس خد بالك، إخواتك مش هيسكتوا. مش هيوافقوا توقف شغل بيجيب ملايين من تجارة الآثار. وشغل الألماس والذهب، بعدين هيدخلوا إزاي فعلاً؟ أنت بتحتاج كميات كبيرة.
سليم، بهدوء الواثق: إحنا عندنا مناجم مشتركين فيها بنسبة كبيرة، وده بيوفر طرق شرعية. الفرق الوحيد اللي هيحصل، بدل ما كنا بنبيع، هيبقى عندنا اكتفاء ذاتي بشغلنا. مش هنبيع بنفس الكمية، وده اللي هيفرق. وبعدين، هتتحل. أنا هظبطها. مش عايز مشاكل. ولو عايزين يستمروا، يستمروا. بس فريدة وياسين لأ. مش هيعرفوا يسلكوا. ياسين طيب، ما بيعرفش يقول لأ، يقعد يقول لك “أبويا وأخويا الكبير، ولهم احترامهم، والكلام ده ماينفعش مع دول.
مكي بتفكير عميق: المهم…خد بالك. يعني بعد اللي إنت عملته في رشدي، ما أعتقدش إنه هيعديها.
سليم بابتسامة ساخرة: أنا المفروض أخاف من رشدي؟
مكي، محذرًا بعقلانية: الحذر لا يمنع قدر، من رأيي، أحذر من أي حد يا سليم. كنت دايمًا بتقول اللي بتفتكره مايقدرش يعمل حاجة، هو اللي بيطلع بيعمل كل حاجة ماتستهونش بحد مهما كان حجمه، الناموسة برغم حجمها الصغير لكنها قادره تقلق منامك. فما تخليش كبرياءك يعميك.خليه تحت عينك وخلاص.
سليم، بهدوء قاتل: ماشي.
قصر الراوي الخامسة صباحًا
في جناح سليم وماسة
كانت ماسة جالسة على الفراش تنتظر عودة سليم، القلق يسيطر عليها، تمسك هاتفها وتحاول الاتصال به لكنه لا يرد. بعد دقائق، فُتح باب الجناح ودخل سليم، فور أن رأته ماسة ركضت نحوه والقلق يملأ وجهها.
ماسة بصوت مرتعش: سليم، في إيه؟ ياسين مالُه؟ مكنتش بترد ليه عليا؟؟ قلقتني.
سليم محاولا تهدئة نفسه، جلس على الفراش، فتح الكومودينو، أخذ حبة مسكن وبلعها مع القليل من الماء. كانت ماسة واقفة أمامه تنتظره يتكلم بفارغ الصبر وبعد لحظات رفع عينيه إليها وقال بهدوء ثقيل:
اتضرب برصاصة، بس الحمد لله كانت في كتفه، هو كويس تليفوني كان في العربية مامسكتوش خالص ولا حتى بصيت عليه.
اتسعت عينا ماسة من الصدمة، جلست بجواره وهي تحاول استيعاب كلامه: يعني إيه اتضرب عليه رصاص؟! وجت في كتفه! مجرد إنه اتضرب عليه رصاص دي حاجة كبيرة! مين؟! اللي عملوا فينا الحادثة؟
سليم بحزم: تفتكري لو كان حد منهم، أنا كان زماني قاعد قدامك؟ لا طبعاً.
ماسة بذهول: أمال إيه؟
سليم بنبرة جادة قال بتوضيح: كان عنده شغل، والناس اللي بنديهم الشغل عندهم مشاكل مع ناس تانية، أنا بكرة هاجتمع معاهم وأشوف حل، ماتقلقيش
هدأت ماسة قليلًا، مسحت وجهها بتوتر، وهي تفكر بصمت، عقلها مليء بالتساؤلات، فهذه العائلة لا تعيش سوى في صراعات بلا نهاية، فهذه ليست أول مرة يحدث فيها شيء كهذا ثم قالت ماسة وهي تنظر له بعد ثواني من الصمت.
ماسة بصوت خافت: هو في إيه بالضبط؟ أنا مش فاهمة حاجة.
نظر لها سليم متعجباً: مش فاهمة إيه؟
ماسة بصوت مضطرب: كل شوية حد فيكم يتصاب، مرة أنت، مرة رشدي، ودلوقتي ياسين، حتى عماد اتضرب بالنار وأنا اتخطفت زمان، والحادثة اللي حصلت لنا، وبنتي اللي اتقتلت فيها!
اكملت بنظرة حاده متسائلة بقلق:
أنتم بتشتغلوا إيه بالضبط؟! وأوعى تقولي إن كل الناس الكبار اللي شغالين في الحاجات الكبيرة بيحصل لهم كده، أنا عشت ١٥ سنة مع منصور، وما حصلش أي حاجة شبه دي! أنا ماشفتش الكلام ده غير معاك.
سليم بسخرية مستهزئًا: ومين قال لكِ بقى إن منصور متعرضش؟ هو عشان انتِ ماشفتيش بعينك يبقى ماحصلش؟ انتِ ماشفتيش يا ماسة، غير إللي هم عايزينك تشوفيه وبس! لكن خلف الكواليس في كوابيس..
أكمل موضحاً بصوت منخفض لكنه يحمل قوة قاتلة:
منصور اتضرب عليه نار مرتين، وقعد في القاهرة ورجع لكم كويس، وبعدين منصور ده كان شغال عندنا! الأعداء لما بيحبوا ينتقموا، مابينتقموش من العيال الصغيرين اللي شغالين عندنا، مابيقربوش من الصبيان، بلغة السوق… بييجوا علينا إحنا، إحنا اللي مركز خطر عليهم، خصوصًا أنا!
نظرت ماسة له بقلق: طيب ماشي، معاك، بس إيه هو الشغل اللي ممكن يوصل إنكم تتعرضوا للقتل؟ قتل يا سليم، مش أي حاجة!
تنهد سليم وهو يحاول ضبط أعصابه:
أنتي عارفة إننا بنشتغل في الذهب والألماس، فاكرة إن ده حاجة سهلة؟ والكميات اللي بنجيبها عادية؟
ماسة بحدة: بس أنت قلت لي إنك خلصت على الناس اللي كانوا بيئذوكم! إيه اللي جد؟
سليم بهدوء قاتل قال بتوضيح: ما أنا أهو عمال أفهمك، كان عندنا شغل كنا بنسلمه، والشخص اللي بنبيع له الشغل عنده مشاكل مع حد تاني، استنى يوم التسليم، عشان يسرقوه منه، فضربوا نار، فمش إحنا المقصودين،، خلاص اطمنتي.
زفرت ماسة بضيق: بس ليه تشتغلوا في حاجة فيها خطر؟
ضحك سليم وقال بتفسير: ماسة ياعشقي، إحنا لو بنبيع سبح ومصليات ومحتكرين بيهم مصر مش هقول لك الشرق الأوسط، هيبقى عندنا أعداء! تخيلي بقى وإحنا محتكرينه بالأحجار الكريمة والذهب بكل أعيرته في الشرق الأوسط، وبننافس عالميًا، إحنا من أكبر ثلاثة مصدرين أحجار كريمة وذهب في العالم!
نظرت له بتمعن،وأكمل:
ومش بس الذهب، في صناعات كتير، القمح مثلًا، إحنا العيلة رقم واحد في الشرق الأوسط اللي بتستورد قمح وفول الصويا ومواد غذائية كتير، الموضوع ملوش علاقة خالص بشغل غير قانوني، عشان أنا عارف دماغك رايحة فين.
نظر سليم لها بثبات وتابع:
أنا ماشتغلش في حاجة غلط، حتى شغل الذهب اللي أنتِ كنتِ قلقانة منه بعدت عنه عشانك، وقفلت لكِ المنجم اللي كنتِ عايزة تقفليه، واللي عمل فينا كده صدقيني، أنا معرفش هو عملها ليه، ماعنديش عداوة مع حد ممكن توصل لكده… إلا شخص واحد، وأنا خلصت موضوعه من زمان، وبرده دورت وراه وماطلعش هو، وأديكِ شايفة، من ساعة مشكلة رشدي ماحصلش أي حاجة تانية.
ماسة بصدق: كل اللي محتاجاه ياسليم إننا نعيش بهدوء، أنا بجد حاسة إني عايشة في صراعات وحاجات أكبر مني، مش دي الحياة اللي كنت بتمناها، فجأة حياتي اتقلبت.
سليم بحب أمسك يدها: عشان تقدري خوفي عليك، عموما إن شاء الله قريب هنخلص من كل ده يا ماسة وهترجع حياتنا طبيعية ماتقلقيش ياعشقي.
نظرت ماسة له بعينين ممتلئتين بالحيرة:
أنا مستوعبة خوفك، وكل مابيحصل حاجة بستوعبه أكتر، بس برضه، دي مش حياة، مش حياة يا سليم!
تجاهل سليم كلامها وسألها بحدة: قولي لي بقى، إيه اللي كان مقعدك مع عماد ورشدي؟ وكنتِ بتقولي لرشدي إيه؟انا فاكر مش ناسي.
نهضت ماسة سريعًا وقالت ببرود: قوم غير هدومك وشوف عايز تاكل إيه، أنزل أعمل لك الأكل والا تنام؟
استشاط سليم غضبًا، زمجر وسحبها من معصمها بخشونة، فاختل توازنها وسقطت بجانبه على الفراش. نظرت له بذهول، بينما كان يحدق في عينيها بقوة وشراسة.
قال سليم بصوت منخفض لكنه يحمل تهديدًا واضحًا: ردي على سؤالي، بهدوء.
ماسة بصوت مرتعش باتساع عينيها: إنت اتجننت؟!
سليم بنفس هدوئه المخيف: لسه ماتجننتش…
اقترب أكثر، همس في وجهها ببحه رجوليه قاتمة: قلت ردي.
نظرت ماسة له بصمت للحظات، وكأن عقلها لا يستطيع استيعاب الوضع، ثم مسحت وجهها وقالت باضطراب:
أنا نفسي أفهم، إنت فيك إيه؟ بتتعصب كده ليه؟! إيه المشكلة لما أقعد مع أخوك وجوز أختك؟ هو أنت شفتنا قاعدين فين؟ والا قاعدين بنعمل إيه؟! محسسني إننا…
سليم قاطعها بقوة: اتكلمي بأدب، وبلاش الأمثلة الوقحة دي! سألتكِ سؤال عادي، وأظن من حقي أسألكِ، انتِ مراتي! ها قعدتي معاهم ليه؟ وبتقولوا إيه؟ ردّي يلا، أنا سامعكِ.
جزت ماسة على أسنانها وهي تغمض عينيها تحاول لجم غضبها قالت:
يعني كنا بنتكلم عادي، مافيش حوار مهم، كلها تفاهة، أنا حتى مش فاكرة، يعني مرة قالي عماد هتنزلي الشغل؟ قلت له لا. سليم عامل عليا حظر تجول! انتِ زعلانة؟ لا مش زعلانة، ساعات بنتفرج على التلفزيون سوا، أوقات كنا بنقعد نلعب الشايب مع بعض، ورشدي علمني شطرنج. ماقعدناش كتير، يعني زي ما أنت فاكر، أربع خمس مرات بس، عشان هما بيجوا متأخرين، وأنا ببقى قاعده بالليل. إيه المشكلة؟ لما يقعدوا معايا بكل أدب، كانوا بيسلوني.إنت بتنام بدري،، هو لو حد فيهم كان تواقح معايا كنت هسكت له؟! أنا عايزة أفهم بس اللي إنت بتعمله ده غيرة؟
سليم بصوت منخفض لكنه حاد بتأكيد: أكيد غيرة، وأنا مابحبكيش تقعدي مع أشكال زي رشدي ولاا عماد. ايه مابتخافيش على نفسك، الاتنين ساعات بيرجعوا سكرانين. طب عماد بيبقى واعي، لكن رشدي مش خايفة يعمل فيك زي ما كان هيعمل قبل كده.
ردت ماسة بإصرار: لا، مش خايفة، بطل طريقتك دي وخوفك الزيادة ده.
سليم بتهديد قاسي: طب يا ماسة، قرار! ولو ماتنفذش، مش هتخرجي من باب الأوضة ده تاني..
صمت لوهلة قائلا بحسم:
لا، أنتي من اللحظة دي مش هتخرجي من باب الأوضة تاني.(أشار بيده) عندك التلفزيون، عندك الكمبيوتر، هتقعدي هنا، قعدة تحت، وسهر تحت. مش هيحصل، هتسهري هنا.
ماسة بحدة وغضب: ماتجيب لي زنزانة وتحبسني أحسن! ولا كلبشني في رجل السرير
سليم بنبرة قاسية باردة: صدقيني يا ماسة، هيحصل لو فضلتِ معاندة، ومتمردة ومابتسمعيش الكلام. أنا بقول لكِ أهو، سهر بالليل هيبقى هنا طول ما أنتِ مابتحترميش كلامي وما طبتسمعيش الكلام. من الليلة سهرك في أوضتك هنا وبس.هتقعدي تحت زي ما انت عايزه مجرد ماهطلع انام هتطلعي معايا تقعدي تعملي كل نفسك فيه هنا سهر لوحدك تحت ثاني ممنوع موضوعك ده كمان محتاجين نتكلم فيه بس خلينا في موضوع الاساسي اهم.
ردت ماسة بتهكم: ولو ماسمعتش الكلام، هتعمل إيه؟
نظر سليم داخل عينيها بقوة وتهديد بقسوة: جربي انتِ بس ماتسمعيش الكلام، وشوفي أنا هعمل إيه!
ماسة بضيق: إنت بقيت حاجة صعبة أوي!
سليم بهدوء: انتي اللي وصلتيني لكده. يلا انزلي حضر لي الأكل عشان جعان، جوزك جعان!
انتهى من كلامه ونهض سليم، وتوجه إلى المرحاض.
ظلت ماسة جالسة غاضبة، وهي تجز على أسنانها بوعيد:
حاضر، ماشي يا سليم، هسهر هنا، بس والله لا أوريك!
بعد وقت قليل، خرج سليم من الحمام، يجفف شعره بمنشفة، بينما قطرات الماء لا تزال تلمع على بشرته. كان يبدو هادئًا، غير مكترث للعاصفة التي تدور داخل ماسة. كانت جالسة على طرف الفراش، عيناها تشتعلان بالغضب، لكنها لم تكن تريد أن تُشعل حربًا أخرى معه الآن.
رأت سليم يلتقط هاتفه من فوق الكوميدينو، ثم جلس على الأريكة يلعب بهاتفه، لا يكترث بنظراتها.
تنهدت ماسة، ثم تقدمت نحوه بصمت وقالت ببرود:؟ عايز تاكل إيه؟
رفع سليم عينيه إليها، تأملها للحظات قبل أن يقول بصوت منخفض: اللي يريحك.
زمّت شفتيها، تحاول السيطرة على مشاعرها، ثم خرجت من الجناح بخطوات سريعة واتجهت إلى المطبخ. فتحت الثلاجة بعصبية، أخرجت بعض المكونات، وبدأت في تحضير العشاء له، بينما عقلها يعمل بسرعة، تبحث عن طريقة للرد على قراره بحبسها داخل الجناح.
لم تكن هذه هي الحياة التي تخيلتها. لم تتوقع أن تعيش كعصفور حبيس، ممنوعة حتى من الجلوس مع عائلته. نعم، أصبحت تعرفهم جيدًا وتدرك أنهم يكرهونها، لكنها تشعر بالاختناق بسبب تحكماته. تعرف أن سليم متملك، لكن الأمور ازدادت سوءًا.
سمعت صوت خطوات خلفها، فاستدارت بسرعة لتجد هبة تقف عند باب المطبخ، تنظر إليها بتعب واضح.
سألتها ماسة وهي تحاول إخفاء توترها:إنتِ لسه صاحية؟
ردّت هبة وهي تفتح أحد الأدراج بحثًا عن علبة السريلاك: نالا مش عايزة تنام، فقلت أنزل أحضرلها سيريلاك.
لم ترد ماسة، فقط عادت لتقطيع الخضار، لكن هبة تقدمت منها قليلًا وقالت بصوت خافت: مالك؟ شكلك مش على بعضك.
أخذت ماسة نفسًا عميقًا، ثم قالت وهي تقطع الخضار بعصبية: سليم قرر يحبسني في الأوضة، وسهر الليل بقى ممنوع… كل ده عشان شافني قاعدة مع رشدي وعماد.
رفعت هبة حاجبيها بدهشة قبل أن تهز رأسها ببطء، ثم قالت بنبرة شبه ساخرة: وده جديد؟ ما انتي عارفة إنه مش بيحب حد يقعد معاكي، خصوصًا رشدي…ده حتى ياسين بيتضايق.
أكملت بنبرة أكثر سخرية: كويس إنه سايبنا إحنا نقعد معاكي!
طعنت ماسة السكين على الطاولة بقوة، والتفتت إليها بعينين مليئتين بالغضب: أنا مش عيلة صغيرة! ومش لعبة في إيده يتحكم فيها زي ما هو عايز!
نظرت هبة إليها بصمت للحظات، ثم قالت بنبرة فيها سخرية:
بس انتي بتحبيه، مش كده؟ ولازم تتحملي عشان تحافظي على حبك، مش ده كلامك معايا؟ ياما نصحتك، وانتي ماكنتيش بتسمعي، حتى كنتي بتزعلي مني.
لم ترد ماسة، فقط زفرت بضيق وأشاحت بوجهها بعيدًا: خلاص يا هبة انتي دمك بقى يلطش.
قبل أن ترد هبة، استدارت ماسة لتجد سليم واقفًا عند الباب، ينظر لها وإلى هبة بنظرة جعلت الهواء في الغرفة يثقل فجأة.
هبة بابتسامة متوترة خائفه ان يكون استمع للحديث: صباح الخير يا سليم..، تعرف ياسين راجع امتى؟
سليم بهدوء: صباح النور، لا معرفش، بس ممكن يطول عنده مشكلة.
هبة أومأت برأسها: تمام.
عادت لمتابعة ما كانت تفعله، بينما سليم نظر إلى ماسة نظرة طويلة بصمت.
ماسة نظرت له بجفاء: يلا، العشا اقصد الفطار خلّص؟
حملت ماسة الصينية التي عليها الأطباق في صمت، ثم خرجت من المطبخ متوجهة إلى السفرة، وسليم يتبعها بنظرات غامضة.
– السفرة
جلس سليم على الطاولة يتناول طعامه بهدوء، بينما كانت ماسة تراقب كل شيء بصمت.
وضعت ماسة الأطباق أمامه، ثم جلست في مكانها دون أن تنطق بكلمة. كان سليم يحتل مقعده الرئيسي بجانبها، يتناول طعامه ببرود كأن كل شيء طبيعي.
سليم دون أن يرفع عينيه إليها: مش هتاكلي؟
ماسة ببرود، وهي تحرك الشوكة في طبقها بلا اهتمام: مش جعانة.
رفع سليم نظره إليها، تأملها للحظات قبل أن يسأل بحِدّة خافتة: والا زعلانة عشان اللي حصل؟
ضحكت ماسة بسخرية: هو إنت بتعمل أي حاجة تزعل؟
في تلك اللحظة، دخل رشدي إلى السفرة، يرافقه عزت وفايزة. كانت ذراعه المكسورة ملفوفة بجبيرة، بينما بدت فايزة وعزت غير مكترثين بالموقف. نظرت ماسة إلى يد رشدي المصابة بدهشة، إحساسها الداخلي يخبرها أن سليم وراء ماحدث، لكنها أرادت التأكد من شكوكها.
ماسة متسائلة: إيه اللي حصل؟!
نظر رشدي إلى سليم نظرة مشتعلة، ثم رد بصوت هادئ لكنه يحمل استفزازًا واضحًا: اسألي جوزك.
ثم توجه مباشرة إلى الطابق العلوي، متجاهلًا الجميع.
شعرت ماسة بغضب يجتاحها، جزّت على أسنانها ثم استدارت مجددًا إلى سليم، الذي كان لا يزال يأكل بصمت، وكأن شيئًا لم يكن.
ماسة بصوت غاضب ومتعجب: إنت اللي عملتها؟
رفع سليم عينيه إليها ببرود وقال ببساطة: آه.
اقتربت ماسة منه أكثر، بصوت يحمل ضيقًا مكتومًا: ليه؟
سليم، وهو يكمل طعامه دون أن يرفع نظره لها: عشان قليل الأدب بيستفزني بيكي، بس أنا سكّته.
ماسة بحدة: بيستفزك إزاي يعني؟!
وضع سليم الشوكة جانبًا، وقابلها بنظرة حادة: لأن حضرتك السبب. كلامك معاه، وطريقتك اللي خلّته يحس إنك محبوسة ومقهورة، خَلّتُه يطوّل لسانه. بس أنا سكّته.
مسحت ماسة وجهها بتعب، تشعر أن الأمور تزداد سوءًا: إنت بجد بقيت صعب أوي.. هو إحنا مش اتفقنا إنك مهما حصل مش هتخليهم يستفزوك؟
سليم بجمود: إنتِ اللي أديتي له الفرصة، يا ماسة، وأنا كنت قد وعدي.
ماسة بعصبية: لا، أنا ماديتلوش الفرصة! إنت اللي اديته الفرصة! رشدي ماخدش مني كلمة واحدة، لما سألني، وقلت له بكل وضوح: “خليك في حالك، مالكش دعوة، أنا مبسوطة كده. لكن هو عرف يستفزك إزاي هو طلع أذكى منك.. عرف يدخل لك منين. كان المفروض تقول له “مالكش دعوة” وتسكت، ماتردش عليه! لكن إنت أثبتّ له إن في مشكلة بيننا.. وكسرت له إيده!
تراجع سليم بظهره للخلف، ونظر إليها ببرود: المشكلة اللي بينا؟ إنتِ شايفة إن في مشكلة، يا ماسة؟
ماسة بتوضيح: لا بس إنت فهمته كدة لأنك ماعرفتش تمسك نفسك..
ارتسمت على شفتي سليم ابتسامة خافتة، لكن عينيه كانت تلمعان بالغضب: مش عارف أمسك نفسي؟ ولا المشكلة إنك مش عارفة تتحكّمي في نظراتك؟
عقدت ماسة حاجبيها بدهشة: إنت بتتكلم عن إيه؟
انحنى سليم قليلًا نحوها، خافضًا صوته، لكن نبرته كانت قاطعة: عيونك، يا ماسة.. والطريقة اللي بتبصي بيها، هي اللي خلّته يتجاوز.. حسّسته إنك محبوسة ومش راضية عن اللي إنتِ فيه…. بس أنا حليت الموضوع بطريقتي.
ماسة باندفاع: بطريقتك اللي كل مرة بتزيد الطين بَلّة وتسوء؟!
تنفّست بعمق في محاولة للسيطرة على انفعالها: إنت بطّلت عصبيتك دي بقالك سنين.. إيه اللي حصل؟ ليه رجعتلها تاني؟؛ ليه بتحاول تثبت للناس إنك طلعت من الحادثة متغيّر ورجعت زي الأول؟ المفروض كنت تحل الموضوع بالعقل، بالهدوء.. كنت هتستفزه أكتر لو طنشته كأنه مش موجود! أنا لو مكانك، كنت عملت كده..
اقتربت أكثر منه، أمسكت يديه، ونظرت مباشرة إلى عينيه بحب تحاول اقناعه: وحياتي عندك، كفاية.. إنت وعدتني قبل كده إنك مش هتتعصب مهما حاولوا يستفزوك بيا.. مش كده؟
نظر سليم إلى يديها التي تحتضن يده، شعر بوخزة ألم داخلية، ثم تمتم بمرارة: إنتي السبب يا ماسة؟ إنتي السبب.. إنتي اللي خليتيني أرجع زي ما كنت!
هزّت ماسة رأسها بقوة: أنا ماعملتش حاجة، سليم أنا قبلت الحياة دي عشانك.. عشان بحبك، ولو انا مغيرة طريقة نومي وحياتي وسلوكي فده لأني مش لاقية حاجة أعملها ولقيت في الحياة دي، وقت بيضيع وعرفت أشغل في نفسي، لكن لما كنت بصحى الصبح الوقت كان بيبقى طويل قوي عليا، أرجوك ساعدني.. يلا، أوعدني! أوعدني إنك مهما حصل، ومهما عملوا، مش هتخليهم يستفزوك.. سيبهم يتكلموا، مش مهم! ارجع سليم حبيبي الهادي.
سليم بتنهيدة ثقيلة: حاضر، هحاول.
تبسما ماسة بحزم: لا، إنت مش هتحاول.. إنت هتوعدني! ورحِمَة حور، يا سليم، مهما استفزوك بيا، أوعى تتعصب!
حاول سليم أن يتملّص من الضغط، لكنه وجدها تحيطه بإصرار أكملت بعقلانية: إنت معاك النسبة الأكبر في المجموعه. خد حقك بيها، علّمهم الأدب بيها، لكن متكسرش إيد حد، متزعقش، متضربش، مترفعش مسدسك على حد.. القوة الحقيقية هنا، في عقلك.
سليم بحدة: إنتِ عايزاني أسيب رشدي يتكلم عليكِ ويقول عليكِ ست الحُسن، وأسكت؟!
هزت ماسة رأسها: لا، بس بالعقل، مش بالعنف!
سليم ببرود: اللي عملته صح، وهو يستاهل.. هو ماستفزّنيش بيكِ بس، هو نطق اسمك بطريقة عارف إنها هتعصبني.. كان لازم يعرف إنّي مش بهدده، بس.
ماسة برجاء: طب أوعدني، وحياتي عندك.. قولي، ورحمة حور، مهما عملوا، مهما استفزوني بيكي، مش هعمل حاجة.. مش هرجع للعنف.
نظر إليها سليم مطولًا، ثم تمتم بتنهيدة ثقيلة: حاضر يا ماسة.. وعد، أكيد مش هقتل إخواتي يعني.
ماسة بجدية: قُول ورحمة حور.
أغمض سليم عينيه للحظة، ثم فتحهما، ونطق ببطء: وحياتك إنتِ عندي يا ماسة.. مش هعمل حاجة تاني..حاضر، هأدبهم بنسبتي.
ثم نظر إليها نظرة طويلة، وأضاف بصوت خافت: بس وقت ماحس إني محتاجك تفكّيني من الوعد ده، فكّيني، ولازم تفهمي ان الوعد ده مختصر على إللي يخصك انت بس، لان رشدي حواراته كتير.
ماسة بابتسامة مطمئنة: حاضر.. بس إنت مش هتحتاج.. خليك عاقل وهادي.. وبطّل جنان.
نظر سليم إلى ماسة بعمق، عينيه تحملان مزيجًا من الحب والغيرة والاعتذار الصامت. مدّ يده إلى يدها، ومرر إبهامه برفق على ظهر كفها، كأنه يحاول أن يرمم ما أفسدته عصبيته منذ قليل.
سليم بصوت هادئ لكنه يحمل رجاء خفيًّا: لسه زعلانة مني؟
ماسة بابتسامة دافئة: أنا مابقدرش أزعل منك يا سليم.
سليم بحزن: بس إنتِ بقيتي عصبية اوي يا ماسة… ما كنتيش بتنفعلي كده زمان.
ابتسمت ماسة، لكنها لم تكن تلك الابتسامة التي تصل للعينين. بل كانت ابتسامة يكسوها الحزن، بينما عيناها تلمعان بالدموع التي تأبى النزول.
ماسة بصوت خافت: زمان كنت صغيرة يا سليم…كان في حاجات مش بفهمها. بس دلوقتي، في حاجات كتير اتغيرت… حتى إنت اتغيرت، ولو مش مدرك ده تبقى مصيبة. بس مهما حصل بينّا، ومهما كانت مشاكلنا وخناقاتنا، حبي ليك عمره مانقص..ولا هينقص أنا بحبك والله.
سليم وهو يمسح على يدها بحنان: وأنا كمان بحبك، يا ماسة… وهحاول أهدى شوية، لأن ماعنديش اي استعداد إني أخسرك، وإنتِ كمان حاولي.
ماسة تبسمت: حاضر. كنت عايزه أتكلم معاك في حاجة.
سليم بابتسامة جانبية: كنتِ عايزة تتكلمي معايا في إيه؟
ماسة بتردد: في موضوع منعك إني أسهر بالليل في اللفينج.
نظر إليها سليم للحظات قبل أن يتحدث بلهجة حاسمة لكنها هادئة: أنا مش مانعك من حاجة يا ماسة، بس لما نطلع على النوم، هتطلعي معايا. تقعدي تتفرجي على التلفزيون في أوضتنا، مش تحت عشان ميحصلش وتقعدي تاني مع رشدي وعماد عشان المرة الجاية ماكسرش إيد عماد ودماغ رشدي
ماسة بضحكة خفيفة: حاضر…مادام ده هيريّحك، بس ماتبقاش تتكلم لو عليت التلفزيون.
سليم محذرًا وهو يرفع حاجبه بخبث: أهم حاجة ماتعمليهاش بعند يا ماستي المتمردة عشان أنا سمعتك وأنتي بتقولي هتوريني.
تبسمت ماسة بتعجب: ماستك المتمردة!!
سليم وهو يميل نحوها بتسلية: أيوة… الفترة دي بقيتي متمردة توي.
ابتسم ثم مسح فمه بالمنديل قبل أن يقول بنبرة خافتة: تعالي نطلع أوضتنا.
ماسة بابتسامة خجولة: يلا.
أمسك يدها وسار معها إلى غرفتهم. بدأ كلاهما في تبديل ملابسه، ثم فجأة، اجتذبها سليم نحوه، وطوّق خصرها بذراعيه بقوة، همس في أذنها بصوت دافئ: وحشتيني.
ماسة وهي تبتسم بخجل: وانت كمان.
لم يحتاج الأمر لكلمات أكثر، فالمشاعر كانت تتحدث وحدها. نظر إليها سليم بعينين مشتعلة، وقبل أن تفكر، كان قد غرقا في دوامة من العشق الذي لم يترك لهما فرصة للهروب. ….
بعد وقت، كانت ماسة مستلقية على صدر سليم، الذي كان عاريًا، بينما بدا عليهما أثر تلك العاصفة العاطفية التي اجتاحتهما. كانت أنفاسهما لا تزال متقطعة، وهدوء الغرفة لا يقطعه سوى صوت أنفاسهما المتلاحقة.
سليم وهو يمرر أصابعه في شعرها بحنان: النهارده كنتي راضيه عني اوي.
ماسة برقة: راضية عنك؟
سليم بابتسامة جانبية: امممم… بقالي فترة ماعشتش معاكِب لحظة زي دي… حسّيت النهارده إنك بتحبيني ومشتقالي، رغم إننا كنا متخانقين من شوية. على عكس أوقات تانية… بحس إنك عادية، مش مشتقالي كدة مش بقولك هتجننيني.
ماسة بتنهيدة ناعمة: دي تهيؤات… وبعدين، المشاعر هي اللي بتنادي بعضها، يا كراميل
سليم وهو يضمها أكثر لحضنه: مظبوط.
ماسة: هتروح المجموعة
سليم: اممم بس ممكن أتأخر شوية محتاج أنام شوية.
ماسة: ماشي قبلته من خده.
ارتسمت على شفتيها ابتسامة صغيرة قبل أن تغفو بسلام بين ذراعيه، وكأنها أخيرًا وجدت أمانها و راحتها التي تبحث عنها.
💕_____________بقلمي ليلةعادل。◕‿◕。
((بعد وقت))
استيقظت ماسة ببطء، كان سليم ليس بجوارها، عيناها لا تزالان مثقلتين بالنوم، ، قبل أن تشعر بشيء بجوارها على الوسادة. مدت يدها بتكاسل والتقطت الورقة، لتجد بجوارها وردة حمراء نديّة كأنها قُطفت للتو.
عبست قليلاً، ثم جلست في السرير، فردت الورقة بيدين دافئتين، وبدأت تقرأ بصوت خافت:
ماسة، عشقي الأبدي❤️
صحيت ولسه مش قادر أسيب حضنك، مكنتش عايز أصحى وأبعدك عن قلبي. أول مرة بعد فترة تنامي في حضني زي زمان..لسه ريحتك محيطة بيا، يمكن كنا متخانقين، ويمكن كل يوم في بينا شد وجذب، بس مهما حصل، كل يوم بفوق على حقيقة واحدة… إنك لسه هنا في قلبي ولسه بتحبيني، ولسه أنا مجنون بيكِ.
ماسة، أنا مش أحسن راجل في الدنيا، يمكن أكون أصعب واحد تتعاملي معاه، بس إنتِ أكتر واحدة قدرتي تواجهي جنوني، وأكتر واحدة صبرتِ على طريقتي وفهمتني، أنا بحاول اكون الزوج إللي يستحقك، حتى لو ساعات بأتصرف بعصبية، حتى لو ساعات بخاف عليكِ بطريقة بتضايقك، بس إنتِ لازم تفضلي فهمه… إني لو كنت أعرف طريقة تانية أحبك بيها واحميكي بيها، كنت عملتها…
أنا رايح المجموعة هحاول متأخرش عليكي، خدي بالك من نفسك، هستنى تليفون منك، ولو احتاجتيني في أي لحظة، أنا هنا. بحبك جدًا، وقلبي معاكِ دايمًا..
أنهت القراءة، وظلت عيناها مثبتتين على الورقة، بينما أناملها تعبث بأطراف الوردة. شردت قليلاً، تتأمل كلماته التي تحمل مزيجًا من الحب والتملك والقلق المعتاد.ابتسمت بخفوت، ثم رفعت الوردة إلى أنفها، تستنشق عبيرها بعمق، وكأنها تحاول أن تشعر به، كأنه ما زال هنا.
همست لنفسها: مجنون.. بس بحبه.
وضعت الوردة جانبًا، ثم مدت يدها للهاتف، وكتبت له رسالة:
صحيت… لقيت جوابك، ولقيت وردتك… بس مكانك كان فاضي. خدت حضنك في الورق، بس لسه نفسي فيه بجد. اشتقت لك.
أرسلتها، ثم وضعت الهاتف على صدرها، وعادت تستلقي، تحدق في السقف بابتسامة صغيرة، قبل أن تنهض وتبدأ يومها.
فتح سليم الرسالة، وقرأ كلمات ماسة بتركيز.
مكانك كان فاضي واشتقت لك .. ابتسم بخفة وهو يشعر بسعادة غامرة، وكأن قلبه تلقى دفعة مفاجئة من الأمل. لحظات قليلة، ثم شعر بارتياح كبير لأنه رغم كل شيء، مازالت مشاعرها تجاهه قوية.
تنهد بعمق وهو يضع الهاتف على الطاولة. ابتسم لنفسه قليلاً، ثم عاد للتركيز في عمله، غالآن أفكاره أكثر هدوءًا. الرسالة من ماسة جعلت اليوم يبدو أفضل.
في فيلا عائلة ماسة.
الحديقة الثانية مساءً
جلس مكي وسلوى أمام بعضهما، وتوجد علبة شوكولاتة مربعة ملفوفة بشريط أحمر، بينما كانت سعدية تجلس معهما، تتحدث وتضحك.
نهضت سعدية وقالت: طب أنا هقوم بقى، اسيبكوا تتكلموا على راحتكم.
مكي بابتسامة: ماتخليكي شوية.
سعدية وهي تربت على كتفه: هدخل جوه بقى عشان أحضر لكم الغداء. اعمل حسابك هتتغدا معانا؟
مكي تبسم: أنا هتغدي، وهتعشى معاكم النهاردة.
سعدية: أنت هتنورنا يا حبيبي.
ابتسمت سعدية وغادرت المكان، بينما مكي نظر إلى سلوى.
مكي بابتسامة: وحشتيني.
سلوى بخجل: وأنت كمان.
مكي وهو يميل برأسه قليلاً: وأنا كمان إيه؟
سلوى بخجل: أكيد يعني، وحشتني. اتأخرت ليه؟
مكي بصوت هادئ: كان في اجتماع مهم كنا بنخلصه عشان كده. هعوضك وأقعد معاك باقي اليوم. طمّنيني عنك، إيه الأخبار؟
سلوى مبتسمة: كله تمام الحمد لله. ثم نظرت لعلبة الشوكولاتة: إيه العلبة دي؟
مكي وهو يفتح العلبة ببطء، مبتسماً: دي شوكولاتة، جايبها لك مخصوص عبارة عن نكهات مختلفة، هنجربها مع بعض.
سلوى ضاحكة متعجبة: مممم، حلوة، بس هي الشوكولاتة ليها نكهات مختلفة؟ الشوكولاتة شوكولاتة!
مكي: لا، مين قال لك كده؟ حتى الشوكولاتة فيها نكهات مختلفة. خليها مفاجأة. ثم أمسك بإحدى قطع الشوكولاتة وقدمها لها: جربي.
سلوى أخذت أول قطعة بابتسامة: تمام، يلا خلينا نبدأ.
تناولا القطع معاً، وبطريقة مرحة. تبادلا التعليقات.
مكي: حلوة أوي، دي طعمها حلو.
سلوى بعد أن جربت قطعة أخرى: مممم،طعمها شوكولاتة بس حلوة.
أخذت قطعة أخرى: دي طعمها غريب، فيها شوية شطة كده!
تضحك، وفمها أصبح حاراً، فتشرب ماء بسرعة:
إيه ده؟ شوكولاتة بالشطة؟ وانت عادي؟
مكي وهو يضحك: الصراحة، أنا أكلت قبل كده شوكولاتة بالشطة. فمستوعبها.
سلوى جربت قطعة أخرى: دي فيها طعم حبهان، غريبة أوي! طعمها غلس.
مكي ضاحكًا وهو يبثقها في منديل: وحشة أوي
استمرا في تناول الشوكولاتة والنكهات المختلفة، مع تباين طعمها بين الحلو، والشطة، والفاكهة، وكل واحدة لها طعم خاص.
سلوى ضاحكة: يعني العلبة دي كلها مافيهاش غير دول اللي عجبونا. جايبها بكام دي؟: أكيد بفلوس كتير. يا بني أنت وصاحبك مجانين بطل بعزقة، ربنا مابيحبش الناس المبذرين.
مكي ضاحكًا: تبذير !! إيه يعني المشكلة لما أجيب حاجة ونجرّبها سوا، حتى لو غالية. مفيش حاجة تغلى عنك يا سوسكا يا حلوة.
سلوى مستغربة: لا، ما تقوليش يا سوسكا يا حلوة. عشان سليم بيقول لماسة يا ماستي الحلوة.
مكي ضاحكًا: أقولك إيه؟!
سلوى مبتسمة: قول ساسكتي أو حبيبتي. بس كده أو يا ماما.
مكي: ماما؟ مش قديمة دي.
سلوى ضاحكة: أصل أنا شفت قبل كده واحدة بتقول لجوزها يا بابا، وهو بيقول لها يا ماما. وفهمت بعد كده قد إيه بيحبوا بعض.
مكي بتفكير: أنا هقول لك يا حبيبتي وسوسكتي، ماما دي ممكن لما نتجوز تبقى لائقة.
سلوى بمرح : اتفقنا.
مكي باهتمام: عاملة إيه في الجامعة؟ امتحاناتك قربت.
سلوى بخوف: متفكرنيش.
مكي ضاحكًا: لو عايزة أجيب لك الامتحان، أجيبه لك عادي.
سلوى مبتسمة: شكراً .. بقول لك ايه انا هجيب لك الكتالوج من جوه، عجبني كده كم حاجة هوريها لك
مكي: ماشي ممكن بقى كوباية شاي بدل العصير ده.
سلوى: عيوني
💞__________________بقلمي_ليلةعادل
:مجموعة الراوي
مكتب سليم الثانية مساءً
نرى سليم يجلس خلف مكتبه، يدخن سيجارته بتركيز، غارقًا في تفكير عميق. بعد لحظات، يدخل عزت المكتب.
رفع سليم عينيه نحو عزت دون أن يتحدث، يبدو وجهه صارمًا وحزينًا بعض الشيء.
عزت بهدوء: عامل إيه؟
سليم بنبرة جادة، وعينيه مازالت مشغولة: لو هتتكلم معايا في موضوع رشدي، بلاش.
جلس عزت أمامه وقال بهدوء، بينما يحاول أن يقرأ مشاعر سليم: سليم، إنت زودتها.
رفع سليم حاجبيه متعجبًا وقال بنبرة حادة، مع خيبة أمل واضحة: زودتها؟! لما يتكلم عن مراتي بالوقاحة يبقى إسمها زودتها،؟! هو اللي تمادى. عارف ليه تمادى؟ عشان أنا كل مرة بهدد وبس. عشان عاملك أنت والهانم وللأخوة اعتبار، لكن أنت عارف كويس لو كان حد تاني كان اتذبح. احمد ربنا إني سايبهلك عايش.
عزت بتودد، محاولا تهدئته: أنا ماقلتش إنه ما غلطش، بس…
سليم بحسم، وقد تسلل في صوته قليل من الغضب المكبوت: العقاب على قد الفعل. هو فعله كان أكبر من عقابه..
أكمل حديثه وهو ينظر في وجه عزت متسائلًا بحدّة:
بابا، إنت جاى ليه؟ من الآخر، قول إنت عايز إيه؟
عزت بتوجيه أبوي، محاولا أن يخفف من وطأة الحديث: لازم تهدى شوية مع إخواتك. هيكرهوك كده.
ضحك سليم بسخرية وعاد بظهره على ظهر مقعده: قول حاجة جديدة، هم بيكرهوني من زمان من غير ما أعمل حاجة. فابكدة كرههم هيبقى ليه أسباب.
عزت محاولًا تهدئة الوضع: لا، هم مش بيكرهوك، بس إنت شديد عليهم شوية. بلاش تبني أسوار بينكم.
سليم بنصف ابتسامة لم تصل إلى عينيه، مد وجهه موضحًا بشجن: الأسوار مبنية من زمان يا باشا. من ساعة ماعلنت إني هقعد مكانك. الغيرة عمتهم. كويس أوي إنهم لحد اللحظة دي محاولوش يقتلوني.
عزت برفض للفكرة قائلا بتوضيح: الغيرة دي أمر طبيعي حصلت معايا ومع إخواتي، وبعدين لا ياسليم هما مستحيل يفكروا ! يقتلوك،، هم ممكن يعملوا شوية حاجات تانية بس.
ضحك سليم بسخرية: إنت بتقول الجملة دي وإنت مش مصدقها، باينة في عينك
أكمل بجدية موضحاً:
لعلمك، أنا دورت وراهم، بس ماوصلتش لحاجة. أنا عارف إنهم ضعفاء. ولو عملوها، سهل الواحد يوصل لهم، هو ده اللي مانعهم. لكن ولادك لو أقوياء، صدقني هيحدفوني من على الكرسي. وانت ورايا ومعاك الهانم. وبعدها هيخلصوا على بعض. البقاء للأكثر ندالة. يعني احتمال يبقى عماد وصافي، رشدي مندفع، رغم إنه ممكن يجي منهم حاجات كتير، لكن اندفاعه ده بيخليهم يعرفوا يستغلوه كويس..
بس رشدي لو عرف امكانياته كويس هتبقى الحرب ما بيني وما بين رشدي.
عزت بأبوة صادقة: أنا مش عايز الحرب دي يا بني، أنا عايزكم كلكم تبقوا أقويه، تبقوا جنب بعض إخوات في ضهر بعض، صدقني أنا نفسي الكرسي ده يتقسم عليكم عشان مش عايز بينكم حروب.
سليم وقد تراجع جزء من الحدة في صوته لكنه ظل حازمًا: قول لأولادك الكلام ده مش ليا هم مش قادرين يفهموا ولا قادرين يصدقوا إني مش متيم بالكرسي بس الصراحة دلوقتي خلاص الطيبة والمسامحه بتاعة زمان انتهت أنا دلوقتي الملك، العقود جوة الخزنة حتى القصر بقى ملكي أناعايزك بس تنبههم وتقولهم الكلمتين دول، عشان صدقني المرة الجاية هطردهم من المجموعة، أنا مش عايز وجع دماغ.
تنهد عزت مغيرا الحديث: طب قول لي وصلت لحاجة؟ كلمت سوت؟
سليم بهدوء: كمان ساعة هقابل نيكولاس وبعتت لسوت، هيجي بكرة.
عزت: طب أنا هكون معاك.
سليم برفض: لأ، أنا بس اللي هحضر وأخلص الموضوع ده. خلي عينك على ولادك أهم سيب بقى المجموعة وشغل المجموعة ليا أنا. وأنا بقولها لك تاني يا باشا، شغل الآثار، شغل الماس المهرب زمنه انتهى.
عزت بقوة: إنت مش قلت إنك عايز ياسين وفريدة بعيد؟ ملكش دعوة بقى بالباقي؟
سليم ببرود: موافق، بس لو حصل أي مشكلة أنا ماليش دعوة. ولو حصل حاجة لحد فينا، حسابي هيبقى معاك إنت.
أنا مش هخاطر بحياتي وحياة مراتي تاني. مش هحاسب على حاجة أنا ماليش علاقة بيها.
اقترب من المكتب ونظر له بتهديد وهو يشير باصبعه:
وصدقني يا باشا، لو عرفت إن اللي حصل لي ده كان بسببك أو بسبب حد من ولادك هتعرف إن جهنم اتفتحت عليكم في الدنيا.
عزت بذهول: إنت بتهددني يا سليم!!
سليم بنبرة باردة لكن قوية: العفو يا باشا،، أنا مابهددش، أنا بفهمك وأعرفك اللي هيحصل بس.
هز عزت رأسه بانزعاج: إنت أعصابك بقت مش تمام. ماتخلنيش أسحب منك التوكيل.
تبسّم سليم بلا مبالاة، التقط أنفاسه بهدوء، ثم ترك القلم: تمام.
فتح سليم الخزنة، أخذ بعض الأوراق ورماها أمام عزت على المكتب.
سليم بثقة تعكس قوة شخصيته: أهم خدهم تفتكر سليم محتاج لأوراق؟
صمت لوهلة تبسم على يقين أن عزت هو من يحتاج له تابع:
تؤ ماعتقدش. إنت أذكى من كده يا باشا. بلاش تاخد قرارات مصيرية، أنا همشي عشان عندي ميعاد مع نيكولاس. قول لي، المقبرة دي لسه فيها حاجة تانية ولا خلصت؟
تحدث عزت بقوة وصرامة: ما طتتحدانيش يا سليم.
توقف سليم بإصرار: المقبرة لسه فيها حاجة تانية والا خلصت؟
تنهّد عزت فهو لا يريد افتعال مشكلة مع سليم الآن: آخر حاجة بعتها لنيكولاس.
سليم: تمام. سلام.
ثم خرج من المكتب. ظل عزت جالسا للحظة محاولا استيعاب ماحدث. كان مشغولًا أكثر من أي وقت مضى بطريقة سليم الجديدة، وتحولاته التي جعلته أكثر صعوبة،شخصيته أصبحت أقوى، ولا مجال للخطأ معه. كان عزت يعلم أن الأمور لن تعود كما كانت، وأن سليم أصبح أكثر تشددًا وقوة في قراراته. في النهاية.
قصر الراوي
غرفة هبة وياسين الثالثه مساءً
تحلس هبة على الأريكة، تراقب نالا التي تغط في النوم بين يديها، بينما تمسك هاتفها وتنتظر اتصال ياسين. دقائق قليلة مرت حتى أضاءت الشاشة باسمه، فابتسمت وهزت رأسها قبل أن تجيب.
هبة بضيق: أخيرًا يا ياسين، بقالك فترة مش كلمتني وتليفوناتك مقفولة.
ياسين بصوت متعب، لكنه حاول إخفاء إرهاقه: معلش حبيبتي، كنت مشغول جدًا في مشاكل في الشغل هنا ولازم أكون متابع كل حاجة، وهنا مافيش تغطية كويسة.
هبة بقلق: في إيه؟
ياسين وهو يضغط على أسنانه، ويلف حول نفسه في الغرفة لتجنب الجواب الصريح: مشكلة في العقود والشحنات، ومحتاج أكون هناك عشان أخلص الموضوع بنفسي.
هبة: طب… ده هياخد وقت قد إيه؟
ياسين وهو يحاول عدم الكشف عن الحقيقة: ممكن أسبوع عشر أيام، لازم أكون موجود وأركز على كل حاجة.
رفعت هبة حاجبها بشك: أسبوع؟ ليه مش تقدر تخلص الموضوع من هنا؟
ياسين محاولًا التماسك: لا، ده مش هينفع. لازم أكون متواجد في المكان عشان أتأكد من كل حاجة. مش هقدر أشرح لك كل التفاصيل، بس الموضوع كبير.
هبة بصوت ضعيف: يعني هتتأخر أسبوع كمان؟
ياسين وهو يتنفس بعمق محاولا التهرب من التفاصيل: أيوه، بس هكلمك كل يوم عشان تطمني،، لو حابة تروحي عند مامتك روحي.
هبة بحيرة: طب خلي بالك من نفسك بلاش تتأخر..
ياسين مبتسمًا رغم معاناته من ألم كتفه وأيضا من كذبه عليها: مش هتأخر، خلي بالك من نفسك ومن نالا.
هبة بقلق: طب عايزاك ترجع بسرعة، وحشتني ياحبيبي.
ياسين في محاولة للتخفيف عنها: وأنتِ كمان، بحبك، هرجع قريب إن شاء الله.
هبة، وابتسامة صغيرة ترتسم على وجهها رغم القلق الذي ملأ قلبها: وأنا كمان.
أنهت المكالمة، وظلت هبة تحدق في الهاتف، و شعور بشيء غريب يشد قلبها، لكنها اختارت أن تصدق ما قاله
مجموعة الراوي
مكتب سليم الثالثة مساءً
كان سليم يجلس خلف مكتبه، وجهه يعبّر عن جديّة مرعبة، بينما كان نيكولاس يجلس أمامه. مرتبكا بوضوح، لا يستطيع التركيز في عيني سليم الذي كان يحدق فيه بصمت مخيف. الصمت بينهما كان أكثر رعبًا من أي كلمة قد يقولها سليم، بينما سليم ينقر بالقلم على سطح المكتب بشكل منتظم، وكأن عقله يعمل على حل مشكلة معقدة.
أخيرًا، كسر سليم الصمت، وقال بصوت منخفض، لكن مليء بالقوة: قولي، نيكولاس، ماذا عليّ أن أفعل معك؟ بعثت لك أسألك عن الحادثة، وما زلت تجلس هنا بلا ردّ.
نيكولاس الذي بدا عليه التوتر الشديد، رد بسرعة:
أنا لم أفعل شيئًا، سليم. أنا فقط قمت بشراء تلك التماثيل، والتسليم كان في منتهى الدقة والأمان. لكن، سوت قام بخيانتي. ماذا عليّ أن أفعل؟
نظر سليم له بثبات، ثم قال بصوت أكثر برودة:
هل كنت تعلم أن سوت سيقوم باللحاق بك.
حاول نيكولاس أن يشرح أكثر: لم أكن متأكدًا من ذلك، نعم لدي مشاكل معه بسبب صفقة مواد مخدرة وأمور أخرى. ليس سوت فقط، لديّ أعداء كثيرون يريدون تدميري. الصراحة، لم أظن أنه سيقوم بفعل ذلك. هو على علم كامل بأنني اشتريت تلك الآثار منكم.
نظر سليم له باهتمام، ثم رد بكل قسوة: مشكلتك أنت ستقوم بحلها معه، وبضائعك، قم أنت بإرجاعها. لكن دم أخي سآخذه منه. أين النقود التي أخذتها بعد الحادثة؟
بدا نيكولاس في حالة من الإنكار: لماذا تريد أن تأخذها؟ أنا لم آخذ بضائع.
سليم، وهو يرفع يده وينقر بالقلم على المكتب مرة أخرى، تحدث بصوت بارد ومرعب: نيكولاس، أين النقود؟ هذه التماثيل سرقت من سيارتك، وليست سيارتنا،. أريد تلك النقود التي أخذتها، ليس فقط المبلغ، بل ضعف ما أخذته. 500 مليون دولار، أو ستستمر في إزعاجي، وأنت تعلم تمامًا ماذا يفعل سليم حين ينزعج
نيكولاس شعر بالارتباك، وكان يعلم في قرارة نفسه أنه لا يملك أي خيار سوى الخضوع، فكل خطوة يمكن أن تكون قاتلة له. أدرك تمامًا أن مواجهة عائلة سليم هي النهاية بالنسبة له: امراك سليم… أعطني يومين فقط.
لم يبد على سليم أي علامة من الرحمة، نظر إليه قليلاً قبل أن يرد بصوت حازم و صارم:
يومان!! أنت تحلم، الآن اتصل بالبنك وحول المبلغ. هيا.
هز نيكولاس رأسه ببطء وشعور بالعجز يتسلل إلى قلبه. كان يعلم أن هذه فرصته الأخيرة. حاول أن يلتقط أنفاسه ثم قال بحذر:
أريد منك أن تساعدني في إعادة البضائع. أعرف أنك لا تريد مشاكل مع أحد في هذه الفترة. قل له أن يعيد لي البضائع فقط، وبعد ذلك، ستكون المواجهة معي. أكمل برجاء: من فضلك، سليم.
ظل سليم صامتًا لحظة، ثم أجاب بنبرة هادئة:
سأساعدك، لكي تعلم أنني إنسان رحيم، وأنني أقف بجانب الضعفاء أمثالك، لكني لا أرحم من يخونني ، ولكن لا بد من دفع الثمن. هذا هو شرطي. هيا سقم بتحويل المبلغ الآن
أخذ نيكولاس نفسًا عميقًا، يحاول أن يهدئ من روعه، لكنه كان يدرك أن العواقب ستكون قاسية إن لم يفعل ما طلبه سليم، هو أصغر من ان يواجه عائله الراوي.
قصر الراوي
المطبخ الرابعة مساءً
نشاهد ماسة تعد الغداء بنفسها لسليم، بابتسامة مشرقة، يدها تعمل بمهارة، بينما سحر تراقبها بإعجاب وتعجب.
سحر بتعجب: بقالك كتير ماعملتيش أكل بإيدك!
ماسة بتبسم: فعلاً.
سحر بحنية: الصراحة بقى يا ست هانم، ماتزعليش مني، بس إنتِ زي بنتي، وطريقتك دي غلط ياحبيبتي. اسهري ماقلناش حاجة، بس بالعقل! بعدين الصحيان بدري صحة، وإنتِ كنتِ ما شاء الله عليكِ، إيه اللي جرى لك؟
ماسة بهدوء: والله ياسحر، حاسة أنا كده مبسوطة،، مش عارفة ليه مش قادرين تفهموني.
سحر باهتمام: يا حبيبتي، إحنا فاهمين، إحنا بس زعلانين عليكِ وخايفين عليكِ.
التفتت ماسة ناحية الحلة على النار ثم نظرت لسحر بابتسامة خفيفة.
ماسة بتهذب: سحر، أنا خلصت. الحاجة على النار، خلي بالك منها، أنا هاخد شاور. ممكن؟
سحر بحب: عيوني ليكي، روحي يا روحي.
خرجت ماسة من المطبخ متوجهة للمصعد. أثناء انتظارها، يُفتح الباب ليخرج منه رشدي.
ماسة بهدوء: ألف سلامة.
رشدي ببرود: الله يسلمك.
تحاول ماسة الدخول، لكنه يقف أمامها، يمنعها من العبور
رشدي بضيق: مهما حصل، بتسامحيه وبتعدِّي له؟ ده كسر إيدي لمجرد إني قلت عليكِ ست الحُسن، وقلت له حرام عليك تحبسها.
ماسة بحدة: بس أنا ماطلبتش منك إنك تتدخل أو تتكلم عني. أنا وسليم حرين مع بعض، زي ما أنا مابتدخلش في حياتكم، ماحدش يتدخل في حياتي. وأوعى تحسسني يا رشدي إنك خايف عليا أو إن أنا بهِمّك.
تنظر له بنظرة قوية: قولتها لكم بقى، أنا فهمت إنكم مابتحبونيش، وكل اللي يهمكم إني أمشي من هنا. بس اللي مش فاهماه… إيه إصراركم في التمثيل لحد دلوقت؟ إيه أسبابه؟
رشدي بهدوء مريب: أنا ماعنديش مشاكل معاكي، ومابكرهكيش، ولا حتى بحبك، لكن خروجك من هنا يهمني. وعايزة تعرفي ليه؟ قريب توي هتعرفي. وشكلها اللعبة بقت على المكشوف.
رمقها بنظرة غامضة ثم غمز لها وابتعد، بينما ظلت ماسة في مكانها تفكر في حديثه للحظات بتعجب تنهدت ودخلت المصعد وصعدت لجناحها.
يتبع….
- يتبع الفصل التالي اضغط على (الماسة المكسورة) اسم الرواية