رواية لتحيا نيران العشق الفصل الرابع 4 - بقلم هدى زايد
الفصل ال4
الفصل الرابع
~ لا مــفـــر~
************
صدمه، حزن، شرود، وهدوء تام ساد المكان للحظات قبل أن ينفجر "ناجي" في أخيه ليخرج ما في جبعته دفعة واحدة، أكثر من ثلاثه وعشرون عامًا مروا على هذه الجريمه، كانوا
اصدقاء وتفرقوا بسبب إنشغال كلًا منهما عن الأخر بحياته الخاصة وعند أول خلاف حدث بينهما قتله " ناجي" لم ينكر أنه تعجل بقتله كان يمكنه المحاولة في طريقًا آخر، لكنه اختصر كل هذا ووقع الاختيار على أن يكون قاتل وصديق العمر ورفيق الدرب هو القتيل والإستيلاء على امواله
ضاربًا بكل هذا عرض الحائط .
كان يسرد ما حدث لهما لم ينكر شيئًا ولن ينكر الندم لايفارقه، كما لا يفارقه أيضًا صورته وهو يغدر به يطعنه في ظهره، يراه وهو يسقط على ركبتيه حتى افترش الأرض بجسده وسيل من الدماء تخرج من فمه .
اختلطت الدماء باالأرضيه التي يفترشها والد "جنه" سرقه وفر هاربًا غير مكترث لحالته تلك.
عاد "ناجي " من ذكرياته وهو يطرح سؤاله لأخيه.
الذي نكس رأسه خجلا وندما على امتناعه لمساعدة أخيه.
- كان صاحب صاحبه ولو كنت طلبت نور عيونه مكنش هيتأخر بس يشاء القدر إننا نتحط في نفس الموقف أنا وهو في نفس الوقت جت لك رفضت تساعدني
قاطعه قائلا
- دي وصية ابوك
هدر بصوته كله وقال
- ملعون أبو دي وصيه معلون أبو دي وصية تخلي الأخ يتخلى عن أخوه في اصعب الاوقات. بسببك وبسبب ابوك قتلت نفس بغير حق وعمر ربنا ما هيغفر لي أبدًا
﷽: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. صدق الله العظيم
قالها " حذيفه " مقاطعًا عمه الذي نزع يد والده عن فخذه بعنف وراح يكمل بهدوء
- ارجع لربنا واستغفر وصلي
رد عمه مقاطعا بحدة وصرامة
- اخرس يا واد إنت مش مستني واحد زيك يعلمني
نكس " حذيفه" رأسه ارضا وقال بهدوء
- آسف يا عمي
نظر والد " حذيفه " لابنة اخيه وقال بإبتسامته الواهنه
- معقول خورشيد عنده قمر كدا اسمك إيه
ردت مبتسمه بحزن
- بدور
راق له الاسم وقال بإعجاب
- اسم على مُسمى
تابع بفضول
- وعندك كام سنه بقى يابدور
- 25 ياعم
قاطعها والدها قائلا بحدة
- أنتي ملكيش اعمام. واحنا هنمشي من هنا يلا بينا
رد أخيه بعصبيه وقال
- هو إنت على طول كدا زي القطر بتاخد في وشك وتمشي اصبر عشان تعرف جايبك ليه
تنهد بضيق متسائلا بحنق
- عاوز مني إيه يامسعد ؟
رد ببساطه
- مش عاوز حاجه عاوزك تستلم ورثك ونرجع احباب من تاني
سأله بشك
- بسهولة كدا وليه بعد كل السنين دي
رد " مسعد" بعد أن نفذ صبره وقال
- إنت عارف كويس إن مليش في فلوسك حاجه ابوك الله يرحمه كان عارف إنك مجنون وبتجري يمين وشمال وكان حابب يحافظ على ثروته اللي جمعها
رد ساخرا وهو يصحح له قائلا
- قصدك يكبر ثروته بجوازي من بنت الشهاوي
تنحنح " مسعد " وهو ينظر لابنه وقال بتلعثم
- حذيفه خد بنت عمك وفرجها على الفيلا وادي خبر لدادة راضية تحضر أوضه لعمك وبدور
رد بحزن استشفه والده من نبرة صوته ما إن سمع الأخير يتحدث عن أمه بعدم اكتراث لوجوده
أشار بيده للخارج وقال بهدوء
- اتفضلي يا بدور
ما إن خرجا من غرفة الصالون عاد " مسعد " ببصره تجاه أخيه وقال من بين أسنانه
- يا أخي خلي عندك مخ وافتكر إن اللي بتكلم عنها دي مراتي ام ولادي
رد بدهشه قائلا
-يخرب عقلك إنت اتجوزتها إمتى وازاي ! دا أنا هربت يوم الفرح
رد بسخرية
-إنت هربت وأنا لبست مكنش في حل تاني غير إني اتجوزها عشان نلم الموقف
سأله بفضول قائلا
- وهي كان رأيها إيه ؟
أجابه بغرور
- طلعت كانت بتحبني
تابع بجديه
- بس طبعا معترفش كدا بسهولة أنا قلت لها لو عاوزة تنفصل تصبر شهر ولا اتنين وبعدها كل واحد يروح لحاله ربك بقى قرب بنا والمدة دي كانت تقدر تقول عليها فترة تعارف والحمد لله ربنا رزقنا بـ ولادين زي الفل حذيفه وخورشيد
لاحت إبتسامة خفيفه على ثغره وراح يقول بحنو
- سميته على اسمي يا مسعد
بادله الإبتسامه وقال
- كنت عاوز انطق اسمك على طول
تابع بتذكر قائلا
- صحيح هو إنت مش معاك حد غير بدور
رد بأسى
- كان في غيرها ولد ومات تاني يوم الولادة وبعدها امها حملت فيها ولما تعبت بعد الولادة. الدكتور منعها من الحمل بسبب قلبها وانا كمان منعتها بس حملت من ورايا وماتت قبل ماتولد وسابت لي بدور
تنحنح " مسعد " وقال بجديه
- أنا كلمت المحامي وجاي بكرا عشان نظبط كل حاجه ويرجع لك حقك
رد "ناجي" مقاطعا بجدية
- أنا مش عاوز حاجه باسمي عاوز كل حاجه باسم بنتي
تابع بحزنٍ وقهر
- اياك بس تسامحني على اللي عملته
ربت اخيه على فخذه وقال
- أهدأ وكل شئ هيتحل بإذن الله
- يارب يا مسعد
على الجانب الآخر من نفس المكان وتحديدًا في حديقه المنزل كانت تجلس بجسدها معه وعقلها مازال لا يستوعب ما حدث منذ قليل،وكأنه رفض عقلها ترجمة حديث والدها، أيعقل هذا والدها قاتل ومن والد صديقتها ! كيف ستواجهها كيف ستتحدث معها وأين سوف تأتي بالجرأة لهذا ؟
أما "حذيفه" كانت عيناه تسترقان النظر إليها كلما سنحت له الفرصه بذلك، لايعرف كيف يبرر فعلة عمه أو أبيه كلاهما السبب في مقتل رجل لم يراه لكن يشعر بألمها تلك النظرة يعرفها جيدًا نظرة الخذلان تجرعها من قبل عندما علم بما فعله والده بـعمه وغدره به حاول أن يعود بذاكرته للواقع ويتركه من ذكريات والده. والتففه حول والدته وثروتها ليجمع أكثر ما يمكن جمعه ليكون ثروة طائلة و ليس كما قال لأخيه أنه تزوج بدلًا منه لينقذ الموقف فكل شئ مرتب وبدقه عالية
تنحنح وهو يربت بكلماته على قلبها علها تنسى ما حدث
- كل واحد فينا لما بيتحط في موقف صعب تصرفه بيكون غير متوقع متزعليش
ردت مقاطعه بمرارة
- مزعلش ؟ ازاي معلش عشان اخد بالي اه خلاص فهمت. أنا هروح أقول لجنه. معلش يا جنه أصل بابا قتل باباكي عشان كان معذور في قرشين.
قاطعها هذه المرة وقال
- لو كان باباها اتحط في نفس الموقف كان
ردت بصراخ قائلة
- إنت بتبرر إيه ! ولمين هو كان في نفس زلموقف فعلا بس اتصرف بعيد عنه لكن
توقفت عند نطق لفظ (بابا) واستبدلته بلفظ
- عمك اختار الطريق الأسهل
رد بصوت هادئ و بنبرة تملؤها العتاب وقال
- عمي ميستاهلش منك كدا ولا يستحق القسوة دي هو غلط واحنا منكرناش دا لكن حسابه عند ربنا
- وجنه احط عيني في عينها ازاي، ازاي هقولها اللي طول عمرك بتقولي له يا عمي هو اللي قتل أبوكي
- أنا يمكن ماشفتش جنه صاحبتك ولا اعرف طريقه تفكيرها بس اكيد لو عرفت وفهمت اللي حصل وقتها هتعذره
اكتفت بالإبتسامه ولم تعقب على حديثه ربما اعتبرتها ثرثرة لهذا لايجب الرد عليها .!
لم يختلف الأمر في الصعيد وتحديدا في منزل الذي تُسجن فيه "جنه" كانت جالسه على طرف فراشها الوثير تنظر بعدم اكتراث لحجرتها الجديدة اطلقت تنهيدة قويه متمتمه بخفوت
- يارب
هبت واقفه من مكانها. متجه نحو الباب، وضعت يدها على المقبض الحديدي مترددة في فتحه حسمت أمرها وهي تضع يدها لتخرج من الغرفة
هبطت الدرج وهي تبحث عن جدها الذي كان يجلس في ديون العائلة، هتفت عدة مرات بصوتها حتى خرج وخلفه ابنه وحفيده، توقفت عند الدرجة الثالثه وقالت بصراخ
- أنا عاوزة امشي من هنا أنا مش هفضل هنا أكتر من كدا
رد "سليم " وقال بحدة وصرامه
- اخرسي يا بت وغوري على أوضتك دلوجه
وجهت سبابتها نحوه وقالت بذات النبرة
- أنا موجتهتش لك كلام أنا كلامي مع جدك
كاد أن يسير نحوها لكن منعه عكاز جده الذي توقف على صدره وقال جده بهدوء مريب والابتسامة تزين ثغره
- ملكش صالح إنت يا سليم سيباها لي
تابع بحنو وحب
- تعالي لي يا جلب چدك من چوا
تسمرت مكانها ربما تعيد حساباتها أو تنتظر إشارة عقلها تترجم لها ما يحدث أمامها حقا لا تعرف شيئا سوى أنه سحبها من يدها في هدوء وقادها نحو غرفته وطلب من " سليم " أن يتبعه
وفي أقل من دقيقيتن كانت تجلس جوار "سليم " وجلس هو مقابلتهما وضع بعض الأوراق الخاصه بها وقال بهدوء
- جولي لي يا چنه هو صُح أنتي اتچوزتي عمران ؟
للحظه أخذت تفكر في حديث "عمران " لها وهو يأكد مرارا وتكرارا انتشلها جدها من شرودها مكررا سؤاله لترد هي بجدية
- ايوا أنا وهو متجوزين وحضرتك شفت القسيمة
رد بجدية محاولا كظم غيظه قائلا
- لاه ماعاوزش ورج جاصدي هو اتچوزك صُح يعني بجيتي مرته
ردت بكذب وهي تنظر أرضا
- ايوا بقيت مرات
رد مقاطعًا بغضب واضح في صوته قائلا
- كيف ديه حصُل كيف ميتا ديه
ارتعدت من صوته وغضبه رمشت باحدابها عدة مرات متسائلة بخوف
- هو في إيه ؟
نظر " سليم " لها ثم عاد ببصره لجده وهو يضمم أنامله ليقول بخفوت
- بالراحة مش كِده يا چدي
تنهد الجد بعمق قبل أن يمسح بيده على ظهرها و راح يقول بلهجه المعتذر
- متزعليش يا جلب چدك
تابع بجدية
- اطلعي لزين وعاوزك توعي لحديدتي ديه زين
ردت بفضول
- كلام إيه ؟
احتضن وجهها وقال بهدوء
- هتطلجك من عمران وبعدها هاكتب لك عشرة فدن مش بس كِده لاه هچوزك أحسن راچل في الدنيا كلتها وهوزنك دهب
ردت بعدم فهم
- قصدك إيه مش فاهمة عاوزة توصل لإيه
اجابها بطريقه عمليه
- الورج ديه فيه كل شبر أبوكي الله يرحمه كان يملكه مش بس كِده لاه فوجيهم مليون جنيه مؤخرك من عمران ولسه مهرك من عريسك الچديد قولي موافجه وشوفي چدك هيعمل إيه عشانك
فرصة لن تعوض حقا ماذا تفعل ترفضها أم تقبل بها والأهم من هذا كله ما مصير عائلة والدتها ؟
ردت بسرعة قائلة
- ايوا بس عمران هتعمل معاه إيه ؟
اعتبرها جدها أن هذه الجمله بمثابه موافقه مبدئية، نظر لحفيده وهم يتبادلان الإبتسامه في آن واحد وقف الجد عن مقعده وقال بجدية مصطنعه وهو يشح بنظره نحو النافذة وقال
- ربك هيسويها المهم إن المبدأ موچود الباجي سهل
لم يفهم سؤالها لمتقصد هذا بالطبع هي لا تريد الغدر به لأنها لم ترى منه إلا الخير فكيف هي تفعل عكس ذلك .!
طلبت منه العودة إلى بيتها فرفض وبرر لها بأنه يتوق شوقا لها عادت إلى سجنها .!
أما في غرفة " عمران " بالمشفى كان يتألم من آلالم رأسه الذي عصف به كان يجبر عيناه على فتحهما وهو يضع يده على جبهته، أوزع نظراته حوله ليجد نفسه بإحدى غرف المشفى وليس غرفته كانت جالسه على المقعد الخشبي المجاور للسرير أيقظها بصوته المتعب وهو يقول بخفوت
- چميله چميله
رفعت وجهها له تفحصته وقالت بلهفه
- عامل إيه دلوجه يا عمران
فين چنه وإيه اللي حصُل ؟
كان سؤاله سريعًا، سريعًا لدرجة لا تتوقعها كيف بهذه السهولة يسأل عن غيرها، حاولت أن تشغله في آحاديث أخرى لكنه كرر سؤاله بحدة هذه المرة
قائلا
- بجل لك فين چنه هي زينه ولا حصُل حاچه
لم تتحمل كل هذا كفى لن تتحمل أكثر من ذلك
ردت بصراخ قائلة
- چنه بخير متخافاش عليها كِده هيحصُل لها إيه يعني للدرچة ديه واكله دماغك يا عمران ؟
تابعت بمرارة قائلة
- أني يا عمران اللي لازم تفكر فيها كِده أني ومحدش تاني
تحامل على نفسه ليعدل من جلسته وهو يقول لها بهدوء وعقلانيه
-يا چميله أني عمري ما وعدتك بجاچه ولا جلت لك إني هتچوزك أني كنت صريح وياكي من أول لحظة لما چيت واتحددت وياكي في الچامعه أرچوكي ابعدي عني وعيشي حياتك أنتي الف واحد يتماناكي
- مش عاوزة من الالف دول غيرك يا عمران
- يابت الناس عيشي مع واحد يحبك صُح واحد يشيلك چوا جلبه جبل عينه أنا واحد متچوز وبجالي بيت ماينفعش اخربه
-دلوجه بتجول بجى ليك بيت ! وحديتك ليا في الچامعه كان إيه ؟
رد مصححا
- لاه خلي حديتك واضح يا چميله يوم ما چيت لك واتحددت وياكي كان مچرد حديت عادي جلت خلينا اصدقاء في الچامعه ولماسألتك عن نوايا چدك جلت عاوزة تجولي جولي، جلتي هجول ولما حسيت إن جُربك ليا ديه اترچم غلط عنيدكي جلت ابعد يا واد وملكش دعوة بيها
تسمرت مكانها تستمع لكلماته الذي نزلت عليها كالحمم تُشعل قلبهاوتدمر نياطه دون رحمة، العجيب أنها تعلم هذا جيدًا، لكن قلبها يأبى الإعتراف بهذا ويريد تتويجه عاشقًا .
اطبقت على جفنيها وهي تبتلع غصتها بمرارة، اليوم وضع نهاية عشق لم يكتمل سوى بعقلها فقط . فتحتها عيناها المصبغه بالاحمرار، رفعت سبابتها في وجهه وقالت بصوت متحشرج إثر البكاء
- خليك واعي لحاچه واحدة يا عمران وهي إنك لو في يوم هتبجى لحد هيكون الحد ديه هو أني وبس غير كِده جول على نفسك يا رحمن يا رحيم
خرجت من غرفته بالمشفى بخطواتها المتعثرة وصلت إلى المصعد بصعوبه بالغة لاتعلم كيف نجحت في أن تصل إلى سيارتها بهذا الجمود
أما هو زفر بقوة وهو يجلس على طرف سريره وكأنه جبل جاثم على صدره، واليوم فقط تم إزالته
ربما كان ينقصه هذه المواجهة وتم على خير من وجهة نظره .!
بعد مرور يومان
جلست على الأريكه الخشبيه محتضنه الوسادة الصغيرة بين ذراعيها، مضطربة عن الطعام يومان بدأت تشعر بالتعب، رغم كل هذا لم تتراجع عن طلب العودة، جلس جوارها بعد أن أشار للخادمة بالرحيل بعد أن وضعت (صنيه الطعام) على سطح المنضدة شاحت بوجهها للجهة الأخرى كي لاتتحدث معه بعد هذا اليوم العصيب بينما هو فجائها بحديثه قائلا
- لساتك زعلاني مني معلش حجك برضك، بس لما تعرفي مين هو سليم السيوفي هتنسي زعلك مني
ردت بنبرة تغلفها الحزن
- مش عاوزة منك حاجه ولا عاوزة أعرف عنك حاجه كل اللي عاوزه إني ارجع بيتي
- ماهو دي قمان بيتك !!
- لأ مش بيتي وحاسه نفسي غريبه هنا
- طيب تعالي نتفج اتفاج كُلي وكلك كلتاه وأني أخليكِ تروحي بيت چدك بكرا
سألته بلهفه
-بتتكلم جدا ياسليم ؟
اجابها بنبرة صادقه
- والله بتكلم چد الچد كمان
سألته بتوجس
- طب وجدك ؟
أجابها بثقه
- مش أني اللي چبتك يبجى أني اللي هوديكي وبعربيتي قمان
تابع مازحا
- اشربي النسكافيه ديه أني اللي عامله بيدي
نهض عن الأريكه وقال بجدية
- عندي شغل كتير كُلي وكلك ولما نرجع هنتحدد كتير
ردت مقاطعه بخجل
- ممكن طلب ومش هأخرك والله
جلس مرة أخرى وقال باسما
- اتفضلي يا چنه جولي
-كنت عاوزة اعمل مكالمة من تليفونك لأن نسيت تليفوني هناك عند جدي
دس يده في جيب سترته الرماديه وقال بمرح
- اتفضلي ياستي التليفون اهو بس هاخد حج المكالمه
تناولت الهاتف من يده وقالت بامتنان
- متشكرة قوي يا سليم
ضغطت على أحد أزراره ثم اعادته وقالت
- دا لي باسورد خد اكتبه
رد بسرعه دون أن ياخذه
- اكتبي 11 11، ديه تاريخ ميلادي
ابتسمت له وهي تكتب بسرعه الرقم الذي تريد الاتصال به قائلة
- سبحان الله دا نفس تاريخ ميلادها
قطب مابين حاجبيها وقال بفضول
- مين دي ؟
وضعت الهاتف على أذنها وقالت
- بدور صاحبتي
وقبل أن تكمل حديثها ردت بلهفه قائلة
- آلو ايوا يا بدور أنا جنه الو الو الو
نظرت إلى الهاتف بتعجب وهي تقول بدهشه وذهول
- غريبه دي
- في إيه ؟
- بدور ردت عليا ولما عرفت إن أنا قفلت
- يمكن بتحسب حد بيعاكسها ولا حاچه
- هي أصلا مبتردش على أرقام غريبه بتفتح وتسكت ولما تعرف إن صوت ست بترد
تابعت بجدية وهي تعاود الاتصال بها قائلة
- يمكن الخط فصل أنا هكلمها تاني اكيد هترد مش معقول تكون قاصدة
كررت الاتصال أكثر من ثلاث مرات حتى تمكن اليأس منها فأعطته هاتفه وقالت بيأس
- اتفضل تليفونك مافيش فايدة مش بترد شكلها فهمت فعلا إن رقم بيعاكس
نهض عن الأريكه وقال بجدية
- خلاص لما اتحددت هابجى افهمها الموضوع هاسيبك دلوجه وبكرا بإذن الله هرچع من النباطشيه وهنروح لچدك
ردت بإحباط
- لسه بكرا
- هانت كلها ساعات خلصي واكل وأني هرتب كل حاچه وتروحي عند چدك سلام عليكم
تركها في ذات اللحظه التي ولجت فيها ابنة عمه رمقتها بنظرات غيظٍ وحقد شديدان، عقدت ساعديها أمام صدرها وقالت بنبرة حادة
- أنتِ مرات عمران الهواري ؟
اعادة الكوب مكانه وهي تمئ برأسها علامه الإيجاب متسائلة بفضول
- ايوا اومال أنتِ مين
ردت بجدية دون تردد
- أني اللي جعدة في جلبه أني اللي كان لازم تشيل اسمه أني اللي كل نفس طالع ولا داخل من صدره بيجول بحبك
يا چميله عرفتي أني مين ياشاطرة
ردت بهدوء ظاهري
- أنتِ الماضي اللي كلمني عنه مبسوطة أني شفتك يا جميله رغم إن بقالي يومين في البيت وأنتي متجنبة الكلام معايا لكن دلوقتي فهمت ليه
تركتها تلعن حظها التعيس مرة وعمران مرتين
تزوج بها ولديه حبيبة كيف هذا، كانت تظن أنها ستبني بيتًا جديدًا بدلًا التنقل هنا وهناك
كانت تصعد دراجات السلم درجة تلو الأخرى بخطوات متثاقلة وعقلها كاد أن ينفجر كيف هذا يحدث يومًا واحد ستبدأ في حل مشاكلها بهدوء وحذر وأولى هذه الخلافات انفصالها من "عمران" . !
ليه كدا يابدور ليه قافلتي في وشها وأنتي متأكدة إنها هي
قائل هذه العبارة "حذيفه" الذي كان يعتابها بكلماته أما هي كانت شاردة في ذكرياتها معها ضحكاتهن، أحزانهن، جنونهن، ومشاكساتهن لبعضهن البعض كل هذا تذكرته وكأنه شريط ذكريات يمر أمامها، كيف يمكنها أن تكتم ماحدث لوالدها والأصعب كيف يمكنها أن تحكي لها أن القاتل هو أبيها وليس شخصًا آخر .!
انتشلها من بئر ذكرياتها بصوته الهادئ وهو يطرق بأنامله على سطح المنضدة الخشبيه وقال
- بدور سرحتي في إيه ؟
ردت بشرود
- ها لأ أبدًا
تابعت بعتذار قائلة
- عن أذنك يا حذيفه هطلع أوضتي عشان تعبانه شوية
- مش هتتعشي معانا بقالك يومين مبتكلميش عمي والنهاردا كمان كدا مينفعش
- معلش حاليا مش هقدر اتكلم معاه عن اذنك
بعد مرور ساعتين من التفكير الطويل قررت أن تتحدث معها وتسرد لها ماحدث لن تتحمل
هذا الجبل يجثو على قلبها أكثر من ذلك
التقطت هاتفها الموضوع على سطح الكومود
ثم قامت بالاتصال على هاتفها وجدته خارج التغطيه تنهدت بإحباط، سرعان ما وجدتها قامت بالاتصال الرقم المجهول الذي هاتفتها منه منذ قليل .
خفقات قلبها كانت تتزايد كلما طال الرد، انقطع الرد أول مرة وكأنه القدر لا يريد كشف المستور، كررت الإتصال علها تجيب هذه المرة
وقبل أن تغلق الهاتف أتاها الرد و"سليم" يتحدث بهدوء
- سلام عليكم، الو الو، في الحجيجه ديه مش تليفون چنه ديه تليفوني أني الدكتور سليم واد عمها، وحاليا هي مش چنبي بس هي كانت حابه تتطمن عليكي، حضرتك معايا ولا جفلتي التليفون ؟! طب كويس كنت بحسب بحدد حالي ، خير اتفضلي، حاچه إيه ؟
ماله والد حضرتك، الو الو الو
نظر " سليم " إلى هاتفه ليتأكد أنها اغلقت الهاتف في وجهه وليس ظنًا منه، تمتم بتعجب
- غريبه ديه ! ياترى ماله أبوها وجصدها إيه إن الصاحب مبجاش صاحب
كاد أن يعاود الإتصال بها لكنه ترك الهاتف ما إن جاءته حالة طارئة .!
وبعد مرور ساعات طويلة عليه بين مرور المرضى وقضاء بعض العمليات الجراحيه، مازال يومه طويل لا يعرف متى سينتهي، قرر أن يمر ليطمئن على صديقه مبررًا له بأنه داخل إطار عمله ليس إلا .
كان " عمران " يتابع بطرف عينه حال صديقه
الذي يتابع بجدية تقارير حالته، ابتسم بطرف فمه وهو يقول بسخرية
- زي الجطط بسبع أرواح يمكن تخرچ بكرا ولا بعده
رد بذات النبرة بغرور
- هواري وولاد الهواريه ميبجوش ضعاف واصل
رد " سليم " مقاطعا بسخرية
- بلاش وحياة ابوك الغرور اللي فيك ديه هو ربك بس رايدك تعيش عشان هتموت بطريجه تانيه واصل
استطرد "عمران" بجدية مصطنعه
- بجل لك عاوز اشرب سيچارة والممرضه خدت مني السچاير وجالت لي إنه أمرك كلمها تچبها
استدار " سليم " بجسده له وقال،
ثم وضع يده في خصره وهو يرقص حاجيبه الكثيفان باستفزاز
- لاه مافيش اصل صدرك تعبان وأني خايف عليك يا صاحبي
جلس على المقعد المجاور للنافذة وهو يشعل لفافة تبغ، نفث سحابه دخان كثيفه في سقف الغرفة ثم نظر لعمران وقال بجدية مصطنعه وهو يضع ساق فوق الأخرى
- إنما لو هتتحايل عليّ شوي كد ساعتين مثلًا ولا حاچه مستعد اديك واحدة من معايا
رد "عمران " بغيظٍ شديد وقال
- بطلتها مش عاوز اشرب سچاير صدري تعباني
شاح بوجهه تجاه الباب وهو يلعنه بسبابه اللاذع، أما "سليم " وقف عن مقعد متجهًا نحوه جلس على طرف سريره وقال وهو يمد له بلفافة تبغ
- خد متزعلش كيف العيال الصغير كِده
رفض " عمران " على مضض بينما أصر
" سليم " على تناولها وقال بجدية
- خد بجى اتوحشت الحديت يا واض
رد بتحذير قائلا
- بس ماتجلش اتوحشت
ضحك سويا على حديثهم ثم ساد الصمت بينهما لتذكر كلًا منهما ذكرياتهم المشتركة بينهم، وفي آنٍ واحد تبادل العناق
وربت كلًا منهما على ظهر الآخر .
تمتم " سليم " بخفوت والإبتسامة تزين ثغره
- حمد الله على سلامتك يا صاحبي
رد " عمران " بذات الإبتسامة
- الله يسلمك يا صاحبي اتوحشتك
- أني قمان ياعمران اتوحشتك واتوحشت الجعدة وياك
خرج " سليم " من حضنه وهو يقول بنبرة حائرة
- وبعدين يا عمران وبعدين في بحر الدم اللي مش راضي يتجفل ديه ؟
ردت النبرة وقال
- مخبرش والله ياسليم كل ما بحاول احلها چدي وچدك يعجدوها أكتر واكتر
- هو صُح اتچوزت چنه ؟.
- ايوه وإنت شفت بعينك الجسيمة !
- لاه جصدي
توقف عن تفسير حديثه، بينما استشف "عمران" علم بخبرة رجل يعلم ببواطن الأمور ماذا يريده فرغ فاه "سليم" ليكمل حديثه لكنه منعه من ذلك قائلا بحدة واضحه في نبرته
- سليم اظن ديه حاچه خصوصيه ومش من حجك تتدخل فيها
- أنت فهمتني غلط ياعمران انا كل جصدي
- جفل على الموضوع ديه يا ابن الناس وبالنسبه للخلافات اللي بين چدك وچدي هتتحل أني حاسس إن چدك هيوافج المرة دي
ابتسم بطرف فمه وقال بحزن
- تبجى بتحلم يا صاحبي عشان كِده رايد اعرفك حاچه مهمه
- حاچه إيه؟
- چدي مش هيعدي اللي حصُل يه بالسهل كِده
- جصدك إيه ؟
وقف من على طرف السرير. وهو يقول بتوجس
- ربك يستر على اللي چاي يا صاحبي تصبح على خير
حديث مبهم، صلح جاء بعد مرور سنوات، شرود من جديد، وتفكير طويل ليعرف ما الذي يقصده .!!
وفي عصر اليوم التالي
كانت تنتظره خارج المنزل بعد أن تجاهلت جدها الذي يدللها وينفذ لها كل رغباتها دون نقاش يريد أن يكتسب ثقتها يريد عندما يقع الاختيار يقع عليه هو .
نظرت في ساعه معصها للمرة المئة بعد الالف وهي تزفر بحنق متمتمه بضيق
- كل دا تأخير يا سليم
ما إن انهت جملتها تلك توقف بسيارته أمامها
ترجل منها متسائلا بفزع
- واجفه كِده ليه في حاچه حصُلت ؟
ردت وهي تستقل سيارته قائلة
- لأ بس أنا نفذت وعدي وأكلت أنت كمان نفذ وعدك ليا
رد ممازحا
- وشربتي النسكافيه ولالاه ؟
اجابته بامتنان
-ايوا شربته وكان تحفه تسلم ايدك
تابعت بصوت مرتفع
- يلا بقى عاوزة اروح اشوف جدي
رد بنبرة متعجبه
- واه مش هتروحي تشوفي چوزك ؟
- مش هو عند جدو ؟
- لاه في المستشفى عنيدنا محچوز بجاله كام يوم
كان يقود سيارته وهو يستمع لها باهتمام
- طب بص هروح الأول ازور عمران
تابعت بمكر
- ماهو جوزي وزيارة الزوج واجب بردو
ثم ختمت حديثها قائلة
- وبعدها هروح لجدي عشان واحشني
وبعد مرور نصف ساعه
خرج " سليم " من المصعد الكهربائي وخلفه "جنه" قادها إلى غرفة " عمران " الذي كان يشاهد أحد الأفلام العربيه القديمه، طرقات خفيفه ثم ولج بعدها، ابتسمت لها إبتسامة مزيفه وهي تلوح بيدها له، تعجب من مجيئها إلى هنا وقبل أن يسألها عن شئ جلست وقالت بجدية مصطنعة
- ازيك يا عمران عامل إيه دلوقتي ؟
- الحمد لله زين وأنتي كيفيك دلوجه ؟
- أنا تمام
تابعت بجدية وهي تنظر لـ سليم قائلة
- هو عمران هيقدر يخرج إمتى ؟
- يومين كِده
وقبل أن يكمل حديثه صدح رنين هاتفه معلنًا عن وصول رسالة نصيه لرقم مجهول قام بفتحها وقبل أن يخبرها أن صديقتها صمت ليكمل الرسالة
( أنا آسفه أني قفلت في وشك التليفون بس أرجوك بلاش تجيب سيرة لجنه إني كلمتها ولا تقول أي حاجه أرجوك تحتفظ بالموضوع ومتعرفهاش حاجه، أنا آسفه مرة تانيه )
يتبع
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية لتحيا نيران العشق) اسم الرواية