رواية كوثر الفصل الرابع 4 - بقلم Lehcen Tetouani
…سألت كوثر والدتها من تكون امها الحقيقية وكيف أتى هذا الطفل لهذا البيت
فأخبرتها القصة كاملة التي أخفيت عنها منذ ولادتها لهذه اللحظة فقالت لها أمك ياكوثر في الحقيقة قبل ان تتركك في قارب والدك فعلت ذلك عمدا فقبل ولادتك بحثت كثيرا عن المكان المناسب والأسرة التي تستطيع ان تستأمن على فلذة كبدها
حيث علمت عنا اننا لاننجب اطفالا ووالدك كان إنسانا معروفا امام الجميع بخصائله الحميدة واخلاقه الطيبة
وحكاية امك كبقية القصص أحبت شابا بجنون و عندما علم ان امك حامل بك لم يتركها ولم يكن نذلا بل واجه عائلتها وعرض الزواج من إبنتهم
ولكن عائلة والدتك رفضوا رفضا قاطعا الزواج منه لان والدك كان ينسب إلى عائلة بينهم ثأرا منذ القدم وإستحالة ان يرتبط احد أفراد من كلتا العائلتين وهنا وقعت الصدمة على امك فبعد فضح حملها أصرت عائلتها التخلص نهائيا من هذا المولود الذي لم يرزق بعد وذلك بإجهاضه
ولكن والدتك أصرت على الحفاظ بك وعانت من عائلتها الأمرين وعندما حان موعد ولادتها ولدتك امك على الشاطيء وتركتك على القارب خوفا من عائلتها ان يتخلصوا منك ولن تراك مجددا
بعد وضعك في القارب هربت امك ووالدك برا إلى بلدة مجاورة بعد ان تأكدا أننا أخذناك وقبلناك مابيننا
بعد مرور السنين وبالضبط بعد وقوع سطو القراصنة على أطفال المنطقة عادت امك للبحث عنك وهي تحمل هذا الصبي الذي كان انذاك عمره سنتين وكم تعبت وندمت وبكت وقاست وتألمت لما سمعت انك اختطفت من القراصنة. ولكن قلبها كان يحدثها دائما انك بخير وستعودين إلى منشأك ذات يوم
منذ تلك الفترة وامك لم تيأس برجوعك وكانت دائمة المجيء عندي خاصة بعدما علمت اني أصبحت وحيدة بعد قتل والدك كانت تساعدني في العيش وتتطقس على احوالي من فترة إلى اخرى حتى اصبحت لي كصديقة وأعز فلولا هي لما علمت كيف أصبح حالي من بعد رحيلكما انت ووالدك
وهذا الصبي هو ونس وحشتي الآن حيث يتركانه والديك ويذهبان للعمل ومساءا يأخذانه ليعودا إلى منزلهما فهما إستقرا هنا اخيرا بعد ان توفى والد امك اي جدك ياكوثر.
هذه هي كل القصة ولم يبقى إلأ القليل وستجدين والديك الحقيقين هنا أمامك وسيندهشان لما سيرونه فأمك صادق حسها فعلا ولقد عدت مابيننا ياعزيزتي من جديد.
لم تندهش كوثر كثيرا مما سمعته من الدتها فهي اصبحت لاتتأثر بشيء ربما تجمدت مشاعرها من الاحداث التي عاشتها وراء بعضها البعض وهي مازالت صغيرة
بعد لحظات طرق الباب وعلمت كوثر انه حان الوقت لمواجهة الحقيقة حقيقة رأية والديها الاصليان فأصرت ان تفتح الباب هي وفي يديها الوشاح الازرق الذي خبأته لها والدتها بالتبني يوم وجدت كوثر على القارب وهي رضيعة ملتفة به
وماإن فتحت الباب كوثر على مصراعيه حتى وجدت صورة جميلة لإمراة حسناء متشبطة بيد رجل حسن المظهر علمت انهما والداها بصراخ أخيها وهو ينادي ماما بابا من ورائها وهو يجري نحوهما ليحتضنهما اما والدة كوثر عندما رأت الوشاح الأزرق خفق قلبها بشدة واصبحت ترتجف وتمسك بذراع زوجها بقوة واليد الأخرى تقوم بإشارات الصليب على وجهها ثم سقطت مغشاة عليها.
لم تتوقع يوما كوثر ان والديها الحقيقيان هما ليس مسلمين وتعجبت للقدر ان يمنحها اجمل واحن وارقى ثلاث امهات من ديانات مختلفة في الدنيا وهل ياترى مالذي مازال يخبأه لها القدر بقية حياتها
سعدت كثيرا كوثر باللمة العائليةالتي احضت بها عن دون غيرها بثلاث امهات ذو جنسيات وديانات مختلفة كل واحدة منهن لها معزة خاصة في قلبها والغريب انهن يجتمعن على مائدة واحدة ياكلون من نفس الطعام وهن مسرورات بان كوثر هي من جمعتهن على طاولة واحدة فوق ارض واحدة ومنزل واحد
مع الايام تعرفت كوثر على التفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة التي طرأت على البلدة منذ ان رحلت عنها فكم وجدت إختلافا واضحا بها وهي تتذكر القليل من ملامح الاماكن والعادات وطباع الناس التي كانت تتصف بها سابقا ومن بينها ذلك الشاطيء الذي خلف وراءه مشهدا مروعا بإختطافها انذاك بانه إختلف كثيرا واصبح على شطه سفن وبواخر عملاقة واناس تصطف بكثرة من كل عرق ولون.
كما تعرفت على والدها عن قرب الذي ابهرها عقله كيف يفكر بحكمة ورزانة وبالاخص اخوها الصغير الذي سيطر حبه على قلبها في وقت قصير. فهو ليس بشقي إنما هو خجول وطيب بالرغم من صغره فهو لم يمانع ان يعتني بنورية التي تبنت كوثر قبل ان تسرق ويفعل ذلك في الوقت الذي كانا يعملان فيه والديه خارج المنزل.
ولكن الفرحة لم تكتمل لكوثر ككل فرحة ياتي بعدها حزن. كأي فرحة زائرة تعد بالمغادرة في وقت قصير على الفور.
تفاقمت حالة نورية للاسوء وكان عليها ان تستبدل كليتها في اسرع وقت وإلا لم يبقى لها إلا اسابيع فقط
بعد ان علمت كوثر بالخبر لم تستطع ان تفارق نورية في مرقدها ولو للحظة ولم تدع يدها التي كانت تقبلها كلما تناديها بإسمها فهي إشتاقت لليد التي حانت على راسها وعلى حضنها التي كانت تلتجأ إليه في عز خوفها وفرحها عند الطفولة ذاك الحضن الذي مازالت تحتاج إليه حتى وان يظهر عمرها الحالي عكس ذلك
وفي تلك الاثناء قررت كوثر ان تفعل المستحيل لكي تنقذ امها نورية
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية كوثر) اسم الرواية