Ads by Google X

رواية لتحيا نيران العشق الفصل الثالث 3 - بقلم هدى زايد

الصفحة الرئيسية

  

رواية لتحيا نيران العشق الفصل الثالث 3 - بقلم هدى زايد

الفصل ال3
          
                
بدأ يطهر الجرح ويضمضه بتركيزٍ عالِ،  انتهى من  عمليته البسيطة مايقارب الساعة تقريبًا،  خرج من العمليات  وجد جده بجوار صديق الدرب محاولًا اطمئنانه بطريقه غير مباشرة ابتسم  لهذا المشهد الذي لن يتكرر ابدًا  بهذه البراعة والصدق في المشاعر . 



تنحنح وهو يجيب  الحاج " ايوب "  على سؤاله قائلًا 
- خير يا ولدي   عمران عامل إيه دلوجه ؟ 
- اطمن يا حاچ عمران بخير وخرچنا الرصاصة  هو بس هيفضل في الرعاية 24 ساعة تحت الملاحظة  وبعدها هيتنجل أوضه عادية 



تنهدت " جنه " بإرتياح شديدة  وكأن الجبل الجاثم على قلبها سقط للتو،  جلست جوار جدها وقالت بهدوء 
- الحمد لله يا جدي إنها عدت على خير  روح إنت ارتاح وأنا هفضل هنا 



قاطعها " سليم "  بحدة وصرامة متبادلا في جزء من الثانيه وهو يقول 
- هتجعدي فين يا بت البندر  فاهمة نفسك  في مصر إياك   أنتِ هتروحي ويانا  عشان في حديت كتير عاوزينك فيه 



ردت مقاطعه بحدة لا تقل عن حدته  وهي تقف عن كرسيها لتقف مقابلته وترد على حديثه مشيرة بسبابتها نحو غرفة العمليات قائلة
- اللي جوا دا جوزي  وأنا ضربته بالنار وهو بين الحيا والموت فاهم أنا بقول إيه !! أنا مش هتحرك من هنا وأعلى ما في خيلك  اركبه 



قبض على جزعها بقوة جعلتها تتأواه وهي تتخبط في خطواتها المتعثرة إثر سحبته المجرجر لها كالبهائم  غير مبالٍ  نظرات كل من يعمل في المشفى خاصته،  خرج بها  والقى بجسدها عنوة في سيارته  ثم استقل في مقعد القيادة،  متجهًا إلى بيتها الجديد،  ظلت تدفعه في كتفه تارة وتضرب ظهر مقعده تارة أخرى .



يا حاچ نعمان اللي ولد ولدك عمله ديه كبيرة جوي  كيف ياخدها كِده  وهو أني مش مالي عينه ولا إيه 



أردف " ايوب"  عبارته بصوته المرتفع وغضبه الشديد،   بينما تحلى "نعمان"  ببرودة الاعصاب وهو يقاطعه مصححًا 
- واد ولدي اخد بت عمه لدارها  اهدأ  كِده واعرف إنت بتتحدد كيف، ولو كان حد  يركبه الغلط يبجى إنت الحد ديه يا ايوب 
- طول عمرك كيف لوح التلچ يا نعمان  يا بچم افهم أني برئ من دم ولدك متخليش الغچر تفرج بينتنا 



وقف عن كرسيه وقال بصوت مختنق 
- مين اللي جال إن ولدي هايچي لي في كفن وماهيفرحش ببته واصل  مش إنت ومين اللي جال  إن ولدي هيدفع التمن مرتين  مرة على چوازه من بتك والتانيه على هروبه ببته  بعيد عنيك  مش إنت إياك ؟ 



رد بصراخ قائلا 
- ايوه جلت بس منفذتش حديدتي  كانت ساعة شيطان  وراحت لما شفت بت بتي بين يدي  



تابع بصوت مختنق  وقال 
-  غصب عني يا نعمان بتي كسرتني وخرچت عن طوعي  واتچوزت ولدك  جهرتني ومعرفتش اجيم راسي وسط الناس، دورت وراها في كل بلد شوي لحد ماعرفت انه خدلها مُطرح في سكندرية  چن جناني  يوم ما عرفت، رحت لها عشان اجتلهم  ولما وصلت لجتها چثة وسايبة حتة لحمه حُمرا،   اسمها چنه خدتها في باطي،  اشم ريحة امها فيها بكيت كيف الحريم، خابر اللي بجوله دلوجه مافيش منه فايدة بس ربنا يشهد إن ديه هو الحج 




        
          
                
ساد الصمت لحظات  وكلًا منهما يسند برأسه على بعكازه،  رفع  " نعمان " راسه وقال بمرارة في حلقه 
- ولدي مات كيف يا ايوب وجال إيه جبل ما يموت اتوسلك  ولا حب على يدك  ولا مات راچل 



رد " ايوب "  بنبرة  صادقة وقال 
-  والله العظيم  أني برئ من دمه ومخابرش مين جتله  منكرش إني كنت هعملها، بعد دفنت بتي  بس عاودت سكندرية لجيته طفش منيها  بعد ماعرف إن چيت وخدت بتي ادفنها، بعدها بسنتين كِده وصلت لمكانه  بس كان اتجتل  معرفش مين اللي جتله كان اللي عاوز اعرفه وجتها فين بت بتي عشان اخدها واربيها ولما عرفت كنت إنت بتدور عليها قمان،  كانت الولية أم فتحي اللي بتخدم بتي  وياها هربتهم بعيد وكل شهر كنت ببعت لهم فلوس تعيشهم  واعرف اخبارهم من واحد بيچاي ياخد الفلوس  ولما ام فتحي ماتت البت بعتت لي وعاوزة تعاود بلدها  



سأله بحزن قائلًا 
- وهي عرفت كيف إنك چدها 



أجابه بهدوء 
- ام فتحي چالها المرض الخبيث  بعيد عنيك وكانت فاكرة إنها هتموت جامت جالت لها  وماتت بعدها بسنتين  



ختم حديثه وهو يستدار بجسده نصف جلسة وقال برجــــاء 
-  نعمان تعال نوجف بحور الدم ديه  ونرچعوا كيف لاول 



نقر بعكازه على الأرض  مفكرًا في حديثه، ثم قال بهدوء مريب يعلمه جيدًا "ايوب"
- اطمن على ولد ولدك وبعدها لينا جعدة يا ايوب  



سأله بتوجس 
- وچنه ؟ 



رد سؤاله بسؤالًا آخر 
- مالها ؟ 
- هتچبها ميتا ؟ 
-  بت ولدي هتفضل في داري  ودار ابوها لحد ربنا ما يأذن لها بالخروچ منيه 



قاطعه بعصبية واضحة على وجهه وقال بسبابه المعتاد عليه 
- كيف ديه يا بچم  چوزها مرمي اهني بين الحيا والموت  وإنت عاوزها 



ضرب بعكازه على الأرض  وقال  بحدة 
- كفاياك تمثيل لحد كِده يا ايوب 



رد بذات النبرة  وقال بغضب 
- عليا الطلاج مرته ودخلتهم كانت  امبارح   واسألها لو  مش مصدجني 



وقف عن كرسيه  وسار بخطوات الواسعة لرجل في عمره،  كان يتحدث وهو يتابع سيره حتى وقف عند باب المصعد الذي انفتح ما إن ضغط على أحد الأزرار 
- لو چنه طلعة متچوزة عمران صُح يبجى اترحم عليه  عشان سليم هيزعلك عليه چامد جوي، ولو طلع كلامك ديه كدب يبجى حضر كفنين واحد لي والتاني ليك 



ولج المصعد قبل أن يستمع إلى رد صديق عمره الذي نفذ صبره في اقناعه . 
مال برأسه على مقدمة العصا العاجي، وقال بخفوت 
- ربنا يعدي الأيام ديه على خير 



                   *********



على الجانب الآخر  من نفس المدينة وتحديدًا  في منزل الحاج " نعمان"  كانت تترجل من سيارته الفارهة جرها خلفه كما فعل في المشفى كانت تحاول فك قبضته الحديدية التي كادت تبتر كفها،  صعدت ثلاث درجات ثم ولجت البهو الكبير ترك معصمها ما إن صرخت به حتى يتركها وشأنها،  رفعت يدها لتصفعه تفاد هذه الصفعه وقام بمنعها،  تقابلت الأعين في مواجهة شراسة  نيران داخل ملقتيه تتقابل بتحدٍ في حدقيتها،  رفع سبابته في وجهها وقال بحدة وصرامة
- من اهني ورايح خروچك من اهني هيكون على تُربتك  




        
          
                
رفعت سبابتها لتتحدث بذات النبرة 
- لو فاهم إن عمران هيسكت على اللي بتعمله دا تبقى بتحلم 



رد مبتسمًا بسخرية
-  عمران ولا هيجرب من اهنى خلاص يابت البندر ماحدش يجدر يجرب من عرين الأسد 



ردت بثقة  قائلة
- هتشوف يا سليم هتشوف



هدر بصوته الجهوري حتى أتته الخادمة وجسدها ينتفض قائلة بذعر 
- ايوه ياسيدي 
- اخفيها عن وشي وماتشوفش عتبة الدار ديه واصل ولو حُصُل هتبجى روحك بعيدة عن چسمك 
- حاضر ياسيدي اللي تؤمر بيه 



صعدت " جنه"  إلى غرفتها الجديدة بالبيت الجديد مع اناس جدد وشاب غريب الاطوار 
ادخلتها الخادمة عنوة، الجميع يتعامل معها بعنف عكس ما تعامل معها عائلة والدتها،  جلست على حافة السرير، دفنت وجهها بين راحتيها تبكى على حالتها تلك  .



رفعت رأسها وهي تتنهد بحرقة،   مالذي فعلته حتى يحدث كل هذا، حديث جدها ينفذ بالحرف توقعته كانت بمحلها ماذا تفعل لتنقذ كل هذه الأرواح.   لعنت حظها مرة وحالها مرتين، طرقات خفيفه  ثم ولجت الخادمة وبين راحتيها وجبة غداء خفيفه وضعتها على سطح المنضدة الخشبي، نهضت " جنه"   عن حافة الفراش متجه نحو الشرفة، وقالت بحدة 
- خُدي الأكل  مش هأكل حاجه  وبلغيهم تحت إن عاوزة جدي ايوب هنا وحالا 
- بس يا ست  هانم 



ردت بصراخ قائلة 
-قلت مش عاوزة اطفح  خُدي الأكل وانزلي 



نفذت الخادمة الأمر على الفور،   استوقفها "سليم " متسائلة بجدية 
- الوكل نازل زي ماهو ليه يا بهية ؟ 



ردت بتوجس 
- ماهو ما هو 



قاطعها بعصبيه قائلًا 
- ردي يا ولية الجط كل لسانك ولا إيه ؟ 



ردت بقلة حيلة 
- ماهي زعجت لي ياسيدي وطردتني من عنيدها وجالت ماهتكلش  غير وچدها ايوب اهنى 



هز رأسه بتفهم وقال 
- طب روحي أنتِ شوفي شغلك 



هبطت " جميلة " على سلالم الدرج بتثاقل  وكأنها  امرأة عجوز لا تستطع الحرك،   شحب وجهها بين ليلة وضحاها، دمرها الحب ومازال تكابر كي تصل لمبتاغها،  توقفت أمامه وتسألت بتردد في بادئ الأمر قائلة
- هو هو مين اللي چه اهنى ؟ 



رد " سليم "  بجدية  وهو يشدد على كلماته 
متعمدًا اقاظتها من هذا الوهم الذي تعنته بالحب 
- ديه چنه  بت عمك  مرت الدكتور عمران الهواري بت عمته 



ابلعت غصة مؤلمه بحلقها ثم قالت  بجمود مصطنع 
- هو هو اتچوز ميتا 
- امبارح كانت دخلته والنهاردا دخلته في الرعاية 
- إنت كداب عمران ما يعملش كِده 
- لاه عمل كِده واجل لك على التجيلة عمران وجف جصادي لاجل عيونها وخدها في ضهره 



لم ينكر أنها تستحق الشفقه،  بينما هي حاولت التحلي بملامحها الصارمة كما أمرت حدقتيها أن لا تفضحها أمامه،  ابلتعت غصتها وعادت من حيث اتت، كي لا يتعمد قهرها بما لا تستطع تحمله .




        
          
                
البكاء اصبح رفيقها هذه الأيام لاتعرف متى ستتخلص منه لكنه من البهديهي أنه سيطول مادامت تلك الحمقاء زوجته .



                 ————————



في مدينة القاهرة 
الساعه الآن السادسة مساءً  



خيم الغسق على تلك المنطقه العشوائيه،  التي تقطن فيها " بدور الأسيوطي"  ابنة الراجل الذي لايملك في هذه الحياه سواها بعد وفاة والدتها قبل أن تكمل  عامين بأيام قليلة،   رجل مريض قلب وسكرى وارتفاع في ضغط الدم، امراض كثيرة يعاني منها رغم صغر سنه لكنه رجل كثير الحمد،  كانت "بدور"  ستتزوج لولا  سوء حظها أم حُسن لا يعرف  لكنه إذا علم سيحمد الله على سلامتها قبل أي شئ، انتهت من أعمالها اليومية  وقبل أن تلتقط أنفاسها، قرع صوت الناقوس صدخا بالشقه الصغيرة المكونة من غرفة واحدة  وردهة صغيرة،  ذهبت لتعرف من الطارق في هذا الوقت . 
وجدته شاب يافع الطول عريض المنكبين، يرتدي حلة سوداء أنيقه، وحذاء من ذات اللون 
كانت تتطالعه من رأسه حتى اخمص قدميه متسائلة عن ذاك الشاب سليل العائلات المحترمات كيف له بأن يأتي إلى صندوق اشبه بصندوق القمامة كما قالت " جنه"  في إحدى ليالي ...



انتشلها من بئر خيالها  متسائلا بهدوء 
- هو هنا بيت عمي ناجي الأسيوطي ؟ 



ردت بدهشه قائلة
- هااا اه هو بيته 



ابتسم لها وقال بعفوية 
- يبقى اكيدأنتِ بنته 



مازالت على حالتها تلك  طرقع بإصبعه لينتشلها من هذا البئر الذي وقعت فيه مرةً أخرى وقال 
- ركزي معايا لو سمحتي أنا حذيفه ابن عمك  لو ينفع توصليني بعمي يبقى كتر خيرك 



حركت رأسها ببلاهة وهي تسمح له بالدخول 
تجاوزها تحت ابتسامة خفيفه يشكرها فيها من خلالها وقف خلف الباب حتى تسمح له بالجلوس  اشارت له ليجلس على احد المقاعد بعد أن  نظفتها للمرة الخمسون،  ليليق بهِ  جلس وطلب منها أن تأتي بوالدها، نفذت طلبه وهي مازالت وسط دهشتها وذهولها من ذاك الشاب الذي لا ترى مثل إلا في شاشات التلفاز أو المجلات والجرائد .
أتى والدها ليتأكد من ثرثرة ابنته، وقف
" حذيفه"  عن المقعد المتهالك وسار تجاه عمه مد يده ليصافحه وهو يقول بإبتسامته المعهودة 
- أنا حذيفه مسعد الأسيوطي   ابن اخوك ياعمي 



حالة من الصمت سادت المكان إلا من صوت خفقات قلبه التي كادت أن تفضحه، كانت عيناه على كفه الممدوة، فجائه بعدم المصافحة وقال بنبرة حادة 
- جاي ليه ابوك عاوز مني إيه تاني  ؟ 



حاولت " بدور" أن تخفف من غضب أبيها لكنه قاطعها بحدة لم تعهدها منه وهو يشير بيده للداخل وقال 
- أنتِ تخرسي خالص أنتِ مش عارفه ابوه عمل فيا إيه أبوه هو السبب في اللي أنا فيه دلوقت ادخلي وملمحش طرفك برا الاوضه 



تابع بذات النبرة وقال لابن أخيه 
- وإنت اتفضل اطلع برا وياريت ماشوفش وشك دا تاني وقل لأبوك ينساني 




        
          
                
قاطعه بصوت مختنق ونبرة تملؤها الحزن 
- بابا بيموت وامنيته قبل ما يموت إنه يشوفك 



استدار بجسده كي لايرى ضعفه وقال بجمود 
- يبقى قل له يموت لأني مش هايشوفني 



اتت "بدور" وقالت برجاء 
- بابا دي امنية اخوك  وإنت عمرك ما رفضت لحد طلب مابالك لما يكون الحد دا اخوك 



قلت اخرسي  



خرجت تلك الجملة من فم والد" بدور " وهو يصفعها للمرة الأولى التي يفعل معها هكذا،  لم تتحمل هذه الصدمة منه، هرولت تجاه حجرتها  
بينما هو اطبق على جفنيه ندمًا على فعلته تلك أما " حذيفه " كانت عيناه معلقتان على حجرتها كان يريد الاعتذار منها لكن عمه لم يسمح له بذلك بل فعل الأكثر جرأة  وهو يدفع بجسده للخارج قائلا
- اتفضل مع السلامة وياريت ماشوفش وشك تاني  وقل لأبوك يموت بعيد عني 



توقف " حذيفه"  عند الباب الخارجي وقال برجاء 
- ياعمي ليه نفتح الماضي خليه مقفول ونرجع زي الأول  ارجـــوك 



تركه العم " ناجي"   وقال بمرارة في حلقه وهو يستدار بجسده كله لداخل الشقه 
- إنت متعرفش ابوك عمل إيه عشان يذلني متعرفش أنا عشت ازاي  أبوك ضحك عليا واخد ورثي مني ورماني  خلاني  اعمل حاجات مستحيل كنت افكر اعملها  



ولج "حذيفه"  للداخل وقال بحزن 
- واهو ربنا اخد لك حقك منه  معاه ملايين والملايين دي فشلت إنها تعالجه من مرضه 



وضع يده على كتف عمه وقال بتوسل 
- ابوس ايدك ياعمي تحقق أمنية بابا دي أمنيته الأخيرة بابا بينه وبين الموت أيام ويمكن تكون ساعات ارجوك أنا تعبت لحد ما وصلت لك هنا أنا بقالي شهور بدور على حضرتك 



ازدراد لعابه قبل أن يوافق على مضضٍ قائلًا 
- موافق بس بشرط 



رد بسعادة  قائلا 
- كل شروطك  موافق عليها من غير ما اعرفها 



رد مقاطعًا بجدية 
- لأ الشرط نور،  أنا هروح معاك بس مرة واحدة ومش هروح تاني. لو اتقلبت قرد 



رد باسمًا 
- لا متخافش هي مرة واحدة وخلاص  
- اقعد هنا وأنا هخلي بدور تعمل لك حاجه تشربها  على ما البس 



هتف عدة مرارت حتى أتته ابنته وهي تكفكف دموعها بظهر يدها وقالت بنبرة متحشرجة إثر البكاء 
- نعم يا بابا 



رد بجدية مصطنعه قائلًا 
- شوفي حذيفه يشرب إيه على ما البس  عشان هروح معاه 



أومأت برأسها علامة الإيجاب ثم قالت بصوت هادئ 
- حضرتك تشرب ؟ 



رد بعتذار قائلًا 
- أنا آسف أنا السبب في اللي حصل لك بجد مكنش قصدي خالص 



اغتاظ والدها منه وقال بغيظٍ مكتوم 
- وهو اللي كنت اقصد يا واد إنت !! ماهو إنت السبب إنت وابوك قبل ما تطل علينا بطلتك البهيه دي كنت أنا وهي زي السمن على العسل 




        
          
                
ردت مبتسمه وهي تحتضنه 
- وهنفضل كدا يا حبيبي طول العمر ربنا يخليك ليا 



ضمها لصدره بحنو وحب كان يشعر بشيئا يقبض له قلبه لايعرف ماهو لكنه يعلم أن قبضة القلب هذه لا تأتي من فراغ. 
حاول إخفاء هذا الشعور عنها حتى لا يزعجها 



وبعد مرور عددة دقائق



كان "حذيفه"  يرتشف قهوته التي صنعتها  له "بدور" انتهى منها سريعًا، شكرها  في كلمات بسيطه  لكنها منمقه اكتفت هي بالإبتسامه الخفيفه خرج والدها من حجرته وهو يغلق أزرار قمصيه الأبيض، وقال بجدية 
- بدور أنا هروح مع حذيفه  وراجع تاني  اقفلي ع



قاطعه صوت الناقوس الذي صدح بإزعاج وطرقات شديدة لا تهدأ ابدًا،  هرولت نحو الباب بخطواتها السريعه،  فتحت الباب وجدت شقيقة خطيبها السابق ماثلة أمامها والشر والغضب يتطاير من عيناها  كأنها حمم بركانية  وقبل أن تتحدث قبضت على خصلات شعرها  كادت أن تقتلعها، دوت صرخات " بدور"  بينما حاول  والدها إنقاذ ابنته من تحت ايدي تلك المتوحشة   لم يستطع نظرًا لسنه  فقام "حذيفه"  بمساعدته  ونحج سويا في إنقاذ ابنته. سألها  بغضب قائلًا 
- أنتِ مين وعاوزة إيه وازاي تمدي ايدك عليها أصلًا 



ردت بنبرة عالية قائله بغيظ 
- أنا ياحبيبي ابقى أخت المرحوم خطيبها والهانم ضربت على دهبه وفلوسه اللي كان معاه  ولما مات  قالت تتدور على غيره 



ردت بدور وهي تنظر لوالدها 
- والله يابابا ماخدت حاجه والكلام اللي بتقوله دا محصلش  



تابعت وهي تنظر لها قائلا بقهر 
- اخوكي اصلا ياعبير مجبش دهب دا كان دهب صيني وانا سكت عشان  بابا ميوقفش الجوازة  والفلوس اللي بتتكلمي عليها دي كانت فلوسي فلوس شغلي وهو اللي اخدها مني وربنا يسامحه بقى 



كادت "عبير"  أن تجذبها مرة أخرى من شعرها المشعث وهي تقول 
- ليه وفلوس شغله كانت فين 



قبض " حذيفه " على معصمها وقال بتحذير واضح 
- لو فكرتي تقربي لها مش هكسر لك ايد ولا رجل لأ هكسر لك رقبتك  فلوسك هتاخديها مني أنا



ردت " بدور"  بعصبيه قائلة 
-  بس هي ملهاش حاجه تاخدها منك ليه يعني 



دس يده في جيب سترته ليخرج دفتر الشيكات خاصته  دون سريعًا بياناته  ثم قام بقطع الشيك  ووجهه نصب عيناها وقال بتحذير 
- جدعه قربي منها ولا من البيت تاني وصدقيني هانسى انك ست 



خرجت "عبير"  من البيت بعد أن اخذت مبلغ لم تحصل عليه في أحلامها حتى .
نظر "حذيفه" إلى "بدور"  وقال بهدوء 
- أنا من رأي تيجي معانا لأن هنا مبقاش أمان عليكي 



رد والدها مؤيدًا  لحديثه 
- وانا كمان شايف كدا ادخلي البسي وتعالي معايا احنا كدا كدا مش هنتأخر هناك ولما نرجع لينا كلام تاني 



أومأت برأسها علامة الايجاب وقالت 
- حاضر يابابا 



وبعد مرور ساعه ونصف تقريبًا 



كانت تقف جوار والدها تنظر لمنزل عمها الذي لم تراه قط قطعه من الجنه على الأرض، تمتم والدها بخفوت قائلًا 
- كان ينفع تعيشي في مكان زي دا لو عمك ما اخدش حقي مني 



ردت بذات النبرة 
- بابا ابنه بيقول إنه بين الحيا والموت سامحه وارض بنصيبك 



أومأ برأسه وقال 
- حاضر يابنتي انا كمان محتاج إن ربنا يغفرلي  اللي عملته 



لم تفهم مغزى حديثه  لكنها تود أن تعرف مالذي يقصده بحديثه دائما  

ولجوا جميعًا الفيلا وجلسوا في غرفة الصالون لدقائق. ثم جاء "حذيفه"   بوالده القعيد على كرسي متحرك  وقف " ناجي" وقال بحدة 
- إنت بتضحك عليا وبتقول إن ابوك بيموت وهو زي القرد !! 



رد "مسعد " وقال بقهرٍ وحزن 
- وهو في أكتر من كدا إيه يا خورشيد  أنا مشلول   ومريض كانسر، جالي سرطان في المعدة   وكأن ربك ارد بيقول ورث أخوك اللي كلته في بطنك مش هخليك  تتنهى بيه 



رد " ناجي " بصراخ قائلا
- لأ سرطان في حته واحدة ماينفعش  إنت لازم تموت مليون مرة  إنت السبب في اللي أنا فيه إنت اللي وصلتني للي وصلت له دلوقتي 



قاطعه " مسعد"  بقهر 
-  وربك بيخلص  صدقني ربنا مابيسبش حق حد ابدًا 



هوى على المقعد وقال بانهيار 
- ودا اللي خايف منه. خايف ربنا يخلص اللي عملته في  بدور بنتي خايف ياخدها مني بذنبي 



 تابع بحدة 
-  إنت السبب إنت السبب لو كنت ادتني فلوس يوم ما جيت لك. واترجيتك  عشان انقذ مراتي وبنتي مكنش حصل اللي حصل 



رد بعدم فهم 
- إيه اللي حصل يمكن نقدر نصلحه 



رد بغضب 
-  تصلحه  تصلحه ازاي ها قل لي تصلحه ازاي هتروح تجيبه من قبره وترد روحه 



سأله " حذيفه " قائلة بعدم فهم 
- هو مين ؟ 



اجابه بصراخ 
- رياض عمران  السيوفي  أنا اللي قتلته وسرقت فلوسه عشان انقذ مراتي وبنتي من إنهم يموتوا 



وقع الخبر على مسامعها كالصاعقه، كاد أن يصم الأُذن من هول الصدمة،  ما هذا ابي قاتل  
ومن والد أعز صديقاتي  والوحيدة في هذه الدنيا. !! كنت لا احتمل  أن أكون قاتلة فأصبحتُ قاتلة ابنة قاتل ...!!



يتبع




        



google-playkhamsatmostaqltradent