Ads by Google X

رواية قارب الموت الفصل الثالث 3 - بقلم مريم الجنيدي

الصفحة الرئيسية

  

 رواية قارب الموت الفصل الثالث 3 -  بقلم مريم الجنيدي



«الحلقة ٣»
                                    
                                          
عندما بكيت ليلاً و أعتقت أن الجميع لا يسمعني، كان الله يسمعني. 



"مراتك التانية!!" قالها عبدالرحمن بذهول وقد ظهرت عروق رقبته من شدة الإنفعال المكبوت بداخلة 



بينما عرفات يحرك حبات السبحة بهدوء وهو ينظر له ثم أومأ 
"آه الله يرحمها"



أقترب عبدالرحمن منه و شرارات الغضب تخرج من أعينه تنذر أن القادم أسوأ 
"أنت بتتكلم جد؟ أنت كنت متجوز على أمى و مخبي علينا!؟"



رد عرفات بحده وهو ينظر له بصرامة



"آه إى الصعب فى كدة، أنا اتجوزت ست محترمة على سنه الله ورسوله إى المشكلة بقا، عملت حاجة غلط!" 



ضحك عبدالرحمن ضحكة فاقدة لمرح وهو يستند بيديه على المكتب وقد شعر بطعنة فى قلبه والده يفعل هذا!!



"لا أبداً بسيطة، روحت اتجوزت على الست اللى بدأت معاك من الصفر و كانت جنبك في كل خطوة بتدعمك بصحتها و فلوسها و نفسها، و عمرها ما زعلتك ولا قالت لا على حاجة، روحت اتجوزت عليها و غدرت بيها، نمت فى حضن ست تانية غيرها، لا و مش كدا و بس، كمان جايب بنت الست دى تقعد فى الشقة اللى تحتها؟!! قدرت تعمل كدا ازاى؟" 



رفع عرفات رأسه لابنه يرد بنبرة تحذيرية صارمة 



"أنا معملتش حاجة غلط، اتجوزت على سنه الله ورسوله، مش أنت اللى هتحاسبنى، خلي بالك من كلامك معايا يا عبدالرحمن، عشان مزعلكش، و أنا زعلى وحش"



أخرج عبدالرحمن صوت ساخر و هو لا يصدق مدى جبروت والده 
"تمام أنت اتجوزت أنت حر فى حياتك، لكن امى متأذيهاش، خرج البنت دى من البيت" 



أتسعت أعين عرفات ثم أردف بنبره باردة 
"البنت دى امانه فى رقبتى من بعد أمها ما ماتت، عايزينى ارميها فى الشارع يعني!!" 



ضرب عبدالرحمن على المكتب بغضب وقد نفذ صبره، و مقدرته على التحكم بغضبه
"وهى الأمانة دى ملهاش مكان غير في بيتنا قدام أمي!!" 



صرخ والده وهو يستقيم بغضب مماثل وهو يشير بيده الملتفه حولها المسبحة
"عبدالرحمن أنت اتجننت، ازاى تعلى صوتك عليا، أنت نسيت نفسك ولا إى" 



مسح عبدالرحمن على وجهه بحركات متشنجة ثم قال بعدما طفح به الكيل
"حياتك أنت حر فيها، تتجوز أو لا طلاما مش عامل قيمة أو إعتبار للست اللى فضلت جنبك، دة من نحيتك، لكن من نحيتى مش هسمح لأى حاجة تحزن أمى أو تزعلها، عشان كدة يا تخرج البنت دى من البيت و تتصرف معاها براحتك وأنت قادر كويس تقعدها فى أى مكان تاني و الموضوع دة ميوصلش لأمي خالص، يا إما اعتبرنى مش موجود فى الشغل دة تاني أبداً" 



جحظت أعين والده بشر 
"أنت بتهددنى" 



أبتسم عبد الرحمن ببرود وهو يقول بنبره أول مره يستخدمها مع والده منذ بداية الحديث 
"لا أنا بعرفك اللى هيحصل سلام عليكم يا حاج عرفات" 




 
                
ارتمى عرفات على المقعد وهو ينظر لأثر ابنه، قبض على يديه بغضب وهو يهمس بوعيد 
"ماشى يا عبد الرحمن هوريك" 



====================



"يعنى إى الشيف اللى جه مكانى!" 



قالها باهى وهو ينقل بصره بين مديره المباشر و الشاب الذى خلفه 



أبتسم المدير بعملية
"أنت أجازة مرضية شهر يا باهى، معقول هنسيب مكانك فاضى يعنى، دلوقتى ممكن تشتغل مع رأفت أو، لو حابب تروح قسم تانى فى المطبخ مفيش مشكلة" 



أومأ باهى بذهول ثم أردف 
"أروح قسم تانى اى يا مستر، أنا كان لسالى ترقية وابقى مساعد شيف أول، دة مكانى اللى شغال فيه بقالى تلت سنين، يعنى اى حد يجى فجأة يمسكها منغير ما يمر بأى مرحلة" 



رفع رأفت حاجبة بتكبر وهو يناظر باهى بتعالى



ليتكلم المدير بعمليه محاولاً إنهاء الحوار و عدم جلب الانظار، لانه هو الآخر يعلم شعور باهى بالظلم جيداً، شعور أن يوضع شخص فى مكانه لا يستحقها و الأكثر قهراً أن هذه مكانتك التى بنيتها بنفسك، هو شهد على باهى منذ أن عمل بهذا المكان، لقد بدأ من الصفر 



"باهى أنا مقولتش ياخد مكانك، أنا قولت هيشتغل معاك، متكبرش الموضوع، يلا يا رأفت على شغلك" 



أقترب المدير برأسه يهمس بأسف 
"دة مش بأيدى، يا باهى"



اغمض باهى اعينه وشعور بالألم يستوحش قلبه، وأن جهده يضيع هبأً، لكن ما باليد حيلة، هو لا يستطيع أن يثور حالياً، يضع مستقبل أسرته نصب أعينه، عليه بالتحمل حتى يعبر بهم بر الأمان و الاستقرار 



وقف باهى مكانه يعمل بسرعة و مهارة عكس الواقف بجانبة يدمر كل شئ حوله ببطئ و فشل ذريع 
لم يستطيع إنهاء طبق واحد عكس باهى الذى أنهى ثلاثة اطباق مميزين مزينين بحرفيه



نظر له بطرف أعينه وهو يشعر باختناق شديد من المنظر العشوائى الذى أمامة و المكونات المبعثرة بكل مكان، فإن كان يكره شئ فى حياته فهو يكره العشوائية وعدم التنظيم، فلا يستطيع أن يعمل أو يجلس بمكان ليس منظم و مرتب، والآن يشعر أنه سينهار من هذا المنظر البشع الفوضاوى أمامه 
"يا الله يا والى الصابرين ارحمنى" همس بها وهو يحاول صب تركيزة على ما فى يده فقط، حتى لا ينهال بالضرب على هذا الفاشل  الفوضاوى بجانبه



أقترب منه شهاب صديقة و الذى كان معه بنفس ساعات الدوام هذا اليوم 
"هو الواد دة خريج كلية كفته ولا إى، دة مش عارف يقطع بصل حتى" 



هسهس باهى بضيق وهو ينظر له بطرف عينه
"سيبني يا شهاب أنا مش طايق نفسي" 



"حقك والله، يعنى أنت طفحان فى الشغل كل السنين دى، عشان يجى واحد ولا فاهم أى حاجة يتساوى بيك بالواسطة" 




        
          
                
أشار باهى أمامه بحنق و غضب مشتعل
"لا و يبهدل الشغل و الدنيا كدة، أنا لا طايق نفسى و لا طايقه، أنا مش مصدق أنهم بيعملوا كدة" 



لم يكمل كلامة و سكب رأفت بعض المحتويات على الرخامة و فقد السيطرة على الإمساك بالاناء فوقع مدوياً صوت عالى مزعج هو الآخر جعل أعصاب باهى تفلت وهو يصرخ به 



"لما أنت مش عارف تمسك حله ولا تقطع بصله جاى تعمل إى، مفيش شيف بيقف فى المكان و يبقى المنظر قدامة كدة، إى القرف دة" 



نظر الآخر له بتكبر ثم أشار له بعنجهيه 
"خليك فى نفسك، و ركز على شغلك، ملكش دعوه بيا" 



أقترب باهى يقول بتحذير وهو يشير له 



"دة أنا هركز فى وشك دلوقتى، لو منضفتش المكان اللى واقف فيه، أنت أول مره تشتغل فى مطبخ" 



أبتسم رأفت ساخراً وهو يقول بثقه 
"أنت ازاى تتكلم معايا كدة، أنت مش عارف أنا مين!!" 



أقترب باهى بدون خوف وهو يردف بصرامة ساخرة
"وأنت فاكر البوقين دول هيخوفونى، مش عيب عليك لما تبقى كبير كدة و تتحامى فى أهلك!" 



رد رأفت بغرور 
"على الأقل ليا حد اتحامى فيه"



ضحك باهى وهو يحرك رأسه بيأس
"وأنت فاكر الرجولة أنك تتحامى فى حد أصلاً، اللى بيعمل كدة دة بيبقى لموأخذه" 



أردف شهاب من خلف باهى 
"معلش يا باهى شكلة لسه بيتعلم" 



رد رأفت بثقه وهو ينظر لهم بقرف 
"مين دة اللى بيتعلم، أنا خريج أكبر جامعات، و أخد اكبر دورات تدريبية" 



رد شهاب ببساطة وهو يتحرك عائداً لمكانه 
"لا يابا قصدى لسه بتتعلم الرجولة، أصلها مش بشهادات" 



ضحك باهى وهو يضرب كفة بكف شهاب 
ثم عاد للوقوف فى مكانة واردف بينما نظرة مسلط على ما أمامة
"و هما فى الجامعات و الدورات العاليه دى معلمكش أن المكان النضيف المنظم اللى الشيف واقف فيه، بيعبر عن نضافة و شطارة الشيف نفسه!!.



كتم الآخر غيظة وهو يلقى بالمريول على الرخامة و يرحل بخطوات واسعة خارجاً من المطبخ 
أردف باهى بسخرية 
"رايح ينده لبابى ولا إى" 



علت الضحكات من الواقفين حوله والذين يتابعون الحوار من البداية لكنهم فضلوا عدم التدخل، عكس صديقه شهاب.



تهجمت ملامح باهى مره أخرى وهو يتطلع للمكان حوله بنفور ثم بدأ بجمع الأشياء وتنضيف المكان، و مراجل الغضب تغلى بداخله.



=====================



كلما زاد فعلك للمعاصى، زاد ضيق صدرك



جلس أمام الحاسوب كالعادة، لكن تلك المرة كان يتحدث إلى إحدى الفتيات التى لا تعرف من الحياء و الخجل شئ، تظهر أمامه على الشاشة بملابس فاضحة لا تستر شئ، بينما حديثهم لا يخلوا من البذائه و الاباحيه 
يشهد مراحل متقدمة من الفُجر.




        
          
                
تعالت ضحكاته من حديثم الماجن ليتحدث بحماس 
"ها بقا مش ناوية تاخدى خطوة جديدة!!" 



شهقت الفتاة بسوقية تليق بها 
"خطوة اى يا عنيا أكتر من كدة، و بعدين أنت لسه صغير على الكلام دة" 



تحدث ببذائه وهو يعتدل 
"صغير اى يا بنت ال**** ما تظبطى معايا" 



تراجعت الفتاة ثم اردفت بدلال مقزز 
"جرا إى يا عمار، متبقاش قفوش كدة بهزر معاك، دة أنا هدلعك" 



و بعد هذه الجملة بدأت وصله من الاباحية و الكلام الخادش لكل معاير الحياء، راكضين خلف شهواتهم و مفاتن الدنيا يقودهم الشيطان بخبث و هم منساقين خلفه بالرزيلة و الفحش، غير مدركين عواقب ما يفعلون، تجرهم الفاحشة خلف الأخرى، حتى يفقدوا اداميتهم.



دخل والده فجأة الغرفة بدون إنذار بعد أن استمع لأصوات مريبه جعلت قلبه يسقط بين قديمة و ما رآه جعل قلبه يتوقف لثوانى من الصدمة غير مستوعب لوضع ابنه العارى و تلك الأصوات القذرة التى تخرج من الحاسوب أمامه 



بينما انتفض عمار بصدمة يتطلع لوالده ببعض الخوف وأسرع بغلق الحاسوب بقوه وهو يتمتم بتلعثم 
"بابا!" 



همس والده وهو جاحظ العينين يتطلع يتطلع لابنه بنفور و كأنه يرى أمامه عاهر حقير زانى لا ولده عمار، مجرد مسخ فاقد للعقل والدين، أى دين هذا لقد شوه هذا القذر صورة الإسلام باعتناقه الإسلام بالاسم فقط.



"أنت.... أنت كنت بتعمل إى!!" 
سهام الخيبه أصابت قلبه، تمنى لو كان الله قبض روحه قبل أن يرى هذا المشهد أمامه، يتمنى لو أن عقله يخذله هذه المره وأنه يتهيئ ما رأى لكن مع الأسف ليس كل ما يتمنى المرء يدركة، بعض الصفعات المؤلمه تعطيها لنا الحياة لنفوق على كارثة، سأل نفسه هل أثر مع ابنه، هل غفل عنه! هل انشغل فى تعليم أولاد غيره الدين و الايمان و حفظ القرآن و نسى ابنه فلذه كبده فى غمره الحياة، فأصبح ابنه الفاسد من ظهر العالم و الذى أيضاً شق ظهره !!



لم يجد عمار أى كلمات تبرر الوضع الذى وجده والده فيه، وإن كان فاجراً عاصياً، لكن سوء الوضع الذى وجده به والده، عارياً يمارس الزنى ولو حتى إلكترونياً جعله يشعرى بالخزى، وقد رفع ستار الستر من عليه ليصبح بهذا الوضع المخزى الحقير 



"أنت ازاى وصلت للدرجة دى من القرف و قله الأدب، يارتنى اتعميت ولا أنى شوفتك فى وضع زى دة! أنت بتزنى يا عمار! بتعمل كبيرة من الكبائر" 



اعتدل عمار بسرعة يستر جسده بالسروال ثم برر بتلعثم 
"زنى اى يا بابا أنت يعنى دخلت لقيت واحدة معايا بجد، دة على النت، لعب يعنى" 



ارتد وجهه للجهه الأخرى أثر صفعه والده ليضع يده على وجنته بذهول 
صرخ والده وهو يمسك صدره الذى ألمه من كلام إبنه الفاسد الفاقد لكل تعاليم الإسلام 
"بتلعب!!! أنت مش دارى بنفسك ولا إى دة زنا يا عمار زنا، أنت كنت مع واحدة، أنا دخلت لقيتك من واحده يعنى مش مقطع فيديو لا أنا سامع صوتها بتقولك يا عمار، أنت بتبرر اى يا حقير بتبرر اى، من ورا الشاشة، الشاشة يعنى هى اللى هتمنع وقوع الذنب ، انت شايفها و سامعها و هى شيفاك و سمعاك و أنت قالع يا عديم المروءة و الشرف هتبقى هى بالخمار يعنى، أنت ازاى بالقرف دة، ازاى بتعمل كدة و مش خايف من ربنا، طيب ماشى مش خايف منى عادى لكن مش خايف من ربنا يا جاحد!" 




        
          
                
مسح عمار على وجهه بحركات متتاليه ثم أردف باختصار
"بابا أنت مكبر الموضوع، محصلش حاجة، هى اصلا راضيه و بعدين الموضوع عادى يعنى" 



صرخ والده بذهول "عادى!! الزنا و الجهر بالمعاصى عادى! أنت يابنى ملتك اى حرام عليك" 



زفر عمار باستياء من صوت والده العالى و الفضائح التى تسببها 
"أنت مش مكسوف من نفسك بجد، أفرض أمك ولا اختك هما اللى دخلوا عليك بالوضع دة يا فاجر كنت هتعمل اى، أنت شيطان ولا إى!!" 



صرخ عمار بغير إدراك بما يتفوه به 
"أيوة أنا شيطان، أنا قرفت من العيشة دى أصلاً، تحكمات تحكمات على الفاضى، أنت لى مش مقتنع أن الموضوع بسيط أنت مكبره لى!!" 



صرخ والده بغضب 
"موضوع بسيط؟!! لا اكيد أنا بحلم مش حقيقى اللى بسمعة، عارف الاقبح من فعلتك أنك مش معترف بالغلط و بتبرره" 



رد عمار باستخفاف وقد ذهب عنه أى شعور بالذنب بل تلبسه الوقاحة  الصريحة 
"عشان هو بسيط فعلاً" 



دفعه والده بحده وهو يصرخ 
"أنت ازاى لك عين تبجح و تتكلم، أنت مسلم أنت ؟؟" 



صرخ عمار بنفاذ صبر و جنون و قد تغلب شيطانه عليه للدرجه القصوى ليبعد يد والده عنه بعنف
"مش عايز أبقى مسلم أبعد عنى بقا" 



و كأن دلو من الماء البارد انسكب فوق رأس والده بروده غريبه احتلت أطرافه، هزه فى أصوله جعلته مرتعداً، و ترنح ضرب جسده لم يستوعب أى كارثه وقع بها ليهمس بصوت مبحبوح و جهه شاحب 



"أمشى أطلع برا مش عايز أشوفك تانى طول حياتي" 



======================



دخلت من الباب و خلفها شقيقها و التهجم يعلوا ملامحه بعدما رأى شقيقته تتحدث بكل اريحيه مع شاب غريب 
جلس على الأريكة و نظر لها بتفحص



لتجلس أمامه بارتباك لكنها تحدثت بثقه 



"علاء كان بيقولى أتعامل ازاى لو حد ضايقنى" 



ضيق عبيدة أعينه وهو يقبض على يده و يسألها ببطئ 
"هو فى حد ضايقك" 



زفرت سيلا باستياء وهى تردف 
"عبيدة إحنا عايشين فى الدنيا مش فى الجنة، عايشين مع بشر، أكيد حد هياضيقنى، دة طبيبعى وأنا لازم أتعلم ازاى اتعامل، مش معقول يعنى هتفضل حابسنى طول حياتي عشان خايف عليا" 



أردف عبيدة وهو يستقيم متجهاً للمرحاض
"منيح أنك عارفة أن بخاف عليكي" 



شعرت بالذنب يقتحمها من نبرته الحزينه فجلست على الأريكة تتأكل حتى رأته يخرج انتفضت تقترب منه بسرعة تلقي نفسها بين أحضانه 
"عبيدة متزعلش أنا عارفة أنك بتخاف عليا، مش قصدى ازعلك" 




        
          
                
أبتسم عبيدة و هو ينظر لرأسها المدفون فى صدره ليربت على شعرها برفق 
" مش بقدر أزعل منك" 



سحبها من يدها يجلسها بجانبه على الأريكة يتأمل وجهها المليح ثم أردف بحنان 
" أنتِ عارفة أن مليش غيرك فى الدنيا بعد ما بابا و ماما استشهدوا فى الحرب، يمكن خوفي عليكي مبالغ شوية، بس دة غصب عني، بحس أن عايز اخبيكي فى البيت و اقفل عليكي ب ميه مفتاح" 



أبتسمت له برقه و الدموع تغشى أعينها بتأثر 
"ربنا يخليك ليا يارب، أنا عارفة أنك خايف عليا، بس أنا لازم أتعامل مع بشر يا عبيدة، لازم يكون عندى خبرة و مبقاش خايفة، أنا عارفة أن العالم برا بشع، بس أنا مش خايفة أنا عارفة أن ربنا معايا و أنت معايا" 



ربت على وجنتها برفق 
"ربنا يحميكِ  حبيبتى" 



تطلعت فى ملامحة الحزينة لتسأله 
"مالك يا عبيدة زعلان لى، فى حاجة حصلت!!" 



تنهد يمسح على وجهه بارهاق
"ما فى شي حبيبتى بس بدور على شغل بجانب المحل، و تعبت من التوير طول اليوم" 



عقدت حاجبيها باستفهام 
"بتدور على شغل تانى لى!!" 



هز اكتافة بلامبالاة مصطنعة 
"عادى مصارى الشغل قلت و محتاج شغل تاني، لا تشغلي بالك أنا بتصرف، ركزى فى دراستك" 



حمحمت تعادل بجلستها تقول 
"عبيدة إحنا ممكن نقسم..." 



صاح يقاطعها 
"لا تنطقيها سيلا، والله راح ازعل هاد المره جد، ها الموضوع ما بنتناقش فيه أبداً" 



تنهدت وهى تومأ له ثم لملمت أشيائها 
"هتفضل عنيد طول عمرك، هخش اغير هدومى و أعمل أكل" 



أومأ لها بشرود  ليضع رأسه على كفيه يحمل يزفر بضيق 



فأولاد الرجل الذى يعمل عنده أتوا اليوم و هددوه بترك العمل و تركوا له مهله لنهاية الأسبوع فهم يريدون أخذ المحل لفتح مشروع آخر، رغم رفض الأب إلا أن نبرتهم المهدده لسعت كرامته بالسوط و شعر بالضعف، ألن تكف الحياة على صفعة، تدمر بيته و استشهدت عائلته، استطاع أن يهرب بأخته إلى هذه البلاد ليصبح لاجئ و مازالت الحياة تهين كرامته و تصفع رجولته، متى ينتهى هذا العذاب!!. 



========================



فى المساء 
دخل عبد الرحمن المنزل بغضب بعدما أستمع إلى حركة فى الشقة السفلية، لم يذهب والده بهذه المصيبه بعيداً 



دخل المنزل و مراجل الغضب تشتعل بداخلة 
ليجد والده يجلس مع والدته و ملامح والدته ضاحكة بشوشه بشكل لا يصدق استغربه، هل مازالت تجهل ما يحدث ولم تشعر بهذه الفتاة فى المنزل 



قطع تفكيره ركض والدته اتجاهه وهى تقول بسعادة تكاد تقفز من أعينها 
"عبدالرحمن حبيبى حمد على السلامة، كدة يا عبد الرحمن تخبي عليا الخبر دة و خايف منى لى ازاى تفكر أن ممكن افكر كدة أصلاً" 




        
          
                
عقد حاجبيه وهو ينظر له بعدم فهم ثم نظر لوالده و ارتاب لنظرات والده المتحديه 



" خبر أى بس يا أمى مش فاهم حاجة" 



ضحكت وهى تضربة على كتفه 
"شوف الواد عامل مش فاهم، أنا عرفت كل حاجة خلاص متستعبطش" 



ضاقت أعينه وهو يسألها بريبه
"كل حاجة اللى هى اى معلش؟؟" 



ضحكت والدته وهى تسحبه من ذراعه ليجلس وهى تردف بثرثره سعيدة 



"عرفت أنك بتحب واحدة و عايز تتجوزها، بس كنت مخبي علينا عشانها يتميمه و ملهاش حد، و أبوك أصر عليك تجيبها تقعد فى الشقة اللى تحت، آه يا شقى كل دة يطلع منك طلعت بتحب و مخبي علينا، أنا مستنياك بقالى ساعتين عشان أنزل معاك اشوف عروستك، عشان متتحرجش منى، بس ازاى تفكر أن ممكن ارفض عشانها يتيمه" 



تصلب عبد الرحمن مكانه و كل كلمه تسقط كالسوط على رأسه يحاول استيعاب الكلام، وهو ينظر لوالده بذهول بينما والده يحرك مسبحته وهو يبتسم بهدوء و كأنه لم يفعل كارثة الآن، هل والده يغدر به بهذا الشكل ليدارى على افعاله، فيضعه هو بوجه المدفع، لا و الاحرى أنه يقيدة بزيجه ما اللعنه التى تحدث ؟؟؟



تحدث والده بهدوء وهو يبتسم بشماته و نبرة ذات مغزى 
"شوفت فرحة أمك يابنى، قولتلك هتفرح أوى لما تعرف، يلا خدها و أنزل خليها تتعرف على عروستك، مبروك يابنى أخيراً هشوفك عريس" 



إن أعطتك الدنيا صفعة، لا تنتظر منها أن تعتذر بل ستنهال عليك بوابل من الصفعات 
========================



جلس على الرصيف يقلب فى هاتفه ببرود و كأنه لم يفعل كارثتين متتاليتين، يدخن سيجارة و روحه تحترق معها فى كل نفس يخرجه يخرج معه ضميرة، و إنسانيته لكن لحظه 



توقف وهو يعتدل بزهول ينظر للهاتف بصدمة 
على أحد الفيديوهات على برنامج "تيك توك" 



كانت فتاة ترقص بملابس فاضحة تفسر جسدها كله، ماعادا و جهها المغطى بقماشة سوداء حتى لا تعرف هويتها ترقص بدلال يشعل الراهب و مهارة كأنها ولدت راقصة و التعليقات البذيئه الفاسقة تملئ الفيديو 



لكن ليس كل هذا ما صدمة، الكهرباء الذى مسته كان سببها أن هذه غرفة شقيقته، و هذه بالتأكيد ......شقيقته الصغرى!" 



هل الدخان الخارج من فمه سيخرج معه رجولته و شرفه؟! 



====================



جلس باهى فى فترة الاستراحة مع صديق شهاب يتابع شئ ما على الهاتف لكن قطع حديثهم و قوف رافت أمامه الذى قال بترفع 



"انتو قاعدين كدة مش فى شغل!!" 



رد باهى باستخفاف و هيئه هذا الشخص تغضبه 
"و أنت مالك أنت" 




        
          
                
"فى اوردرات كتير مطلوبه، اتفضل قوم أعملها" 



رفع باهى حاجبيه
"النوغه مش عارف يعملها، ولا متعلمهاش فى الجامعات و الدورات؟!" 



عقد الاخر ذراعيه يقول بسخرية



"لا عشان الشغل دة مطلوب بإسمك وأنا مش هشتغلك كمان يا حبيبى، أصلا الحاجات دى تافهه و مش من مستويا أعملها أنا يدوبك هشرف عليك" 



أنتفض باهى واقفاً و قد نفذ صبره 
"اسمع بقولك أى مش حته عيل داخل المطبخ بالواسطة هيقولى أعمل أى و معملش اى، أنا تلت سنين هنا بنحت فى الصخر عشان اوصل للمكان دة، استغلت فى كل الاقسام هنا، فمش هتيجي أنت و تؤمورنى الزم حدودك معايا و خلى وقت معايا لطيف عشان مزعلكش هى مش ناقصاك" 



تحرك باهى لمكانه و قد تعكر مزاجه مره أخرى بعدنا بذل شهاب مجهود ليخرجه من ضيقه 



مرت عده ساعات لم تخلوا من المشاكل بين الاثنين حتى دخل عليهم مساعد مدير الHR والذى يكون والد رأفت 



أقترب من ابنه يربت على كتفه 
"إى يا بطل عامل إى فى الشغل" 



ألتفت له رأفت وقد شعر بالاحراج من مجئ والده لمكان عمله يطمئن عليه بهذه الطريقة الطفوليه، مع نظرات المتواجدين المتهكمه المستصغره 



"الحمدلله يا بابا اى جابك هنا" 



رد والده ببساطة 
"جاى اطمن عليك و أشوفك عامل اى فى الشغل" 



اغمض رأفت أعينه وهمس لوالده 
"بابا لو سمحت أنا مش طفل بلاش الحراكات دى، أنت كدة بتحرجنى" 



تنهد والده و كان قاصداً أن يأتي اليوم بالذات بعد معرفته عودة باهى لعمله و الذى احتل ابنه مكانه 



"كنت جاى اشوف حد بيضايقك" قال كلامه وهو ينظر لباهى الذى أبتسم بسخرية و أردف بجفاف ولم يستطع الصمت على هذه العجرفة و التلميحات المبطنه الوقحه 



"لو حد ضايقة هيبقى يقول للمدرسة بتاعته متقلقش، رأفت good boy (ولد جيد)" 



أشار والد رأفت على نفسه بغضب 
"أنت بتستهزء بكلامي!! " 



حرك باهى أكتافه بعدم إهتمام وهو يكمل أداء عمله 



"لا أنا بعرف حضرتك، عشان متشغلش بالك على رأفت" 



شعر رأفت بالصغر و الخزى من موقف والده و الذى أكد كلام باهى و شهاب لكنه لم يظهر هذا بل قال لوالده 



"بابا محدش ضايقنى ممكن تتفضل، الوضع هنا تمام" 



تحرك والده و لكنه وهو يمر بجانب باهى تعمد ضرب كتفه بذراع باهى الممسك الطبق الذى أنهاه للتو ليسقط الطبق على الأرض متكسراً لفتات و تنسكب المحتويات على الأرض أتسعت أعين باهى بذهول وهو يتطلع للفوضى التى حدثت 



ليقول والد رأفت بشماته ساخره 
"مش تخلى بالك، الطبق كدة مش هيخرج للعميل فى معاده، أنت مخصوم منك يومين" 



رفع باهى وجهه يتطلع بنظرات حاده لوجه والد رأفت الباردة
ليبتسم باهى ابتسامه ميته رشقت بوجه رأفت و والده   ألتفت يمسك بطبق نفس الذى انسكب وهو يقول 



"مش مضطر تخصم منى حاجة، الطبق جاهز و يخرج فى معاده، اللى وقع دة كان طبق تجريبى" 



مر من جانبهم و هو يقول ببرود 
"الحاجات دى مش بنحتاج نتعلمها فى جامعات عالميه، دى مهارة شيف خبير، و شاب لافف و قارى الناس"



إلى اللقاء في الحلقة القادمة




        

google-playkhamsatmostaqltradent