رواية فوق جبال الهوان الفصل الحادي والعشرون 21 - بقلم منال سالم
...............................
كانت تسابق الريح في قفزها على درجات السلم، فغضبها المندلع بداخلها كان يحفز الأدرينالين بجسدها ليقضي على أي شعور بالرهبة، فوقفت أمام من يسدون عليها الطريق أمام المدخل بغير ارتعابٍ محاولة المرور من بينهم، وأحد رجال عائلة "الهجام" يسألها:
-على فين يا أستاذة؟
صرخت فيه تهدده باهتياجٍ:
-وسع من قدامي أحسنلك.
أصر على إيقافها قائلًا بخشونةٍ:
-احنا موجودين هنا بأوامر الكوبارة.
انفجرت صائحة فيه بجنونٍ وهي تطوح بيدها في الهواء:
-أوامره دي تمشي على أي حد إلا أنا...
ثم لكزته في صدره مكملة وصلة تهديدها باستنفارٍ تام:
-وسع منك ليه بدل ما تلاقي بوليس النجدة فوق دماغك.
تدخل أحد أتباع "درويش" في المشادة الكلامية الدائرة بينهما قائلًا بسماجةٍ:
-عدي الأبلة ياض.
حذره بغلظةٍ وهو يوكزه في كتفه بقوةٍ:
-وإنت مالك بتدخل ليه؟
اعتبر الأمر إهانة شخصية، فرد فيما يشبه التحدي:
-لأ مالي ونص.
بدأ الاثنان في التلاحم يدويًا، لينضم إليهما البقية، وكأنهم يترقبون هذه اللحظة منذ أدهر، لتنتهز "دليلة" فرصة انشغالهم بالتناحر الذكوري بين بعضهم البعض لتتسلل إلى الخارج بخفةٍ وسرعة، انتبه إليها أحد أتباع "الهجام"، فأخرج هاتفه المحمول من جيبه، ليعبث به على الفور قبل أن يلصقه بأذنه مرددًا في عجالةٍ:
-ريس "زهير"، في حوار حاصل لازمًا تاخد بيه خبر.
سأله الأخير مستفهمًا بغرابةٍ:
-الكلام على إيه؟
رد فورًا وبقلقٍ محسوس في صوته:
-بنت المرحوم خرجت، وشاكلها مش ناوي على خير.
استطاع توقع الأسوأ من رنة الحدة التي استحوذت على نبرته:
-اقفل، وأنا هتصرف.
................................
مدفوعة بما يعتريها من مشاعر متحفزة، ومتأججة، انطلقت "دليلة" في طريقها قاصدة الذهاب إلى قسم الشرطة، لتبلغ عن هؤلاء الملاعين، متهمة إياهم بالبلطجة، وفرض السطوة والعنف على الأبرياء دون أن تعبأ للحظة بردة فعلهم إن علموا بالأمر .. وحتى لا يعترضها أحد، انحرفت عن مسارها الرئيسي، محاولة الانزلاق عبر الأزقة والطرق الضيقة حتى تصل إلى وجهتها.
خرجت أنفاسها حارقة، ملتهبة وهي تخاطب نفسها في ازدراءٍ حانق:
-مابقاش إلا المجرمين والحرامية هما اللي يقعدوا في عزا أبويا!!
ظلت على تحفزها الهائج وهي تنعطف عن زقاق آخر مدمدمة مع نفسها بوعيدٍ:
-إن ما طربأتها على دماغهم!
لم تشعر بذلك الذي ظهر من العدم فجــأة، ليقطع المسافة الفاصلة بينهما في خطواتٍ معدودة، لينقض عليها من الخلف مكممًا فمها بغتةٍ، ومانعًا إياها من الصراخ طالبة للنجدة، قبل أن يلتف ذراعه الآخر حول خصرها ليرفع جسدها عن الأرضية، لتنتفض مقاومة بشراسةٍ تكرار محاولة اختطافها قسرًا، حملها بخفةٍ وسار تجاه إحدى السيارات التي تنتظره عند الناصية، ليقوم أحد الرجال بفتح الباب الخلفي، قبل أن يجبرها على ركوبها بتصميمٍ. ظلت تقاومه بكل ما أوتيت من قوة، لتشعر بلهيب أنفاس حارقة تلفح بشرتها من الجانب حينما تكلم "زهير" بصوته المألوف، بالقرب من أذنها في هدوء يشبه ما قبل العاصفة:
-اهدي، إنتي معايا .......................... !!!
........................................
منال_سالم
•تابع الفصل التالي "رواية فوق جبال الهوان" اضغط على اسم الرواية