Ads by Google X

رواية ظننتك قلبي الجزء الثاني 2 الفصل السادس 6 - بقلم قوت القلوب

الصفحة الرئيسية
الحجم

 رواية ظننتك قلبي الجزء الثاني 2 الفصل السادس 6 - بقلم قوت القلوب  

الفصل السادس « خيانة قلب ....»

يُقال أن ليست كل المكاسب في المعارك هي رِبحها ، فأحيانًا يكون المكسب أن تدرك من هو عدوك ، فليس كل متصنع الود حبيب ، وليس كل قاسٍ عدو ...

فلا تقيس مقدار محبة الآخرين بكلمات منمقة وحديث مُحب فهناك من هم حديثهم شيء وحقيقتهم شيء آخر ولعل أكثر كاشف للكذب هي الأيام فأترك لها كل شيء فهي كفيلة بذلك ...

❈-❈-❈ــ

مقر المخابرات العامة (الجهاز) ....
أليس هذا ما كان منذ لحظات يحلق بهيام بتلك المتوحشة ، أليس هو من كاد يفرغ صبره وهو يناظر ملامحها التى عشق تفاصيلها بداخل قلبه قبل عينيه ، كيف تحول لهذا المتبلد الغامض بلحظة حين قام بفتح الباب ...

تَحولَهُ لهذا الجمود كان أمر يستحق الإنبهار من تلك الواقفة جانبًا تطالعه كيف تحول لمهنية جادة بلحظة واحدة ....
بقلم رشا روميه قوت القلوب
نظرت "عهد" تجاه "معتصم" بإنبهار شديد سرعان ما تحول لجمود كما فعل تمامًا لتستكمل تفحصها لتلك الواقفة بباب المكتب ...

فتاة قمحية جذابة ترتدي ملابس عملية للغاية من بنطال أسود وكنزة سماوية وسترتة باللون الأزرق القاتم أعطاها مظهر منمق ملفت للنظر ، لكن ما لفت إنتباه "عهد" هو تلك الإبتسامة التى علت ثغرها أثناء حديثها مع "معتصم" ، إبتسامة لا تمر بملامحها مطلقًا لتكسب تلك الفتاة أمر مميز مختلف عنها تمامًا ...

شعرت "عائشة" بإبتهاج حقيقي لوقوفها أمام ضابط قوي أسطوري بهذا الشكل لتستكمل حديثها بطريقة عملية لكنها كانت تميل لبعض النعومة ، فمن يدنو من هذا الـ"معتصم" ولا يود إقتحام حصونه ...
- أنا جيت لحضرتك عشان لو كنت محتاج فرد في المجموعة مكان الضابط "طه" ...

إيمائة متكلفة ورمشة بجفنيه فقط كانت إجابته بالتفهم دون حتى النطق بكلمة إيجاب ، تلك الطريقة الواثقة بغموض تزيد من تلك الهالة التى تحيط به لترضخ له القلوب دون عناء ...

ضحكة قصيرة نبعت من تلك الجذابة فقد أطاح بثباتها أمام شموخه اللامبالي ، لتستطرد "عائشة" وقد فاهت به على الفور ..
- أنا مستعدة عشان نبدأ في ، ااا ، في الشغل مع حضرتك يا قائد ...

هذا الإضطراب المبالغ فيه لم يكن له سوى معنى واحد فقط ، لقد وقعت بشباكِه على الفور ، إعجاب جديد لم يكترث له "معتصم" لكنه أشعل بداخل "عهد" نيران غريبة لإحساسها المُثار دون إدراك سبب لهذا الغضب الجارح الذى إحتل نفسها بمجرد رؤية تلك الفتاة  ...

لم تدرك أن هذا هو شعور الغيرة ، فلا يغار إلا من يحب ، هذا الإحساس الذى تنكره بداخل نفسها وتتنكر من الإعتراف به ...

وجدت نفسها تهتف بعدائية شديدة أثارت إندهاش "معتصم" قبل "عائشة" ...
- وهو حد قالك عايزين حد زيادة ، حد طلب منك تتحشري في إللي ملكيش فيه ...!!!!

بسمة خفية علقت بداخل "معتصم" وهو يحدق بـ"عهد" التى أخذت تهاجم ولا تبالي ، ليس هناك سبب يدعوها لهذا الإنفعال إلا أمر وحيد ، إنها غارت ، فعلى الرغم من أنه كان سيرفض وجود "عائشة" معه بالفريق إلا أن رؤية "عهد" تعود لتلك الشراسة وسعادته بغيرتها عليه جعله يعيد تفكير بالأمر ليعود ببصره تجاه "عائشة" ليجيبها بما يزيد حنق "عهد" على تلك الفتاة ...
- تمام يا حضرة الضابط ، فيه إجتماع كمان ساعتين في مكتبي ، مش عاوز تأخير ولا تراخي في الشغل وإلا إعتبري نفسك بره المجموعة دي ...

تملك "عائشة" الحماس لتردف على الفور ...
- أكيد يا فندم ، أكيد ، حكون موجودة في المعاد ، بعد إذنك يا فندم ..

تحركت نحو الممر مبتعدة فيما كانت "عهد" تحدجه بنظرات مشتعلة شرسة للغاية ، لولا عنادها لكانت إنقضت عليه توبخه على موافقته لمشاركة تلك الفتاة العمل معهم لكنها آثرت الصمت عن الإعتراف بغيرتها بل الإعتراف الصريح بعشقها له ...

عيونها المؤنبة له ، جسدها المنتفض ، غيظها المكتوم ، كلها إشارات جعلته يشعر بالإنتشاء والسعادة ، ليتها تدرك أنها لا تقارن بأخرى وأنه لم ولن يهتم بسواها ، فهي فقط من إحتلت قلبه وأخرجت مكنوناته العاشقة لها ، فمن قبلها وبعدها لن تهز أى إمرأة سواها كيانه ، ولن يكون هذا العاشق الذى يتخلى عن رزانته وقوته إلا لأجلها ، لقد قامت بما لم تستطع عليه كل بنات حواء ، ليتها تدرك أنه لا مثيل لها ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب
بمشاكسته التى إفتقدها منذ عودتهم من سويسرا ...
- إهدي كدة ، إيه بوتاجاز ، ما تسيبي البنت تشتغل ...

يكاد يجزم أن بتلك اللحظة كادت تكيل له إحدى اللكمات لتخرسه تمامًا ، لكنها تمالكت غضبها لتصك على أسنانها بغضب ...
- تشتغل !!!! وهو يعني مفيش غير البنت دي تشتغل ، من قلة الضباط هنا !!! ( ثم إستطردت لا تتحمل غيرتها لتذكره بـ"كاتينا" وميوعتها المغثية للنفس) ، ولا إنت وَحَشك الدلع الماسخ يا ... "ماوصي" !!!!!

لم يتمالك "معتصم" ضحكته ليطلق قهقهة عالية للغاية فلم يكن يدرك أن لغيرتها شعور لذيذ رائع بداخله ، فقد أعجبه هذا الشعور بأنها تهتم له وتكاد تميز غضبًا من شدة إشتعال الأمر بداخل قلبها ، عقب "معتصم" بإبتسامته الساحرة بعدما تمالك ضحكته القوية ...
- ده إنتِ طلعتي قلبك إسود أوي ...

إكتفت بأن عقدت أنفها بصورة ساخرة متهكمة من تعليقه على غضبها وهي تحاول التماسك حتى لا تزيد من الأمر بِلة وتُخرج كل مشاعرها الثائرة بغيرتها من تلك الفتاة ...

مال نحوها بهمس بشجي ...
- أنا عندي مقابلة مع "عمر" ، أشوفك كمان ساعتين يا "متوحشة" ...

شعرت بأنه يتهكم عليها ، وربما يراها خشنة جافة ليست مثل تلك الفتاة اللينة أو "كاتينا" من قبل لتردف بعدائية مُحببة لنفسه ...
- أنا "متوحشة" يا "رخم" ...

ضحك "معتصم" لإثارة حنقها ليردف وهو يستدير للمغادرة  ...
- بحبك برضه يا أم لسان طويل ...

رغم تحركه نحو خارج المقر إلا أنها إبتسمت بخفة بعد إبتعاده فقد أرضى غرورها بكلماته الأخيرة ، لكنها مازالت تشعر بالحنق من إقحام "عائشة" معهم بالمجموعة لتظن أنه ربما أراد قُربها لتشتعل غيرتها وتزداد حدة رغم ذلك لتعود بخطواتها المنفعلة نحو مكتبها تنتظر موعد الإجتماع القادم ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈

فيلا الأيوبي ...
فور عودتهم أسرعت "شجن" تشير للطبيب بغرفة "أيوب" بوجه قلق ، هذا القلق الذى لم يستطع "رحيم" فهمه ...

طرقت "شجن" باب الغرفة ..
- عم "أيوب" ، أنا جبت الدكتور ...

دلف الطبيب من خلف "شجن" بعبارته المعتادة ...
- ألف سلامة يا حاج ، خير إن شاء الله ...

إعتدل "أيوب" قليلًا بينما ساعدته "شجن" وهي تصف للطبيب شكواه ...
- عم "أيوب" بقاله فترة بياخد علاج الكلى ، بس من يومين المغص بيزيد ومش بيروح ولا بالعلاج ولا بالمسكن ...

تفهم الطبيب الأمر موجههًا سؤاله نحو "أيوب" ...
- بتشتكي من حاجة تانية يا حاج ؟!!

ببساطة متناهية أجابه "أيوب" ...
- والله يا إبني الواحد مش عارف يقولك إيه ولا إيه !! الحمد لله على كل حال ...

- ونعم بالله يا حاج ، بس برضه ربنا خلق الطب والدوا ، لازم ناخد بالأسباب ...

نظر الطبيب تجاه "شجن" قائلًا ...
- ممكن كوباية مياه لو سمحتِ ...

أومأت "شجن" بخفة قبل أن تتركهم متفهمة قصد الطبيب بإعطائهم مساحة من الحرية لسؤاله ، ليبدأ الطبيب بفحص "أيوب" متفهمًا منه ما يشعر به بدقة ...

خرجت "شجن" بتوتر حين قابلت "رحيم" الذى سألها بريبة ..
- إنتِ قلقانة أوي كدة ليه عليه ، مش غريبة شوية ، إنتِ لسه جاية من كام يوم كممرضة يعني ؟!!

تلك المرة لم تتركه لظنونه لتجيب تساؤله المرتاب بها ..
- أنا أعرف عم "أيوب" من قبل كدة ، هو بيفكرني ببابا الله يرحمه أوي ، كمان ساعدني في شدتي ، يبقى إيه !!! مش أقل حاجة أقلق عليه ، ده راجل وحداني ولا عيلة ولا أولاد ...

صمت "رحيم" لوهلة قبل أن يسأل بشك ...
- إزاي ده ؟!! هو فيه حد لا له عيلة ولا ولاد !!! ده أنا حتى سمعت إنه كان متجوز ثلاثة ..!!!!
قضبت حاجبيها بإندهاش لتتسائل بإرتياب به تلك المرة ..
- وإنت عرفت منين ؟!! 

زاغت عينا "رحيم" قليلًا ليجيب بإضطراب فهو ليس من ذوات الثبات الإنفعالي فهو يرتبك من أبسط الأمور ...
- "أم محمد" حكت لي ، وبعدين هنا الناس كلها عارفة بعض ...

أومأت بشك تلك المرة لكنها أسرعت تلبي نداء الطبيب الذى خرج للتو من غرفة "أيوب" ليلحق بها "رحيم" ليطمئن عليه أيضًا ...
- خير يا دكتور ...

إمتعض الطبيب قليلًا قبل أن يستطرد حديثه ...
- الصراحة مخبيش عليكم ، الحاج لازم يعمل تحاليل وأشعة بأسرع وقت لأن أنا شاكك إنه عنده فشل كلوي وفيه مشاكل فى الرئة برضه ...

صدمة حزينة بقلوب كلاهما ليسأله "رحيم" بتخوف ...
- يعني إيه ؟؟؟ ممكن يتعب أكتر ؟!!

- إحتمال كبير ، الحاج وضعه الصحي مش مستقر خالص ، أنا إديته حقنة مسكنة قوية حيبدأ مفعولها على طول وحيرتاح شوية  ...

تطلع "رحيم" بغرفة "أيوب" لبعض الوقت بينما تهدلت ملامحة بتعاسة واضحة ، عقبت "شجن" بعملية ...
- قول لنا بس نعمل إيه وإحنا حنتصرف ، إحنا زي ولاده ...

تطلع بها "رحيم" بدهشة لكنه إلتزم الصمت ، لا يدري لم يظن بها ظن آخر وأنها هنا لغرض ما ...

أكمل الطبيب توجيهاته وتوصياته قبل أن يرحل ، وقبل أن يدلفا لغرفة "أيوب" أوقفت "شجن" لهذا القلق متسائلة بتوجس ...
- غريبة !!! مش إنت إللي كنت بتقولي متأثرة ليه ده إنتِ لسه عارفاه ، إنت إيه حكايتك بالضبط ؟!!! 

أجابها "رحيم" بقلب حزين ظهر جليًا على ملامحه ...
- صِعِب عليا لما قولتي معندوش ولاد ، أنا إفتكرت إن ولاده مسافرين مثلًا أو أي حاجة ...

أخفت "شجن" إبتسامتها فيبدو أن هذا الشاب ضعيف القلب لا يتحمل الظروف القاسية ، يبدو أنه إسم على مسمى (رحيم) ...

دلفا لغرفة "أيوب" يتضاحكان ويخففان عنه بعض الألم حتى يبدأ المسكن بالتأثير ليرتاح قليلًا ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈

مكتب "عهد" ....
صدق من قال مُرة كالقهوة لا يتحملني إلا من يحبني ، سأظل متنافرة غير راضخة ، لن أعترف بالعشق ولن أترك قلبك ، فحنيني لك سرًا وجمودي جهرًا بين عيني وعينيك ...

عادت "عهد" لمكتبها منفعلة ثائرة لكن قلبها ينتفض من فرط سعادته ، كم كانت مزيج متفرد لكيانين متناقضين ...

جلست لبعض الوقت بهدوء قبل أن تناظر ساعة يدها فمازال هناك وقت طويل حتى يحين موعد الإجتماع ، قررت الإتصال بخالتها "زكيه" فلها فترة من الوقت لم تتصل بها ...

سمعت صوت الإتصال لكن لا مجيب لتعاود مرة أخرى فربما خالتها مشغولة بأمر ما ، وبعد فترة من الرنين لم يجيبها الصوت المنتظر بل كانت "نغم" هي من أجابتها ...
- ألو ، إزيك يا "عهد" ...

توجست "عهد" أن تكون خالتها متعبة أو مريضة لتباشر سؤالها ...
- كويسة ، خالتي فين ، تعبانة ولا إيه ؟!!

ربما كانت تلك الرقيقة تنتظر سؤالها لتجيب بنشيج متأثر ...
- ماما في مصيبة يا "عهد" ، ماما قبضوا عليها في القسم محبوسة ...

إنتفضت "عهد" واقفة بقوة غير مصدقة لما تسمعه أذنيها ...
- إيه !!! بتقولي إيه ؟!! إمتى ده و ليه ؟!!

أجابتها "نغم" بصوت مختنق ...
- السبت إللي فات ، راحت تدفع فلوس كانت مستلفاها من واحدة جارتنا في الشارع هنا ، راحت لقيتها مقتولة وإتهموها إن هي إللي قتلتها وقبضوا عليها ...

ضاق تنفس "عهد" فخالتها هي من بقيت لها من كلمة عائلة ، ليس لديها سواها فكيف إبتعدت إلى هذا الحد حتى يمر أسبوعًا كاملًا لا تدري به عن خالتها ومُصابها ، أردفت "عهد" تلوم "نغم" بحدة ...
- وإنتِ إزاي مقولتيليش حاجة زي كدة ، ولا حتى "شجن" ، معقول ده ؟!!

سحبت "نغم" نفسًا متهدجًا لتبرير إخفائها للأمر ...
- كنت فاكره إنهم حيعرفوا على طول ويسيبوها ، و"شجن" زعلانة مننا عشان أنا إتجوزت "مأمون" إبن عمي وسابت لنا البيت ومشيت ومعرفش راحت فين ...

لو كانت تتعمد إثارت أعصابها بالفعل ؛ ما كانت لتخبرها بهذا الشكل مطلقًا ، لتنفعل "عهد" بغضب شديد ...
- إستنى إستنى ، هو إيه العَك ده !!! يعني إيه تتجوزي إبن "صباح" ، ويعني إيه أختك تسيب البيت !!!! إنتوا جرالكم إيه ؟!! وإنتِ ليه تتجوزي الجوازة السودا دي !!! ناقصة عك وقرف !!!

قلبت "نغم" شفتيها بإستياء فلا أحد يُقدِّر عشقها ورغبتها ...
- ماله "مأمون" كلكم عليه ليه ؟!! ده حاجة تانية خالص ، بلاش تظلموه ، وبعدين إحنا في إيه ولا في إيه يا "عهد" !!!!

دفعت "عهد" أحد الأقلام أرضًا تنفث عن غضبها من تلك الفتاة السطحية ..
- هو إنتوا كلكم خيبة كدة ، مفيش واحدة جامدة ولا قوية ، تسلم دماغها "شجن" ليها حق تطفش وتسيب الخيابة دي ، بس راحت فين ؟!!

- منعرفش !!
بقلم رشا روميه قوت القلوب
أغمضت "عهد" عيناها للحظات تحاول تمالك أعصابها الثائرة من تلك الفتاة حتى لا تنفعل عليها لتردف بخشونة ...
- طيب يا أختي ، أنا حروح لخالتي القسم أشوف الحكاية إيه ، وبعد كدة أول بأول تبلغيني ، مش أبقى زي الأطرش في الزفة وآخر من يعلم !!!!!

- حاضر ...

أنهت "عهد" مكالمتها لتغادر مكتبها متجهة نحو قسم الشرطة لزيارة خالتها ومعرفة ما حدث حتى تحاول مساعدتها ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

بيت النجار (شقة زكيه) ....
بعد أن أنهت "نغم" مكالمتها مع "عهد" زادها الأمر ضيقًا وهي تناظر الجدران التى إزدادت بشاعة لوحدتها الآن ، لم تجد سوى الشُرفة لتخرج إليها تناظر المارة هنا وهناك ، فربما يمر ساكن قلبها بعد قليل ، أيمكن أن يكون إنتظارها وحده غاية لها ...

لكنها لم ترى من كانت تتمنى بل وجدت عيونًا أخرى تحمل لها عِتاب أكبر ، عِتاب مخفي برسائل لم تنطق ، عيون متألمة كمن غدرت به ، لكنه حديث القلب ، لم يكن بيدها ، إنها تُحب ...

وقف "بحر" يطالع "نغم" بعيون متحسرة ، كم إشتاق إليها ولوجودها وضحكتها الناعمة ، لؤلؤة قلبه الخائن الذى لم يعرف الراحة منذ وقعت عيناه عليها ، تنهد بتحسر لكن مازال هناك بريق أمل بأن يجد له "شوقي" حل يُبعد "مأمون" بشكل نهائي عن "نغم" ، يتمنى أن يزيح تلك الغُمة عن حياته  و"مأمون" عن طريقه ...

تقدم "بحر" بضع خطوات كادت أن تخرج كلمات التلهف والإشتياق بشفتيه قبل أن يفاجئ بوجه شرس يطالعه بحقارة ليهتف به بإشمئزاز ...
- إنت مش ناوي تجيبها لبر بقى !!!!!

أرخى "بحر" عيناه تجاه "مأمون" الذى إعترض طريقه ليرفع من رأسه بشموخ قبل أن يطالعه بتقزز ...
- لأ يا "مأمون" ، عشان عارف إنك مش سالك ، ووراك كل المصايب مهما حاولت تقنعني إنك راجل مظبوط ، وبتحب "نغم" ، إنت مبتحبش غير نفسك وبس ، عشان كدة بقولها لك بالذوق ، إبعد عنها بالرضا ، أحسن ما تبعد عنها غصب عنك ...

ضحك "مأمون" ساخرًا يطالع ضعفه وقلة حيلته ...
- بس يا بابا ، شوف إنت بتكلم مين !!! ها ، أحسن لك إنت خليك بعيد عن طريق "نغم" (ثم أكمل يُشعره بتغلبه عليه ) ، مراتي ...

مجرد سماعه للكلمة لم يتمالك "بحر" نفسه ليلكمه بقوة مباغتة سقط إثرها "مأمون" أرضًا وقد سال خيط من الدماء بجانب شفتيه ، مسحها "مأمون" بأطراف أصابعه لينهض بغيظ يحاول رد اللكمة بأخرى فلن يقلل منه هذا اللين صاحب المكتبة ..
بقلم رشا روميه قوت القلوب

لكنه حين رفع قبضته منعها "بحر" من أن تطاله ليتواجه كلاهما بنظراتهما الشرسة يَكِنُّ بها كل منهما حقد دفين للآخر لتنتهي تلك المواجهة بضربات متتالية لكلاهما فلن يعلن أحدهما الخضوع والإنهزام ...

إلتف المارة حولهم يحاولون الحول بين كلاهما ليتمكن الإنفعال بقلوبهم ونفسهم المشحونة لم تتوقف إلا بعد صراخ "نغم" بهم ...
- كفاية بقى ، أنا معدتش قادرة أستحمل ، متزودوهاش عليا ، خلاص يا "مأمون" عشان خاطري ( كلمة أرجفت قلب "بحر" لترجيها له وإختيارها له مرارًا ، ثم أكملت تناظر "بحر" بتأثر) ، كفاية كدة وإبعد عن طريقي ، أنا تعبت ...

لملم "بحر" إنفعاله ليردف بتحذير ...
- أنا حبعد ، بس والله لو أذاكِ في أي حاجة ما حرحمة أبًدا (قالها وهو يحدج "مأمون" بقوة ثم أهدل عيناه تجاه "نغم" قائلًا بنبرته العاشقة المحتضرة ) ، أنا موجود في أى وقت تحتاجيني فيه ، متسمحيش لأي حد ييجي عليكِ أبدًا ، وعمومًا أنا حبعد بس لو عوزتيني ، حتلاقيني يا "نغم" ...

نبرته الحزينة اليائسة جعلت قلبها يتألم بشدة لتتعلق سوداوتيها به أثناء رحيله ، رحل وإنتزع شيء ما بداخلها لا تدري ما هو ، لم تكن تظن أن غيابه سيؤثر بها لهذا الحد ...

إنتبهت على صوت "مأمون" مرددًا بنبرة غاضبة ...
- المركب إللي تودي ، يا ستار ، بني آدم غتت ...

نكست "نغم" عيناها بحيرة لتلملم حزنها معاودة لشقتهم مرة أخرى ، فيما أخذت "راويه" تتابع هذه المشادة من بدايتها بشرفة شقتهم قبل أن تشاركها والدتها "صباح" أيضًا التى كانت تطالع كلاهما بإستهزاء وهي تتمتم ...
- مش عارفه بيتخانقوا عليها الإتنين ليه !!! هو إللي خلقها مخلقش غيرها ...

زفرت "راويه" بقوة فمتى سيكون لها قلب مُحب يتمناها كما يتمنى كلاهما "نغم" ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈

عبرت "حنين" الطريق بعد أن لاقت بغض "محمود" لها ، شعرت بمعني كلمة منبوذة ، تلك الكلمة التى كانت تتمناها لـ"راويه" وبنات "زكيه" ، كانت تتشمت دومًا بهن وببقائهن بدون زواج تمامًا كالمنبوذين ، فاليوم يحق الحق وتدفع الفواتير ...

غُمت عيناها دموع مقهورة فمن أحبته كرهها ومن يحبها تكرهه ، لكن عليها العودة لبيتها وإخفاء إنكسارها فلن يشمت بها أحد ...

رفعت وجهها تعدل من وضع وشاحها المتطاير فوق رأسها لتضغط فوق عينيها بقوة تتأكد مما رأته عينيها لتهمس بشك ...
- هو ده "فريد" ...؟؟!!

أسرعت بخطواتها لتلحق بهذا المتعجل أمامها كما لو كان يخفي نفسه منها لكي تتحقق إن كان هو بالفعل زوجها أم لا ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب
أخذ يتحرك بعشوائية يزيغ وسط الزحام حتى وجدت نفسها بحيِّهم فإضطرت لتهدئة خطواتها بينما ساورها الشك بأن "فريد" كان يلحق بها ...

دلفت لداخل البيت تنظر بين أرجائه لكن "فريد" لم يكن هنا ، خلعت وشاحها لتلقيه على حافة المقعد قبل أن تجلس بأعين متفكرة وذهن مشتت ...
-( يكون "فريد" شافني وأنا خارجة من بين "حودة" ، ولا يكون معدي بالصدفة ؟!!!! ولا يمكن مش هو أصلًا ) 

ثم أخذت تستنكر أفكارها ...
-( لأ لأ لأ ، مش هو إزاي ، هو الجاكيت بتاعه هو أنا حتوه عنه ) ..

إتسعت حدقتيها بإرتعاب مستكملة إدراكها للأمر ...
-( يا حوستي !!! ده لو عرف حيعمل فيا إيه ؟؟! ده غبي ومخه واقف مبيفهمش ، ده ممكن يموتني فيها ) ...

إنتفضت من جلستها تدور حول نفسها وهي تلطم خديها بهلع ...
- يا لهوي ، يا لهوي ، روحتي في شربة ميه يا "حنين" ، طب والعمل ، أعمل إيه !!!!

أومأت برأسها عدة مرات لتلك الفكرة التى نبتت برأسها ...
- أيوه ، هو كدة ، لازم أخلص منه قبل ما يخلص عليا ، لازم ...

رفعت هاتفها تتحدث لـ"حامد" فهو منجدها الوحيد ...
- ألو ، أيوه يا "حامد" ، بقولك إيه ،إسمعني بس ...

- خير يا "حنين" ما بالراحة ....

بأنفاس متلاحقة أكملت بعجالة ...
- قولي بس ، إنت شحنت حاجات بإسم حمايا ولا لسه ؟؟!

تملل "حامد" من تكرار اسئلتها ليردف بتذمر ...
- لسه لسه ، جرى إيه يا "حنين" هو بالساهل كدة ، الأمور دي بتتعمل بالراحة عشان نأمن نفسنا ...

دبت قدمها بالأرض بتذمر وهي تنهي المكالمة ..
- أوووف ، طيب ، طيب ، سلام ...

وضعت كفها فوق فمها للحظات لتبدأ بقضم شفاهها بتوتر قائله ...
- كدة مش حينفع أبلغ عنه ، أعمل إيه دلوقتِ ؟! 

لمعت عيناها الماكرتين بوميض غادر فليس أمامها سوى التخلص منه قبل أن يفكر بأذيتها ، فهو إن كان يراقبها بالفعل لن تأمن على نفسها معه بعد الآن ، أو ربما تستطيع السيطرة عليه كما كانت تفعل دائمًا فهو ضعيف للغاية أمامها  ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈

قسم الشرطة  ...
إستقطعت "عهد" وقت ضروري لزيارة "زكيه" بمحبسها وتمد لها يد المساعدة ، أسرعت "عهد" لقسم الشرطة وطلبت على الفور من الضابط المختص بزيارة عاجلة لخالتها ...

حضرت "زكيه" بأعصاب تالفة لتقابل "عهد" التى هرعت لتشكو لها مصابها ...
- شوفتي يا "عهد" إللي حصل لخالتك ...!!!

طلبت منها "عهد" الجلوس للإستفهام منها عما حدث ...
- تعالي إحكي لي إيه الحكاية بالضبط ...

قصت "زكيه" الأمر على "عهد" بأدق التفاصيل فقد كررت قصتها لعدة مرات بالإستجواب الخاص بها من ضابط لآخر ، حتى أخبرتها قرار تجديد حبسها حتى موعد المحاكمة ...

حاولت "عهد" المساعدة بقدر إستطاعتها حين حاولت فهم موقف خالتها بهذا الإتهام حين أخبرها الضابط ...
- حقيقي يا حضرة الضابط خالتك وضعها صعب جدًا ، لأنها إتقبض عليها في الشقة جنب القتيلة وفي نفس التوقيت تقريبًا ، ده غير إن وصلنا بلاغ بإعتداء على الست "خيرية" وطلبها للنجدة ، وكمان وجدنا معاها فلوس وفي نفس الوقت الست "خيرية" إتسرقت ، للأسف مفيش دليل واضح على كلام الست "زكيه" خالص ...

تفكرت "عهد" لبعض الوقت وهي تحاول تحليل الأمر بحسها المخابراتي ...
- طيب يا فندم لو هي سرقت فعلًا فين بقية الفلوس والدهب إللي بتقول إنها سرقتهم ، وبرضه مين ده إللي بلغ ، مكتبش إسمه ليه في البلاغ ...

إمتعض وجه الضابط موضحًا ...
- كل إللي إنتِ بتقولي عليه ده فكرنا فيه ، لكن للأسف خالتك معندهاش أي دليل أو حجة عكس الكلام ده ...

بضيق شديد إضطرت "عهد" على مضض تقبل الأمر مع التوصية بحسن معاملتها حتى تجد مخرج من تلك الورطة التى لا مهرب منها حتى الآن ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

إنها لوحة فنية ، لا تعد مجرد أنثى ، لو رآها الجميع بمقلتي لصار الشعراء بالصفوف ترسو ...

تسلطت عينا "رشيد" بتلك المتوهجة التى مرت للتو من أمام المطعم لينتفض نحو الخارج يتابع توجهها لبيت أختها ...

قضم فوق شفته السفلى بإشتياق فبينه وبينها مجرد خطوات ، ومضت عيناه ببريق متحمس فها هي "غدير" قد أتت بنفسها إلى هنا مجددًا ...

وقف بناصية الطريق يحدق بقوة تجاه "غدير" التى دلفت للبيت الأخير للتو ليخرج هاتفه لبدء أمر شغل فِكره منذ لقائهما الأخير ...

صعدت "غدير" نحو شقتهم القديمة لتقف أمام الباب منكسة رأسها تبحث بداخل حقيبتها الصفراء عن مفتاح الشقة ...

دبت الأرض بقدمها متذمرة كالأطفال وهي تصطنع البكاء من غبائها المتكرر ...
- لأ بقى ، نسيت المفتاح في الشنطة السوداء ، والست "مودة" لسه مجاتش ، أعمل إيه دلوقتِ يا ربي ...!!!

أخرجت هاتفها من الحقيبة لتتصل بـ"مودة" تحثها على القدوم سريعًا بلا تلكؤ ، لكن يبدو أن الحظ لم يحالفها بهذا الأمر أيضًا فعندما نظرت بشاشته وجدت أن الهاتف قد نفذ شحن بطاريته لتتذمر مرة أخرى ...
- لأ بقى كدة كتير أوي ....

زمت شفتيها بإستياء لتضطر لأن تذهب لمركز الإتصالات (السنترال) بالأسفل للإتصال بـ"مودة" ...

هبطت الدرج مرة أخرى لتعود بخطواتها المبتهجة نحو (السنترال) لتدلف للداخل بحيوية و إبتسامة عريضة ...
- مساؤوووو ، إزيك ياض يا كرمله ...

تطلع بها فتي لم يتجاوز السابعة عشر ببسمة وتحية لطيفة ..
- أبلة "غدير" ، يا أهلًا يا أهلًا ...

نظرت نحو أحد الهواتف قائله بحركة من حاجبيها ...
- عايزة أتكلم في التليفون يا "كيمو" ...

مد "كريم" يده بأحد الهواتف بدون تردد ...
- إتفضلي طبعًا يا أبلة ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

سحبت "غدير" الهاتف من بين أصابعه لتدق رقم الهاتف الخاص بأختها والتى لم تتأخر بإجابتها ...
- إنتِ حتتأخري ولا إيه !!! أنا نسيت المفتاح ...

ضحكت "مودة" ساخرة من عشوائية أختها فهذا موقف متكرر للغاية قد إعتادت عليه ...
- طيب خدي المفتاح الإحتياطي ، أنا مخبياه تحت الزرعة الكبيرة إللي على السلم ..

حركت "غدير" رأسها بتفهم وإعجاب بذكاء أختها ...
- أروبة يا بت يا "دودااا" ، ماشي ، متتأخريش بقى ...

- حاضر ، جاية على طول أهو ...

أنهت "غدير" إتصالها لتخرج من (السنترال) ، لكنها فوجئت بعد تحركها ببضع خطوات بماء ينهمر فوق رأسها ، والمفجع أنه لم يكن ماء نظيف مطلقًا ...

تشنجت أطرافها بتقزز وهي تناظر حالها المبلل وفستانها المتسخ وشعرها الملطخ لتهتف بإنفعال ...
- يعع ، إيه ده !!!! مش تحاسبوا ...

لم تكترث بتلك الكلمات المعتذرة لتسرع نحو شقة أختها لتتدارك هذا الأمر فلن تبقى بهذا الشكل حتى لا تصيبها نوبة تنفسية أخرى ، فعليها تبديل ملابسها المبتلة وتنظيف نفسها من أثر تلك المياه الغير نظيفة ...

شعرت "غدير" بحرج بالغ حتى أنها تعجلت بخطواتها بشكل ملحوظ لتصعد نحو الشقة تختبئ عن تلك العيون التى تحملق بها وهي بهذا الشكل ، لم تنتبه لهذه العيون الزرقاء التي تناظرها بحدة كادت تخترقها ...

فور إختفاء "غدير" عن أعين المحدقين بها وتحركهم نحو وجهتهم ، رفع "رشيد" هامته يطالع المارة هنا وهناك بأعين ماكرة وهو يتراجع لخطوات دون أن يلاحظه أحد ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

بيت المستشار خالد دويدار (شقة عيسى) ...
وصل "عيسى" للتو بنفس مختنقة ، فضياع تلك الأوراق الهامة سيجعله موقفه وموقف موكله بغاية السوء ، دلف لداخل الشقة دون البحث عن منبع الحياة الخاص به بل ألقى بنفسه فوق أحد المقاعد يزفر بقوة ينفث به ضيق حاله وشتات أفكاره ...

أغمض عيناه لوهلة وهو يعيد رأسه للخلف كمحاولة فاشلة بالحصول على بعض السكينة و الراحة حتى سمع بعض التنبيهات الواردة بوصول رسائل له ، فتح عيناه بإنتباه لهاتفه وهو يقرأ فحوى تلك الرسائل ...

للحظة نظر تجاه تلك الكلمات المخطوطة بأعين متوهجة ليعتدل بجلسته يعيد قرائتها مرة أخرى بتمعن يحاول إستيعاب ما لا يمكن لعقله قبوله ...

رسائل متتالية كتب بها ..
[ ورق القضية مضاعش منك ، الورق إتسرق ، وإللي أخدته كسبت كتير أوى من وراه ، لو مش مصدق ، دور في شُنط مراتك وإنت تفهم ، "غدير" مراتك باعتك وقبضت التمن وإتأكد بنفسك ، فاعل خير] ...

لم تكن تلك أبدًا أفعال فاعل خير ، بل وساوس شيطانية جعلت "عيسى" يشعر بإنفعال من صاحب الرسائل ، لم يكن ظنه بـ"غدير" فهي حبيبته ولن تكون مطلقًا موضع شك ...

رفع هاتفه يحاول الإتصال بهذا الرقم الذي أرسل له تلك الرسائل لكن بالطبع الهاتف مغلق ...

دارت عيناه المضطربتان للحظات قبل أن يحاول الإتصال بـ"غدير" ليجد أن هاتفها مغلق أيضًا ، إضطر بالإتصال على "موده" فهي بالتأكيد معها الآن ...

أجابته "موده" دون تأخير ...
- السلام عليكم ...

حاول "عيسى" ضبط أنفاسه ليتسائل بجمود ..
- وعليكم السلام ، هي "غدير" عندك يا "موده" ؟!!!

سؤال معتاد ومتوقع لكن إجابة "موده" لم يكن يتوقعها "عيسى" ...
- لأ ، أنا لسه في الشغل ، "غدير" في البيت عندي ، أنا شوية كدة وحروح أهو ، فيه حاجة ؟!!!

رغم إمتعاضه لعدم تواجدهن سويًا إلا أنه لم يظهر ذلك ...
- لا أبدًا ، أنا بطمن عليها بس ...

أردفت "موده" بتفهم ...
- لأ هي كويسة متقلقش ، وأنا بس قدامي شوية وقت وأروح البيت زي ما إتفقت مع "غدير" ...

- تمام ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب
أنهى بذلك "عيسى" مكالمته مع "موده" دون فهم علام إتفقتا !!! ولم ليست مع "غدير" ، ولم "غدير" بالشقة بمفردها دون أختها ...؟!!!

أخذ يحرك ساقيه بإنفعال لتبدأ موجات وموجات من الظنون ، تلك الظنون التى لم يستطع كبحها هذه المرة والتى دفعته للنهوض نحو غرفتهم للبحث بين حقائب "غدير" ليتيقن أن لا شيء بالمرة مما يفكر به حقيقي ، بل كلها ظنون لا أساس لها من الصحة ...

وقف "عيسى" أمام الخزانة مترددًا ينهر نفسه بقوة عما يفكر به ، فكيف يسمح لنفسه بالشك بـ"غدير" ، كاد أن يتراجع ويستدير دون البحث ، لكن نَفسِه ضعفت أمام تلك الحقائب لتتراود لنفسه فكرة تستحسن الأمر وتصيغة بشكل آخر ...
- أنا حطمن بس ، مش أكتر ...

بحث بين الحقائب الواحدة تلو الأخرى حتى وصل للحقيبة السوداء ، فتح سحابها لتلفت نظره علبة من القطيفة ذات لون أرجواني غريب ، أسقط الحقيبة من بين يديه ليمسك بالعلبة كما لو كان يحمل قنبلة ستنفجر بين خبايا قلبه أولًا قبل يديه ، فتحها ببطء لتتسع عيناه بصدمة لرؤيته محتواها ، إنها خاتم من الألماس باهظ الثمن ....
بقلم رشا روميه قوت القلوب

❈-❈-❈ـ

مقر المخابرات العامة ...
دلفت "عهد" بخطواتها الصارمة فقد أوشك موعد الإجتماع الذي حدده "معتصم" ولن تتأخر عنه مهما حدث ، دقات رنين هاتفها لم تكن بالأمر الذي سيعطلها عن مشاركتها بهذا الإجتماع لترفع سماعة هاتفها تجيب الإتصال أثناء تحركها نحو الطابق الثاني ...

سماعها لصوت "وعد" الحنون أثار بداخلها تساؤل واحد ...
- إزيك يا "وعد" ، إنتِ مقولتيليش ليه ؟؟!

تعجُب "وعد" بالطرف الآخر كان واضحًا بشدة حين تساءلت بدون فهم ...
- مقولتلكيش على إيه ؟؟!

بسرعة بديهة سألتها "عهد" لتتأكد من معرفتها بأمر خالتهم أم لا ...
- إنتِ آخر مرة كلمتي خالتك إمتى ؟!!

تفكرت "وعد" لبعض الوقت قبل أن تجيبها ..
- مش عارفه ، تقريبًا من أيام كتب كتابي على "محب" ، أصلي إنشغلت أوي بعدها ...

أيقنت "عهد" أن لا فكرة لـ"وعد" عما حدث لخالتهم لتظن أنه لا داعي بأن تخبرها بالأمر فهي رقيقة القلب وسوف تتأثر بشكل قاسي وشديد ...
- طيب تمام ...

توجست "وعد" من سؤال أختها لتردف بقلق ...
- هو فيه حاجة حصلت ؟!!!

بجمود شديد أجابتها "عهد" ...
- لا عادي ، كنت بسأل بس عن أخباركم مش أكتر ...

نظرت "وعد" تجاه ولدها الذي كان يعبث بألعابه أمامها وهو يتناول بعض الفاكهة المقطعة ...
- إحنا كويسين خالص ، والدنيا مستقرة الحمد لله ، ده أنا حتى كنت عايزة آجي لك شوية لو إنتِ فاضية ، أصل "محب" حيتأخر في المعرض النهاردة ...

وصلت "عهد" لمكتب السيد "نظمي" (مقر الإجتماع) لتهدئ من خطواتها قبل أن تنهى تلك المكالمة ...
- أنا مشغولة شوية اليومين دول ، أخلص شغلي وأكلمك ، سلام عشان عندي إجتماع مهم ...

تفهمت "وعد" ذلك لتردف مودعة أختها ...
- طيب يا "عهد" خدي بالك من نفسك ، سلام ...

- سلام ...

سحبت "عهد" الهاتف من فوق أذنها لتغلقه حين إصطدمت بها "عائشة" أثناء مرورها بعجالة متجهة لداخل المكتب لتُعلق بتعالى أثناء تخطيها لها ...
- سوري ، سوري ، ما أخدتش بالي ...
بقلم رشا روميه قوت القلوب

رفعت "عهد" حاجبها الأيمن بتهكم من تلك الفتاة التى يبدو أنها قد أثارت المتاعب على نفسها الآن ...

تعجلت بخطواتها لداخل المكتب لتصدم "عائشة" بعنف أثناء دخولها للمكتب حتى ترنحت تلك النحيلة نحو أقصى اليمين لتظهر "عهد" بالمقدمة لتتسلط العيون عليها فقط ...
ألقت تحية المساء بخشونة ...
- مساء الخير ...

همهمات تعالت بين الأصوات الذكورية لتشاركهم "عهد" بالجلوس دون النظر لتلك التى عادت بإستقامتها لتبحث عن مقعد تجلس به فقد لحقت "عهد" المقعد الأخير ...

إضطرت "عائشة" لطلب من أحد السعاة إحضار مقعد لها لتظل متوقفة لبعض الوقت فيما كان "معتصم" يراقب بزاوية عيناه عنف "عهد" الغير مبرر مع "عائشة" وهو يخفي إبتسامته فقد بدأت غيرتها التى تشعره بالسعادة ، فهي إعتراف خفي منها بالعشق ...

بدأ "معتصم" حديثه بالوقوف على آخر المستجدات بالمهمة ...
- كلنا عارفين إن حضرة الضابط "طه" هو إللي كان السبب في تسريب المعلومات بمهمتنا الأخيرة ، وطبعًا عرفتوا إللي حصل له ، حنقفل الصفحة دي هنا بتحذير لكل شخص موجود وسطنا وممكن يفكر ولو مجرد تفكير في الخيانة ، محاكمة "طه" حتكون رادعة فأتمنى نكون كلنا قلب واحد همنا هو مصلحة بلدنا وبس وأي مصالح شخصية تتجنب تمامًا ...

نظر نحو "شادي" ثم أكمل ...
- حضرة الضابط "شادي" جاب لنا تسجيلات جديدة تم الإتفاق فيها على محاولة إغتيال لشخصية كبيرة جدًا ، وبدون التوضيح لمين هو صاحب الشخصية دي ، التشكيل ده لازم نعرف كل أفراده بأسرع وقت ، بدون أي أخطاء ، مش حسامح في أي خطأ المرة دي كمان ...

أشار "معتصم" نحو "عبد الرحمن" بقيادية حازمة ...
- "عبد الرحمن" حيبلغكم بأماكن المراقبة الجديدة وحيوزع المجموعات من أول وجديد لأن المعلومات إللي عندي إن ضربتهم الجاية قريبة جدًا ولازم ناخد إحتياطنا ومفيش وقت نزرع حد وسطهم ، إحنا حنراقبهم على مجموعات والمعلومات فورًا توصل ليا أنا شخصيًا ، التشكيل ده أنا قدرت أعرف منه حوالي عشر أفراد ، ولسه لازم نعرف المحركين لهم ومصادر التمويل بتاعتهم ...

بإنصات شديد من المجموعة ككل أكمل "معتصم" بصورة أكثر تحديدًا ...
- توزيع الأدوار حيبدأ من الليلة مع "عبد الرحمن" و "شادي" ، فيه مجموعة مخصوصة حتكون معايا أنا والضابط "عمر" و ...

قاطعته "عائشة" بحماس تقفز من موضعها مهللة ...
- أنا ، أنا معاك يا قائد في المجموعة دي ، يا ريت أكون معاك نفسي أتعلم منك أوي ....

تناست "عهد" نفسها لتسيطر عليها غريزة الأنثي الشرسة التى يُسلب منها رَجُلها الذي يخُصها لتهاجم بضراوة وقد إتسعت عيناها بنظرات حادة مخيفة توجهها نحو "عائشة" ...
- رايحه فين إنتِ ، هو إيه الإستعباط ده ، إتنيلي أقعدي وإسمعي الأوامر لأخبطك على دماغك أجيب أجلك ، ناقصة مُحن هي ...

رغم قسوتها وتفاجئ الجميع إلا أن قلب "معتصم" تراقص فرحًا ، إنها تغير وتهاجم لأجله ، شراستها إقتلعت قلبه وأصبح ملكها ...

لملمت "عهد" شراستها لتحجمها قليلًا فقد تمادى الأمر منها وخانها قلبها مسيطرًا بدلًا من عقلها لتتراجع ببعض من الصمت حين هتف "معتصم" يزيد من الأمر إشتعالًا فهو يريد قطته البرية دومًا بحالة هجوم ...
- سيبيها يا حضرة الضابط ، أنا موافق يا حضرة الضابط "عائشة" ، إنتِ معايا في الفريق ...

فغرت "عهد" فاها بصدمة ممزوجة بغيظ تجاه "معتصم" قبل أن تردف بحدة تسأله بإستنكار ...
- يعني إنت شايف كدة ؟!!!!! 

ويبقى للأحداث بقية ،،،

 •تابع الفصل التالي "رواية ظننتك قلبي الجزء الثاني 2" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent