رواية لحظات منسيه الفصل التاسع عشر 19 - بقلم قوت القلوب
الفصل التاسع عشر
•• لم تَتِم .... ••
تتعلق الآمال وتحلق بسماء الأمانى لكن لكل أمر وقت محسوم ، إنها إرادة الله التى تعلو كل شئ ، فربما شئ تمنيته شَرٌ إذا أتاك ، وربما ليس الآن وقت ما تتأمل فلكل ما تتمناه وقت محقق هو بالفعل أنسب وقت له ...
بيت الحاج سعيد ....
بعد مغادرة كرم جلس الحاج سعيد وسط بناته وزوجته يقضون أمسية لطيفة يتابعون بها أحد الأفلام بالتلفاز لحين حضور هيام من بيت صديقتها ...
دلفت هيام لداخل شقتهم الواسعة لتبتسم لتلك الأسرة الدافئة الملتفه حول بعضهم البعض ثم قالت برضا ...
هيام: ما شاء الله .. دة إنتوا كلكم قاعدين النهاردة ..
بمزاحها اللطيف المحبب لنفوسهم جميعًا أجابتها سميرة ...
سميره: دة قَرّ دة ولا إيه .. تعالِ تعالِ أقعدى معانا ..
أشارت سميرة إلى جوارها لتشاركهم هيام جلستهم وسهرتهم ...
هيام: أه والله بقالنا فترة متجمعناش كلنا كدة ...
ام هيام: ربنا ما يحرمناش من بعض ... إيه يا حبيبتي رُوحتى لـ نورا ....؟؟!
هيام: أه لسه جايه من عندها أهو ...
تطلعت والدة هيام نحو زوجها بنظرة خاطفة وهى تستكمل سؤالها عن نورا ...
ام هيام : ومبسوطة مع جوزها ..؟!
هيام: أه الحمد لله ... جوزها طيب وأهله طيبين ...
أعادت والدة هيام نظرها نحو زوجها كما لو أن هناك ما يخفونه عنها لكنها عادت وتسائلت بما سبب الشَك بنَفسِ هيام ..
ام هيام : أه ... ما إحنا عارفينهم كويس ... وكلامهم ثقة ... مش كدة برضه يا حاج ...
الحاج سعيد: أيوة طبعًا ...
دارت هيام بعيناها بين والديها لتزداد الشكُوك بداخلها فَهُم بالتأكيد يخفون شيئًا عنها لتردف بفراسة ...
هيام : مالكم ... فيه حاجة زى ما تكونوا عايزين تقولوها ....؟!
الحاج سعيد: والله يا بنتى متقدم لك شاب النهاردة وكنا عايزين نسأل جوز صاحبتك عليه ...!!
تسارعت دقات قلبها بقوة فهل صَدَقَ و فعلها حقًا ، إضطربت بشدة وهى تتسائل بتلعثم ...
هيام : مين .... مين دة ...؟؟!
الحاج سعيد : واحد صَاحبُه إسمه كرم ...
إتسعت إبتسامتها لتشق وجهها بقوة لتثير فضولهم حتى أن عيونهم تسائلت عن سِر إبتسامتها فهى تبدو سعيدة لطلب هذا الشاب بخلاف من تقدم لها من قَبله ...
الحاج سعيد: إنتِ تعرفيه يا هيام ...؟!!
لم يكن من طبعها الكذب لتجيبه بصدق تتصف به ...
هيام: شُفته فى فرح نورا ... وكام مرة كدة يا بابا ...
الحاج سعيد: وإيه رأيك طيب طالما تعرفيه ...؟!!
هيام بخجل : إللى حضرتك تشوفه ...
هللت والدة هيام بفرحة كما لو أنها تنتظر خبرًا مفرحًا كهذا ....
ام هيام: يا ريت يا حاج ... ونفرح بـ هيام بقى وعقبال إخواتها نطمن عليهم كلهم ...
رفعت سميرة حاجبيها بإندهاش مصطنع ...
سميره: دة إنتوا عايزين تخلصوا مننا كلنا بقى ...
ضربتها أمها بخفة على رأسها قائله ...
ام هيام : إسمها نفرح بيكم يا غلباوية إنتِ ....
الحاج سعيد: بس لازم نسأل عليه ونطمن الأول ...
ام هيام: أه طبعًا .. ربنا يجعله من حظك ونصيبك ... دة حاجة كدة تفرح وشكله إبن ناس ووحدانى ....
إضطرابها الشديد شئ لم تعتاد عليه لتنهض هيام مستأذنة منهم وقد تورد وجهها بحمرة خجل شديدة ..
هيام : طيب حـ أروح أنا أرتاح بقى ...
قفزت سميرة متعلقة بذراع هيام قائله ...
سميرة: خدينى معاكِ ....
لحقتهم هبه وسط ضحكات الجميع ...
هبه: طب وأنا .. خدونى معاكم طيب ..
تلاحقت الثلاث فتيات إلى غرفة هيام بينما جلس الحاج سعيد وزوجته بمفردهم ....
الحاج سعيد: تفتكرى خلاص ممكن ربنا يسهل لها جوازها بالسرعة دى ...
ام هيام : تعبت أوى يا سعيد ... شَقِت يامه شغل وقلة راحة .. آن الأوان نفرحها ونريحها بقى ...
الحاج سعيد: أيوه والله ... تِعبت كتير من أيام ما كانت فى الثانوى ...
ام هيام : وأنا إرتحت له لما شفته ...
الحاج سعيد: ربنا يقدم إللى فيه الخير ....
ام هيام: يا رب ...
=====
تجمع ثلاثتهن بغرفة هيام حين همت سميرة بإغلاق باب الغرفة من خلفها ثم إلتفتت نحو هيام وهبه الجالستان فوق الفراش ....
سميره : يلا يا حلوة قولى بقى وبالتفصيل المتفصل كدة .... و فهمينا إيه الحكاية دى بالضبط ....؟!!
بطبعها الكتوم تهربت هيام من محاصرة سميرة لها قائله ...
هيام: ولا حكاية ولا حاجة مَتقْلبُوش دماغى ...
لوت سميرة حاجبيها لتنظر بنظرة كاشفة نحو أختها قائله بتهكم ..
سميره:عليا أنا برضه ... وهو إنتِ كنتِ بتوافقى على حد أصلًا ... دة حدث تاريخى ولازم نفهم ... صح يا هبه ولا إيه ..؟!
تربعت هبه فوق الفراش قائله بحماس ...
هبه: مظبوط ...
قرصتها هيام من أذنها بمزاح ...
هيام: وإنتِ إيه إللى حشرك إنتِ كمان ...
هبه: لا اااا ... أنا مبقتش صغيرة وداخله على كلية السنة إللي جايه ...
هيام: طب خلاص بقى .. بلاش شغل المُخبرين إللى إنتوا فيه دة وروحوا أوضتكم ...
ليست معتادة بأن تكشف خبايا قلبها لأحد لتُصر هيام على التهرب ، لكن سميرة لا تتراجع بتلك السهولة فهى بها الكثير من العناد گ هيام بالضبط ، جلست سميرة بمواجهة هيام ثم قالت بإصرار ..
سميره : لأ ... فيها لا أخفيها ....
هيام : أوووة ... مش حـ أخلص منكم أنا عارفه ...
سميرة: أيوة ...
لم تجد هيام بُد من أن توضح لهم الأمر لكن ستحتفظ لنفسها بكافة التفاصيل ، فقط ستعطيهن الخطوط العريضة ...
هيام: هاه ..... الأمر لله .... فاكرة فرح نورا ... مش قلتلك أنى خبطت فى واحد وقعت عليه كأس الشربات ....
سميرة بتذكر : اااه ... الأتوبيس ....
هيام: هو دة ... إرتحتِ ....!!!!
ضحكت سميرة مقهقه ثم عقبت بسخريه مازحه ..
سميره : دى الحادثة كان ليها آثار جانبية بقى ...
هيام: مش ناقصة خِفه ...
سميرة : لا والله ... شكلك جبتيه على بوزة ..
برفض لتلك الطريقة السوقية بالحديث ...
هيام: يا بنتى إعدلى كلامك دة ... خليكِ رقيقه كدة ...
هبه: الصراحة ... إنتِ أخدتى الرقة كلها وإحنا طلعنا كدة ...
ضحكوا جميعا وأخيرًا ستدق أبواق الفرح أبواب هذا البيت ....
يمر الليل السعيد ليأتى صباح يوم جديد ملئ بالفرحه والترقب ....
====
المعمل ...
كـ يوم إعتيادى للغاية بدأت سميرة عملها بمراجعة بعض التقارير ثم دلفت للمعمل للقيام ببعض الفحوصات لبعض العينات حين أَقبل أشرف نحو سميرة متسائلًا ...
أشرف: آنسه سميرة .. ممكن أعرف رأيِك فى كلام إمبارح ...؟!!
إعتدلت سميرة بإهتمام تجاه أشرف ثم سألته ...
سميرة : أنا فعلًا كنت عايزة أفهم قصد حضرتك إيه بالضبط ...؟!!
اشرف : يعنى مهتمه ..؟!
سميرة: أكيد طبعًا ...
اشرف: طيب إتفضلى أقعدى ...
جلست سميرة أمام طاولة المعمل الخاصة بـ أشرف تستمع بإنصات له ....
أشرف: أمير إنسان طيب جدًا .. ووحيد جدًا ... وبالنسبة لي عِشرة عُمر وأكتر من أخ ... وطبعًا يهمنى إنى أشوفه سعيد وإنه يُخرُج من أزمته ويرجع زى الأول ... ودة إللى أنا شفته بيحصل فى وجودك ... لكن كان لازم أتأكد فى الأول من إحساسِك ناحيته وإنك مش ممكن تإذيه وتكوني سبب فى تعاسته ....
سميرة نافيه : أنا ... لأ طبعًا ... عُمرى ما أكون سبب فى دة أبدًا ...!!!
أشرف: كويس أوى .. أمير كان بيمر بأزمة نفسية خصوصًا إنه عايش لوحده بعد وفاة والده ووالدته ... ودة خلاه زى ما إنتِ شايفه عصبى ومتوتر طول الوقت ...
أومأت سميرة بالتفهم حين أردفت بتوضيح ...
سميره: أنا عرفت دة ... عشان كدة كان هدفى إنى أطلعه من القوقعة الحزينة إللى هو عايش فيها ...
اشرف: طريقتك فعلًا جابت نتيجة ... دة غير إنى شايف قد إيه هو مُعجب بيكِ ...
خجلت سميرة من ذِكر ذلك لتُنكس عيناها قليلًا قائله ...
سميرة : حضرتك شايف كدة ..؟!!
اشرف: أيوة ... بس ممكن بصراحة أعرف لو كنتِ إنتِ كمان بتبادليه الشعور دة ...؟!!
سميرة بخجل : ا .. أيوة ...
رُسِمت بسمة خفيفة فوق ثغره ليردف بحنكة رجل ذو خبرة وفراسة ...
أشرف : يبقى دلوقتى لازم نفوق أمير عشان ينسى كل إللى فات ويفكر لقدام ...
سميرة : طب أعمل إيه ...؟!!
أوضح أشرف ما يفكر به لـ سميرة حتى تسير على خطواته فى مساعدة أمير بالتعبير عن مشاعره وخروجه من تلك الأزمة ...
اشرف: أنا إللى حـ أخد الخطوة دى ... لازم أَفَهمُه إن أحمد طالب يتجوزك وإنك ممكن توافقى يمكن ساعتها يبدأ ياخد الخطوة دى ويقرب منك ...
سميرة : فكرة كويسة أوى ...
اشرف: وعليكِ إنتِ بقى تتجنبيه اليومين دول عشان هو كمان يتأكد إنه مش قادر يستغنى عنك ولازم ياخد الخطوة دى عشان متضيعيش من إيده ...
سميرة بجدية : إعتبره حصل ...
=====
منذ لقاء سميرة بـ أشرف وإتفاقهم على أن تتجنب سميرة لقائها بـ أمير مرت عِدة أيام كانت تتعمد الوصول متأخرة إلى المعمل لتضمن وصوله قبلها وتُشغِل نفسها بداخل المعمل الكبير حتى نهاية اليوم فلا تتوفر أى فرصة لرؤيته مطلقًا حتى يحين موعد إنصرافها ....
====
المدرسه ....
جلست هيام بغرفة المعلمات فى إنتظار إنتهاء الحصة لتُحضر نفسها للحصة التالية حين حضرت نورا بضحكتها المعتادة مُقبلة عليهم بسعادة بالغة لتتفاجئ هيام بوجودها اليوم بالمدرسة .....
هيام : نورا .. !!! .. وحشتينى ...
نورا: إنتِ أكتر يا هيام ... إزيك يا أبله سعاد أخبارك إيه ...؟!!
سعاد: الحمد لله حبيبتى ... ألف مبروك إيه خلاص نويتى ترجعى الشغل بقى ...؟!
نورا: لأ دة أنا جايه أقدم على اجازة بدون مرتب أصلى حـ أسافر مع جوزى ...
سعاد : ربنا يوفقك ....
هيام: تعالِ ... أقعدى ...
جلست نورا إلى جوار هيام بنفس مقعدها القديم بغرفة المعلمات لتتنهد قليلًا تأثرًا بتركها المكان لتردف بتأثر ....
نورا: حـ يوحشنى المكان هنا أوى يا هيام ...
لتجيبها هيام بصوت عقلانى طالما إحتاجته نورا برفقتها ....
هيام: بس إنتِ أخدتى القرار الصح ..
غمزت نورا بعينها وهى تعقب ...
نورا: ما يمكن تحصلينى ولا إيه ....؟!!
حركت هيام رأسها يمينًا ويسارًا مردفه بتهكم ...
هيام: طفله والله ...
ضمت نورا شفتيها وهى تحاول التحلى ببعض الجدية ثم قالت ...
نورا: كنت عايزة أقولك حاجة ..!!
هيام: قولى ...
نورا: أمجد كان عندى إمبارح ... وقلت له إن كرم إتقدم لِك ...
هيام: وبعدين ...
نورا : هو زعل شوية وسابنى ومشى بس متقلقيش حـ يتقبل الأمور بس لما يعدى شويه وقت ...
هيام : إن شاء الله ...
نهضت نورا من مقعدها حتى تستكمل ما جائت من أجله أولًا ....
نورا: أنا حـ أروح بقى أقدم الطلب بتاعى وأرجع لك تكونى خلصتى الحصص بتاعتك نروَّح سوا ..
هيام: ماشى حـ أستناكى ...
====
بيت والد ياسر ....
بحفاوة بهذا الكهل طيب القلب فـ لهم معرفة ببعضهم البعض بعد خطبه نورا لـ ياسر رحب والد ياسر بالحاج سعيد حينما آتى لزيارتهم بتلك الزيارة الغير متوقعة ..
والد ياسر: أهلًا أهلًا إتفضل يا حاج سعيد ...
الحاج سعيد: معلش بقى زيارة على غفلة كدة ...
والد ياسر: دة إنتَ تشرفنا ... يا أهلًا وسهلًا
جلس الحاج سعيد وهو يشعر ببعض الإعياء لا يُدرك سببه بعد ...
الحاج سعيد : الله يكرمك ... والله أنا كنت جايلكم فى سؤال وعارف إن شاء الله إنكم حـ تدلونى على الصح ....
والد ياسر: أه طبعا تحت أمرك ..
أغمض الحاج سعيد عيناه لوهلة يخفى بها هذا الألم الذى حل بصدره منذ الصباح ثم أكمل ...
الحاج سعيد: والله كنت عايز أعرف رأيكم فى كرم صاحب ياسر أصله متقدم لـ هيام بنتى ...
كان الرد تلك المرة من ياسر نفسه فهو أكثر من يدلهم على طبع هذا الشخص ولن يخفى عنهم أمرًا ...
ياسر: والله يا عمى كرم من عِشرة أكتر من سنه مع بعض إنسان خلوق وممتاز من كل حاجة وعنده شُغله الخاص ووضعه المادى فوق الممتاز ...
والد ياسر: والله يا حاج سعيد أنا لما شفته وشفت تصرفاته من يوم فرح ياسر وشايفه إنسان أخلاق ومحترم ...
وضع الحاج سعيد كفه فوق صدره من الألم بينما ظن البقيه إنها إحتفاء بهم وبما أخبروه
الحاج سعيد: الله يطمن قلوبكم ... أنا حـ أستأذن بقى أروح أرتاح شوية ...
وجهه المكفهر جعل والد ياسر يردد بقلق ...
والد ياسر : إنتَ كويس شكلك تعبان ...!!!
الحاج سعيد: مرهق شوية بس ....
والد ياسر: ألف سلامة يا حاج ...
إلتفت الحاج سعيد تجاه ياسر قائلًا...
الحاج سعيد: إبقى كلم كرم بقى يا ياسر وخليه ييجى البيت بعد العِشاء أنا مستنيه ...
ياسر: أكيد يا حاج حـ أكلمه طبعًا ... شرفت ونورت ....
أوصل ياسر و والده الحاج سعيد لباب البيت ليغادر منصرفًا لبيته مباشرة ليرتاح قليلًا من إرهاقه هذا اليوم فلابد أن يتم خطبة هيام كما يتمنى .......
====
أمجد .....
لم يكن الخبر سعيدًا مطلقًا على مسامعه ، فكيف يتقبل مجرد فكرة بأن هيام ليست له ، جلس وحيدًا بين جدران غرفته فمنذ الأمس يشعر بأن روحه تزهق منه ببطء شديد ....
هل هذه هى النهاية !!! .. هل ضاع حلمه إلى الأبد ...
هل بتلك السهولة أصبحت هيام ملكًا لغيره ... لكن لا ...
لن تكون هذه نهاية عشقه المشتعل لهذه الفتاة التى سَلَبت روحه قبل قلبه ...
سنوات وسنوات وهو يراها أمام عيناه يزداد حبه وعشقه لها بقلبه ، أيتنازل عنها بهذه السهولة ...؟!!
امجد: هيام بتاعتى أنا ... محدش حـ يقدر ياخدها منى ... دى ملكى أنا لوحدى ... تحبنى أنا بس ... مش ممكن أسيبها له ... مش ممكن بالسهولة دى أخَرّجْ حبها من جوة قلبى ... إزاى ... إزاااااى تعملى فيا كدة يا هيام ... إزاى تضحى بقلبى إللى بيعشقك ... إزاى أهون عليكِ بالشكل دة ... دة أنا محبتش فى الدنيا غيرك ... مش شايف غيرك فى الدنيا يملى عينى وقلبى .....
====
شقه ياسر ...
بالتأكيد سيكون هو من يزف هذا الخبر السعيد لصديقه ، ليسرع ياسر بالإتصال بـ كرم ليبلغه بأن الحاج سعيد يريد لقائه اليوم بعد صلاة العِشاء ..
ياسر: ألو ... كرم ... أخبارك إيه ...؟!!
كرم: قاعد ألف بالعربيه يا أخويا .. مش عارف أروُح فين ...؟!
ياسر: غريبة مع إنَك عرفت حاجات كتير فى البلد أهو ...
بتعجب من ظن ياسر له فهو بالفعل لا يدرى عن تلك البلدة الكبيرة شيئًا ...
كرم :فين دة ...!!! ده أنا مش عارف غير بيتكم ومدرسة هيام ....
بتلقائية أجابه ياسر مباشرة كعادته ...
ياسر: على سيرة هيام .... الحاج سعيد كان عندنا ولسه نازل وعاوزك تروُح له النهاردة ...
كرم بفرحة : ياااه أخيرًا ...
ياسر : إللى يصبر ينول .. شُفت بقى مصر حلوة إزاى ...
قالها ياسر بمكر لما يحدث مع صديقه الذى كان يرفض تلك الزيارة ...
كرم : مصر دى طلعت أحلى حاجة في الدنيا ...
ياسر:طيب لما تروُح للحاج سعيد إبقى تعالى نسهر مع بعض شوية ...
كرم :حـ أحاول كدة .. إدعى إنتَ بس يقولى حاجة تفرحنى ...
ياسر : يا رب يا كرم ... عمومًا ابقى طمنى ..
كرم : أكيد إن شاء الله ...
خبر مفرح للغاية تفاجئ به اليوم ، فلم يكن يظن أن تلك الزيارة كانت سببًا لسعادته التى تملأ قلبه الآن ...
تجول كثيرًا بسيارته المستأجرة وأحضر بعضًا من الحلويات والشيكولاتة الفاخرة كهدية بسيطة لزيارته هذا المساء ...
كما أحضر باقة رائعة من ورد الجورى مغلفة بإطار أبيض كبير أعطاها رونقًا بهيجًا مثل روحه فى هذه اللحظة ....
===
هيام ....
بعد نهاية يومها الدراسى خرجت هيام مع نورا لتتجه كلا فى طريقها ، فـ هيام إضطرت للعودة مرة أخرى لأحد الدروس الخصوصية التى تقوم بتدريسها لأنها قد ألغت بعض الحصص منذ عدة أيام ويجب تعويضها اليوم ....
بينما توجهت نورا مباشرة إلى بيتها ....
===
المعمل ....
عدة أيام مرت دون رؤيتها ، كان ذلك سببًا كافيًا لشعوره بالضيق والتوتر ليتسائل فى نفسه ...
أمير: يا ترى مشغولة عنى بإيه .. ولا أنا إللى مكبر الموضوع ...؟!!
طرق أشرف الباب قبل دخوله مباشرة إلى المكتب ....
اشرف: مشغول ...؟!
امير : لا أبدًا ... تعالى ....
اشرف: أصل أنا خلصت شغل المعمل قلت آجى أقعد معاك شوية ...
امير: أه ... طبعًا طبعًا ... تعالى نطلب قهوة من عم فتحى ونقعد سوا ...
تلك فرصة جيدة تمامًا وعليه إستغلالها فـ أمير على ما يبدو أنه قلق ومضطرب جدًا لغياب سميرة عنه ، ليبدأ أشرف محاورته يستدرجه بحديثه لما يود الوصول إليه ...
اشرف: مفيش أخبار من اللجنة عشان البحث ...؟!!
أمير: لسه ..!!
تفحص أشرف توتر أمير بطرف عيناه ليردف بطريقه ماكره للغاية ...
اشرف : سمعت إللى حصل .. أتاريك فيك شيء لله ...
أمير بإنتباه: خير ..
تقصد أشرف التحدث بتلك النبرة التشويقية لإثارة إنتباهه الكامل ...
اشرف: مش أحمد طلب إيد سميرة ..
إتسعت عينا أمير بصدمة لينتفض متأهبًا وهو يحملق بـ أشرف دون رد لتزداد ضربات قلبه إنفعالًا وهو يردف بحلق جاف ..
امير بهمس متقطع : .... و .. هى ... وافقت ...؟؟!
اشرف: تقريبًا ... مش متأكد بصراحة ...!!
إنفعل أمير بقوة وهو يردف بحدة ...
امير : يعنى أه ولا لأ ..؟؟!
أجابه أشرف بهدوء تام يريد به إكتشاف ما بداخل صديقه ....
اشرف: وإنتَ متضايق ليه ...؟؟!!
امير: مفيش عايز أعرف بس ....؟!
اشرف: سميرة بنت ممتازة وتستاهل كل خير ... وأحمد برضه ... ربنا يوفقهم ...
هب أمير واقفًا يرفض بصورة قاطعة ما يمليه عليه صديقه ...
امير : إنتَ بتقول إيه !!!!! .... لأ ... لا يمكن ...
وقف أشرف بمواجهة أمير يكشفه أمام نفسه أولًا ...
اشرف: لا يمكن ليه ... إنتَ زعلان إنهم ممكن يتجوزوا ....؟؟!!
امير بعصبيه : إنتَ مش فاهم ... مش فاهم ...
عقد أشرف ذراعيه أمام صدره متسائلًا بأعين مدققة بإنفعال أمير ....
اشرف: فَهمّنِى ...
تنهد أمير بقوة وهو يحاول السيطرة على إنفعاله محاولًا الجلوس ببطء فوق المقعد المجاور لـ أشرف ...
امير: مش عارف .. بس مش عاوزها تعرَف أو تكلم حد ... بتضايق لما بشوفهم بيتكلموا مع بعض ... بتخنق لو يوم مشوفتهاش أو إنى متكلمش معاها ...
اشرف بصراحة مباغتة: حَبيتهَا يا أمير ...؟!!
امير بحيره : مش عارف ... بس مش عايزها تضيع منى ...
وضع أشرف كفه فوق كتف أمير ينصحه بإخلاص ومحبة حقيقية ...
اشرف: تبقى نصيحتى ليك ... إتكلم معاها وصارحها قبل ما تطير من إيدك ... الموضوع دخل فى الجَد ... دة جواز ...
هام أمير بشرود مرددًا بتخوف حين إنتبه لحديث أشرف ...
امير: تضيع منى !!!! ... إنتَ شايف كدة ؟!! ... أنا مش حـ أقدر أعمل كدة ...
اشرف: عمومًا الأمور قدامك ... يا تصارحها وتختار ... يا تسيبها ومتفكرش فيها تانى ... خليها تشوف حياتها ... وتحب وتتحب وتتجوز ...
تركه أشرف بين حيرة قلبه وعقله الذى يجب أن يحسم أمره بينهما في ذلك الجدال القاسى ....
أيصارحها بحبه أم يظل هائمًا فى ظلمات قسوته الزائفة ورفضه لحياة جديدة و إرتباطه بالماضى إلى الأبد ....
====
بالمكتب الخارجى للمعمل ..
وضعت عبير قبضتها فوق خدها بحزن وهى تحدث سميرة ....
عبير: أنا تعبت والله .. لفيت كتير أوى على دكاترة لماما من يوم ما كنتِ عندنا وبرضه لسه تعبانة ...
سميره: اممم .... طيب أنا حـ أسألك هيام على دكتور كويس هى بتعرف أسماء دكاترة كويسين .. وأبقى أجيب لك إسمه وعنوانه ...
عبير: أه والله ... يبقى كتر خيرك ..
تطلعت سميرة بساعة يدها الصغيرة تتابع وقت إنصرافهم الذى قد أوشك ....
سميرة: شكلك مطولة النهاردة ... مش حـ تمشى ولا إيه ...؟!!
عبير: أه ثوانى بس ... أجيب شنطتى ونمشى ...
====
بيت الحاج سعيد ...
تأنق كرم بحُلته الرمادية ساحرًا للأعين لكن لم يكن السر فى وسامته ولا طوله الفارع ولا بملبسه الأنيق باهظ الثمن بل كانت سعادته الظاهرة على محياه وبريق عيناه الغامضتات لهذه السعادة ...
طرق باب الشقه بموعده المحدد كما طلب والدها اليوم لتقابله والدة هيام بترحيب شديد ...
ام هيام: أهلًا وسهلًا يا إبنى إتفضل ...
كرم: شكرًا لحضرتك ..
دلف كرم بهدوء من خلف والدة هيام التى أوصلته إلى تلك الغرفة المنمقة المسماة بالصالون ، تلك التى أعدت خصيصًا لإستقبال الضيوف ...
ام هيام: أقعد يا كرم يا إبنى وأنا حـ أدخل أنادى لك عمك سعيد ...
أومأ كرم بابتسامة خفيفة لتلك السيدة ...
كرم: إتفضلى حضرتك ....
فور أن غابت والدة هيام لتُطلع زوجها بمجئ العريس المنتظر بتلك الزيارة التي يتحمس لها الجميع أقبلت هبه تخطو بخطوات متسلله على أطراف أصابعها بإختلاس نحو غرفة الصالون لتسترق النظر لعريس أختها ...
وقعت عينا كرم علي تلك الفتاة التى تسترق النظر إليه ليفاجئ بفتاة تشبه هيام لكنها تميل إلى الطفولة أكثر ليست كمثل هيام ساحرته ...
ابتسم كرم : إنتِ أخت هيام ...؟!
تلفتت هبه حولها ثم قالت بهمس ....
هبه: إششش .. بس حـ تفضحنا ..!؟؟
كرم ضاحكًا : ليه بس ... عَملت إيه ....؟؟!
هبه: بابا لو شافنى هنا حـ يزعق لى وأنا عايزة أتفرج ...
إتسعت عينا كرم بدهشة وضحك بذات الوقت فهى طريفة للغاية ...
كرم : تتفرجى على إيه ...؟!
سمعت هبه صوت من خلفها لتنتفض بفزع من مكانها تتلفت نحو مصدر الصوت لتجدها سميرة وقد عادت من عملها متأخرة لشراء بعض إحتياجات المنزل عند عودتها ...
سميرة بدهشة : بتعملى إيه هنا ...؟!
أخذت هبه تخفى فمها بأصابعها وهى تنهر سميرة بهمس متخوف ...
هبه: لاااااآ ... إنتوا غاويين فضايح بقى وحتودونى فى داهية ....
سميرة بطفولية : ليه ... ها ... ليه ..؟!
هبه بهمس: العريس فى الصالون ...
فور سماعها لتلك العبارة تركت سميرة ما بيدها لتتسلل خلسة هى أيضًا لتدنو بأطراف أصابعها كما فعلت هبه من قبل ...
سميرة: إحلفى ...!!
إزداد إندهاش كرم لرؤيته نسخة ثانية من هيام لكن بالطبع هيام أجمل وأكثر نضجًا وأنوثة منهما ليعقب بدهشة ...
كرم: لأ بقى إنتوا كام واحدة ...؟؟!
رفعت سميرة كفيها تلوح بهما من أمامها وهى تضم شفتيها بطريقة طريفة للغاية ...
سميرة: لا خلاص كدة ... أنا سميرة ودى هبه ...
كرم: إتشرفنا والله ...
جاء صوت والدتهم من خلفهم تنهرهم بحدة لتصرفاتهم المُخجلة الطفولية لهم ..
ام هيام: إنتوا واقفين بتعملوا إيه !!!! ... إمشوا على جوه يلا ....
أسرعت هبه تلحقها سميرة نحو الداخل فى حين خرج والد هيام من غرفته يسير ببطء وتثاقل أثناء إعتذار والدة هيام من كرم عما فعلته إبنتيها ......
ام هيام: معلش يا إبنى .. الإتنين دول دماغهم مش فيهم طول الوقت كدة .. هو إحنا خَلِفنَا عقل وهدوء زى هيام ربنا يبارك فيها ...
كرم: لأ طبعًا يا طنط دول إخواتى براحتهم خالص ....
تسائل الحاج سعيد عما حدث سبب إعتذار زوجته ....
الحاج سعيد: إيه إللى حصل ...؟!!
ام هيام : لا أبدًا ...
دنا الحاج سعيد من كرم مصافحًا إياه شاحب الوجه يشعر بوهن شديد ...
الحاج سعيد: أهلًا يا كرم يا إبنى .... إتفضل إستريح ...
كرم: أنا جيت فى معادى يا عمى ويا رب يكون الرد خير ...
الحاج سعيد: خير إن شاء الله ... أنا سألت وإرتحت فى السؤال والله ... وإن شاء الله أنا وهيام وأمها موافقين ..
تهدج صدر كرم بسعادة لتنفرج شفتيه عن إبتسامة عريضة للغاية قائلًا ...
كرم : أنا مش مصدق يا عمى .. الحمد لله ... إن شاء الله حـ أكون قد كِلمتى وعمرى ما حـ أزعلها ولا حـ أخليها محتاجة أى حاجة فى الدنيا ..
تقطع صوت الحاج سعيد الواهن وهو يشعر بثِقَل أنفاسه ...
الحاج سعيد : دة ... العشم ... فيك ... يا ... إبنى ...
لاحظ كرم تحول وجه الحاج سعيد الشاحب إلى اللون الأزرق وبدأت أنفاسه تتقطع بألم ...
كرم بفزع: عمى .. إنتَ كويس ...؟!
ويبقى للأحداث بقيه ،،،
انتهى الفصل التاسع عشر ،،،
قراءة ممتعة ،،،
رشا روميه ( قوت القلوب)
•تابع الفصل التالي "رواية لحظات منسيه" اضغط على اسم الرواية