Ads by Google X

رواية لحظات منسيه الفصل الثامن عشر 18 - بقلم قوت القلوب

الصفحة الرئيسية

 رواية لحظات منسيه الفصل الثامن عشر 18 - بقلم قوت القلوب 

الفصل الثامن عشر
•• زيارة ....••

لو أدركنا قيمة صراحتنا لما تغافلنا للحظة عن كونها سمة حياة لنا ، لكننا نخشى أن تكون للحياة ردود نجهلها تُعذب قلوبنا بغير داعى ...

فور أن تركت هيام هذا المبتسم لتتخذ طريق عملها الإضافى لهذا اليوم أخرج كرم هاتفه متحدثًا لصديقه الوحيد ياسر من فرط سعادته ليشاركه تلك اللحظة الهامه بحياته ....
كرم: ألوو ... ياسر ...

ياسر: كرم .. إبن حلال كنت لسه حـ أتصل بيك ...

كرم: أنا مبسوط ... مبسوط أوى ...

ياسر: يا رب دايمًا ليه بقى ....؟!

تلهف وحماس جعل نبرته مختلفة تمامًا ، نبرة يملؤها الحياة حين أردف قائلًا ...
كرم: كلمتها ... أخيرًا كلمتها ....

إندهش ياسر تمامًا فهى أيضًا سبب ما كان سيتحدث معه بشأنها ...
ياسر: مين ... ؟ هيام ... !!! دة أنا كنت لسه حـ أكلمك عشانها ...

كرم: عشانها ... إزاى ...؟!

بتلقائيته أجابه ياسر دون اللعب بأعصابه فمن طبعه أن يكون واضحًا مباشرًا دون الإلتفاف ...
ياسر: نورا عزمتها بكرة عندنا عشان تيجوا إنتوا الإتنين وتتكلموا سوا ...

تهلل وجه كرم بفرصة ثانية لرؤيتها ...
كرم: بجد ... إنتوا أحسن ناس فى الدنيا ...

ياسر بمكر : بس إنتَ شُفتها خلاص ... مش مهم بقى ...

تعكر صفو ضحكته ليصطنع كرم الضيق قائلًا ...
كرم: هو إيه إللى مش مهم ..!!!! ... أنا جاى ..

ياسر: على راحتك يعنى ....

بإستنكار مازح أردف كرم ....
كرم: دة أنا كنت لسه بَشكُر فيك ...

ياسر: ماشى مستنيك بكرة على الغدا متتأخرش ...

كرم: أتأخر ...!!! .... دة أنا ما صدقت ... يلا سلام ...

ياسر: سلام ..

====

المعمل ....
لم يمر سوى ساعات قليلة منذ بدء العمل ومازال هناك وقت طويل بعد حتى ينتهوا من عملهم اليوم ، فاجئهم طلب أحمد دون توضيح ...
احمد : أنا حـ أستأذن بدرى النهاردة أشوفكم بكرة ... سلام ...

سميرة وعبير: مع السلامة ....

نظرت عبير مطولًا نحو سميرة كما لو كانت تُجرى الحديث برأسها أولًا ، فهى تود منذ مجيئهم بالصباح التحدث إليها لكنها كانت مترددة للغاية ...
عبير: سميرة ... كنت عايزة أسألك سؤال بصراحة ...؟؟!

إندهشت سميرة من جِدية عبير المبالغ بها لتردف بتعجب ...
سميره: ومالك واخداها جَد كدة !!!! ... متقولى على طول ...!!

ثبتت عبير عيناها تجاه سميرة وهى تردف بغموض ...
عبير: أحمد ...!!!

تطلعت بها سميرة ببلاهه وبدون فهم ...
سميرة : ماله ...؟!

عبير: أصل ... يعنى ....!!!

مطت سميرة شفتيها بتملل لتحث عبير على التحدث مباشرة ...
سميره: عبير ... مبحبش التهتهه دى ... إخلصى ...

بنبره مختنقة يشوبها بعض الإنكسار لم تفهمها سميرة أردفت عبير متسائله ...
عبير: كان يعنى لمح لى أنه عايز يتقدم لك ....؟!

سميره بتعجب :يتقدم لمين .... ليا أنا ... !!!ليه ...؟!

هو غاية بالنسبة إليها فكيف سميرة تهمش قيمته إلى هذا الحد لتردف عبير بإستنكار ...
عبير:هو إيه إللي ليه ...!؟

سميرة: هو قالك كدة ...؟!

ألا يكفيها تلك الرسالة التى تحملها رغمًا عنها ، شعرت عبير ببعض الإنفعال لتردف بضيق ...
عبير: أُمال يعنى حـ أقولك كدة من نفسى ...!!!

سميرة: الصراحة أنا مش بحبه خالص ... تقيل كدة على قلبى مش عارفة ليه ...

هل يمكن أن يشعر المرء بالسعادة لمجرد عدم تقبل شخص لآخر ، بل هذا ما شعرت به عبير بتلك اللحظة ، إنها سعيدة للغاية لتجيبها بفرحة ...
عبير : والله ..

إشراقة وجه عبير أثارت التساؤل بنفس سميرة حين ضحكت معقبة ...
سميرة: مالك يا عبير ... إنتِ فرحانة ....؟!!!

عبير: أصلى حموووت ويحس بيا ولقيته جاى يكلمنى عليكِ فمعرفتش أعمل إيه ....

سميرة: لا يا أختى دة مش شبهى خااالص .. بالهنا والشفا على قلبك إنتِ ...

حركت عبير رأسها براحه لكنها إستكملت حديثها مع سميرة بتساؤل آخر ...
عبير: مجنونة ... أُمال مين بقى إللى شبهك ...؟!!

أنهت جملتها ونظرت بمكر نحو سميرة فهى تشعر بأن هناك مشاعر خفيه تخفيها سميرة بداخلها ....

لكن سميرة لم تجيبها بما يريح قلبها بل أجابتها بشقاوة تثير غيظها ...
سميرة: مالكيش فيه ...

عبير: على راحتك ... عمومًا أنا عارفة وباين على وشك موووت ...

تجهمت ملامح سميرة المبتسمه فهل هناك ما يظهر عليها لهذه الدرجة ...
سميره: هو إيه إللى باين على وشى ...!!!!

عبير: باين إن إللى شبهك واحد عصبى دماغه فى الشغل ولما بتدخلى المكتب بتطلعى وشك مليان قلوب حمراء بتلف حواليكِ كدة ...

إبتسمت سميرة: أنا ...!!!

عبير: أيوة إنتِ ... يلا ربنا يهنِّى ... المهم تسيبيلى أحمد ...

سميرة: إشبعى بيه يا روحى ...

تذكرت عبير أمر ما لتتحول ضحكاتها لجدية تامة قائله ...
عبير: طيب سيبك بقى من القلوب وخلينا فى الجَد ...

سميرة: عايزة إيه تانى ...

عبير: ما تجيبى خمسين جنيه لحد ما نقبض الأسبوع الجاي ...

رغم إمكانياتهم المادية البسيطة إلا أن سميرة تدخر راتبها ولا تنفق المال إلا للضرورة لتجيبها قائله ..
سميرة: إنتِ مُستغله على فكرة ... المفروض أنا إللى أخد فلوس مش جايه لكم زيارة بكرة ...

عبير: نقبض بس وأنا أظبطك ...

سميره: خدى يا آخر بختى ... أنا أحوش وإنتِ تاخديهم بالساهل ...

مدت سميرة يدها بالنقود لـ عبير التى أخذتها بتلهف فهى كانت واثقة أن سميرة على الرغم أن أحوالهم المادية بسيطة للغاية إلا أنها ماهرة فى الإدخار وليست مسرفه إطلاقًا ....

===

مر بقية اليوم مفرحًا للبعض حزينًا للآخرين فقد كان يومًا حافلًا بحقائق لم يتوقعها الكثير زادت من دهشة وحيرة البعض وسعادة وحزن البعض ...

مشاعر متضاربه فهكذا هى الحياة تميل بنا حيث تميل القلوب دون وعى ولا إدراك فهو قدر مكتوب يُلقى بسهام الحب دون إختيار من نحب ...

ليس له علاقة بشكل ولا هيئة ولا جاه ولا مال ، فقط عشق القلوب للقلوب فهى أرواح تتلاقى حتى قبل لقاء العيون ...

====

أمجد ...
تعامل مع الجميع بعصبية غير مبررة ، لكنه أقسم لنفسه ولـ هيام بألا يضيعها من يديه ليأخذها منه هذا الشاب الذى لا يستحقها ، وسيجعلها تتأكد من حبه حتى تحبه كما يحبها ....

===

هيام...
مع إرهاق هذا اليوم الطويل إلا أنها تشعر بالسعادة لمجرد رؤيتها له اليوم هل يمكن أن يكون هذا هو الحب ، أهو يدق الأبواب بهذه السرعة ولا يحتاج لوقت أو لحديث ...

فقط قلبان تحابا دون ترتيب أو إدراك ...
لكنها إنتبهت لشئ هام فهى حتى الآن لا تعرف إسمه بعد ....

===

كرم...
كان لقُرب هيام منه لهذا الوقت القصير مفعول ساحر فقد حُفرت ملامحها الهادئة وإبتسامتها الرقيقة و بحة صوتها المميزة فى ذاكرته التى ظلت تعيد حديثهم القصير مرارًا حتى غفى فى إنتظار الغد ....

====

أمير ...
كانت الليلة مختلفة فكانت عبارة عن مقارنات كثيرة بداخل رأسه المملوء بالأفكار ، كم قارن بين كل كلمة نطقتها سميرة وأخرى تفوهت بها ميادة ...

قارن بين رد فعل سميرة على أبحاثه وبين ملل ميادة منها ...

قارن بين عِزة وكرامة سميرة لمجرد كلمة جرحتها أمام تصرفات ميادة التى كانت كلها تنساق نحو سوء التصرف والخُلق ...

كم أدرك أمير أنه كان مغفلًا بإرتباطه بمثل هذه الفتاة وإيهام نفسه بحبها طوال هذا الوقت ...

أزاحت سميرة ميادة عن تفكيره تمامًا لتتربع فوق عرش أفكاره لتأخذه بسحرها لإبتسامة تُرسم بملامحه وأفكاره منذ عرفها ...

====

سميرة ....
لم ينقضى الليل بسهولة على تلك الشقية بل ظلت تُحدث نفسها طويلًا لإكتشافها هذا الإحساس والمشاعر بداخلها ...
سميرة : معقول !!! ... أكون حبيته كدة على غفلة وأنا مش واخده بالى ... بس حلو الحب دة ... كدة بقى مش ناقصنى إلا إنى أتأكد منه .... بس إزاى بقى ...؟؟؟؟!!!!! ماهو لازم أصحصحه كدة ... مش معقول حـ أروح أنا أقوله بحبك .... ميصحش برضه .... أي نعم باين علِيه النهاردة .. بس ممكن يكون حس بالذنب أو بيراضى خاطرى بس عشان قالى كلمة تضايقنى ... يبقى لازم يقر ويعترف الأول ... خلينى وراك يا سى الباشمهندس أمير ....

انتهت الليلة بأحزانها وأفراحها ليأتى الصباح بإشراقة جديدة ومشاعر جلية .....

===

شقه ياسر ونورا ..
جلس ياسر يتأمل نورا وهى تتوسط المطبخ لتقف بِحيِرة بماذا تبدأ لإعداد قائمة الطعام التى حددتها لدعوة غذاء اليوم ...
ياسر: ها يا حلالة العُقد ... جهزتى كل حاجة ...؟!!

نورا بتوتر : بقولك إيه يا ياسر متوترنيش بقى ...!!!! ... رُوح إنتَ أى مشوار ولا أنزل عند مامتك وباباك تحت عقبال ما أخلص ترتيب البيت وأعمل الغدا ...

ضرب ياسر كفيه بصورة درامية مازحه ..
ياسر: لا حول ولا قوة إلا بالله .. دة إحنا مبقالناش شهر متجوزين و تكرُشينى من البيت ... أُمال لما يعدى علينا خمس ست سنين حـ تعملى إيه ...؟!!

رفعت نورا كفيها بوجه ياسر بحركة ضمنية كما لو أنها تمنع الحسد ...
نورا: أهو هو قرك دة إللى عامل فيا كدة ... وبعدين إنتَ بتوترنى وأنا عايزة أظبط كل حاجة قبل ما كرم وهيام ييجوا ... ياااه ... شكلها كدة حـ تبقى قصه حب بقى وحركات ....

لوح برأسه غير مصدقًا فهى لن تتعلم الدرس مطلقًا مهما حدث ...
ياسر: مش حـ نخلص من خيالك الواسع دة .. أنا نازل ولما تخلصى بقى أبقى رنى عليا ..

نورا: مع السلامة يا أبو العيال ...

ياسر ضاحكًا: عيال .. عيال مين ...؟؟! .. إنتِ إتهبلتى تانى ...!!!

عقدت بين حاجبيها بطريقة طريفة للغاية وهى تجيبه ...
نورا: فى إعتبار ما سيكون يعنى ... خليك متفائل ..

ياسر: ماشى ... يلا أنا نازل ...

====

المعمل ...
أعادت سميرة إختبار العينة لمرات عديدة بدون جدوى فقد تشتت تركيزها هذا الصباح فلم تنام جيدًا البارحة ، إنتبهت سميرة لوجود أشرف متحدثًا إليها ....
اشرف: آنسه سميرة ... شكلك مرهق النهاردة لو تحبى تاخدى إذن وتمشى براحتك ....!!

بعيون مرهقة للغاية إلا أنها عاندت نفسها لإستكمال العمل ...
سميره:لا أبدًا ... حـ أبقى كويسة .. شكرًا يا أستاذ أشرف ..

أومأ برأسه متفهمًا ليتابع عمله فى صمت ، بينما أنهت سميرة عملها اليوم بإرهاق شديد حتى أنه لم يتسنى لها الخروج من المعمل إطلاقًا فكم العينات اليوم كان أكثر من المعتاد بالإضافة إلى أخطائها المتكررة التى جعلتها تعيد فحصها لأكثر من مرة ....

سميره: أوف ... اليوم النهاردة كان لا يطاق ...

رغم إدراك عبير لإرهاق سميرة إلا أنها أصرت على إصطحابها معها لوالدتها كما إتفقا بالأمس ...
عبير: ماليش فيه ... إحنا متفقين إنك حـ تيجى معايا عند ماما ...

سميره: أه طبعًا أنا وعدتك ...

أشارت لها عبير بإصبعها كما لو أنها تستأذنها أولًا ...
عبير: تمام .. إستنينى بس ثوانى أظبط هدومى فى الحمام وأرجعلك ...

سميرة: طيب متتأخريش ...

تقدم أحمد بخطوات خفيفه متنحنحًا محاولًا إخراج الكلمات التى بداخله بصورة منمقة .. فقد حاول لعدة مرات ترتيب هذه الكلمات فى عقله قبل التفوه بها .....

احمد: سميرة ... اا ... ممكن أتكلم معاكِ فى موضوع كدة ...؟!!

نظرت نحوه سميرة بفراسة لتدرك سبب هذا الحديث لتقطع سُبل هذا التقرب المرفوض تمامًا إليها ...
سميرة : أستاذ أحمد أظن أنى بلغت ردى لـ عبير إمبارح ...!!!

احمد: طيب ممكن أعرف السبب ...؟!!!

سميره : السبب يخصنى .. وأظن الموضوع قبول ورفض ...

بخيلاء لا تليق به مطلقًا حاول أحمد إظهار ما يزيغ به عينا سميرة ظنًا منه أنه بهذا يحثها على الموافقة ....
احمد: على فكرة متفتكريش إنى مجرد موظف والجو دة ..

زفرت سميرة بتملل فكيف يظن أن بتلك الطريقه يستطيع كسب ودها ، إنها ليست سلعة لمن يَعرض مالً أكثر لتهتف مستطردة ....
سميره: إنتَ كدة بتثبت أكتر إننا مننفعش لبعض .... أنا عمرى ما كنت بقيس الناس بالفلوس ولا المنصب ... مش دى الحاجات إللى تشدنى للبنى آدم إللى حـ أكمل معاه حياتى ... إنتَ فاهمنى غلط ...

صك أحمد أسنانه بقوة ليردف من بينهما ...
احمد : يعنى دة آخر رد عندك ..؟!!

سميره بحزم : أيوة ...

احمد بضيق : بعد إذنك .. أنا ماشى ...

أنهى أحمد جملته وإنصرف مغادرًا المعمل بخطوات متعجلة عَكر المزاج لتحدث سميرة نفسها بتقزز ..
سميرة:مش عارفه البنى آدم دة مش مريح ليه كدة ... والله ما عارفه يا عبير عاجبك فيه إيه ....؟!!

اشرف مباغتًا : آنسه سميرة ...!!

تفاجئت سميرة بوجود أشرف من خلفها فقد ظنت أنه قد غادر المعمل ...
سميره: أيوة يا أستاذ أشرف ... فيه حاجة ...؟!!

اشرف: أولًا كدة .... أنا آسف أنى سمعت الحوار بينك وبين أحمد بدون قصد .... بس ممكن أسألك سؤال وتجاوبينى بصراحة ...؟!

سميره: إتفضل ..!!

بسؤال مباغت صريح للغاية حاول منه أشرف أن يستشف أمرًا يفكر به ...
اشرف: بعيد عن رفضك لـ أحمد .. وإن دى حاجة شخصية خاصة بيكِ ... بس ممكن أعرف لو إن سبب الرفض شخص تانى ولا لأ ...؟؟؟

إرتبكت سميرة من هذا السؤال المباشر لكنها حاولت إجابته بدبلوماسية ..
سميره: وحضرتك بتسأل ليه .... إيه إللى يهمك فى حاجة شخصية زى دى ...؟!!

أشرف: ممكن تجاوبينى وأنا حـ أكلمك بكل صراحة ووضوح .....

سميرة : الصراحة .. تقريبًا ... حاجة زى كدة ....

أشرف بفراسته المعهودة أراد أن يزيل الحرج عن سميرة ...
أشرف: الشخص دة أمير ..؟!!

إتسعت عينا سميرة من الدهشة ليكسو وجهها حمرة خجل غير طبيعية فلم تتوقع أن يسألها مديرها فى يوم من الأيام أسأله بهذه الخصوصية ....
سميرة: مين إللي قال كدة ... ااا ... لا .. لا ..

اشرف : أنا فاهم كويس وعندى أسبابى للسؤال الخاص دة ...

سميره بإهتمام: أسباب ... أسباب إيه ...؟؟!

قطعت حديثهم عبير التى لم تتوقع أن الأستاذ أشرف مازال موجود بالمكتب ..
عبير:خلاص يا سميرة أنا خلصــ..... آسفه يا أستاذ أشرف ماخدتش بالى إن حضرتك موجود ....

اشرف: لا عادى مفيش مشكلة ... عمومًا يا آنسه سميرة لو إنتِ مهتمة بالموضوع إللى كَلمتِك فيه ممكن نكمل كلامنا بكرة ...

سميره بتوتر : أه طبعًا .. إن شاء الله ....

غادر أشرف ثم لحقته سميرة وعبير متوجهات نحو منزل عبير بينما ظل أمير بمكتبه يكمل ترتيب أوراق بحثه بضيق شديد فقد حبس نفسه طوال اليوم فى المكتب ينهى أوراقه ولم يتسنى له أى فرصة فى رؤيتها أو الحديث معاها ....

===

شقة ياسر ونورا ....
وصلت هيام بعد إنتهاء يوم عملها بالمدرسة  لتستقبلها نورا بإسلوب عجيب للغاية حيث فتحت باب الشقه لتمد يدها ممسكة بـ هيام من ذراعها جاذبه إياها نحو الداخل على الفور دون أن تمهلها حتى فرصة للإندهاش ....
نورا: إنتِ فين !!!! ... إدخلى أنا محتاسه أوى وعايزاكِ تساعدينى ...!!

هيام: هى العزومه دى حـ تيجى على دماغى ولا إيه ....؟!!

نورا: بطلى غَلبه وإدخلى معايا أحسن ياسر ما حـ يصدق ويمسكها عليا ... دة أنا كرشته مخصوص عشان ألحق أخلص ....

ضحكت هيام من صديقتها التى لا تستطيع التصرف مطلقًا حين توضع تحت أى ضغط ولو بسيط ...
هيام: حرام عليكِ يا مفتريه ....

دلفت هيام إلى المطبخ لمساعدة نورا بتجهيز ما تبقى من الطعام حين بدأت نورا بحديثها ....
نورا: إحكى لى بقى عملتى إيه فى الفترة إللى فاتت دى وبالتفصيل على الله تنسى فتفوته ....؟!!

هيام: المدرسة زى ما هي مفيش جديد بس .....!!!

إلتفتت إليها نورا بحماس لشعورها بأن شئ هام قد حدث ولا تعلم به ...
نورا: بس إيه ....؟!!!

هيام : يا بنتى بطلى الفضول إللى حـ يوديكِ فى داهية دة ....!!!

نورا: فضول ... فضول ... شكل فيه حكاية كبيرة ومش حـ أسيبك إلا لم تحكي لى بالتفصيل الممل ....

حملقت هيام بالزاوية قليلًا وهى تقص على صديقتها ما حدث ...
هيام : هى حاجة كدة عامله زى الحدوته وشغل الروايات كدة .... عارفه يوم فرحك ... فيه واحد قابلته وخبطت فيه غصب عنى وكأس الشربات وقع كله على القميص بتاعه ... أنا نسيت الحكاية دى خالص بس هو بعدها بقى يستنانى كل يوم عند المدرسة لحد ما كلمنى إمبارح ...

رفعت نورا حاجبها بخيلاء لإدراكها من هو هذا الشخص ...
نورا: مش محتاجة ذكاوة يعنى باينه أوى .... دة طبعًا أكيد كرم صاحب ياسر .. دة مجنون بيكِ يا بنتى .. دة كان بيحلم بيكِ من قبل ما يشوفك ... عارفه حاجة كدة زى ما هو بيقول عليكِ سندريلا فى نفسك ....

هيام بإستغراب : إنتِ عرفتى منين كل دة ...؟!!

بعفوية تتميز بها إستكملت نورا بدون تفكير ...
نورا: دة دَوشنا كل شوية عايز يشوفك ... عايز يشوفك ... مفيش فى حياته غيرك أصلًا ....

سهمت هيام مرددة بصوت خفيض ...
هيام : إسمه كرم ...!!!

نورا: أه كرم ... إللى عايش مع ياسر فى لندن ما أنا كنت قُلت لك إنه عايش معاه فى نفس الشقة ....

هيام بتذكر : أه صح إفتكرت ...!!!

قطع حديثهما صوت رنين جرس الباب لتطلب نورا من هيام أن تجيب الطارق لإنشغالها بتحضير الطعام ...
نورا: معلش يا هيام ... مش عارفه أسيب إللى فى إيدى ... إفتحى الباب دة أكيد ياسر ....

هيام: الأمر لله ... جايه معزومه أنا ولا إيه بالضبط .....!!!

همت هيام بفتح الباب لتجد كرم يقف أمامها بطوله الفارع وملامحه المكسيكية المميزة وشعره الأسود متناثر بفوضى معطيًا إياه جاذبيه وغموض ....

إتسعت إبتسامته العريضة لرؤيتها ليهتف بنبره عاشقة ...
كرم : شربات ...!!... إنتِ هنا ..؟!!

قضبت حاجبيها بقوة وهى تعقد ذراعيها أمام صدرها مستنكره من هذا الإسم الذى يُطلقه عليها ..
هيام: إيه حكاية شربات دى بقى ... !!!! ... لو سمحت مينفعش كدة ...!!!

إستند كرم بكتفه إلى الحائط مسبلًا بعيناها الواسعتان قائلًا بتغزل ....
كرم: وحشتينى ...

إتسعت عيناها بدهشة متفاجئة من جرئته لتتعثر بكلماتها بخجل ...
هيام بخجل: بقولك إيه أنا قلت لك قبل كدة أنا مش بتاعة الكلام دة ...!!!!

كرم : طب إيه إللى يرضيكِ وأنا أعمله ...

هيام بهدوء: أنا مينفعش ولا أشوفك ولا أكلمك طالما منعرفش بعض ولا قرايب ولا تربطنا أى صلة ....

إعتدل كرم بوقفته ليستقيم قائلًا بملامح جَديه ....
كرم : بس .... أنا حـ أحلها ....

هيام بتساؤل: حـ تعمل إيه يعنى ...؟!!

كرم بهدوء مماثل : أنا رايح دلوقتِ لبيت الحاج سعيد وحـ أطلب منه إيدك رسمى ...

هيام بدهشة : إنتَ بتهزر ..!!

كرم وهو تاركًا إياها متخذًا طريقه نحو درجات السلم مغادرًا ...

كرم: لأ طبعًا ... أنا رايح له دلوقتِ حااالا .. أنا ما صدقت ...

تركها فى ذهول من تصرفه المجنون لتضحك على ما فعله للتو قائله ...
هيام: بيقول إيه دة .... أما مجنون صحيح ......

إقتربت نورا بتسلل وهى تنظر نحو هيام بإستغراب شديد متطلعه نحو وجه هيام المبتسم تاره ونحو الفراغ الذى تنظر إليه هيام تارة أخرى ....
نورا: يا عينى يا أختى ... إنتى واقفة تضحكى وتكلمى نفسك ....

هيام: لا أبدًا .. متحطيش فى بالك ...

نورا:طيب يلا قدامى نلحق نخلص وتكملى لى الحكاية ....

ضحكت هيام بصوت مسموع ثم قالت ...
هيام: .. لأ حكايه إيه بقى ... تعالى نخلص الغدا إللى أنا جايه أعمله دة ...

=====

سميرة....
دلفت سميرة برفقة عبير إلى الصالون الخاص بالضيوف بشقة والدة عبير حين حذرت عبير سميرة قائله ...
عبير : إوعى تقولى لماما إن أنا إللى قُلت لك تيجى تكلميها ...

سميرة: ليه شايفانى مَدَب أوى كدة متقلقيش ...

تذكرت عبير أشرف حينما كان يحدث سميرة بأمر ما يبدو أنه مهم للغاية ....
عبير: هو أستاذ أشرف كان عايز منك إيه ...؟!!

سميرة: هاه ... شغل شغل ...

إستقبلتهم والدة عبير بحفاوة بالغة فهى تحب سميرة منذ تعرفت إليها إبنتها أثناء دراستهما ....

جلسوا وإستمتعوا بحديثهم حتى بدأت سميرة تحث والدة عبير على الذهاب للطبيب الذى تكره الذهاب إليه ووعدتها بذلك بالفعل ، إنتبهت سميرة للوقت الذى مر لتهتف بتعجل ....

سميرة: أنا إتأخرت أوى .. حـ أمشى أنا بقى وإن شاء الله تطمنينى يا طنط و إنك لازم تروحى تكشفى .. علاج الكلى سهل بس المهم متهمليهوش ...

والدة عبير : إن شاء الله يا بنتى ... وإبقى خلينا نشوفك بقى متغيبيش علينا كتير كدة ...

سميرة: أكيد إن شاء الله ....

ودعتهم سميرة وتوجهت مباشرة نحو المنزل ....

====

بيت الحاج سعيد .....
دق الباب بطرقات غريبة لتلبى هبه الطارق متسائله بإندهاش لرؤيتها هذا الشاب لأول مرة بباب بيتهم ...
هبه: أيوة ...

كرم : الحاج سعيد موجود ....؟!

هبه :أقوله مين حضرتك ...؟!

كرم: لا هو ميعرفنيش بس أنا عايزه فى موضوع ضرورى ...

أشارت له هبه بالولوج للداخل أولًا ...
هبه: طيب إتفضل حضرتك ...

تقدم كرم بخطوات بسيطة فكم كان منزلهم بسيط لكن مريح جدًا للنفس ...

جلس كرم على الأريكة بإنتظار قدوم الحاج سعيد والد هيام بعدما تركته هبه لمناداته .....

أقبل كهل ضعيف البنيه نحو كرم ينم وجهه عن طيبة وعراقة ، لم يكن يشبه هيام بالمرة لكنه به روح و عِزة تُشبه تلك التى رآها بها ....

وقف كرم برقى لتحية الحاج سعيد مصافحًا إياه ...
الحاج سعيد: أهلًا وسهلًا يا إبنى ... إتفضل ...

كرم: شكرًا يا حاج سعيد ... أحب أعرفك بنفسى ... أنا إسمى كرم الزايدى يمكن إسم العائلة مش معروف أوى بس إحنا أصل عيلتنا من الشرقية بس أنا مقيم فى لندن وعايش تقريبًا عمرى كله هناك معرفش هنا أى حد من أهلى ...

الحاج سعيد: إتشرفنا يا إبنى ... خير إن شاء الله ....

حياته بلندن جعلته صريحًا واضحًا قويًا لا يهاب المواجهات مطلقًا ، لهذا كان طلبه يسيرًا جدًا عليه ولم يشعر بمثل ما يشعر به أقرانه بنفس الموقف بل كان واثقًا من نفسه بقوة شعر بها الحاج سعيد بالفعل ...
كرم: الصراحة وبدون مقدمات كتير .. أنا جاى أطلب إيد بنتك هيام وطبعًا زى ما قلت لحضرتك أنا ماليش حد هنا ... ووالدى متوفى ووالدتى مسافره بره ووحيد ماليش إخوات ... عشان لو كنت بتسأل ليه محدش من أهلى جه معايا ..

الحاج سعيد: سِيماهم على وجوههم يا إبنى بس الموضوع دة مش بالساهل كدة ... وهيام بنتى .... غالية أوى ...

كرم: عارف والله يا عمى ... أنا مش عايز من الدنيا غيرها وعندى إستعداد أعمل أى حاجة بس عشان تبقى من نصيبى .... حضرتك بس وافق وأنا مش عايز من حضرتك أكتر من كدة ...

الحاج سعيد: إدينا طيب فرصة نسألها عن رأيها ونسأل عنك ....

تفكر كرم لبعض الوقت ثم أوضح للحاج سعيد ...
كرم: أه طبعًا ... بس مش عارف حضرتك حـ تسأل عليا مين ... معرفش هنا غير ياسر جوز نورا صاحبة هيام ... دة عِشرة وعيش وملح بقالنا فترة طويلة ساكنين مع بعض فى نفس الشقة ..

الحاج سعيد: ونعم الصداقة ... دة راجل محترم وإبن ناس محترمين ... إدينا بس فرصة وإن شاء الله أرد عليك قُريب ...

كرم: إن شاء الله ... هيام بالنسبة لى حاجة كبيرة أوى ... لو وافقتم حـ أشيلها فوق دماغى وعمرى ما حـ أزعلها وحـ أكون السند ليها وتكون ونس ليا فى غُربتى ...

تفهم الحاج سعيد الأمر ولفت نظره شخصية كرم القوية وطَلبه المباشر دون الإلتفاف والتلميح ...
الحاج سعيد: خلاص يا إبنى إدينى بس كام يوم كدة وحـ أرد عليك ...

كرم: أنا ساكن قريب منكم هنا ... حـ أبقى آجى لحضرتك أطمن على ردكم ...

الحاج سعيد: إن شاء الله ... نورت يا إبنى ....

كرم: متشكر أوى ....

خرج كرم من منزل والد هيام غير مصدق أن حياته يمكن أن تتغير بهذه السرعة ..

لقد كانت زيارته الأولى لمصر تحمل الكثير من تقلبات القدر التى لم يظن أنها ستحدث على الإطلاق ....

إتصل كرم بـ ياسر معتذرًا عن حضوره اليوم لأمر هام سيُبلغه إياه عند رؤيته له وتوجه مباشرة إلى شقته الجديدة ...

====

هيام...
بعد زيارتها لصديقتها الوحيدة نورا والتى إشتاقت لها كثيرًا .. هذه الزيارة التي حملت الكثير من الشوق والأحاديث عما حدث لـ نورا خلال هذه الفترة .. كما سردت هيام بعض أحداثها بإختصار كعادتها ...

عادت هيام فى طريقها نحو المنزل متذكرة حديث كرم لها اليوم لترتسم بوجهها إبتسامة خفيفة دون أن تلاحظ ذلك ...

ويبقى للأحداث بقيه ،،،
انتهى الفصل الثامن عشر ،،،
قراءة ممتعة ،،،
رشا روميه ( قوت القلوب)،،،

 •تابع الفصل التالي "رواية لحظات منسيه" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent