Ads by Google X

رواية في ظلال الحب المفقود الفصل الثامن عشر 18 - بقلم مهجة

الصفحة الرئيسية

  

 رواية في ظلال الحب المفقود الفصل الثامن عشر 18 - بقلم مهجة

" قرار جديد، بين الصداقه و الحب "
                                    
                                          
في صباح اليوم التالي، أشرقت الشمس على الحي بهدوء، وأضاءت الغرفة بحروف ذهبية تتسلل عبر الستائر. كانت سُكرة مستيقظة مبكرًا، جالسة على حافة السرير، عيونها متعبة من السهر الليلة الماضية، لكن قلبها كان ينبض بحماسة غير مفهومة.



حين فتحت نافذة الغرفة، استنشقَت هواء الصباح البارد، وتذكرت مشهد تلك الليلة التي كادت تظن فيها أن العصابة قد ظهرت من الخوف الذي زرعه وسيم في قلوب الجميع، لكن كان هنالك شيء آخر، شيء أقل وضوحًا، شيء يتعلق بنظرات أدهم القلقة تجاهها.



في تلك اللحظة، دخلت ليان الغرفة بضحكتها المعتادة، وكأنها لم تتوقف عن الضحك منذ اللحظة التي خرجت فيها من الغرفة ليلة البارحة.



"صباح الخير، كيف حالك اليوم؟ لا تخبريني أنك ما زلت تفكرين في وسيم؟"



ابتسمت سُكرة، لكنها لم تُخفِ القلق الذي بدأ يظهر على ملامح وجهها. كانت تعرف جيدًا أن ليان لن تتوقف عن تعكير صفو أفكارها.



"لا، ليس وسيم... لكن، هل كان أدهم غاضبًا البارحة؟"



"آه، نعم! وهو زعلان، لأني لو كنت مكانه كنت سأغضب أيضًا. من الواضح أنه يهتم لك كثيرًا."



توقف حديث ليان في لحظة عندما سمعت خطوات قادمة من الخارج. كان أدهم واقفًا على الباب، بوجهه الجاد الذي يميز ملامحه في اللحظات الحاسمة.



"صباح الخير، سُكرة. كيف حالك؟" سأل وهو يراقبها بعينين مليئتين بالقلق.



أجابته بسرعة، لكن لم تتمكن من إخفاء ارتباكها: "أنا بخير، لا تقلق."



لكن قبل أن يتمكن من الرد، دخل وسيم فجأة إلى الغرفة، يبتسم بحذر. عندما لاحظ وجود أدهم، أصبح الجو مشحونًا بطريقة غريبة.



"أهلاً، أدهم. كنت أبحث عنك." قال وسيم بابتسامة، لكن نظراته كانت تحمل شيئًا آخر.



أجاب أدهم بنبرة هادئة، لكنه كان يتجنب عيني وسيم: "نعم، كنت سأذهب مع الجميع لتناول الفطور. هل ترغب في الانضمام؟"



وسيم، الذي شعر بالتوتر في الجو، أجاب بسرعة: "بالطبع، لا أريد أن أكون عائقًا."



بينما كان أدهم يحاول الحفاظ على هدوئه، شعرت سُكرة بشيء غريب يملأ الجو بينهما. كانت تعلم أن هناك شيئًا ما بينهما، شيء لم يصرحا به بعد.



في الطريق إلى غرفة الطعام، في أجواء هادئة، تمر سُكرة، أدهم، وسيم، وليان جنبًا إلى جنب على المائدة حيث الجميع يجتمع لتناول الإفطار. ورغم ابتسامات الجميع، كان الجو مشحونًا بشيء غير مذكور، وهو تلك التوترات بين وسيم وأدهم.



توقف أدهم بجانب سُكرة، وقال بصوت خافت، يكاد لا يسمعه أحد: "هل... هل كنتِ بخير أمس؟"



توقفت سُكرة عن السير، ونظرت إليه، ثم قالت بهدوء: "أعتقد أنني كنت سأكون أفضل لو أنك... لم تكن غاضبًا."




 
                
ابتسم أدهم بخجل، ثم قال بلطف: "لم أكن غاضبًا، كنت فقط... قلقًا عليكِ."



بينما كان وسيم يراقب من بعيد، شعر بشيء يتملكه، لكن لا يستطيع التعبير عنه. ربما كان شعورًا بالغيرة، أو ربما كان هناك شيء آخر، شيء كان يخشى أن يواجهه.





جلس وسيم على طرف الطاولة بعيدًا عن أدهم، وكان يراقب سُكرة بين الحين والآخر. لكن كانت نظراته تلك تبتعد سريعًا عندما يتقاطع نظره مع نظرات أدهم. كان يعلم جيدًا أن هذه اللعبة التي يلعبها ليست بالأمر السهل.



"وسيم، لماذا لا تأكل شيئًا؟" قالت ليان بهدوء، وهي تلاحظ كيف أن وسيم يركز أكثر على سُكرة من الطعام أمامه.



أجاب وسيم بابتسامة خفيفة، بينما كانت عيونه تنقل شيئًا مختلفًا تمامًا: "أكلت بالفعل، شكرًا لكِ."



بينما كانت سُكرة تتحدث مع ليان عن الأحداث السابقة، لم يكد وسيم يلتفت إليها، حتى شعر بشيء ثقيل في قلبه. كانت تلك اللحظة التي استوعب فيها حقيقة ما يحدث: إنه يحب سُكرة، لكنه لا يمكنه أن يكون عقبة في طريق صداقته مع أدهم.



في تلك اللحظة، قرر أنه لن يكون الرجل الذي سيقلب موازين الأمور بينه وبين صديقه. كان يعرف أن مشاعره تجاه سُكرة هي مجرد إحساس عابر، وأنه إن أصرّ على مواجهة أدهم بذلك، فقد يخسر كل شيء.




---



فيما بعد، عند نهاية الفطور:



خرج الجميع إلى الحديقة، حيث استقروا تحت شجرة كبيرة، والجو كان مشمسًا، لكن قلب وسيم كان لا يزال في دوامة من المشاعر المتضاربة. قرر أن يتحدث مع أدهم، ليضع حدًا لما يشعر به.



"أدهم، هل يمكنني أن أتحدث معك قليلًا؟" قال وسيم بصوت جاد بينما كان ينظر إلى الأرض.



أدهم، الذي شعر بالقلق من هذه البداية، رفع عينيه وقال بهدوء: "بالطبع، ما الأمر؟"



أخذ وسيم نفسًا عميقًا قبل أن يبدأ بالكلام: "أدهم، بعد كل شيء حدث، قررت أنني لن أكون سببًا في أي قلق بيننا. أريدك أن تعرف أنني لا أريد أن أؤذيك أو أن أسبب لك أي مشاكل بسبب سُكرة."



نظر أدهم إليه بتعجب. لم يكن يتوقع هذه الكلمات من صديقه.



"ماذا تعني؟" سأل أدهم وهو يحاول فهمه.



وسيم، الذي كان يعرف أنه يجب أن يتخلى عن شعوره، تابع قائلًا: "أنا... أحب سُكرة، نعم، لكني أعلم تمامًا أنني لا أستطيع أن أكون ذلك الشخص الذي يحاول أن يحصل على قلبها أمامك. أريد أن أحتفظ بمشاعري في قلبي فقط. لن أكون في طريقك، ولن أصرح بشيء أبدًا أمامها. فقط أريدك أن تكون سعيدًا."



أدهم، الذي كان يستمع لكل كلمة، شعر بشيء من الراحة. كان يعرف أن وسيم صادق، وأنه يفكر في صداقته أكثر من أي شيء آخر.




        
          
                
"أنا... أنا ممتن لك، وسيم. لم أتوقع منك أن تكون هكذا." قال أدهم وهو ينظر إلى صديقه بامتنان.



"أنت صديقي، ولن أسمح لأي شيء أن يقف بيننا. سُكرة تستحق الأفضل، وإذا كنت أنت من تستطيع أن تكون ذلك الشخص، فأنا سأكون هنا دائمًا لدعمك." قال وسيم بهدوء، بينما كانت ابتسامته تظهر لأول مرة بعد فترة من التوتر.



في تلك اللحظة، شعر كلاهما بشيء أخف في قلوبهم. كان القرار صعبًا، لكن كان الصداق بينهما أهم من أي شيء آخر. بدأت المشاعر المكبوتة تختفي تدريجيًا، وتحولت إلى علاقة أقوى بين الاثنين.




بعد الحديث بين وسيم وأدهم، قرر الجميع أن يأخذوا قسطًا من الراحة بعد الفطور، ولكن الأطفال لم يستطيعوا مقاومة فكرة اللعب في الهواء الطلق. تجمعوا في الحديقة مرة أخرى، بينما كان الجيران أيضًا قد انضموا إلى اللعب.



أدهم ووسيم، رغم الحديث الذي دار بينهما، اختاروا الانضمام إلى الأولاد في لعبة كرة القدم، يركضون في سعادة، يتبادلون الضحكات والركلات، ولا شيء يثير القلق في الجو. كانت سُكرة تقف بالقرب منهم مع ليان، تشاهدهم بحماس، والابتسامة لا تفارق وجهها.



"أنتِ تحبينه، أليس كذلك؟" همست ليان في أذن سُكرة وهي تراقب أدهم وهو يسجل هدفًا رائعًا.



"لا أعرف... هو... مختلف." أجابت سُكرة، ووجهها يكاد لا يخلو من الخجل.



بينما كان الجميع غارقين في اللعب والمرح، اقترب سالم وسامي، وهما يلعبان مع يزن، من حيث كان وسيم وأدهم.



"أنا جائع!" قال سالم وهو يركض خلف أدهم.



"أنت دائمًا جائع!" ضحك وسيم وأعطى سالم كرة جديدة ليضيعها في الهواء.



ثم ارتفعت ضحكات الأطفال في كل مكان، وبدأت لحظة من الدفء والبهجة تعم المكان. كانت الأيام الحافلة بالأحداث تتوالى، وكل لحظة تضاف إلى ذكرياتهم.




في المساء، بعد مرور بعض الوقت:




حين عادت المجموعة إلى المنزل، لم يعد الجو مشحونًا كما كان من قبل. كان كل شيء هادئًا، كما لو أن الغيوم التي كانت تحوم فوق الجميع قد زالت أخيرًا.




اجتمع الجميع في الصالون لتناول العشاء. بعد اليوم الطويل والمليء بالحركة، كان الجو في المنزل هادئًا ومريحًا. كانت الجدة قد أعدت طبقًا دافئًا من العصيدة، والذي أضاف لمسة من الطمأنينة للمكان.



بينما الجميع يتناولون الطعام، كان وسيم وأدهم يتبادلان النظرات بشكل غير مباشر، لكنهما كانا يشعران ببعض الراحة. كانت سُكرة تجلس إلى جانبهم، تشاركهم الحديث بخجل، بينما رهف و ملاذ، اللتان لاحظتا الكثير من الأشياء التي لم يتحدث عنها الجميع، كانتا تبتسمان في صمت.



"الحمد لله على هذه اللحظات، أليس كذلك؟" قالت الجدة بابتسامة دافئة، بينما كانت تضع الطعام على الطاولة.



"نعم، الحمد لله." قالت سُكرة بهدوء، وعينها تلمع.




ثم، مع انتهاء العشاء، قام الجميع بالاسترخاء في الصالة، بينما انطلقت أغنية هادئة في الخلفية، وأضاءت الأنوار الدافئة المكان. كان اليوم قد انتهى، ولكن هذه الذكريات ستظل محفورة في قلوبهم، ذكريات طفولية، براءة، وأصدقاء كانوا يتعلمون معًا كيف يعتنون ببعضهم البعض.



"لقد كان يومًا جيدًا." قال أدهم وهو يبتسم، متأملًا الجو المحيط.



وسيم، الذي كان جالسًا بجانبه، نظر إليه وقال: "نعم، يوم جيد."



لكن، في قلب وسيم، كان يتأكد من شيء واحد: أدهم هو صديقه، وكان يستحق أن يكون مع سُكرة، رغم أن مشاعره كانت لا تزال هناك، في الأعماق.




        


google-playkhamsatmostaqltradent