رواية لتحيا نيران العشق الفصل السادس عشر 16 - بقلم هدى زايد
الفصل ال16
الفصل السادس عشر
~ ذنب يغتفر~
**********
اتسعت عيناه من هول المفاجأة، بينماكانت
" نرجس " تتسأل بنبرة مرتشعه
- وأني عملت إيه يا چدي
رد " نعمان " بجديه
- ابجي اسألي اخوكي عمل إيه في چنه
تابع بحدة وهو ينظر لحفيده
- طلجها واكرشها برا الدار
وعهد ربنا ورسوله اعمل في إيه، أني حالفت جدام الكل إني هتسترها اجوم أني بيدي افضحها
أردف " سليم " عبارته وهو يقترب من جده، بينما وقف جدن وقال باستجهان
- ابجى صوم وكفر عن ذنبك
رد " سليم " بصراخ
- وليه أعمله من الأساس عملت لي إيه عشان اكسرها كِده
قاطعه بذات النبرة
- اخوها كسر بت عمك وفضحها بعد شهر چواز
- اه يعني إنت هتردها في بتهم بس أني مهعملش كِده
استدار بجسده ما أن انهى الأخير حديثه فقال بهدوء
- يبجى تخرچ برا الدار وعشان إنت راچل چدع هسيبك لحد الفچر يا تطلجها يا تخرچ برا الدار
ردت "جنه " لتعلن عن وجودها قائلة بغضب
- اقسم بجلال الله لو فكرت تعملها يا سليم لافضحك في كل مكان وهتكون فتحت على نفسك نار ملهاش آخر
تركها " سليم " وصعد الدرج بينما نظرت إليه
" نرجس" ملامحه لا تبشر بالخير، صفع الباب خلفه بعنف، جلس على حافة الفراش يستجمع شتات نفسه، تفاجأ بها تجثو على ركبتيها كادت تنحني على قدماه لتقبلها وهي تتوسل إليه قائلة
- احب على يدك يا سليم استرني احب علي تسترني وم
رد مقاطعًا بحدة وهو يرفعها عن الارض وراح يقول بصوت مرتفع
- استرك ديه لما تكوني معيوبه لكن أنتي اشرف من الشرف وأني اشهد
ثم ختم حديثه وهو يشير بيده نحو الفراش قائلا
- والسرير ديه يشهد چهزي حالك هنمشوا من اهني ملناش مقان اهني
وبعد مرور ساعه تقريبًا كان " سليم ونرجس"
في بهو المنزل بحقائب سفرهم، حرك الجد رأسه وهو يقول بهدوء حد الاستفزاز
- اخترت بت الهوارية ماشي يا داكتور يبجى تسيب كل حاچه تملكها من بيت السيوفي
رد " سليم " بإشمئزاز
- وهي متلزمنيش في حاچه أني خدت اللي يخصني
تنهدت " جنه " بإرتياح وهي تنظر لهما وراحت تقول
- راجل يا سليم وهتفضل طول عمرك راجل
رد جدها بصفعه قوية على وجهها جعلت الدماء تنزف من فمها، أشار بيده لحفيده وزوجته بالخروج من البيت ثم نظر إلى حفيدته التي افسدت عليه مخططاته وقال بغضب
- كله منيكي يا وش المصايب، كيف ابوكي مدلوجه على اللي رماكي ولا سأل فيكي
بتچري على اللي ميساواش
ردت بصراخ قائلة
- بس بقى حرام عليك كفايه حرب وخطط كفايه أنا كرهتك وكرهت اليوم اللي جيت في هنا أنا مش هقعد هنا أنا هاسيب لك البلد وهمشي
رد بصفعه قويه اسقطتها أرضا ثم قال بوعيد
- أني هعرفك كيف تكرهني صُح
قبض على خصلات شعرها كادت أن تقتلع في يده بينما هو لا يبالي لصرخاتها، هدر بصوت للخدمات أمرًا بذجها في الغرفة الخلفيه للمنزل
كما منع عنها الطعام والماء نهائيًا .
كانت صفعته قويه تركت أثرًا على وجهها كما سقوطها أدى إلى جرح في جبينها، جلس يفكر في خطه جديدة تعيد له حفيده .
أما " جنه " كانت تجلس على الأرض الترابيه
وهي تتألم من جروحها تلك،
وبعد مرور ساعتين
كانت تسير بخطوات هادئة وهي تنظر خلفها
حتى وصلت إلى الغرفة المنشودة، فتحت المزلاج ثم اضاءت مصباح الهاتف باحثه عنها
وجدتها تجلس القرفصاء في إحدى الزوايا .
هزتها برفق وقالت بخفوت
- چنه جومي يا چنه
- جميله مش خايفة من جدك
- جومي تعالي ورايا اتحملي عليّ.
ساعدتها في الهروب من البيت، أخذتها إلى المشفى لتضمض جرحها، طلبت منها أن ترحل من البلدة هذه الفترة، ردت بسخرية
- هروح فين يعني ماهو هيعرف يوصل لي أنا مش ههرب أنا لازم اقف في وشه، جدك بقى زي الإعصار بياخد اي حد بيقف قصاده
- اديكي جلتيها يبجى هتجفي كيف
- لو سبت البلد هبقى مش عارفه هو بيفكر ازاي ولا ناوي على إيه وأنا لازم اعرف هو ناوي على إيه
- يا بت الحلال انفدي بچلدك من اهنى وأني هبلغك بكل حاچه
ردت بنبرة متعجبه
- هو انتي بتساعديني ليه
- بت عمي كيف سليم واد عمي
تجاهلت " جنه " هذه النبرة قائلة بعدم إكتراث
- بصي يا جميله عاوزة تساعديني بجد خليني في مكان محدش يعرفه بس يكون هنا ويكون قريب من جدك
وضعت " جميله " أناملها في فمها مفكرة في مكانًا آمين كما طلبت " جنه "
ردت بتذكر قائلة
- اسمعي روحي لچدك ايوب هو الوحيد اللي هيحميكي منيه
ردت بعفويه وهي تعدل يدها المضمضه
- انتي هبله يا بنتي اروح اقولهم اتكسرت كدا ليه
تنحنحت وراحت تقول بعتذار
- آسفة بس أصل واخدة اقول كدا لصحابي متزعليش
- مش زعلانه بصي أنتي مسمعتيش للآخر
- طب قولي
- أنتي هتجولي إنك وجعتي من على السلم وانتي نازلة عادي، وهتخليكي هناك وأني هنجل لك اخبار چدي
- وافرض جدك جه وعرفهم اللي حصل هنعمل إيه ساعتها
- ايوه صُح، خلاص بجى مافيش غير إنك تتدلي مصر واني هبجى هعرفك كل حاچه
- طب وسليم
- متجلجيش أني هروح له الصبح بيتكم الجديم وهشوفوا محتاچ إيه، المهم دلوجه جبل طلوع الشمش تكون في الجطر
- طب ساعديني بقى الف طرحتي والبس جزمتي عشان مافيش عضمة فيا سليمة جدك كسرني آآه ياعضمك يا رضا
- معلش هو لما بيتعصب بيبجى كيف الفولة في النار اتحملي
- أنا من يوم ما جيت الصعيد وأنا مبقاش اسمي جنه بقى اسمي جهنم اتاري الفقر حلو ياجدع والواحد مش حاسس
ردت ضاحكة
- وليكي نفس تضحكي يا فجرية وأنتي مفشفشه كِده يلا خلينا نتحركوا
خرجتا من المشفى وهي تستند على يدها، ساعدتها في الجلوس ثم جلسة هي على مقعد القيادة، أقل من ساعه تقريبًا ووصلتا إلى محطة القطار، صعدت معها إلى العربة، تخدثت معها قليلًا ثم غادرت المحطة بعد أن غادر القطار . عادت" جنه " برأسها للخلف بتعب ارخت جفنيها وهي تناجي ربها بأن لا يقتحم جدها أحلامها ويدمرها كما دمرها هي شخصيًا .
عارف يا حذيفه لو جنه قاطعتني بسببك هعمل فيك إيه
أردفت " بدور" جلمتها بتحذير واضح وصريح ومباشر، وهي توجه سبابتها في وجهه بينما هو احتضن إصبعها وقال برجاء
- لأ بالله عليكي يا بدور بلاش عقابك احسن أنتي عقابك قاسي قوي
- ادعي من قلبك إنها تعدي اللي هببته دا على خير
- والله حاولت امسك لساني مقدرتش وهو التاني متخلف أنا عمال اقل له بطريقه غير مباشرة ولما مافهمش قمت رامي الكلام في وشه بدل ماتروح منه وهي مظلومة
- انا غلطانه إني اتسحبت من لساني وقلت لك على الحقيقه
رد بمشاكسه قائلا
- خلاص بقى يا ديدو هما هيرجعوا لبعض واهو نبقى كسبنا ثواب يا بخت من وفق راسين في الحلال
ابتسمت ملء شدقيها على مزاحه رغم صعوبة الموقف الذي وقعت فيه، تابعت بجدية مصطنعه وهي تضربه على ظهر يده وراحت تقول
- ايدك
كرر محاولته في احتضان يدها بين كفيه وهو يتوسل
- ديدو خلاص بقى عشان خاطري اوعدك همسك لساني بعد كدا
ردت بتحذير قائلة
- هاديك آخر فرصة بعدها إنت حر
رفع كفيه وقال بجدية مصطنعه
- خلاص ياباشا والله همسك لساني وربنا يقدرني بقى
والله العظيم يا نرچس ما حصُل حاچه من اللي في بالك ديه، انا متفاچأ كيف ما أنتي اتفاچأت تمام
أردف "سليم " عبارته وهو يقترب من زوجته لكنها رفضت هذا القرب، بل واتخذت إحدى الغرف غرفتها، ظنًا منها أنه شارك جده في هذه الكذبة، هوت على أحد المقاعد المتهالك وهي تتدفن وجهها بين كفيها، ليلة العمر التي باتت تحلم بها انتهت بكابوس مفزع، كم تمنت أو تلقي بنفسها في حضن أمها، تشكي هما لأخيه ويربت على رأسها جدها، ويمحي دمعها أبيها عائلتها التي كانت العون والسند طيلة الخمس والعشرون عام الماضيه علمت قيمتهما في هذه الليله .
انتفضت على إثر ولوج " سليم " كانت تتراجع أمام كل خطوة يخطوها هو، اصبحت تخشاه اقترب منها احتضن وجهها بين كفيه وقال بحنو
- طلي في عيني، خايفه مني، مش واثجه فيّ أني لو رايد الغدر خرچت ليه من الدار
- أني مش خايفه منيك أني خايفه تضُربني، خايفه حديت چدك يجصر فيك و
وضع سبابته على شفتيها وقال بعتاب بحزنٍ عميق وهو يستند بجبهته على جبينها
- شششش معاوزش اسمع حديتك الماصخ ديه، أنتي مرتي حبيبتي ويشهد عليّ ربنا ما هچرحك بكلمة طول مافيّ نفس
ارتمت في حضنه وخارت كل قواها في البكاء
مسد على ظهرها بحنو وحب
- بس يا حبيبتي حجك عليّ، والله ما كنت اعرف إن في نيته كِده واصل
اخرجها من حضنه وقال بنبرة صادقة
- ويمين الله لاخلي چدي يجول حجك عليّ ياست البنات
كفكف دموعها وراح يقول بمزاح
- يدي في يدك ننضفوا الدار عشان ننعسوا هبابه، اموت واعرف مين اللي حاطط عينه في چوازتي منيكي
ابتسمت من بين دموعها ثم قالت بنبرة محشرجة
- عمران معاوزش يچوزني ليك واصل
- اخوكي ديه ثجيل ثجيل بشكل ملوش ملامح
- هزعل منيك ديه اخوي الكابير
- وه وأني ابجي إيه
- إنت سند وضهري ربنا يخليك ليا
رد بصوت هادئ ونبرة تملؤها الرغبه
- بجول إيه بلاها ترويج دلوجه وتعالي ننعسوا هبابه
ابتعدت عنه وقالت بخجل
- لاه مش هعرف انعس كِده روج الدار لاول
- أمري لله
في عصر اليوم التالي،
كانت "جنه " تجلس على حافة الفراش مقابل " بدور" وراحت تقول بتعب واضح عليها
- بهدلوني يا بت يا بدور، كلمة كسر عضمي دي قليلة، آآآه براحة يا بدور
- معلش ياحبيبتي ربنا ينتقم منه، أنتي ازاي مترحيش تحكي لجدك ايوب وعمران يهدوا الدنيا على دماغه
- اقول لهم إيه بس انا لو رحت هناك الدنيا هتولع زيادة، آآآه براحة يا بدور
- معلش معلش
- أنا من كتر الضرب حاسه إني طلع لي عين تالته، انا كنت رايحة كان رجعت جهنم الحمرا في عيني يا بت يا بدور
ضربتها على فخذها قائلة بغيظٍ
- وليكي نفس تهزري وإنتي زي البلياتشوا كدا
نامي يا اختي نامي وارتاحي على ما اعمل لك لقمة تأكليها
مددت جسدها وهي تقول بتأواه
-آآآه يا عضمك يا رضا، كسروني ولاد اللذين أنا جنه يتعمل فيها كل دا، إما وريتك يا جدي، آآآه يارجلي ويا ايدي آآآه ياكلي .
ارخت جفنيها لتغط في نومًا عميق، بينما كانت تقف " بدور" في غرفة الطعام، تُعد حساء الخضروات، صدح رنين هاتفها نظرت تجاهه وجدته " حذيفه " قامت بالرد عليه
معتذرة عن غيابها عنه منذ الصباح البامر بسبب وصول صديقتها، سردت له ماحدث وما إن انتهت قالت بتحذير
- حذيفه امسك لسانك احسن المرة دي لو عمران عرف هيبهدل الدنيا، انا قلت لك عشان إنت مصمم نتجوز آخر الأسبوع وبالشكل دا مش هينفع ابدًا
اتجوزي يا اختي اتجوزي متعملنيش حجتك
قالتها " جنه" وهي تشير بيدها أسفل ذقنها ثم همست بوعيد
- إما وريتك ما مسحوبة اللسان ماشي
ردت "بدور" وهي تغلق الهاتف قائلة برجاء
- والله يا جنه أنا قلت عشان
اقتربت منها وقالت بجدية مصطنعه وهي تحدجها بعيناها
- بقى أنا احكي لك عشان تروحي تحكي لحذيفه يقوم يحكي لعمران
مدت يدها لتلتقط السكين وراحت بجدية
- حافظة الشهادتين ولا اقولهم لك
- استني بس يامجنونه والله ما كنت هاقل له أنا قلت له عشان كان عاوزك تتجوزي خورشيد
- خورشيد مين الواد الملازق بتاع البنات دا
ردت " بدور " قائلة بعتراض
- لأاا مش هاسمح لك تقولي على ابن عمي كدا ترضيها على ابن عمك
- ابن راجل جدع إنما ابن عمك واد ملازق
ردت " بدور" بجدية
- يا عبيطة كنت عاوزكي تبقي صاحبتي وسلفتي ونبقى مع بعض على طول
تركت " جنه " السكين وقالت بجدية
- لأ يا بدور أنا خلاص مش هتجوز تاني وبصراحة بقى مافيش راجل زي عمران ملئ عيني
غمزت لها بطرف عينها وقالت بنبرة ماكرة
-عينك بس مافيش حاجه تاني ملاها
- حتى لو في خلاص مبقاش ينفع
-ليه بس كدا يا جنه هو عرف اللي حصل ليه مترجعوش لبعض
ردت " جنه " بشرود وصوت مختنق
- أنا بحبه وعشان بحبه لازم احافظ عليه وعمران طول ما هو بعيد عني هو بخير
- ياخسارة يا جنة كان نفسي ترجعوا لبعض
- محدش بياخد اكتر من نصيبه وأنا مليش نصيب في ربنا يعوضه بالأحسن مني
مر يوم ثم يومان ثم ثلاثة أيام حتى مر أسبوعًا كاملا على الجميع لم يتغير الكثير عند البعض وتبدل حال البعض الآخر، هاتفت "نرجس" عائلتها قبل أن يأتون لزيارتها، لتخبرهم بأنها مسافرة إلى مدينة الإسكندرية،
وبالفعل في مساء اليوم كانت تسير مع زوجها على الشاطئ جنبا إلى جنب، كما علم الجد
" نعمان " أن "جميله " هي من ساعدت " في الهروب من المنزل، حالة من الغضب والغيظ انتابته، تعمد جرحها بعد مساعدتها لابنة عمها، أما هي تحاملت على نفسها وخرجت لعملها لتغمر حالها فيه .
جلس على المقعد واعاد حساباته من جديد، تفرقت العائلة لأول مرة، حفيدته التي كانت بعيدة عنه كل هذه السنوات، صفعها بدلًا من احضتنها واحتوائها، وماذا عن حفيده الذي كان كظله في كل خطوة يخطوها، عُد إلى رشدك يا نعمان واجمع عائلتك من جديد .
لن تجتمع العائلة بدون " جنه" .
عودة إلى القاهرة
اليوم مميز تتمنى أن ينتهي على خير كما بدأ
صديقتها أصبحت عروس، يالها من حسناء
ضمتها لحضنها وقالت بصوت مبحوح
- مبروك ياقلبي ربنا يكمل فرحتك على خير
- يارب ياجنه يارب خايفه قوي
عقدت حاجبيها وقالت بدهشه
- ليه بقى يافقرية
- معرفش خايفه وخلاص
- يا اختي افرحي بقى وبطلي نكد شوية
- على رأيك
جاء " حذيفه " وتسلم عروسته بعد الوصايا العشر التي القتهم على عاتقه " جنه"، ابتسم لها وقال بامتنان
- ربنا يبارك فيكي ويسعدك زي ما اسعدتيها النهاردا
تابع بخبث
- هاسيبك واخد عروستي عشان الفرح ناقصه عريس وعروسه
تابع هامس وهو يتجه نحو المصعد الكهربائي
-يلا بسرعه من هنا
- عملت إيه تاني يا آخرة صبري
- جبت لها عمران
يتبع
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية لتحيا نيران العشق) اسم الرواية