Ads by Google X

رواية اسيره في مملكة عشقه الفصل الرابع عشر 14 - بقلم سليا البحيري

الصفحة الرئيسية

 رواية اسيره في مملكة عشقه الفصل الرابع عشر 14 - بقلم سليا البحيري

فصل 14
في قاعة الجلوس في فيلا عائلة الشرقاوي بعد انتهاء الحفل

كانت العائلة بأكملها قد عادت إلى الفيلا بعد ليلة زفاف رائعة. جلس الجميع في غرفة الجلوس الواسعة، حيث الأجواء مريحة، ورائحة القهوة والشاي تنتشر في المكان. الجد الأكبر نادر الشرقاوي جلس في منتصف المجلس، ممسكًا بعصاه بينما يراقب الجميع بنظراته الحكيمة والمكر الخفي يلمع في عينيه.

نادر (بنبرة هادئة لكن ماكرة): الحفل كان جميل... بس أنا عندي سؤال كده، وغالبًا محدش هيرد عليه غيري!

التفت الجميع إلى الجد، بينما غزل التي كانت تحتسي كوب العصير، توقفت عن الشرب ونظرت إليه بحذر.

سليم (والد غزل بصرامة خفيفة): سؤال إيه يا حاج؟

نادر (يرفع حاجبه بدهاء): هو أنا بس اللي لاحظت إن حفيدتي غزل كانت مبسوطة زيادة عن اللزوم بوجود حد معين في الحفل؟

غزل كادت تختنق بعصيرها وهي تنظر إليه بعينين متوسعتين، بينما بدأت ميار (والدتها) تضحك بخفة. لكن قبل أن ترد غزل، تدخل سليم (ابن عمها) بحماس واضح، وابتسامة مشاغبة على وجهه.

سليم (بحماس): أخيرًا جدو جاب سيرة الموضوع! أنا بقى كنت مستني اللحظة دي!

غزل (مصدومة): لحظة إيه بالضبط؟

سليم (يغمز لها بمكر): لحظة الحديث عنك إنتِ وغيث، حبيبتي، اللي المفروض من دلوقتي أفكر في طريقة أخليكم تتجوزوا بيها!

اتسعت عينا غزل بذهول، بينما انفجر إياد (عمها الأعزب) وزين (عمها الآخر) في الضحك.

إياد (ساخرًا): الله عليك يا ولد! مخططلها حياتها من غير ما تعرف!

غزل (بغضب): سليم! أنت اتجننت؟!

سليم (بمرح): لا، بس يا حبيبتي إنتي مش شايفة كمية اللطافة اللي بينكم؟ نظراتك ليه، ونظراته ليكي؟ وإزاي بيبصلك كأنك حاجة مقدسة؟!

نادر (يهز رأسه بمكر): أهو ده الكلام! بصراحة يا غزل الولد واضح إنه محترم وجدع.

سليم (بحماس زائد): وجميل جدًا! ما شاء الله عليه، مش معقول إنك مش واخدة بالك!

كانت غزل تنظر له بصدمة، ثم تحولت إلى والدها سليم، الذي كان يراقب المشهد بصمت بنظرة جادة.

سليم (والد غزل، ببرود): محدش هيتكلم في الموضوع ده دلوقتي. غزل تركز في دراستها الأول.

ميار (والدتها، وهي تبتسم): يا حبيبي ما إحنا بس بنتكلم، مش هنكتب الكتاب دلوقتي!

زين (عم غزل، يضحك): بس بصراحة يا سليم، أنا شايف إن ابنك عنده حق. غيث ولد محترم.

سليم (ابن عم غزل، بمرح وهو ينظر لها): يا جماعة، أنا مش هرتاح غير لما أشوفهم مع بعض! غزل وغيث... اسمهم حلو على بعض كمان!

غزل نظرت إليه بتهديد واضح، ثم قامت من مكانها فجأة وهي تحاول السيطرة على احمرار وجهها.

غزل (بتلعثم): يا جماعة، الحفل خلص، وأنا عندي محاضرات الصبح، تصبحوا على خير!

هربت إلى غرفتها وسط ضحكات العائلة وتعليقاتهم المرحة، بينما سليم كان يضحك بمكر وهو يقول:

سليم (بحماس): أنا وراها لحد ما تحب الولد ده غصب عنها!

نادر ابتسم بمكر، وكأنه متأكد أن هناك قصة لم تبدأ بعد لكنها ستبدأ قريبًا...
*********************

بعد أن غادرت غزل، ظل الجميع يضحكون على ردة فعلها، بينما كان الجد نادر يراقبهم بنظرة مليئة بالمكر والدهاء. سليم (ابن زين) استغل الفرصة ونظر إلى والده زين أولًا ثم وجه حديثه إلى عمه سليم والد غزل، بنبرة جادة لكن مليئة بالحماس.

سليم (ابن زين، بابتسامة جانبية): على سيرة غيث، أنا عاوز أقول حاجة مهمة.

سليم (والد غزل، يرفع حاجبه باهتمام): اتفضل، سامعك.

سليم (ابن زين، بحماس): غيث دلوقتي بيدور على شغل، واتطرد من المطعم اللي كان بيشتغل فيه بسبب… جدتي زينب.

زين (والده، يغمغم بسخرية): لا جديد تحت الشمس…

نادر (الجد الأكبر، يبتسم بمكر): زينب؟ عملت إيه تاني؟

سليم (ابن زين، بتنهد): دخلت المطعم، وغيث كان سرحان لحظة، حصل سوء تفاهم، وسكب الشوربة عليها بالغلط… طبعًا عملت حفلة، وطلبت من صاحب المطعم يطرده فورًا!

سليم (والد غزل، ببرود): تصرف متوقع منها.

ميار (والدة غزل، تضع يدها على جبينها): ربنا يهديها، هو الولد ذنبه إيه؟

سليم (ابن زين، بجدية): عشان كده بفكر… ليه ما نساعدوش ونوظفه في الشركة؟

سليم (والد غزل، ينظر له بتمعن): في الشركة؟

سليم (ابن زين، بإصرار): أيوه، غيث ولد محترم، ذكي، وعنده طموح. وأنت بنفسك شفته في الحفل وعرفت أد إيه هو مؤدب وجاد. وكمان ماما (تقى) و طنط ميار حبوه جدًا، ماما حتى كانت بتقول إنه يستاهل فرصة حقيقية.

ميار (والدة غزل، تبتسم بحنان): ده حقيقي، الولد قلبه طيب، ومكافح، ولازم ياخد فرصة، مش كل واحد ظروفه صعبة معناه إنه أقل مننا.

نادر (الجد الأكبر، يبتسم بمكر): وأنا شايف إن الفكرة ممتازة، خاصة إن العيلة دي دايمًا بتحتوي اللي يستحق.

سليم (والد غزل) ظل صامتًا للحظات، يفكر، ثم عقد ذراعيه وهز رأسه ببطء.

سليم (بهدوء لكن بحزم): لو هو كفء، ما عنديش مانع. بس مش هيشتغل عندنا لمجرد المجاملة. لازم يثبت نفسه.

سليم (ابن زين، يبتسم بثقة): سيبه علينا، هتشوف إنه قدها وقدود.

زين (عم غزل، بسخرية): متأكد إن نيتك صافية في الموضوع ده، يا سليم؟ ولا الحكاية كلها مجرد مخطط لجمعه مع غزل؟

سليم (ابن زين، يضع يده على قلبه بتمثيل بريء): والله؟ أنا؟ أنا مجرد إنسان طيب عايز يساعد صديقه الغلبان!

نادر (الجد، يضحك بخبث): طبعًا طبعًا... أنا عارف ولاد العيلة دي كويس!

ضحك الجميع بينما هز سليم (والد غزل) رأسه ببطء، وكأنه يدرك أن هناك أمورًا كثيرة ستحدث قريبًا…
**********************
غزل كانت تجلس على سريرها، تدفن وجهها في وسادتها محاولةً كتم شهقات الإحراج. ما حدث في الأسفل كان أشبه بكابوس! الجميع يتحدث عن غيث وكأنها بالفعل مخطوبة له، والجد نادر لم يكن يخفِ مكره الواضح…

على الجانب الآخر، كانت حور الصغيرة تقف عند حافة السرير، تتأرجح بقدميها الصغيرة، وعيناها الواسعتان تلمعان بفضول طفولي.

حور (ببراءة): غزول، هو صحيح هتتجوزي غيث؟

شهقت غزل، رفعت رأسها بسرعة ووجها محمر كالطماطم، ثم رمشت عدة مرات محاولةً استيعاب السؤال.

غزل (مذعورة): إيه؟؟ أكيد لا
حور (بعناد وفضول): بس ليه يا غزول؟ هو وسيم ولطيف، وأنا بحبه!

غزل (بإحراج وهي تمسك رأسها): يا بنتي، إنتِ حتى لسه متعرفيهوش كويس! وبعدين، إحنا مش… مش مرتبطين ولا أي حاجة، كل ده كلام الكبار تحت.

حور (ببراءة): بس جدو نادر كان بيضحك بخبث، ولما بيضحك كده يبقى ناوي على حاجة! وكمان سليم قال إنه لازم نخلّيه يشتغل معانا عشان يفضل قريب منك.

غزل شهقت، ثم وضعت يديها على وجهها محاولةً استيعاب ما سمعته للتو.

غزل (بذهول): إيه؟! سليم كمان؟! مش كفاية جدو؟!

حور (تهز رأسها بحماس): أيوة، وبابا كمان كان موافق! وماما شكلها مبسوطة أوي بيه، حتى قالت إنه شبه خالو مازن لما كان صغير.

غزل حدّقت في أختها الصغيرة بصدمة، تشعر وكأن الأرض تميد تحت قدميها. أهلها بالكامل يخططون في الخفاء وكأنها مجرد ورقة في لعبة شطرنج!

غزل (باندفاع): أنا لازم أنزل وأوقف المهزلة دي حالًا!

حور (تمسك يدها بحماس): لأ استني، الأول قوليلي… هو قلبك دق لما شُفتيه؟

غزل تجمدت مكانها، وجنتاها أصبحتا أكثر احمرارًا، بينما حور كانت تراقبها بعيون فضولية لامعة.

غزل (متلعثمة): حور! روحي نامي بقى بدل ما أكلك!

حور انفجرت ضاحكة، ثم قفزت من على السرير وهربت من الغرفة، بينما غزل رمت نفسها على السرير، تدفن وجهها في الوسادة، وتتمتم:

غزل (بهمس): يا نهار أبيض… هما ناويين عليّ بجد!

لم تمر سوى لحظات حتى فُتح باب الغرفة فجأة، وظهرت ميار وهي تستند إلى الباب، تضع يديها على خصرها وتبتسم بمكر واضح.

ميار (بخبث): سمعت كل حاجة… غزول بتحب غيث!

شهقت غزل وجلست بسرعة، عيناها متسعتان بصدمة، بينما حور صرخت بحماس، تقفز في مكانها.

حور (بفرحة): بجد؟؟ عرفتِ إزاي، يا ميار؟

ميار (تتقدم بخطوات بطيئة وهي ترفع حاجبها): بسيطة جدًا، وشها اللي شبه الطماطم، وارتباكها كل ما نجيب سيرة غيث، ورد فعلها لما سألتيها عن قلبها!

غزل (بفزع): إنتِ كنتي واقفة بتسمعي من ورا الباب؟؟

ميار (تجلس بجوارها وهي تضحك): طبعًا! كنت عارفة إنك هتتعترفي بحاجة لو فضلتِ لوحدك مع حور. بس بجد بقى… غيث لطيف جدًا، وأنا شايفة إنك معجبة بيه، حتى لو مش عايزة تعترفي!

غزل تشعر أن وجهها سيشتعل من كثرة الإحراج، نظرت إلى ميار بحقد طفولي، بينما حور كانت تهز رأسها بحماس موافقة على كل كلمة تقولها ميار.

غزل (بحدة): أنا مش بحبه!

ميار (ترفع حاجبها بمكر): مش بتحبيه؟ تمام… طيب عادي لو رحت أقوله إنك شايفاه مجرد زميل ومفيش أي مشاعر بينكم، صح؟

غزل تجمدت مكانها، فاغرة فمها، ثم نهضت بسرعة وأمسكت بيد ميار مانعة إياها من التحرك.

غزل (بسرعة وارتباك): إنتِ هتعملي إيه؟! ميار، ما تقوليهوش حاجة!

ميار (تعقد ذراعيها وتبتسم بخبث): ليه؟ مش إنتِ مش بتحبيه؟ المفروض مش هتفرق معاكي، صح؟

غزل عضت شفتها بتوتر، تبحث عن مخرج من هذا الفخ الذي نصبته لها ميار.

حور (بحماس): غزل بتحب غيث، غزل بتحب غيث!

غزل أطلقت أنّة إحباط، بينما ميار وحور انفجرتا ضحكًا، تستمتعان بمشهد ارتباكها.

غزل (متذمرة): أنا مش هسيبكم، يا شياطين!

قفزت غزل من مكانها محاولة الإمساك بحور، لكن الصغيرة كانت أسرع، تركض نحو الباب وتخرج ضاحكة، بينما ميار جلست تراقبها بسعادة، وكأنها وجدت أخيرًا نقطة ضعف غزل.

ميار (بغمزة): متقلقيش، مش هقول له حاجة… بس متأكدة إنك هتكوني زوجة غيث المستقبل عاجلًا أم آجلًا!

غزل أطلقت صرخة إحباط، بينما ميار خرجت من الغرفة، تاركة إياها تغرق في خجلها أكثر
**********************
في الصالون الفسيح داخل فيلا الشرقاوي، كان الجميع متجمعين يتحدثون ويضحكون، حتى قطع حديثهم دخول الحارس الشخصي بخطوات ثابتة، وملامح متحفظة.

الحارس (بصوت رسمي): معلش يا باشا، بس في حد عالبوابة طالب يقابل الآنسة غزل.

سادت لحظة صمت، تبادل فيها الجميع النظرات باستغراب، قبل أن يقطب سليم الشرقاوي حاجبيه بحدة، ناظرًا إلى الحارس.

سليم (بجدية): مين؟

الحارس: واحد اسمه ماركو… أجنبي.

ازدادت الدهشة في أعين الجميع، وساد توتر غير مبرر للحظات. سليم ابن زين، ابن عم غزل، نظر إلى عمه وكأنه يحاول تحليل الوضع.

زين (بتهكم وهو يتكئ للخلف): ماركو؟ الاسم لوحده مش مريحني.

إياد (عم غزل الثاني، يغمز مازحًا): يمكن يكون فارس أحلام غزل اللي هربت منه وجاي يطالب بحقه!

أطلق مازن خال غزل ضحكة ساخرة، بينما عامر، زوج رهف عمة غزل، عبس قليلًا.

عامر (متأملًا): إيطالي؟ وغزل كانت في إيطاليا قبل كام شهر… ده معناه إنه يعرفها.

سليم الشرقاوي (بصوت حاد): خلوه يستنى، أنا اللي هطلع له الأول.

وقف سليم الشرقاوي بثبات، واضعًا يديه في جيبي بنطاله، وعيناه تعكسان مزيجًا من الشك والانزعاج. لكن قبل أن يتحرك، قاطعته زوجته ميار بابتسامة هادئة، رغم أن عينيها تحملان نفس التساؤل الذي يعتري الجميع.

ميار (بهدوء): خد بالك، سليم… غزل مش صغيرة، بس لازم نعرف الراجل ده عايز إيه منها.

سليم أومأ برأسه، ثم تحرك بخطوات واثقة، وسار خلفه ابن أخيه سليم ابن زين، وكذلك زين وإياد، بينما بقية العائلة تبادلت النظرات المتوترة.

صفاء (الجدة، تهمس لعادل زوجها): قلبي مش مطمئن للموضوع ده، يا عادل.

أما نادر الشرقاوي، فكان يراقب الموقف بصمت، عينيه تضيقان قليلًا قبل أن يقول بمكر هادئ.

نادر (يتمتم ببطء): هنعرف دلوقتي… إيه حكاية الضيف اللي نازل علينا من السما دي.

أما في الأعلى، لم تكن غزل تعلم بعد أن ماضيها الإيطالي قد طرق باب منزلها بهذه المفاجأة الغريبة
*********************
في بهو الفيلا الكبير، كان ماركو يقف أمام عائلة الشرقاوي والصاوي، محاطًا بأحد عشر رجلاً يحدقون فيه بعيون حادة، وكأنه متهم في محكمة عسكرية. سليم الشرقاوي، والد غزل، جلس على الأريكة بملامح صارمة، يراقب الشاب الإيطالي الذي بدا متوترًا وهو يبلع ريقه بصعوبة.

سليم (ببرود): قولّي بقى يا مستر ماركو… إيه اللي جابك لحد هنا؟

ماركو نظر حوله، محاولًا أن يجد وجهًا متفهمًا بين الرجال المحيطين به، لكن حتى سليم ابن زين، الذي بدا أقل حدة، كان ينظر إليه بتركيز شديد.

ماركو (بتوتر، لكن محاولًا الحفاظ على هدوئه): أنا… كنت صديقًا لغزل عندما زارت إيطاليا. وبعدها، سمعت عن الحادث الذي تعرضت له في سوريا، لكن لم أتمكن من الوصول إليها… كنت قلقًا عليها، لهذا أتيت للبحث عنها.

زين (يضع ساقًا فوق الأخرى، ينظر إليه بتهكم): آه، يعني مش لاقي أي طريقة تطمّن بيها عليها غير إنك تسافر بلد تانية وتيجي لحد بيتها؟ مش كتير شوية؟

إياد (مستند إلى الجدار، يعقد ذراعيه): ولا يكون جاي بقى علشان حاجة تانية غير الاطمئنان؟

ماركو ابتلع ريقه، يشعر أن الموقف يزداد تعقيدًا. أدهم، خال غزل، كان يحدق فيه وكأنه يدرس كل حركة يقوم بها.

أدهم (بصوت هادئ لكن يحمل قوة): إنت شايف غزل إيه بالنسبة لك يا ماركو؟

تجمد ماركو للحظة، محاولًا أن يبدو طبيعيًا، لكنه لم يستطع منع احمرار وجهه الطفيف.

ماركو (بتردد): غزل… إنها فتاة رائعة، قوية وذكية… وأنا أكنّ لها مشاعر… احترام وتقدير.

سيف (يرفع حاجبه): احترام وتقدير؟ ده كلام كبير أوي.

مازن  الكبير خال غزل (متكئًا على الطاولة، بابتسامة ماكرة): وإنت كنت متوتر كده ليه لما سألك  أدهم؟

ماركو شعر أن العرق بدأ يتصبب من جبينه، أما هشام، خال غزل ، فكان يراقب الموقف باستمتاع قبل أن يتدخل بسخرية.

هشام: باختصار يا بُني… بتحبها ولا لأ؟

ساد الصمت للحظة، الجميع ينتظر الإجابة، بينما ماركو شعر أن هذه أكبر محاكمة مر بها في حياته.

ماركو (يخفض رأسه قليلًا، ثم ينظر إليهم بعزيمة): نعم… أنا أحب غزل.

في هذه اللحظة، تبادل الرجال النظرات، وكأنهم توقعوا الإجابة بالفعل. عامر، ابن عم سليم والد غزل، كان يطالع ماركو بتركيز قبل أن يسأل بجدية.

عامر: وغزل؟ تعرف بالكلام ده؟

ماركو (يهز رأسه بسرعة): لا… لم أخبرها أبدًا.

عادل (جد غزل، يتحدث لأول مرة، بصوته الحكيم): كويس إنك ما قلتش… لأنها لو كانت حاسّة بأي حاجة ناحيتك، كنا هنكون عارفين.

محمود (جد غزل من ناحية الأم، يبتسم بمكر خفيف): عيلتنا مش سهلة يا بني، وإحنا بنعرف كويس مين اللي قلبه فين… وأظن غزل قلبها مش معاك.

ماركو شعر أن الأرض تهتز تحته، لم يكن يتوقع أن يكون اللقاء بهذه الصعوبة، لكنه كان يعلم أن العائلة لن تسهّل عليه الأمور أبدًا. سليم الشرقاوي، والد غزل، نهض من مكانه، يسير ببطء نحو ماركو قبل أن يضع يده على كتفه، ثم يهمس ببرود.

سليم: مشاعرك تخصّك، بس غزل تخصّنا.

ماركو رفع عينيه لينظر إلى الرجل الطويل الصارم، بينما بقي بقية الرجال في أماكنهم، يراقبونه كما لو كانوا مجموعة من الأسود تحيط بفريستها.

سليم ابن زين (يبتسم ابتسامة خفيفة لكنه يلمح بوضوح): نصيحة يا ماركو… غزل مش لأي حد.

ماركو شعر أن الرسالة وصلت بوضوح، لكنه لم يكن مستعدًا للاستسلام بهذه السهولة
**********************
ساد صمت ثقيل بعد كلمات سليم الشرقاوي الأخيرة، ورغم محاولة ماركو التمسك بعزيمته، إلا أن نظرات الرجال المحيطين به، وخاصة نظرة سليم الحادة، جعلته يشعر أن فرصته تكاد تكون معدومة. تردد قليلًا، ثم زفر ببطء، محاولًا الحفاظ على ما تبقى من كرامته.

ماركو (بصوت منخفض، مستسلمًا): فهمت… لا أريد إزعاجكم أكثر. لكن على الأقل، أريد أن أراها لمرة واحدة وأتحدث معها…

تحولت النظرات حوله من الترقب إلى الجمود، وكأن طلبه زاد الطين بلة. أدهم، خال غزل، تبادل نظرة سريعة مع سليم والدها، قبل أن يميل بجسده للأمام واضعًا مرفقيه على الطاولة.

أدهم (ببرود): يعني إحنا قولنا إن الموضوع منتهي… وإنت لسه بتطلب تشوفها؟

إياد (عم غزل، بسخرية): عندك جرأة مش طبيعية بصراحة…

ماركو ابتلع ريقه، وهو يشعر بالحرج من الطريقة التي ينظرون بها إليه، لكنه لم يستطع التراجع الآن. إلا أن فجأة… قُطع الصمت بصوت طفولي حاد.

مازن (10 سنوات، يضع يديه على خاصرته، بحماس): هو ليه مش عايز يفهم إن غزل مش بتحبه؟

أدهم (12 سنة، يهز رأسه بجدية): آه والله! لو كانت غزل بتحبك، كانت قالت لنا، إحنا بنعرف كل حاجة عنها.

ماركو نظر إلى الصغيرين بصدمة، لم يكن يتوقع أن يتدخل الأطفال في هذا التحقيق المصغر. سليم والد غزل لم يمنع ولديه من الحديث، بل بدا وكأنه يستمتع برؤية ماركو محاصرًا حتى من الأطفال.

مازن (يلوح بيده بعفوية): يا عمو ماركو، غزل ما بتحبش الرومانسية دي اللي إنت بتعملها… هي لو عايزاك، كانت كلمتك، صح يا بابا؟

سليم الشرقاوي، والد غزل، لم يجب، لكنه اكتفى بإعطاء نظرة جانبية لماركو، كأنه يقول له "شفت حتى العيال فاهمين؟". أما ماركو، فقد شعر بالإحباط يتسلل إليه، لم يكن يتوقع أن يواجه رفضًا بهذه القوة من الجميع، حتى الأطفال!

ماركو (بإحباط، وهو يمرر يده في شعره): حسنًا… فهمت. لن أضغط عليها.

ابتسم مازن وأدهم بانتصار، بينما تبادل البالغون النظرات، وكأنهم يعترفون بأن الطفلين أدارا الموقف بشكل أفضل منهم. أما سليم، فاكتفى بالنظر إلى ماركو ببرود قبل أن يرفع حاجبه قائلاً بحزم:

سليم: كان لازم تفهم ده من بدري… ولو سمعت اسمك حوالين بنتي تاني، مش هيكون في كلام. واضح؟

ماركو شعر بقشعريرة تسري في جسده، فهز رأسه بسرعة قبل أن يهم بالمغادرة، وهو يدرك تمامًا أن معركته قد انتهت… بالخسارة
*********************
بعد مغادرة ماركو، تنهد الرجال بارتياح، لكن قبل أن يتمكنوا من استيعاب ما حدث، دخلت ميار، والدة غزل، إلى الغرفة بسرعة، تتبعها الجدة صفاء، وبدت علامات القلق واضحة على وجهيهما.

ميار (بقلق وهي تنظر حولها): إيه اللي حصل؟! سمعت إن في حد كان عايز يشوف غزل؟

صفاء (تعقد ذراعيها وتحدق بسليم والد غزل بحدة): أنت كنت هتقول لنا ولا كنت ناوي تحلها بطريقتك المعتادة؟

تبادل الرجال النظرات، قبل أن يتنحنح أدهم، شقيق ميار، متدخلًا قبل أن يشتعل الموقف.

أدهم (بهدوء): ماركو… الإيطالي اللي كانت غزل تعرفه في رحلتها، جه يدور عليها، بيقول إنه كان قلقان عليها بعد اللي حصل في سوريا.

ميار (تجفل وعيناها تتسعان): ماركو؟! اللي كانت بتحكي لي عنه؟

أدهم (يهز رأسه بجدية): أيوه، بس الراجل كان واضح إنه مش جاي بس علشان يطمن… كان عايز يقابلها و… صرّح إنه بيحبها.

شهقت ميار بينما وضعت صفاء يدها على قلبها، تنظر إلى سليم والد غزل الذي كان يقف عاقدًا ذراعيه بصمت، وكأن الأمر لم يؤثر فيه أبدًا.

صفاء (بقلق): و… غزل تعرف؟

إياد (بسخرية وهو يجلس مسترخيًا): لا، لسه فوق، ولو عرفت، أكيد هتحس إنها محاصرة…

ميار (تنظر لسليم والد غزل، ترفع حاجبها): وأنت عملت إيه؟

نظر إليها سليم نظرة جانبية، ثم أجاب بهدوء شديد، لكن بنبرة قاطعة:

سليم: ما حصلش حاجة… بس الراجل فهم رسالتي كويس ومش هيرجع هنا تاني.

تبادلت ميار وصفاء النظرات، وكأنهما تشعران بأنه استخدم أساليبه المعتادة في "التخويف"، لكن قبل أن تتمكن ميار من الحديث، انطلق صوت حماسي من الجهة الأخرى من الغرفة.

مازن (10 سنوات، يرفع يده بحماس): إحنا اللي خليناه يمشي في الآخر!

أدهم (12 سنة، يهز رأسه بفخر): أيوه، إحنا قولنا له إن غزل مش بتحبه، ولو كانت بتحبه كنا عرفنا!

نظرت ميار إلى الصغيرين بدهشة، ثم إلى بقية الرجال الذين اكتفوا بمشاهدة المشهد بصمت، ثم وضعت يدها على جبينها وكأنها تستوعب الكارثة.

ميار (بهمس يائس): يا نهار أبيض… حتى العيال دخلوا في الموضوع؟!

صفاء (تحاول كتم ضحكتها): واضح إنه خرج من هنا وهو مش ناوي يجي تاني.

ميار (بجدية): طبعًا مش ناوي! مين اللي يقدر يرجع بعد ما يتعامل معكم كلكم دفعة واحدة؟!

ضحك البعض، بينما اكتفى سليم بهز رأسه، وكأنه غير مهتم بالحديث عن ماركو أكثر من ذلك. أما ميار، فتنهدت واستقامت، ثم قالت بحزم:

ميار: أنا هطلع عند غزل… أكيد سمعت إن في حاجة غريبة حصلت، ولازم أطمنها.

صفاء (تهز رأسها بموافقة): وأنا جاية معاكِ، البنت أكيد محتاجة حد يطمنها بعد اللي حصل.

تحركت الاثنتان بسرعة باتجاه الطابق العلوي، بينما بقي الرجال في الأسفل، بعضهم مرتاح لأن المشكلة انتهت، وبعضهم يتساءل عما ستفعله غزل حين تكتشف الأمر…
***********************
بعد مغادرة ميار وصفاء، ساد الصمت لثوانٍ في الصالون، وكأن الجميع يستوعب ما حدث. لكن فجأة، انطلق صوت الجد الأكبر، نادر الشرقاوي، الذي كان صامتًا طوال الوقت، يراقب الموقف بعين الحكمة والتروي.

نادر (بصوته العميق والهادئ): أنا مش مرتاح للولد ده… الإيطالي.

رفع الجميع رؤوسهم نحو الجد الذي جلس مسترخيًا، لكنه كان يحدق فيهم بنظرة جادة، نظرة جعلت الجميع ينصت باهتمام.

نادر (يكمل ببطء): مش عاجبني اللي حصل النهارده، وغزل مش محتاجة حد زي ده يقلب حياتها. لازم تتجوز قريب.

اتسعت أعين الجميع، لكن لم يجرؤ أحد على مقاطعته، بينما تابع نادر كلامه بلهجة حازمة جعلت الجميع يجفلون:

نادر: وأفضل عريس ليها هو غيث.

عمّ الصمت في المكان، وكأن أحدهم ألقى قنبلة في وسط الصالون.

سليم والد غزل عقد حاجبيه، وكأنه غير قادر على استيعاب ما سمعه للتو، بينما ميار، التي كانت على وشك الصعود للطابق العلوي، توقفت في مكانها وهي تنظر إلى والدها بصدمة.

سليم (بحدة وهو ينظر لجده): جدو… أنت بتتكلم جد؟

نادر (ينظر له بثقة): أنا عمري ما بهزر في الحاجات دي، الولد كويس، وعاجبني.

ميار (تفتح فمها بدهشة): بابا… أنت بتقول إيه؟!

زين (عم غزل، يضحك بصدمة): يعني إحنا من شوية كنا بنتخلص من العريس الأول، دلوقتي بندبر لعريس جديد؟!

إياد (بتهكم وهو ينظر لسليم ابن زين، الذي بدا وكأنه متحمس للفكرة): وأنت يا ولد، شكل الفكرة عاجباك، مش كده؟

سليم ابن عم غزل (يرفع حاجبيه بابتسامة خبيثة): أنا؟ بالعكس، مش عاجباني خالص…

نظر إليه الجميع بشك، لكن لم يعلق أحد، بينما بقيت ميار وسليم والدا غزل مصدومين من قرار الجد المفاجئ.

أما نادر، فاكتفى بالابتسام بحكمة وهو يراقب ردة فعل الجميع، وكأنه ألقى قنبلة وقرر الاستمتاع بالفوضى التي أحدثها.

نادر (بهدوء شديد): فكروا في كلامي، لأن الموضوع محسوم بالنسبة لي.

نظر الجميع إلى الجد بدهشة، لكن لم يجرؤ أحد على الرد…

انتهى المشهد عند صدمة الجميع، خصوصًا سليم وميار، والدي غزل، اللذين لم يتوقعا أبدًا هذا القرار المفاجئ!
************************
ساد الصمت للحظات، قبل أن ينفجر سليم والد غزل غاضبًا، ناظرًا إلى جده وكأنه فقد صوابه.

سليم (بحدة وهو ينهض من مكانه): جدو! غزل لسه صغيرة، وغيث كمان! لسه بيدرسوا، إحنا ليه بنفتح مواضيع زي دي دلوقتي؟!

نظر إليه نادر بهدوء، بينما كانت ميار تحدق في والدها بصدمة، لم تعتد رؤية زوجها يفقد أعصابه بهذه الطريقة.

نادر (بصوت هادئ لكنه قوي): سليم، مش دايماً العمر هو اللي بيحدد إمتى الواحد يكون جاهز للزواج، أنا شايف إن غيث ولد كويس ومحترم، ومش هسمح لحد تاني ييجي يدور ورا غزل زي الإيطالي ده.

سليم (يحاول السيطرة على غضبه): طب حتى لما يخلصوا دراستهم! مش هينفع نرميهم في حاجة زي دي دلوقتي!

نادر (بثقة): ما حدش قال إن الجواز هيكون بكرة، لكن الخطبة ممكن تحصل قريب.

اتسعت عينا ميار بينما ضرب زين كفًا بكف وهو يهمس لإياد الذي اكتفى بالتصفير بدهشة.

سليم (بإصرار): جدو… أنت دايماً قراراتك حكيمة، بس المرة دي…

نادر (مقاطعًا بلهجة حازمة جعلت الجميع يصمتون فورًا): أنا قلت اللي عندي، وغيث هو العريس المناسب، القرار محسوم.

نظر الجميع إلى الجد في صدمة، سليم شعر بالغضب المكبوت، وميار كانت مصدومة، وزين وإياد تبادلا نظرات جانبية وكأنهما يستمتعان بالفوضى التي أشعلها الجد.

أما نادر، فبقي في مكانه، متمسكًا برأيه كأنه لا مجال للنقاش بعد الآن…

المشهد ينتهي عند نظرات الصدمة التي علت وجوه الجميع، بينما ظل الجد الكبير نادر ثابتًا على قراره، وكأنه يرى المستقبل بوضوح لا يدركه البقية 

 •تابع الفصل التالي "رواية اسيره في مملكة عشقه" اضغط على اسم الرواية 

google-playkhamsatmostaqltradent