رواية في ظلال الحب المفقود الفصل الرابع عشر 14 - بقلم مهجة
في ظلال الحب المفقود
في صباح اليوم التالي،
استيقظ المنزل على صوت الحقائب تُسحب، وضحكات الأطفال تمتزج بشيء من الحزن. كانت الأمهات في المطبخ يُحضّرن فطورًا بسيطًا يسبق الرحيل، بينما وقفت سُكرة في زاوية الصالة، تُحدّق بصمت إلى الباب المفتوح، والحقائب مصطفّة بجانبه كأنها تستعدّ لوداع طويل.
دخلت ليان وهي ترتدي فستانها، وابتسمت ما إن وقع بصرها على سُكرة، ثم قالت بصوتٍ دافئ:
- "ما كنتُ أظنّ أن الوداع سيكون بهذه الصعوبة..."
اقتربت منها سُكرة، وعانقتها بقوة، دون أن تنطق بكلمة. بقيتا على حالهما برهة، ثم همست ليان وهي تربّت على ظهرها:
- "لن نغيب طويلًا... لقد اتّفق الكبار أن نسافر جميعًا في الصيف، لنقضي الإجازة في السودان... عند جدّتي وخالتك."
رفعت سُكرة وجهها ببطء، وعيناها تلمعان بفرحٍ مفاجئ:
- "حقًّا؟ جميعنا؟"
أجابت ليان، والابتسامة لا تفارق شفتيها:
- "نعم، جميعنا. الصيف القادم لا وداع فيه، بل تجهيز حقائب، وحماس، وسفر."
ضحكت سُكرة من أعماق قلبها، وفي تلك اللحظة خرجت ملاذ من المطبخ تركض وتصرخ:
- "رهف! لقد نسيتم حقيبة الحلويات!"
ضحك الجميع، واختلطت الضوضاء الصغيرة بقلوبٍ كبيرة تحمل الوداع في طيّاتها حبًّا وحنينًا.
كان أدهم يقف في الخارج، يُحمّل الحقائب في السيارة، وعيناه تسرحان كلما لمح طيف سُكرة عند الباب.
وقفت سُكرة تُحدّق به، وأرادت أن تقول شيئًا... شيئًا كثيرًا، لكنّها اكتفت بأن رفعت يدها تُلوّح له بابتسامة. فبادَلها التلويح بابتسامة أوسع، كأنّها وعدٌ مؤجّل.
اقترب منها وقال بصوته العميق الهادئ:
- "في الصيف القادم... أعدكِ، سأُهديكِ مصّاصة تفّاح من السودان."
ضحكت سُكرة وقالت بخفّة:
- "إن وجدتَ محلًّا يبيعها هناك، سأُصدّق أنّك تحبّني كثيرًا!"
همس أدهم:
- "وأنا أحبّكِ كثيرًا، حتى لو اضطررتُ لزرع شجرة تفّاح خصّيصًا."
ركبت ليان السيارة، تبعها أدهم، وبقيت الوجوه في النوافذ تُلوّح، فيما ظلّت سُكرة وملاذ و اسي يُلوّحن من عند الباب، حتى اختفت السيارة خلف الطريق الطويل.
أغلقت سُكرة الباب ببطء، ثم نظرت إلى ملاك وقالت:
- "تخيّلي... الصيف في السودان، ونحن جميعًا هناك."
أجابت ملاك بحماسة:
- "قصص جديدة... وذكريات مختلفة!"
تنهدت سُكرة، وابتسمت طمأنينة لتقل بداخلها :
- "وربّما... يكبر حبّي هناك أكثر."
ثم مشت إلى الداخل، تحمل في يدها مصّاصة تفّاح... وداخل قلبها، حلمٌ أخضر ينتظر صيفًا لا يُنسى.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية في ظلال الحب المفقود) اسم الرواية