رواية لتحيا نيران العشق الفصل الثالث عشر 13 - بقلم هدى زايد
الفصل ال13
في عصر اليوم التالي
كان يقف على اعتاب شقتها في انتظار من يفتح له الباب، فتحت له وهي تكفكف دمعة كانت على مشارف السقوط لم ترفع رأسها لترى من الماثل امامها حتى كفكفت دمعتها، ابتلعت. غصتها وقالت
- عمران !!
ولج الشقة باحثًا بعينه عن صديقتها فلم يجدها، تأكد بأنها بمفردها، بينما هي أشارت بيدها نحو المقعد وقالت بنبرة متحشرجة
- اتفضل ياعمران اقعد
تابعت متسائلة وهي تكاد ان تغادر ردهة الشقة
- انا كنت بعمل قهوة اعمل لك معايا ؟!
استوقفها بصوته المرتفع قليلًا قائلا
- چنه
ردت دون أن تستدار له قائلة بجمود
- عاوز إيه يا عمران ؟
اقترب منها شيئًا فشيئًا وهو يجيبها
-رايد اعرف ليه ؟
-هو إيه اللي ليه ؟!
-ليه كِده ليه أني وليه يچي منك أنتِ !!
-وهيفيد بإيه ؟
وقف مقابلتها وقال بقهرٍ وهو يشير بيده على يسار صدره
- نار جلبي هتبرُد ياچنه
ولاته ظهرها لتمنع دموعها من الهروب، زفرت بقوة ثم قالت بمرارة
- ماعنديش كلام تاني ياعمران أنا وأنت مبقاش لينا رجوع أنا خرجت من حياتك كأني مدخلتهاش
لفها له وقال بصراخ وهو يحاوط ذراعيها بكفيه
- الحديت ديه تجولي لما تتدخلي بيت بالغلط مش لما تتدخلي حياة وجلب واحد كان كل ذنبه في الدنيا إنه كان طيب وياكِ بس أنتِ كنتي كيف الحية لدغتك چت وجت ما عطيتك الأمان
نزعت يدها من بين قضبتاه. وقالت بجمود
- عاوز إيه مني جاي ورايا ليه سبت لك الصعيدي والدنيا كلها. جاي ورايا تاني ليه امشي من هنا
صك على أسنانه وهو يتابع غضبها الشديد منه وكأنهرهو المذنب بحقها وليس هي، هناك دمعه لامعة في حدقتها يرأها واضحة وضوح الشمس كاد أن يفقد عقله هي النقيض لكل شئ تغضب ويرى ضعفها تلعنه ويرى حزنها
تتدعي الكره ويشعر بنضات قلبها تكاد تخرج من صدرها، لا لن تضعف مرة أخرى ياعمران حان الآن موعد الإنتقام .
أومأ برأسه ثم قال بنبرة مجردة من المشاعر ليعرف تأثيرها عليها
- أني هتچوز چميلة بت عمك
ليتفاجئ بردها دون أدنى تفكير وهي تبتلع غصة مؤلمة
- مبروك ياعريس ربنا يسعدك
تابعت بسخرية
- ابقى عرفني معاد الفرح عشان اعمل معاكم الواجب يادكتور
رد مقاطعًا بوعيد
- الواچب ديه عليّ أني يا چنه
لم تفهم مغزى حديثه إلا بعد فوات الاوان لو تعلم أن مافعلته سيشعل النيران بلالًا من أن يخمدها لما فعلت هذا
غادر المنزل بعد أن صفع الباب خلفه فانتفضت علي إثره وهي تطبق عيناها بقوة شديدة
مرت ثوانٍ قبل تهرول تجاهه فتحت الباب لتستوقفه وتخبره ماحدث فلم تجد حتى طيفه
لم تحافظ على توازن جسدها على الدرج فشعرت بقدماها تتأرجح فسقطت عليه تالمت وصرخت ما إن سمعت طرقعة قدمها، لحُسن حظها وصلت إلى "بدور" إلى المنزل في ذات اللحظه التي سقطت فيها،ساعدتها في النهوض بمساعدة إحدى جيرانها تم نقلها إلى المشفى بسرعة شديدة
وفي أثناء ذهابها اخبرت " حذيفه " وفي أقل من نصف ساعه كان جالسًا جوارها على المقعد في انتظار خروج طيب العظام .
ظن أنها علمت ماحدث فقال لها دون قصد عن رسالته لعمران. قاطعته بغيظٍ شديد قائلة
بقي ياحذيفة اقولك عمران طلق جنه. وعاوز بتجوز عليها تقوم تجيبه القاهرة وتقوله اسمعها وتسمعك
وهو أنا غلطان في إيه يعني
عجبك اللي خصل للبت اهي بين الحيا والموت
رد بجدية
- الله وهو يعني أنا كنت عارف إن دا كله هيحصل
تابع ببلاهه
- هي جنة بتعمل إيه قسم العظام يا بدور
كادت تقفز من مكانها لتقوم بنخنقه
- قومرمن جنبي قوم من هنا يلا مش عايزك
-
رد و قال لها بإبتسامة حانيه
- خلاص بقى بهزر معاكِ
- وقته دا !! هااا
في مساء ذات اليوم التالي
كان الجد " ايوب" يضع يده في يد " سليم "
ليعقد قران حفيدته، وما إن إنتهى تعالت الزغاريد في البيت، وقف "سليم" عن مقعده متجه نحو زوجته ثم مد يده بجنيهًا ورقيًا دون عليه بعض الكلمات البسيطة ثم جلس جوارها وقال هامس
- مبروك يا عروسة
ردت " نرجس " بخجل
- الله يبارك فيك
تابعت بعتذار
- معلش كان نفسي اعرف اكتب اكتر من كِده بس أني في الحاچات ديه على كدي
وقبل أن تتحدث تفاجأت بدخول " عمران " والغضب يعتري ملامحه هدر بصوته كله قائلا
- إنت بتعمل اهني إيه ياچدع إنت ؟
رد "نعمان " بشماته
- مش تجول لصاحب عمرك مبروك كتبنا الكتاب من دجايج
تابع بسخرية
- والله كان ناجصك بس يلا مش مشكلة لسه جدمنا وجت للفرح ابجي تعالي بدري شوي يا راچل
وختم حديثه بوعيد قائلا
- والفرح الكبيرة بعد تلت شهور بس إنت جول إن شاء الله
طحن " عمران" على أسنانه ليكظم غضبه الشديد منه، وقف الجد " نعمان " وهو يضع عبائته على كتفه ثم قال بعتذار
- معلش يا چماعه اجوم أني بجى عشان ورايا مشوار مهم
سار بخطوات هادئة واثقه، توقف فجاة أمام
" عمران " ووجه حديثه لسليم قائلا
- متتأخرش يا سليم عشان هندلى مصر نچيب بت عمك هتعيش ويانا خلاص بجت حرة
يشدد على كلماته قاصدًا بها " عمران " بينما كان " عمران " ينظر لصديقه بغضب وغيظ شديدان ونسى تمامًا سعادة أخته التي باتت واضحة على وجهها وضوح الشمس، ترك البيت وهو يلعن ذاك الحظ الذي اوقع شقيقته في هذه العائلة .
أما " سليم " كان يتحدث معها بصوته الهادئ قائلا
- شوفي يا بت الناس يمكن چوازنا مش عن حب زي معظم الشباب بس يشهد عليّ ربنا إن أني هاعاملك كيف معامله الإسلام وكل اللي ربنا أمرني بيه هعمل في المجابل رايدك تتعاملي معايا كيف ما بتاعمل معاكي، ولو في يوم لاجدر الله محصلش بينتنا تفاهم ورايدة تبعدي هيبجى حجك وهحترمك وهحطك علي راسي كيف ما هتحطيني
تنحنحت بخجلا وراحت تقول بتعلثم ممزوج بحزن
- ربنا يجدرني واجدر أكون الزوچة اللي بتحلم بيها طول عمرك
رد باسما وقال بخفوت
- ربنا يديم المودة والحب بنا
تابع بمرح
- واوعدك يا ستي إني هكون چوزك قرة عينك كيف ما البنات بتجول
ابتسمت له ابتسامة باهتة ثم طأطأت رأسها حزنا فرفع وجهها بأنامله متسائلا بنبرة حانيه
- فيكي إيه ؟
فرت دمعة حزينه من محبسها، كفكفها "سليم"
بسرعة وقال بدهشه
-وه ديه الموضوع كابير بجى ؟
بيد مرتعشه كفكفت دموعها قائلة بكذب
-لاه ولا كابير ولا حاچه أني بس مش واخدة الميك اب وكِده فتلاجي واجعني
ابتسم وقال بشك
- متوكدة ؟
تابع بجدية مصطنعه
- اني خابر ليه حزينه عشان عمران مش كِده
أومأت برأسها علامة الإيجاب وهي تحاول جاهدة منوع هبوط دموعها، احتضن يدها بين كفيه وقال بحنو
- خلاص امسحي دموعك ديه واني هخلي عمران ياچي بنفسه ويجل لك إنك احلى عروسة هتنور بيت السيوفي
تابع برجاء قائلا
- امسحي دموعك الله يرضى عنيكي احسن يفهموا إني عملت فيكي حاچه
ابتسمت من بين ضحكاتها وراحت تقول بجدية مصطنعه
- أني بت الهوراية يعني متجدرش تعمل معايا حاچه
- وه الغرور فيكي أنتي قمان كيف اخوكي
- وماله اخوي مش عچبك في إيه
- اخوكي ديه نسمه ديه كيف مرهم الحروج يوم ما يتحط على الچرح يولعه بزيادة
ابتسمت على حديثه، احتوى حزنها في أقل من ثانية غادر البيت على وعد بالعودة قريبًا
بعد أن يُصلح كل شئ.
جلست " نرجس " على حافة الفراش بعد أن بدلت ثيابها تنظر إلى خاتم الزواج، تتنهد بعمق وهي تتذكر حديثه معه هديته الأولى لها بعد الزواج قرأتها أكثر من مرة بعيناها حتى قررت أن تلتقط لهديتها صورة ثم تقوم بنشرها معلقه عليها ماكتبته هو على العملة الورقية
(جمعتنا الصدفة ولن يفرقنا إلا الموت )
بدأت الصورة تنال اعجاب الكثير والكثير، انهالت عليها المباركات من هنا وهناك .
حتى كتب هو تعليقًا راق لها كثيرًا
( ربنا يخليكي ليا يا ست البنات ويديم المحبه )
تعلم أن الوقت الذي تعرف فيه على بعضهم البعض كان قصيرًا لكنه كافيًا أن تشعر بالراحة في حضرته.
وبعدمرور اسبوعًا كاملا
كانت " جنه " تحسنت حالتها الصحيه بشكل كبير بعد أن طمنئها الطبيب أنها مجرد تمزق في الأربطه كما تجاوزت مرحلة الحزن والدموع وتظاهرت بالجمود أمام الجميع، رفضت أن تعود إلى الصعيد مع جدها وسليم
طلب " سليم " منه أن يتركها حتى تهدأ تمامًا وتعود هي برغبتها، وافق على مضض، جفاء معاملتها له كان يؤلم قلبه، وهذا اكثر ما كان يثلج صدرها، أن يشعر بما تشعر به هي،
عادت الحياة لطبيعتها نوعًا ما، خلال هذا الأسبوع توقف الزمن فقط عند " عمران " الذي قرر أن يعتزل العالم كله ويشغل حاله في عمله .
أما " بدور وحذيفه " فتتطورت علاقتهما من الإرتياح ثم إلى الإعجاب حتى وصلت إلى الحب، عرض عليه الزواج فوافقت وقبل أن
يتخذ خطوة في حياتهم سردت له عن خطيبها السابق الذي حاول اغتصابها فقتلته دون قصد وهي تتدافع عن حالها وفرت هاربة من الورشة محل العمل الذي كان يعمل فيها وينام إذا تأخر الوقت، استتدركها ثم بدأ الاقتراب منها وعند إصرارها بالرفض مزق ثيابها وحاول اغتصابها ولولا ستر الله لكانت في خبر كان .
امتلت عين " بدور" بالدموع، رفعت بصرها له متسائلة بتوجس قائلة
- هو دا كل اللي حصل يا حذيفه
كان يحتضن يدها بين كفيه وهو يستمع لها
سألته بخوف .
- هو إنت ممكن تسبني يا حذيفه ؟
رد باسما وهو يقول بحنو وحب
- اسيبك !! دا أنا ما صدقت لقيتك
ابتسمت ملء شدقيها وراحت تقول بخفوت
- ربنا يخليك ليا يا حبيبي
تنهدت بإرتياح وهي تضع يدها على قائلة بإبتسامتها المعهودة
- أنا كدا ارتاحت إن الهم اللي على قلبي اتشال خلاص
تابعت بأسى
-لسه فاضل همي الأكبر
سألها بفضول قائلا
- وإيه هو بقى همك الكبير
أجابته بحزن
- جنه يا حذيفه جنه تعبانه قوي بتتظاهر إنها كويسه بس جواها وجع محدش عارفاه غيري
أنا عارفاها لما بتكون حزينه
رد مقاطعًا بجديه
- ما أنا قلت لك اتكلم مع عمران واحاول احل سوء التفاهم
ردت مقاطعه بحزنٍ
- أنا للأسف مش هعرف اقول أنا حالفة إني ما اتكلمش
تابعت بتحذير قائلة
- وإنت كمان إياك تكلم معاه في حاجه حاكم أنا عارفاك وعارفة لسانك مبيبطلش لوك لوك
رد بجدية مصطنعه
- أنا لأ متخافيش انا بحافظ على السر جدًا يا بنتي صدقيني مش عارف ليه واخدة عني فكرة غلط !!
ردت متسائلة بنبرة حائرة قائلة
- حذيفه أنا عاوزة اسلم نفسي للحكومه عشان
قاطعها بحدة قائلا
- أنتي مجنونه صح ؟ تسلمي نفسك للحكومه عشان واحد حقير زي دا، اسكتي انا كل ما اتخيل الموقف يجن جنوني وبعدين حكومه إيه اللي عاوزة ترمي نفسك حضنها، أنا الحكومه وخلاص حكمت عليكي
تابعت باسمة
- وحكمت بإيه بقى ؟
طبع قبله خفيفه على كفيها وقال بحنو
- قررنا سجنك مدى الحياة في حضن حذيفه المحمدي وعلى بدور المحمدي عدم الإعتراض او نقد العهد مهما حدث .
ارتسمت إبتسامة حانيه على ثغرها، رفع إبهامه ومسح دمعه كادت أن تنسدل من عيناها، حرك رأسها وقال بحنووحب
- حتى لو دموع فرح مش عاوز أشوفها
على الجانب الآخر من نفس المدينه
كانت " جنه " تنظف غرفة الطعام بشرودٍ، انتبهت إلى صوت الناقوس الذي دوى المكان، كفكفت يدها في المنشفه الصغيرة، سارت بخطواتها السريعة تجاهه ظنًا منها أن الطارق صديقتها، فتحت الباب لتجد الماثل أمامها رجلًا في الأربعين من عمره يحمل بعض الأوراق على يده، بلعت لعابها متسائلة بتوجس
- خير مين حضرتك ؟
رد الرجل بجدية وعمليه
- دا بيت جنه رياض السيوفي ؟
اومأت برأسها علامة الإيجاب وراحت تقول بقلق
- ايوا أنا جنه خير ؟
مد يده لها بورقه وقال بجديه وهو يشير بيده الأخرى
- اتفضلي امضي
- على إيه ؟
- دي ورقة طلاقك من عمران الهواري اتفضلي ياست خلينا نمشي
توقف العقل عن ترجمة أي إشارة تصل إليه بعد حديث ذاك الأخير، انتشلها من صدمتها وراح يقول بتأفف
- ياست خلينا نمشي وبعدين اتصدمي براحتك اتفضلي امضي
بلعت غصتها وبيد مرتعشه وقعت على صك قهرها وحزنها منه، ألهذه الدرجة اصبحت لا تعنيه ألهذه الدرجة لايريد حتى سماعها .
ليته يأتي مرة أخرى ليستمع إليها لن تتردد هذه المرة هي تشتاق إليه ليته سألها قبل التسرع في الحكم .
هوت بجسدها على حافة الفراش وبين يدها وثيقة الطلاق، ضمتها لصدرها وتركت العنان لدموعها، رفعت بصرها لسقف الحجرة ثم قالت بمرارة
- أنا عارفه إنه معذور يارب عارفه إن لو عرف الحقيقة مكنش هيبقى دا قراره، عوضك يارب محتاجة عوضك عن كل دقه قلب دقة لي، وفقه يارب في حياته وعوضه عني بالأحسن يارب
لم تستطع أن تفعل أكثر من ذلك اكتفت بالدعاء له بدلًا من عليه، تعلم جيدًا أنه إذا علم الحقيقه سيتحول إلى " عمران " الذي تعرفه جيدًا لذلك لا تفعل شيئًا سوى الدعاء له، التحلي بالصبر لها .
في مساء ذات اليوم
وبعد أن علم الجميع خبر انفصالهم رسميًا، قرر أن يغمر نفسه في العمل كما قرر الجد إتمام زواج " كرم " وبعد مرور أسبوعين زواج شقيقته .
تواصل " سليم " طيلة الأيام الماضية بها، حتى علم بخبر الانفصال طلب منها أن يتدخل في حل هذا الأمر لكنها رفضت باتًا، الجميع يتواصل معها لطلب العودة إلى الصعيد لحضور حفل زفاف " كرم " لكنها تحججت بإنشغالها في حفل خطبه " بدور وحذيفه"
التي وبالصدفة البحته في ذات الأسبوع المحدد لزفاف ابن خالها .
تبدل حالها بين ليلة وضحاها، أصبح البكاء هو صديقها الدائم الذي يزورها في كل ليل وحتى صباح اليوم التالي .
استمر هذا الحال مدة لا تقل عن عشرة أيام تقريبًا حتى قررت أن تخرج من حالتها تلك والبدء من جديد.
اليوم مميز لها اليوم حفل خطبه اعز صديقاتها
قررت أن تقف جوارها وبعدها ستسافر لتقف جوار "سليم " بعد أن بدء يوضح لها ما يشعر به من تخطيطات من جده تجاه زوجته المستقبليه لايفصح جده عن أي شئ إلا أنه اقترب وقت الانتقام لحفيدته .
كانت في كامله أناقتها قررت أن تُعد لها مفاجاة بعد أن قالت لها أنها لن تستطيع حضور حفل الخطبه لمرض جدها .
اليوم جميل لا ينقصه سوى إبتسامة "بدور" وحضور " جنه " حاول بشتى الطرق إخرجها من حالتها تلك لكن باءت جميع محاولته بالفشل، حتى اطفئت الاضواء فجأة وبدأت الموسيقي الصاخب في الإرتفاع بإحدى الاغاني الشعبيه بصوت أنثوي جميل الجميع يبحث عن صاحبة الصوت حتى نظروا إلى سقف القاعه وهي تقف على درج كهربائي يهبط بهدوء، فرغ فاها " بدور " من هول المفاجأة وعندما توقف الدرج تمامًا، هرولت نحوها محتضنه إياها، بدأت تتراقص حتى انتهت الأغنيه، خطفت الأنظار بهذه الفقرة الجميله التي ميزت الحفل، كان " خورشيد " يتابعها عن كثب
بإعجاب شديد، أتى جواره أحد أصدقائه متسائلا بنظراته الواقحة وهو يتابع حركاتها
- مين القمر دي اللي جنب عروسة اخوك يا خورشيد
رد باسمًا
-دي صاحبتها
-دي جامدة قوي متعرفش هي مخطوبة ولالأ ؟
لأ مش مخطوبة كانت متجوزة واطلقت
مين المغفل اللي يسيب قمر ماشي على الارض كدا
رد بنصف إبتسامة
- هو فعلًا مغفل
تنحنح وهو يتابع بتحذير واضحًا
- ولم عينك بقى كفايه كدا
رفع هاتفها ليبدأ في تصوير ما يحدث أولًا بأول عن طريق البث المباشر قام بعمل إشارة إلى " حذيفه وبدور "
كاتبًا
( مافيش أحلى من الصداقه، ربنا يسعدك ياجنه زي ما اسعدتيها، ويعوضك خير عن قريب )
انتهى البث المباشر لكنه تركه ليشاهده الجميع فيما بعد .
واندمج هو في الحفل مع المدعوين، مرت ساعة ثم اثنان ثم ثلاثه حتى انتهت الحفل على خير، ودعتها وهي تضب حقيبة السفر وراحت تقول بجدية مصطنعه
- انا هاسيبك لوحدك اه بس أنا سايبه أسد في البيت يعني حذيفه يجي ويقولي مراتي وكتاب الكتاب وو اوعي اقطع رقابتك
ردت باسمة
- لا متخافيش صاحبك راجل لما بيكون مع حذيفه
تابعت بتردد
- هو هو أنتي لو قابلتي عمران هتعملي إيه
جلست على حافة الفراش وقالت بنبرة حائرة
- مش عارغه ممكن اعمل معاه مش عارفه اضربه ولا اخده في حضني واحكي له كل حاجه واخلص ولا افضل زي ما انا ادوس علي قلبي مقابل حياته جوايا حيرة مش عارفه اوصل لحل ولا قرار خايفة اضعف
تابعت بدهشه قائلة
- تتصوري أن بحاول ادور له على حاجه واحدة اكرهه بيها مش لاقيه أنا مش عارفه في وفيا كدا ليه
ربتت"بدور" على فخذها بحنو وقالت
- متعرفيش النصيب فين ربنا يمكن ربنا كاتب إنكم ترجعوا لبعض محدش عارف .
ردت بإحباط
- مظنش يا بدور على ادعموم أنا لازم امشي دلوقتي عشان فاضل ساعه على معاد القطر ويادوب اوصل المحطة
- بردو مش عاوزة تخليني اجاي معاكي
- ملوش لازمة ارتاحي بقى أنتي طول النهار علي رجلك وطول الليل في الفرح هاسيبك واول ما اوصل هكلمك
- خلي بالك من نفسك
- وانتي كمان
غادر "جنه" للمرة الثانيه القاهرك لاتعرف المرة القادمة إلى أين ستذهب، استقلت القطار ثم اخبرت " سليم " بتحركها من القاهرة فأخبرها بإنه ينتظرها في المشفى وعندما تصل تخبره .
وضعت رأسها مستندة على زجاج النافذة، شرود طويل وقع فيها للمرة المئة بعد الالف، تساؤلات عدة تدور في رأسها، قررت أن تنفض تلك الأفكار وتوصد عيناها لتأخذ بعض الراحة قبل مواجهة المجهول .
ساعات طويل مرت عليها وهي تقضي نصفها في قراءة بعض الجرائد والمجلات، وصلت أخيرًا إلى مدينة الأقصر في تمام الساعه الخامسة فجرًا ترجلت من القطار وهي تضع هاتفها على أذنها في انتظار ردًا من الجهة الأخرى
أما على الجهة الأخرى كان " عمران " يرى اسمها يضئ شاشة هاتف " سليم " تردد في بادئ الأمر أن يرد عليها، حاول إشغال نفسه في شيئًا آخر لم يستطع منع نفسه من هذا الفضول القاتل الذي قاده ليرد ويعرف لِمَ تهاتفه في هذا الوقت المتأخر من الليل، وقبل أن يجيب ولج " سليم " وربت على كتفه قائلا بعتذار
- معلش يا عمران كان عندي عملية ولسه مخلص
رد بجدية
- مش مشكلة هو
صدح رنين هاتفه مرة أخرى فأشار بيده وقام بالرد عليها وهو يضغط على سماعة الهاتف، ثم ذهب تجاه خزانته ليبدل ملابس وهو يقول بعتذار
- معلش ياچنه اتأ خرت عليكي صُح
ردت بجدية
- لأ أنا لسه واصلة قل لي هتيجي إنت ولا اركب تاكسي واجاي أنا
كان " عمران " يحاول تجاهل هذه المكالمة لكن أذنيه رفضت هذا التجاهل، انتبه لها بكل حواسه ما إن وصل إلى مسامعه مشاجرتها مع أحد المارة وهي تقول
- ماتفتح يا بني آدم إنت
- ماخدتش بالي وبعدين لمي لسانك شوية
- تصدق إنك قليل الذوق
- لأ واضح إنك الذوق نفسه
رد "سليم " بسرعه وهو يغلق حزم بنطاله قائلا بمزح
- من أولها يابت السيوفي هتعملي في خناجه خليكي چوا المحطة وأني چاي لك اهو وبطلي خناج
ردت مازحة وقالت
- بيحاولوا يستقوا عليا يبشه فاهمين إني مش صعيديه واقدر اجيب حقي من عين الأسد
وقبل أن يتحدث ولجت الممرضه وهي تقول بجدية
- في حالة طارئة يا دكتور سليم وطالبين حضرتك ضروري
- طب روحي أنتي دلوجه هغير واچاي
نظر إلى هاتفه وراح يقول بعتذار وهو ينزع عنه كنزته
- معلش يا چنه هتفضلي في المحطة لحد ما اچاي او اجولك هابعت لك كرم ياچي ياخدك
- ياعم متتعبش روحك انا هاخد تاكس وامشي شوف شغلك وانا لما اوصل هكلمك مع السلامة
چنه چنه يابت اس
أردف " سليم " عبارته وهو يركض نحو هاتفه ليمنعها مما تنوي فعله لكنها اغلقت الهاتف، نظر إلى " عمران " وقال بجدية مصطنعه
- نسيتك والله ياعمران معلش زي ما إنت شايف كده الشغل هنتحدتوا إيه رأيك نتجابل النهاردا بعد العصاري في المكان بتاعنا
- يكون احسن أني لحد دلوجه صاحي وعاوز انعس هبابه أني هجوم دلوجه وابجى نتكملوا بعدين
يتبع
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية لتحيا نيران العشق) اسم الرواية