Ads by Google X

رواية قارب الموت الفصل الثاني عشر 12 - بقلم مريم الجنيدي

الصفحة الرئيسية

  

 رواية قارب الموت الفصل الثاني عشر 12 -  بقلم مريم الجنيدي

«١٢-فراق»
                                    
                                          

نحن نفكر بشريط حياتنا كله في لحظاتنا الأخيره 
حيث ندرك أن لا مفر من الموت، نبدأ باستيعاب ماذا سنقول، كيف سنجاوب و نحن نقف بين يدي الله، هل فعلنا ما يجب أن نفعل!!!



 نضل الطريق و نصر على الضلال حتى يفوت الأوان للعودة 




أنفاس متلاحقة، و مياة في حلقة، ما بين المعافره و الاستسلام خط رفيع، يحاول بكل طاقة مبذولة من عضلات جسده أن يعافر أكثر، النجاة من الموت غرقاً، حياته تمر أمامه كشريط سريع يعرض ما اقترفه بيديه في سنوات عمره، كل شئ من سيء لأسوء.



مع حركة يديه و أقدامه كان يضرب المشاهد التي تظهر أمامه و كأنها تتكاتف مع لحظات الموت الأخيرة لتذكرة بما اقترفة ليحاسب عليه الآن 



صرخاته لم تخرج عن محيط أمتار مختلطة بصرخات من حوله 



بكى و صرخ و استغاث بكل شئ 
و بالنهاية كانت آخر كلمه نطقها قبل أن يستسلم 



"يااارب" 



و بعد لحظات و قبل أن يغلق أعينه شعر بيد تسحبه لكنه كان فقد الوعي و لم يدرك ماذا حدث بعد ذلك غير أن هناك ظلمه ابتلعته و سحبت إدراكه منه 





بعد أن شعرت بتلك اليد تسحبها، تمسكت بها بكل قوتها وهي تشهق بعدما أخرجت رأسها من الماء 



استمعت إلي صوته القلق 
"نسيم أنتِ كويسة! سمعاني!! نسيم" 



تعلقت به وهي تشهق بقوه محاوله تنظيم أنفاسها المسلوبه 



ليردف وهو يتمسكها بأحكام 
"أهدي بطلي حركة و اهدي عشان منعرقش" 



بكت متمسكه به وهي تحاول السباحة لكن كل محاولتها تجدي بالفشل
"متسبنيش متسبنيش أموت" 



"مش هسيبك والله، أهدي متعمليش حركة كتير عشان أنتِ بتنزلينا لتحت"  



اردفت بتلعثم باكي 
"هنموت؟؟ هيحصل أي أنا خايفة اوي" 



حاول السباحة بها لاي قارب قريب منهم 
"متخافيش هنعيش بإذن الله أنا معاكي، متخافيش" 



شهقت بهستيرية وهي تتمسك به دون وعي، و قد دخلت في صدمة أثر ما حدث 
"متسبنيش أنا خايفة اوي" 



وصل أخيرا لحد قوارب الإنقاذ التي تنتشل الناس من الماء بعدما تسببوا في اغراقهم من البداية و هذا أمر غريب أنهم ظلوا هكذا حوالي عشرين دقيقة قبل أن يبدأوا في إنقاذهم و كأنهم متعمدين على إغراق أكبر قدر ممكن 




وصل لأحد القوارب و قال بصوت عالي حتى يسمعه 
"Help me" 
ساعدني 



نظر له أحد الحراس مقيماً ثم اقترب من الحافة باستعلاء و انحنى يسحب منه نسيم التى تمسكت به 
"متسبنيش" 




                                  
 
                
رفعها عبد الرحمن وهو يطمئنها لياخدها منه الحارس و يلقيها على القارب بدون إهتمام، صعد عبد الرحمن برشاقة على القارب دون حاجة تذكر للمساعدة نظر حوله بقلق وهو يبحث بأعينه بين الفوضى و عدد الجثث الماهول 



احتل الجزع و جهه وهو يرى كل هؤلاء البشر الذين غرقوا منهم من طفت جثته على الماء و منهم من غرق فى القاع



و منهم مازال يقاوم و يتم إنقاذه 



عبث بشعره بعدم تصديق وهو يشعر بالانهيار، ا
مكبل بالعجز، غير قادر على فعل شئ



أردف لأحد الحراس
"هناك الكثير على قيد الحياة، يجب إنقاذهم قبل أن يموتوا" 



نظر له الحارس بدون إهتمام وهو يردف 
"هذا ليس من شأنك" 



قبض عبد الرحمن على يده بغضب، يعاملوهم كالجرذان بكل حقارة، هل هذه الدول المتقدمة التى تخشى على حياة البشر و تنادى بحقوق الإنسان؟؟



لمح عبد الرحمن باهي على أحد القوارب فطمئن قليلاً لكن ما جعله يقلق أنه فاقد للوعي 



هل هو على قيد الحياة!! 




مسحت سيلا على وجه شقيقها وهي تبكي و تضمه بين أحضانها بخوف، بعد أن قفز الاثنين في الماء و قع شئ على رأسه من القارب لا تعلم ما هو جعلته يفقد الوعي 



بصعوبه استطاعت سحبه لأحد القوارب القريبة و أقسمت أنه على قيد الحياة حتى يوافقوا على صعودة، فمن المستحيل أن تتركه و ترحل فلتموت معه أفضل 



ضمت رأسه إلي صدرها بخوف وهي تتوسل إليه أن يستيقظ 



"عبيدة فتح عينك عشان خاطري، متسبنيش لواحدي، عبيدة بالله عليك، عبيدة فوق خلاص كله هيكون كويس و هنوصل و حياتنا هتتحسن، عبيدة سامعني، خلاص معتش غير خطوه و نوصل متسبنيش في نص الطريق لواحدي، انا معتش ليا غيرك، فوق عشان خاطري" 



كانت أعينه مازالت مغلقه وهذا جعلها تبكى أكثر وهي تضع يدها مكان جرحه النازف بجزع 




نظرت حولها بضياع، تشعر أنها ورقه سقطت من غصنها تتناولها الرياح هنا و هناك، شريده بدون وطن و دون ارض دون أهل أو بيت، هي اكتشفت أن اختصار كل هذه الأشياء تكمن في شقيقها، بلا ارض سواه ولا وطن سوا ذراعيه ولا بيت غير ضله 



نصل الحياة القاسي سأم من تجريحها، كعبيها اشتكت من كثره الترحال، و جسدها نفذت طاقته



أصبحت كمدينة خربها الإحتلال و اصبحت مجرد أطلال، لا تعلم على أي دمار تبكي!!



كانت مجرد طفلة استيقظت على أصوات الصراخات، و من بعدها ابتلعتها الظلمه، لا تعلم لحياة النور طريق ولا لأي ارض ستلقى؟! 




        
          
                
كانت تعيش في ظل أخيها كعصفور بنى عشه على غصن في شجرة، الشجره بيت كبير و الغصن هو ظله 



لو انكسر الغصن سينهدم العش حتى لو ظلت الشجرة.. 



لا تعلم قوانين الحياة بدونه، ولا تريد الحياة بدونه، فهي ستظل بدونه غريقه  حتى لو كانت تتنفس 





وقعت أعينها على عمار الفاقد للوعي هو الآخر، حاولت البحث عن أي شخص تعرفه على نفس القارب لكن لم تستطع كان أغلب القارب من الفاقدين للوعي، هي متأكدة أنهم ليسوا جثث، هي اكتشفت أنهم يتركوا الجثث، يأخذوا الاحياء فقط، لماذا هي لا تعلم، هناك شئ غير طبيعي..




تمسكت بعبيدة اكتر وهي تتلفت حولها بخوف لعلها تجد صديقتها لكن لم تجدها بحثت على قدر المستطاع بأعينها في الماء لكنها لم تجدها 



بكت بخوف، و انتفض جسدها فكره أن يكون الشخص معي من دقائق ثم تعلم أنه مات، مؤلمه، بل قاسية خصوصاً أنك تعلم كيف مات و ماذا سيحدث له 



دعت الله أن ينجي صديقتها و يحفظها، فهي لا تستحق هذا 



هم جميعاً لا يستحقون هذا كل ما أرادوه هو حياة!!! هل حق الحياة في الحياة صعب و مميت لهذه الدرجة؟! 





فتح أعينه بتعب لا يعلم كم مر من وقت في غيابه للوعي، أصوات كثيرة تصم أذنيه و أشخاص تتحرك في كل مكان، تشوش أعينه اعاقته من تحديد أين هو 
كل من حوله يتحدثون لغه لم يفقهها لم تكن إنجليزية 



رمش بأعينه عده مرات حتى وضحت الصوره أمامه 
كان مكان غريب يعج بالناس منهم المرضى المستلقين جانبه و منهم أطباء أو مسعفين يرصدون منهم الاحياء و الأموات، يضمدون الجرحا و ينقلون المتوفين في مكان مع بعضهم 



أقتربت منه أحدي المسعفات تتفحص علماته الحيوية ثم سجلت شئ، سألها باهي بتعب بالانجليزيه
"أين أنا!" 



لم ترد عليه بل سألته بالانجليزيه 
"ما جنسيتك!!" 



رد بارهاق وهو يعيد رأسه مره أخرى للوسادة
"مصري" 



أومأت له وهي تكتب شئ ما ثم سألت مره آخرى
"ما اسمك؟" 



"باهي مجدي الشرقاوي، أين أنا الآن" 



نظرت له بطرف أعينها و ردت ببرود وهي تستقيم 
"لا يهم المهم أنك على قيد الحياة" 



سألها مره آخرى متغاضي عن تجاهلهم المريب 
"هل وصلت لايطاليا!! كان معي اصدقائي" 



"نحن لسنا مسؤولين عن البحث لك عن أصدقائك، ربما لم يعودوا على قيد الحياة" 



و دون كلام آخر تركته و رحلت نظر حوله بعدم تصديق 
هو حي، لكن لا يعلم أين هو و ماذا حدث و أين أصدقائه 




        
          
                
قام من مكانة يبحث حوله بضياع عن أي احد يعرفه، كل الوجوه مألوفه لكن لا يعرفهم، أين أصدقائه؟؟ 



أقترب من مكان الجثث و ألقى نظرة سريعة على وجوه المكشوف منهم و رآهم يضعون الآخرون في أكياس سوداء 



فاقترب منهم يكشف عن وجوههم لعله يجد أحد يعرفه، 
و بعد بحث مرهق وقف بتصنم أمام أحد الجثث و شعر بانقباض في قلبه من المنظر 



كانت جثه جمال، صديق السوء الذي سحبه لهذا الطريق و رسم له العديد من الصور و الأحلام و تغنى بمدى سهولته، هو من سحبهم جميعاً، كان جسدة شبه ممزق و كأن القارب تحطم فوقه



المنظر كان بشع و مقبض لم يستطع الوقوف و سقط على الأرض يضع يده على رأسه
كان من الممكن أن يكون مكانه؟؟! 
كان من الممكن أن يكون أشلاء بلا هوية في بلاد بعيد 



لكن هو الآن فعلاً بلا هوية في بلاد بعيد أدمعت أعينه وهو يعلم علم اليقين مدى قلق أهله عليه، مدى ذعرهم، من المؤكد خبر تحطم القارب وصلهم 







في مكان آخر كانت متشبثه بذراعه وهي تنتفض كل دقيقة 
سألته بتيه "هيعملوا فينا أي!" 



طمئنها بهدوء فتوتره لن يجدي نفعاً الآن سوا زيادة انهيارها، ما مروا به لم يكن هين كانوا على أعتاب الموت، خرجوا من تجربة قاسيه لا يعلموا إن كانت انتهت أنا مازالوا يحيوها، الأحداث السريعة التي تجري حولهم لا تساعدهم على تخطي الصدمة 



"متخافيش يا نسيم، أنا معاكي مش هسيبك" 



بكت للمره التى لا يعلم عددها 
"يارتني ما عملت كدا، يارتني ما سافرت، يارب ارحمني يارب" 



رد بهدوء حاني وهو يستقبل انهيارها دون تذمر رغم الفوضى داخله
"اللي حصل حصل يا نسيم، كفاية عياط، العياط مش هيحل حاجة يا نسيم" 



أشارت على الناس حولها 
"هما مين دول، هما هيرجعونا مصر تاني ولا هيعملوا فينا أي!" 



"دول الصليب الأحمر، مش عارف هيعملوا اي يا نسيم والله، ممكن تهدي شوية أنا معاكي أهو، مش هسيبك صدقيني" 



الآن فقط قدرت حجم المعاناه التي ألقت نفسها بها، فتاة وحدها هاجرت دون التفكير في العواقب، رغم تهورها كان معها حارس خفي، لا تنكر أنها اطمئنت بوجودة، دونه لا تعلم ماذا كان سيحدث بها، هل كان سيتم التحرش بها، أو الموت عطشاً أو غرقاً، لم تكن ستنجوا في كل الأحوال دونه، القدر ربطهم ببعض رغم هرب كل منهم من الآخر 



"عبد الرحمن"  قالتها بخفوت وهي تضم الغطاء الملفوفه به لنفسها 



نظر لها بهدوء منتظر أن تقول ما تريد، لكن رأسها النكسة جعلته يهمهم كأجابة




        
          
                
اردفت بخجل دون أن ترفع رأسها
"شكراً على كل حاجة عملتها معايا، منغيرك كان زماني ميته، أنا أذنيك في حياتك منغير قصد، ممكن أكون ضحيه زيك، بس لو كنت رفضت من الأول مكنش كل دة حصل، علشان كدة أنا آسفة كمان أنك هنا بسببي، و شكراً على أنك أنقذت حياتي و متخلتش عني" 



أبتسم بهدوء فظهرت وسامته رغم الإرهاق و التعب البادي على وجهه 



"مش أنتِ السبب أن أمشي يا نسيم، حاجات كتير كانت السبب، لما أتخلى عن كل حاجة كنت عايزها عشان أبويا عايز كدة، عشان أنا ابنه الوحيد و عايزني أكون ولي العهد، فنيت شبابي في الشغل عشان اكبره، كنت بشتغل كأن واحد من صبيانه، اشتغلت كل حاجة معاه، و بعد كل دة يسحب مني الفلوس و يوقف حسابي و الفيز و الباسبور  كأني عيل صغير و مش هقدر أعيش منغيره، كرامتي مسمحتليش أن أفضل بعد كل دة فمشيت معترف أن أخت طريق غلط، بس اللي حصل,، أما بالنسبة أن أنقذت حياتك، دة العادي يا نسيم، أكيد مش هسيبك تغرقى، أي حد غيري كان هيعمل كدة، رغم كل حاجة أنتِ كنتِ أمانه عند أبويا، يعني دلوقتي يعتبر امانه معايا" 



ردت بصوت مبحوح وهي تزم شفتيها 
"سحب منك الحاجات دي عشان تتجوزني صح" 



نظر بأعينها عندما رفعتهم له ليبتسم وهو يعيد رأسه يستند للخلف 
"متدخلنيش في تفاصيل" 



"امانه معاك ازاى وانت قولت أن لما نوصل كل واحد من طريق" 



رد عليها بصبر مرتبك بعض الشئ
"مكنتش هسيبك غير لما اطمن أنك في أمان بردوا، أما دلوقتى الظروف اختلفت كتير، متشغليش دماغك كتير يا نسيم و ارتاحي، اللي مرينا بيه مكنش سهل و الله أعلم هنشوف أي تاني" 




أغمضت أعينها بتعب و مالت برأسها تستند على كتفه
كان الاثنين يجلسون على الأرض في مكان كمستودع يطل على البحر، عربات الإسعاف في كل مكان و إنتشار عدد كبير من الأشخاص يرتدون ستره الصليب الأحمر يداون الجرحى 



لم يجد في المكان أحد يعرفه، هو للحقيقة مرهق بشكل كبير  و لا يستطيع القيام من مكانه للبحث عنهم فالمكان كبير و يعج بالكثير من الأشخاص 



بالإضافة لنسيم المتشبثه به بشكل هستيري تخشى أن يختفي منها فلا يستطيع تركها وحدها في مكان غريب، و لا هي قادره على القيام للبحث معه 



فهو اضطر لحملها لهنا بعدما أصابها إنهيار و تراخى جسدها من الصدمة النفسية 






احتضنت جسدة البارد بجسدها الصغير تحاول بثه الدفء ولو قليل حتى يأتي أحد و يتفحصه، لقد فقد دم كثير و شحبت ملامحه بشكل مخيف 
تملست وجهه بيدها الصغيرة 
"عبيدة خليك معايا، كله هيكون تمام، إحنا خلاص وصلنا، أرجوك خليك معايا" 



انحنت تقبل جبهته وهي تمسك كفه البارد تفركه كي تبثه بعض الدفئ المعدوم بجسدة 




بعد قليل أتت واحده من المسعفين تفحصه بروتينيه ثم وقفت تسجل شئ و قالت بكل برود قاسي كأن ما يحدث عادي 
" لقد مات" 




        
          
                
وقعت الجملة على أذنيها كالرعد ضربها فانتفضت، البرودة انتقلت لجسدها وهي تنظر للمسعفه أمامها بدون استيعاب تردد
"ماذا!" 



انتقلت ببصرها لوجهه الملائكي بعدم تصديق 
ضربت وجنته بهستيريه 
"عبيدة قوم، عبيدة بالله عليك قوم، متوجعش قلبي عليك يا عبيدة، عبيدة قوم متهزرش، أنت قولت مش هتسيبني، عبيدة قوم، أنت أكيد بتضحك عليا" 



رفعت وجهها صارخه
"اكشفي عليه تاني ارجوكي، حد يلحقه أبوس اديكوا، حد يلحقه، يا عبيدة" 



نظرت لها الأخرى بعدم استيعاب و تحدثت بالإنجليزية 
"اهدئ، لا يوجد في يدنا شئ نفعله لقد مات، يجب اخذ الجثة" 



صرخت بهلع وهي تتمسك به 
"لا لا محدش هياخده لا، يا عبيدة فوق بالله عليك، عايزين ياخدوك مني، يا عبيدة متسبنيش أنا خايفة، أنت وعدتني، أنت مش هتسيبني، أنت كل حياتي، قوم بقا متعملش فيا كدة، أنت عارف غلاوتك عندي قوم" 



صرخت ببكاء وهي تتمسك بملابسه و تحتضن رأسه بين جنبات صدرها تريد دفنه هناك عند قلبها 
أنهار عالمها و سقط الغصن 



"متسبنيش لواحدي يا عبيدة.." 



وضعت رأسها على صدرة بيأس وهي تبكي بصوت عالي متمسكه بقميصه المبتل



"عبيدة بتتذكر لما كنا بنلعب في بيتنا في الضيعة، لما كنت أنا وأنت و غسان و ريحانة، بتتذكر لما وقعت و انجرحت قولتلي ياريتها فينك ولا فيني، حضنتك يومها، حسيت أنك كتير علي، بتتذكر لما وصلتني أول يوم المدرسة و كنت ماسك أيدي و بتشجعني، بتذكر كل يوم كنت معي فيه، أول يوم جامعة، بتذكر يوم اتدمر بيتنا و فضلت ضاممني يوم كامل خايف تخرجني من حضنك لاضيع منك، خايف أموت متل ما ماتت عيلتنا كلها، عبيدة قوم ضمني أنا خايفة، قوم ضمني، ما تروح يا عبيدة أنا ما عد لي غيرك في الحياة، ما بدي أكون لواحدي، شو بسوي فيها منغيرك، ياربي والله ما بقدر قوم ....لك قوم" 



ضربت على صدرة بانهيار 
"قوم ما فيني أكمل منغيرك، قوم... أنا كملت كل هالسنين بعد اللي شوفناه عشان أنت كنت معايا، والله مهزعلك تاني بس قوم، يا عبيدة قوم" 



بكت كما لم تبكي من قبل، بكت بحرقة من قساوة الفقد
لم تبكي يوم ماتت كل عائلتها لأنها لم تستوعب الأحداث، كان معها حارسها الحامي ضلها و حماها، لكن الآن هي وحيدة مَن سيضمها ليواسيها ؟! 



"ما بدي أعيش من بعدك ما بدي، يا عبيدة رد علي، رد علياااااا" 



أقترب منها أحد المسعفين 
""يجب أخذه للمشرحة" 



صرخت بالرفض وهي تتمسك بشقيقها بكل شراسة ترفض أن يسحبه أحد منها 
"ما حد يقرب، رح يقوم، هو وعدني ما بيتركني، هو وعدني، اتركوه، لا حد يقرب عليه، يا عبيدة قوم يا عبيدة" 




كانت هناك أعين قريبة تطالعها بعدم تصديق عيون تبكي و قلب مرتجف كورقه في الخريف، يخشى الإقتراب و يخشى تركها هكذا، بكى بقوة و كأن ما حدث كان صفعه على وجهه فتت الغشاوة التى كانت تعميه



تكسرت روحها و تفتت لمئات القطع وهي ترى لآخر مره ملامحه الجميلة، لم تشعر بانفاسه الدافئه ولا بتربيت يده عليها ليطمئنها، كلما حاولوا إبعاده عنها، كانت تشعر بأنهم ينزعون عنها روحها لتبقى عاريه في جسد بلا روح 



من قال أن العرى في ستر الجسد فقط، أحياناً أجسادنا تكون عارية فقد روحها.




حاول عدد من المسعفين سحب جثه عبيدة من بين يديها لكنها كانت تتمسك بها وهي تصرخ بانهيار، صراخها جعلها محط للانظار جميعاً 



اضطر أحد المسعفين أن يسحبها هي للخلف حتى ينتزعوا منها الجثة وهي تنتفض بانهيار 
"اتركوه، لك اتركوه يا الله ساعدني، يا الله ساعدني، اتركوه عشان الله اتركوه، والله بموت منغيره، والله بموت اتركوه، لا تاخدوه من حضني، هو هيقوم، عبيدة قوم" 



شدها المسعف بقوه ليسحبوا منها جثه عبيدة بقوة صرخت وهي تحاول الإفلات وقد تمزقت احبالها الصوتيه 
       "عبيــــــــــدةةة"



الحياة ليست دائمه نسلك فيها دروب مختلفه،نسعى و نهيم فيها للعيش بما يرضى الله، وهو سعى بكل جهد و شرف أن يحيا بالحلال، سعى أن يكمل للنهاية شامخ لا يقبل الحرام، سعى رغم المصاعب و العقبات، لم يبكي على الاطلال عمره و افناه، بل أخذ الأطلال و بنا بها طريق له و لشقيقته، لم يتخاذل دقيقة عن العيش فيها، ولم يأخذ طريق الضلال حجة رغم أنه كان متوافر لكنه غض الطرف عن أى طريق مضل، حتى يوم أختار طريق الهجرة الغير شرعية ما اتخذه سوى لأنه كان آخر خيار، نحن لا نعلم متى النهاية و لا في أى ساعة يحين الأجل، لكنه عندما حان أجله كان من داخله متأكد أنه ما فعل شئ سوا ليرضى الله عنه، لذلك كان وجهه مبتسم  وهم يغلقوا عليه الكيس الأسود، كان وجهه أبيض مستنير و اخر شئ رأته سيلا شقيقته كانت ابتسامته.......





________________
ممكن ندعي لكل الناس اللي اتوفت في اي حادث هجرة غير شرعيه و ندعي لأهلهم بالصبر ، و ندعي للمفقودين أن ربنا يردهم لأهلهم و يطمنهم عليهم 🤎
و مننساش في دعائنا أهلنا في فلسطين، و شهداء المسلمين 




        



google-playkhamsatmostaqltradent