رواية الكتيبة 101 الفصل الثالث و العشرون 23 - بقلم يارا محمود شلبي
الفصل الثالث والعشرون|يا ليلة العيد غرقتينا!|
**************************
صلى على الحبيب قلبك يطيب
*********************
إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ · صدق الله العظيم
(يوسف).
***************************
نأسف على التأخير بس هنعمل إيه امتحانات بالجملة نازلة على دماغنا المهم الفصل تحفااااـة عايزه تفاعل
______________
قراءة ممتعة.....
الفصل الثالث والعشرون |يا ليلة العيد غرقتينا.|
أومأ قاسم برأسه وهو ينظر إلى عينيها التي توجهت إليه ، تملكه القلق الذي نهش قلبه لكنه في النهاية تنفس وهو يرى نظراتها :
_"على خيرت الله ."
تبادلوا النظرات، قاطعهم عمار قائلًا وهو يعدّ خطة الليلة: _"كده آدم وخالد وباسل هيروحوا يجيبوا رهف قبل ما نتحرك، كده يعتبر فاضل بتاع ساعتين ونتحرك ."
أردف آدم مسرعًا:
_ "تمام."
نهض الشباب من مكانهم إلى الغرفة يرتدون ملابسهم ويجهزون أسلحتهم عدا قاسم الذي جلس مكانه يعبث بهاتفه ، أما الفتيات كانتا جاهزات جلسن جوار بعضهم ينتظرون حتى أخذتهم الأحاديث ،تبادلت يارا النظرات بين قاسم ثم جميلة فقالت بصوتٍ مسموعًا للفتيات فقط
وكان الحديث موجه أكثر إلى جميلة :
_"جميلة."
كانت جميلة قد شردت قليلاً لكنها ردت : "أممم؟"
_ "هو قاسم ابن خالتك مالُه؟"
قطعت شيري الصمت قائلة قطعت :
_ "بصوا عايزة أقولكوا على حاجة حصلت في المستشفى."
نظرت لها جومانا بأهتمام :
_"قولي."
تنهدت وبدأت تروي ما حدث في تلك الليلة :
_"لما إنتِ تعبتي، كنا كلنا معاكي أنا ومصطفى وباسل وقاسم... بس قاسم كان حزين أوي، وتعب جامد.
فضل يقول: أنا تعبان، كفاية بقى... الدكتور شافه وادّاله حقنة وقال إنه عنده شوية مشاكل نفسية بين الماضي والحاضر ."
أطرقت جميلة رأسها وقالت بحزن:
_"قاسم عانى كتير، يا بنات.
ربنا يرزقه ببنت الحلال إللي تنسيه إللي شافه،
هو طيب أوي وميستهلش اللي حصل فيه."
نظرت إليها جومانا بإنتباه وسألت:
_ "هو إيه إللي حصل له؟"
أردفت بصوتٍ منخفض وقد كسى الحزن ملامحها: _"قاسم كان متجوز..."
ساد الصمت بين الفتيات، لم يتكلمن، بل أنصتن، ليُكمل قلب جميلة حديثه المثقل:
_"مراته ماتت قدّام عينيه في شهر العسل، ومقدرش يعمل لها حاجة."
فزعت شيري :
_"ماتت إزاي؟"
أجابتها بعين دامعة:
_"اتقتلت."
وضعت شيري يدها على فمها :
_"إيه؟Killed!"
جميلة:
_"وطي صوتك."
يارا :
_"الله يكون في عونه، ربنا يرحمها يا رب."
تنهدت جميلة وهي تتذكر ملامح تلك الفتاة وكلامها وطريقة تعاملها الجميلة بينهم وخاصةً مع قاسم ووالدته :
_ "آمين... كانت طيبة أوي، وهو كان بيحبها، وبعد ما ماتت، أبوه توفى... كل ده كسر في قلبه، وبقى لأمه وأخته كل حاجة."
همست جومانا داعية له :
_ "ربنا يرحمهم ويخفف عنه ألمه."
ظلت تتأمله بعينيها من بعيد، تشعر بذلك الحزن الجاثم على وجهه، كأنها تراه الآن رغم بعده.
لاحظت شقيقتها نظراتها فسألتها:
_ "مالك يا جومانا؟"
_"ها؟ مفيش حاجة."
_____
حلّ الليل، واختفى ضوء النهار ، وبدأت الخطة.
ركب مراد وعمار وجميلة ويارا ومصطفى سيارة كبيرة في طريقهم إلى الجبل.
بينما في سيارة أخرى، انطلق آدم وباسل وخالد لإنقاذ رهف.
___________
عند الكبير...
الكبير قال بنبرة حاسمة:
_"يلا يا جاسر."
وضع جاسر سلاحه حول خصره وجابه وهو ينظر إليه بثقة:
_ "يلا يا كبير."
تحركا معًا، وخلفهما سيارة الحراس ،لم تهدأ قدم جاسر كباقي جسده وعقله كانت تهتز ليس خوفًا من قدراته أو قدرات الباقية بل كان خوف من ما هو قادم ومجهول هل سينتهي كل شيء أم سيكون هناك شيء مجهول ؟!
نظر له الكبير بدله جاسر النظر وهو يبتسم معلقًا على تلك البدلة التي يرتديها الكبير:
_"بس إيه الشياكة دي يا كبير ؟
بدلة قطيفة حمرا
ليه رايح تجوز أبنك ! "
توقفت السيارة أمام جبل pikes peak الجبل المتفرع من سلسلة جبال روكي ، نزل الكبير وجاسر، وكانت هناك سيارة أخرى تنتظرهما.
كانت خطوات جاسر ثابته على عكس الكبير
وأيضًا ذلك الرجل الذي يستند بظهره على السيارة التي أمامهم كان لا يهاب أحدًا تقدم الكبير خطوتين متسائلًا :
_"خير؟ كنت عايزني في إيه؟"
أبعد رشاد ظهره عن السيارة خرج وقال بغضب:
_ "أنا هموّتك يا كبير، أنت وكل رجالتك... أنت
متعرفش الصفقة دي بالنسبالي كانت إيه."
ابتسم الكبير بمرارة ثم أزدادت صوت ضحكاته لكنه توقف فجأةً عن الضحك :
_"تقتل مين يا رشاد؟ فوق لنفسك، أنت عارف إن أنا إللي المفروض أكون مكانك... بس هنعمل إيه بقى."
رفع رشاد سلاحه في وجه الكبير:
_"دلوقتي هتبقى في مكان أحسن من مكاني."
في ذات التوقيت الذي رفع به رشاد سلاحه رفع أيضًا جاسر والكبير أسلحتهم تجاه رشاد.
تبادلت النظرات بينهم وبين بعضهم وجميع من يوجد يرفع سلاحه على الأخر وإن خُرجت طلقة واحدة سيكون هذا سفكًا لدماء الجميع على الأرض .
فجأة ظهر مراد وعمار من خلف الصخور، رافعين أسلحتهم تجاه الطرفين... فتبدلت الأنظار
ولكن لحظهم تمكن مصطفى ويارا وجميلة من
اقتحام موقع الحراس من الخلف، و سيطروا عليهم.
رشاد:
_إنتم مين ؟!
تقدم وليد بعد مكالمة سابقة من عمار :
_هتعرف لما ترجع ونشوف إحنا مين بس في المحكمة قدامي .
قام بالقبض على الجميع، ليُنقلوا إلى أرض الوطن.
كان رشاد يسحب من يده وتوضع فيها الأساور الحديدة فصرخ قائلًا:
_بتبلغ عني يا كبير.
الكبير :
_أبلغ عن مين يا أهبل ما أنا معاك في نفس الكلبش.
______________________
كانت الفيلا الصغيرة تقف شامخة في منتصف قطعة أرض محاطة بأسوار حديدية عالية، ومن حولها ينتشر الحراس كأنهم تماثيل صامتة في انتظار أمرٍ بالتحرك.
توقفت سيارتهم على بُعد أمتار قليلة،
أشار آدم بإصبعه نحو المبنى وهو يقول بصوت خافت:
_"هو دا المكان."
نزل الثلاثة من السيارة بخفة، عيونهم تتحرك في كل اتجاه، لم يكن هناك مجال للخطأ.
ومن دون تردد، بدأوا في الاشتباك مع الحراس.
لكمات، وركلات، لم يتح لهم حتى الوقت ليفهموا ما يحدث.
تحدث خالد وهو يشير إلى باب جانبي يمكن أن يكون مخزن الشيء :
_"أنا هنزل في باب شكله مخزن
وانت يا باسل ادخل الفيلا جوه."
أومأ باسل بسرعة، بينما سأل آدم:
_"طب وأنا؟"
أشار له خالد بيده وهو يتحرك بالفعل نحو الباب:
_"تعالى معايا."
تحرّك آدم وخالد بخطوات سريعة نحو المخزن، بينما اندفع باسل إلى داخل الفيلا، وكأن قلبه يسابق قدميه.
شعر برائحة خفيفة للمطهرات، وهدوء غريب يلف المكان، وكأنه مهجور.
تلفت حوله، لا حراس، لا صوت، فقط صوت أنفاسه المتسارعة
بدأ ينادي بصوتٍ عالٍ :
_"رهف...رهف."
لم يُجبه أحد.
صعد الدرج بخطوات مسرعة، يداه ترتجفان قليلًا، وقلبه يدق كطبل في سباقٍ ولا يعلم ما سبب هذا.
فتح أول غرفة، كانت خالية، والثانية كذلك.
ثم فتح باب الغرفة التالية، فتوقف الزمن للحظة.
كانت الغرفة هادئة، الضوء بسيط يأتي من لمبة صغيرة في الغرفة ، وهناك، على السرير الأبيض، كانت ترقد فتاة ذات ملامح ملائكية، يغمرها السكون.
شعرها منسدل على الوسادة بعشوائية ،ووجهها شاحب لكن هادئ، كأنها نائمة في حلم طويل لا تريد أن تصحو منه.
اقترب منها بتردد، عينيه لا تصدقان، هل هذه حقًا رهف؟
ركع بجوار السرير، أبعد خصلات شعرها عن وجهها برفق، وكأنه يخشى أن يؤلمها دون قصد.
همس باسمها، مرتين، ثم ثلاثًا، وكل مرة كانت نبرته تمتلئ بالرجاء:
_"رهف... رهف..."
لكن لا جدوى. كانت غائبة عن الوعي تمامًا.
تنهد، ورفعها برفق بين ذراعيه.
جسدها كان خفيفًا، ورائحتها لا تزال تحتفظ بآثار عطر أنثوي ناعم.
نزل بها إلى الطابق الأرضي، خطواته ثابتة رغم قلقه، وكأنها أمانة يخشى أن تسقط منه.
عند باب الفيلا، كان خالد يفتح السيارة، فسأله بقلق:
_"مالها؟"
باسل نظر إليه، وعيناه لا تزالان على وجهها:
_"معرفش بس أكيد متخدّرة."
فتح آدم الباب الخلفي، ووضعوها بلطف في المقعد، بينما جلس أخوها بجوارها، لا يرفع عينيه عنها.
ركب آدم في المقعد الأمامي، وأدار المحرك، والسيارة انطلقت.
_____________
كان قاسم يجلس قرب جومانا ينظر إليها بقلق
فسألها بصوتٍ مبحوح:
_"إنتِ أحسن دلوقتي؟"
ابتسمت ابتسامة خفيفة:
_"أيوه الحمد لله."
نظر لها بتمعن قبل أن يتحدث ليقول ما يخفيه عنهم أو عنها بالأخص :
_"أنا خوفت عليكِ أوي."
_"ليه يا قاسم؟"
تهرّب من سؤالها ربما لأنه لا يملك أجابة أو لأن الأجابة لا يصدقها عقله فقط يصدقها قلبه الذي يغرقه للمرة الثانية ! ولكن هل سيقدر عقله أن يبقى به إلى بر الأمان ؟ تنفس وهو ينظر أمامه بعيدًا عنها :
_"ليه إيه؟"
نظرت في عينيه:
_"يعني ليه خوفت عليا أوي؟"
تنهد قاسم تنهيدة ثقيلة، خرجت معها كلام أثقل منها : _"مش عايز أخسر حد تاني يا جومانا... كفاية هي."
هي تعلم من هي جيدًا فبعد حديث جميلة فقد أتضح كل شيء أمامها :
_ "هي مين؟ اتكلم يمكن ترتاح."
وضع يده على رأسه، وقال بصوتٍ مكسور:
_"مراتي... مراتي اتقتلت قدام عيني.
ملحقتش تفرح، لبست الأبيض، وبعدها على طول ماتت. والله لو كنت أعرف اللي هيحصلها، ما كنت قربت منها، ولا خليتها تحبني. أنا مدمر، مش قادر."
ارتبكت وهي تسمع تلك الكلمات منه رعشت يدها كما رعشت نبرة صوته التي لن تفارق أذنها :
_"طب أهدى... أنا آسفة إني فكّرتك."
_"أنا منسيتهاش أصلاً. مش قادر أنساها، ولا أنسى ضعفي وأنا متكتف و مش قادر أتحرك مش قادر أنقذها."
شعرت جومانا بحرقة قلبها... نعم، قد تجمع في قلبها مشاعر تجاهه ، لكنها الآن في مفترق طرق.
هل تتركه لأنه لا يشعر بها؟ أم تظل بجانبه، تخفف عنه، وتمنحه أملًا؟
قاطع تفكيرها بذات صوته المهزوم:
_"خفت أخسرك زيها يا جومانا... وأنا برضو عاجز، ومش عارف أعملك حاجة."
دخل بعض الأمل قلبها... هل يشعر بها؟ أم أنه مجرد خوف من الفقد؟
توقفا عن الحديث بمجرد إن دلف الجميع عم الهدوء في هذا الليل الساكن، بعد رحلة طويلة ومليانة توتر.
اردف آدم وهو يلقي بجسده على الأريكة :
_"أخيرًا يا جماعة.. الواحد أخيرًا هيرجع بلده ."
كان التعب ظهر على وجوههم ولكن هناك لمست ارتياح قد ظهرت على عيونهم أو بالأخص لمحة أمل .
أسند خالد شقيقته التي فاقت ولكنها تشعر بألم في رأسها من ما جعل خللًا في توازن جسدها ،حتى أجلسها على الأريكة لتريح جسدها
أقترب عمار وجلس جوار قاسم، فقد لاحظ ملامحه المتجمدة:
_"مالك يا قاسم؟"
هز قاسم راسه بسرعة، بدون أم يوجه نظره له :
_"مفيش."
شعر عمار إن خلف تلك الكلمة وجع كبير ،بكنه قرر تركه الآن بمفرده حتى يهدأ قليلًا ويحدثه فيما بعد :
_"طيب..."
أما جاسر فكان كالعادة، كسر الجدية بتعليقه البسيط:
_"أنا هموت وأنام."
رد عليه باسل وهو يطمطأ من الإرهاق:
_"عندك حق.. يلا نطلع نرتاح."
وقف مراد وهو يتحدث وصوته كان جديًا :
_"يا جماعة بكره راجعين مصر. أنا عايز أكون في بيتنا في العيد، والعيد بعد بكره."
نظرت جميلة إلى جنات واردفت بحماس بسيطٍ :
_"هتتبسطي وإنتِ في وسطينا أوي."
أما خلفهم فكان يقف مصطفى وعلى بعد ليس بكثير كانت تقف هي فأرفع صوته قائلًا:
_"كل سنة وإنتم طيبين ."
ثم أخفض صوته وهو ينظر لها هي فقط قائلًا بهمس:
_"كل سنة وإنتِ طيبة يا جميلة."
أجابته شيري بابتسامة بسيطة:
_"وإنت طيب."
صعدوا جميعًا إلى غرفهم ليسترخوا قليلًا بعدما أنزل الليل ستائره الهادئة.
---
في غرفة قاسم وعمار، كان يوجد صمتًا غريبًا ،إضاءة الغرفة كانت خفيفة تنبعث من أباجورة صغيرة بجوار الفراش . جلس قاسم على طرف الفراش ،عينيه زائغة
وعقله مشغولًا في ذلك الفيلم الذي قد رُسم بداخل رأسه ولا يريد الإنتهاء.
لاحظ عمار نظراته الزائغة فسأله وهو يقترب يجلس جواره:
_"مالك يا قاسم؟"
_"تعبان يا عمار."
قالها بصوتٍ منخفض خرج معه نبرة مختنقه تحمل ألمًا ووجعًا ،فأردف عمار برفق:
_"ليه يا بني؟"
وضع قاسم وجهه بين راحة يديه وقال بصوت مختنق:
_"حاسس إني بخونها يا عمار... مش قادر."
كانت ملامحه شاحبة، وعينيه تكاد تغرق في بحر من الذكريات، كلما تذكر خديجة وما مرت به. قلبه يكاد يخرج من صدره من شدة الألم. كان يشعر وكأنها رحلت عنه فجأة، وتركته في هذا الفراغ الكبير. عينيه كانت تراقب الأرض وكأنه يبحث عن شيء يخفف عنه ما يشعر به من شعور بالخيانة والذنب.
وضع عمار يده على كتفه قائلًا:
_"فوق يا قاسم ... خديجة ماتت،
وده حقك إنك تحب تاني. انت مش بتخونها، انت كده بتعذبها علشان شيفاك بتتعذب."
كان يجلس جواره بثبات، يعي تمامًا كيف يعبر عن كلماتٍ قد تشعره ببعض الراحة.
فهو يعلم أن تلك الكلمات ربما تكون حافزًا وأملًا كبير بالنسبة لقاسم.
_"خايف اللي حصل لها يتعاد تاني."
خرجت كلماته بصوت ضعيف، وكأن نفسه متألمة من التفكير في أن تتكرر نفس المعاناة مرة أخرى. كان لا يزال يحمل في قلبه وجع الفقد، وما زال يشكك في نفسه وقدرته على حماية من يحب.
عمار:
_ "مش هيتعاد دا كان قدرها."
لم يكن عمار يشك أو يقلل من وجع قاسم، أو في صحّة كلامه، ولكن هو الآخر كان يشعر بثقل الأمر. فقد عاصر كثيرًا من المواقف التي جعلته يؤمن بأن كل شيء له سبب وحكمة من عند الخالق وهذا هو قدرها وموعد موتها.
ولكن ذلك لا يعني أن ألامه ستهدأ بالعكس، الألم يزيد حينما تعجز عن تغيير الماضي.
قاسم:
_ "مش هستحمل لو حصل لها حاجة هي كمان."
كان صوت قاسم يكاد يُسمع كلماته تتناثر من بين شفتيه بصعوبة، كما لو أن الألم يشل لسانه ويمنعه من البوح بما في قلبه. كانت جومانا في عقله طوال الوقت، كلما حاول أن يتنفس، عاد له صورتها وهي في خطر.
تسأل الأخر عن تلك الفتاة التي أحيت قلب صديقه مرةً أخرى :
_"هي مين يا قاسم؟"
قاسم:
_"جومانا."
قالها ببساطة، وكأن نطق اسمها يعيد إلى قلبه الهدوء ولو لحظة. لم تكن مجرد اسم، بل كانت الأمل، وكانت الخوف. كان يراها كل يوم، ولا يستطيع أن يفصل نفسه عن تفكيرها.
_"جومانا!"
اتسعت عيني عمار قليلاً عند سماع اسمها.
لم يكن يدرك تمامًا كيف يكون الخوف عليها عبئًا بهذا الشكل. ربما شعر بنوع من الارتباك وهو يستمع إلى قاسم، لأن هذا هو جزء من الحب العميق الذي لا يعرفه سوى من يعايشه.
قاسم:
_"أيوه، جومانا.....
أنا كنت بموت وأنا شايف العربية بتتقلب يا عمار. مكنتش هستحمل فراقها هي كمان، وأنا واقف عاجز للمرة التانية."
كان يذكر تلك اللحظة، اللحظة التي شهد فيها قلبه ينفطر أمام عينيه، عندما رأى جومانا في خطر. صورتها تلك لم تفارق ذهنه، وكانت مثل السكين في قلبه، كلما تذكرها، كلما شعر بالألم يتجدد في صدره.
عمار:
_"طب أهدى هي بقت كويسة،
مضيعهاش أنت بس من إيدك، وقولها إنك بتحبها."
حاول عمار أن يكون أكثر إقناعًا، لكنه يعلم أن تلك الفكرة أو الأعتراف لها لن تكن من السهل على قاسم أن يبوح بها ،هو يعلم أن فتح قلبه لشخص أخر لن تكن بسيطة عليه ،لكن في التوقيت ذاته كان يدرك تمامًا أن قاسم إذا لم يُحاول الآن، سيظل يعيش في خوف لا ينتهي.
قاسم:
_ "مش قادر أقول الكلمة دي تاني."
كانت تلك الكلمات بمثابة صراخ مكتوم داخل صدره. كان يريد أن يقول لها كل شيء، لكنه كان يخشى أن يفقدها مرة أخرى. كان الخوف يلتهمه،مما جعله يعجز عن التصرف.
عمار:
_"براحتك، بس انت كده بتخسر للمرة التانية
فكر كويس قبل ما تاخد قرار."
أنهى عمار تلك الكلمات ثم أشار إلى موضع قلبه.
إلى نقطة الضعف التي يشعر بها كل شخص وأكمل حديثه :
_"وخد رأي قلبك هو اللى هيدلك."
وضع قاسم رأسه بين كفوفه لعدة ثوانٍ، ثم رفع عينيه في اتجاه عمار. كانت علامات التوتر واضحة على وجهه، لكن كان هناك شيء جديد في نظراته. ربما هو الأمل:
_ "وأنت بقى ناوي تقولها إمتى؟"
تصنع عمار عدم الفهم :
_ "هي مين؟"
_"يارا."
_ "هو باين أوي كده."
_ "أوي."
جذب عمار الوسادة التي خلف قاسم يحتضنها ثم قال بعدما أخذ نفسًا عميقًا يفرغ به تلك الطاقة القوية التي جاءت إلى جسده عندما ذُكر أسمها:
_ "قريب أوي هانت الظاهر كده مكتوب علينا نتجوز من عيلة الألفي يا صاحبي .... يلا تصبح على خير."
تعالت ضحكات قاسم وهو يرى جسد صديقه يقترب من السرير شيئًا فشيء حتى أصبح مستلقى كليًا وما زال يحتضن تلك الوسادة :
" إنزل بسقف طموحاتك يا Tiger دي مخدة ...غمض عينك علشان القلوب إللي خارجة منها ملت الأوضة."
نكزه عمار بقدمه بقوة قائلًا:
_"نام ياض."
_____________________
_________________
في الغرفة الأخرى، كان باسل يقف في الشرفة، يدخن، تفكيره مشتت بين لحظات كثيرة مر بها في حياته. كان يفكر في هذه الفتاة التي أسرته من أول لحظة، وكان يتساءل عن كيفية أن يكون حبًا حقيقيًا، لأنه في وسط كل ما يمر به، بدأ يشعر بشيء مختلف تمامًا.
ولكن فكرته هذه توقفت على صوت من خلفه وما كان إلا جاسر الذي كان يتأفف :
_"يا بني، إطفى الزفتة اللي في إيدك أنا هتخنق."
باسل:
_"ما تنام انا مالي بِك؟!"
تعجب جاسر وهو يكرر تلك الكلمة بمزاح :
_"عم ؟!!! مقبولة علشان نايم في أوضتك بس
إيه اللي واخد عقلك كده؟"
باسل:
_"ولا حاجة يعني بفكر."
_"في مين بقى؟"
باسل:
_"نام يا ريكاردو."
جذب جاسر الغطاء على جسده أكثر قائلًا:
_"عنك ما قولت خليك واقف تفكر زي الغراب كده."
أشار باسل على ذاته وهو يضحك :
_"أنا غراب؟"
_"أه غراب، ومتقربش تاني علشان هقوم اضربك."
_"ولا تقدر أصلاً."
_ "طب هتقول مين؟"
باسل:
_"رهف."
انتفض جاسر من نومته ونظر له في عينيه :
_"ينهار أبيض! رهف إيه دا؟ كده هنبقى قرايب يا عم!"
_"قرايب إزاي؟"
جاسر:
_"يا بني، ما أنا هتجوز أختها سهر."
أشاح باسل بنظره بعيدًا عنه :
_"لا يفتح الله أنا هلغي الحوار كله مش عايز أبقى في نفس العيلة إللي أنت فيها."
جاسر:
_"انت تطول أصلاً.... اتخمد بقى."
____
كانت اللحظات التي يقضونها معًا مليئة بالضحك، رغم التوتر الذي يعم عليهم. فهم جميعًا يعيشون في عالم مليء بالمشاعر، والتوترات، والقرارات التي تنتظر كل واحد منهم.
اختفت ستائر الظلام معلنة عن يوم جديد، حيث أشرقت الشمس بلطف على المدينة، تلامس ضوءها الهادئ
قال اللواء علي من خلال المكالمة:
_ "أيوه، وليد وصل من بدري. في طيارة خاصة جايلكم ترجعوا كلكم."
قاسم:
_"تمام يا فندم، احنا منتظرين."
أغلق علي المكالمة مع قاسم. فنظر هو إلى الجميع : _"هنرجع كلنا، يلا اجهزوا."
نزلت الفتيات بسرعة، فتوقفت أفكار الجميع للحظة،
وتوجهت نظراتهم عليهم في خلسة عدا آدم وجاسر اللذان أبتسما في وجه بعضهم البعض فهمس جاسر له : _"وأنت إيه؟"
رد آدم مبتسمًا وهو يضع قدم فوق الأخرى :
_"لا، أنا سنجل بأس."
جاسر:
_"أحسن يا عم بلا وجع دماغ."
هتف مراد قائلاً:
_ "جهزوا نفسكم علشان إحنا هنمشي كمان ساعة."
نظرت له يارا قائلة:
_"ماشي، إحنا جاهزين."
________
داخل الطائرة، كانت الهمسات تتناثر بين الأفراد الذين بدأوا في التجهيز للمغادرة. همسات قاسم تحمل القلق، وهمسات جميلة تتنقل بين الدعابات.
على متن الطائرة، كان الجو مليئًا بالتوتر، رغم الضحكات التي تحاول أن تخفف من حدة الموقف.
لكن يارا لم تتحمل هذا الضجيج الذي كان بينهم:
_"لا، دا أنتوا الإزعاج يتكسف منكم أنا قايمة."
ابتسمت جميلة مازحة:
_"أحسن يا شيخة، امشي."
غمزت يارا بعينها:
_"يا بت هعورك."
راقبتهم جنات بابتسامة خفيفة، قالت بلطف:
/ "صلوا على النبي."
يارا:
_"عليه الصلاة والسلام، أنا ماشيه."
_______
على مقعده، كان عمار ينظر إليها بصمت، حين اقتربت منه، ليبدأ حديث غير متوقع :
_ "أحم أحم، ممكن أقعد؟"
عمار: _"طبعًا اقعدي."
يارا، بعينين مليئتين بالتعب:
_"مش عارفة أقولك إيه، أنت رحمتني من داوشه قد كده."
ابتسم ببرود:
_ "وجاية بقى تعمليلي أنا داوشه صح؟"
تحركت قليلاً وهمت بنغادرة المقعد:
_"طب، أنا هروح أشوف حتة تانية أقعد فيها."
كان قد شعر بنوع من الارتياح لوجودها بجانبه، أمسك معصمها قائلاً:
_"بتتقمصي؟ انتِ بسرعة اقعدي.
دي هتبقى أحلى داوشه يا جدع."
ابتسمت بعفوية وهي تجلس براحة :
_" قعدنا أهو يا جدع."
راقب عمار تلك الابتسامة التي أثرت قلبه فسألها :
_ "مبسوطة؟"
أجابته وهي تنظر له مستغربه :
_ "مبسوطة ازاي يعني؟"
عمار:
_ "يعني مبسوطة واحنا مع بعض... كلنا يعني."
فركت يدها بتوتر قائلة بعدما فهمت مغزى حديثه :
_ "لو بتتكلم عننا كلنا، فآه مبسوطة بجد حاجة حلوة وانت مع عيلتك التانية."
ثم أخذت نفسًا عميقًا وواصلت:
_ "أما لو قصدك أني مبسوطة وأنا معاك، فبرضو ببقى مبسوطة ومطمنة."
ثم تركته ورحلت لتجلس بجوار شقيقتها وجميلة مجددًا محاولةً تجنب المزيد من الأسئلة. ولكنه هو لم يصمت فكانت دهشته وقعت عليه وجعلت جميع حواسه غير مصدقه ما قالته الآن اتشعر بالفرحة والاطمئنان وهو جوارها ! هل قال هذا؟!
_"خدي طيب هفهمك تعالي نتكلم."
لكنها لم تهتم ، رقبت جميلة وجه صديقتها فقالت بقلق :
_"مالك يا بت، في إيه؟"
حاولت أن تبتسم:
_"مالي، ما أنا كويسة أهو.... مالي يعني."
اشارت جميلة بعينيها بعيدًا بالأخص على مقعد شقيقها ثم هتفت :
_ "أنت كنتِ فين؟"
غيرت يارا الحديث قائلة بتوتر :
_"كنت في الحمام وبعدين هو تحقيق ولا إيه؟ ما تقولي حاجه يا جومانا دافعي عن أختك."
كانت جالسة بجوارهم، بجسدها فقط لكن عقلها وقلبها لم يكنا معاها أو معهم فقط كان معه هو ، نظرت إليهن بحزن:
_"والنبي، سبوني في حالي."
يارا، وهي تقترب منها:
_ "قومي كده يا جميلة، هتيني جنبها."
جلست يارا بجوار شقيقتها، وأخذت تنظر إليها بحنان، وقالت لها بصوت هادئ:
_"مالك؟ في إيه؟"
تجنبت النظر إليها، أخيرًا قالت بحزن:
_ "مفيش متوترة شوية."
قد فهمت ما تمر به:
_ "علشان ماما وبابا وكده؟"
_ "لا، علش... آه، أنا يعني متوترة."
حاولت التخفيف عنها:
_ "جومانا، قوليلي مالك بجد، في إيه؟"
جومانا بحزن:
_"طب ممكن لما نروح ونبقى لوحدنا، وأنا أوعدك هقولك."
احتضنتها يارا بحب، وقالت:
_ "طب أهدى، مفيش حاجة."
____________________
بينما في مقعدين أخرين ، كان مصطفى يقترب من باسل، عينيه تحملان نظرة جدية:
_"باسل."
رد عليه الأخر بعدما خرج من زوبعه أفكاره:
_ "نعم في إيه ؟."
أجابه بدون كثرة حديث :
_"جوزني اختك."
ابتسم بسخرية فهو كان يعلم أنه سيأتي اليوم الذي يطلب به مصطفى يده شقيقته ولكن الأخر كان يكابر والآن ماذا!
تنفس باسل براحة لكنه أضاف مازحًا:
_"تتجوز مين يالا إنت؟"
_ "أنا جيت قولتلك علشان أنا خلاص مش قادر."
ضحك الآخر وهو يرى تلهف صديقه لكنه أردف :
_"طب نوصل وأنا هتكلم معاها."
_"طب والنبى ما تتقل عليا وشغل ده."
باسل، وهو يرمي عليه نظرة حادة، جعلت مصطفى يتراجع قليلاً:
_ "أنت هتموتني ولا إيه؟ خليها تخلل جمبك الجواز على إللي عايزه"
________________
كان قاسم، يجلس بجوار نافذة الطائرة، يسترجع ذكريات الماضي، تلك الذكريات التي كانت مليئة بالحزن والألم.
في ذهنه، كانت صور خديجة تتجدد أمامه، يتذكر ابتسامتها، وسعادتها، ولحظات الحب التي عاشها معها. لكنه لم يكن يعلم أن القدر كان قد خطط لمفاجأة لم يكن يتوقعها.
قاسم:
_ "لا يا بني هنسافر الصبح."
عمار وهو يوجه له سؤالًا:
_ "هتروحوا فين؟"
ابتسم قاسم قائلاً :
_"قعدت أقولها نروح أمريكا قالتلي لا، عايزة شرم الشيخ حسستني إنها مولودة فيها."
خديجة التي كانت تجلس بجوارهم، قالت بابتسامة: "الله، نفسي أروحها."
نور، بابتسامة مرحة:
_"انت تروحي المكان اللي انتِ عايزاه، يا عروسة."
احتضنتها خديجة بقوة وهمست لها :
_ "ربنا يخليكِ ليّا يا نور."
ضحك قاسم وهو يمد يده لخديجة قائلاً:
_"يلا علشان نلحق ننام علشان نعرف نصحى ."
نظرت له خديجة باستغراب لكنه لم يعطيها فرصة كبيرة حيث حملها بين ذراعيه واتجه بها إلى غرفتهم في الفندق، وسط ضحكات نور التي تمتمت:
_"مجنون وربنا."
ضحكت سامية وقالت:
_"ملكِيش دعوة إنتِ أبعدي عينك عنهم."
في الأعلى، وضعها قاسم برفق على الأرض، ثم اقترب منها وهو يبتسم، قالت خديجة بخجل:
_"أنا بقول ننام علشان بكرة مسافرين شفت بقى."
أخذها قاسم إلى السرير بلطف وهو يغمض عينيه يشهر بالتعب فقال:
_"وأنا بقول كده برضو."
ضحكت خديجة وهي تنظر إلى فستان الزفاف الذي مازالت مرتديه إياه:
_"طب نغير هدومنا وننام."
رد قاسم بمكر:
_"نامي أحسنلك يا خديجة."
_"أنا نمت أصلًا.
في صباح اليوم التالي، في سيارة قاسم الذي كان يقودها هو وهي نائمة في المقعد جواره لكن هذه المرة لم تكن تستند على النافذة بل سندت رأسها على كتفيه نظر قاسم لها وابتسم وهو يمسك يدها ،إنتهت تلك الأغنية التي كان يصدر صوتها في العربية لتأتي ما بعدها
*إللي تعبك بكرة يهون
واللي ظلمك هييجي يوم
تبكي عليه، ومين يواسيه
زي ما بكيت عليه
اللي نسيك بكرة يفتكرك
ويعيش حياة من غير فرح
ويفهم خلاص، قد إيه خسرك
لما تهون عليه
وأنا قلبي عليك، وخايف عليك
من كتر حزنك تنسى فرحتك
قوم، امسح دموعك، وارمي وجعك
بُكرة الجاي يكون معاك*
نظرت خديجة له قائلة:
_"إيه بقى دا إن شاء الله ؟ يعني نمت شوية أصحى اللقي الأغنية دي ! ليه رايحين نقدي أخر يوم في عمرنا ! ما تغير."
ضحك قاسم بخفوت، ووضع يده الشاشة يبدل تلك الأغنية بواحدة أخرى قائلًا:
_"بعد الشر عنك ،الأغنية وهنغيرها هي كده كده أشتغلت بالصدفة بس ليه نقول كده على نفسنا ."
بينما عدلت خديجة جلستها وملامحها عابسة صدر صوت أغنية جديدة، نغماتها خفيفة ومبهجة، وصوت عمرو دياب يملأ العربية:
_"ده حلو المكان.. وأنا وياك حلوة الأيام..."
اتسعت عيون خديجة بدهشة خفيفة، ولم تستطع منع ذاتها من الضحك وهي تميل عليه بخفة :
_"أهو كده ، نستمتع بيومين قبل ما تبص لغيري ونرجع نندب ."
ضحك قاسم وهو يشد يدها بلطافة أكثر،
وقاد السيارة وسط ضحكتهم التي كانت تتمايل مع صوت الأغنية، كأنهم بمفردهم في هذا العالم .
وبعد وقت قد مر عليهم الآن هما يرتبون أشياءهم في الغرفة ،إنتهت خديجة ثم جلست على الفراش تتثاءب:
_"ننام بقى."
ضحك قاسم وهو يرد:
_"ده في أحلامك! إحنا هننزل البحر... يلا البسي."
خديجة بخوف خفيف:
_"حاضر، هلبس... بس ما تقربش كده الله."
قبلها قاسم من جبينها وقال برقة:
_"أنا مستنيكي بره."
بدلت خديجة ملابسها وارتدت مايوه شرعي، ثم خرجت إليه قائلة بحماس:
_"يلا."
ابتسم قاسم وقال:
_"يلا بينا."
بعد وقتٍ حيث جلسا الأثنين على رمال ذلك الشاطئ فقالت هي بملل:
_"لا مهو انت مش هتفضل قاعد كده... يلا ننزل أنا زهقانة."
قاسم وهو يراقبها بضحكة خفيفة:
_"عايزة تنزلي صح؟"
هزت رأسها بسرعة:
_"صح."
ابتسم بخبث:
_"طب اجري بقى علشان لو مسكتك هغرقك."
أخذت تركض أمامه وهي تضحك، والرياح تداعب شعرها وتلعب . كانت تلتفت له بين لحظة وأخرى بعينين مليئتين بالحياة.
ركض خلفها، ضاحكًا كطفل تائه في فرحته، حتى لحق بها، حملها بين ذراعيه، ودون تفكير، غاص بها وسط المياه الدافئة.
تعلقت خديجة برقبته وضحكت ضحكة عالية صافية، كأنها عزفت موسيقى خاصة بين أمواج البحر، بينما قاسم كان يدور بها ببطء وكأنه يحتضن العالم كله بين ذراعيه.
أخذا يسبحان معًا، يملؤهما إحساس غامر بالحرية... حتى فجأة...
قطع اللحظة صوت خشن وأيادٍ غليظة أمسكت بقاسم فجأة من الخلف وكتفته بإحكام، بينما يدٌ أخرى قوية جذبت خديجة بعيدًا عنه.
ارتجف قلب قاسم بعنف، حاول تحرر ذاته وهو يصرخ:
_"انتوا مين؟! سبوها! سبوها وخدوني! خدوني أنا!"
بكت خديجة بحرقة وهي تحاول تفلت من قبضة الرجل الغريب، دموعها امتزجت بملوحة البحر، وصوتها الموجوع كان يمزق قلب قاسم:
_"الحقني يا قاسم! بالله عليك الحقني!"
كافح قاسم بكل قوته، دموع الغضب تملأ عينيه وهو بيزوم كالأسد المجروح:
_"متخافيش .... أنا معاكي... مش هسيبك ...خديجة!"
لكن فجأة...
أخرج الشخص الذي كان ممسكًا بها سكين لامع تحت نور الشمس، وقبل أن يتحرك قاسم من يدهم ليلحق بها،
شق هذا الرجل عنقها بحركة واحدة سريعة.
صرخة خديجة انقطعت...
نظرتها الأخيرة كانت مليئة رجاء، خوف، حب... ثم خبت.
شعر قاسم بجسده ينهار أمامه عينيه لم تتوقف عن البكاء وكان الأقوى هو بكاء ونزيف قلبه ، شعر بضربة قوية على رأسه، وكل شيء من حوله أصبح أسودًا .
سقط قاسم مغشيًا عليه، بينما دم خديجة سال في البحر... امتزج بمائه، وصبغ الموج بلون الألم.
ظل جسدها ساكنًا بين الأمواج، كزهرة بيضاء ذابلة.
وغابت خديجة...
وغابت معاها آخر ضحكة، وآخر أمل كان عايش بيه قاسم.
في تلك اللحظة، شعر قاسم بمعنى تلك الكلمة التي قالها لها وهو يمزح :
_"هغرقك..."
ولكن هذه المرى ، قد خطفها البحر من حضنه، للأبد.
كانت "خديجة" حورية بحر...
ولكن لم تكن كالحورية التي نروي قصصها للأطفال....
كانت حورية غرقت في دموع عاشقها قبل أن يأخذها الموت منه .
___
فاق قاسم من ذلك البحر الخاص بذكرياته المؤلمة وهو يمسح دموعه التي لم تجف فحدث ذاته بوجع:
_"وحشاني أوي... كل ما أفتكر شكلك، بحس إني عايز أموت نفسي...... بس لو مَوتت نفسي، مش هشوفك... وإنتِ أكيد في الجنة."
غفا قاسم وهو مازال بفكر بها .....فبدأ عقله وأحلامه بخلق عالم لهم وربما تكن روحها ....
وجد نفسه يركض في مكانٍ واسع، تحيط به طيور كثيرة وبحر لا نهاية له.
سمع صوتهـا... صوتها الذي يعرفه جيدًا.
خديجة تناديه:
_"يا قاسم... قاسم!"
أخذ يبحث عنها بعينيه في كل اتجاه...
لم يرَ أحدًا، حتى نظر إلى سطح الماء، فرآها تخرج بفستانها الأبيض الطويل، وشعرها الأسود المنسدل، ولكن على رقبتها جرح ينزف بضع قطرات دماء.
أسرع نحوها واحتضنها بشدة قائلاً:
_"أوعي تنزلي البحر تاني... فاهمة؟"
ابتسمت خديجة وهي تشير بيدها تجاه فتاة تجلس على أرجوحة بجوار الشاطئ :
_"حاضر... ما أنت كنت قاعد مع البنت اللي هناك دي."
أردف قاسم مسرعًا وهو ينظر إلى تلك الفتاة يتحقق من ملامح وجهها فما كانت إلا جومانا :
_"خلاص، مش هقعد معاها تاني... بس تفضلي معايا."
هزت خديجة كتفها وقالت بحزن:
_"مش هينفع أبقى معاك تاني... بس هي هتعوضك. شايف بتبص عليك إزاي؟ بتحبك على فكرة، وهتعوضك عني. بس متنسانيش، ماشي؟"
نظر قاسم إلى جومانا، ثم عاد لينظر لخديجة.
مرة أخرى نظراته تملأها الحب ،والفقد ،والخوف يشعر أنه لا يريد تركها لا يريد غيرها ولا يريد رحيلها مجددًا أرتمى بين أحضانها للمرة الأخيرة ونظره مازال معلق بجرح رقبتها ابتسمت له وهي تقول :
_"مش بيوجع متخفش."
قال بصوت مخنوق:
_"أنا مش عايز أسيبك وأروح لغيرك بس مدام إنتِ عايزه كده أنا هعمل أي حاجة علشانك ........ بس أوعديني تيجيلي تاني."
ابتسمت خديجة بحزن:
_"هحاول... بس يلا الحقها، هتمشي من على المرجيحة."
ركض قاسم باتجاه جومانا، واحتضنها من الخلف.
أما خديجة، فوقفت للحظة، نظرت لهما نظرة وداع أخيرة، ثم تمتمت:
_"هتوحشني أوي يا قاسم ... بس لازم تبدأ حياة جديدة مع اللي بتحبها."
ثم عادت تمشي نحو البحر، واختفت بفستانها الأبيض الجميل داخل الموج.
___________________
في الواقع...
كان صوت آدم وخالد يعلو بالغناء في الطائرة:
_"مصاحبش فرافير... حتى لو راكبين فيراري
أنا صاحب التقدير... حتى لو هركب أتاري
أتاري الدنيا أتاري... مش حلوة زي اللي في بالي
مش كل اللي تشوفه غالي... مش هقدر بس غير إخواتي."
ثم أخذوا يشيرون بأيديهم إلى الجالسين معهم مرددين بحماس:
_"إخواتي... إخواتي... إخواتي..."
استيقظ قاسم على أصواتهم وهو يحاول استيعاب ما رآه في حلمه......نظر إليهم بتعب شديد كمن كان يقاتل في منامه.
سأل قاسم بوجه مرهق:
_"مالهم دول؟"
رد مراد ضاحكًا:
_"كهربا زيادة."
قال عمار وهو يضحك:
_"ما تقعدوا بقى."
رد آدم:
_"الحق علينا... عايزين نبسطكم."
قال جاسر ببرود:
_"اقعد ياض."
ضحك خالد بخوف:
_"ما هو لو مكنتش تحلف بس يا أبو نسب!"
همست جميلة لجنات:
_"مبيجيش غير بالعين الحمرا."
ردت جنات وهي تضحك:
_"والله عندك حق."
بعد فترة من المرح، توقفت الطائرة في مطار القاهرة، ونزلوا جميعًا.
قال مراد لجاسر:
_"هنتقابل بكره في المقر... وبعدها كتب كتابك؟!"
رد جاسر وهو يحك ذقنه:
_"لا مفيش كتب كتاب دلوقتي."
استغرب خالد وقال:
_"وده ليه بقى إن شاء الله؟"
أجاب جاسر بهدوء:
_"أختك عايزاه في العيد الكبير."
ضحك عمار وقال:
_"عادي يا عم، فرصة نلحق نجهز."
قال خالد:
_"صح... وأنت تقول لعيلتك تنزل ولا إيه؟"
جاسر:
_"أيوه، فرصة حلوة فعلا."
قال خالد بحماس:
_"طب يلا نلحق نستريح."
رد مراد:
_"أنا بقول كده برضو... يلا يا باسل معايا."
قال باسل:
"أيوه، أنا كمان عايز أشوف والدك... وبعدين هاخد أمي وشيري ونروح شقتي بتاعتي."
ضحك مراد:
_"إيه إللي إنتَ بتقوله دا ؟! إنتَ يا بني تنورنا."
قالت جميلة لجنات:
_"إنتِ هتقعدي معايا."
أومأت جنات بابتسامة خفيفة:
_"هي فترة صغيرة بس... لحين خالد يجدلي شغل إن شاء الله."
ضحكت جميلة وسحبتها:
_"تعالي بس يا هبلة."
قالت يارا بحزن:
_"هتوحشوني يا بنات."
أضافت رهف بحماس:
_"المهمات الجاية كتير بينا."
احتضنوا بعضهم البعض.
قالت شيري وهي تبتعد:
_"يلا، باسل بينده علينا."
هتفت جومانا:
_"يلا."
___
اقترب عمار من جميلة وقال بلطف:
_"مش يلا؟"
ردت جميلة وهي تشير لجنات:
_"يلا يا جنات."
همس عمار بجوار يارا، دون أن يلحظه أحد:
_"هتوحشيني."
نظرت له من أعلى ثم إلى أسفل ولم ترد عليه بل تجاهلته ورحلت إلى شقيقها لكن قلبها لم يكن كعينيها أو جسدها كانت ترفرف من الداخل عندما قالها لكن لن تظهر له هذا .
ابتسم عمار وهو يراها ترحل دون أن تتحدث معه تنهد بقوة ثم الرحل .....
---
تفرق الجميع متجهين إلى بيوتهم.
---
في بيت صالح الألفي...
وسط حديقة القصر، نسمات باردة شعرت بها سهام ،التي كانت متوترة للغاية.
كانت عيونها تلمع من الخوف، فشدت طرف شالها بين أصابعها بتوتر واضح.
التفتت نحو باسل وهمست بصوت مرتعش:
_"باسل..."
رفع باسل نظره إليها، وكانت ملامحه متحفزة:
_"نعم يا ماما؟"
قالت وهي تطرق بعينيها إلى الأرض:
_"أنا مش عايزة أدخل... عايزة أمشي."
اقترب باسل منها أكثر، وصوته حمل دفئًا وحزمًا في آنٍ واحد:
_"معلش... لازم يعرف كل حاجة، ولازم تقولي اللي عندك علشان الليلة دي تخلص."
تنهدت سهام تنهيدة طويلة وكأنها تحاول دفع ثقل فوق صدرها، وقالت بصوت أقرب للبكاء:
_"أنا مش مطمئنة."
ابتسم باسل ابتسامة خفيفة، ومد يده وربت على كتفها ليطمئنها:
_"لا... اطمني. أنا معاكي."
في تلك اللحظة، قطع مراد السكون وهو يقترب بخطوات سريعة، وعينيه تراقبانهم بقلق:
_"مش يلا يا باسل؟ في حاجة؟"
هز باسل رأسه بسرعة ونظر لمراد بابتسامة مصطنعة:
_"لا مفيش."
---
في الخارج...
وقفت يارا بالقرب من البوابة، تمسك بيد جومانا بحماس، وهمست لها مبتسمة:
_"خليكي هنا يا جومانا، عايزين نفاجئهم."
لكن جومانا لم تكن تتابعها...
كانت عيناها تائهتين في الحديقة، تتأمل أشجارها القديمة، وتستنشق عبير الورد الذي كانت تشمه وهي طفلة صغيرة تركض وسط هذا المكان.
كل حجر، كل زاوية... كانت تلمس قلبها وتعيدها سنين للوراء.
اقترب منها مراد، صوته يحمل خليطًا من القلق والحنان:
_"في إيه يا جومانا؟"
هزت رأسها وهي تبتسم ابتسامة باهتة، تمتلئ بالحنين:
_"مممم... مفيش، بس افتكرت حاجة كده."
وضع مراد يده على كتفها بلطف وربت عليه، قائلا:
_"طب خليكي هنا شوية، إحنا هندخل."
أومأت جومانا برأسها، وكأنها تحاول الإمساك بالذكريات قبل أن تتلاشى:
_"حاضر."
___
دخلوا جميعًا إلى الفيلا، وكانت رائحة القهوة تعبق الجو، ممزوجة بلمسة حنين قديم.
وجدوا صالح وسارة يجلسان بهدوء، وكأنهما ينتظران شيئًا دون أن يعلما ماذا.
سارة، وهي تقف مذهولة لما رأته، قالت باندهاش:
_"ايه دا... مقولتوش يعني إنكم جايين... انت معاك ضيوف!"
ابتسم مراد وهو يقبل يدها برقة وقال:
_"معايا ضيوف... ومعايا مفاجأة كمان."
تقدمت يارا بخطوات متلهفة وعانقت والدها قائلة:
_"وحشني يا بابا..."
ابتسم صالح، واحتضنها بحنان ظهر في عينيه قبل ذراعيه، ثم قال وهو يضحك بنية المداعبة:
_"وأنت كمان... ايه المفاجأة، أخوكي هيتجوز البت اللي هناك ديه ونخلص منه!"
وأشار بعينيه إلى شيري التي كانت تقف جوار شقيقها بحرج .
ضحكت يارا وهي تهز رأسها:
_"لا يا بابا... حاجة أحلى بكتير."
في تلك اللحظة ،تقدمت سارة بابتسامة لطيفة بإتجاه الضيوف الذين وقفوا خلف مراد لتضايفهم ،ولكن حينما رأت من هذه التي تقف تجمدت مكانها كأن الزمن وقف للحظة وهي تراجع تلك الذكريات القديمة فهتفت بصوتٍ مختنق:
_"سهام!!!"
تبدلت ملامح سارة تمامًا، وشحب وجهها واتسعت أعيونها بدهشة وألم .
حاول صالح، كسر ذلك التوتر فقال وهو يشير لهم بيدها ويجذب زوجته تجاهه باليد الآخرى يحاول أن يهدأ من روعها:
_" اتفضلوا اقعدوا."
شعر باسل بكهرباء قد شحنت الهواء ،فقال متسائلًا باحترام ولكن عقله لم يستوعب:
_"هو حضرتك تعرفي أمي؟"
حاولت سارة أن تبتلع تلك الصدمة فقالت بصوتٍ مبحوح :
_"أيوه... أعرفها... إنتِ إيه اللي جابك هنا؟"
أردف مراد الذي لم يكن يفهم شيء :
_"أنا مش فاهم إيه اللي بيحصل."
نظرت يارا إلى أمها وأمسكت يدها قائلة بحماسٍ:
_"المفاجأة اللي عايزينكوا تعرفوها هي أن..."
قبل أن تكمل ، قطع كلامها صوتٍ مألوف للبعض...
كانت جومانا دلفت بخطوات بطيئة وعينيها مليئة بالدموع فقالت:
_"إن أنا... عايشة."
شهقت سارة وتجمعت الدموع في عينيها :
_"جومانا!"
انهارت سارة على أقرب أريكة، وهي مازالت في صدمتها ،أما جومانا كانت دموعها تنزف من أعينيها وقلبها يصرخ هل ستشعر اليوم بحنان الأب الذي حُرمت منه طيل حياتها .
أما صالح فنهض بسرعة، وكأن قلبه التقط نبض الحياة من جديد.
اقترب منها بخطوات مرتعشة، ثم احتضنها بشوق الأب الذي فقد روحه، وعادت إليه أخيرًا.
كان يحتضنها بقوة، كأنه يريد أن يدمجها في جسده، أن يمحو كل السنوات التي ضاعت بعيدًا.
جومانا انفجرت في بكاء موجوع، بكاء الطفلة التي تاهت أخيرًا عن الخوف، وعادت إلى الأمان:
_"إنت حقيقي؟ يعني مكنش حلم؟ أنا كنت بشوفكوا كتير أوي... بس كنت بقول حلم... حلم هصحى منه!
هتعوضني يا بابا عن اللي شوفته؟"
شدّها صالح إلى صدره أكثر، مسح دموعها، وقبّل مقدمة رأسها كأنها قطعة من روحه:
_"هعوضك... هعوضك يا روح قلب بابا... عن كل لحظة وجع وكل دمعة نزلت من غيرنا."
أمسك يدها، وجذبها لتجلس بجوار سارة التي كانت تحدّق فيها بصمت مطلق، تتأمل ملامحها، تخاف أن تكون خدعة أو خيالاً.
اقترب صالح من سارة، وصوته متهدج:
_"سارة... انتِ كويسة؟"
إنسابت الدموع على وجنتيها دون توقف، همست بصوت مرتجف:
_"خايفة... خايفة يكون حلم حلو وهصحى منه."
شدّ صالح يديها وهمس مطمئنًا:
_"بس دا مش حلم... بنتك عايشة ومعاكي... لحِقناها قبل ما تضيع أكتر من كده."
اقتربت جومانا من أمها، وجلست بجوارها، ثم رمت رأسها على كتفها، تحتضنها بكل ما فيها من وجع وحرمان:
_"كان نفسي... أعيش وأتربى في حضنك."
ضمّتها سارة بقوة، ويدها ترتجف على ظهرها، وهمست والدموع تخنق صوتها:
_"حضني مفتوح ليكي يا حبيبتي... طول عمري كان مفتوح ليكي... بس الدنيا حرمتني منك."
ربّتت على كتفها، وكأنها تحاول طمأنتها، أو ربما طمأنة قلبها الذي عانى فراقها طويلًا.
وفي الجهة الأخرى، كانت يارا تمسح دموعها بطرف كمّها، وابتسامة حزينة على شفتيها.
قالت وهي تلتفت إلى مراد:
_"مراد..."
ردّ عليها بصوت خافت:
_"أممم؟"
قالت وهي تبتسم رغم دموعها:
"هما قلبوها 'لن أعيش في جلباب أبي' ولا إيه؟"
ضحك مراد رغم اختناق صوته بالعاطفة:
_"اسكتي بقى..."
همست يارا، ودموعها تهبط بهدوء:
_"أنا عايزة أعيط..."
ردّ عليها مراد بلطف:
_"هو أنا ماسكك ما تعيطي ... عيّطي براحتك."
ضحكت وسط بكائها، فربت مراد على كتفها:
_"انتِ مجنونة... دي دموع الفرح يا مجنونة."
قال باسل بجدية وهو يتوجّه نحو صالح:
_"عمي... أنا آسف إني بتكلم في وقت زي دا بس في حاجات كتير لازم تتقال... وأكيد حضرتك محتاج تفهمها."
نظر إليه صالح بنظرة قلقة، وقال:
٠_"عايز تقول إيه؟"
أخذ باسل نفسًا عميقًا، وحدّق في عينيه بثبات:
_"جومانا... كانت مخطوفة. والشخص اللي خطفها... كان عايز يأذيك إنت بالذات."
شدّ صالح على شفتيه، يحاول منع نفسه من الانفجار، ثم قال:
_"ممكن توضح أكتر؟... مين الشخص اللي تقصده؟"
أجاب باسل بنبرة باردة، ولكنها دامية:
_"حضرتك تعرف شخص اسمه حسن العلايلي؟"
سكتت الغرفة... وكأن الزمن توقف.
نظرت سارة إلى صالح بذهول، أما صالح فقد شحب وجهه تمامًا، وصوته خرج :
_"... أيوه... أعرفه."
قال باسل دون تردّد:
_"أنا ابنه... وهو اللي خطفها."
شهقت سارة والتفتت إلى سهام، التي كانت جالسه على الأريكة، ملامحها باهتة، والدموع تنهمر بلا توقف.
صرخت سارة بقهر:
_"إنتِ يا سهام!... تعملي كده فيا ليه؟!"
أجابت سهام بصوت مكسور:
_"غصب عني... كان ممكن يموتني ويموتها... يعلم ربنا إني كنت بعملها زي عيالي وأكتر... كنت بخاف عليها زي بنتي..."
صرخت سارة مجددًا:
_"دا مش مبرر يا سهام!"
تقدّم باسل وقال بنبرة هادئة لكنها حازمة:
_"واضح إن في قصة قديمة... وكل حاجة حصلت بسببها... وأنا لازم أعرفها."
تنهد صالح، وهو ينظر إليه :
_"بص يا باسل... شكلك مش زي أبوك خالص."
أجابه باسل، وصوته مفعم بالغصة:
_"أنا أبويا... باعتبرو مات... بعد اللي عمله فينا ،انا واخواتي حتى لو هي مش أختي من أمي بس هتفضل أختي اللي اتربت معايا ."
نظر صالح إلى الأرض، وعيناه تلمعان بذكريات دفنت منذ سنوات:
_"زمان... كان فيه حاجات... حاجات كتير لازم تتقال."
بدأ يقص صالح عليهم ما حدث في هذا اليوم ..
وقف والد سارة غاضبًا، ووجهه يتلوّن من الانفعال، وهو يصرخ في وجه حسن:
_"وأنا استحالة أجوزك بنتي يا حسن! مش إنتَ ابن عمها؟ أنا مش هجوزها لك وكلامي وقدّام أبوك كمان."
اقترب حسن منه، ملامحه قاسية وصوته منخفض ولكنه يحمل تهديدًا واضحًا:
_"يبقى مش هتتهني في حياتها، لا معاه ولا مع غيره."
نظر له والد سارة باحتقار:
_"أنت بتهددني؟ طب اسمع، كلامي فوق كلامك! فرح سارة على صالح الخميس الجاي."
هتف حسن بعصبية:
_"هتجوزها للعايز يحبّس ابن أخوك؟!"
صرخ والد سارة، وقد احتقن وجهه بالغضب:
_"أيوه! وأنا وإنت عارفين هو عايز يحبسك ليه. بدل ما بتقاوح في الغلط، توب! بص على اللي عايزاك فعلاً، سهام بنت خالتك بتحبك! وأنا بقولك، لو لمست شعرة من بنتي... أنا وهو هنقفلك، والمرّة..."
قاطعته نظرة التحدي في عيني حسن:
_"مش هتتجوز."
زمجر والد سارة:
_"أنا مخلصتش كلامي! المرة اللي فاتت أنا اللي خليته يطلعك من الحبس، المرة الجاية... أنا اللي هبلّغ عنك!"
---
كان صالح يتحدث بحزن:
_"اتجوزت أنا وهي فعلاً. وبعدها، أبوك كان بيعاندني في شغلي، وكان بيهرب مخدرات، فحبسته. وهرب فترة، لغاية ما القضية اتقفلت. دا كل اللي أعرفه. لما جومانا تعبت، أخدتها المستشفى... قالوا إنها حالة تسمم. ودفنتها أنا... بإيديا."
انخفضت نظرة باسل نحو الأرض، ثم تحرك نحو والدته، وركع أمامها، ينظر في عينيها بمرارة:
_"عاجبك اللي عمله فينا؟ كان هيموتنا... تعبهم.. تعب قربتك. لو تعرفي عمل إيه، اتكلمي... لو سمحتي."
ذرفت سهام دموعها، صوتها مكسور:
_"أنا فعلاً حبيته... وحبيته أوي كمان. كان نفسي يتغير... أو حتى يبصلي. أنا كنت بغير منك إنه بيحبك إنت وأنا لا."
تنهدت واستكملت:
_"ولما خرج من السجن، رجع، وأبوه ضغط عليه يتجوزني... واتجوزته. قلت يمكن الحب ييجي بعد الجواز... وإنه اتغير فعلاً. بعدها... سافرنا أمريكا. كنت مبسوطة وأنا معاه. بنينا شركة... وحبني فعلاً. وجبت باسل."
تغيرت نبرة صوتها فجأة وهي تتذكر:
_"بعد فترة، دخل عليا ببنت... وقال لي إنه لقاها في مصر وصعبت عليه فجابها. ساعتها سألته إيه اللي نزلك مصر؟ واتخانقنا... وفي يوم سمعته بيتكلم في التليفون."
كان حسن يتحدث في الهاتف بنبرة شيطانية:
_"لا، التربي... اديله فلوس، ولو عصلج معاك، اقتله! والدكتورة خلاص مش هتقدر تتكلم. أنا عايز أقهر قلبه... زي ما حبسني وضيع سنين من عمري."
أغلق الهاتف، ليتفاجأ بسهام واقفة خلفه، عيناها مشتعلة بالغضب.
صرخت:
_"خطفت بنته يا حسن! مش قادر تفهم إنه بيحبها وبيحب عياله؟! دا أنا حبيتك إنت... وانت بردو مصمم عليها هي؟! طلقني يا حسن!"
أجابها وهو يحاول تلطيف الموقف بكذب واضح:
_"افهمي... أنا عايز أنتقم منه علشان حبسني وبوّظلي شغلي... مش أكتر."
ثم تمادى في كذبه:
_"بس والله العظيم قلبي بيحن ليكي إنت."
نظرت له بحدة:
_"يبقى ترجع البنت لأهلها."
صرخ وهو يهزّ يده بعنف:
_"مش هينفع! خلاص، هي ماتت بالنسبة ليهم! إنتِ هتربيها مع باسل واللي جاي في السكة. بس عارفة؟ لو في كلام طلع بره الأوضة دي... أنا هعمل إيه؟! هقتلها بجد... ومش هيهمني!"
كانت سهام تبكي بحرقة، وصوتها مختنق:
_"والله... أنا كنت خايفة عليها... وعلى عيالي.
سامحيني يا سارة."
نظرت سارة إليها بعينين دامعتين:
_"اللي حصل مش سهل علشان أسمحك، يا سهام."
اقترب صالح، يحاول احتواء الموقف:
_"خلاص يا سارة... هي دلوقتي محتاجة مساعدتنا.
ودي مهما كانت... قريبتك."
قال باسل بإصرار:
_"عمي... أنا عايز القضية بتاعته تتفتح تاني."
رد صالح وقد بدا عليه الإرهاق:
_"أنا خلاص استقلت يا باسل."
ابتسم باسل بخفة رغم التوتر:
_"أنا عارف. أنا ومراد هنساعدك. وإنت قولنا القضية كان فيها إيه. أنا معايا ورق يوديه في ستين داهية... ده غير إنه حاول كذا مرة يقتل جومانا... ويأذينا."
تنهد صالح:
_"طب... هحاول أساعدكم. بس استريحوا، أنتو لسه راجعين من السفر."
_"أنا هاخد أمي وأختي وهمشي جبت بيت صغير على قدنا بس اسمحلنا نيجي نشوف جومانا... هي أختي، حتى لو حصل أي حاجة."
ربت صالح على كتفه:
_"أنا بيتي مفتوح ليك في أي وقت.
أنا معتبرك زي مراد بالضبط."
ضحك مراد وهو يحتضن باسل:
_"خليك يا باسل قاعد معانا."
هز باسل رأسه بلطف:
_"معلش... علشان أمي وأختي يكونوا مرتاحين.
وأكيد هنتجمع."
احتضنه مراد بقوة:
_"أكيد يا صاحبي. متنساش... بكرة في المقر."
_"إن شاء الله."
اقتربت جومانا من باسل واحتضنته:
_"اقعد معايا يا باسل."
ابتسم وهو يلمس شعرها بحنان:
_"هبقى معاكي على طول... بس إنتِ محتاجة تقعدي مع الناس اللي اتحرمتي منهم. وفي شغل... هنبقى مع بعض. ومش هسيبك، والله. وهجيلك كمان."
قالت بصوت مكسور:
_"ربنا يخليك ليا يا باسل."
قفزت شيري ضاحكة:
_"وأنا؟ مش هتحضنيني؟!"
ضحكت جومانا:
_"طبعًا هحضنك!"
ثم احتضنتها وهمست في أذنها:
_"هتوحشيني... على فكرة، مصطفى بيحبك بجد... وإنتِ كمان بتحبيه."
شهقت شيري بدهشة:
_"إنتِ كنتِ عارفة؟!"
_"باين عليكي."
ثم تقدّمت جومانا نحو سهام، واحتضنتها بحرارة:
_"أنا مسامحاكِ... إنتِ معملتيليش أي حاجة وحشة. وهخليها تسامحك، متخافيش."
ربّتت سهام على ظهرها:
_"هتيجي تزوريني... صح؟"
جومانا :
_"أكيد يا ماما. وهتفضلي ماما اللي ربّتني."
أخذهم باسل وغادر بهم.....
وقف مراد في منتصف الغرفة، وابتسم:
_"كل سنة وإنتو طيبين... العيد بكرة بس أحلى عيد هيمر علينا ."
ردّ الجميع بصوت واحد:
_"وإنت طيب."
ضحكت يارا:
_"لا بجد... هنروح المقر يوم العيد؟!"
ثم نظرت إلى والدتها وهمست:
_"متكلمي أخوكي يخليها بعدين..."
ضحكت سارة وهي تحتضن جومانا:
_"ماليش دعوة! روحوا إنتو... وسبولي جومانا في حضني."
_____________
في منزل خالد،
كانت سهر تقف في الشرفة، تضع آخر قطعة من الغسيل على الحبل، والشمس تداعب أطراف أصابعها. ما إن انتهت، حتى التقطت طبقًا بلاستيكيًا مملوءًا بالماء، وبدون أن تنظر للأسفل، ألقته للخارج.
اندفع الماء للأسفل، وسقط مباشرة على رأس جاسر.
_"اح! إيه دا؟!"
قالها جاسر وهو يرفع رأسه للسماء، ينفض الماء عن وجهه وملابسه.
فوقه، كانت سهر قد وضعت يدها على صدرها وبدأت تلطم على وجهها بطريقة عشوائية مضحكة.
انفجر خالد ضاحكًا من خلفه وقال:
_ "تعيش وتاخد غيرها، دي مغرقة الشارع كله."
رهف انضمت للضحك قائلة:
_"يا عيني يا بني، دا ربنا رزقك بقضاك المستعجل والله."
هرولت سهر إلى الداخل وكأنها ارتكبت جريمة.
_"في إيه يا بنتي؟ ولا كأنك عملة عملة! أوعي تكوني وقّعتي الميّة على حد تاني؟"
سألتها أمها، سماح، وهي تقطع طريقها نحوها.
_"متفكرينيش... دا هيطلع يرميني من البلكونة!"
_"هو مين دا؟ أوعي يكون جارنا اللي في التالت، والله لأبهدل هولك."
قالت سماح بعصبية.
_"يا ريت يا ماما ..."
_"اتنطقي يا سهر، مين؟"
صوت جاسر أتى من خلفها:
_"دا أنا يا حماتي."
صرخت سماح:
_"الله يسمحك يا بعيدة! كده تبهدلي الواد؟!"
رد جاسر مبتسمًا:
_"خلاص، حصل خير."
خرجت سهر من غرفتها بخطى خجولة، تتقدم منه وقالت:
_ "يعني مش هترميني من البلكونة؟"
رد ضاحكًا:
_"تؤ تؤ، هرميكي بس في حتة تانية... بس بعد الفطار حسابنا."
ابتلعت ريقها وهي تتجه إلى أخيها واحتضنته قائلة: _"يرضيك يمرمط قرمط؟"
كتم جاسر ضحكته، فتابع خالد وهو يضحك:
_"ما يمرمط قرمط انا مالي."
قالت رهف وهي تقفز لحضن سماح:
_"وحشاني يا ماما."
ردت سماح:
_"وإنتِ كمان يا روحي.
يلا ادخلوا ريحوا شوية وهصحيكم على الفطار."
خالد :
_"يلا يا جاسر، ندخل نريح."
جاسر:
_"يلا."
دخل الجميع، فيما ظلت سهر تهمس لرهف:
_ "احكيلي، عملتوا إيه في المهمة؟"
رهف بتعب:
_ "سيبيني بقى أنام، وحياة أبوكي."
سهر بإلحاح:
_"والنبي احكيلي."
رهف أغلقت عينيها وقالت:
_"اطفي النور بدل ما أروح أسخّن جاسر عليكي، كنتي شبه الفار المبلول قدامه."
صرخت سهر:
_"اتخمدي اتخمديييييي."
____________
في منزل قاسم،
استقبلته سامية، والدته، بلهفة:
_ "حمد الله على سلامتك يا حبيبي."
رد قاسم بنبرة حزينة:
_"الله يسلمك يا ماما."
سألته:
_"مالك يا حبيبي؟"
قال وهو يمر بجوارها:
_"مفيش، أنا عايز أنام بس."
ردت بحنان:
_"اطلع ريّح شوية، يا حبيبي."
توقف وسأل:
_ "فين نور؟"
_"في أوضتها ."
ذهب إلى غرفة أخته، وطرق الباب بلطف:
_"نوري، حبيبتي، ممكن أدخل؟"
صوتها انطلق من الداخل:
_"قاسم! وحشتني أوي... إنت تدخل وتقعد وتعمل اللي انت عايزه يا كبير."
دلف إليها واحتضنها، فقالت:
_ "أنا كنت بحترم نفسي وإنت مش هنا ومكنتش بنزل الشغل، بس خلاص... أنا هنزل."
قاسم وهو يجلس:
_"ماشي، ابقي اعملي اللي إنتِ عايزاه، بس بعقل."
ابتسمت وقالت:
_"حاضر."
_"كل سنة وإنتِ طيبة."
_"وإنت طيب يا رب. بقولك، أنا وماما رايحين العزبة بكرة مع خالتي هنقضي العيد هناك هتيجي معانا؟"
قاسم هز رأسه نافيًا:
_"لا، مش هينفع، عندي شغل بكرة."
نور باستغراب:
_"كده جميلة وعمار مش هييجوا؟"
_"أيوه، بس عمار كده كده مبيحبش يروح هناك... المهم، خلي بالك من نفسك. أنا رايح أنام."
>"ماشي."
---
في فيلا عمر العمري،
كان عمر يجلس في صالونه الفخم، حين سمع صوت خطواتهم.
_"أهو جبنا سيرة عيالك، أهو جم،"
قالها مبتسمًا.
جميلة قفزت عليه:
_"أخص عليك يا بابا، بقى أنا مش وحشاك؟"
ضمها وقال:
_"ده إنتِ أكتر حد وحشني."
أما عمار، فاقترب وهمس لوالدته:
_ "كان نفسي أحضنك، بس جوزك هيعلقني من رجلي."
بيلا ضحكت، وقالت:
_"مين اللي معاكوا ديه؟"
جميلة:
_ "ديه جنات صاحبتي، هحكيلك يا ماما."
عمر:
_ "خديها واطلعوا ريحوا شوية."
جميلة:
_ "ماشي يا بابا."
عمر نظر إلى عمار:
_"وأنت مش ناوي تطلع؟"
عمار قال بتهكم:
_ "أنا نفسي أفهم، ليه مش طايقني؟ عمومًا، لا مش طالع."
بيلا حاولت تلطّف الجو:
_ "طيب، اعمل حسابك إننا هنسافر العزبة بكرة."
عمار بتأفف:
_"تروحوا وترجعوا بالسلامة، يا ماما."
_"يعني مش عايز تيجي معايا؟"
_"لا، يا ماما. أنا مش عايز أروح هناك خلاص."
عمر قال بحدة:
_ "بيلااا، خلاص.
اعمل اللي يريحك يا عمار."
عمار:
_"عن إذنك، يا بابا."
اتجه إلى جناحه الخاص، الذي يتضمن غرفة صغيرة للرياضة. خلع قميصه وبدأ في التمارين الشاقة، وكأن كل عضلة فيه تفرغ طاقتها المكبوتة.
بعد وقت، تمدد على الأرض، جسده العاري يلمع من العرق، وأغمض عينيه، فتدفقت الذكريات.
تذكّر ضحكتها، وجنونها، وخوفها، وشجاعتها، وتلك الليلة التي أخبرته فيها أنها تشعر بالأمان بقربه.
تمناها، تمنى أن تكون جواره للأبد.
قام، جفف عرقه، ثم أمسك بهاتفه. بحث عن اسمها... أراد أن يراها، حتى وإن كانت مجرد صورة.
عمار همس:
_"آآآه... هتعملي إيه تاني فيا؟ بقيتي نقطة ضعفي."
---
مر اليوم على الجميع بخير وسعادة، ليلة وقفة العيد، ومعظم بيوت مصر تستمع إلى الأغنية الشهيرة
"يا ليلة العيد."
وبالأخص في هذا المنزل الصغير الخاص بأسرع خالد الذي أنبعثت منه رائحة الدقيق مع خلط السمنة
واللتفوا جميعًا ينقشون العجين
سماح التي كانت تجلس تراقب ما يصنعون :
_"طب بذمتك يا سهر دي منظر نقشة كحك؟"
رفعت سهر نظرها تجاه والدتها قائلة:
_"مالها يا ماما ما هي حلوة إيه ."
سماح :
_"لا مش حلوة دا جاسر بيعمل أحسن منك."
تبادل جاسر النظرات بينهم وشعر بحرج سهر فقال بكلمات كانت كالبلسم بالنسبة لها :
_"لا يا حماتي دي بتاعتها أحسن وبعدين هي إللي علمتني ثم كله في الأخر هيتحط عليه سكر ولا نقشتي هتبان ولا نقشتها."
ابتسمت له فأخذت من يده تلك العجينة لتكملها بحماس
أمسكت هاتفها ورفعت صوت الأغاني ليبدأوا بالدندنة معها
_يا ليلة العيد آنستينا
وجددتي الأمل فينا
يا ليلة العيد
هلالك هل لعنينا
فرحنا له وغنينا
وقولنا السعد حييجينا
على قدومك يا ليلة العيد
جمعتِ الأنس لنا والهانى
بعد ما كان كلّنا وحداني
رجع الأمل لقلوبنا تاني
فرحنا له وغنينا
وآه يا سلام ع الهوى لما نولف قلوب
ونعيش في الأمل وننسى ألم القلوب
قولوا لعين الشمس ما تحماشِ
لحسن حبيبى نايم فى حماها
وان جيه ونور ليلى وياه
قولوا لها تعالِ تعالِ تعالِ شوفى بنفسك جماله
وآه يا جماله لما يتهنّى فى دلاله
وأنا أقول يا هناه ويا هناه
يا ليلة العيد آنستينا
وجددتي الأمل فينا
يا ليلة العيد
نعم قد جدتت الأمل بهم وبأعينهم وقلوبهم أجمعين.
وفي صباح يوم جديد، أشرقت شمس أول أيام عيد الفطر المبارك، تحمل معها ضوء الأمل والفرح واللقاءات الدافئة.
يتبع.......
- يتبع الفصل التالي اضغط على (رواية الكتيبة 101) اسم الرواية