Ads by Google X

رواية الكتيبة 101 الفصل الثاني و العشرون 22 - بقلم يارا محمود شلبي

الصفحة الرئيسية
الحجم

    

رواية الكتيبة 101 الفصل الثاني و العشرون 22  -  بقلم يارا محمود شلبي

الكتيبة 101 {الجزء الأول /جاري التعديل}
                              
                                    
الفصل كان هينزل امبارح بس نمت وانا بعدله🫠😂
فصل طويل بس رخم اتفاعلوا عليه دا انا قاعده يومين بفكر في اسم للفصل 😂😂😂



قراءة ممتعة.....



صل على سيدنا محمد 
________________



الفصل الثاني والعشرون |عودة الروح|



"وإنّ الروح لَتَحزنُ على حزن نصفها الآخر... وإنّ الروح لترحل، ويرحل معها جسدٌ هائم، وإن عادت، عاد معها."



قاد عمار السيارة جلس آدم بجواره، 
وفي المقعد الخلفي كانت جميلة ويارا
أما خالد فقد سبقهم إلى الموقع.



في السيارة كان عمار يتحدث في الهاتف:
_"خلاص تمام خليكوا جاهزين يا وليد عايزهم متلبسين."



أجابه وليد على الجهة الأخرى:
_"اعتبره حصل إحنا خلاص قربنا نوصل... وإنتم؟"



_"قربنا برضو."



_____



في الميناء وقف الريس وسط رجال التهريب
يتفاوض مع أحدهم بشأن شحنة الأعضاء المهربة من سوريا إلى أمريكا.



قال الرجل بطمع:
_"لك، أنا جهزتلك سفينة كبيرة وبها حراسة كتير ومفيش أي مشكلة في البحر بتقابلك."



رد الريس بفهم:
_"مصاريك انت والرجالة في البنك باسمك."



ابتسم الرجل:
_"خلاص، أنا بروح أطمن على الرجالة."



أخرج الريس هاتفه واتصل:
_"وينك ربيع؟"



أجاب ربيع عليه:
_"أنا داخل عليك يا ريس."



_"تمام."



بعد قليل صف ربيع سيارته بالقرب من المينا 
وسار على قدمه لكن ظل رجاله بجوار السيارات 
توقف ربيع عن السير حتى وقف أمام الريس 
وأشار بإتجاه السيارات قائلًا :
_"البضاعة في العربيات يا ريس."



نظر الريس بهدوء إلى السيارات ثم قال:
_"خلّي رجالتك ينزّلوها للميناء."



_"أمرك."



__



في مكانٍ قريب، كانت يارا تنظر عبر المنظار متململة قالت وهي مازالت تنظر عليهم :
_"ها يا عمار هندخل امتى؟"



رد بهدوء وهو يتابع الطريق:
_"هنستنى شوية علشان وليد لسه مجاش."



مد آدم يده إلى جميلة ليأخذ منها المنظار :
_"هاتِ كده يا جميلة المنظار."



ناولته جميلة المنظار:
_"امسك."



وجه آدم المنظار نحو سطح الفندق الذي كان يبعد عن المينا بمسافة متوسطة :
_"عمار."



_"إيه؟"



_"خالد كمان لسه مطلعش."



_"هتّصل بيه."



___________



في الفندق، بينما كان يتسحب وهو يسير لا يريد أن يشك به لكن لم يستمر هذا كثيرًا حيث أوقفه 
صوت تلك الفتاة وقفت تبتسم له بدهاء وهي تضع يديها الأثنين أعلى خصرها :
_"لك لاوين يا قمر؟ انا مراقبتك من دخولك لاهون ليش بتصعد على السلم ؟ احكي ولا بجيب الأمن."




                            
 
                
زفر خالد بضيق ثم نزل درجتين من السلم ليكون أمامها 
فقال :
_"ومدام إنتِ شايفاني من بدري مندهتيش الأمن ليه؟"



نظرت له بطمع قائلة:
_"تيابك منيحه شكلك منيح أكيد مش راح تسرق وانا بوجب معك ومش راح قول لحدا بالمقابل..."



قاطع حديثها وأماء برأسه للأمام :
_"إنتِ طلعتي منهم فهمتك جاية تاخدي الكام قرشين إللي في جيبي ! "



أخرج خالد بعض النقود ووضعها في يدها:
_"عايز أطلع السطح من غير تفتيش."



نظرت إلى المال واقتربت منه خطوتين لكنه أبتعد يتفادى يدها التي كانت ستضعها على كتفيه أشار بأصبعه لها :
_"متتكررش ابعدي ."



_"طب نتّفق الأول."



أمسك يدها بخشونة ودفعها خلف ظهرها:
_"أنجزي... ولا عايزة زيادة؟"



ارتبكت الفتاة هتفت بسرعة و بصوتٍ خافتٍ لكنه مضطرب:
_"ترك إيدي... تعا ورايي."



قادته من خلال مدخلٍ خلفيّ مخصصٍ للعمّال
وسلكت به ممرًّا ضيقًا تفوح منه رائحة مساحيق التنظيف ، كانت الغسالات تدور بصوتٍ ثابت،
فيما تسارعت خطواتهما الحذرة فوق البلاط البارد، 
حتى وصلا إلى غرفةٍ صغيرة لغسيل الملابس.



خرجت فتاة أخرى من خلف الباب وصاحت بدهشة:
_"يوه سُندس مين هاد؟"



ارتبكت سندس للحظة ثم حاولت التماسك وأجابت:
_"هاد... محمد خطيبي."



رمقتها الفتاة بنظرةٍ قلقه وقالت وهي ترفع حاجبها:
_"خطيبك؟ وعم تطلعيه عالسطح؟"



رفعت سندس إصبعها وهي تحاول إظهار الحزم:
_"مو شغلك لا تدخّلي بحياتي."



ردّت الفتاة بلهجة ساخرة وهي تقلد المصريين:
_"ماشي شوفي لوين آخدتك القصص يا بنت... بكرا تقولي يا ريت اللي صار ما كان ."



نظرت سندس إلى خالد بعينين قلقتين وقالت بخوف:
_"يلا بسرعة تعا ورايي."



بدأت تصعد السلالم الطويلة
وخالد يتبعها بصمت، كان الهواء يزداد برودةً كلما اقتربا من السطح وقفت سندس عند أخر درجة ثم همست له دون أن تنظر إليه:
_"في حارس واقف عالباب فوق."



خالد:
_"حاسبي كده."



تقدم بخطى ثابتة، وما إن رأى الحارس يعطية ظهره حتى أخرج صاعقًا كهربائيًا من جيبه، ووضعه على رقبته.
سقط الحارس مغشيًا عليه.



وضعت سندس يدها على صدرها في رعب:
_"قتلته؟!"



نظر لها خالد بحدة محذرًا إياها بتهديد :
_"انزلي ومش عايز أسمع صوتك تاني 
ولا أشوف وشّك فاهمة؟"



_"حاضر حاضر."
ركضت سندس هاربة إلى أسفل وجسدها يرتعش بخوف



أما خالد فقد جثى على ركبتيه حتى أصبح في ذات المستوى لدى ذلك الحارس وأخذ منه المفاتيح الخاصة بالباب الحديدي الخاص بالسطح.
دلف وهو يستمع إلى رنين هاتفه تأفف بضيق وهو يخرجه من جيبه ليجيب على المتصل الذي كان "عمار" الذي هتف:
_"كل ده ولسه ما طلعتش؟"




        
          
                
_"طلعت... بجهّز الحاجة."



_"طب أنجز لما تشوفنا دخلنا إبدأ."



أغلق الهاتف وأخذ خالد يُجهّز القناصة وثبّت الزاوية بدقة، ثم استلقى على بطنه واضعًا عينه على المكبر.



رأى رجال" ربيع "ينقلون البضاعة إلى السفينة من الخلف دون أن يراهم أحدًا 
قال ساخطًا:
_"يا ولاد ال..."



في الأسفل قال عمار بحزم :
_"يلا، وليد جاي بالقوات... نتحرك إحنا."



توجه آدم وجميلة إلى العربات التي كانت بالخلف المحملة بالبضائع، بينما انطلقت يارا وعمار نحو السفينة.
لاحظ الريس قدوم القوات وكذلك قدوم "عمار "و"يارا" فصرخ على القبطان:
_"اتحرّك بسرعة."



_"وباقي البضاعة والحرس؟"



_" بقولك اتحــــــرك!"



لم يصدق عمار ما يراه فازاد من سرعته وهو مازال يركض لأن ذلك القارب الكبير بدأ بالتحرك في البحر صرخ بها خائفًا من فقدان هدفهم الوحيد والأخير :
_"اجري هيطلع بالسفينة!"



اردفت باندهاش وهي تركض خلفه :
_"لا... مستحيل يمشي."



تحركت السفينة بالفعل مسافة كبيرة توقف عمار وأمسك معصمها ثم اردف وهو ينظر إلى عينيها :
_"واثقة فيا؟"



تردد قليلًا لكن انتهى الأمر بها بقولها :
_"واثقة... بس ليه؟"



صرخ بها وهو يقفز ممسكًا يدها بقوة :
_"نووووطــــي."



بالفعل قفزا معًا على متن السفينة، بعد أن تبادلا نظرة سريعة مليئة بالثقة ارتطمت أقدامهم بسطح السفينة الخشبي، وسمع صوت ارتجاجها مع حركة الأمواج. 
لم يكن عدد الحراس كثيرًا على السفينة لأنها تحركت سريعًا ولم يتبقى سوى القليل بجوار الريس .



صرخ الريس بغضب وهو يدلف غرفة القبطان بعدما رأى هم :
_"يا ولاد الستين..."



بدأ عمار ويارا الاشتباك مع الحراس، كل منهم يقاتل بشراسة، يستخدمون كل ما في أيديهم من قوة وتكتيك.
__________
______________



في الجهة الأخرى، وصلت القوات إلى موقع جميلة وآدم، ووجدوا القليل من البضائع داخل السيارات، بينما تم تهريب الجزء الأكبر في السفينة.



صرخ وليد مخاطبًا القوات: 
_"لازم نركب مركب ونروح ليهم... يلا بسرعة."



ركض الجميع نحو الميناء استقلوا مركبًا صغيرًا
وبدأوا بملاحقة سفينة الريس.



في الأعلى..
كان خالد يتمركز بالقناصة، يساعد عمار ويارا 
من بعيد يراقب كل حركة.



صاح عمار وهو يضرب أحد الحراس: 
_"حاسبي يا يارااا"



التفتت يارا سريعًا لتجد حارسًا خلفها يرفع سلاحًا. ضربته بقدمها في صدره، فسقط منه السلاح.
لكنّه باغتها بلكمة في وجهها، فسقطت أرضًا.




        
          
                
انفجر الغضب في وجه عمار، انقض على الرجل بكل عنف، وضربه حتى سالت الدماء من أنفه وتسطح على الأرض همس عمار جوار أذنه: 
_"علشان تبقى تلمس حاجة تخصني تاني."



مد يده لها، فوضعت يدها المرتجفة في يده،
ساعدها على الوقوف، ثم أشار بأصبعه دون لمس خدها قائلًا بحنان : 
_"بيوجعك؟"



هزّت رأسها نافية
صرخ خالد من الأعلى:
_ "يا عم روميو! هو دا وقته والنبي؟"



أطلق رصاصة أصابت أحد الحراس الذين كانوا يقتربون من عمار من الخلف.



أشار له عمار بيده شاكرًا.



في غرفة القبطان، كان الريس يتحدث بعصبية في الهاتف:
_ "لك بقولك انكشفنا الشرطة في كل مكان 
خلاص، العملية ضاعت!"



رد عليه صوت "الكبير" غاضبًا: 
_"إنتو عيال تستاهلوا كل اللي هيجرالكم."



صرخ الريس:
_ "اعمل أي شي!"



قال الكبير بسخرية: 
_"دا أنا هعمل حاجات كتير... هبعتلك عيش 
وحلاوة على مصر."



رد الريس بانفعال: 
_"وربي لأجيب سيرتك في كل حاجة!"



فرد الكبير بتهديد واضح:
_ "هبقى أقتلك قبل ما تقولها."



ثم أغلق الخط في وجهه.



أشارت يارا بأصبعها نحو تلك الغرفة الخاصة بالقيادة : _"عمار الريس جوه أوضة القبطان."



_"تعالي معايا."



ذهب الاثنان بسرعة نحو الغرفة.
فتح عمار الباب وتقدم بضع خطوات لكن لم يلاحظ ذلك الذي كان يتربص لهم وينتظرهم خلف الباب وحينما دلفا أشهر الريس سلاحه على رأس عمار من الخلف.



أمسك عمار يده يحاول أن يفلت من بين يده هذا السلاح فانطلق الاثنان في عراك شرس.
خرجت رصاصة من السلاح أصابت القبطان في رأسه.



وقع القبطان....
ويده تسحب أداة التحكم، فانحرفت السفينة بقوة، واهتزت.



سقط الثلاثة أرضًا بدأت السفينة تتمايل 
بشكل خطير وسط البحر.



في مركب وليد صرخت جميلة: 
_"يا نهار أبيض دول ممكن يغرقوا!"



رد وليد بعصبية: 
_"ما تشهل شوية يا بني"



قائد المركب: 
_"حاضر يا فندم."



في السفينة....
كان عمار يُمسك بالريس بكل قوته وهم يجلسون على متن السفينة أثر ذلك الاهتزاز القوي ، فاردف بصوته وهو يشير لها برأسه:
_ "يارا حاولي تقومي تعدّلي البتاعة دي."



كانت يارا تشعر بدوار خفيف لكنها تماسكت: 
_"حاضر هحاول."



حاولت التمسك جيدًا، وأخذت تحاول تعديل اتجاه السفينة. لكن السفينة مالت أكثر، فانفلت الريس من يد عمار.



صرخ عمار: 
_" يا مراري هنغرق بزيادة العكس لفيها الكعس يا يارا"



_"حاضر متزعقش هو انا كنت قبطانة قبل كده ."




        
          
                
عدّلت أداة التحكم واستقرت السفينة مجددًا.
ركض الريس محاولًا الهرب. 
لحق به عمار، وأطلق عليه رصاصة أصابته في ساقه، فسقط، ركضت يارا خلفهم لترى من الذي أخرج تلك الرصاصة ! كان قلبها ينبض مسرعًا لكنها تنفست براحة حينما رأيته بخير فقالت :
_ "إنتَ كويس"



رد عمار بابتسامة: 
_"كويس طول ما إنتِ معايا."



في هذه اللحظة صعد وليد إلى السفينة.
_"يلا يا عمار."



رد عمار مازحًا: 
_"أنا مش فاهم... إنتوا بتيجوا في الوقت 
الغلط ليه دايمًا؟"



ضحكت جميلة وهي تنظر إليهم :
_ "انت كويس يا عمار؟"



أجاب وهو يربت على كتفها: 
_"كويس أخرجي منها إنتِ بس"



أشار وليد لأحد الجنود:
_ "تعالَ يا بني علشان نرجّع."



قاد الجندي السفينة وانطلق بها مبتعدًا،
بينما قاد آخر المركب.



وقفت يارا تنظر نحو البحر، وهي تضع الهاتف على أذنها، وقد ارتسم القلق على ملامحها.
اقترب منها عمار، لاحظ نظرتها المتوترة.



قال برفق: 
_"مالك؟"



ردت دون أن تنظر إليه: 
_"مفيش... مراد مش بيرد عليا، وأنا حاسة 
إن في حاجة مخبيها عليا."



تلاقت أعينيهم وصوت الأمواج ونسمات ماءٍ قد لمست وجهيهما أخذ نفس عميقًا واردف مطمئنًا إياها بهدوء:
_"متقلقيش ممكن ؟ إن شاء الله خير."



_"يا رب..."



لاحظ عمار أثر اللكمة على خدها، فمال برأسه قليلاً:
_"خدك لسه واجعك؟"



ضحكت بخفوت وهي تلاحظ اهتمامه الشديد هذا فقالت وهي تضع يدها على خدها :
_"لأ الحمد لله... دي حاجة بسيطة ."



سكتت لحظة ثم قالت:
_"طب ما تتصل بخالد قوله ينزل."



_"آه صح دا أنا نسيته خالص."



ناداه وليد من بعيد:
_"يلا يا عمار هننزل."



لوح له الآخر بيده :
_"إحنا وراك ."



نزلوا من السفينة، وبينما تسير يارا بجوار عمار، لمعت في رأسها صورة لأول ركوبها لتلك السفينة... ترددت في أذنيها كلماته:
_"واثقة فيا؟"



تعثرت قليلاً وكادت تسقط، فأمسك عمار بيدها:
_"هتقعي إنتِ سرحانة في إيه؟"



_"ها؟! لا... أنا كويسة."



---
عند خالد



كان يلمّلم أشياءه بسرعة وهو يصفر على لحن أغنية وهو يدندن بنشاط:
_"قلبي برتقان بسره... ملكك وإنتِ حرة... تعصري عصير الله... قلبي كمتراية ناشفة... بس فيها بذرة... بتحب بضمير..."



دلف نحو الباب بخفة، فتحه ليُفاجأ بحارسين واقفين في وجهه.



_"الله! طبعًا أنا لو حلفتلكوا إني جاي هنا مكان أكرم حسني محدش هيصدقني؟"




        
          
                
تقدما نحوه بعنف، لكن خالد لم ينتظر. وجه ضربة قوية لأول واحد، ثم لف بجسده وسدد لكمة للثاني، أسقطهما بسهولة.



_"ما قلتلكوا جاي مكان أكرم حسني."



ركض على السلالم، وهو ما يزال يغني وهو يضحك:



_"فاتح شباكي فاتح شيشه... الوقت فبعدك ممشيش... بتقولي هتيجي مابتيجيش... وما يدقش النووم..."



رن هاتفه فأخرجه من بنطاله ففتح وهو يضحك



عمار :
_"انزل."



خالد:
_"أنا نازل أهو يا روميو."



_"طب خف علشان روميو هيخليك جوليت أمين ؟"



ضحك خالد وهو يخرج من الباب الخلفي للفندق:
_"أمين، يلا أنا جاى عليكم."



_"ماشي."



أغلق الخط وركب سيارة التي كانت بانتظاره.



_________



اجتمعوا جميعًا يتناقشون ما هي الخطوة التالية في هذا الطريق 



خالد: 
_"هنعمل إيه بقى؟"



وليد: 
_"أنا هرجع بالبضاعة اللي كانوا هيهربوها وهاخد الريس معايا وانتو شوفوا هتكملوا على أمريكا ولا هترجعوا مصر."



آدم:
_ "نروح بس الفندق ونشوف اللواء علي وقاسم."



وليد:
_ "تمام ربنا معاكم."



أخذ وليد القوات وربيع والريس وبعض الأعضاء، وانطلقوا في طريقهم إلى مصر.



عمار: 
_"يلا بينا إحنا كمان."



جميلة بابتسامة:
_ "يلا."



____________



كان الكبير يتحدث على الهاتف، صوته ممتزج بالغضب والقلق ، فجاءه صوت على الجهة الآخرى قائلًا ونيته لم تكن صافية بل يملأها الغدر : 
_"كده البضاعة ضاعت يا كبير... بسبب
شركائك الأغبياء."



الكبير: 
_"أنا مالي؟! كل شغلي إني آخد البضاعة وأسلمهالك، وأنا مأخدتش منها حاجة."



الشخص: 
_"دلوقتي واحد هربان والتاني محبوس، ويا عالم هيجيبوا سيرتنا ولا لأ."



الكبير:
_ "كنت ناوي أبعت حد يقتل الريس 
في السجن قبل ما يلحق يفتح بقه."



الشخص:
_ "أنا عايز أقابلك بكرة."



الكبير بشكٍ: 
_"وتقابلني ليه؟"



الشخص: 
_"هنتكلم بكرة بليل... عند الجبل Pikes Peak"



_"ماشي."



أغلق الهاتف بعنف، كانت يديه مرتعشتين أخذ لفافه المشتعل ووضعها في فمه ويده مازالت تهتز لكنه لم يكن من هذا النوع الذي يخاف أخذ نفس عميقًا وهو يقتل كل ذرة جوف داخله بإتجاه مقابلة غدًا.
وقف ثم توجّه إلى غرفة جاسر وضع يده على المقبض وفتح الباب على مصراعيه مما جعل جاسر يتوقف عن ممارسة رياضية الضغط وينظر له وهو جالس على الأرض :
_ "كده تدخل من غير ما تخبط؟! أفتكر قالع ولا حاجة طب قفشت خلاص ... تعالى عدلي لحد خمسين."




        
          
                
تخطاه الكبير بقدمه وهو يذهب للجلوس على الفراش أردف بجديّة: 
_"مش طالبة هزار يا جاسر.
جهز نفسك هنقابل الراجل بكرة بالليل."



اعتدل جاسر في جلسته ليبقى واقفًا فسأل مستغربًا: _"ليه؟"



_"الشحنة اللي جاية من سوريا راحت هي كمان."



_ "طب وعايز يقابلك ليه؟"



_ "مش عارف... بس أنا شامم ريحة غدر وعايزك معايا."



_ "ماشي فين؟"



_ "عند جبل PikesPeak."



جاسر:
_ "هكون جاهز."



تذكر الكبير شيئًا وهو يقوم من مجلسه فنفخ دخان سيجارته قائلًا وهو يضحك بهوس :
_"بقولك إيه... البت اللي كنت جايبها
أنا مشتها من هنا... حطيتها في حتة أحسن بكتير."



شد جاسر على عضلاته، وحاول يسيطر على أعصابه فتظاهر بعدم الأهتمام:
_"ماشي... يا كبير."



خرج "الكبير" من غرفة جاسر بعد أن ألقى جملته الأخيرة بنبرة تحمل شيئًا من الفخر المريض والاحتقار. ترك وراءه بابًا نصف مفتوح، ورائحة دخان عالقة في الهواء، وضيقًا متصاعدًا في صدر جاسر.



وقف جاسر لثوانٍ دون حراك، ابتلع غضبه كمن يبتلع جمرة ثم مدّ يده إلى هاتفه، وضغط سريعًا على اسم "قاسم" في قائمة الاتصال.



رن الهاتف مرة، مرتين... حتى أجابه صوته المتعب، المحمّل بشيء ثقيل لم يألفه جاسر من قبل فاردف بقلق:



_"إيه مال صوتك ؟ في إيه ؟"



تنفس قاسم بإرهاق وهو يشعر بثقل الكوكب جميعه على ظهره فقال بعد وقت :
_"الحمدلله أنا راضي بكل حاجة بس نفسي صوتي الداخلي يبطل يعذبني لإنه بيوجع أكتر من الضرب بالنار."



قبض جاسر ما بين حاحبيه وهو لا يفهم لكنه شعر بأن هذا الأمر أكثر خصوصية فصمت للحظة قبل أن يضيف:
_"بعد ما أقفل معاك أبقى أقوم خد دش وريح نفسك. "



_"إحنا في المستشفى. "



_"إيه ؟ليه إيه حصل ."



بدأ قاسم يسرد له ما حدث بينهما، بصوت خافت يحمل الأسى، وكأن كل كلمة تُقال تنزع شيئًا من روحه.



حين انتهى، سأل جاسر عن مراد، فأخبره قاسم أن الأخير من المفترض أنه قد يأتي في أي وقت:
_ "إنتَ لسا عند الكبير؟"



_"آه عند الزفت ...."
أخبره بما ينوي فعله وبما حدث اليوم وختم حديثه بقوله:



_"هيتقابلوا بكره عند جبل PikesPeak انا شايف إن دا أقرب وأحسن وقت إننا نمسكهم فيه وبكده تكون المهمة دي خلصت بقا انا بس محتاج باسل وآدم معايا ."



_"هكلمهم أقولهم يتحركوا ويجوا على هنا."



_"طيب انا لازم أقفل دلوقتي. "



أغلق جاسر الخط دون أن ينطق بكلمة أخرى، ثم ترك الهاتف يسقط على الفراش، وحدق في الفراغ كأن كل ما حوله تلاشى، ولم يبقَ سوى شعور ثقيل في صدره، ورغبة دفينة في إشعال كل شيء من جديد.
لكن الرغبة الأكبر كانت في أشتياقه لها كان يود لو يراها الآن تلك المجنونة التي تربعت على قلبه.




        
          
                
_________________________



كان الوقت يقترب من منتصف الليل حين اقترب قاسم بهدوء إلى يجلس جوار باسل ، بدا المكان هادئًا بشكل مريب، كما لو أن الصمت فيه لم يكن راحة، بل انتظارًا.
أعاد باسل ظهره إلى الخلف فاردف :
_" بيقولك إيه؟"



_"المهمة خلصت."



_"في حد اتأذى؟"



_"لا الحمدلله كلهم بخير بس هو محتاجك إنتَ وآدم بكره مش عارف في إيه تفتكر آدم هيلحق يجي؟"



_"لو كلمته دلوقتي يلحق."



قام قاسم من مكانه يسير بإرهاق بين الطرقات وقف أمام الزجاج الخاص بغرفة جومانا لثوانٍ، ثم تنفّس بعمق 
وهو يكمل طريقه ليقف أمام شباكًا يطل على حديقة تلك المستشفى أخرج هاتفه من جيبه وهو يبحث عن رقم عمار لم يأخذ إجاد الرقم غير ثواني.



خرج عمار مسرعًا من المرحاض ودلف إلى شرفة الغرفة الخاصة بالغرفة التي يجلسون بها في ذلك الفندق 
تعجبت جميلة وكذلك يارا اللتان تبادلا النظرات لكن يارا لم تهتم كثيرًا أو أدعت ذلك .
أجاب عمار على قاسم :
_"في أخبار من جاسر ولا إيه ؟"



تنفس قاسم وهو يعبث بخصلاته :
_"آه في محتاجين لكم هنا قبل بكره بليل."



_"إنتَ بتهرج! قبل بكره بليل؟ دا على أساس إن أنا إللي فاتح المطار صح؟ هي بتكون صدفة لما بنلاقي حاجة كده هنحتاج معجزة ،طب متصلتش ليه من بدري كنا أول لما خلصنا هنا طلعنا على طول."



قاسم :
_"بقولك إيه يا ابن خالتي انا فيا إللي مكفيني دور كده وصفي النية وإنتَ هتلاقي وهتيجي بس متتأخروش علشان تلحقوا."



ابتسم الآخر بسخرية واردف بالسخرية ذاتها:
_"مدام ابن خالتي دي يبقا مش هنيجي خالص مش بتفاءل بيها."



صمت قليلًا لكنه أكمل حديثه :
_"مراد وصل؟"



حك قاسم يده في ذقنه وهو ينظر إلى ساعته القديمة التي أصبحت بدون عقارب لا تحدد دقائق 
لكنها لم تكن مجرد ساعة ليحتفظ بها كانت لديها مَعزة خاصة في قلبه، فمن أهدته إياها قد رحلت ولكنها هي بقت معه بكل حطامها بقت بجواره تذكره بها سيرحل الأشخاص ولكن ستظل ذكرياتهم تعذبنا ليل نهار على هذا الفراق ...إنتهى به الأمر بأن يرى الساعة في هاتفه 
نظر بالشاشة ثم وضع الهاتف مجددًا على أذنه قائلًا:



_"المفروض إنه قرب يكون في المستشفى هنا."



قبض عمار ما بين حاجبيه فاردف ببعض القلق:
_"مستشفى؟ مستشفى إيه ؟وليه أصلًا؟"



تأفف قاسم لأنه قد قال شيئًا من المفترض لم يقال الآن :
_"حوار طويل هو نفسه ميعرفش حاجة عنه عارف لما تكون خلاص فقدت الأمل في شخص ؟ بس في حد يديك خيط ويقولك إنه عايش هتجري حتى لو مش هو علشان بس دماغك وقلبك مش ساكتين أنا حاسس بيه وإنه ما صدق لاقه خيط."




        
          
                
_"ودي بقى من فوازير رمضان بتاعت شريهان صح؟ ما تنطق خط إيه ومين طلع عايش؟"



_"أخته توأم يارا."



لف عمار رأسه لينظر لها وهي داخل الغرفة قائلًا:
_"إنتَ بتقول إيه ؟ وإنت متأكد كده إزاي؟"



_"حبيبي دي copy و paste منها دا غير إن في كذا دليل."



وضع عمار يده على جبهته قائلًا:
_"يا نهار أبيض نسختين؟ هو انا قادر على وحدة لما يطلع في منها نسخة كمان !"



_"بتقول إيه؟"



_"بقولك وإنتَ كل دا كنت عارف ؟"



_"عارف من ساعة ما جيت أمريكا كل لما أحاول أمهد ليه يحصل هنا مصيبة وكان لازم يجي وهو كان زي الغرقان أول لما سمع أسمها حتى وهو يمكن كان فاكر إنها ممكن متكونش هي جري على هنا. "



_"الحوار صعب... أنا لو مكانه كنت عاملت أكتر من كده.
انا لازم أقفل علشان نفطر وبعدها هنشوف طيارة ونيجي."



_____



إن وصفت لكم شعوره بعدما أغلق الهاتف معه وسار في الطرقات لكنه لم يرى باسل أعتقد أنه داخل غرفتها فدلف ليخبره امرًا .
لكن قلبه رفض الخروج من الغرفة عندما رأت عينه أن باسل ليس جوارها هناك شيء بداخله قد دفعه إلى الدخول وعدم الهروب.
كانت جومانا مستلقية على السرير، عيناها نصف مفتوحتين، والأنابيب تلتف حولها كأذرع شفافة تمدّها بما يلزمها لتبقى على قيد الحياة، أو على قيد الانتظار 
لحينما تنتهي تلك الغيبوبة القصيرة



اقترب قاسم منها بخطوات بطيئة، كأن كل خطوة يحمل بها ثقل كل ما لم يُقال بينهما. 
جلس إلى المقعد الذي جوار فراشها. وأمسك يدها التي بدت أضعف من أن تُمسك بأي شيء.
كان ينظر إليها كما لو كان يبحث عن ظلّ نفسها القديم خلف وجهها المرهق. لم يكن في عينيه دموع، بل نظرة متكسّرة، كأن أحدهم اقتلع منه شيئًا لا يُعوّض:



_"انا أسف حقيقي أسف اني معرفتش اللحقك زي ما كنتِ مستنية مني أنا حاسس بحاجة غريبة نحيتك بس الحاجة دي انا هقتلـ،ـها يا جومانا علشان إنتِ تستاهلي راجل يحافظ عليكِ ويعرف يحميكِ أنا فشلت مرتين مرة معاها ومرة معاكِ ،يبقى مستحقش "



وقف عن مكانه وهو يضع يدها جوارها واللقى نظرة أخيرة عليها قبل أن يغادر الغرفة بقلة حيلة أغلق الباب بهدوء لكن بداخله انفجار جلس على المقعد الذي كان أمام الغرفة يبحث بعينه عن باسل 
لكن الآن وجده قد يأتي ولكن لم يكن بمفرده كان يسير خلفه مراد فقد تقابلا في الأسفل بعدما رن مراد على هاتف باسل.



كانت كلّ خطوة يسير بها مراد يسحب فيها قلبه معه.



كان الممرّ المستشفى باردًا،
يكسوه بياضٌ لا يُحتمل، وتُثقِله رائحة المطهّرات. 
الضوء فوق رأسه كان قاسيًا، يسطع بشراسة، وكأنّه يسلّط عدسته على ما يضطرب بداخله. 




        
          
                
كلّ شيء حوله صامت، أمّا داخله فكان يصرخ.



صوت خطواته على الأرضية الرخامية بدا كأنه يضرب صدره، يذكّره في كلّ لحظة بأنه يقترب من الحقيقة، من الوجه الغائب الذي ظلّ يسكن ذاكرته منذ الطفولة.



وقف أمام الباب.
تجمّد في مكانه.



لم يُدرك كم مرّ من الوقت وهو واقف هكذا، لا يجرؤ على الدخول، لا يستطيع مواجهة ما ينتظره بالداخل.
أتكون هي؟ أم خُدعة جديدة من خُدع الأمل؟



فتح باسل الباب بصمت، ثمّ انسحب، وتركه وحيدًا.



تقدّم مراد بخطى متردّدة إلى الداخل.



الغرفة كانت ساكنة. الضوء خافت، يتسلّل من نافذة جانبية، والهواء مشبع برائحة الأدوية 
وعلى السرير الأبيض، كانت هي.



رآها... فجأة... وسقط الزمن.



جمُد في مكانه، عينيه لا تزيغان عنها.



كانت مستلقية، شعرها الأصفر عكس شقيقها 
ينسدل فوق الوسادة، وملامحها واهنة،
مرهقة. كدمة خفيفة على خدّها،
وجرح صغير فوق حاجبها، 
لكن الملامح... الملامح لم تتغيّر.



كانت جومانا.



جومانا التي ابتلعها الغياب منذ أعوام كثيرة



جومانا التي حمل صورتها في قلبه، في دفاتر المدرسة، وفي أحلام الطفولة التي لم تكتمل.



تراجع جسده فجأة، جلس على الكرسي المجاور للسرير كأنّ قدميه لم تعودا تحملانه.



مدّ يده، ولمس يدها.



كانت باردة قليلاً... لكنها حيّة.



عيناه امتلأتا بالدموع، لم يكن بكاءً بصوت... بل بكاء الروح.



كلّ ما فيه كان ينهار، وشيء بداخله يُبعث من جديد.



همس بصوت متهدّج:



- "أنا أخوكي... مراد.
فاكراني؟
كنتي بتحبي العربيات... كنتي دايمًا تاخدي حاجتي ومقولش حاجة.
فاكرة العجلة؟
فاكرة لما وقعتِ وأنا شيلتك على المستشفى؟
فاكرة اللعبة الحمرا؟
لسه عندي اللعبة... والله، لسه عندي.
كل حاجة ليكي لسه موجودة...
الأوضة... الهدوم... الصور...
كلهم مستنيينك، زينا بالظبط."



انحنى برأسه، وأسند جبهته إلى طرف السرير.



الحنين خنقه، الذكريات انسكبت في رأسه كفيضان لا يتوقّف.



أعياد ميلادها التي غابت، كلّ باب فُتح وتمنّى أن تكون خلفه، كلّ مرة تلقّى فيها خبرًا عن فتاة مفقودة، وركض، يفتّش في ملامح الغرباء.



كلّ مرّة صمت فيها والده وانزوى، وكلّ مرّة سألته يارا وهي طفلة لا تفقه شيء :
_ "هي ماتت يا مراد؟"
وكان يردّ: "لأ... جومانا ما بتموتش."




        
          
                
رفع عينيه إليها.



وفجأة، رأى رموشها تتحرّك.



لحظة... ثمّ لحظة أخرى.



عيناها فُتحت ببطء.



ارتجف قلبه.



كانت تحدّق، بصعوبة، كأنّها تحاول التركيز، أن تلتقط صورةً من غبار الزمن.



نظرت إليه.



تغيّر وجهها... وكأنّ ذكرى ضائعة عادت من بعيد.



همست:



- "م...را...د؟"



وقف مراد فجأة، يداه شدّتا على يدها المرتجفة، وملامحه انفرجت بدموع لم يتوقّف سيلها.



قال بصوتٍ مختنق:



- "أنا هنا...
أنا مراد...
أخوكي...
أنا ما نسيتكيش ولا لحظة...
إنتي رجعتيلي، الحمد لله...
هقوم أجيب الدكتور، استني... استني، يا جومانا!"



سنوات الحزن والبحث الطويل انكسرت... على عتبة الرجوع.



انتفض باسل من على المقعد، تبعه قاسم في لهفة إلى داخل الغرفة 



باسل:
_"في إيه؟" 



مراد :
_"جومانا فاقت"



نظرا الأثنين إليها وقالا معًا :
_"بجد؟!"



في الخارج، سمع الطبيب الضوضاء، فأسرع بخطاه إلى الداخل، وجهه يحمل مزيجًا من القلق والانزعاج.



الطبيب:
_" ماذا يحدث هنا؟"



مراد وهو يشير إليها بلهفة: 
_"الحالة التي في هذه الغرفة قد أفاقت"



الطبيب: 
_"حسنًا دعوني أراها."



اقترب الطبيب منها، فحص عينيها ونبضها بدقة، ثم تابع حالتها لعدة دقائق.
بعد أن انتهى، استقام واقفًا والتفت إليهم.



الطبيب: 
_"هي الآن بخير... فقط تعاني من بعض الكدمات والجروح، لكنها تحتاج إلى الراحة."



باسل:
_" هل يمكننا الدخول إليها؟ 



الطبيب:
_" بالطبع، يمكنكم الدخول."



فتح الطبيب الباب بهدوء، وتقدم الثلاثة إلى الداخل.
باسل بعينين ممتلئتين بالدموع، اندفع نحوها واحتضنها برفق:
_" حمد لله على سلامتك..."



لكن ما إن وضع يديه عليها، حتى جذبه مراد من قميصه بعنف: 
_"إنت بتحضن أختي قدامي؟ ابعد يا بابا"



ضحكت جومانا رغم ألمها، وقالت:
_" هنتخانق بقى؟ هو أخويا يا مراد، زيك بالظبط."



تدخل قاسم، رافعًا يده:
_"خلاص يا جماعة صلوا على النبي."



قالوها معًا في تناغم:
_"عليه أفضل الصلاة والسلام."



سحب باسل كرسياً وجلس جوار السرير، ثم التفت إلى مراد بجدية :
_" أنا محتاج أقعد مع والدك يا مراد."




        
          
                
مراد وقد ارتسمت الحيرة على وجهه: 
_ "أنا مازلت مش فاهم حاجة يا باسل... إيه علاقتك بجومانا؟ وعايز تشوف أبويا ليه؟"



باسل تنهد وأطرق برأسه قليلاً، ثم قال:
_"ديه حكاية طويلة أوي... هحكيهالك لما المهمة تخلص وننزل مصر."



مراد وهو يتلفت: 
_"صحيح هما جايين إمتى؟"



قاسم :
_"لسا هيشوفوا طيارة جاسر كلمني ومحتاجنا معاه ."



كان يستمع إليهم لكن عقله لم يكن معهم بل كان مع تلك التي تقوام على النهوض لتستند بظهرها على الوسادة 
ساعدها بيده، رفع يده ومررها فوق شعرها برفق. 
كان قلبها يتألم بصمت أكثر من أي كلمات.



راقبهم قاسم بعينه وصمت عن الحديث 
لم يكن هناك صراخ، ولا خطط، ولا تجارة، ولا مؤامرات. فقط اثنان من الرجال، وكأنهما طفلان، تائهان أمام امرأة كانت يومًا مركز عالمهما.



______________________



في سوريا، كانت الشمس قد غابت، والغبار يتراقص في الهواء كأنّه يودّع يومًا مرهقًا من المطاردات والمهمات الشاقة ،بعدما وجدوا طيارة ستقلع بعد ساعتين 
أي بعد أذان المغرب وبعد فطورهم 
وقف عمار قرب إحدى السيارات، ينظر في الأفق بثبات، وكأنّه يقرأ ما هو قادم.
هي تلك السيارة التي ستأخذهم إلى المطار أشار لهم بأن يتقدموا ويركبوا بالفعل ركبوا جميعًا 



جلست جميلة على حافة سيارة متهالكة، تتحدث بيأس إلى صديقتها الجالسة جوارها:



_" هانت أهو قربنا وخلاص قضية الأعضاء هتنتهي تعرفي والله أنا اللي أعضائي مدمرة"



وضعت يارا يدها على خدها المتورم:
_"ابن المضايقة إللي ضربني في وشي دا... حاسة إن بوئي ركن صف تاني"



ضحكت جنّات بخفة، ونظرت إلى يارا بمزاح:
_"شو مهضومة"



نظرت يارا إلى جميلة، وهمست:
_"هي بتشتمني ولا إيه؟"



لف خالد رأسه فهو وآدم يجلسان أمام جوار السائق على هذا الكرسي الواسع وبالخلف عمار جوار شقيقته وعلى جهتها الآخرى صديقتها ثم جنات
قال بسخرية :
_" ما بس راغي بقى"



رفعت جميلة حاجبها:
_" اسكت إنت."



أردف خالد وهو يبتسم بمكر:
_"أنا هسكت... علشان أخوكي ممكن يموتني، مش أكتر."



جميلة بتهكم: 
_"كويس إنك عارف."



ابتسم عمار بهدوء وهو يسمعهم ويراها تضحك لم يطل النظر كثيرًا حيث أشاح بوجهه إلى الجهة الآخرى ينظر من النافذة ....... وبعد وقتٍ طويل قد وصلوا إلى المطار
كانت الطائرة قد أقلعت.
جلست الفتيات إلى جوار بعضهنّ في المقاعد الخلفية، بينما جلس الشباب في المقدمة.



جميلة كانت تراقب تصرفات عمار بعناية.
نظراته لم تكن عشوائية... كانت تتجه نحو يارا كل مرة تبتسم أو تتكلم.




        
          
                
همست لنفسها:
_" أوووبااا..."



نظرت إليها يارا بريبة:
_" إيه يا بنتي؟ الطيارة هتقع ولا إيه؟"



غمزت جميلة بخفة:
_" لا يا خفيفة... دا عمار أقصد نيمار جاب جول."



تنهدت الآخرى ثم تثائبت فوضعت يدها على فمها:
_" ربنا يهديكي... أنا هنام."



جنّات مدت يدها وغطّت عينيها:
_"وأنا كمان."



أما جميلة، فتمتمت لنفسها وهي تنظر لعمار:
_"انا بقى مش هسكت غير لما أعرف... هي النظرات ديه... لينا بيت يلمنا يا عمار."
______________



في أمريكا، كان الليل قد حلّ، والهدوء يخيّم على المستشفى، إلا من صوت أجهزة الرصد الإلكتروني، وهمسات الممرضين في الممرات الطويلة.



كان باسل وقاسم يجلسان خارج غرفة جومانا، يتبادلان نظرات القلق والصمت الثقيل، بينما داخل الغرفة كانت الأنوار خافتة.



أما مراد، فقد دخل إلى المرحاض الملحق بالغرفة، يغسل وجهه محاولًا تهدئة ارتباكه... لكنه ما إن خرج، حتى لمح ظلًا يتحرك قرب السرير.



فتح الباب ببطء، ليجد شخصًا غريبًا يقف بجانب جومانا، يحمل في يده إبرة ويغرسها في المحلول المعلّق بجانبها.



في لحظة، اندفع مراد نحوه كالصاعقة، وأمسكه من رقبته بشراسة:
_" بتعمل إيه؟!"



الرجل ارتجف وسقطت الإبرة من يده، حاول الإفلات، لكن قبضة مراد كانت أقوى:
_" أنا... أنا هقولك على كل حاجة.'



مراد وقد لاحظ لكنته:



_"وطلعت مصري كمان؟! انطق."



_"طب... طب سيبني."



مراد صرخ فيه، والغضب يتفجر في عينيه:
_"ما تنطق يا روح أمك!"



في تلك اللحظة، سمع باسل وقاسم صوته، فهرعا إلى الداخل وأشعلا النور.



قاسم بدهشة:
_" في إيه يا مراد؟ مين دا؟!"



مراد، وهو يدفع الرجل إلى الحائط:
_"كان بيحط إبرة في المحلول... ما تخلص بقى، كنت عايز تعمل إيه؟"



اجابه الرجل وهو يلهث:
_" حسن العلايلي هو اللي بعتني... بعتني أموّتها."



اقترب منه باسل صدمته الكلمات فأمسك الراجل من قميصه قائلًا بهدوء وهو يرى أثر ضربات مراد له:
_" وهو عرف منين إنها في المستشفى؟"



أخفض الرجل عينيه قائلًا الحقيقة لينتهي من ذلك الكابوس ويرحل بعيدًا :



_" هو اللي قطع فرامل عربية السباق."



استيقظت جومانا بفزع ودموعها تنهمر على خديها:
_"أنا نفسي أفهم... أنا عملتله إيه علشان كل دا؟ أنا ذنبي إيه؟!"



أسرع مراد إلى شقيقته يحتضنها:
_"مين حسن يا جومانا؟!"



جومانا، بصوت مهتز:
_" دا... الراجل اللي رباني."




        
          
                
باسل قاطعهما، والغضب يتآكل صوته:
_"دا مش ربّاكي، دا خطفك يا جومانا... والراجل دا... يبقى أبويا."



استعاد قاسم ثباته فقال بهدوء :
_"المفروض نرجع الفيلا يا باسل... إحنا مانعرفش هو ناوي على إيه."



أومأ باسل رأسه ببطء:
_"هاخد إذن من الدكتور ونخرج."



خرج بالفعل وتحدث مع الطبيب، ثم عاد إليهم:
_"يلا، هنمشي."



خرجوا جميعًا من المستشفى، والطمأنينة تُظلل وجوههم بعد يوم طويل من القلق. ركبوا السيارات وتوجهوا مباشرةً إلى بيت باسل، حيث كان ينتظرهم دفء المنزل بعد برودة الأحداث.



بمجرد أن وصلت السيارة إلى بوابة الفيلا، حدّقت شيري في المكان بعيون متلهفة، وقبل أن ينزل أحد، فتحت الباب سريعًا وجرت نحو الداخل:



_" انتِ كويسة دلوقتي؟"



ابتسمت عليها بخفة، وملامحها لا تزال منهكة قليلًا: _"الحمد لله."



أمسكت شيري بيدها برقة قائلة بحنان :
_ "تعالي أطلعك على أوضتك ننام وتستريحي. "



ابتسمت لها وسارت معها إلى الطابق العلوي، فيما بقي الشباب في الأسفل .كان مصطفى يتابع تصرافات "شيري" بسعادة وهو يراها حقًا قد تغيرت لأجل ذاتها وبدأت بتصليح كل شيء وها هو ظهر القلق عليها حينما رأت جومانا.
جلسوا على الأرائك، مسترخين بعد عناء، وتبادلوا نظرات مليئة بالشوق.



احتضن مصطفى مراد بحرارة: 
_"والله ليك وحشة يا مراد."



اردف مبتسمًا وهو يربت على كتفه:
_" وإنت كمان يا صاحبي."



مر الوقت، وبدأ المكان يمتلئ بالضحك والأحاديث المتقطعة، لم يظلوا كثيرًا حتى تسطحوا جميعًا وقد غلبهم النوم ..........مر ساعات عليهم هكذا أكواب العصير الفارغة مازالت موضوعة على الطاولة التي أمامهم ومصطفى لم يرتاح بالنوم على الكنبة أخذ 
وسادة ووضعها في الأرض وبقى جسده متسطح وقدمه في وجه قاسم الذي شعر بالاختناق كاد يموت مخنوقًا
والسبب ماذا ؟! قدم هذا المغفل !
تأفف وهو ينظر بعينه للسقف ثم إلى مصطفى 
أغمض عينه العديد من المرات لكنه في النهاية ألقى 
بتلك المقبرة التي فاحت رائحتها على الأرض قائلًا بقرف:
_"كتك القرف رجلك دي ولا مقلب زبالة؟! نام نامت عليك حيطة."



خرج قاسم إلى الحديقة ينظر إلى العصافير التي تجمعت تأكل من الأواني الموضوعة في الحديقة 
أقترب يقف جوارهم فطارت واحدة بيضاء كثيفة الريش لتستقر على كتفه ابتسم قاسم لكنه لم يفهم ماذا تنوي هي 
وبعدما طارت نظر عليها فاستقرت فوق على الشباك الخاص بغرفة "جومانا" التي خرجت للتو كانت تنظر له من الأعلى وهي تمسك العصفورة بين يدها 
تنفست بهدوء وهي تراه يخفض رأسه.
طارت العصفورة من بيده لتذهب له مرة أخرى ولكنها أستقرت هذه المرة على خصلاته أبعدها بيده ،ثم تحسس خصلاته ليجد بها سائلًا فقال بتقزز :
_"يا دي القرف! حبكت يعني تعملها على شعري ما الجنينة كلها فاضية !"




        
          
                
توقف عن الحديث وهو يراها تضحك عليه وهي بالأعلى 
نظر لها محذرًا إياها :
_"بتضحكي ! ما هو كله بسببك إنتِ قولتلها إيه؟"



رفعت يدها باستسلام:
_"ولا اتكلمت هي دايمًا كده لما بتحس إن في شخص بيحاول يقرب أو يأذيني بتحميني. "



قبض ما بين حاجبيه وتوقفت يده عن التمرير بين خصلاته لمسحها بمنديل مبلل قائلًا:
_"وهي هتحميكي بإنها تعمل حمام عليا؟ أبقي هاتلها pampersأسهل."



ضحكت بتعب وهي تلمس بأطراف أصابعها كدمات وجهها فتصنعت الغضب وهي تغلق النافذة بقوة 
مما جعله يبتسم قائلًا بصوتٍ مرتفع وصل لمسامعها:
_" بتقفلي في وشي؟"



أختفت ظلها عن النافذة فهي شعرت بالتعب جلست مكانها على الفراش تستريح قليلًا أما هو فتأفف :
_"دي حتى العصفورة بتحميها."



ركض قاسم إلى الداخل فدلف للمرحاض ووضع رأسه أسفل صنبور الماء ليزيل أي شيء وأي رائحة.
رن هاتفه فأخرجه :
_"إيه يا عمار فينكم؟"



_"نزلنا من الطيارة بقالنا شوية أبعت اللوكيشن.. إيه الصوت دا في مياة...إنتَ بتعمل إيه؟ "



أغلق قاسم الصنبور ثم قال :
_"بغسل راسي من الحمام."



_"تقصد في الحمام."



تأفف قاسم :
_"مش هنختلف الأتنين قرف ...أقفل هبعتلك اللوكيشن."



أغلق الخط، وأرسل الموقع مباشرة، ثم أعاد ليُقظ أصدقاءه 



_____________________



نظرت يارا حولها فقالت بابتسامة: 
_"عايزه أتصوّر هنا ."



التفت خالد نحو آدم بابتسامة:
_" آدم بيصوّر حلو."



اشارت يارا له وهي تمد يدها بهاتفها :
_"خد صورني يا فنان."



رفع حاجبه باستفزاز متعمد:
_" لا، مش هصوّرك."



يارا باندهاش مصطنع: 
_"بقى كده؟! ماشي، ماشي."



كان عمار يسير أمامهم ولم يعقب على كلامهم، لكنها لم تعرف أنه كان يتمنّى أن يصوّرها، لكنه خشي أن يُحرجها أمام الجميع.



وقف بحماس قائلًا، على عكس عادته ربما غيرت به بعض الأشياء دون أن تشعر :
_" طب تعالوا نتصوّر كلنا بقى."



جميلة وهي تصفق بخفة:
_" فكرة حلوة جدًا."



وقفوا جميعًا وتجمّعوا في وسط الطريق.
أمسك عمار بالهاتف، ووجّه الكاميرا نحوهم، ثم التُقطت صورة تذكارية التقطت لحظة صافية من الحب والدفء.



همست جميلة لعمار وهي تلمحه بطرف عينها وتغمز: _"طول عمرك دبلوماسي يا ميرو."



أردف ضاحكًا:
_" امشي يا ماما من هنا."



وضعت يدها على كتفه بحنية: 
_"لينا بيت يلمّنا ها"



نظر خالد للصورة في الهاتف: 
_"يا جماعة، الصورة دي لازم تتعاد لما كلنا نتجمع."




        
          
                
عمار: 
_"خلاص نبقى نتصور تاني.
الأيام جاية كتير، ومظنش إننا هنتفرق. "



**



بعد دقائق، دخل عمار وباقي الشباب الفيلا، وما إن رفع باسل رأسه ليرى "يارا" التي تدلف معهم الآن !



تجمّد في مكانه. وجهها... وجه جومانا؟



كان الشبه بينهما مذهلًا، حدّ الصدمة.



في هذه اللحظة، كانت جومانا تنزل الدرج ببطء، بينما الجميع في الأسفل يتبادلون التحيات والتعارف.



اقتربت يارا من مراد، وجهها يعبّر عن انزعاج واضح : _"رنيت عليك واحد وعشرين مرة وانت مردّيتش"



ابتسم بمكر:
_"إشمعنا واحد وعشرين؟ ليه مكملتهومش خمسة وعشرين مثلًا ......عندي ليكي مفاجأة."



تلاشت ابتسامتها واردفت باهتمام مشوب بالتوتر:
_" فين؟"



مراد وهو يشير بعينيه نحو الدرج: 
_"نازلة على السلم."



التفتت يارا بتلقائية، وعيونها تسبق تفكيرها، لتجد فتاةً تشبهها إلى حد التطابق عدا أختلافات بسيطة تنزل بهدوء.



توقفت عن الحركة.



لم تصدق.



حدّقت فيها، ثم تقدّمت خطوة بخطوة، والدموع تتجمّع في عينيها قبل أن تنفجر.



يارا، بصوت مرتجف، تتلعثم من الصدمة:
_" انتِ... انتِ عايشة؟! والله كنت حاسة... كنت بحس بيكي، بصي اسأليهم، عمري ما نسيتك، والله عارفة لما حد فيهم كان بيقولي إنك موتي؟! كنت بزعل أوي، لأني كنت متأكدة إنك عايشة... انتِ حتة مني يا جومانا..."



كانت تتحدث بسرعة، لا تلتقط أنفاسها، كأن قلبها هو من يتكلم، لا لسانها فأكملت وهي مازالت في صدمتها :



_" كانوا بيفضلوا يدعولك كتير أوي، وأنا لما عرفت إن الرحمة تجوز على الحي والميت، كنت بقعد أدعيلك أكتر... كنت متأكدة إنك هترجعي في يوم... انتِ وحشاني أوي..."



جومانا كانت صامتة، عيناها غارقتان في الدموع، لا تعرف ماذا تقول.



تقدّمت يارا، واحتضنتها بقوة.



كان عناقًا طويلًا، صامتًا، مليئًا بكل ما لم يُقل.



كيف لا اشعر بكِ وأنتِ قطعة مني؟ أنتِ شبيهتي... أنتِ جزء من روحي.



وقف الجميع يتأمّلون هذا المشهد دون أن يقطعوه، حتى قال مصطفى، محاولًا أن يخفف الأجواء:
_"خلاص بقى كفاية عياط، البِت لسه راجعة من المستشفى."



يارا وهي تمسك بيد أختها وتجلسها برفق:
_" انتِ كنتي في المستشفى؟"



جومانا، تمسح دموعها وتضحك من قلبها: 
_"آه، بس سيباكي تحضني فيا لحد ما دراعي كان هيتكسر"



_"طب تعالي اقعدي... وحكيلي."



جلس الجميع، وتحلّقوا حولها بحب، ومعهم سهام، التي أحبّتهم جميعًا من اللحظة الأولى، لكنها كانت تخفي سرًا بداخلها، سرًا تتردّد كثيرًا قبل أن تفصح عنه.




        
          
                
وبينما الأحاديث تتناثر كحبات المطر، رنّ هاتف قاسم، فردّ بسرعة:



_"أيوه يا جاسر."



جاسر، صوته واضح ومباشر:
_" وصلوا يا قاسم؟"



قاسم، وهو ينظر للجميع:
_" آه كلنا سمعينك."



_" احنا كلنا هنبقى متجمعين عن الجبل
بس أنا محتاج مساعده من آدم."



آدم، وهو يرفع رأسه باهتمام:
_" أؤمرني يا باشا."



_" هبعتلك رقم عايزك تعرف مكانه،
وفى جزء بكره لازم يروح على المكان ده."



عمار وهو ينظر باستغراب:
_" مكان مين ده يا جاسر؟"



جاسر: 
_"رهف."



نهض خالد عن مقعده فجأة:
_" إيه اللي حصل لرهف يا جاسر؟"



جاسر محاولًا أن يهدّئه:
_" متخفش هي كويسة بس نقلوها مكان تاني."



باسل: 
_"طب هي معاها تليفون يعني؟"



تذكر جاسر تلك السلسلة الرقيقة التي جلبها لها : 
_"لا، أنا كنت شاري لها سلسلة من فترة فيها خط وفيها GPS، بس انت عارف إني بقفل تليفوني كتير، عشان كده بقولك يا آدم اعرف موقعها."



آدم، وهو يفتح اللاب توب أمامه: 
_"قول الرقم."



قال له جاسر أرقام ذلك الرقم فهتف آدم:
_"تمام، هعرف مكانها وهراقبه أول بأول."



خالد، بعزم:
_" إحنا نروح نجيبها النهاردة."



جاسر:
_" أوعى يا خالد تعمل كده. بكره في نفس المعاد اللي هنقبض فيه عليهم، انت خد معاك حد وهاتها... وأنا لو في جديد هكلمكوا."



**********



حين أغلق جاسر الخط مع الشباب، ظل لدقائق يتأمل رقمها المحفوظ في ذاكرته. اشتاق لصوتها، لضحكتها، لدفء كلماتها. تردد لحظة، ثم كتب الرقم وضغط زر الاتصال.



رنّ الهاتف... لم تُجب على الفور، ثم جاءه صوتها:



_"ألو؟ مين معايا؟"



ساد صمت غريب. لم ينطق.



_"مين؟" كرّرت بنبرة توحي بالقلق.
ثم أغلقت الخط.



رن الهاتف مرة أخرى، فردت هذه المرة كانت غاضبة:



_"طب والله لو ما قولت انت مين لـ..."



تردد صوت جاسر، مرتبكًا لكنه دافئ:
_"بس بس... بس... أنا جاسر."



لم تنكر كم طار قلبها من الفرحة لكنها أخفت كل هذا الشوق:
_"وسيدتك جاي تفتكر دلوقتي إن في كلبة هنا تسأل عليها؟"



_"والله مش بإيدي ."



ضحكت بسخرية:
_"وحضرتك هتفضل تغير أرقام كتير كده؟
متعاقد إنت مع الشركة؟"



انفجر ضاحكًا:
_"آه، متعاقد."



فقلدته بخفة ظل:
_"آه، متعاقد... ناويين ترجعوا أمتى؟"




        
          
                
ردّ بحماس:
_"لو دعيتيلي من قلبك بجد، احتمال بعد بكره كده، وهاجي أعلّق معاكي زينة العيد يا جميل بس في كتب كتابنا."



سكتت قليلًا، ثم قالت بقلق:
_"جاسر..."



_"نعم؟"



_"هو أنا ممكن أطلب منك طلب من غير ما تتحول عليا؟"



_"لا متخافيش مش هتحول. قولي إللي إنتِ عايزاه."



_"ممكن نأجل كتب الكتاب للعيد الكبير؟"



صمت لحظة، ثم ردّ بهدوء وتفهّم:
_"اللي انتي عايزاه يا قلبي."



_"بجد؟"



_"بجد."



_"مش متضايق؟"



وقف بهدوء يسير بالغرفة أجمعها قائلًا:
_"يا سهر، أنا مفيش حاجة تهمني غيرك.
يهمني راحتك وبس. أنا عارف إنك ممكن تكوني قلقانة مني وأنا مقدر ده... بس أنا مش حيوان يا سهر."



قالت بصدق:
_"والله مش قلقانة منك، بس أنا فعلاً خايفة."



_ "ولا تخافي ولا حاجة. كتب الكتاب في العيد الكبير زي ما انتي عايزة، والفرح بعد سنة زي ما والدك عايز. هو كتير عليا، بس أنا مستحمل."



_"ربنا ميحرمنيش منك أبدًا."



_"طيب، أنا هقفل دلوقتي. إدعيلي يا سهر."



_"بدعيلك يا قلبي."



___________



كان الجو في البيت يعج بالضحك والتجهيزات. داخل الصالة، جلس آدم يتفقد أوراقًا على جهازه المحمول، ثم قال:
_ "أنا لقيت مكانها."



خالد اقترب منه متحمسًا:
_ "طيب قول بسرعة"



لكن عمار أشار له بإصبعه أن يصمت. تبادل نظرة سريعة مع آدم، فتفهم الأخير الإشارة وقال:
_"هتأكد وأبقى أقولك بكره."



ثم غيّر الموضوع بسرعة وهو ينهض واقفًا:



_"أنا هخرج في الجنينة أشم هوا."



____________
أما الفتيات، فأصررن على البقاء سويًا، وتجمعن جميعًا في غرفة جومانا. ضحكاتهن كانت تتردد في أرجاء المكان، وهن يتبادلن القصص والمواقف.



رن الهاتف، وكانت مكالمة فيديو من سهر.



ظهرت على الشاشة، مبتسمة:
_""وحشتنيي! إيه دا! بسم الله الرحمن الرحيم... إنتو بتتكثروا ولا إيه؟"



انفجر الجميع بالضحك،قالت سهر وهي تضحك:



_"لا استنوا، أنا لازم أدخل سيلين في المكالمة."



جومانا استغربت:
_"مين سيلين؟"



يارا ردت بسرعة:
_"بنت خالك... اللي هو اللواء علي."



ظهر صوت سيلين من الطرف الآخر:
_"حد يتصل بحد في الوقت دا؟"



يارا :
_"نتيجتك طلعت ولا لا يا ساقطة؟"




        
          
                
شردت سيلين وهي تنتقل ببصرها يمينًا ويسارًا بين ذلك الثنائي المنطبق برقت عينيها على أخرها وقالت شاردة :
_"إنتم حاطين فلتر !؟ ولا إنتِ طالعة بمنظرين؟ ولا دا أثر الصيام؟"



ضحكت يارا وهي تنظر لشقيقتها وأحتضنتها بقوة ناظرة إلى الهاتف مردفة :



_"لا عايزاكِ تمسكِ نفسك ديه جومانا... توأمي."



برقت عينيها وهي تضع يدها على فمها قائلة بغير تصديق :
_"إللي ماتت؟!"



ضحكت سهر بصوتٍ عالٍ وهي لا تفقه شيء :
_"ينهر اسوح! المكالمة دي ملبوسة أكيد!"



ضحكت جميلة هي الأخرى:
_"بس اسكتوا دا إنتو مجانيين... البت اتخطفت ما ماتتش."



تأثرت ملامح وجه سيلين وهي تنظر لهم وتتذكر في طفولتها عندما كانت امرأة خالها تنهار على فقدان ابنتها لكنها شعرت بفرحة وأن كل هذا إنتهى الآن ! فقالت بمزاح :



_"يعني خلاص إنتِ موجودة بجد ؟ 
يا حبيبتي يا بنت عمتي ..."



يارا حذّرتها بنبرة جدية:
_"عارفة لو قولتي لأي حد عندك أنا هعمل فيكي إيه؟"



_"لا يا كبير... متخفيش. إنتو كلكوا ضباط في بعض، ماعدا أنا والبت الغلبانة ديه، تتكتروا علينا تحبسونا ولا حاجة."



تدخلت جنات بهدوء:
_"أنا ماني ضابط."



سهر :
_"لا انزلوا بالترجمة بقى."



ضحكت جنات وقالت بلهجتها:
_"لك بحكي جاد."



جميلة :
_"بت... احترمي نفسك دي البسكوته بتاعتنا."



_"لك تأبرني."



فركت سهر بيدها تمنت لو كانوا معها جميعًا في تلك الأيام نبرتها كانت مشتاقة :
_"أنا عايزة أقولكوا حاجة يا بنات."



تكلمت شيرى التي أندمجت بينهم وشعرت بالدفء والطمأنينة بينهم :
_"قولي."



لاحظت سيلين سألت، صوتًا جديدًا فنظرت باهتمام تجاهها قائلة بتساؤل :
_"وأنتِ مين بقى؟"



ابتسمت شيري :
_"أنا شيري... يعني اعتبروني أختكم 
أنا متربية مع جومانا... يعني زي أختها."



أمسكت جومانا يدها وجذبته إلى أحضانها ، 
اردفت سهر وهي تغمز بعينيها لشيري بانبهار :



_"يا لهوي! أنا هيبقى عندي أخت عسل كده؟!"



أكملت سهر، وهي تضع يدها على قلبها الذي كاد يتوقف من تلك المشاعر المضطربة بالفرحة والخوف :
_"أنا لسه قافلة مع جاسر... واتكلمنا في موضوع كتب الكتاب."



قفزت جميلة من مكانها:
_"ها! هيبقى امتى؟"



_"على العيد الكبير بإذن الله."



قبضت سيلين ما بين حاجبيها:
_"يا بنتي مش كان على العيد الصغير؟"



_"ما هو أنا متوترة وكده، فقلتله نخليها على الكبير... وهو وافق."



علقت يارا بابتسامة مطمئنة:
_"على خيرت الله."



قالت سهر بإصرار:
_"أنا عايزاكوا كلكوا معايا... مش عايزة واحدة تنقص... ماشي؟"



جومانا :
_"ماشي."



دارت عيني سهر بينهم العديد من المرات :
_"هي فين أختي ؟ انا من ساعة ما سافروا وانا متكلمتش معاها وجاسر بيتوه ويقولي كويسة"



قالت جميلة بتوتر وهي تشير لجومانا:
_"نايمة... شوفتي بقى؟!"



سهر:
_"هي غيبوبة بس انا حاسة إن في حاجة قولولي لو مش معاكم ."



يارا :
_"حبيبتي أختك كويسة وإحنا إحتمال نيجي بكره أو بعده وهتبات في حضنك متقلقيش. "



أغلقت المكالمة ،بسبب تأخر الوقت فهم الآن يجب أن يتجهزوا لإنهاء تلك المهمة ..... اجتمع الشباب حول الطاولة يناقشون خطتهم للمساء. الجو كان حيويًا، وكل منهم يُبدي رأيه بحماسة.



قال مراد وهو ينظر إلى جومانا ثم إلى قاسم :
_"قاسم إنتَ هتستنى مع البنات في البيت علشان جومانا لو حسن عمل حاجة ."



أومأ قاسم برأسه وهو ينظر إلى عينيها التي توجهت إليه ، تملكه القلق الذي نهش قلبه لكنه في النهاية تنفس وهو يرى نظراتها :
_"على خيرت الله ."



تبادلوا النظرات، واتجه كل منهم لمهمته بجدية
ممزوجة بالحماس.



************
يتبع....
 

        


google-playkhamsatmostaqltradent