Ads by Google X

رواية الكتيبة 101 الفصل الرابع عشر 14 - بقلم يارا محمود شلبي

الصفحة الرئيسية
الحجم

  

رواية الكتيبة 101 الفصل الرابع عشر 14  -  بقلم يارا محمود شلبي

الفصل الرابع عشر|الموضوع فيه إنَّ|
                              
                                    

صل على نبي الرحمة وشافع الأمة🤍🦋



____________________
 
______________



قراءة ممتعة 🤍🤍🤍🦋



________________



الفصل الرابع عشر |الموضوع فيه إنَّ|



بكيت طيلة أيام لأنتهي من ذلك الكابوس ولكنني أشعر أنه لن ينتهي بل إنه يبدأ للتو ••••••



رحل علي تاركهم يقفون مع بعضهم البعض كل واحدٍ منهم يحمل داخله الكثير والكثير كان الصمت سائد عليهم نظراتهم فقد بعضها تحمل أصرار والآخر تحدي وقوة وآخرى معلقه على سيارة التي ركب بها جاسر تنهدت بتعب حينما شعرت أخيرًا بالأمان وهي مع أخيها الذي يضع يده على كتفها قاطع هذا الصمت عمار حينما أردف :
-"ناوي تعمل إيه يا خالد؟" 



وقف خالد بجوار إخوته بحذر وقال: 
-"ناوي أرجع البيت علشان أطمن أمي وأبويا."



سكت لحظة ثم أكمل: 
-"مش هينفع نرجع الفيلا عند مراد
دا حتى عمي صالح مش طايقنا هناك."



ضحك مراد وقال:
- "بصراحة… آه."



ضحكوا جميعًا، فهزّ عمار رأسه وقال:
-"أنا كمان لازم استأذن يلا يا جميلة ."



قال مراد:
- "تمام نتقابل بكرة إن شاء الله."



قال الجميع:
- "إن شاء الله."



___________________
_____________
______
___
_



كانت الطائرة في طريقها إلى أمريكا 
جلس قاسم بجوار مصطفى الذي سأله:
- "إنت تعرف الشخص إللي رايحين له دا؟"



أجابه قاسم:
- "آه كان زميلنا أنا وعمار، بس هو أكبر مننا."



-"إزاي دا؟" 
قالها مصطفى بدهشة



قاسم:
-"هحكيلك… كان في مشاكل بينه وبين والده،
أبوه كان عايزه يشتغل معاه في شركاته، 
فدخله تجارة أعمال وبزنس.
وبعد ما خلص قدم في الجيش الجوي واتقبل، وإحنا اتفاجئنا إن المخابرات طلبته يبقى في الفريق معانا ."



سأله مصطفى:
- "طب وأخته؟"



رد قاسم: 
-"معرفش عنها حاجة بصراحة
بس لما كان بيتكلم عنها،
كان بيقول إن أبوه مش بيحبها تنزل مصر."



-"إزاي دا؟"



قال قاسم بنفاد صبر:
- "يا عم أنا مالي! ابقى اسأله لما نوصل،
واسكت بقى."



-" متتكلمش معايا كده تاني!" قالها مصطفى بضيق.



رد قاسم وهو يحاول إنهاء الحديث: 
-"نام يا مصطفى ربنا يهديك."



سكتا
لكن عقل قاسم كان مشغولًا… غارقًا في ذكريات قديمة
التي الآن قد أحتلت عقله وغزت قلبه ذكريات مريحة لكنها لعينه تمزقه وتمزقه قلبه ليزفر بدلًا من عينه دمًا وليس دموعها.

         
                
كان يتحدث مع خديجة على تطبيق "واتساب" حيث بعتت له رسالة محتواها
*شكرًا إنك ساعدتني. *



رد بعد فترة: 
*أكيد إنتِ خديجة
العفو، على إيه بس؟ *



*يعني قابلت واحدة متعرفهاش تايهة
وصلتها، كان ممكن تسيبني في الشارع عادي.
محدش بيعمل كده في الزمن دا. *



*أنا عملت بالأصول اللي اتربيت عليها، 
وأنا عندي أخت، فلازم أراعي ربنا في بنات الناس. وبعدين شكرًا يا ستي على المجاملة دي. *



تنهدت براحة وهي تكتب له 
*بس أنا مش بجاملك
إنت شخص محترم وقلبك أبيض. *



قبض ما بين حاجبيه واصبعه تتحرك على شاشة الهاتف ليكتب لها من طريق الحروف الصغيرة 
*كل دا من أول مرة شفتيني فيها؟
لا، دا إنتِ شكلك واقعة أوي. *



توترت خديجة ولم تعرف كيف ترد
فكتبت مسرعة:
*تصبح على خير. *



سألها بأهتمام بعدما وجد أنها أغلقت المحادثة بالكامل بينهم 
* هو إنتِ اتضايقتي؟*



*لا مضايقتش *



*أتمنى دا… وانتِ من أهله.*



أغلقت المحادثة وأخذت تبتسم وهي تتذكر جدعنته معها وتعاطفه مع الأطفال المشردين، 
ودعت ربها أن يكون هو نصيبها في الدنيا.



أفاق قاسم من شروده على صوت المضيفة وهي تبتسم له باحترافية:
- "ممكن حضرتك تتأكد إن الحزام مربوط كويس؟"



نظر لها قاسم وقال: 
-"آه مربوط ممكن تكملي شغلك؟"



ابتعدت المضيفة محرجَة،
أما هو فعاد ليستعيد ذكرياته معها…



كان قد تعلق بها كثيرًا. 
تحدث معها أكثر من مرة، 
ثم قرر أن يجمع معلومات عنها، 
فقد شكّ في أمرها… كانت ترتدي ملابس فخمة جدًا، لكن كيف لها أن تسكن في حي شعبي؟
وحين علم بالحقيقة طلب منها أن يلتقيا.
وقبلت هي لكنها شرطت عليه أنها ستكون المرة الأخيرة ولن تتحدث معه مجددًا ولن تراه بعدما شعرت بأن كل هذا سيتعبها في دنيتها وستعاقب عليه في آخرتها لكنه أقنعها بأنها ستكون المرة الآخيرة .



دلفت إلى هذا المكان الذي اتفقا أن يتقابلا به رأته من بعيد يجلس على طاولة قريبة من مدخل المطعم فذهبت له وجلست على الكرسي المقابل لمقعده فقالت بعدما جلست
-"أتفضل قول إللي عندك أدينا في المكان إللي قولت عليه. " 
قالتها خديجة وهي تضع حقيبتها أمامها على الطاولة لكنه هو أقترب أكثر من الطاولة يستند عليها لتصبح يديها الأثنين فوق بعضهم ونظراته كلها معلقه بها 
ابتسم بمكر قائلًا : 
-"أنا عايز أقولك إني حبيتك."



نظرت له بصدمة:
- "إيه؟ إنت حبيتني أنا؟"



أجابها وهو على الوضع ذاته :
-"أيوه يمكن حسيت أكتر بده لما قولتيلي إنك مش هتتكلمي معايا تاني فأنا حابب أحدد معاد مع أهلك علشان أتقدم لك، وأنا عارف العنوان فحددي إنتِ الميعاد إللي هتكوني فاضية فيه ."




        
          
                
ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت: 
-"قاسم أنا مش ساكنة في العباسية."



تظاهر بالدهشة: 
-"إزاي؟!"



قالت بخجل:
- "أنا آسفة إني كذبت عليك."



-"مش فاهم حاجة… ممكن توضحي كلامك؟"



رفعت خصلت شعرها عن وجهها قائلة وهي تفرق بأصابعها :
-"قبل أي حاجة عايزاك تعرف إني حبيتك،
من قبل حتى ما أتكلم معاك."



كان يستمع لها باهتمام شديد حتى أكملت:
-"أنا ساكنة في المكان إللي كل يوم كنت بتيجي تجري عنه، كنت بشوفك كل يوم وإنت بتجري في الشارع جنبنا. 
وأوقات كنت بشوفك واقف مع أخويا، 
عارفة إنكم مش أصحاب أوي، بس كنت بنبسط لما بشوفك معاه.
اتعلقت بيك وبأخلاقك، لأن كان في بنات كتير في الشارع بيعاكسوك، وإنتَ مكنتش مهتم بيهم،
ودي حاجة حبيتها فيك جدًا.
وبعدين، قررت أتكلم معاك وقابلتك لكن مردتش أقولك إني ساكنة هنا علشان متفتكرش إني مرتباها. 
البيت اللي في العباسية كان بيت واحدة صاحبتي
بس حالتها المدية مش مستقرة ودا مش عيب فيها بالعكس دا كفاية جوهرها وأخلاقها وحنيتها على كل إللي جمبها كانت كل لما تحب حد كان بيسيبها علشان المنطقة والسكن وإن أهلها مش من مستوى أهله
أنا كنت حابة أختبرك… لو أنا مكانها هتكمل معايا ولا هتسيبني علشان مش من مستواك؟"



نزلت دموعها، ثم أكملت بصوت مختنق: 
-"أنا آسفة بجد إني خدعتك… ولو مش عايز تكمل
أنا ممكن أبعد."



مسح دموعها بيده وقال:
- "أنا مش عايزك تعيطي تاني
وإنتِ مش هتبعدي عني لأنك روحي 
أنا حبيت خديجة مش المكان اللي هي عايشة فيه. وبعدين أنا كنت عارف الحقيقة بس كان نفسي إنتِ اللي تحكيهالي لأن الثقة أهم حاجة بينا."



-"يعني… إنت مسامحني؟"



-"أيوه تعالي بقى أوصلك وأطلب إيدك من أخوكي.
أنا كلمته إمبارح."



-"بجد؟! إنت عملت كل دا علشاني؟"



-"وهعمل أكتر من كده علشان بحبك."



قاطع كل بحر الذكريات الذي غرق به للتو صوت صديقه وهو يعيده إلى الواقع الأليم



-"قاسم! مالك؟ فوق إيه دا… إنت بتعيط؟"
قالها مصطفى بقلق.



صمت قاسم ولم يتحدث معه فتنهد مصطفى بهدوء : -"عارف إنك كنت بتحبها أكتر من نفسك. 
مش هقولك إني حاسس بيك، لأن عمري ما جربت إحساس الحب بس اللي أقدر أقولهولك… حاول تفوق على الأقل علشان شغلك وأصحابك والأهم… أختك وأمك يا قاسم."



هزّ قاسم رأسه وقال بحزن: 
-"مش قادر يا مصطفى… الاتنين يموتوا ورا بعض؟ أبويا وهي؟ وكل لما أفتكر إنها ماتت وأنا معاها 
وإني السبب، بحس إني مش طايق نفسي… المفروض كنت أنا اللي أموت مش هي."



صوته كان يزداد ألمًا حينما أضاف وهو إلى الآن لا يصدق لا يصدق أنها رحلت وبقت معه بعض الذكريات : 
-"بفتكر ضحكتها.وشقاوتها، وفرحتها لما اتخطبنا 
ولما كتبنا الكتاب… كانت في قمة سعادتها،
مش عارفة إن دي آخر مرة هتفرح فيها في حياتها. ماتت في شهر العسل،
يا مصطفى… إنت متخيل؟ كنت واقف مش قادر أنقذها! عمري ما هسامح نفسي."




        
          
                
قال مصطفى بحزم: 
-"أوعى تقول كده يا قاسم!
دا قدرها ومكتوب عليها إنت كده بتعترض على قضاء ربنا ادعيلها يا قاسم هي أكيد مبسوطة بيك
لأنك لسه بتشوف أمها 
وبتبعت فلوس لصحبتها ولسه فاكرها."



هزّ قاسم رأسه وقال بصوت خافت: 
-"بدعيلها يا مصطفى…"



-"خلاص اهدى بقى وروّق."



_________________



في مكان شبه مهجور، جلس باسل بدموع ممتزجة بالوجع والصدمة من أفعال ذلك اللعين.



-"ليه… ليه؟؟ ليه تعمل كده؟! 
أهلها ذنبهم إيه؟ هي ذنبها إيه تعذبها كل السنين دي؟! والله لهحبسك."



وقف معتدلًا، رتّب قميصه وشعره الغزير، وأقسم أنه سينتقم منه ، رنّ هاتفه برقم غريب.



-"?!How are you" قالها باسل بعصبية



ضحك الصوت في الطرف الآخر: "?!How are you ماشي يا عم؟ نسيت صحابك؟
دا كان عيش وملح يا بيسو."



اتسعت عينا باسل بصدمة عند سماعه ذلك اللقب: -"اوعى تقول… قاسم؟!"



-"أيوه قاسم يا بيسو."



ضحك باسل وقال: 
-"يا ابن اللذينة! وحشتني يالا 
انت وكل اللي كانوا معانا! 
بس رقمك باين إنه دولي… اوعى تكون هنا؟!"



أجابه قاسم وهو يسير وينظر إلى صاحبه:
-"هنا طبعًا."



-"احلف!"



-"والله."



-"جاي ليه؟!"



-"جاي علشانك إنت وأختك."



-"ينهار أبيض! 
سيادة الرائد قاسم الجارحي بذات نفسه جاي علشان نرجع فريق واحد؟!"



قال قاسم بغرور مصطنع:
- "أمال إيه يا بني؟ دا إحنا هندمر الدنيا!"



-"إنت فين ومين معاك؟!"



"أنا والله يا بني ما أعرف  ..."
صمت للحظة وهو يقف في منصف الشارع يحاول أن يصف له أحد شوارع تلك البلد التي هو بها الآن 
-"يا معلم أنا في شارع واسع العربيات طايرة كأن في خصم 90٪ على الحياة...... غالبًا نيويورك.... معايا مصطفى أهو ماشي عمال يبص في الساعة مع إن عقرب الساعات بتاعها ضايع أصلًا عاملي فيها مهم الأستاذ. "



تعالت ضحكات باسل وهو يقود سيارته فقد أخرجه قاسم من كل صدمات اليوم فقال : 
-"طب خليك عندك أنا جايلك في الطريق ونشوف مصطفى كان عمار بيتكلم عنه… أديني هشوفه."



-"خلاص تمام أنا مستنيك."



كانت مكالمة قاسم كالماء الذي أطفأ براكين النار في قلب باسل، فهدأ قليلًا وقاد سيارته إلى ذلك العنوان ليقابل صديقه.



أما مصطفى فتعلقت عينه على فتاة تسير أمامه فقال بعدما رفع عينه عن ساعته :
-"يا حلاوة نيويورك وإنتاج نيويورك أموت أنا في الفراخ البيضاا."




        
          
                
تابعه قاسم بصمت وهدوء لكن لم تظهر على معالم وجهه أي تعبير يوحي بالهدوء حيث أقترب منه قائلًا:
-"لما حضرتك تعاكس في الفراخ البيضا سيبت إيه للصيع إللي ميعرفوش حاجة عن دينهم ولا أتعلموا يغضوا بصرهم؟! هتروح النار بموتوسيكل."



تركه ورحل لكن الآخر قال بصوتٍ عاليًا 
-"رايح فين هتسيبني؟! الموتوسكل بيكفي اتنين تعالى ورايا."



__________________



دلف خالد إلى منزله فهو كان يقنط في الطابق الثالث من تلك العمارة التي تقع في حي متوسط نسبيًا مع أهله 
وضع خالد مفاتيحه وفتح الباب دلف بصوتٍ جهوري وهو يصيح وخلفه شقيقتيه :
-"ماما! ماما! يا ماما!"



خرج محمد من غرفته وهو يقول بضيق:
- "جرى إيه يا ابن الجــ***ـزمة؟ ما توطّي صوتك شوية!"



ثم توقف عن الكلام وحلت الصدمة على وجهه
عندما رأى بناتيه.
خرجت أمهما سماح وهي تقول بغضب: 
-"بتشتمني يا محمد؟!"



لكنها أيضًا توقفت عندما رأت الفتيات، وامتلأت عيناها بالدموع تصنمت وبقيت هكذا لا تنطق ولا تتحرك فقط تنظر وتبكي تبكي وهي تنظر إلى أبنتها الكبرى التي ترتمي في أحضان أبيها ،ظهر صوتها من بين شهقاتها: -"وحشتني يا أحسن حد في حياتي!"



محمد وهو يحتضنها بقوة:
- "إنتِ رهف؟! كنت حاسس والله! 
كان قلبي بيقول إنك لسه عايشة."



ركضت سهر إلى أمها وقبّلت يدها: 
-"وحشاني أوي! أنا اتمرمطت من غيرك والله
هعمل لك كل حاجة إنتِ عايزاها! 
بصي مش كنتِ بتزعقي لي علشان مش بغسل معاكي المواعين؟! والله هغسلها كل يوم! 
وشايفة البيت الكبير ده؟ والله مستعدة أمسحه كل يوم بس ما أبعدش عنك تاني يا ماما."



بكت سماح بشدة وهي تعانقها: 
-"إنتِ هبلة؟! دا أنا كنت هموت من غيركم!
إنتم اللي كنتوا ماليين عليا البيت."



تحدث خالد بدموع فرحة:
- "طب إيه؟ مش هتسيبوهم يرتاحوا شويه علشان يهدوا؟!"



قالت سهر بإصرار: 
-"أنا مش هتحرك من هنا!
هفضل قاعدة معاكوا حتى هدومي مش هغيرها."



جلست على الأريكة، ثم وضعت رأسها على قدم والدها: "عمري ما هخالف كلامك أبدًا!
أنا مستعدة أقعد القعدة دي لغاية لما أموت!"



محمد وهو يربت على رأسها بحنان:
"ليه يا سهر الكلام ده؟ دا أنا مصدقت 
وبعدين إنتِ اتغيرتي أوي! فين سهر اللي ضحكتها مش بتفارق وشها؟ اللي كانت مالية البيت ضحك وهزار؟ راحت فين؟!"



ثم أكمل وهو يزيح دموعها عن خدها:
- "مش عايز أشوف دموعك، 
لا إنتِ ولا رهف ادخلوا ناموا عقبال لما الغدا يجهز."



-"بس…" قالتها سهر بتردد.



-"مفيش بس ادخلي بقى."
- قالها محمد بحزم.



ذهبت الفتيات إلى غرفهن ليستحممن ويرتحن قليلًا.
أما في الخارج، وضع محمد يده على كتف خالد وقال بفخر: 
-"كنت عارف إني مخلف راجل! 
راجل قد المسؤولية
راجل يا خالد أنا بفتخر بيك يا خالد."




        
          
                
وقف خالد أمام والده واحتضنه بشدة، ثم احتضن أمه التي كانت تبكي مسح دمعتها بيده: 
-"خلاص بقى… أنا جعان يا ماما."



ضحكت سماح وسط دموعها: 
"هقوم أحضر الأكل يا قلب ماما."



___________



جلست رهف على سريرها بعد أن بدّلت ثيابها، وهي تفكر بقلق: "أنا لو قلت لهم حاجة ممكن يتفضح… لازم هو اللي يكشف نفسه ليهم أنا لازم أسكت…"



ثم استلقت على سريرها وهي تهمس:
- "مش عارفة… ضهري اتقطم من ربط الكرسي… وحياة أمي لما تخرج يا جاسر الكلب…"



_____



وقفت تحت الدش، وأغمضت عينيها وهي تتمتم: 
-"يعني مش هشوفك تاني…؟ طبعًا، دا انت أكيد هتتعدم… كان نفسي تسلم نفسك وتتوب…"



ثم انتفضت وهي تفتح عينيها بسرعة: 
-"وأنا زعلانة عليه ليه؟!"



سكتت لحظة ثم صرخت: 
-"آه… حبيته! حبيت مجرم!"
شهقت كأنها صُدمت من اعترافها فخرجت من الحمام، بدّلت ملابسها وحاولت النوم.



___*******____******______****___



مزلت جميلة من السيارة ثم تبعها عمار.
بمجرد أن دخلا إلى الفيلا صرخت بيلا بسعادة: 
-"عمار! انت رجعت!"



ركضت نحوه واحتضنته نظرت لهم جميلة بغضب مصتنع وقالت : 
-"طب يا جماعة أنا هرجع بقى يلا سلام!"



دخل عمر إلى الفيلا بعد عودته من العمل فابتسم وقال: "حبيبة أبوكِ تعالي في حضني وسيبك منهم."



ركضت جميلة إلى أحضان والدها، فاحتضنها لدقائق، ثم نظر إلى بيلا وسحبها برفق من عمار وقال له بحده:
-" ياريت تكون خلصت .... أنا جعان ياريت تطلعوا تغيروا هدومكم عقبال لما الأكل يجهز."



نظرت جميلة لعمار بعدما ذهب أبيها وأمها من أمامهم قائلة :
- "إحنا بنطرد يا أستاذ!"



عمار وهو يضحك:
- "طب يلا نطلع بدل ما نضرب!"



____
صعد عمار إلى غرفته بدّل ملابسه إلى بنطال أسود وتيشرت ضيّق يبرز عضلاته، ثم أمسك هاتفه يتفحصه قليلًا، لكنه ألقاه بملل.



شرد في أفكاره ثم ابتسم وهو يتذكر غضبها عندما أحتضنها.



-"شكلي كده وقعت… ولا حد سمّى عليا." 
قالها وهو يضحك.



________



بدّلت جميلة ملابسها، وعندما جلست على الفراش وجدت هاتفها يعلن عن أحد يهاتفها أمسكته فقبضت بين حاجبيها وهي ترى أنا الرقم مجهول فأجابت
-"ألو؟" 



جاءها صوت مجهول:
- "وحشتيني."



-"مين؟!" 
سألته فهذا الصوت مألوفًا بالنسبة لها لكن المتصل أغلق الخط.



نظرت إلى الهاتف بخوف:
- "أكيد مش هو…"



قاطعت أفكارها طرقات شقيقها على الباب:
"الأكل جهز ."




        
          
                
-"حاضر نازلة يا عمار."



جلست جميلة وعمار حول المائدة في انتظار بيلا أبويهما فكان عمر يجلس بالقرب من زوجته في غرفة المعيشة
فلاحظ شرودها الواضح، فاقترب منها قليلًا وهمس:
-"مالك يا بيلا؟"



رفعت عينيها إليه بابتسامة باهتة وقالت:
-"مفيش."



ضيق عينيه وهو ينظر إليها بشك ثم قال بإصرار:
-"لا في حاجة."



حاولت أن تبدو طبيعية وهي ترد:
"مفيش يا عمر جعانة شوية بس."



نظر إليها للحظات وكأنه يزن كلماتها، ثم قال أخيرًا:
-"هحاول أصدقك يا بيلا يلا علشان السفرة جهزت."



تحركا معًا إلى السفرة، حيث اجتمع الجميع استعدادًا لتناول الغداء.



___________



كانت يارا تشعر بإرهاق شديد بعد يوم طويل 
لذا قررت الصعود إلى غرفتها فورًا. 
التفتت إلى مراد وقالت بصوت مرهق:
-"أنا هطلع أنام مش عايزة أكل
متخليش حد يصحيني الله يخليك."



نظر إليها مراد بعدم تصديق وقال :
-"وفرتي هاكل أنا أكلك ."



رفعت يدها بتعب وهي ترد:
-"الف هنا على قلبك بس انا مش مسامحه برضو 
هآكل لما أصحى يا مراد."



زفر مراد بضيق، لكنه لم يضغط عليها أكثر:
-"ماشي اطلعي بس متنسيش تاخدي العلاج."



-"حاضر." 
قالتها يارا بصوت منخفض وهي تصعد الدرج إلى غرفتها بمجرد أن فتحت الباب فوجئت برؤية سيلين مستلقية على سريرها تقرأ كتابًا بلا مبالاة. 
رفعت حاجبيها بدهشة وقالت:
-"يا نهار أبيض إنتِ لسه هنا؟"



ابتسمت سيلين بمكر وأجابت:
-"طبعًا وبعدين بكره أول يوم رمضان،
لازم أبات وأفطر معاكوا."



هزت يارا رأسها بيأس وقالت بسخرية:
-"آه يعني داخلة على طمع بقى؟"



ضحكت سيلين وهي ترد:
-"أُمال."



"أنا هنام يا سيلين تصبحين على خير."



قفزت سيلين من السرير ونظرت إليها بملل قائلة:
"إنتِ عيلة مملة أنا هنزل أرخم على مراد شوية."



ضحكت يارا وقالت محذرة:
"علشان يقتلك؟"



رفعت سيلين كتفيها ببرود وقالت:
"باردة!" ثم غادرت الغرفة وهي تضحك.



________________



أوقف باسل سيارته أمام الفيلا، ثم التفت إلى قاسم ومصطفى قائلًا:
-"يلا وصلنا."



نزل الثلاثة من السيارة بينما كان قاسم ومصطفى يتبادلان نظرات فضولية حول المكان. 
لم يمضِ سوى لحظات حتى سمعوا صوت خطوات خفيفة تهبط الدرج التفتوا نحو الداخل لتظهر أمامهم فتاة بشعر بني مائل للأشقر،
وعينين عسليتين متألقتين وهي تهتف بسعادة:




        
          
                
-"باسل! إنت جيت؟"



في لمح البصر، تجمد كل من قاسم ومصطفى في مكانيهما، اتسعت أعينهما إلى أقصى حد، وتجمدت ملامحهما وكأن أحدهم أوقف الزمن حولهما. 
فتح مصطفى فمه قليلًا، لكنه لم يتمكن من نطق حرف، بينما قاسم لم يحرك عضلة واحدة، وكأنه رأى شبحًا خرج من العدم.



رفع مصطفى يده المرتجفة وأشار إلى الفتاة قبل أن يتمتم بصوت مختنق:
-"يارا...؟!"



نظر إلى قاسم، فوجد أنه لا يزال يحدق في الفتاة بصدمة مطلقة وجهه شاحب وكأنه تلقى ضربة قاسية على رأسه.



أما الفتاة نفسها فقد رفعت حاجبًا بدهشة
ونظرت إلى قاسم باستغراب قبل أن تقول بسخرية:
-"إيه يا حضرت الرائد؟ أوعى تكون بتشرب حاجة!"



لكن قاسم لم يضحك لم يبتسم حتى كان جسده مشدودًا بالكامل وملامحه تحمل مزيجًا من الإنكار استدار فجأة إلى باسل وسأله بحدة:
-"إنت جايبنا على هنا ليه؟"



باسل نظر إليه مستغربًا:
-"إيه؟ إنت بتسأل كده ليه؟"



لكن مصطفى قاطع الحوار قائلًا:
"إنتِ... يارا طب لحقتي تصبغي شعرك أمتى؟؟ مش كان أسود."



وضع قاسم يده على جبين مصطفى قائلًا:
"الصدمة خلتك تخرف صح؟ سبت كل حاجة ومسكت في الصبغة؟! وبالنسبة للجثة نفسها أخبارها إيه معاك؟"



أنهي حديثه وهو ينظر لها قائلًا بصوتٍ عالٍ:
-"إنتِ مين إنتِ يارا يا ست إنتِ؟!"



ضحكت الفتاة بخفة ونظرت إليه نظرة جانبية وقالت:
"لا أنا سندريلا."



لكن هذا لم يكن مضحكًا لأي منهم.
مصطفى استدار إلى قاسم وقال بسرعة:
-"دي نسخة طبق الأصل يا قاسم 
دي يارا! نفس الوش نفس الملامح حتى النظرة بتاعتها..."



أما قاسم فكان عقله يعمل بأقصى طاقته، يحاول أن يجد تفسيرًا منطقيًا لما يراه فجأة تحرك بسرعة اقترب أكثر ونظر مباشرة في عيني الفتاة وقال بحدة:
-"إنتِ جيتي من مصر لوحدك؟ وفين مراد؟"



هنا بدت الفتاة أكثر ارتباكًا،
قطبت حاجبيها وقالت بعدم فهم:
-"إيه الهبل ده؟ إنتم بتتكلموا عن مين؟"



اتسعت عينا قاسم أكثر وزادت ضربات قلبه،
التفت إلى باسل وسأله بصوت مختنق:
-"هي مين دي يا باسل؟"



أخذ باسل نفسًا عميقًا وقال بهدوء:
-"جومانا."



كانت الكلمة ثقيلة كالرصاص على أذن قاسم ومصطفى، وقعا في صمت مطبق للحظات، قبل أن يتمتم مصطفى بصوت خافت:
-"جومانا...؟"



نظرت لهم بغضب ثم تركتهم جومانا ورحلت مجددًا حيث جاءت ،أخرج قاسم هاتفه بيد مرتجفة واتصل بمراد حين أجاب الأخير كان صوته عاديًا تمامًا لكنه ما إن سمع سؤال قاسم حتى تغيرت نبرته فورًا:



-"يارا عاملة إيه؟"



كان هناك صمت قصير من مراد ثم أجاب بتردد:
-"كويسة نايمة فوق ليه بتسأل؟"




        
          
                
ضغط قاسم على الهاتف بقوة وقال:
-"ممكن تطلع تتأكد إنها فوق فعلًا؟"



-"إنت اتجننت يا قاسم؟"



-"معلش اطلع وهفهمك بعدين."



سُمِع صوت خطوات مراد وهو يصعد السلم وبعد لحظات عاد صوته مجددًا هذه المرة أكثر ارتباكًا:
-"نايمة في سابع نومة في إيه بقى؟"



شعر قاسم بقطرات العرق تتجمع عند جبينه، أخذ نفسًا عميقًا، ثم أغلق الهاتف ببطء قبل أن ينظر إلى مصطفى، الذي لم يكن أقل ارتباكًا منه.



-"يارا هناك... وجومانا هنا..."
قالها باسل مما أدى إلى أنتباه الأثنين له فنظر مصطفى باسل بحذر، ثم سأله بصوت منخفض:
-"إنت عرفت منين إن دي مش يارا؟"



باسل لم يتكلم على الفور،
بل أخرج من جيبه ورقة صغيرة، 
مدها إلى قاسم وهو يقول بصوت هادئ لكنه مثقل بالأسرار:
-"من هنا."



أخذ قاسم الورقة بيد مرتجفة فتحها ببطء وقرأ الاسم المدون فيها بعينيه المتوسعتين:



*جومانا صالح الألفي. *



رفع عينيه إلى باسل بذهول، 
وحين حاول التحدث لم يخرج صوته سوى همسة ضعيفة:
-"دي شهادة ميلاد...!"



أما مصطفى، فقد تمتم بصوت بالكاد يُسمع:
-"يارا عندها توأم...؟ أخت مراد؟"



هنا، نظر باسل إليهما بجدية وقال بحسم:
-"مش بس كده... في حاجات كتير لسه لازم تعرفوها
دي مش مجرد ورقة... دي الحقيقة."



ساد صمت ثقيل بين الثلاثة، صمت يحمل داخله ألف سؤال بلا إجابة... شرد قاسم يتذكر كلام صديقه عن شقيقته التي توفت لكن اليوم أتضح أنها لم تموت



-"انت عرفت منين يا باسل؟" 
قال قاسم متعجبًا.



-"عرفت لما دورت ورا أزبل وأحقر إنسان شوفته في حياتي... كان نفسي أطلع انا كمان مش ابنه بس أعمل إيه بقى؟" 
ردّ باسل بصوت مبحوح بالحزن وعيناه تهربان من نظراتهم.



-"اهدى طيب وفهمنا براحة."
قال قاسم محاولًا تهدئته.



هدأ باسل قليلًا وأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يبدأ في سرد كل شيء عن والده وأفعاله كان الحديث ثقيلًا، 
كل كلمة تسقط على مسامعهم كالصاعقة.



-"إزاي في ناس كده؟!" 
قال قاسم بذهول وكأن عقله يرفض تصديق ما يسمعه.



-"المشكلة إني مش عارف ولا قادر أستوعب هو عمل كده ليه... ليه يخطف بنت ويربيها؟ إلا لو كان في عداوة بين العيلتين! في حاجة غلط في الموضوع ده." 
قالها باسل وقد ترك جميع توتره في كفه وتفكيره فيما حدث بكفة آخرى عبث في الكوب الزجاجي الذي أمامه 



-"بردو لازم على الأقل تعمل تحليل DNA."
قالها مصطفى بجدية ناظرًا إليه مباشرة.



-"أكيد هيحصل بس لما نرجع مصر بإذن الله."
قال باسل بحزم.




        
          
                
-"إحنا خلاص عمومًا كلها يومين وهنرجع مصر." 
قال قاسم مطمئنًا إياه.



-"كويس... وبعدين بكرة أول يوم رمضان كل سنة وانتم طيبين يا شباب."
قال باسل بابتسامة باهتة يحاول إضفاء بعض الأجواء الطبيعية على الجلسة المشحونة.



-"وأنت طيب." 



"طيب تعالوا نرتاح شوية."
قال باسل وهو ينهض متوجهًا لغرفته بينما تبعه الآخران.



_______________
__________
_____
__
_



في قسم المخابرات – مكتب التحقيق



كان جاسر يجلس ببرود شديد متجاهلًا نظرات وليد الغاضبة إليه
-"يا بني خنقتني ما تتكلم بقى!" 
قال وليد بنفاذ صبر، واضعًا يديه على الطاولة.



-"ممكن تخرج برا يا حضرة الظابط؟
علشان صدّعت وعايز أنام." 
قال جاسر بنبرة ساخرة لم يرف له جفن.



-"تنام إيه يا روح أمك؟ هو إحنا جايبينك في فندق؟! انت متهم في قضية تجارة أعضاء دا غير خطف ظابط وأختها." 
صاح وليد بغضب، فقد نفد صبره تمامًا.



نهض جاسر ببطء، وعيناه تشتعلان بالغضب،
صوته جاء منخفضًا لكن حادًا كحد السيف.



-"ما تجيبش سيرة أمي على لسانك... أحسن لك وياريت تخرج برا، علشان أنا مش عايز أتعامل مع واحد مش قدامي في المقام."



قبل أن ينفجر الموقف أكثر، جاء صوت من خلفهما.
-"اللواء علي بيقولك تخرج يا وليد وسيبه."



استدار وليد بغضب، لينظر للشخص الواقف عند الباب:
-"يعني إيه؟!" قالها بانفعال.



-"زي ما قلت لك كده... اخرج برا
روح لمراتك اتسحر وابقى تعالى بكرة في معاد شغلك 
يلا امشي." 
قال الرجل بنبرة صارمة.



حاول وليد السيطرة على نفسه، فالرجل الذي أمره بالمغادرة أعلى منه رتبة، لكنه لم يستطع إخفاء غضبه وهو يقول:
-"حاضر يا فندم."



خرج من المكتب
متوجهًا إلى منزله حيث تنتظره زوجته.



***********



في منزل وليد استقبلته زوجته وعد بوجه مبتسم قائلة:
-"حمدلله على سلامتك يا وليد."



-"الله يسلمك يا وعد." 
قالها وهو يخلع سترته.



وضعت يدها على كتفه بلطف متفحصة ملامحه القلقة.
-"مالك يا حبيبي فيك إيه؟"



-"مفيش يا وعد."
قالها محاولًا التهرب.



'"لا في وانت مخبّي عليا! 
مش إحنا متفقين إننا واحد
واللي مزعلك تحكيلي؟"



تنهد وليد ثم هز رأسه مستسلمًا:
-"خلاص بقى يا وعد مفيش حاجة... بس أنا جعان."



ضحكت وعد وهي تتجه نحو المطبخ:
-"ثانية واحدة، هجهز لك الأكل."



ابتسم وليد بخبث وهو يتبعها بنظراته.
-"عارفة؟ لولا إن بكرة أول يوم رمضان
كنت كلتك انتِ بس أعمل إيه بقى؟ همسك نفسي."




        
          
                
استدارت نحوه سريعًا، عيناها متسعتان لكنها سرعان ما هربت من نظراته تحتمي بجدار المطبخ



-"هنروح من بعض فين؟"
ضحك بصوتٍ مرتفع قد هز المنزل .



_____________



'"يا يارا قومي بقى الساعة داخلة على تلاتة الفجر!" قالت سيلين وهي تهزها برفق.



"سيبيني أنام واطفي النور." 
تمتمت يارا وهي تغطي وجهها بالبطانية.



-"انتِ نايمة من العصر ومتغدتيش قومي علشان هنتسحر."



فتحت يارا عينيها بتثاقل ثم قالت:
-"حاضر قايمة أهو."



نهضت يارا واستبدلت ملابسها بأخرى مريحة
ثم نزلت هي وسيلين إلى الأسفل.



-"كل ده نوم ليه يعني؟"
قال صالح مستغربًا.



-"معلش بقى يا حج."
طبعت يارا قبلة على خدّ أبيها الذي قال لها:
-"طب اقعدي علشان تتسحري."



جلست يارا بجوار مراد وسيلين 
ثم التفتت إليه قائلة:



-"مراد هنروح المقر بكرة الساعة كام؟"



-"على سبعة ونص إن شاء الله."
ردّ مراد وهو يكمل طعامه.



-"ممكن نبطل كلام في الشغل بقى؟ لأني بزهق من الحاجات المهمة دي." 
قالتها سيلين متذمرة.



أبعدت يارا كتف الآخرى بمرح قائلة :
-"بت انتِ كُلي زبادي وانتِ ساكتة."



-"شايف يا أونكل بتزعق لي إزاي؟" 
قالت سيلين وهي تلتفت لصالح.



-"بصراحة ما شوفتش بس اسكتي يا يارا 
ومالكيش دعوة بيها."



-"أنا ماشي يا زِفتة." 
قالت يارا وهي تنهض.



"قوليلي يا سيلين النتيجة بتاعتك هتظهر إمتى؟" 
سألها مراد بفضول.



ابتلعت سيلين ريقها ثم قالت:
-"طب ليه السيرة دي طيب؟"



ضحك مراد قائلًا:
-"طب بلاش السؤال ده ناوية تدخلي جامعة إيه؟"



-"مش عارفة والله لسه محددتش بس أول لما أنوي هقولك."



مال مراد نحو يارا وهمس لها:
-"والله شكلها هتبيع بطاطا في الآخر."



ضحكت يارا قائلة:
-"طب والله عندك حق."



نظرت إليهما سيلين بريبة ثم قالت:
-"بتقولوا إيه؟"



-"ولا حاجة."
قال مراد ببراءة.



_____________



"قومي يا بيلا، علشان ننزل نتسحر." 
قال عمر وهو يربت على كتفها.



"مش قادرة يا عمر حاسة إني تعبانة ومش عايزة آكل." قالت بيلا بصوت خافت.



شعر عمر بالخوف واقترب منها بسرعة:
-"ليه كده يا قلبي؟ حاسة بإيه؟"




        
          
                
-"حاسة إني عايزة أرجّع."



-"خلاص مفيش صيام بكرة."
قالها بحزم.



-"ده ليه بقى إن شاء الله؟"



-"مش انتِ تعبانة؟ متصوميش."



-"لا خلاص خفيت."
قالت بيلا بسرعة.



-"والله؟"



-"خلاص بقى يا عمر
لو حصل حاجة وتعبت هبقى أفطر."



-"طب انزلي معايا نتسحر
ونبقى نشوف الحوار ده بكرة."



نزل عمر إلى الأسفل ومعه بيلا، فوجد عمار وجميلة يجلسان على السفرة، بينما كان عمار يمازح جميلة.



-"يا بت هضربك ابعدي عني بقى!"
قال عمار بمرح.



-"تضرب مين يا يالا؟" 
ردت جميلة متحدية.



-"يالا طب خدي!"
قالها عمار قبل أن يضربها على قفاها.



شهقت جميلة بغضب:
-"آه يا ابن اللذينة!"



-"بتضربها ليه ؟"



نظر عمار إلى عمر ثم تمتم لنفسه:
-"كده أنا ميت النهارة."
ثم أكمل حديثه مسرعًا
-"بص يا حج ده كان في ناموسة بس على قفاها!"



رفع عمر حاجبه مستنكرًا:
-"ناموسة ها؟ مش عايز أسمع صوتك ها؟"



-"حاضر يا بابا."
قال عمار وهو يعض على شفته.



تمتم لنفسه بغيظ:
-"حاجة في قمة التهزيق،
بقى أنا على آخر الزمن يتقالي كده؟ 
أما أوريكِ يا جميلة مبقاش أنا الرائد عمار العمري صبرك."



نظرت إليه بيلا بريبة وسألته:
-"في حاجة يا عمار؟"



-"ها؟ لا يا ماما مفيش... انتِ كويسة؟
شكلك تعبانة مالك؟"



-"لا أنا كويسة الحمد لله."



_________________



في منزل محمد والد خالد كانوا يجلسون جميعًا على السفرة يتبادلون الأحاديث والضحكات.



-"منوّرين بيتكوا من جديد يا حبايب قلبي" 
قالها محمد بفرحة كبيرة وقد شعر بالدفء الذي غاب لشهور وسنوات



-"ده بنورك يا بابا."
قالتها رهف وسهر بصوت واحد.



نظر إليهما محمد بحنان
ثم قال بحزم لطيف:



-"عايز الأكل ده كله يتاكل إنتم فاهمين؟"



ضحكت سهر قائلة:
-"ليه يا حج؟ ده أنا كنت هقول الحمد لله دلوقتي."



ابتسم محمد وربت على كتفها:
-"كُلي يا سهر يا حبيبتي
أنا عايزك تتخني كده بدل ما أنا شايف عود قصب ماشي في الشقة."



_____________________



كان باسل وقاسم ومصطفى يجلسون على المائدة مع سهام وجومانا فهذا هو وقت السحور 



-"نورتونا يا حبايبي."
قالت سهام وهي تبتسم لهم.



-"دا بنور حضرتك."
قالها قاسم بأدب.




        
          
                
-"قول ليّ ماما انت زي باسل وجومانا
مش غريب أبدًا عليكم إنكم تبقوا إخوات."
قالتها سهام، لكن صوتها تردد قليلًا عند نطق الجملة الأخيرة.



كان قاسم جالسًا مقابل جومانا، يحدّق فيها دون وعي. عيناها، ملامحها طريقة حركتها... نسخة طبق الأصل من يارا. قلبه انقبض بقوة شعر بأن الدماء تجمدت في عروقه وقد شرد بملامحها كثيرًا ودون آرادة أخفض بصره عنها يغضه،
التفت إلى مصطفى فوجده يحدق بها لكن الذهول ثم تبادلا نظرة صامتة نظرة فهم كلاهما معناها في اللحظة ذاتها.



هذه ليست مصادفة...



هذه ليست مجرد فتاة تشبه يارا...



هذا تطابق مرعب لكنه لطيف بالنسبة لقاسم شعر بأختلاف في الروحين فهم أشباه في الأشكال فقط ولكن روحها هي مختلفة 
حاول قاسم استعادة هدوئه،
فأخذ نفسًا عميقًا وواصل طعامه
لكن يده كانت ترتجف قليلًا وهو يرفع الكوب إلى شفتيه.



-'"الحمد لله."
قالتها جومانا وهي تضع الملعقة.



-"كملي أكلك يا جومانا." 
قالتها سهام بحنان.



نهضت جومانا وهي تتحدث 
-"الحمد لله يا ماما، أنا شبعت."



-"طيب ممكن تجيبي مية من المطبخ؟"



-"حاضر يا ماما."



نهضت جومانا متجهة إلى المطبخ، 
ثم عادت بعد لحظات تحمل كوبين من الماء،
وضعت أحدهما أمام قاسم دون أن تنتبه لنظراته المشدوهة.



-"شكرًا." 
قالها قاسم بصوت منخفض.



-"العفو." 
ردت بابتسامة خفيفة ثم استأذنت وغادرت إلى غرفتها.



قاسم كان لا يزال متجمدًا في مكانه، عيناه مسلطتان على الباب الذي خرجت منه.



______________



"أوووف..." 
تنهدت جومانا بضيق ثم أمسكت هاتفها وبدأت تكتب رسالة لصديقتها تسنيم على تطبيق واتساب وهي تجلس على الفراش



"عاملة إيه يا تسنيم؟ كل سنة وأنتِ طيبة."



"الحمد لله إنتِ اللي عاملة إيه؟ وأنتِ طيبة يا قلبي احكيلي أخبارك إيه؟"



-" الحمدلله حصل معايا شوية حاجات كتير بس الحمدلله ،المشكلة دلوقتي إني حاسة إن باسل مخبّي عليَّ حاجة وأنا بصراحة متأكدة إنها حاجة كبيرة
لأنه عمره ما خبى عني حاجة قبل كده."



'"اتفاقلي خير..."



ظلّتا تتحدثان طويلًا...



أما في الأسفل...



رنّ هاتف باسل فتناول الهاتف وأجاب بهدوء رغم التوتر الذي يحاط به
-"وحياة أمك لو ما رجّعت الورق اللي أخدته من الخزنة لأموتك!" 
قالها حسن بتهديد واضح عن طريق سماعة الهاتف 
أجاب باسل بصوت ثابت رغم الغضب الذي يغلي في صدره:




        
          
                
'"أنا لولا إننا في أيام مفترجة
كنت قلتلك كلام مش هيعجبك 
بس لو حد فعلًا هيموت فهو إنت أنا خلاص تعبت منك ومن قرفك! بس أنا مش هوّسـ،ـخ إيدي بدمك أنا هحبسك... وهحبسك في مصر،
أكتر بلد إنت مش بتحبهاعارف ليه؟ علشان إنت جبان! خايف أبوها يعرف إنها بنته!
بس أنا خلاص عرفت مين أبوها
وهتزعل أوي مني... وأكيد منه."



ضحك حسن بسخرية:
-"مش هتلحق لأني هموّتها وهكسر قلبه عليها علشان يتوجع مرتين... مرة وهي صغيرة ومرة وهي كبيرة!"



صرخ باسل بغضب هائل:
-"إنت إيه؟! أنا كنت حاسس إنك مريض وإن ده انتقام بس دلوقتي أنا اتأكدت! 
بس عمومًا مش هتقدر... لأني أنا اللي هحميها!
وطبعًا إنت عارف يعني إيه باسل العلايلي! 
مع إني قرفان من اسمك اللي أنا شايله بس هتشوف مني وشّ عمرك ما شُفته... على كل علقة كنت باخدها منك على كل دمعة عيطتها أنا وهي وأمي."



ثم أغلق الهاتف في وجهه بغضب.
أما هي...
كانت جومانا واقفة في شرفتها تستمع لكل كلمة، ودموعها تنهمر بلا توقف. 
لم تتحمل الصدمة فسقطت مغشيًا عليها.



رفع باسل عينيه إلى الشرفة، 
وعلم أنها سمعت حديثه، 
فركض بسرعة إلى غرفتها دخل مسرعًا، 
حملها بين ذراعيه ووضعها على السرير
ثم أخذ يحاول إفاقتها حتى استعادت وعيها.



-"يعني إيه... يعني أنا مش أختك؟! ولا بنته؟! أمال أنا بنت مين؟! قولي يا باسل!" 
قالت جومانا بصوت مرتجف.



نظر لها باسل بوجع شديد وقال:
-"ممكن تهدي؟ بكرة هفهمك كل حاجة... بعد إذنك."



صرخت جومانا بانهيار:
-"أهدى إزاي؟! ها؟! أهدى إزاي؟!"



صعد الجميع إلى الغرفة على صوت صراخها.



-"مالك يا جومانا؟!" 
سألتها سهام بقلق.



نظرت إليها جومانا بعيون غارقة بالدموع، وقالت بغضب:



-"يعني إنتِ مش أمي؟! ومخبّي عليَّ؟! 
أنا سألتك أكتر من مرة لأني كنت حاسة
لكن إنتِ كنتي بتكدبي عليَّ! 
ليه عملتي كده؟! ليه؟! ده أنا كنت بتعذب... مهنّتش عليكي؟! طب فين أهلي؟! أنا عايزة أشوفهم!"



نظر لها قاسم بحزن وقال بهدوء:
-"ممكن تهدي؟ والله ده قَسَم مني ليكي وأنا عمري ما خلفت قسمي... كلها أيام وأنا هآخدك بنفسي وأودّيكي ليهم هما كمان حاسين بيكي وحاسين إنك عايشة..."



نظرت جومانا إلى عينيه فوجدت فيهما الصدق
ثم سمعت صوت باسل:



-"والله يا جومانا ما تخاف، أنا معاكي 
وبعدين مش أنا وإنتِ دايمًا سند لبعض؟! 
أنا هفضل أخوكِ وسندك."



ثم نظر للجميع وقال:



-"معلش ممكن تسيبونا لوحدنا شوية؟"



غادر الجميع الغرفة وبقي باسل مع جومانا
ارتمت بين أحضانه وأخذت تبكي بحرقة.



-"ليه كده؟! أنا عمري ما عملتله حاجة وحشة
بس هو كان دايمًا بيعاقبني... أنا وإنت!"



ظلّت تبكي وتشكو له همومها حتى نامت بين يديه. حملها برفق ووضعها على السرير، ثم خرج من الغرفة.



في الأسفل...



ما إن رأته سهام حتى ركضت إليه.
-"هي كويسة دلوقتي يا باسل؟"



-"ممكن تسبيني دلوقتي؟
مش عايز أتكلم... وسيبيها تنام."



-"طب طمّنّي!"



نظر إليها باسل بغضب، ثم انفجر قائلاً:
-"أطمنك على إيه؟! ما إنتِ أكيد كنتي عارفة! 
وأكيد كنتي متأكدة إن اليوم ده هييجي وهتتكشفوا على اللي عملتوه!"



نظرت إليه سهام بجرح واضح وقالت:
-"إنت بتكلّمني أنا كده؟! شكرًا يا باسل."



ثم تركته وصعدت إلى الأعلى نظر قاسم إلى باسل وقال معاتبًا:
-"مكنش يصح تقولها كده قدامنا يا باسل... على الأقل "



-"خلاص يا صاحبي..." 
قالها باسل بضيق.



ربت مصطفى على كتفه وقال:
-"ربنا معاك... ده حمل تقيل عليك
وشكلها متعلقة بيك أوي."



تنهد باسل وقال:



-"وأنا كمان متعلق بيها..."



ثم التفت إلى قاسم ومصطفى قائلاً:



"شكرًا إنكم معايا وواقفين جنبي."



ابتسم قاسم وربت على كتفه:



"إنت أهبل ولا إيه؟ إنت أخويا... ومراد كمان أخويا... وهي كمان زي أختي بالظبط!"



"تسلم يا صاحبي... يلا، نطلع، اليوم بكره طويل."



نامت كل العائلات بعد صلاة الفجر، حيث أقام صالح الصلاة بعائلته، وكذلك عمر، ومحمد... ثم خلدوا جميعًا للنوم، ليستيقظوا على يوم جديد مليء بالأحداث.



يتبع...
 

google-playkhamsatmostaqltradent