رواية جريمة حب الفصل السادس و الثلاثون و الاخير - بقلم سلسبيل

    

رواية جريمة حب الفصل السادس و الثلاثون و الاخير  - بقلم سلسبيل

 
________________________
كان أمير يجثو على ركبتيه وخلفه اثنان من الملثمين يضغطا بقوة على كتفه ليثبتوه أرضا أمام ذلك الذي دلف للغرفة بخطوات واثقة يرتدي قناع يخفي به وجهه لا تظهر سوى عينيه، بينما هي كانت تحاول أن تزيل ذراع ذلك الملثم من عليها.
كان أمير غاضب وتعتلي ملامحه الحدة لينظر لذلك الرجل بقوة ولكنه اندهش حينما أزال قناعه ليرى أمامه ستيڤ ليهمس باسمه بخفوت متعجبا من حاله الذي تبدل وأصبح ذي سلطة.
ألتفت لينظر لجوليا تلك التي كانت خائفة من أن يصيبه مكروه وكذلك سديم التي كانت مقيدة بالأسفل على الأريكة والأخرين يتناولوا الطعام الذي أعدته.
تعبت جوليا وفقدت أعصابها وكادت أن تسقط ولكن أمسكها الملثم بقوة وأشار له ستيڤ أن يضعها على الفراش لتجلس على فراشها وهي تتألم، ليتقدم منها ستيڤ ولكنه توقف حينما أمسك أمير بقدمه قائلا بحدة:
-إياك والإقتراب منها.
هبط ستيڤ لمستواه قائلا بسخرية:
-لم تعد أمير القديم، ما أنت سوى مواطن ضعيف يمكنني دهسه بقدمي لن تستطيع حماية كِلاهم.
دفعه وتقدم من جوليا التي تراجعت للخلف وهي تمسك بثوبها حاول أمير النهوض ولكن ما باليد حيلة كانا رافعي أثقال وجسدهم ممتليء يقبضون على كتفيه بقوة.
قبضت على ذلك الكوب بجوارها وضربته به بقوة على مقدمة رأسه لتدفعه بقوة وتقوم بالتقاط مسدس أمير من أسفل وسادتهم فهو دوما يخبئه هنا لتلقيه لأمير الذي التقطه بسهولة وأطلق النيران باتجاه ذلك الذي أمامه ومن ثم على قدمي الذين يقبضون على كتفه بقوة ليتألم كل منهما ويسقط أرضا نهض أمير وهو يوجه مسدسه باتجاه ستيڤ ذلك الذي تألم من جرح جوليا له والآن تسيل الدماء منه.
لتتجه كل المسدسات على جبهة أمير ذلك الذي لم يبالي بأحد فقد يصب كل اهتمامه ونظراته على كلٍ من جوليا وستيڤ ليردف قائلا:
-استسلم ستيڤ.
-بعد أن قتلت أبي!
-كان يجب عليّ قتلك حينها، لم أعلم أنك ستنمو بتلك السرعة وتصبح ذي سلطة عما مضى.
-غادر ستيڤ واتركننا بشأننا.
-لن أتركك تنعم بها وحدك.
ليلتقط ستيڤ مسدس حارسه ويطلق النيران نحو أمير ولكنه تفاداها بسهولة، لتشهق جوليا وهي قلقة على أمير خائفة من أن يؤذيه ستيڤ.
ليبتسم ستيڤ وهو يرفع مسدسه في وجه جوليا تلك التي تقف في زاوية الغرفة تراقب ما يحدث في الغرفة تحيط أبنائها بيدها وكأنها تحميهم من بطش ذلك المختل الحقير وكأن الشر خُلِق ليكون له ولأمثاله من الناس.
بالأسفل،،
دق جرس المنزل لتحاول سديم الصراخ ولكن منعها أحد الحراس ليتقدم الأخر ويرى من تلك العين الصغيرة التي تتوسط باب المنزل ليرى شاب وسيم في العقد الثلاثين من عمره يقف مبتسما ويحمل بيديه الكثير من الحقائب البلاستيكية ولكنه عبس بوجهه حينما لم يفتح له أحد ليدق الجرس مرة أخرى.
ليضع أدهم الأكياس البلاستيكية أرضا وبدأ في الطرق على باب هو يعلم بأن أمير في الداخل قد أخبره أنه بانتظاره ويسكن معه كل من سديم وجوليا ليشعر بأن هناك خطب ما ويتراجع ليتنفس الحارس الصعداء ولكن لم يُخفى على أدهم ظل قدميه أسفل الباب لينظر لتلك السيارات السوداء التي تحيط المنزل وتأكد بالفعل أن هناك أمر يحدث مع أمير ليبتعد عن المنزل وهو يفكر في طريقه لإنقاذ صديقه بها ولكن كيف وهو ليس على صِلة بأحد ولا يمتلك مقومات تجعله يتغلب عليهم وحده.
جذب ستيڤ جوليا نحوه تلك التي ظهرت على ملامحها تعابير الألم قائلا:
-تلك المرة تغيرتِ تماما، جوليا.
-لقد أصبحتِ أكثر خوفا من ذي قبل، ولقد التمعت عينيكِ بنظرة حُبّ.
أصبح الألم ذي حدة عما سبق لتصرخ وهي تضع يدها على بطنها ليشعر أمير بالقلق ويؤمر ستيڤ أن يبتعد عنها ولكنه كان يتلذذ بصراخها ليدفعها على الفراش لترتجف وتمد يدها نحو الطاولة بجوارها وتلتقط تلك العبوة والتي تحتوي على أقراص مسكنة حتى تلد أطفالها بصحة جيدة وحينها كانت ستخضع للعملية.
ابتلعت لعابها وهي ترى ستيڤ يتقدم من أمير حاملا بيده عصا مصنوعة من الألومنيوم مجوفة من الداخل تُستخدم للعب البيسبول ليضربه بها قوة وتشهق جوليا، سقط أمير أرضا وقد اصطدمت رأسه بها ليشعر بالألم الشديد وينهال عليه ستيف مسددا له العديد من الضربات بينما هو لا حول له ولا قوة كونه بمفرده لا يقوى على التصدي له.
كان ستيڤ ورجاله منشغلون في تسديد الضربات لأمير، لتلتقط جوليا الهاتف من الطاولة وتجري للخارج نحو الباب ليلمحها ستيڤ ويؤمر حراسه بالقبض عليها ولكنها اختبأت داخل إحدى الغرف مغلقة الباب خلفها بإحكام واستندت عليه بظهرها وبدأت في فتح الهاتف ليبدأ الحراس بالطرق على الباب بقوة يتحدثوا بنبرة تهديد:
-من الأفضل أن تفتحي الباب حتى لا نكسره وحينها ستتأذي أنتِ وأطفالك.
لم تعيير الأمر اهتمام فكانت تهاتف مدير أمير في العمل ولكنه لم يجيب لتلعنه وتشعر بأن حتما الباب سيُكسر لتبتعد عنه وتجري للمرحاض وهي تغلقه خلفها هو الأخر بإحكام تحاول البحث عن طريق للنجاة هي وأمير وأيضا سديم.
لتشعر بأحدهم يحاول فتح باب المرحاض من المقبض لتشهق وتتراجع للخلف حتى أردف أدهم بقوله بصوت هامس:
-جوليا إنه أنا.
تفاجأت جوليا كثيرا لتقترب من الباب وتستند عليه برأسها متساءلة:
-من؟
-أدهم، افتحي الباب.
فتحت جوليا الباب على الفور ونظرت له بتفاجيء متساءلة كيف له أن يتواجد الآن وبتلك الغرفة، فهو تسلق الجدران ليجد تلك الغرفة فارغة وكان شديد الحرص ألا يراه أحدهم وقبل أن يدخلها كانت جوليا سبقته ودلفت للمرحاض.
كاد أن يُكسر باب الغرفة ليختبيء أدهم خلفه وهو يشير لجوليا أن تفتحه لتبتلع لعابها وتتقدم منه وتقوم بفتحه وهي تتمنى أن تنتهي تلك الماسأة تراجعت جوليا للخلف عدة خطوات ليتقدم منها ذلك البغيض بجسده الضخم كاد أن يقبض على عنقها ليباغته أدهم بحركة مفاجأة وهو يحيط عنقه بذراعه ويدفعه للخلف مشيرا لزملاؤه أن يبتعدوا ليردف قائلا:
-كوني خلفي جوليا.
لم يكن بيدها شيء سوى الامتثال لأوامره لتقف خلفه بينما ذلك الرجل كان يختنق بين ذراعيّ أدهم، جذب أدهم المسدس منه وأطلق النيران على زملاؤه ليسقطوا أرضا دون أن يشعر بهم أحد فمسدسه كاتما للصوت ابتلع الرجل لعابه وأردف قائلا:
-لا تقتلني.
-كم عددكم؟
لم يجيب ليضربه أدهم بمؤخرة المسدس ليتألم ويكمل أدهم حديثه:
-سأقتلك أنت وزملاؤك جميعا حينها لن تكون على قيد الحياة لتندم على عدم الاستسلام لي.
-لقد جلب ستيڤ العديد والعديد من الحراس للحصول على تلك الفتاة.
وأشار بعينيه على جوليا وأكمل حديثه:
-والانتقام من المدعو أمير، ستيڤ لن يستسلم أبدا أنه يخطط لتلك اللحظة منذ عامين.
أردفت جوليا بخفوت:
-أمير!
-إنه هناك بحوذتهم وحده، أدهم.
-تمهلي، جوليا.
ليقوم بقتل ذلك الذي بين ذراعيه ويستمع لصوت خطوات تقترب منهم ليشير إلى جوليا تتقدمهم ولا تخبر أحد عن تواجده بتلك الغرفة.
ليختبيء خلف الباب وتغادر جوليا تشتت انتباههم، وبالفعل حينما رأوها وحدها بدأوا في مطاردتها وقبضوا عليها سريعا لبطء حركتها.
عادوا بها للداخل حيث أمير الذي ينزف وجهه الكثير من الدماء وقد تلقى الكثير من الضربات والكدمات على أيديهم، ليدفعها أحدهم نحو أمير ذلك الذي التقطها على الفور خوفا أن يصيبها هي أو أبنائه مكروه رفعت يديها نحو وجهه وهي تتحسس جروحه بقلق برز على تعابير وجهها وملامحها وقد اغرورقت عينيها بالدموع وأردفت بهمس أمام وجهه لم يستمع له أحد سواه:
-أدهم هنا.
كان ستيڤ ينظر لهم بملل وأشار لحراسه أن يقيدوا أمير ويأخذونه لأسفل، لتشعر جوليا بالخوف وتبتلع لعابها وهي تتمسك بثياب أمير خوفا مما قد يصيبها على أيدي ستيڤ فنظراته لا تبشر بالخير وكذلك أمير كان يتملكه نفس القلق والخوف فهو غير قادر على حمايتها الآن وبجواره عدد كبير منهم ليتمسك بها جيدا وهو يردف:
-جوليا أول ما أقولك اجري اجري، فاهمة؟
اومأت له برأسها عدة مرات لينهض كلاهما وتقوم الحراس بتقييد يديه ولكنه بحركة مباغتة جذب تلك العصا وتقدم من ستيڤ ليضربه بها بقوة كبيرة وقبض على ياقة قميصه وهو يصرخ في وجهه ويسبّه ليحاول حراسه أن يبعدوه ولكنه أبى لتجتمع كل الحراس في محاولة منها لإبعاد أمير ذلك الذي أردف بقوله:
-اجري.
عادت للخلف وهبطت لأسفل بعدما أغلقت الباب عليهم كما أمرها أمير لتجد أدهم تخلص من كافة الرجال بالأسفل فكان عددهم صغير، تقدمت من سديم وبدأت في فك قيدها قائلة:
-أمير في الأعلى بمفرده.
-أعلم هذا، ولكن كم عددهم؟
حسبت جوليا عددهم لتخبره بأنه حوالي سبع أو ثمن رجال بالإضافة لستيڤ ولكن بنيتهم ضخمة ليتقدم أدهم من المطبخ بعدما أشارت له جوليا عليه.
بدأ في لملمة معدات منه لعلها تفيده تقدمت سديم من أدهم واحتضنته وهي تبكي بانهيار ليربت على شعرها قائلا:
-اهدئي سديم، أنا هنا بجوارك.
-أمير.
-لا تقلقِ أنه قوي ليس بحاجتي.
استندت جوليا على الحائط وهي تتألم بصمت فهي تحتاج لراحة تامة في أواخر أيامها ولكن انقلب الحال كثيرا.
بالأعلى،،
تلقى أمير الكثير والكثير من الضربات واللكمات التي جعلته جثة هامدة في الأرض ينظر لسقف الغرفة وأنفاسه غير منتظمة وصدره يعلو ويهبط بقوة.
تقدم ستيڤ منه وهبط لمستواه قائلا:
-لن تستطيع خلاصها مني.
جذب أمير ياقة قميصه وأردف بحدة:
-جوليا ملكي أنا، لن تستطيع أخذها مني.
ابتسم ستيف ونهض ليجذب السلاح من أحد رجاله وصوبه نحو أمير، بينما في الأسفل صرخت جوليا بألم وتعثرت خطواتها لتجلس على الدرجات وهي تبكي وقد سبقها أدهم من عدة دقائق للأعلى.
سقط الرجل أمام أمير وتلك السكين تخترق عنقه والدماء تغرقه، انطلقت الرصاصة من فوهة مسدسه بعيدا عن أمير ذلك الذي تفاداها.
ليساعد أدهم أمير على النهوض وهو يوجه ذلك السكين بوجه كل من يحاول الاقتراب منه ليستند أمير على كتف صديقه مردفا بابتسامه:
-لقد أتيت في الوقت المناسب كعادتك.
ألقى أدهم سكين لأمير وابتعد عنه ليبدأ في تسديد اللكمات نحو كل من يقابله تراجع ستيڤ للخلف وهو ينظر لهم كيف يقوموا بفتك كل رجاله ليندم على فكرة انتقامه.
جرى ستيڤ للخارج حاملا بسلاحه، على الرغم من تعب أمير وتلك الجروح التي تغطيه ألا أنه كان قادرا على فتك كل من يقابله بمساندة صديقه أدهم؛ لطالما كانا كالبرق والرعد لا تحدث ظاهرة بدون الأخرى.
كانت المنطقة هادئة جدا ولم يعلم أحد بتلك الحرب التي تحدث بداخل المنزل لاستخدامهم لـِكاتم الصوت، أردف أمير متساءلا:
-جوليا وسديم؟
-بالأسفل.
كاد أن يكمل حديثه ليستمع لصراخ سديم والتي هتفت باسم جوليا، هبط لأسفل على الفور وخلفه أدهم ليرى ستيڤ يحاول اختطاف جوليا والخروج بها من المنزل ولكنها أبت على الرغم من تلك الالآم التي تشعر بها وتلك الدماء التي غرقت ثيابها.
شعرت بخوف مماثل كتلك الليلة، داهمتها تلك الذكريات لقد سُلبت منها برائتها وروحها في تلك الليلة لقد كانت بصمة سوداء ختمت على قلبها لم تستطيع التحرر منها.
أردف أمير وهو يرفع مسدس أدهم نحوه:
-لا تجرؤ.
-أتركها.
ابتلع ستيڤ لعابه وهو ينظر لجوليا تلك المغيبة والتي انفصلت عنهم لا تستمع لهم الآن فقط يتردد بداخلها صوت صراخها في تلك الليلة وهي ترجوه أن يبتعد عنها وألا يؤذيها تتذكر في تلك الليلة أنها استنجدت بأبيها كثيرا ولكنه لم يكن هناك.
لا تعلم متى أصبحت بين ذراعي أمير وستيڤ مقيد بذراعي أدهم، وسديم تقف بينهم يحتل الخوف عينيها لتردف بداخلها إنها شعرت بمثل هذا الخوف أضعاف من قبل ولكنها كتمت الأمر بداخلها.
كان يحيط وجهها بين يديه يهتف باسمها ولكنها لم تجيب فقط ترتكز بنظراتها عليه على ذلك المخيف الذي جعل من حياتها فيلما مزعج جعل منها امرأة لا تعرف معنى الحُبّ والعاطفة، فقط كل ما عاشته الألم، الحزن، الكره واصطناع القوة واللامبالاة.
نظرت له كيف خائف عليها! أمسكت بكف يده حيث أنه كان يحمل مسدسا التقطته تحت نظراته واندهاشه والتفتت بكامل جسدها نحو ستيڤ الذي يحاول الفرار من قبضة أدهم ولكنه لا يستطيع رفعت ذراعها للأمام لتصوب فوهة المسدس نحو ستيڤ ذلك الذي جحظ بعينيه خوفا منها أن تتحرر من ذلك الظلام والخوف الذي هي به، أشار أمير لأدهم بعينيه أن يظل ممسكا به.
ضغطت على الزناد لتخترق الطلقة الأولى صدره، صرخ بألم ولكنها لم تحيد بالنظر عنه ولم ترمش لمرة لتخترق الثانية ثم الثالثة جسده ويسقط أرضا على ركبتيه ينزف الدماء وهو يبكي بألم ولكن لم يكن هناك متسع من الوقت لإنقاذه فاصطدمت رأسها بالأرض الصلبة وفارقت روحه الحياة.
سقط منها المسدس وسقطت خلفه أرضا بين أحضان أمير ذلك الذي التقطها وهو يرى تلك الدموع التي تمردت على وجهها وذلك الجرح أعلى رأسها وأسفل قدمها دماء ابتلع لعابه وهو يردف هامسا باسمها:
-جوليا.
رفعت كف يدها نحو وجنته قائلة بخفوت جاهدت كثيرا لإخراج تلك الكلمة البسيطة:
-بحبك.
أغمضت عينيها مستسلمة لذلك الظلام يحيطها رأت أمها بثوبها الأبيض تبتسم لها وكأنها تخبرها بأنها فعلت ما كان يتوجب عليها فعله من قبل، قبل أن تضيع سنوات حياتها بالكتمان.
كان يجري في ممر المشفى وهي بجواره على تلك النقالة يمسك بيدها وهو خائف أن يصيبها مكروه أو تبتعد عنه إن كان اعترافها سيأتي بتلك الطريقة وذلك الوقت لا يريده فقط يريد أن يراها بخير.
الجميع على أعصابه أمام غرفة العمليات ليضع أمير رأسه بين كفيّ يده يحاول الثبات وعدم البكاء.
ربت أدهم على كتفه قائلا:
-ستصبح بخير.
ذهب أدهم ليجلب طعام لسديم تلك التي تجلس بجوار أخيها تبكي بصمت على فقدان أخت كجوليا رغم عجرفتها وبرودها التي لم تتخلى عنه ولكنها لم تؤذيها كانت دوما تقف في صفها لا تشعرها بنقص أو حزن؛ ففاقد الشيء يعطيه وبشدة وهي كانت تفتقد كل معالم الفرح والسعادة وعدم الكمال والرضا.
ساعة اثنان واستمعوا جميعا لصراخ أول طفل وُلِد بعد معاناة وكذلك الثاني.
ابتسم أمير وتقدم من غرفة العمليات لتقابله الممرضة وهي تحمل ابنه الأول وخلفها ممرضة أخرى، التقطهم على ذراعيه ببطء وخوف وهو ينظر لهم اختلفت مشاعره الآن عن ذي قبل هو يشعر بهم بين أحضانه بجوار قلبه الذي ينبض بعنف من مشاعره القوية مشاعر الأبوة.
تقدم أدهم منهم وفرح كثيرا ليجذب على الفور الفتاة نحوه ويقوم بتقبيلها عدة مرات قائلا:
-جميل جدا، أمير.
أردف أمير بإنزعاج قائلا:
-أترك ابنتي وشأنها.
تعجب أدهم قائلا:
-ابنتك!
لم يستطع التعرف على نوع الطفل في البداية واحتضن الفتاة بين ذراعيه أكثر قائلا:
-إنها ستبقى مع عمها.
نهضت سديم بحماس وحملت ابن أخيها من ذراعيّ أمير، ليربت على شعرها بخفوت قائلا:
-إيه رأيك؟
-جميل أوي أوي.
أردف أدهم قائلا:
-أخاف أن تُصيبها لعنة أمها وتصبح بنفس برودها.
جذب أمير ابنته من أدهم قائلا:
-جوليا ليست باردة، تلك ليست حقيقتها.
-لذا ابنتي لن ترث منها.
لم يستطيع أمير أن يسأل عن حال جوليا فالممرضتين دلفوا مرة أخرى للداخل ليكملوا العملية، لتقوم الطبيبة باستصئال الرحم لتضرره الشديد.
كان يجلس يحتضن ابنه الذي بدأ في البكاء لأنه جائع، لتأتي إليه طبيبة مختصة وتأخذ كليهما لإطعامهم لترافقهم سديم.
جلس أدهم بجوار أمير وربت على قدمه قائلا:
-لا تقلق.
تراجع أمير للخلف بجسده واستند برأسه على الحائط وقد عُولجت جروحه هو وأدهم ليردف:
-إنها دائي ودوائي، أدهم.
-لن تستطيع فهمي، فأنا مشتت و.
كان يشعر بالضياع وقلق، خائف هو يحبها كثيرا ويودّ لو أن ينسى كل ما مضى ليبدأ معها من جديد أنها حبيبته و زوجته.
خرجت الطبيبة وعلى وجهها معالم الأسف لتردف قائلة:
-بعتذر سيد أمير ولكن زوجتك في حالة حرجة لن نتمكن من إنقاذها.
نهض أمير على الفور وقد اغرورقت عينيه بالدموع وأردف بخفوت:
-أودّ رؤيتها.
اومأت له ليدلف لها سريعا وهي بغرفة العمليات كانت ترقد على الفراش مغمضة العين من شدة التعب والإجهاد لقد عانت كثيرا ولكن ما يطمئنها أنها ولدت أبنائها، جثى على ركبتيه وأمسك بذراعها وبدأت دموعه بالتمرد على وجنتيه قائلا بخفوت:
-متسبنيش، أنا أنا بحبك.
ابتسمت جوليا بخفوت وجذبت ذراعه نحوها لينهض ويقف مائلا بجسده ليصبح وجهه أمام وجهها مباشرةً، رفعت يدها لتمسح تلك الدموع التي تمردت على وجنتيه وأحاطت وجهه بيديها:
-أنا أسفة؛ أسفة إني أذيتك وأسفة إني اقتحمت حياتك.
قاطع حديثها بقبلة أعلى جبينها قائلا:
-كانت أحلى لحظة، وأحلى يوم.
-ولكني مش عايز أخسرك.
-مش قولتلك، قولتلك إني حُبّنا.
وضع سبابته على ثغرها قائلا:
-حُبّنا مش جريمة يا جوليا، الظروف هي اللي مش مناسبة.
أكملت حديثه بقوله وهي تبتسم:
-ممكن لو كنا اتقابلنا في ظروف غير دِ، كنت هتبقى أفضل حارس شخصي وزوج على الإطلاق.
كانت تلك جملته ليبتسم بخفوت وهو يحاول أن يستمتع بتلك اللحظة الأخيرة، لتندم جوليا على كل مرة لم تتخلى بها عن كبريائها، برودها، عنادها لتندم على كل مرة كتمت بداخلها شعور الحزن، الألم، الفقدان لكل مشاعر الحب.
لا بأس إن كنت ستموت ولكن من الشناعة أن لا تحيا ما دُمت على قيد الحياة، لأنه حينما يأتي الموت لن تستطيع حينها الندم على فقدان نفسك وذاتك لن تجد فرصة أخرى للتعبير عن مشاعرك.
تذكرت كيف كانت ترفضه في كل مرة، كم ضيعت من عمرها ووقتها؟ يوم أو اثنان، لقد ضيعت عمرها بأكمله تبحث عن الظلام في حال أن طريق النور أقرب ولكننا نبحث عن ملجأ ليس ملجأنا وحياة ليست حياتنا؛ لطالما نعيش في حياة لا تخصنا ولا نعلم عنها شيء فقط نسير كالبقية وفي النهاية لا أحد قادر على إنقاذك سواك.
كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة وهي تحتضن وجهه بين يديها ليردف من بين شفتيه:
-بحبك.
لتبتسم له بحب لأول مرة دون خوف أو قلق أو رفض، ونظرت باتجاه باب الغرفة لتجد كل من أدهم وسديم يحملون أبنائها لتتمرد دمعة على وجنتها وتردف بقولها:
-وأنا.
تراخت يدها عن وجهه وأغمضت عينيها تستسلم للظلام الدائم من حولها، لم يستطيع أن يقاوم أكثر لينهار في البكاء وهو يدفن وجهه في عنقها.
بكت سديم واحتضنها أدهم قائلا:
-لا تحزني.
تمردت دمعة على وجنتيّ أدهم وهو يردف بداخله:
-جوليا، أعتذر لكِ عن تلك الظروف التي جعلت منكِ أنثى لا تعرف معنى الحُبّ ولا تصلح له.
_____________________________
كانت تقف أمام المرآة ترتدي ثوبها الأبيض وتصفف شعرها القصير بعشوائية ليتعالى رنين هاتفها ولم يكن سوى قصي ذلك الذي كشفت خيانته أمام عائلته، أجابت بفتور:
-جوليا، وحشتيني.
أردفت بلامبالاة:
-حركاتك مش هتأثر فيا يا قصي، و جود مش هتأخدها وإياك تفكر إني هتهاون مع اللي يخوني كوني إني بعمل حساب لجود ده مش معناه إني مش هردلك اللي عملته يا ابن الأدهم.
أغلقت الهاتف بوجهه وألقت بالهاتف داخل حقيبتها واستعدت للذهاب لعملها ولكنها دلفت لغرفة ابنتها جود لتراها نائمة فاليوم يوم أجازتها لتقبّلها بحنية وحُبّ أمومي وتهبط لأسفل وقد جهز حامد سيارتها لتستقلها وتذهب لمنزل أمها تلقي عليها التحية ولكنها لم تختفي عن أنظار ذلك الذي يراقبها ويراقب كل تحركاتها من أول يوم هبط فيه إلى مصر ليخرج هاتفه وينظر مرة أخرى إلى صورتها حتى في الصور لا تضحك كالحقيقة ليشعر بالغموض نحوها.
هبطت من سيارتها وتقدمت للداخل ليهبط هو الأخر خلفها ووضع خلف ظهره مسدسه ليتحرك خلف العمارة ويبدأ في تسلقها يعلم بأن أمها تقطن في الطابق الثالث لذا كان من السهل تسلقه ودلف من الشرفة ليختبيء بجسده لأسفل حتى لا يراه أحد وكانت المنطقة هادئة لذا سيستطيع إنهاء مهمته سريعا.
رحبت ملك بجوليا وهتفت باسم جويرية التي أتت لها واحتضنتها بقوة وهي تردف قائلة:
-كدة متجيش تسألي عليا طول الفترة دِ، يا جوليا.
قبّلت يدها وأردفت بقولها:
-أخلص من موضوع قصي، وهأخدك أنتِ وجود بعيد عن هنا.
فتح الشرفة مصوبا مسدسه نحوها قائلا:
-اهدئي واخفضي صوتك.
ارتبكت ملك وسقطت أرضا بخوف منه، لتقف جوليا أمام أمها وهي تحميها بكامل جسدها تعجب قليلا لم ترمش وليست خائفة منه حتى أنها تنظر لعينيه بتحدي.
كانت عينيه حادة لا تحمل النقاش كانت تشبهه، سقط القناع من وجهه لتنظر لكامل وجهه كم كان جميلا يحمل مسدسا بيده اليمنى والأخرى يشير بها لملك حتى لا تخطو خطوة واحدة للخارج.
طال الصمت بينهما، لأول مرة لا تجثو فريسته أمامه ترجوه أن تتركه مقابل فعل أي شيء ودفع الكثير من الأموال الطائلة ولكنها كانت عكس الجميع تقف في وجهه تتحداه بعينيها وتخبره بأنها ليست خائفة منه ليفيق من شروده بها ويضغط على الزناد برصاصة أصابتها لتشهق بقوة، صرخت ملك بقوة وكذلك جويرية التي كانت تحتضن ابنتها التي سقطت بين ذراعيها تغرق في دمائها ليغادر على الفور ويلقي نظرة أخيرة عليها مازالت تحافظ على ثباتها في أحضان أمها التي بكت بانهيار تام؛ فهي ابنتها فلذة كبدها الوحيدة.
أصبح ثوبها ملطخا بالدم وأغرورقت عينيها بالدموع لتنظر لأمها ثم لملك التي صرخت لعل أحدهم ينقذها، شاهدت أمامها جود ابنتها وهي تضحك لها لتضحك أثرها وتلفظ أنفاسها الأخيرة بين أحضان جويرية التي تهزها بعنف تصرخ باسمها ولكن لا حياة لمن تنادي.


  • يتبع الفصل التالي اضغط على (جريمة حب ) اسم الرواية
تعليقات