رواية جريمة حب الفصل الخامس و الثلاثون 35 - بقلم سلسبيل
___________________________
عادت معه للمنزل بعدما أخبرته بأنها شعرت ببعض التعب ليدلف للمنزل وهو يحملها بخوف وقلق عليها من أن يصيبها مكروه وضعها على الفراش ببطء لتلحق بهم سديم التي تساءلت عما يحدث، أردفت جوليا وهي تبتسم:
-أخوكِ مكبر الموضوع.
-أنا بخير.
-هتصل بالدكتورة بتاعتك.
رفضت وهي تمسك بمعصمه تمنعه من مهاتفة طبيبتها التي أخبرتها بأنها تعاني من سرطان الرحم، ابتلعت لعابها وهي تراه ينظر لها بشك وأشار لسديم تغادر الغرفة ليجلس أمامها قائلا:
-إيه اللي حصل النهاردة؟
رفعت كتفيها لأعلى قائلة:
-محصلش حاجة، حسيت بشوية تعب وبس أنت اللي مكبر الموضوع وأنا عايزة أنام.
جذبت ذلك الغطاء بعدما خلعت حذائها واستلقت على الفراش تضع الغطاء عليها وتخبيء وجهها تتمنى أن ينتهي ذلك الألم.
كانت مشاعره مختلفة قد سئم من تلك العلاقة المملة المميتة على الرغم من كونه محبا لها ولتفاصيلها ولكنها دوما تضع حاجزا بينه وبينها تجعله عاجزا عن اختراق حصونها.
في مساء اليوم التالي،
كانت تنظر لسقف الغرفة بملل بينما هو نائم بجوارها أثر تعبه طيلة اليوم، أخذت تتقلب يمينا ويسارا وهي تفكر في حياتها القادمة وتلك الكلمات التي تفوهت بها الطبيبة "أنتِ تعانين من سرطان الرحم".
وضعت يدها على معدتها لتتحسس ذلك الطفل بداخلها، وجدته يمد يده نحو معدتها هو الأخر ليجذبها نحوه هامسا بجوار أذنها بخفوت وصوت أجش أثر نومه:
-ليه لسة صاحية؟
نظرت له لتجده بالكاد يفتح عينيه، لتتساءل وقد سيطرت عليها مشاعرها المختلطة والتي لم تستطيع تحديدها أو الثقة فيه إلى الآن:
-أمير، أنا وحشة؟
انتبهت حواسه عقب سؤالها ليعتدل في جلسته وهو يفحص تعابير وجهها كم تملك منها الحزن أثر كتمانها، يمتليء قلبها بالأحاديث التي وُلدت وماتت بداخلها هي فقط.
رفع كف يده يلمس وجنتها حتى موضع قلبها قائلا وهو يشير عليه:
-الأمر فقط، أنكِ خُلِقتِ في ظروف لا تناسب قلبك البريء؛ فقلبك لا يليق بِهِ عدا الفرح.
تفاجيء حينما احتضنته لم تبادر باحتضانه من قبل، كانت تغمض عينيها وهي تتساءل لما لم تراه في البداية لما تقابلا بعدما جار الزمن على قلبها وأُغلق بمئة قفل مُلىء بالصدأ.
____________________________
كانت تجلس في الخارج بانتظاره حتى ينتهي من عمله فاليوم وعدها بأنه سيذهب في موعد معها، لقد انشغل في الآونة الأخيرة عنها وهي أصبحت في مرحلة خطرة من الحمل تحتاج لرعاية طوال الوقت.
خرج من مكتبه ليتقدمها بلهفة ويحتضنها تحت نظر تلك السيدة التي كانت ترمق ملك بنظرات حقودة منذ اللحظة التي خطت بها لهنا.
أردفت السكرتيرة الخاصة به وهي تتساءل:
-مستر معتز هو حضرتك مش هتحضر اجتماع الساعة خمسة.
-لا عزيز هيحضره بدالي أنا ورايا مشوار.
-يلا يا ملك.
جذبها لأحضانه وتقدم من المصعد ليستقله ويضغط على زر الطابق الأرضي، أردفت ملك بضيق:
-هو لبسي وحش يا معتز؟
نظر لها بتعجب وأردف متساءلا:
-ليه بتسألي؟
-أصل سكرتيرة جنابك قعدت تبص ليا وحش.
ابتسم بخفة وغادر المصعد لتذهب هي خلفه، كانت في انتظار أن يخبرها بأنه سيطردها أو يتغزل بها كعادته ولكنه فاجئها بقوله:
-طالما أنتِ شايفاها شايفاكِ كدة يبقى خلاص.
توقفت بمكانها وهي تنظر له بصدمة لتشير على نفسها وتقول:
-قصدك أنها عندها حق!
توقفت في منتصف الطابق الأرضي أمام الموظفين ليتقدم منها ويجذبها نحوه قائلا:
-أنتِ اللي شايفة أنها عندها حق.
-لو واثقة في نفسك شوية مكنتش هتسأليني هو أنا حلوة ولا وحشة يا معتز.
قبض على معصمها ليتقدم للخارج ويستقلا السيارة سويا، بينما هي ترددت كلماته على مسامعها.
لتتساءل بداخلها لِمَ سمحت لفتاة كتلك أن تقيّم ثيابها أو جمالها! إنها جميلة بكل عيوبها يكفي أن ترى جمالها في عينيه لا شأن لها بالأخرين.
إنهم لن يحبونك إن لم تمتلك المعايير الخاصة بهم، لذا عِش لنفسك.
قبضت على كف يده واعتذرت له ليرفع يدها له ويقبّلها بحب لقد عوضه الله بإنسانة تسعى لإسعاده لا تهتم لأحد سواه وتحب أبيه كثيرا ولا تعارض تواجده معهم في المنزل بل ترحب بالفكرة كثيرا، إنه يحبها لأنها تمتلك براءة بعيدا عن ذلك العالم المتوحش.
على الجهة الأخرى،،
لقد عمل حامد لدى معتز الذي أصر كثيرا على الأمر وقام بترقيته وجعله يعمل معه في الشركة بدلا من كونه حارس، عاد حامد للمنزل ليجد ريهام في المطبخ بينما ابنته الصغيرة تقدمت منه على الفور حينما رأته لتضحك بقوة بينما هو هبط لمستواها ليحملها بين ذراعيه ويقبّلها بقوة لتخرج ريهام على صوته وتبتسم له قائلة:
-الأكل جاهز اطلع غير هدومك يلا.
اومأ لها فهو يعشقها كثيرا لكونها تحترمه ومنذ الليلة الأولى بينهم اتفقا على المودّة والرحمة والتفاهم كلاهما يريح الأخرى، من النادر أن تجد كتلك العلاقة فهي مريحة للغاية لا يوجد بها الكثير من المشاكل تتملكهم راحة البال والرضى.
____________________________
كانت تجلس مع سديم صامتة تتفحص هاتفها بلامبالاة قاطعت سديم الصمت بقولها:
-أنتِ بتحبي أمير يا جوليا؟
إنها تهرب من ذلك السؤال لسنوات لما تعيده سديم عليها الآن، وَإنْ كَان حُبُّهُ شِفاءً لِرُوحِهَا فإنَّهُ لِقَلْبِهَا غَير مُبَاحٍ.
ارتبكت قليلا خاصةً وهي ترى الإصرار بعينيها وكأنها تخبرها بأنه لا مفر الآن من إجابتها، تعلم بأنها تتعبه كثيرا معها ولكن تلك هي ومن الصعب أن تتبدل بتلك السرعة أما لإجابة سؤالها.
توقفت تبحث عن تلك الإجابة بداخلها ولكنها شعرت بألم يصيبها في منطقة الحوض لتتركها وتصعد للأعلى، انتفضت سديم في مكانها حينما رأتها تتألم بقوة ولكنها وجدتها تغلق الباب خلفها بالمفتاح وتجري على المرحاض لتجد هناك نزيف ويزداد الألم عليها لتبدأ في الصراخ بصوت مكتوم حتى لا يصل لمسامع سديم تلك التي تقف أمام الباب تطرق عليه بقلق متساءلة عما إن كانت بخير.
نهضت جوليا مستندة على الحائط بكف يدها اليسرى وهي تحيط بطنها البارزة بألم وقد تصببت عرقا لتخرج من المرحاض وهي تجلب حقيبة الأدوية الخاصة بها فقد كتبت لها طبيبتها بعض الأدوية التي تستعملها حينما يشتد عليها الألم وأخبرتها بأعراضه تلطخ بنطالها الأبيض بالدماء لتبكي على حالها وما وصلت له وكأنها كانت بحاجة لذلك البكاء وكأنه الطريقة الوحيدة لديها الآن للبوح عن مشاعرها تلك التي تكتمها بداخلها.
التقطت ذلك القرص لتبتلعه ويتبعه كوب ماء، نهضت واتجهت لخزانة ثيابها وهي تقبض على ثياب نظيفة أخرى لتبدل ثيابها على الفور قبل أن يعود أمير فموعد عودته اقترب لتتجه للمرحاض وتستحم قبل أن يأتي على الرغم من شعورها بالألم الشديد ولكنها تحاملت حتى لا يشعر بشيء.
خرجت من المرحاض لتفتح الباب وتجد سديم مازالت تنتظر بالخارج وقد تمكن منها القلق لتنظر إلى وجهها كم يبدو مرهقا لتتساءل وهي تتقدم منها:
-في إيه؟ إيه اللي حصل؟
-حسيت بتعب شو.
قاطعتها سديم وهي تردف بحدة:
-أنتِ بقالك فترة مروحتيش للدكتورة يا جوليا أنا هقول لأمير يوديكِ.
قاطع حديثها أمير الذي دلف لتوه للمنزل ويبدو أنه يتحدث لأحدهم ليصعد حيث غرفته ويجدهم يقفا أمام غرفته ليتعجب ويقترب منهم متساءلا عن سبب وقفتهم بذلك الشكل، كادت أن تجيب سديم حتى قاطعتها جوليا بسؤالها:
-أنا سامعة صوت حد تحت أنت معاك ضيوف؟
اومأ أمير برأسه ليقول:
-مستر جيمي وزوجته رئيسي في العمل، عزمته لتوطيد العلاقة.
عقدت حاجبيها قائلة:
-وأنت مقولتش ليه أنك جاي بضيوف؟
تخطاها ليدلف للداخل قائلا:
-سديم حضري حاجة للضيوف، لو سمحت.
أغلقت الباب خلفها وتقدمته وهي تراه يجذب ثياب أخرى بدلا من تلك التي عليه لتقبض على ذراعه قائلة:
-من ساعة ما جينا لهنا وأنت عمرك ما عزمت حد عندنا ولا دخلت شخص غريب، إيه اللي غير رأيك!
-قولتلك لتوطيد العلاقة يا جوليا في إيه؟ هو أنتِ عايزة تعملي أي مشكلة وخلاص!
تقدم من المرحاض ليبدل ثيابه، قبضت على شعرها بقبضة يدها بقوة وهي تكاد تقتلعه من مكانه لتهبط لأسفل وترى سديم تقدم لهم مشروب غازي وهي تبتسم لهم ابتسامه بسيطة هادئة وهي ترحب بهم.
نهض ذلك المدعو جيمي مردفا:
-السيدة أمير، أنتِ جميلة للغاية لقد تحدث أمير عنكِ عدة مرات.
-مُبارك على طفلكم الأول.
ابتسمت له جوليا بهدوء فقد ارتاحت له نوعا ما ولكنها لم ترتاح مطلقا لتلك التي ترتدي ثوب قصير يكاد يبرز كل مفاتنها لتقول وهي تنظر لأمير الذي هبط لتوه:
-منزلك رائع مستر أمير.
ابتسم لها أمير وأردف قائلا:
-كعينيكِ، سيدتي.
ابتسمت بسخرية وهي تراه يتغزل بأخرى لتجلس على الأريكة وكأن الأمر لا يعنيها ولكن تلك النيران بداخلها اُشتعلت.
لتجلس بجوارها سديم وهي تعلق على أسلوب تلك السيدة المستفز، ليبدأ كل من أمير وجيمي يتحدثا بخصوص العمل لتقاطعهم زوجته التي تُدعى لورينا:
-عزيزي، لم نأتي للتحدث عن العمل أليس كذلك مستر أمير.
-وأخيرا أتينا لمنزلك فدوما كنت تحتج كلما أخبرتك بأني أودّ زيارته.
لتخترقه بنظراتها لو كانت رصاصات لكان ميتا الآن، لتتقدم في جلستها وهي تتساءل بنبرة هادئة:
-أكنتِ تتواصلين معه في العمل؟
-نعم، فأنا امرأة عاملة ولست ربة منزل.
-وأيضا لا أفارق جيمي في عمله أبدا.
ابتسم جيمي وهو يحتضنها بخفة قائلا:
-لقد تزوجنا عن حب لذا لا تفارقني لورينا أبدا حتى في العمل، وأيضا هي وأمير يعملوا سويا تحت إشرافي وأخرجوا لي عملا رائعا.
ابتسمت بسخرية وكأنها تتساءل بداخلها أحقا كل هذا يحدث وهي لا تعلم!
بعد فترة من الأحاديث الغير مهمة لجوليا والتي دوما كانت تتعمد لورينا أن تستفزها بحديثها وكل جملها تحتوي على اسم أمير ولكنها كانت باردة وهادئة هدوء ما قبل العاصفة.
لتودعها بنبرة ثابتة وكأنها لم تخبرها بأنها كانت تقضي ساعات عملها بالكامل مع زوجها بينما هي تجلس بالمنزل لا تفقه شيء.
أغلقت الباب خلفهم ونظرت لسديم تلك التي دعت لأخيها بداخلها وتركتهم وذهبت لغرفتها تستمع لحديثهم في الخفاء.
تقدمت جوليا من أمير ذلك الذي كان يقف ثابت حتى أصبح وجهها أمام وجهه تهمس بنبرة خافتة:
-وحشتني.
أدهشته بردة فعلها الغير متوقعة، ولكن لنعود قليلا للخلف عزيزي كانت تلك هي الكلمة التي تفوهت بها قبل أن تقلب حياة قصي رأسا على عقب أسيكون مصير أمير مثله؛ فإن كيدهن عظيم.
ابتعد عنها بتعجب وقد حُبست أنفاسه لوهلة ليتركها ويصعد للأعلى وقد تعالت ضربات قلبه أثر قربها منه، ليلقي بجسده على الفراش وتلحق به جوليا ليناما تحت أنين جوليا الخافت أثر ألمها.
في صباح اليوم التالي،
توقف أمير بسيارته أمام عيادة طبيبة جوليا التي أخبرته أنها تودّ الاطمئنان على الطفل، كاد أن يهبط لتمنعه بقولها:
-أنا عايزة أروح لوحدي.
-ولكني عايز أعرف نوع البيبي معاكِ.
-أنت وراك شغل، روح عشان متتأخرش على مدام لورينا.
لتقبض على ياقة قميصه وهي تردف قائلة:
-الخيانة مش بسامح فيها يا أمير، وأنت شوفت إيه اللي حصل في قصي واختلافك عنه مش هيمنعني أخد حقي وأنتقم.
تركته وهبطت من السيارة لتقابل الطبيبة في طريقها للدخول ليصعدا سويا للأعلى تحت أسئلة الطبيبة الروتينة.
لتدلف لغرفة الطبيبة وتبدأ في الكشف عنها وإبلاغها بنوع الجنين والمفاجأة اكتشاف الطبيبة بكونها حامل في طفلين كان الأخر لا يظهر مختبئا خلف أخته والتي كانت بارزة هي فقط في البداية.
ابتسمت جوليا بفرحة وهي تتحسس بيدها على بطنها لتنتقل ببصرها على جهاز الكشف وهي تراهم وتشعر بنبضهم.
ابتلعت لعابها بارتباك تشعر وكأنها لم تحمل مرة من قبل، لتبدأ الطبيبة في التحدث عن السرطان بقولها:
-لحسن الحظ أنه لا ينتشر بسرعة فائقة، يمكننا إجراء العملية بعد الولادة.
-ولكني أشعر بالكثير من الآلآم وخاصة في منطقة الحوض وأيضا لقد نزفت من قبل.
-تلك الأعراض طبيعية، ولكن يجب رعايتك جيدا في الآونة الأخيرة لا أحد يعلم ماذا سيحدث غدا.
شكرت جوليا الطبيبة وكادت أن تغادر حتى أردفت الطبيبة:
-وأيضا زوجك يهاتفني باستمرار للاطمئنان عليكِ، ولكني لم أخبره بسرطانك.
غادرت جوليا وهي تحيط بطنها كدرع حماية لأبنائها لتودّ أن تشارك أبنائها معه هو فقط تريد أن يهربا من ذلك العالم والبشر ليسكنا بمكان لهما فقط تربي أبنائها جيدا وربما تستطيع حينها التعبير عن حبها له.
استقلت سيارة أجرة توقفت أمام مقر عمله لتهاتفه ولكنه لم يجيب لتضطر أن تدلف لداخل الشركة، كان لها تأثير خاص فلا ننسى جاذبيتها الخاصة في مقر شركتها في السابق كان الجميع متعجب من تلك الطريقة التي تمشي بها وكأنها تمتلك تلك الشركة، لتسأل عن أمير وتخبرها الموظفة بمقر مكتبه.
استقلت المصعد لتشعر بدوار بسيط تغلبت عليه وخرجت من المصعد تذهب كما وصفت لها الموظفة لتصطدم بلورينا التي تعجبت من تواجدها هنا.
-لقد أتيت لرؤية زوجي، ألا تعلمين أين هو؟
كانت تنظر لها لورينا وإلى ثيابها كانت جميلة بها، فكان ثوبا بلونه الأبيض لا يظهر بطنها البارزة لاتساعه وترتدي حذاء رياضي حتى تستطيع السير به على عكس الحذاء العالي فهي ليست كما سبق.
رأت أمير يتقدم نحوها بقلق متساءلا عن سبب مجيئها لهنا فقد أخبرته الموظفة بهوية تلك التي سألت عنه.
تقدمت جوليا من أمير وقبضت على ذراعه قائلة بابتسامه يعلمها أمير كثيرا ليست صادقة:
-لقد أتيت لأخبرك بأن الله وهب لنا طفلين صبي وفتاة، حبيبي.
لقد ضغطت على كلمة حبيبي تلك بقوة لتنظر لتلك المستفزة التي مازالت واقفة الآن كعزول بين رجل وامرأته بينما أمير استوعب حديث جوليا للتو لينظر لها بفرحة يؤكد على حديثها:
-فعلا!!!!!
اومأت له والآن تحولت نظراتها وابتسامتها ليكونا صادقين، احتضنها أمير غير عابئا على من ينظر لهم ويتساءل عن هوية جوليا ولكنهم خمنوا بأنها تكون زوجته.
كانت لورين غاضبة ولكنها أردفت بابتسامه مصطنعة قائلة:
-مُبارك.
كانت جوليا سعيدة فجذبها أمير وبدأ يعرف الجميع عنها ويخبرهم بأنها قريبا ستجلب له مولودين ليبدأ الجميع في مباركته وتهنئته، كانت تبتسم للجميع بصدق فهما على عكس لورين الغاضبة ولكنها لما تشعر بالألم يغزوها الآن!!
لتضع يدها أسفل بطنها وتبدأ في أنين خافت تحول لصراخ وهي تتمسك بثياب أمير الذي تحولت ملامحه لقلق ليحيطها بذراعيه ليطلبوا الإسعاف ولكنها كانت رافضة لتصرخ به:
-وديني عند دكتورتي.
كان لا يعلم سبب إصرارها على الذهاب لطبيبتها ولكنه لبى طلبها ليحيطها بذراعيه ويساعدها على السير حتى يخرج من تلك الشركة فحملها الآن سيكون صعبا عليه ليتجه بها نحو الطبيبة التي احتجزتها عندها وبدأت تعالج ألمها.
اضطرت الطبيبة أن تخبر حقيقة مرض جوليا لأمير الذي صُعق وكأنه تلقى رصاصة اخترقت قلبه وبقيت بداخله والدماء تُنزِف منه ألما على محبوبته.
لم يستطع رؤيتها وهي تتألم ليظل بالخارج يستمع لأنينها وبكائها الذي يصاحبه شهقات عالية، مسح وجهه بكف يده بتوتر ليتعالى رنين هاتفه وكانت سديم هي المتصلة تودّ الاطمئنان على جوليا فهي لا تستطيع التواصل معها لم يجيب فقلبه معلق مع تلك المريضة.
استعانت الطبيبة بأحد زملائها وكان الأمر صعب لكونها حامل في شهورها الأخيرة وهناك ضرر على الجنين التي تتمسك به جوليا خاصةً بعد أن علمت أنها ستُرزق بمولودين.
توتر كبير أصابه وكأن عقله توقف تماما عن العمل فكرة أنها قد تتركه وترحل غير مقبولة، فكيف له أن يتخلى عن حُبُّه!!!
ليلعن تلك اللحظة التي رآها بها لأول مرة والتي كانت بمثابة أجمل اللحظات بينهما؛ لو تجاهلها في ذلك اليوم وتخطاها فقط ربما لما كانت راقدة على الفراش تتألم بطريقة ألمته هي التي لم تشكو أبدا.
تقدم من باب غرفتها بتردد وخوف ولكنه عاد مرة أخرى لن يقوى على رؤيتها تتألم، ولكنه استمع لإسمه يُلفظ من بين صرخاتها ليفتح الباب بقوة على مصرعيه وهو يتقدم منها يرى العرق يتصبب منها ووجهها مجهد والعَبرات تمليء وجنتيها وعاد الحزن ليخيم عينيها مجددا وشفتيها أصبحت مغرية أثر بكائها ليتقدم منها ويقبّلها أعلى جبينها بقوة واستمر في تقبيل جبهتها لدقائق وكأنه خائف أن تتقابل أعينهم في نقاش طويل وحاد ينتهي بفراقهم.
ابتعد عنها ليقبض على كف يدها ويقبّله قائلا من بين ثغره بنبرة خافتة تكاد تصل لمسامعها هي التي تتألم وتتلوى أمامه وقد تهيج رحمها والأخرين يجهزوا لولادة قصيرية ضرورية تتوقف عليها حياة طفلين:
-بحبك.
ابتلعت لعابها وهي تردف قائلة من وسط بكائها:
-أنا أسفة؛ أسفة لأني مقدمتش ليك الحب، أسفة لأني قللت منك ومن حبك، أسفة لأني مكنتش الزوجة المناسبة ولا الأم المناسبة ولا النسب المناسب ولا القلب المناسب ولا البنت المناسبة أسفة لأني مكنتش مناسبة ليك أسفة إني جرحتك في كل لحظة ممكنة أسفة إني رفضتك، يا أمير.
وضع سبابته على ثغرها يمنعها من تكملة حديثها وابتسم لها يطمئنها وأردف:
-تقدري تعتذري وتعملي أي حاجة أنتِ عايزاها بعد ما تبقي كويسة.
____________________________
تقدم من شرفته ونظر للفناء الواسع من حوله كان عاري الصدر ولكن الجروح تملىء وجهه لم تذهب إلى الآن، ليرتدي حِلة نظيفة داكنة ويهبط لأسفل وكل من رأه انحنى له احتراما وخوفا من أن يصيبه بسلاحه ليستقل تلك السيارة التي كانت بانتظاره ويتجه نحو المطار واضعا قدم فوق أخرى حاملا بيده ذلك الهاتف يتفقد صورتهما كيف يحميها بجسده خوفا من أن يصيبها مكروه وأخرى ببطنها البارزة ابتسم بسخرية قائلا:
-عهدك سينتهي، أمير.
على الجهة الأخرى،،
كانت سديم تساعد جوليا في ارتداء ثيابها بناءا على رغبة أمير بعدما طلب من طبيبتها أن تسمح له لكي يأخذها لقضاء سهرة ممتعة لعلها تحسن من نفسيتها، خرجت من الغرفة وهي تستند على سديم ليتفاجيء بجمالها ويضع يده على ثغره بحب وهو يتفحصها لتخجل جوليا وتشعر بأنها ملكة جمال العالم أثر نظراته لها.
تقدم منها ليحيط وجهها بيديه وهو يبتسم ليقبّل أعلى جبينها وهو يهمس بجوارها:
-لقد رزقني الله بأجمل سيدة.
جذب ذلك المقعد ليخبرها أن تجلس عليه لتتعجب جوليا ليفسر لها الأمر:
-عشان متتعبيش.
جلست جوليا على المقعد ليقبض عليه أمير ويتقدم لخارج المشفى وهو سعيد للغاية على الرغم من حالتها المرضية وألا وأنها كانت على غير العادة كانت تعبر عن فرحتها بابتسامتها وامتنانها على ما يفعله معها.
ليذهبا سويا لقضاء ليلة ممتعة في مطعم وتناول الطعام، ظل طيلة اليوم يتغزل بجمالها فقد كانت ترتدي ثوب أحمر قاتم يميل للون النبيذ الأحمر وحذاء رياضي أبيض حتى لا يؤلم قدمها.
استقلا السيارة سويا وكاد أن يقودها في طريق العودة حتى أجهشت جوليا في البكاء وهي تخبيء وجهها بين كفي يدها ليتألم أمير ويحاول الثبات على الرغم من عينيه التي اغروروقت بالدموع من فكرة فقدانها في أي لحظة ولكنه تماسك ليجذبها نحوه ويحتضنها مازحا:
-لا ده ربنا رزقني بزوجة نكدية بقى!
-أي كل الدموع دِ أنتِ مخزناهم!!
خرجت ضحكة تلقائية منها على دعابته ليقبّلها وهو يحيط بخصرها ولكنه لم يتمكن أثر انتفاخ بطنها ليردف مازحا:
-فين حبيبتي جوليا أم تسعة وأربعين كيلو، انطقي ودتيها فين؟
ضحكت ليقوم بإزالة دموعها وهو ينظر لها بعمق وكأنه يحفر تفاصيلها بداخله حتى لا يكون هناك سبيل لنسيانها، إنها زوجته وأم أبنائه إنها حبيبته ومعذبته.
وإن كان هواكِ عذابا، فأنا في عذابه هنا أغرق.
______________________________
كان يعتني بها في الآونة الأخيرة حتى تنجب بسلام ولا يضطروا لولادتها مبكرا على الرغم من ذلك الألم الذي يجتاحها طوال الوقت ولكن اهتمامه جعلها تتحمله وألا تشكو أبدا لتنجب له أطفاله بسلام ومن بعدها يمكنها العيش أو الموت لن يفرق معها.
قاطعها بقسوة حينما تحدثت عن موتها بتلقائية ليدفعها نحو ذلك الحائط ويحيطها بينه قائلا بحدة:
-مش عايز أسمع كلمة موت على لسانك يا جوليا، فاهمة؟
اومأت برأسها بخفوت ليقبّلها برفق على وجنتيها وهو يرى شحوب وجهها وتعبير الألم على قسمات وجهها ليبدأ في تقبيلها في أماكن متفرقة من وجهها ليجعلها تتناسى ذلك الألم.
طُرق الباب لتدلف سديم والتي أخبرتهم بأن الغداء جاهز لتغمز لأخيها باليسرى وتردف:
-سأتي في وقت لاحق، يمكنكم تناول الطعام وقت أخر.
رفضت جوليا والتي كانت جائعة كادت أن تغادر ولكن أعادها أمير إلى موضعها ليشير إلى سديم التي جرت لأسفل، لتعترض جوليا على قرار أمير ولكن سرعان ما تحول اعتراضها لصراخ عند اقتحام منزلهم الكثير من الأشخاص الملثمين ليقلق أمير على أخته ويحيط زوجته بذراعيه.
.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (جريمة حب ) اسم الرواية