رواية جريمة حب الفصل الثلاثون 30 - بقلم سلسبيل
_____________________________
لا يعلم ما ذلك الشعور الذي سيطر عليه، أهو سعيد لكونه سيتمكن من الحصول عليها أم حزين لكونها تعرض نفسها عليه كصفقة.
عندما رأته شارد الذهن بلا تعابير محددة على وجهه أردفت وهي تغادر من أمامه:
-تمام، ألغي العرض وشوف أنت عايز إيه مقابل.
جذبها من ذراعها نحوه ليردف قائلا بحدة ادهشتها:
-أنا موافق ولكن الأهم إنك متتراجعيش عن قرارك وتندمي بعدين.
تركها وغادر بعد أن لملم متعلقاته وغادر المنزل بأكمله، لتتعجب من ردة فعله الغير متوقعة.
كانت تجلس على مقعد مكتبها وهي تتذكر أخر محادثة بينهم، لتتساءل بداخلها أحقا اختارت القرار الصحيح بزواجها منه أو ربما أنها لا ترفض الأمر بأكمله لتضرب رأسها بالمكتب أمامها وهي غاضبة من نفسها ومن ما تمر به لتشعر بالخنقة الشديدة تسيطر عليها وهي تنظر حولها متساءلة من بجوارها الآن؟
لقد ظلت طيلة حياتها وحيدة، وعاشت وحيدة ولربما ستموت وحيدة.
طُرِق الباب لتدلف ريهام وهي تحمل بيدها باقة ورد حمراء لتتعجب جوليا وتتساءل عن هوية المرسل، أجابت ريهام وهي تتفحص تلك البطاقة قائلة:
-معرفش، شوفي كدة من البطاقة دِ.
-سيبيه طيب.
غادرت ريهام بعدما تركت كل من البطاقة وباقة الورد أمام جوليا على المكتب لتلمس الورد برقة، فهو ورد أحمر يماثل تلك الورود التي كانت تهتم بها من الصغر وتحبها التقطت يدها البطاقة لتجد كلمة واحدة بداخلها "وردتي"، كانت الكلمة كفيلة أن تجعلها غاضبة لأقصى حد لتنهض وتقوم برمي الباقة تحت قدمها وتضغط عليها بقدمها اليمنى بكل كره وغل وهي تصرخ بغضب من تلك المشاعر التي تسيطر عليها.
على الجهة الأخرى،،
كان معتز يجلس بجوار أبيه في المشفى يهتم بطعامه وشرابه، ابتسم علي لابنه وربت على كف يده قائلا:
-عايز أشوف حبيبتك.
ارتبك معتز قليلا، ليردف قائلا:
-أنا لسة مفتحتهاش في الموضوع وخايف ترفضني.
-أنت مش وحش يا معتز، ظروفك هي اللي كانت وحشة متسمحش لظروفك تحدد هويتك.
تحمس معتز قليلا ليبتسم لأبيه وهو يشكره على وجوده بجواره؛ فأب عن أب يختلف أصبحت هناك الكثير من العلاقات المهددة بين الأب والأبناء لا أحد منهم يستطيع فهم الأخر، كل منهما يعيش بمعتقداته المختلفة لم يحاولوا قط أن يلتقوا في نقطة المنتصف تلك من إحدى قضايا المجتمع الحقيقية التي نواجهها في عصرنا هذا.
يجب علينا توطيد وتوقير مثل تلك العلاقات لإنشاء جيل جديد يعلم معنى العلاقة الحقيقية بين العائلة.
___________________________
كان أكرم يقف أمام قبر جويرية وملامحه باهتة وقد ظهر على وجهه العجز أكثر من ذي قبل، ليتحدث بالكثير من الكلمات بداخله كتمها لكثير من السنوات.
"لقد ذبلت وردتنا تلك التي اهتمينا بها كثيرا وتعبنا كثيرا لإنجابها، تلك التي لم يخلو وجهها من الابتسام أصبحت تتحدث بوجه جامد وخالي من التعبير وقلب قاسي بمشاعر جاحدة يبدو بأننا زرعنا وردتنا في بيئة غير صالحة للنمو تلك هي غلطتنا الوحيدة أو ربما الخطأ الوحيد كان من نصيبي، أنا لم أهتم لزرعتي جيدا وتركتها لغيري يرويها أنا فقط من عليه تحمل العواقب.
اما عن حبّي لكِ فلم ينقص يوما، زاد الشوق أضعاف المضاعفة في كل يوم مر بدونك أعتذر عن غيابي طيلة تلك الفترة ولكن مكاني ليس هنا بجوار الطيبين فأنا مذنب كذلك المختل الذي أذى وردتي وسمحت له بذلك".
كاد أن يبوح بالأكثر ولكنه شعر بحذائها من خلفه ليمسح عَبراته على الفور والتفت لها، لتنتقل ببصرها بينه وبين قبر والدتها لتتقدم منه وتقوم بجذبه للخارج من ذراعه.
لتتساءل بغضب عن سبب وجوده هنا أمام قبر والدتها تلك التي ضحت بالكثير من أجل كليهما:
-أنت ملكش حق تكون هنا.
-ملكش حق تدخل في حياتنا و.
قاطع حديثها باحتضانه لها تعلقت يديها في الهواء وشعرت بالارتباك المفاجيء، استعادت توازنها ودفعته ليصطدم ظهره بالسيارة لترفع سبابتها في وجهه قائلة:
-أنا مش هسمحلك تكون جزء من حياتي.
-أنا جوليا الساعي مش جوليا الباجوري يعني عمري ما هكون بنتك.
كادت أن تستقل سيارتها حتى هتف بقوله:
-أنتِ لو غيرتي اسمك مش هتغيري حقيقة أنك بنتي.
-وأنت مهما حصل هتفضل في نظري أحقر أب عرفته.
-فاكر عملت إيه! ولا ده نسيته!
-أنت اللي زيك يستحق الموت، أنت ضحيت بشرف بنتك مقابل صفقة رخيصة.
استقلت السيارة وغادرت ذلك المكان بقلب ينزف دما من شدة ما تعرضت له قادت بأقصى سرعة لها وهي تتمنى لو تستطيع الفتك بكل من قام بإيذائها، لم تستطع التحكم بقيادتها لتصطدم السيارة برصيف للمشاة بقوة.
لم تغيب جوليا عن الوعي لتلتقط الهاتف وتحاول الاتصال بأمير أول من فكرت به الآن، ولكنه لم يجيب.
على الجهة الأخرى،،
كان يجلس أمامه واضعا قدم فوق أخرى وأمامه قصي يجلس أرضا يرتجف من شدة الخوف والدماء تمليء وجهه وتوجد الكثير من الجروح التي تغطي جسده.
ابتلع لعابه حينما وجد أمير يتقدم منه وهبط لمستواه ليقول:
-هتنفذ اللي قولتلك عليه ولا أنفذه أنا؟
كاد أن يقبّل قدمي أمير لكي يرحمه من ذلك العذاب مردفا:
-بلاش تدمر حياتي، هأخد كل حاجتي وهمشي من هنا.
-أنا وظيفتي أقتلك وعمري ما خالفت وظيفتي.
-وأنت جشعك وطمعك اللي خلاك تقع تحت ايدي.
-هتنفذ ولا لا؟
أشار لأحد رجاله ليتقدم منه وقام بإخراج سكين حاد ليذعر قصي ويرجع للخلف بخوف وهو يرجوهم أن يبتعدوا عنه، قاموا بقيد أطرافه وقام بإنشاء عدة جروح أخرى في جسده ليست عميقة ولكنهم ضافوا عليها كحول ليصرخ قصي من شدة الألم.
ابتعد عنه أمير ونهض ليجذب معطف بذلته ويشير لرجاله أن يتوقفوا لهذا الحد.
غادر المكان الذي يحتجز به قصي لأكثر من أسبوع يقوم بتعذيبه بالبطيء، كان مكان مظلم تم هجره لكثير من السنوات لذا استخدمه أمير كموقعه.
استقل سيارته ولكنه أوقفه أحد رجاله الذي تفوه بقوله:
-فيكتور يريدك أن تعود لتنهي مهماك.
-يخبرك بأنه طالت فترة أجازتك، سيعتبره انقلاب.
ابتسم أمير بسخرية واستقل السيارة مردفا:
-أخبره بأن يجعلها أجازة طويلة المدى هدية زواجي.
قادها ليعود إلى منزلها القديم قابله حامد والذي أخبره بذلك الحادث الذي تعرضت له وقد تضررت قليلا.
جرى للداخل على الرغم من شعوره بالتعب لكونه لم ينام جيدا طيلة الأسبوع، وجدها تجلس على الأريكة بجوارها ميادة يتحدثان في العمل ليتفحصها بعينيه ليجد لاصق طبي أعلى جبينها ويدها اليمنى محاطة بشاش طبي.
تقابلت أعينهم لتتجاهله جوليا وهي غاضبة منه لكونه لم يجيب على اتصالاتها، أكملت حديثها مع ميادة لتنتهي في وقت متأخر من الليل بينما هو ذهب للداخل ليبدل ثيابه ويدخل في سبات عميق من شدة تعبه وإرهاقه.
كانت ملك تجلس في غرفتها تفكر في معتز وماذا يحدث معه الآن، متذكرة شهامته معاها وحمايته لها لتدعو له بالصلاح والهداية.
خرجت ريهام لحامد الذي طلب منها كوب من الشاي، ليجذبها تجلس على تلك الأرجوحة في الحديقة ويجلس بجوارها شعرت ريهام بالخجل والارتباك لتستأذن حتى تعود للداخل ولكنه أردف:
-إيه رأيك نعجل الفرح؟
ابتلعت لعابها ونهضت وقد أصبح وجهها محمر من شدة الخجل ولكنه تمسك بكف يدها متساءلا:
-موافقة؟ أتناقش مع أهلك.
-أنا شايفة أنك مستعجل على عكس شخصيتك قبل كدة.
-أحنا بنحس بقيمة الحاجة بعد ما تمشي، فالأفضل إني أحافظ على النعمة اللي في إيدي قبل ما تزول وأندم وأحس بقيمتها.
نظرت له بابتسامه لتعود وتجلس بجواره وهي فرحة من حبّه لها الذي لم يكن ظاهرا في البداية لذا كانت تشعر بالإحباط وأنها لن تكون قادرة على جعله يحبها.
تحسست تلك الدبلة التي تتوسط بُنصر يدها اليمنى، لتستأذن أنها ستغادر الآن فقد تأخر الوقت ويجب عليها النوم.
____________________________
مرت عدة أيام دون اختلاط كل من جوليا وأمير، فهي كانت ترى بأنه ليس مختلف عنهم كثيرا وأنه سيهملها قريبا على عكس ذلك الحماس الذي كان يغطيه في البداية بينما هو كان يرى بأنه بلا قمية لديها وأنها ستبيع له نفسها كصفقة وليس بتراضي الطرفين لن ينكر بأن جزء منه سعيد لأنه أخيرا سيمتلكها وستصبح على اسمه فور انتهائه من عمله ولكن كان يريد أن يتزوجوا بشكل لائق.
استيقظت جوليا على صوت ريهام المقلق وهي تخبرها بأنه يوجد أفراد شرطة بالأسفل، نهضت جوليا وهي تتساءل عن سبب وجودهم لتساعدها ريهام في تبديل ثيابها وقامت باختيار ثياب بسيطة لها.
قامت ملك بإعداد مشروبات لأفراد الشرطة وذهبت وهي تبتسم لهم بخفوت وارتباك، هبطت جوليا لأسفل بهدوء على عكس قلبها الذي كان ينبض بقوة على غير العادة.
لتجلس بعدما صافحتهم ووضعت قدم فوق أخرى متساءلة عن سبب زيارتهم.
-قدرنا نوصل لقاتل بنتك.
اعتدلت في جلستها على الفور ونظرت لهم باهتمام تحثهم على الحديث.
-يؤسفني إني أقول الكلام اللي جاي ولكن.
-قصي الأدهم طليق حضرتك ليه دور في الموضوع.
عقدت حاجبيها ليجلب الضابط هاتفه ويعرض على جوليا ذلك الفيديو والذي كان اعتراف من قصي صريح بأنه من قام بتحريض بعض الرجال لخطف ابنته حتى يستطيع التخلص من جوليا.
تراجعت للخلف بظهرها لتستند بكل أريحة تامة متساءلة:
-هو فين دلوقتي؟
-على ذمة التحقيق ومش هيأخد أقل من مؤبد بسبب بعض المستندات اللي قدمها واللي كانت بتحتوي على كل صفقاته المشبوهة.
-تفتكر هو ممكن يعمل كدة؟
-محدش عارف، لكن واضح أنه تعرض لتهديد وعنف شديد.
اومأت لهم جوليا لتنهض وهي ترافقهم للخارج لتوديعهم، لتهتف باسم حامد الذي كان يتحدث لزميله ليتقدم منها وتخبره بما تريده في تمام التاسعة مساءا.
_____________________________
جلس في ذلك السجن بمفرده وهو يتحدث بغضب لنفسه بأنه سينتقم من جوليا وأمير وكل من قام بإيذائه لن يسمح أن يبقى في ذلك السجن بمفرده، ليتذكر حينما أتى لهنا قام البعض بالفتك به لكونه قام بخطف ابنته وساعد في قتلها يا له من أب سيء ولا يمكن أن يحتسب على الرجال؛ لذا قاموا بضربه وتم نقله لحبس انفرادي عقابا له فالجميع هنا غاضب منه حتى وإن كانوا مجرمين وقاموا بأعمال غير مشروعة ألا أن الرحمة لم تنقطع عن قلوبهم مثله.
لينظر إلى إصبع قدمه الصغير قام أمير بقطعه له كان يتعامل معه بوحشية دون رحمة حتى أنه لم يشفق على صراخه وألمه.
ليصرخ قصي ويصدم رأسه بالحائط عدة مرات ومن ثم طرق على الباب بقوة يؤمرهم أن يخرجوه قائلا:
-خرجوني من هنا.
-أنتو مش عارفين أنا مين؟
-أنا قصي الأدهم، خرجوني من هنا.
-أنا قصي الأدهم، هندمكم.
أتى إلى هنا رغما عنه فأمير أجبره على الاعتراف بجرائمه مقابل أن يبقى على حياته، لم يكن يعلم بأن موته حينها رحمة لن ينالها بعدما تم القبض عليه وفضحه على وسائل التواصل الاجتماعي وبدأت الصحافة تتحدث عن جود تلك الفتاة ضحية أبيها الذي قام بالتخلص منها نظرا لبعض المشاكل بينه وبين جوليا.
لم يكن يعلم بأن اختياره بالافصاح عن الحقيقة سيسلبه كل ما يملك سمعته، ممتلكاته، ماله، اسمه، حتى تعاطف الآخرين معه انقلب ضده وأصبح الجميع يهتف باسم جوليا تلك التي خسرت ابنتها أثر طليقها.
على الجهة الأخرى،،
كان الجميع يشاهد ذلك الخبر مندهشين من وحشية ذلك الأب القاسي الذي قام بالتخلص من ابنته ليدعو عليه كل من رأى الخبر.
أي مال سلب الرحمة من قلوب الجميع!!!
جشع المال والسلطة يسلبك نفسك وكل ما تمتلكه شيئا في شيء، يجعلك عدائي ويخسرك الأقارب والغرباء وذاتك ومبادئك حتى تخسر في النهاية كل شيء.
أغلقت التلفاز لتبتسم بسخرية وهي تعلن نهاية قصي، لتنهض مرتدية ثوب بني رائع يبرز جمالها على الرغم من كونه واسع لتتقدم من الشرفة وهي تستمع لصوت سيارته ليهبط من السيارة وقد تملك منه الإرهاق وقطرات العرق تتصبب منه ليخلع معطف بذلته ويتقدم للداخل بخطوات خافتة أغمضت عينيها وهي تفكر في تلك الخطوة التي ستقدم عليها ستصبح أسيرة لرجل أخر.
ستكون بين فكيّ أمير ستكون ضحية له أيضا، أحقا ستكون قادرة على فعل الأمر! أقسمت أن تنتقم من كل من قام بإيذائها حتى وإن كانت ستلفظ أنفاسها الأخيرة ستحارب للتخلص منهم واحد تلو الأخر، ستكون قادرة على الانتقام إن كانت في صف أمير لا غير، ذلك الذي ينظر لها بصدق لم تعهده.
دلف أمير للمنزل ليجد رجلا يجلس بجوار حامد على الأريكة بكل أريحة بالإضافة إلى زيّه التقليدي ليرجح بأنه مأذون ليتساءل بداخله بتلك السرعة!
أفاق من شروده على صوت حذائها ليرفع نظره نحوها وكم كانت جميلة! ليعتدل في وقفته وهو يتفحصها في كل خطوة تخطوها نحوه.
نهض حامد على الفور حينما رأى جوليا ليردف قائلا:
-المأذون جاهز زي ما أمرتي يا هانم.
وقفت أمام أمير على بُعد خطوتين، أردفت بصوت هاديء خافت لم يسمعه سواهما:
-أحنا لسة على البر، تقدر تغير رأيك.
لم يجيبها لتشعر بالارتباك من صمته ونظراته الثاقبة نحوها ليتقدم منها ويميل على أذنها اليسرى قائلا بنبرة خافته وأنفاس دافئة:
-أنا بحبك يا جوليا، عشان كدة الفرصة دِ لازم استغلها.
ابتلعت لعابها شعرت بأن قلبها يُكاد أن يخرج من حصونه من قوة انقباضه و سرعة نبضه، اعتراف صريح! إنها ليست المرة الأولى التي تسمع بها تلك الكلمة لقد تلقت الكثير من عروض الزواج لقد أخبرها بها قصي وجاسر وكل من تقدم لها ولكن لما تشعر بالغرابة الآن والأهم أنها تشعر بالصدق في نبرته!
تقدمها وجلس بجوار المأذون بينما هي وقفت قليلا بمكانها شاردة حتى استعادت توازنها وتجلس على الجهة الأخرى من المأذون.
لتقف ريهام بجوار حامد وملك بجوار جوليا، ليتعالى جرس المنزل ذهبت ملك نحو الباب لتفتحه وتجد أمامها معتز ابتلعت لعابها لما الآن يجب عليها رؤيتها!
تقدم معتز منها متساءلا:
-مش هتخليني أدخل؟
ابتعدت من أمام الباب وهي تنظر أرضا، تسيطر عليها بعض المشاعر المختلطة والغريبة لما تشعر وكأنها تودّ الاعتراف له بإعجابها إنها بريئة لا تفقه شيء عن الحب.
تقدم للداخل لا ينكر بأنه حزين لرؤية جوليا تتزوج ولكنها تستحق أن تتزوج غير قصي، كان يعلم بأنها ليست سعيدة معه وأنها مضطرة للتعامل معه وللاستسلام له وأيضا لإخفاء حزنها داخل جمودها ليدعو لها بالصلاح والهداية ولعلها تجد بعض السعادة في حياتها القادمة.
نهضت جوليا لتصافحه ليبتسم لها ويبارك لكل من أمير وجوليا، ليرفض أمير مصافحته وأيضا كاد أن يرفض أن يكون شاهدا على عقد قرأنهم لتخبره جوليا بأنها تثق بمعتز وأنه لن يضرها، لن ينكر بأنه حينما طلب منه الحصول على اعتراف قوي من قصي عرض حياته للخطر لأجله وأيضا كان يطمئن على جوليا من حين لأخر وساعده لإلقاء القبض على قصي لذا يبدو أنه شخص جيد.
ليبدأ المأذون في عقد قرأنهم، لتضع يدها بيده ليشعر بضغطها وكأنها تخبره بألا يخذلها هو الأخر؛ فهي لم تعهد سوى الخذلان من الأقارب في تلك الحياة لذا لن تتحمل خذلانه.
ليرددوا خلفه بتمهل ونظرة صادقة بداخل كل منهما، ليتساءل المأذون عن الشهود ليوقع كل من حامد ومعتز ويتم إعلانهم كزوج وزوجة.
-بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير، بالرفاء والبنين إن شاء الله.
نهض المأذون ليرافقه حامد للخارج وبارك كل من ريهام وملك لجوليا وأمير ليغادروا للداخل، نهض معتز قائلا:
-مبروك.
-هنتظر منك رد يا جوليا على اللي طلبته منك.
اومأت له ليغادر بعدما صافح أمير، والآن لم يبقى عداهما في تلك الصالة على الرغم من كونها بمساحة واسعة ألا أنها كانت تشعر أنها محاصرة أثر نظراته لها لتقرر الانسحاب بهدوء كادت أنه تغادر من جواره لتجده يجذبها نحوه يقبّلها جحظت عينيها وابتعدت عنه على الفور، لتتركه وتصعد للأعلى سريعا وهي محاصرة بنظراته التي تتبعها حتى اختفت ليلقي بجسده على الأريكة وهو يلتقط أنفاسه بتعب وإرهاق بارز على ملامحه حاول جيدا إخفائه.
وقفت أمام المرآة وهي تتفحص ملامحها سيطرت عليها بعض المشاعر شعرت وكأنها عادت تلك الفتاة البريئة بعامها السادس عشر.
تعالى رنين هاتفها لتتعجب كثيرا فالوقت تأخر لتجد المتصل ميادة لتشعر بالقلق وتجيبيها على الفور وقبل أن تتحدث باغتتها ميادة بقولها:
-أنا تحت بيتك.
أغلقت جوليا الهاتف وهي تنظر لتلك التي ترجلت من سيارتها للتو وتقف بانتظارها أمام البوابة الكبيرة، لم تعلم الكثير بمكان انتقالها ولكن حريق منزلها تناول الألسنة في الآونة الأخيرة ولم تعلم إلا قلة بمكانها لتتنهد وتغادر من الغرفة وهي تتمنى أن يمر اليوم بسلام؛ فهي بحاجة للراحة.
هبطت لأسفل لتتقدم للخارج حيث تقف ميادة التي تقدمت نحوها وقبل أن تتساءل جوليا عن سبب تواجدها تفوهت بقولها:
-انقذي ناصر.
عقدت حاجبيها لتضع يدها في جيب ثوبها وهي متعجبة من طلبها الغريب والأغرب في الوقت ولهفتها، تساءلت:
-وأنتِ مالك بناصر؟
-مش مهم.
-بس ناصر مخنش ثقتك، فأرجوكِ متفضحهوش.
-وإيه اللي يضمن ليا؟ وكمان أنتِ جاية ليا في الوقت ده تطلبي مني مأذيش ناصر، إيه الحكاية؟
ابتلعت ميادة لعابها لتردف قائلة:
-ناصر كان في فترة هدنة مع نفسه مكنش قادر يتصرف ولا خانك ولا باعك لقصي.
-ممكن تسامحيه وأوعدك أنا وهو هنختفي من حياتك.
ابتسمت جوليا بسخرية لتتركها وتجلس على تلك الأريكة في الحديقة متساءلة:
-حبتيه؟
شعرت ميادة بالارتباك والحرج و نظرت لأسفل بصمت قطعته بعد دقيقة:
-أه.
-مجرم؟
-كان، ناصر قرر يصلح كل حاجة ويعيش برضى ربنا حتى لو معرفش أنا هقدر وهساعده هقف جمبه.
-مش هسمحلك تحبسيه، ناصر حارب نفسه كتير ناصر أخيرا وقف على أول خطوة على طريق الصح.
اقتربت من جوليا وجلست على ركبتيها وعينيها قد أدمعت وبدأت في ترجي جوليا للعفو عن ناصر ذلك الذي جاهد نفسه ليخرج من الظلمات من أجله وأجلها لن تسمح لها بأن تعيده لنقطة الصفر.
-أرجوكِ سامحيه واعفي عنه، ناصر قرر يقدم كل الورق ليكِ وكذلك أنا مش هعترض شغلك ولا طريقك ومش هكمل في الشغل لو حابة.
تعجبت جوليا من حب كهذا؛ مَنّ قد يركع هكذا من أجل حبيبهُ مجنون أو ربما.
قاطعتها ميادة وهي تنظر لها بدموع أغرقت عينيها وقلب ينزف حزنا، لتنهض جوليا بعنف وتتركها وتعود للداخل تصعد لغرفتها وتغلق خلفها الباب تشعر بالألم يغزو قلبها لم تسنح لها الفرصة لتتعلم معالم الحب وأن تجد من يحبها بصدق لأجلها هي لكونها جوليا فقط لا غير لكونها تلك الإنسانة التي عانت كثيرا.
في الصباح الباكر،،
كانت تجلس ميادة أمام البوابة في انتظار جوليا حتى تتحدث لها مرة أخرى، بينما جوليا كانت تراقبها كل هذا الوقت جالسة على مقعد من خشب في شرفتها سيطرت عليها بعض الذكريات لتغوص فيهم.
تعالى رنين ميادة لتنتفض من مكانها على الفور حينما وجدت أن المتصل ناصر والذي أخبرها أنهم أفرجوا عنه للتو لتضحك وتبكي في آنٍ واحد، التفتت لتلمح جوليا في الشرفة لتنحني لها عدة مرات دليل على امتنانها لها وتستقل السيارة لتذهب في طريقها لمقابلة ناصر.
أبدلت ثيابها لأخرى سوداء وهبطت لأسفل كان كل من ملك وريهام يحضرنّ الفطور، لتجد أمير مازال نائما على الأريكة من شدة تعبه وإرهاقه لأول مرة لم يستيقظ من أبسط صوت بجواره ربما لأنه يشعر بالأمان في ذلك المكان.
-مرضناش نصحيه يا هانم.
اومأت لهم لتهبط لمستواه على مضض وتبدأ في نداء اسمه ولكنه لم يستيقظ لتبدأ في نغز كتفه حتى فتح عينيه ببطء ليجدها أمامه اعتدل في جلسته ليشعر بألم في رأسه يجتاحه أردفت بلا اهتمام:
-الفطار جاهز.
تقدمت نحو مائدة الطعام وجلست على المقعد الثاني بجوار ذراعه الأيمن الآن أصبحت زوجته لا يحق لها بأن تجلس على رأس الطاولة، التفتت لها ليطّلع لها بتعجب ويتقدم منها يقبّل جبينها انتفضت فهي لم تتوقع تصرفه الهاديء.
جلس على رأس الطاولة وهيئته كانت مزرية لم يهتم بشكله أو حالته أو طعامه أو شرابه لعدة أيام حتى استطاع التخلص من قصي، و أخبرها أنه لم ينتهي بعد سيذيقه العذاب كما تريد.
قبض على الملعقة بقوة وهو يحاول أن يتماسك ولكن الصداع اجتاحه بقوة، هتفت جوليا باسم ملك التي أتت لها سريعا وذهبت مرة أخرى لتجلب مسكن للآلم كما أخبرتها لو كان عليها لكانت تخبر إحدهن بعمل مساج لجبينه ولكن لا يسمح لتنهض على مضض وتبدأ في تمسيد جبينه لعل الألم يخف قليلا.
بعدما انتهت كادت أن تغادر ولكنها وجدته يقبّل يدها يقول بنبرة خافتة مغرية:
-شكرا.
جذبت يدها لتعقد حاجبيها متساءلة:
-أنت غرضك إيه؟
-أنت عايز إيه مني يا أمير؟
-ليه؟ ليه؟
تراجعت للخلف عدة خطوات ليتقدم أمير منها قائلا:
-ليه إيه؟
أشارت على نفسها وهي تقول:
-ليه بتعمل معايا كدة؟ ليه بتتعامل معايا كدة؟
-ليه عايزني؟
-المفروض أثق فيك ولا لا؟
-زواجي منك صح ولا غلط؟
تقدم منها وضغط على كتفيها ليردف بحدة وقوة:
-أنتِ اللي طل.
أصبحت الرؤية مشوشة عاد الصداع الذي كان قد اختفى لقليل من الوقت، زاد من ضغطه على كتفيها حاول الصمود ولكن جسده انهار ليسقط مغشيا عليه بين أحضان جوليا تلك التي صرخت باسمه وهي تلتقطه بذراعيها لتسقط معه أرضا تحيط وجهه بكفيّ يدها.
لتتفوه باسمه بنبرة قلقة:
-أمير!
.
- يتبع الفصل التالي اضغط على (جريمة حب ) اسم الرواية